الأصالة والمعاصرة في العلاقة بين الاخوان المسلمين وتيار الجامعة الاسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

المقدمة

لم تكن جماعة الإخوان المسلمين إبنةَ وقتها، نشأةً وميلاداً، بل كانت محصلةً لنضال طويل وجهاد عريض، تراكمت فيها مكتسبات جهاد الأسلاف، فاجتمعت فيها خلاصة أفكارهم وتجاربهم، مع ما فرضه التطور من استدراكات وإضافات وترتيب أولويات.. جعلت المواجهة مع المشروع الغربي الإستعماري، أكثر نضجاً وذكاء وإنجازا.

فحين عجز الغرب عن إبتلاع العالم الاسلامي عن طريق الحروب الصليبية، أوحى للمسلمين بأن رابطةَ الدين تعصب! والتحلل من أحكامه وشرائعه مرونة وسماحة، ثم تمكَّن بالتبشير والتغريب، من إحداث شرخ في عقل الأمة وقلبها، فانهارت قلاع الإسلام وحصونه من داخلها قبل غزوها من خارجها.

وفي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، دبَّ الضعف في الدولة العثمانية ليكون ذلك بداية عصر الهيمنة الإستعمارية، فاحتُلت الجزائر عام 1830، وهُزمت الثورة الإسلامية في الهند، معلنة إنتهاء الحكم الإسلامي هناك عام 1857، واشتعلت بعد ذلك المواجهة بين عالم إسلامي في أدنى حالاته، ضعفاً وتخلفاً وجموداً، وبين غرب إستعماري إستطاع أن يُجهز على الدولة العثمانية، ليتم بعد ذلك تمزيق العالم الإسلامي، ثم استلابه قطعة قطعة..

وفي المقابل قامت إحتجاجات وثورات ودعوات لمواجهة هذا العدوان، فكانت ثورة المجاهد عبد القادر الجزائري في الجزائر، وثورة أحمد عرابي في مصر، وثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي في المغرب، والانتفاضات والثورات التي عرفتها كل من السودان وليبيا والشام كلها كانت تسعى لصد العدوان الغربي والهجمة الاستعمارية الجديدة، وبقدر ما كانت تفشل هذه الثورات والانتفاضات بقدر ما كان الطوق يضيق حول الدولة العثمانية ليس باعتبارها دولة فقط، ولكن باعتبارها رمزا لوحدة المسلمين وخلافتهم..

فقبل سقوط الدولة العثمانية ظهرت دعوة (الجامعة الإسلامية) على يد جمال الدين الأفغاني، لتوحيد المسلمين في مواجهة العدوان على أرضهم وسيادتهم.

وبعد سقوط الدولة العثمانية، قامت جماعة الإخوان المسلمين على يد الشاب حسن البنا، ليكمل ما بدأه جمال الدين الأفغاني ورفاقه..

تيار الجامعة الإسلامية

في أواخر القرن التاسع عشر، دعى جمال الدين الأفغاني (1839-1897) إلى إحياء الوحدة بين المسلمين، على أساس الجامعة الإسلامية، ليس دفاعاً عن الدولة العثمانية وسياساتها، كما روج الإستعمار والعلمانيون، إنما دفاعاً عن أمة الإسلام التي كانت الدولة العثمانية هى آخر مظلة سياسية جامعة لهم، فجاب جمال الدين الأفغاني أرجاء العالم الإسلامي لاستثارة المسلمين، ومن الدول التي نزل بها الأفغاني كانت مصر، التي عاش فيها ثماني سنوات في (1871 إلى 1879)، وبعد أن تكون له فيها تلاميذ وأتباع، من أشهرهم الشيخ محمد عبده ومحمود سامي البارودي وسعد زغلول وغيرهم، إستبعده الخديوي توفيق من مصر، فخرج الأفغاني إلى الهند ومنها إلى باريس حيث أصدر مجلة (العروة الوثقى)، والتي صدر منها ثمانية عشر عدد.

كل دعوة من الدعوات الإصلاحية كانت استجابة لتحد أو مجموعة تحديات، وتتسع هذه التحديات أو تضيق حسب رصيد المعرفة والتجربة لهذه الدعوة أو تلك، وعلى أساس هذه التحديات كانت تتحدد أولويات كل دعوة.

فالأولوية عند الأفغاني كانت للإصلاح السياسي، بإصلاح الزعماء لأن في صلاحهم صلاحاً للأمة، وركز على إصلاح(الآستانة) بصفتها عاصمة الخلافة، وعلى إصلاح النظام المصري لأن مصر تمتلك مؤهلات الزعامة ومبررات قيادة العرب والمسلمين. بينما كانت الأولوية عند محمد عبده لإصلاح القواعد الشعبية بإصلاح التعليم وعصرنة المناهج والاهتمام-خصوصاً- بإصلاح الأزهر بصفته منارة الإسلام وقبلة المسلمين، وصـــــــاحب الدور التأريخي المشهود. والأولوية عند رشيد رضا للتجديد وإصلاح ما يمكن إصلاحه دون التوقف عند مجال معين والاستغراق فيه[١]

فركز الأفغاني على تحريض الشعوب على الثورة ضد الاستبداد السياسي، والاستعمار الأوروبي، وتوحيد الأمة تحت راية (الجامعة الإسلامية)[٢]

وكان يرى أنه لمواجهة الغزوة الغربية، لابد من (الجمع بين الحضارة والمُلْك كما كان المسلمون في سيرتهم الأولى، دون الاكتفاء بالحضارة ويكون المُلْك للأجنبي يستنزف ثروات البلاد كما هو حادث في تجربتَي تركيا ومصر. فلا بد من سلطان قاهر يقود الناس إلى الثورة أو يأخذهم بالتدريج) [٣]

ولم تكن وسائل الأفغاني لتحقيق ذلك، سوى الكلمة والخطبة والمقالة، بالإضافة إلى محاولته إجتذاب النخبة من المثقفين، وكذلك حكام البلاد الإسلامية، فلم يسعى الأفغاني إلى تكوين (تنظيم) يتم من خلاله صناعة إصطفاف شعبي، وإن تأثرت بدعوته نخب مثقفة العالم العربي والإسلامي.

ومن تلامذة الأفغاني الشيخ محمد عبده، والذي أكَّد على ما دعى إليه الأفغاني، فقال: (هناك أمر آخر كنت من دعاته، والناس جميعًا في عمًى عنه وبُعد عن تعلقه، ولكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلوّ مجتمعهم منه.. وذلك هو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب، وما للشعب من حق العدالة على الحكومة. نعم كنت فيمن دعا الأمة المصرية إلى معرفة حقها على حاكمها.. دعوناها إلى الاعتقاد بأن الحاكم هو من البشر الذين يخطئون وتغلبهم شهواتهم، وأنه لا يرده عن خطئه، ولا يوقف طغيان شهوته إلا نصح الأمة له بالقول والفعل) ثم يقول: (جهرنا بهذا القول والاستبداد في عنفوانه، والظلم قابض على صولجانه، ويد الظالم من حديد، والناس كلهم عبيد له! أي عبيد!!) [٤]

وكان ممن تأثروا به أحمد عرابي، والذي قام بحركته في الجيش بنَفَس إسلامي واضح، ضد التغول الأجنبي في الجيش، ولم يكن صحيحاً أنه كان ذو توجه قومي عنصري كما زعم العلمانيون، وكتاباته عن هذه الفترة تؤكد هذا الإتجاه، كما أوردها صاحب كتاب (ما أخفاه العلمانيون من تاريخ مصر) [٥]

وبرغم مناصرة الشيخ محمد عبده لحركة أحمد عرابي، إلا أن أحمد عرابي لم يجد خلفه حاضنة شعبية تؤيده وتحميه، ورسالة إبراهيم اللقاني التلميذ المقرب من الأفغاني بشأن ما حدث معه ومع جُلّ أنصار عرابي تحكي ذلك، فيقول: ( يوم أخرجت مولانا "يقصد الأفغاني" كانت الحكومة في غاية الوجل من ثورة تَعمُّ القطر وتزعزع أركان البلاد، حتى حملها هذا الخوف على نشر قوة في البلاد للمحافظة على الراحة (فوق العادة) ونشرت الجواسيس في سائر الأنحاء التي توهمت انتشار الثورة منها. لكن المصريين لم يكونوا يوما كما توهمتهم الحكومة، بل كانوا غير ذلك فبلغ الخوف منهم أن كانوا يتوارون ويتمارضون في المنازل، بل إن منهم من بادر في حينه إلى السفر وتغيب حتى انقطعت السيرة عنه وهذا فضلا عما كانوا يتظاهرون به من بغض السيد  (يقصد الأفغاني) والوقيعة فيه درءاً على نفوسهم الدنيئة) [٦]

وممن حملوا راية الجامعة الإسلامية كذلك، الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل، وقد ناضل نضالاً مريراً من أجل نيل استقلال البلاد، تحت علم دولة الخلافة العثمانية، لكن الحزب الوطني الذي أسسه لم يستطع أن يحتفظ بمبادئه طويلاً بعد وفاة قادته الأوائل، فــ (الناظر في تصرفاته يحس أنه قد ضل عن مبادئه الأساسية التي قام عليها، وتمسك بقشور جعلت منه شيئاً آخر غير الحزب الذي أنشأه مصطفى كامل! فقد طغت عليه قيم العصر وتفكيره، حتى أصبح لا يفترق عن الأحزاب الأخرى إلا في المبدأ المشهور (لا مفاوضة إلا بعد الجلاء)، وهو مبدأ لاقيمة له في نفسه إذا لم يلازمه الكفاح ، فيعملان معاً كما يعمل شقا المقراض، فإذا فارقه الجهاد أصبح عند ذاك صورة من صور السلبية المستسلمة)[٧]

وبرغم أن الشيخ محمد عبده كان من أبرز تلاميذ الشيخ جمال الدين الأفغاني، وعنهما أخذ الشيخ محمد رشيد رضا، إلا أنهم تباينوا في نهايات حياتهم، فعلى حين كان الأفغاني ثائراً سياسياً، مال الشيخ محمد عبده إلى التركيز على الجانب التعليمي والتربوي على حساب الجانب السياسي، حتى أنه إقترب كثيراً من اللورد كرومر ممثل الإحتلال الإنجليزي في مصر، وحاول الشيخ محمد رشيد رضا الجمع بين سياسة الأفغاني وتربية محمد عبده، فكان له نسق خاص به. ولعل من أصدق ما قيل في هذا الباب، أن الأفغاني حارب (الإستعمار)، وأن محمد عبده حارب (القابلية للإستعمار)[٨]

وبرغم أن الشيخ محمد الغزالي يرى أن (مدرسة جمال الدين الأفغانى - محمد عبده - رشيد رضا من أجلّ المدارس الفكرية فى تاريخ الإسلام) [٩]

إلا أنه يتأسف على أن مجهود جمال الدين الأفغاني ومدرسته، لأنه لم يحقق في حياته ما طلبه، فلقد (ترك دوياً واسعا ولم يصنع شيئا طائلا!) [١٠]

جماعة الإخوان المسلمين

في أوائل القرن العشرين وبعد أربعة سنوات من سقوط الدولة العثمانية وانكشاف المسلمين الذين استظلوا بظلها، جاء حسن البنا وقد زادت الهجمة الغربية ضراوة على الأمة، جاء ومعه ميراث نضال وجهاد كبيرين لزعماء تيار الجامعة الإسلامية، ونضال أحمد عرابي ومصطفى كامل ورفاقه..

ولم يكن الشيخ حسن البنا بعيداً عن تيار الجامعة الإسلامية، فقد ذكر أنه أصدر مجلة شهرية سماها "الشمس" وهو بعد ما زال طالباً بمدرسة المعلمين بدمنهو، قبل دخوله كلية دار العلوم، وأن من دوافعه لإصدار تلك المجلة التشبه "بمجلة المنار التي كنت كثير المطالعة فيها"

وأثناء دراسته في دار العلوم كان حسن البنا يتردد على دار المنار، كما كان يحضر "في بعض مجالس الأستاذ السيد رشيد رضا ونلقى فيها الكثير من الأعلام الفضلاء"

وبعد وفاة رشيد رضا حرص حسن البنا على استمرار المنار في الصدور، وعندما تعثرت وتوقفت مرة ثانية "عزّ على الإخوان أن يخبو ضوء هذا السراج المشرق بالعلم والمعرفة من اقتباس الإسلام الحنيف، فاعتزموا أن يتعاونوا مع ورثة السيد رحمه الله على إصدار المنار من جديد، وصدر العدد الخامس من السنة الخامسة والثلاثين في غرة جمادى الآخر سنة 1358هـ الموافق 18 يوليو 1939م، أي قبل نشوب الحرب العالمية الثانية بعدة أشهر، وتلاه خمسة أعداد أخرى تمت بها السنة الخامسة والثلاثون من المجلة، ثم صدر أمر الحاكم العسكري في حكومة حسين سري باشا بإلغاء الترخيص 194." وكان حسن البنا قد اضطلع بنفسه بإصدار المنار والإشراف عليها على الرغم من كثرة أعبائه في قيادة حركة الإخوان. [١١]

فقد كان حسن البنا يمثل «الحلقة المعاصرة» في سلسلة حلقات الإحياء الإسلامي الحديث.. إنها مرحلة متميزة في «الكم» و»الكيف».. ولكنها امتداد متطور لمرحلة «النشأة» و«التبلور»، التي تمثلت في حركة «الجامعة الإسلامية»، التي ارتاد ميدانها ورفع أعلامها جمال الدين الأفغاني، والإمام الشيخ محمد عبده، كما مثل الشيخ محمد رشيد رضا امتدادها، الذي حمل رسالتها عبر مجلة (المنار) إلى العالم الإسلامي على امتداد أربعين عامًا (1315 - 1898م/ 1354هـ - 1935م)، ثم سلم أمانتها إلى الشيخ حسن البنا الذي واصل إصدار (المنار) لعدة سنوات. والذي أخذ في تفسير القرآن الكريم من حيث انتهى رشيد رضا.. الذي سبق وواصل تفسيره من حيث انتهى محمد عبده. [١٢]

جاء حسن البنا فأسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، وحدد الغاية من تأسيسها فقال: (والإخوان المسلمون: غايتهم إنهاض العالم الإسلامي وتوجيه نهضته إلى الاعتماد على الأصول الإسلامية الصحيحة لتكون كل مظاهر حياة الأمة منطبقة على قواعد الإسلام الصحيح.. ويعتمدون فى تحقيق غايتهم على التربية والثقافة، فالتربية بإلزام الأعضاء العاملين التمسك بتعاليم الإسلام وشعائره والثقافة بنشر المدارس: الأقسام الليلية والنشرات والمحاضرات وأقسام المحافظة على القرآن الكريم.. والإخوان المسلمون: لا يعنون بالمظاهر والأشكال الإدارية ولكنهم يعنون بالخلق والمبدأ والعقيدة، وهم جماعة واحدة مهما تعددت الأماكن والأوطان وزاد عدد الإخوان. [١٣]

وسبق التأسيس بـ (دراسة عميقة واعية، بعقلية الداعية المؤهل الموهوب، فعرف مواطن القوة في كل منها، وألمَّ بمواطن الضعف، وأخذ بعد ذلك في تحديد خطته، مستلهماً القرآن وخطوات النبي صلى الله عليه وسلم، غير متجاهل الأوضاع العالمية وواقع الشعب الذي يعيش فيه، فتجنب في خطته التي رسمها، مواطن الضعف في تلك الدعوات وأخذ بنواحي القوة فيها) [١٤]

وبهذا الميراث الضخم من العلم والتجربة، علَّم حسن البنا تلاميذه كيفية الإستفادة من (حركة جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وحركة المهدي بالسودان، وحركة السنوسية بليبيا وعن القائد الباسل عمر المختار وموقفه من المستعمرين الإيطاليين، ويتحدث بإيجاز عن هذه الحركات وبيين عناصر نجاحها وأسباب فشلها)[١٥]

وكان تأثر حسن البنا بـ (الجامعة الإسلامية) ورموزها، تأثر قائم على منهج لا يقر التقليد، ولا يعترف بالعصمة لأي من تلك الدعوات والحركات، ولذلك أخذ البنا منها جميعاً، وأضاف إليها الكثير، وهذه الإضافات هى ما منحت حسن البنا مكانة الأبوة والريادة في الحركات الإسلامية.. يقول فتحي يكن إن (حسن البنا جمع بين طريقتي الأفغاني ومحمد عبده، مع عمق في المعالجة، وبصيرة نافذة، وتوفيق رباني قلَّ نظيره إلا لمن حباه الله بذلك) [١٦]

وكانت هذا التعامل المنهجي الحكيم، سبباً في الإستفادة الواعية من ميراث السابقين، والبناء عليه والإضافة إليه، بما يحقق تراكم المكتسبات، وأصالة الإنطلاق، ويضمن الإستمرار والإنتشار والإنجاز، ومما أضافه حسن البنا:

  1. الوسطية والشمولية

فلقد مزج حسن البنا بين أفكار من سبقوه، في نسق منضبط متزن، يرتب الأولويات ويحدد المهمات، ضمن إطار حاكم وضابط، فلا يطغى جانب على آخر، فقد جمع منهج حسن البنا بين ثورية الأفغاني التغييرية وإصلاحية محمد عبده المتدرجة، وإذا كان الأفغاني قد قاوم (الإستعمار) ومحمد عبده قاوم (القابلية للإستعمار)، فإن حسن البنا قاومهما معاً في الميدان، مما منح الإخوان الوسطية والشمولية معاً.

  1. قاعدة تحمل الدعوة

وبينما كان تلامذة الأفغاني بالعشرات أو المئات، كان تلامذة حسن البنا بعشرات الألوف، فقد خالط حسن البنا الشعب، وجمعهم على الفكرة بأسلوب متدرج، وفي هذا المعنى قال د. حسن حنفي: (إن الإضافة الجديدة التي أتى بها حسن البنا، هي أنه وضع تنظيماً في خدمة تحقيق مشروع الأفغاني، وجاء حسن البنا ليكمل مشروع الأفغاني، وكان هذا الأخير يريد أيضاً تعبئة الجماهير وتأسيس حزب إسلامي يستطيع تحقيق هذا المشروع) [١٧]

  1. التنظيم

فحوَّل الدعوة إلى مهام وأفراد واختصاصات، ورتب كل هذا في نظام، تتحقق من خلاله النتائج والأهداف، بداية من الفرد وانتهاء بالدولة والأمة، وذلك من خلال متوالية من التخطيط والتفويض والتنفيذ والمتابعة والتوجيه، يتوزع فيها الجميع ما بين أمير ومأمور، قائد وجنود.. وقد دفع هذا الملمح في دعوة الإخوان المسلمين، بأحد الباحثين إلى أن يقول: (جاء حسن البنا فوضع المجتمع في طريق الدولة الإسلامية، بأسلوب علمي تطبيقي سلوكي) [١٨]

  1. المؤسسية

وهذا التنظيم قام على مؤسسة وليس على فرد، بل المؤسس نفسه صار جزءا من المؤسسة، فهناك مرشد عام، يعاونه مكتب تنفيذي (مكتب إرشاد)، وكلاهما يتحرك في ضوء سياسات يحددها ويناقشها (مجلس شورى عام)، كل ذلك ضمن لائحة تنظم مهام الجميع واختصاصاتهم.

هذه المؤسسية تضمن عدم انحراف القيادة والجماعة بالتبعية، كما تضمن تطوير العمل ومرونته، دون انزلاقه لمساومات تمس ثوابت الحركة والدعوة.

  1. التربية

أضاف التنظيم إلى رصيد جماعة الإخوان المسلمين، الإنتقال من مرحلة الدعوة العامة إلى مرحلة بناء الأجيال المسلمة المؤمنة القادرة على حمل أمانة الرسالة عن طريق التربية [١٩]

فانتقل من الدعوة والتبشير إلى التربية والتكوين، ضمن نظام دقيق، يهتم بتكوين الخصائص والصفات، بعد بناء القناعات والعواطف، بما يضمن تكوين قاعدة تتبني الدعوة وتحميها، دون أن تتنازل عنها أو تساوم عليها..

مما ساعد الإخوان على تحقيق الأهداف بدقة وإتقان، وجعل الدعوة تكسب كل يوم أرضاً جديدة. إن امتلاك الإخوان للتنظيم، مكنهم من تربية أجيال مسلمة قادرة على حمل أمانة الرسالة، وأعطاهم القدرة على النزول إلى ساحة العمل السياسي، مما دفع أحد الباحثين إلى القول بأن الإخوان فاقوا رشيد رضا في التركيز على الأهمية الاجتماعية للقرآن والسنة. [٢٠]

وهكذا تحققت في دعوة الإخوان المسلمين، الأصالة والمعاصرة، من خلالها إتصالها بما سبقها من دعوات ونضالات، فأخذت منها النافع المفيد، وتركت غير المناسب وغير الضروري، ثم أضافت إليها ما رأت ضرورته في مواجهة الغزو الغربي بما يكافئه ويناسبه.

المصادر:

  1. فؤاد عبد الرحمن البنا – الإخوان المسلمون والسلطة السياسية في مصر
  2. عدنان زرزور – الأفغاني والمشروع النهضوي
  3. خاطرات الأفغاني – الأعمال الكاملة نقلا عن حسن حنفي - جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
  4. عدنان زرزور – الأفغاني والمشروع النهضوي
  5. معتز زاهر – ما أخفاه العلمانيون من تاريخ مصر الحديث – الفصل الخامس
  6. وائل علي - لماذا فشل المشروع السياسي لجمال الدين الأفغاني؟
  7. محمد محمد حسين – الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر – الجزء الثاني
  8. طارق البشري – أوراق نقلا فؤاد عبد الرحمن البنا – الإخوان المسلمون والسلطة السياسية في مصر
  9. محمد الغزالي - الفساد السياسي في المجتمعات العربية والإسلامية
  10. محمد الغزالي – الحق المر – الجزء الثالث
  11. رسالة مشكلاتنا في ضوء النظام الاسلامي نقلا عن (جمال البنا – ما بعد الإخوان المسلمين)
  12. حسن يوسف - مدخل الى المشروع الإصلاحي عن الامام حسن البنا
  13. جماعة الإخوان بين مرحلة التعريف والتكوين
  14. محمود عبد الحليم – أحداث صنعت التاريخ – الجزء الثاني
  15. محمد عبد الحميد - ذكرياتي
  16. فتحي يكن – منهجية الإمام الشهيد حسن البنا ومدارس الإخوان المسلمين نقلاً عن فؤاد عبد الرحمن البنا – الإخوان المسلمون والسلطة السياسية في مصر
  17. المصدر السابق
  18. رؤوف شلبي، (الإخوان المسلمون والسلطة السياسية في مصر)
  19. أنور الجندي – مجلة الإعتصام
  20. فؤاد عبد الرحمن البنا – الإخوان المسلمون والسلطة السياسية في مصر