أحسن من سوريا والعراق

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحسن من سوريا والعراق


مجدي مغيرة.jpg

مجدي مغيرة

( الخميس, 8 ديسمبر 2016)


كثيرا ما يردد الانقلابيون وأتباعهم عبارة " أحسن من سوريا والعراق" في وجه كل من يذكرهم بجرائمهم في حق كل من يعترض على ظلمهم ، أو يندد بفشلهم ، أو يسخر من خيباتهم ، أو يذكرهم بوعودهم الكاذبة ، و مزاعمهم الفنكوشية الزاعقة ، يريدون بتلك العبارة أن تقتنع بأن هذا الحال رغم قسوته إنما هو اختيار أقل الشرين وأهون المصيبتين .

والواقع يقول أن ما وصلت إليه سوريا والعراق إنما هو نتيجة منطقية للظلم الفادح الذي أنزله الحكام بتلك الشعوب ، والإذلال المتعمد لكل من يعترض على الحاكم ولو في أمر بسيط ، والتفرقة العنصرية والمذهبية والطائفية التي اعتمدوها في تقريب هذا وإبعاد ذاك ، إضافة إلى أن كل من يتولى منصبا ، فبدلا من أن يقدم من خلاله الخدمات للشعب ، فهو يقصرها على أقاربه ومعارفه ومحبيه ، أو لمن يدفع له مالا أو هدية أو أرضا أو قصرا ، أو أي أمر مما يطمع فيه المسئولون عادة ، وكم سمعت من زملائي من بلاد الشام عن تسعيرة القضاة في بلادهم ، وعن الرشاوى التي يدفعونها لذوي النفوذ للخروج من مأزق وقعوا فيه ، أو ورطة تورطوا بها ، أو إنقاذا لِحَقٍ لهم كان سيضيع لو لم يدفعوا من أموالهم أو من كرامتهم لاستخلاصه .

كل هذا رَاكَمَ من الغضب في نفوسهم على مدى سنوات طويلة ، حتى أتت لحظة الانفجار في وجه تلك النظم المستبدة ، و رأينا كيف أن الغضبَ حدا بالكثير من الناس عامة ، والشباب خاصة إلى أن يندفعوا إلى استخدام العنف ضد ظالميهم دون أن يحسبوا حسابا لعواقبه ، وهانحن نرى بلاد الشام والعراق في حال ينفطر لها القلب .

فهل يختلف ما يحدث في مصر الآن عما حدث بتلك البلاد سابقا ؟ !

هل هناك مسئول في مصر حافظ على أمانة المنصب الذي تولاه ؟

هل هناك خدمات لائقة يستفيد منها الشعب ؟

هل هناك عدل في فرض الضرائب وتحصيلها من الناس ؟

هل ما يسيطر الآن على شعور الناس من كآبة وضيق ستؤدي فعلا إلى استقرار ؟

هل يستطيع المواطن المصري العادي أن يلتحق بالقضاء أو النيابة بكفاءته لا بمحسوبيته أو بما يدفعه من مال ؟

هل يستطيع أي مواطن مصري أن يُلحقَ ابنَه بكلية الشرطة أو الكليات العسكرية دون وساطات أو محسوبيات أو رشاوى ؟

هل المواطن المصري قادر على استخلاص حقوقه دون عقبات ضخمة تقف في وجهه وتحول بينه وبين هذا الحق ، وقد تأخذ منه المزيد من حقوقه بدلا من استرجاع الحق الضائع ؟

هل المواطن المصري قادر على أن يقول كلمة حق دون أن يتم القبض عليه وتلفق له القضايا ويحكم عليه بالسجن سنين عددا ؟

هل القضاة يحكمون في القضايا السياسية بما يمليه عليهم القانون ، أم بما يمليه عليهم المتنفذون ؟

هل الأحكام التي صدرت ضد المعارضين تتفق مع صحيح القانون أو مع روح القانون ؟

هل يُعامل السجين السياسي مثلما يُعامل السجين الجنائي ؟

هل القبض العشوائي على الناس سيؤدي إلى الهدوء ؟

هل تصنيف الناس إلى إخوان وغير إخوان هو الحل الناجع للقضاء على المعارضة قضاء مبرما ؟

وهل إقصاء الإخوان من الحياة المصرية بهذا الأسلوب هو الطريقة المثلى لبناء حياة مستقرة في المجتمع المصري ؟

كل هذه الأسئلة وغيرها الجميع يعرف إجابتها .

الجميع يعرف تماما أن ما نحن فيه الآن لن يؤدي إلى استقرار أو رقي أو نهضة .

الجميع يعرف أن ما نحن فيه الآن إنما هو قتل لروح الشعب وقضاء على حيويته .

وإذا كان المتذاكون من أهل الحكم في بلادنا يظنون أنهم دائما ينجحون في أن يشغلوا الشعب بقضايا تافهة ، أو يلهوه بالبحث عن لقمة عيش مغموسة بالذل والقهر والتعب والنصَب ، فإن دوام الحال من المحال ، ومن يلعب بالنار ستحرقه يوما ما ، ومن يقذف الرعب في قلوب الناس سيرتد عليه ذلك يوما ما ، وصدق الله العظيم إذ يقول : " إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ" .

المصدر