إخوان مصر والرقم السياسي الصعب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إخوان مصر والرقم السياسي الصعب
06-02-2006

ترجمة: حسين التلاوي

أوردت جريدة (واشنطن بوست) في عددها الصادر 3 فبراير مقالاً بقلم دانييل ويليامز عن الواقع السياسي للإخوان المسلمين.

أكد المقال أنَّ صعود الإخوان المسلمين صار الحقيقةَ الأساسيةَ في المجتمع المصري، موضحًا أنَّ الإخوان بدأوا في تبنِّي بعض الاتجاهات السياسية المعتدلة في الفترة الأخيرة، كما نقل المقال عن القيادي البارز في الإخوان- الدكتور عصام العريان- قوله: "إن الجماعة تتحالف حاليًا مع العديد من القوى السياسية الأخرى".

وأبرز المقال الانتقادات التي وجَّهها تنظيم القاعدة إلى مشاركة الإخوان المسلمين في العملية السياسية باعتبار أنها أمريكية الدافع، إلا أنه أبرز أيضًا رد الإخوان المسلمين على لسان الدكتور العريان.

وفي التعاطي الداخلي، أبرز المقال إيجابيات صعود الإخوان من تفعيل للمشاركة السياسية إلا أنه أكد أنَّ الحزب الوطني الديمقراطي لا يزال يسيطر على الحياة السياسية المصرية بسبب حيازته الأغلبية في البرلمان المصري، وكون الأمين المساعد له هو جمال مبارك المرشح الرئيسي لخلافة والده الرئيس حسني مبارك في رئاسة الدولة.

ورغم تعصب الجريدة- (التي تنتمي إلى تيار المحافظين المسيحي- اليهودي في الولايات المتحدة) وعلى اتساع نطاق تغطيتها، حيث إنها إحدى الصحف المليونية النادرة في العالم، ومع التوجه الإيجابي للجريدة واهتمامها بالإخوان رغم طبيعتها الأيديولوجية ومنطلقاتها الفكرية- فقد وجدنا أهميةً فائقةً لترجمة هذا المقال خدمة من موقع (إخوان أون لاين) للقارئ المصري والعربي:

إخوان مصر يمثلون نموذج الإسلام السياسي المعتدل

النائب الإخوانيمصطفى محمد مصطفى تناول- وهو يقف داخل مجلس الشعب المصري- نسخةً من الدستور ولوَّح بها في وجه فتحي سرور، العضو في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بزعامة الرئيس حسني مبارك.

كانت هذه إشارةً إلى أنه يرغب في حديث، وذلك وفق قواعد العمل البرلماني، ولقد انتقد النائب الحكومةَ لسماحها لسفينة فرنسية متهالكة بالعبور من قناة السويس في طريقها إلى الهند ليتم تفكيكها إلى قطع خردة، حيث سبق أن أكدت جمعيات حماية البيئة أنَّ السفينةَ تحمل نفايات سامة.

وقد قام فتحي سرور- مدعومًا بالأغلبية البرلمانية للحزب الوطني الحاكم- بطرد النائب مصطفى لـ"إصراره على الحديث بصوت مرتفع"، ورغبةً في الحفاظ على النظام في المجلس"، فخرجت الكتلة البرلمانيةللإخوان والتي تشكل 20% من حجم المجلس وراء النائب مصطفى.

هذا الموقف الذي وقع الأسبوع الماضي يوضح الحقيقة السياسية المستجدة في مصر وهي: صعود جماعة الإخوان المسلمين التي تمثِّل القوةَ السياسيةَ المعارضة الأقوى في مصر، على الرغم من أنها (محظورةٌ) رسميًّا بسبب القوانين المصرية التي تمنع الأحزاب ذات المرجعية الدينية، وهذه الظاهرة لا تقتصر على مصر وحدها، والتي يحكمها العسكريون منذ 50 عامًا، بل انتشرت في الشرق الأوسط؛ حيث بدأت القوى الإسلامية في الاستفادة من الانتخابات لدخول الحياة السياسية في دولها.

ويعتبر الإخوان المسلمون النموذجَ الأمثلَ للجماعات الإسلامية السياسية وهي على صلات وثيقة بحركة المقاومة الإسلامية حماس التي فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة، وعلى الرغم من أن الإخوان رسميًّا ينبذون العنفَ إلا أنهم قدَّموا الدعمَ المعنوي لعمليات حماس ضد القوات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية.

وفي مصر، حاولت جماعة الإخوان المسلمين أن تُظهِر نفسها على أنها قوةٌ سياسية إصلاحية، فبرنامجها في الانتخابات التشريعية يبدو مثل كتب المدرسة الثانوية، حيث تتعهَّد بحرية التعبير التي تعتبر خطًّا أحمرَ بالنسبة للنظام المصري الذي يحكم منذ 25 عامًا بقوانين الطوارئ، والتي تمنع تجمع أكثر من 5 أشخاص، وتبيح الاعتقال دون إبداء أسباب واضحة، وهي القوانين التي لوَّثت سمعة البلاد، كما تعهَّدت الجماعة بدعم استقلال المؤسسات والاتحادات المهنية، وكذلك تعهَّدت بشفافية العمل الحكومي ومحاربة الفساد، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ولا يطالب الإخوان بإحداث تغييرات إسلامية أصيلة، مثل ضرورة ارتداء السيدات الحجاب أو حظر شرب الخمور.

وقال القيادي البارز في الجماعة عصام العريان: "لا يوجد سبب ليخشانا أحد"، وأشار إلى أنالإخوان تعاونوا مع بعض الأحزاب السياسية الأخرى التي تتطَّلع إلى الديمقراطية، وذلك لوضع إستراتيجية لإخراج المظاهرات في الشوارع، ووضع أجندة لدعم الإصلاحات، وقال عصام العريان: "نحتاج إلى أكثر من صوت، نحتاج إلى أن نتخذ فعلاً".

وفي الانتخابات التي أُقيمت على مدار شهر ما بين نوفمبر وديسمبر الماضيين، نجح مرشحو الإخوان المسلمون- الذين يدخلون الانتخابات تحت مسمى المستقلين للخروج من تحت ضغط الحظر الحكومي- في الفوز بـ88 مقعدًا، من إجمالي 454 مقعدًا، وقد قالت الجماعة إنها قدمت 130 مرشحًا تلافيًا لاستفزاز الحكومة، فيما لم تحقق الأحزاب السياسية الأخرى إنجازات تذكر في الانتخابات.

وبعد الانتخابات، واجه الإخوان المسلمون العديدَ من الانتقادات من جانب العديد من الأحزاب السياسية التي ليس لها أرضية مشتركة، فجمال مبارك- نجل الرئيس مبارك والمرشح الرئيس لخلافته في الرئاسة- قال: "إن صعود الإخوان كان له آثار سيئة على العملية الانتخابية والسياسية"، واقترح أن يتم تطبيق حظر الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بالقوة، مشيرًا إلى أنَّ هناك مناقشةً دائرةً حول الكيفية القانونية والسياسية التي يمكن بها تطبيق القانون المصري الذي يمنع تأسيس الأحزاب ذات المرجعية الدينية، وقال جمال مبارك- في حديث لجريدة (روزاليوسف)-: "الجماعة ليس لها وجود شرعي، لذا يجب أن يتم التعامل معها على أساس قانوني".

وفي الـ6 من يناير، قام أيمن الظواهري- مساعد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن- ببث شريط فيديو هاجم فيه الإخوان المسلمين على تحولهم إلى أداةٍ لتطبيق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وقال: "هذه حقيقة اللعبة التي تلعبها الولايات المتحدة في مصر- من خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية- لتستغلَّ الجماهير وحبهم للإسلام" وأضاف: "لقد قالوا (الإخوان) إنهم حصلوا على 30 مقعدًا، والآن يقولون 80 مقعدًا، وسيصل عدد المقاعد إلى 100 مقعدٍ، وهكذا تستمر الإستراتيجية لمنحهم مساحةً للتحرك".

وبعدها بأيام، هاجم زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين في العراق أبو مصعب الزرقاوي الإخوان أيضًا، وذلك في رسالة صوتيةٍ بُثَّت على الإنترنت وتساءل: "كيف يختار الناس طريقًا غير طريق الجهاد؟! وأقول للحزب الإسلامي: تخلُّوا عن هذه الإستراتيجية؛ لأنها خاسرة بالنسبة للسُّنة".

وقد ردَّ العريان على هذه الانتقادات بصورةٍ تهكميةٍ واصفًا إيَّاها بأنها "تحالف غريب"، إلا أنَّ جهود الإخوان المسلمين تعرقلها أغلبية الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم التي تفوق الثلثين، حيث يمكن للحزب أن يمرِّر التشريعات والإصلاحات الدستورية التي يريدها الحزب الحاكم، ولا يمكن للإخوان أن يستخدموا المجلس إلا كمنتدى، مثلما فعلوا في قضية السفينة الفرنسية، والتي عاد فيها النائب الإخواني مصطفى محمد إلى المجلس بعد أن قدَّم اعتذارًا وفق اللوائح.

وبدلاً من التحرك التشريعي، بدأ الإخوان في مطالبة اللجان البرلمانية بكشف المعلومات، ففي الأسبوع الماضي، طلبوا تقريرًا من لجنة الدفاع عن التعذيب، كما قدَّموا استجوابًا لوزير الداخلية حول حالة 30 ألف معتقل يُقال إنهم اعتُقِلوا بصورةٍ غير قانونية، كما قدَّمت كتلة الإخوان تهنئةً للمسيحيين بمناسبة رأس السنة، وذلك في إشارة إلى التزامهم بالوحدة الوطنية.

ولقد أدَّى التزام نواب الإخوان في البرلمان إلى تغيير واحدٍ، فالبرلمان يعقد جلستين؛ واحدة صباحية والأخرى مسائية، ولقد اعتاد نواب الحزب الوطني الحاكم التخلف عن الجلسة المسائية، ولكن لأنَّ التصويت يتم مهما كان عدد النواب المتخلفين، فقد التزم نواب الإخوان بحضور جميع الجلسات، لذا حاول نواب الوطني أن يقلصوا من فترات غيابهم، كما قاموا بدفع البرلمان لتحويل التصويت على مشروعات القوانين إلى الجلسات الصباحية.

ويدخل نواب الإخوان قاعة الاجتماعات وذلك لأداء الصلوات الخمس، وبعد ختام الجلسة المسائية، يمكنك أن ترى نواب الإخوان وهم ركوع يصلون في إحدى قاعات الانتظار التي ازدانت بالنقوش الفرعونية.

المصدر