ا.فهمي هويدي يوجة " أسئلة الساعة " الخاصة باحداث سيناء

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ا.فهمي هويدي يوجة " أسئلة الساعة " الخاصة باحداث سيناء


الاحد,26 أكتوبر 2014

فهمي هويدي

كفر الشيخ اون لاين | خاص

صبيحة اليوم الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من العام الماضي كان العنوان الرئيسي لصحيفة الأهرام كالتالي: إعلان مصر خالية من الإرهاب خلال أيام. ولأهمية الخبر فإن الجريدة نشرت العنوان باللون الأحمر. وصاغ الخبر رئيس التحرير آنذاك الذي كتب قائلا: تعلن مصر رسميا خلال أيام قليلة قد لا تتجاوز أسبوعا خلوها من مظاهر وأشكال الإرهاب، سواء في سيناء أو في أي مكان آخر، لتبدأ معركة جديدة ضد ما يسمى «الطابور الخامس»، الذي يضم سياسيين وصحفيين وأعضاء في منظمات المجتمع المدني.

من خبراتنا تعلمنا أن جريدة بوزن الأهرام حين تنشر خبرا بهذه الأهمية منسوبا إلى رئيس تحريرها، فإنه في ذلك لا يعتمد على «شطارته» فحسب، ولكنه ما كان له ان ينشره إلا بناء على تسريب أو توجيه من المصادر العليا، التي درجنا على وضفها بالسيادية.

هذه الخلفية استعدتها حين وقعت الواقعة أمس الأول (الجمعة 24/10) وأذهلنا خبر الجريمة المروعة التي وقعت في شمال سيناء، وراح ضحيتها أكثر من 30 جنديا وضابطا من أبناء مصر الأبرياء والشرفاء الذين قتلتهم يد الإرهاب والغدر. إذ لا يجد المرء كلمات يعبر بها سواء بالحزن والفجيعة، أو عن مواساته لأهالي هؤلاء الشهداء، إلا أنه حين يستعيد توازنه، فإنه لا يستطيع أن يحجب دهشة تتملكه وتستدعى معها مجموعة من الأسئلة المهمة التي يجب أن تطرح، لكي نفهم ما جرى ونحاسب المسئولين عنه. وأيضا لكي نضع حدا لمثل تلك المذابح التي يدهشنا ويفزعنا تكرارها حتى لا نكاد نصدق تنامي أعداد ومؤشرات ضحاياها.

أدري أن الفضائيات المصرية لم تقصر في تغطية الحدث في مساء يوم وقوعه (الجمعة)، وقد لاحظت أن الحوارات التي جرى بثها غلب عليها الانفعال، الذي لم يسمح بالتروي والتفكير. ومن ثم فإنها ركزت على مقترحات القمع والتأديب، التي فهمت منها أنها استهدفت معاقبة أهل شمال سيناء وتهجيرهم من بعض المناطق، بدعوى تطهير سيناء من الإرهابيين. على صعيد آخر فإن التحرك الرسمي تمثل في المسارعة إلى عقد اجتماعين عاجلين لمجلس الدفاع الوطني والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، لا أشك في محور البحث فيهما تمثل في محاولة الإجابة عن السؤال التالي: ما العمل؟ لا علم لي بما دار في الاجتماعين، لكنني أزعم أن الحدث يثير مجموعة من الأسئلة يتعين الإجابة عنها في مقدمتها ما يلي:

• من هم الجناة الذين ارتكبوا المذبحة، وهل هم ضمن حلقات المجموعات التي قامت بتفجيرات طابا وشرم الشيخ في عامي 2004 و2005، أم أنهم فئات جديدة؟

• لماذا تحولت تلك المجموعات من توجيه عملياتها صوب الإسرائيليين من خلال ضرب سيّاحهم ونسف الأنبوب الموصل للغاز إليهم، إلى استهداف الجيش والشرطة المصرية في سيناء وخارجها؟

• هل هناك علاقة بين تصعيد تلك المجموعات عملياتها ضد الشرطة والجيش وبين وقوع الصدام بين السلطة والإخوان في 30 يونيو 2013 وما بعدها؟

• هل للسياسة دور في مواجهة الأزمة. أم أن الحل الأمني وحده هو الكفيل بذلك؟ ولماذا لم يحقق لذلك الحل الأخير أهدافه في القضاء على الإرهاب في سيناء طوال السنوات العشر الماضية، رغم كل المداهمات والتصفيات والملاحقات التي تمت خلال تلك الفترة؟

• هل تسهم محاولة تنمية سيناء في امتصاص المرارة والغضب في محيط القبائل، وهل تتغير النتائج إذا ما حل الاحتواء محل العراك والصراع؟

• هل هناك تقصير في تأمين الجنود المصريين وحمايتهم من الأخطار التي تهدد حياتهم في سيناء، وما الثغرات التي أدت إلى تكرار المذابح التي راح ضحيتها العشرات من أولئك الجنود؟

• أين الجهد الاستخباري والاستطلاعي الذي يجهض العمليات قبل وقوعها، ويخترق صفوف الإرهابيين ويتواصل مع شيوخ وعناصر القبائل سواء للتوصل إلى العناصر الإرهابية أو لتأمين قوات الجيش والشرطة؟

• هل يعقل ألا تفرز سيناء سوى العناصر الجهادية والتكفيرية المخاصمة للسلطة والمتمردة عليها، وهل هناك خطأ في قراءة الواقع السيناوي لم يسمح لنا برؤية الأوجه الأخرى لذلك المجتمع، أم أن الخطأ في البيئة التي لم تعد تفرز سوى تلك النوعية من عنف السلوك؟

يخوفني العقل الأمني إذا تولى الإجابة عن تلك الأسئلة. ويخوفني أكثر العقل المكابر والاستعلائي الذي يرفض الاعتراف بالخطأ أو نقد الذات، رغم أن خبرة السنين مع هؤلاء وهؤلاء أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه. الأمر الذي يدعوني إلى طرح سؤال آخر هو: كم سنة أخرى ينبغي أن تمر وكم جنديا وضابطا مصريا ينبغي أن يقتلوا لكي نفيق ونقدم إجابة صريحة ونزيهة على تلك الأسئلة.

ملاحظتي الأخيرة أن خبر الأهرام إذا لم يصح في جزئه الأول فأرجو ألا يعوض ذلك بتأكيد صحة جزائه الأخير!

نقلاً عن الشروق

المصدر