بعد سنوات من الوهم.. العسكر يعترفون بفشلهم في حماية النيل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
بعد سنوات من الوهم.. العسكر يعترفون بفشلهم في حماية النيل


( 14 نوفمبر 2017)


يسرع العسكر بالمصريون نحو العطش بعد أن وصولوا بهم لمحطة الجوع، فبعد مايعانيه المصريون من فقر وقهر وظلم يبدو أنهم على مشارف فقدان مياه النيل، ليشهد التاريخ أن العسكر فشلوا في كل المجالات حتى إدارة ملف مياه النيل الذي هو شريان الحياة للمصريين.

وتمهيدا من نظام الانقلاب باقتراب مرحلة الاستغناء نهائيا عن شريان الحياة، خرجت علينا وزراة الري، لتعلن عن فشل مسؤولي الانقلاب في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، ليجد المصريين أنفسهم على مشارف الموت عطشًا بسبب فساد العسكر وجهلهم وفشلهم.

ومن المُقرَّر أن يصبح سد النهضة، الذى يبلغ ارتفاعه أكثر من 500 قدم (تقريباً 152 متراً)، الأكبر فى إفريقيا عندما يبدأ تشغيله فى وقت لاحق من هذا العام.

وسيُولِّد السد، الذي يبعد حوالي 450 ميلاً (تقريباً 644 كيلومتراً) عن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، 6450 ميغا واط بكامل طاقته، أي أكثر من الطاقة التي ينتجها سد هوفر العملاق في الولايات المتحدة بثلاثة أضعاف. ويُذكَر أنَّ ثلاثة أرباع الإثيوبيين يفتقرون حالياً إلى الكهرباء وفقاً للبنك الدولي.

مفاوضات فاشلة

بعد مفاوضات استمرت لسنوات بالغ فيها الإعلام الموالي للانقلاب في طمأنة المصريين على عدم إهدار حقوقهم في مياه النيل، أعلنت وزارة الري في حكومة الانقلاب أمس الاثنين عن فشل مفاوضات سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، وقال حسام الإمام، المتحدث الرسمي باسم وزارة الري، في تصريحات إعلامية، "نحتاج إلى مسار سياسي آخر يحرك المياه الراكدة في أزمة سد النهضة الإثيوبي".

وأضاف الإمام "طالبنا بعقد اجتماع وزاري للدول الثلاث عندما استشعرنا عدم جدية الجانب الإثيوبي"، مشيرا إلى أن الأولوية الآن للمباحثات الفنية، ونسعى لاستقدام مكاتب فنية استشارية عالمية.

وكان محمد عبد العاطي، وزير الري في حكومة الانقلاب، قد أعلن رسميًا، أمس، عن فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا عدم توصل الاجتماع الثلاثي إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات فنية حول آثار سد النهضة على دولتي المصب "مصر والسودان".

وقال عبد العاطي، في تصريحات صحفية، إن مصر وافقت مبدئيًا على التقرير الاستهلالي، على ضوء أنه جاء متسقا مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات التي تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، مشيرا إلى أن طرفي اللجنة الآخرين (السودان وإثيوبيا) لم يُبديا موافقتهما على التقرير، وطالبا بإدخال تعديلات عليه، وتعيد تفسير بنود أساسية ومحورية على نحو من شأنه أن يؤثر على نتائج الدراسات، ويفرغها من مضمونها.

وأعرب عبد العاطي "عن قلق مصر من هذا التطور؛ لما ينطوي عليه من تعثر للمسار الفني، مشيرًا إلى أن هذا التعثر يثير القلق على مستقبل هذا التعاون، ومدى قدرة الدول الثلاث على التوصل للتوافق المطلوب بشأن سد النهضة، وكيفية درء الأضرار التي يمكن أن تنجم عنه بما يحفظ أمن مصر المائي".

السودان ضد مصر

جاء عدم الاتفاق بين حكومة الانقلاب من جهة وكلّ من إثيوبيا والسودان من جهة أخرى، حول اعتماد التقرير الاستهلالي للدراسات الفنية، حيث أكد الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود بماليزيا، إن إثيوبيا تماطل منذ فترة مع حكومة الانقلاب لإجبارها على القبول بمنهجية معينة، بحيث تأتي التقارير حول السد غير مفيدة، في الوقت الذي تتمسك فيه حكومة الانقلاب بالمنهجية التي فرضتها الشركات الفرنسية.

وأضاف حافظ- في مداخلة هاتفية لقناة مكملين- أن إثيوبيا رفضت الحد الأدنى على مدار الـ3 أشهر الماضية، وانضمت إليها السودان أمس، وطالبت بتعديل المنهجية التي تقدمت بها الشركات الفرنسية حتى تتماشى مع النهج الإثيوبي، كما طالبت بالانسحاب من اتفاقية 1959، والتي تنص على أن حصة مصر 55.5 مليار متر مكعب.

وعن موقف السودان المساند لإثيوبيا، يرى مراقبون أن السودان سيستفيد من الطاقة الكهربائية المولدة من السد، وكذلك ضمان انسياب مياه النيل بصورة منتظمة تقلل من حدوث فيضانات مؤثرة، فضلًا عن التمتع بنصيبه كاملاً في اتفاقية 1959 المجحفة في حق السودان، الشيء الذي يحتاجه السودان بشدة لإعادة إعمار القطاع الزراعي المدمر، وكذلك زراعة أكبر قدر من المساحات غير المستغلة والبالغة مئتي مليون فدان، إضافة لذلك يريد السودان الاستفادة من الكهرباء التي سيولدها سد النهضة للتقليل من الفشل الذي صاحب إنشاء سد مروي في عام 2009.

الإعلان عن الفشل

يرى خبراء إن هذه اللغة جديدة على البيانات الرسمية لوزارة الري، وأن أسباب هذا التحول والإعلان عن فشل مسار المفاوضات إنما يعود إلى نفاد صبر الجنرال وأركان حكومته من مماطة إثيوبيا التي تلاعبت به كيفما شاءت؛ ففي الوقت الذي كان من المفترض أن يصدر التقرير النهائي للمكاتب الاستشارية لسد النهضة في أغسطس الماضي، لم يصدر حتى الآن التقرير الأولى الذي يحدد خطة العمل، ما يجعل أي تعديلات تطلبها المكاتب الاستشارية غير قابلة للتنفيذ. والسبب الثاني، بحسب مراقبين، هو فخ الزيارة التي قام بها وزير الري لموقع بناء السد الشهر الماضي، وخروجه بتصريحات تنطوي على جهل بالسياسة وعدم فطنة في التعاطي مع مناورات أديس أبابا، حيث اعتبر الوزير هذه الزيارة دليلا على حسن نوايا أديس أبابا، فيما رآها خبراء المياه فخًا إثيوبيًا ورط حكومة العسكر، خاصة أنه بعد تلك الزيارة أعلن «عبد العاطي» عن أن إثيوبيا تتعاون بشكل كامل مع مصر، وهو ما يُعد اعترافًا رسميًا بأن أديس أبابا لا تعطل أي شيء، بينما استغلت إثيوبيا هذه التصريحات، وخرجت تؤكد أن الفشل جاء من اجتماع القاهرة الذي انتهى أمس الأحد 12 نوفمبر 2017م، بعد اعتراف حكومة القاهرة بتعاون إثيوبيا الكامل في ملف مفاوضات السد خلال زيارة الشهر الماضي.

السبب الثالث أن الحدة التي خرج بها تصريح وزارة الري، يعكس حالة اليأس من مماطلة أديس أبابا، بعد 17 جولة من المفاوضات العبثية التي لم تسفر عن شيء.

ويعد هذا البيان إعلانًا رسميًا بوفاة المسار الفني للمفاوضات، وهو ما يعني ترقب ما تسفر عنه الأيام المقبلة لمعرفة المسارات التي ستمضي فيها حكومة العسكر.

مخاطر السد

لم تتوقف تحذيرات الخبراء، من أن مصر حال افتتاح سد النهضة، قريبا، قد تواجه أزمة في نقص المياه، فضلًا عن فقدان نفوذها في القارة السمراء.

وقال الكاتب المتخصص في الشأن الإفريقي "جوليان هاتيم"، إنه مع اكتمال بناء سد النهضة الإثيوبي سيزداد عرضه عن ميل، ويبلغ ارتفاعه أكثر من 570 قدمًا، وبذلك ستتمكن إثيوبيا من مضاعفة إنتاجها من الطاقة.

وشدد الكاتب في مقال له نشرته صحيفة «World Politics Review»، على أن أي تغيير في الإطار العام للاتفاقية التاريخية لتقسيم مياه النيل من الممكن أن يؤدي إلى موت مصر عطشًا، هذه الحقيقة كانت وراء موقف مصر المعارض في البداية لسد النهضة الإثيوبي، والذي شُيد على النيل الأزرق، ومن المنتظر افتتاحه خلال الأشهر الأربعة القادمة.

وبحسب الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة، فإثيوبيا تنوي تخزين 25 مليار متر مكعب سنويا لمدة 3 سنوات متتالية؛ لحجز نحو 75 مليار متر مكعب خلف بحيرة السد؛ ما سيكون له عواقب وخيمة على مصر، وبوار أراضي زراعية، والاستقطاع من حصتها المائية، فضلا عن التأثير على البيئة النيلية، واختفاء أنواع هامة من الأسماك في النيل، وكذلك التأثير على الكهرباء المتولدة من السد العالي.

وأضاف "نور الدين" فى تصريحات صحفية، أن مصر طالبت بتخزين المياه خلف السد على مدار 10 سنوات؛ حتى لا يكون هناك تأثير كبير عليها، لافتًا إلى أن إثيوبيا أعلنت، دون الرجوع إلى القاهرة، أنها ستزيد عدد توربينات الكهرباء حتى تولد 6450 ميجا وات، ما يعني زيادة مساحة التخزين بحيرة السد إلى أكثر من 74 مليار متر مكعب، بما يؤثر سلبًا على حصة مصر المائية.

وطالب "نور الدين" باتخاذ موقف قوي تجاه إثيوبيا، محذرًا من أن بحيرة السد العالي ستفرغ تمامًا من المخزون الاستراتيجي بها، كما سيتحول "نيل مصر" إلى ترعة، إذ خزنت إثيوبيا المياه كما تخطط، كما عليها ألا تخزن أثناء فترة الجفاف.

ومن جانبه أكد الدكتور عباس شراقي -مدير مركز الموارد الطبيعية بإفريقيا بمركز البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة- أنه لم يحدث اجتماع واحد بين أعضاء اللجنة الوطنية لسد النهضة، المشكلة من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، منذ سبتمبر الماضي.

ويقول "شراقي"، الذي طالب حكومة الانقلاب بعدم انتظار التقارير الفنية، وتفعيل البند رقم 5 من اتفاق الخرطوم، المعروف بوثيقة سد النهضة، الموقع عام 2015 بين الدول الثلاث، الذي ينص على ضرورة التعاون في تشغيل سد النهضة، والاتفاق على عدد سنوات الملء، منوهًا بأنه حال خزنت إثيوبيا المياه خلف السد قبل الاتفاق مع مصر، ستحدث أزمة سياسية كبرى بين البلدين؛ ما سيؤدي إلى نسف المفاوضات بينهما.

المصدر