الرئيس الأسبق لـ«حركة النهضة».. د. الصادق شورو..

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الرئيس الأسبق لـ«حركة النهضة».. د. الصادق شورو ..
صادق شورو بالمصحف.jpg

علي بن عرفة

«نيلسون مانديلا» تونس أكثر من 19 سنة سجناً تحت التعذيب.. منها 14 سنة في حبس انفرادي!

أصدر عدد من العلماء -

من بينهم الشيخ د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين - نداءً إلى السلطات التونسية؛ من أجل الإفراج عن السجين السيــاســـي الشيـــخ «د. الصادق شورو » الرئيس الأسبق لـ« حركة النهضة »..

وقد تزامن هذا النداء مع حملة حقوقية وإعلامية تضمّنت عريضة وطنية لمئات المناضلين السياسيين والنشطاء الحقوقيين، يتقدّمهم أقطاب المعارضة التونسية وقيادات المجتمع المدني، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، ومندّدين بسجنه أكثر من 19 سنة، منها 14 سنة في سجن انفرادي.

«د. الصادق شورو » أُطلق عليه لقب «نيلسون مانديلا تونس»؛ نظراً لطول محنته التي تُعَدُّ أطول فترة يقضيها سياسي تونسي في السجن منذ الحماية الفرنسية، وعلى امتداد تاريخ تونس الحديث، بالإضافة إلى شجاعة «د. شورو» في تحمّل أمانة الدفاع عن الحريات في تونس ، وإن تطلب ذلك عودته إلى سجن لم ينته بعدُ من نفض غباره عنه! امتد سجن «د. شورو» لما يقارب العقدَيْن، وهي نفس فترة حكم التغيير الذي جاء بالرئيس «زين العابدين بن علي» إلى السلطة، إذا حذفنا منها السنتَيْن الأوليَيْن؛ حيث كانت الأولوية في تلك الفترة إلى تثبيت دعائم الحكم الجديد، والبحث عن الشرعية للانقلاب على الرئيس « الحبيب بورقيبة »..

وبمجرد صدور نتائج الانتخابات عام 1989 م، التي كشفت حقيقة التغيير من خلال عملية التزوير الواسعة التي قام بها النظام الجديد؛ سدّاً للطريق أمام التيار الإسلامي، تبنّت السلطة خطة تجفيف منابع التديّن، وبدأت الأجهزة الأمنية في تنفيذ خطتها لاستئصال واجتثاث حركة النهضة؛ كنموذج عملي يُقدَّم للمنطقة في كيفية التعاطي مع الظاهرة الإسلامية، والتبشير بالحل الأمني في تفكيك التنظيمات الإسلامية، واعتقال قياداتها، وملاحقة أعضائها لتفريقهم في المنافي والمعتقلات. وفي سياق هذه الحملة، اعتُقل «د. الصادق شورو» رئيس « حركة النهضة » آنذاك، وتواصل سجنه إلى اليوم، رغم الإفراج عنه في شهر نوفمبر 2008 م - بمقتضى العفو الرئاسي الذي شمل أيضاً دفعة أخيرة ضمت 20 من معتقلي الحركة - وتم إطلاق سراحه لمدة 27 يوماً فقط، ولكنه أُعيد إلى السجن مرة أخرى، وهو دليل على أن شيئاً لم يتغير في عهد التغيير، وهو ما يدفعنا إلى اعتباره خير شاهد على هذا العهد، وأحد العناوين الرئيسة للأزمة التونسية التي لم تجد طريقها إلى الحل، منذ اعتقاله في بداية التسعينيات إلى اليوم.

حرية التنظيم في مقدمة الحديث عن الحريات السياسية تأتي قضية حرية التنظيم، وهي حق دستوري لكل التونسيين، ولكن السلطة تصر على إحكام ضبط الإطار القانوني بما يناسب هيمنة الحزب الحاكم، ويمنع تواجد الأحزاب الجماهيرية والجادة، مثل: « حركة النهضة » و«حزب العمال» و«حزب المؤتمر من أجل الجمهورية».. بالإضافة إلى حرمان العديد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المستقلة من الاعتراف القانوني، مثل: «المجلس الوطني للحريات»، و«منظمة حرية وإنصاف»، و«الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين»، و«الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب»، و«جمعية الصحفيين». ورغم اجتهاد السلطة في صناعة ديكور ديمقراطي عبر ما يُطلق عليها «أحزاب الموالاة»، فإن سقف الحريات لا يكاد يستوعب حتى هذه الأحزاب عندما تتجاوز دورها في تزكية سياسات النظام القائم، فتتوهم «استقلاليتها» وتتجرأ على «النقد» الذي يقتضيه مقام المعارضة، بحثاً عن قدر من المصداقية المفقودة.

وقد نجحت السلطة عبر رشاوى الالتحاق بالبرلمان، والدعم المادي والمعنوي في دفع هذه «الأحزاب» للتنافس فيما بينها في إظهار موالاتها للنظام القائم وتزكية سياساته، بل والتهجم على قيادات المعارضة والمجتمع المدني بالعزف على وتر التخوين والاستقواء بالأجنبي والعمالة للصهاينة، تمهيداً لتصفيات جسدية لاحت نذرها فيما تعرض له «عبدالرؤوف العيادي» نائب رئيس «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية»، ورسائل التهديد التي استلمها بعض المناضلين في المهجر في الأيام الأخيرة.

لقد رفع «د. الصادق شورو » منذ بداية تسعينيات القرن الماضي مطلب الحريات وفي مقدمتها حرية التنظيم للجميع، وأعادت السلطة اعتقاله السنة الماضية بتهمة «الاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها»، وهي التهمة التي اعتقل بموجبها الآلاف من التونسيين مع بداية عهد التغيير، مما يعني أن الوضع التونسي في ظل النظام القائم لم يستطع تجاوز معضلة حرية التنظيم السياسي، باعتبارها إحدى العقد الأساسية في الأزمة التونسية، وأن الحل الأمني الذي بشر به التغيير لما يقارب العقدين فشل في تجاوز هذه القضية التي نجح «د. شورو» في رفع لوائها عالياً عند أول حوار صحفي، لينبه الجميع إلى أن هناك قضية مركزية لم يتم حلها بعد، وأننا منذ عقدين لم نغادر المربع الأول، وأن تفكيك التنظيمات بقوة البطش لا يمكن أن يكون بديلاً عن حق المواطنين الدستوري في الانضمام للأحزاب والجمعيات والمنظمات التي يختارونها بإرادتهم الحرة.

كما نجح «د. الصادق شورو » في التعالي عن جرحه وألمه الشخصي رغم سنوات المحنة التي قد تورث عند البعض حقداً وتطرفاً ونزوعاً إلى الانتقام، فأعلن صراحة تمسكه بالمبادئ التي أُسِّست عليها حركته، ومنها: رفضها للعنف، وتمسّكها بالنضال السلمي المدني، وقبولها بالديمقراطية والاحتكام لصناديق الاقتراع، مما أحرج النظام القائم الذي دأب على تشويه سمعة الحركة الإسلامية باعتبارها «حركة إرهابية» تمثّل تهديداً لمكاسب الحداثة التونسية،

ولا تختلف عن الجماعات الإسلامية المقاتلة، وأن الفضل لخطته الأمنية الاستئصالية التي حمت البلاد والضفة الجنوبية للمتوسط من «طالبان تونس »، و«الملا الصادق شورو »! خيار المصالحة الشاملة وبقدر ما نجحت دول إسلامية عديدة من إندونيسيا إلى المغرب في استيعاب الظاهرة الإسلامية، فإن الحالة التونسية تشكل شذوذاً ونشازاً حتى في جوارها العربي، رغم سبق الحركة الإسلامية التونسية المشهود له في الساحة الإسلامية في التأصيل لقيم الحداثة والحرية، وتبنّيها منذ تأسيسها عام 1981 م للخيار الديمقراطي الذي كان غريباً على الساحة الإسلامية في ذلك الوقت، مما يعني أن التطرف في الحالة التونسية لا علاقة له بالتيار الإسلامي، وإنما في الدولة التي تخضع بالكامل لهيمنة الجهاز الأمني، وتستغلها قوى يسارية استئصالية معادية لكل ما هو إسلامي، حتى طالت موسم الحج الذي انفرد النظام التونسي بمنعه دون العالمين، بعد أن تعدى على آيات الله تعالى بسنّه القانون (108) الذي يمنع ارتداء الحجاب، وتمتّع بحصانته إلى اليوم مجرمو إدارة السجون ممن دنس كتاب الله.

ذلك ما يفسر نجاح دول الجوار - مثل: الجزائر ، و ليبيا - في رأب الصدع بين الدولة والجماعات الإسلامية، رغم الدماء التي سالت في الجزائر وخلفت آلاف القتلى، في حين تعذر قيام المصالحة في تونس ، لغياب الإرادة السياسية لدى السلطة، رغم النقد الذاتي الذي نشرته الحركة الإسلامية التونسية وتكاد تنفرد به عن جميع التيارات السياسية في العالم العربي، وتبنّيها العلني لخيار المصالحة الشاملة منذ مؤتمر عام 1995 م إلى اليوم.

التضييق على الإعلام لا يمكن للحياة السياسية أن تشهد تطوراً ملحوظاً في غياب حرية الصحافة والإعلام.. وقد كان إصرار «د. الصادق شورو» على التعبير عن رأيه في وسائل الإعلام - رغم التهديدات التي وُجِّهت له والمصير الذي ينتظره - كان فاضحاً لسقف حرية التعبير في تونس ، ولوضع حرية الإعلام والصحافة الذي يسير في اتجاه تراجعي منذ بداية التغيير إلى اليوم.. فقد أُعيد «د. شورو» إلى السجن بتهمة «نشر أخبار زائفة» تتعلق بتصريحاته حول التعذيب الذي تعرض له سجناء «حركة النهضة»، ولا يزال سجناء «السلفية» من الشباب المتديّن يتعرضون له، وقد تجاوز عددهم - بحسب الجمعيات الحقوقية - (2000) معتقل.

وتهدف سياسة السلطة دائماً إلى التعتيم على واقع الحريات في تونس ، وخاصة ممارسات التعذيب المنهجي في السجون، الذي تصر على إنكاره رغم إجماع المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية على اتهامها بالتورط فيه، ووفاة حوالي 60 سجيناً سياسياً؛ بعضهم تحت وطأة التعذيب، والبعض الآخر بسبب الإهمال الصحي الذي تعرضوا له طوال سنوات السجن. والمتأمل في المشهد الإعلامي ب تونس يلاحظ أنه يشهد تراجعاً كبيراً بالمقارنة مع سنوات الثمانينيات من القرن الماضي؛ حيث كانت صحيفتا «الرأي» و«المستقبل» ومجلة «المغرب العربي» منابر إعلامية تتيح قدراً من الحرية، وتفتح للخطاب السياسي المعارض مجالاً للتعبير الذي بات اليوم معدوماً.

وتعرضت صحيفة «الموقف»، التي يصدرها «الحزب الديمقراطي التقدمي»، إلى مضايقات وملاحقات أمنية، دفعت مديرها ورئيس تحريرها إلى الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على تلك المضايقات، فيما دفع الحصار المضروب على الصحيفة الأمينة العامة للحزب «مية الجريبي» للنزول إلى الشارع بنفسها لتوزيع الصحيفة.

وقد نجحت السلطة في تدبير انقلاب على «جمعية الصحفيين» الشرعية، وتمادت في اعتقال الصحفيين، ومنهم الصحفيان «زهير مخلوف» و«توفيق بن بريك»، وأطلقت يد أجهزتها الأمنية في المطار للاعتداء بالعنف على كل من تسول له نفسه الحديث في وسائل الإعلام الدولية - وخاصة قناة «الجزيرة» - عن واقع الحريات في تونس. ولأن مسار التدهور لا نهاية له، فقد بلغ التدهور الإعلامي في تونس إلى حد تجنيد الصحافة القريبة من السلطة، التي باتت تُسمى بـ«صحافة المجاري» إلى تشويه سمعة المناضلين السياسيين والنشطاء الحقوقيين، والنيل من أعراضهم، واتهامهم بالخيانة والاستقواء بالأجنبي، والعمالة للصهيونية تشجيعاً على تصفيتهم.

تسييس القضاء رغم كل ادعاءات السلطة حول استقلالية القضاء ودولة القانون والمؤسسات ومساواة الجميع أمام القانون، فإن المتابعين للشأن التونسي يعلمون مدى توظيف القضاء في القضايا السياسية ومحاكمات الرأي وخضوعه بالكامل إلى سلطة الأجهزة الأمنية.

وفي سياق الهيمنة على سلك القضاء، دبرت السلطة كعادتها انقلاباً على جمعية القضاة، وبات القضاء سيفاً مصلتاً على رقاب المناضلين السياسيين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، توظفه السلطة لتصفية حساباتها السياسية مع خصومها.

فقد أحيل «د. الصادق شورو » في بداية التسعينيات من القرن الماضي - وهو على رأس تيار سياسي، ومدرس بكلية الطب - إلى القضاء العسكري، رغم احتجاج المحامين بعدم صلاحية المحكمة بالنظر في القضايا السياسية.

وقد قضت المحكمة بسجنه مدى الحياة، في غياب الأدلة المادية التي تدينه، ودون تحقيق في التعذيب الوحشي الذي تعرض له، فمن عادة القضاء التونسي تجاهل شكاوى التعذيب، بل إن الاعتداء بالعنف على المتهمين تم أحياناً في قاعة المحكمة، وأمام أنظار القاضي وأهالي المتهمين من الشبان السلفيين، الذين تم تقديمهم قرباناً على مذبح المشاركة في المجهود الدولي لمكافحة ما يُطلق عليه «الإرهاب»، ولم تشفع حتى الإعاقة الذهنية لبعضهم للنجاة من هذا الجحيم.

وفي عام 2008 م، تطوّع عشرات المحامين للدفاع عن «د. شورو»، وإثبات أنه لا يصح عقلاً اتهامه بالاحتفاظ بجمعية منفرداً، ولا يمكن له واقعاً العمل على الاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها، وهو المحاصَر في بيته من قِبَل البوليس السياسي منذ يوم خروجه إلى تاريخ اعتقاله، ومع ذلك أثبت القضاء التهمة دون دليل مادي، وقضى بالسجن النافذ لمدة سنة لأسباب واهية، أصبح بمقتضاها جرم الاحتفاظ بجمعية عملية ذهنية، يمكن اقترافها داخل بيت محاصَر بثلاث سيارات للأمن على مدار الساعة! سياسة الانتقام والتشفّي تحدثت وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية التونسية والدولية عن سياسة الانتقام والتشفّي التي يتعرض لها السجناء السياسيون في تونس، بداية من التعذيب والسجن الانفرادي، وصولاً إلى تلويث الطعام، ووضع السجين السياسي مع سجناء الحق العام الذين تجنّد الإدارة بعضهم للاعتداء عليه.

وقد كان لـ«د. الصادق شورو » النصيب الأوفى من كل هذه الممارسات غير القانونية، غير أن سياسة الانتقام والتشفّي لا تتوقف عند انتهاء فترة السجن، وإنما تستمر إلى ما بعده.. وقد كانت فترة إطلاق سراحه - التي لم تتجاوز 27 يوماً - كافية لتسليط الضوء على إحدى المظالم المنسية في عهد التغيير؛ حيث أصر «د. شورو» على ممارسة حقوقه كاملة غير منقوصة كمواطن تونسي دفع ثمن حريته غالياً، مسلطاً الضوء على مظلمة صامتة لآلاف المواطنين يتجرعون مرارة التمييز في وطن لا يتحدثون فيه عن حق الانتخاب أو الترشح أو التنظيم والتعبير عن الرأي، وإنما مجرد عودتهم وأقاربهم إلى أعمالهم («د. عبّاس شورو» الأخ الشقيق لـ«د. الصادق شورو» ممنوع من العودة إلى عمله في الجامعة التونسية رغم حصوله على دكتوراه دولة في الكيمياء)، أو الحصول على «جواز سفر»، وحرية التنقل داخل البلاد أو السفر إلى الخارج بحثاً عن مورد للرزق أو العلاج (البروفيسور «منصف بن سالم» عالم الرياضيات المعروف دولياً ممنوع من السفر إلى الخارج للعلاج)!! لقد كان صوت «د. الصادق شورو» مدوياً في التمسك بحقوق المواطنة كاملة غير مشروطة، ومفاجئاً للسلطة التي اعتادت من ضحاياها الذين أنهكتهم سنوات السجن والتعذيب التكيف مع شروطها الظالمة، فأعادته إلى السجن بعد أن أسقطت حكم السراح الشرطي ليقضي سنتين سجناً.

وبذلك تبلغ سياسة الانتقام والتشفّي ضد «د. شورو» حدودها القصوى، مستنفذة حقدها الدفين، لتجعل منه في تعاليه عليها زعيماً وطنياً يطاول الزعيم الجنوب أفريقي «نيلسون مانديلا»، وقائداً إسلامياً يقف في الصف الأول لمجاهدي هذه الأمة.

عرقلة اتجاه التطور ويتعرّض «د. الصادق شورو » في سجن «الناظور» لمعاملة قاسية من أعوان السجن، رغم تقدّمه في السن (62 عاماً).. وتشهد حالته الصحية تدهوراً مستمراً بسبب التعذيب الذي تعرض له سابقاً، وحرمانه المستمر من الرعاية الصحية التي يتطلبها وضعه الصحي.

وبقدر ما كان «د. شورو» شاهداً على تراجع الحياة السياسية في تونس لما يقارب العقدين بسبب انغلاق السلطة، فإنه كذلك شاهد على تطور نوعي في صفوف المعارضة والمجتمع المدني، برز جلياً في محاكمته الأخيرة التي تطوع فيها 30 محامياً من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية للدفاع عنه.

كما أصدرت المنظمات الحقوقية التونسية - وفي مقدمتها «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» - بياناً مشتركاً يندّد بالمظلمة التي تعرّض لها «د. شورو»، ويطالب بإطلاق سراحه فوراً دون قيد أو شرط، وهو ما لم يحدث في بداية التسعينيات أثناء محاكمته الأولى، مما يشير إلى تطور نوعي في الساحة التونسية لا تخطئه العين، خاصة لدى النخبة السياسية المعارضة التي باتت ترفض الإقصاء بعد أن وقفت على نتائجه الكارثية على الجميع، وأصبحت ترفع مجتمعة مطلب الحريات، الذي كان ينادي به «د. شورو» منذ بداية التسعينيات، مما يعني أن الساحة الوطنية قد تهيأت بكل مكوناتها تقريباً لاحتضان هذا المطلب والتوحد للدفاع عنه.

فلا مجال أمام السلطة اليوم سوى الارتقاء إلى مستوى النخبة السياسية المعارضة؛ بالعمل على بسط الحريات، والاعتراف بكل مكونات الشعب التونسي مهما اختلفت توجهاتهم الفكرية والسياسية، أو الاستمرار في نهج الانغلاق هروباً من مواجهة استحقاقات باتت ضرورية، وتتسع دائرة المدافعين عنها يوماً بعد يوم.

ومن الحكمة أن تضع السلطة نفسها في مسار تطور التاريخ بإطلاق سراح «مانديلا تونس »، وبسط الحريات للجميع، بدلاً من أن تظل عائقاً أمام تطور الحياة السياسية في البلاد، وإهدار الطاقات في صراعات لا طائل من ورائها، سوى عرقلة مسار التطور إلى حين، ولكنه لا قِبَل لها بصده إلى ما لا نهاية عن بلوغ غايته.. {

$ّمّن يٍؤًتّ پًحٌكًمّةّ فّقّدً أٍوتٌيّ خّيًرْا كّثٌيرْا}(البقرة:269)


قالب:روابط الصادق شورو