يا قضاة مصر ما أشبه الليلة بالبارحة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يا قضاة مصر ما أشبه الليلة بالبارحة



بقلم:القاضي محمود رضا الخضيري

نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادي القضاة بالإسكندرية


من يتابع الحملة التي تشنها الصحف والمجلات الناطقة بلسان الحكومة ومحاولة استقطاب بعض القضاة للانشقاق عن ناديهم ونقد وتجريح ما يقوم به النادي من جهاد وكفاح في سبيل إعلاء كلمة الحق والدفاع عن استقلال القضاء ودفع شبة إسناد نتائج انتخابات مزورة إلى القضاة للتقليل من شأنهم أمام الناس والشعب الذي يثق في قضائه ، من يتابع كل ذلك يتذكر ما كان يحدث قبل مذبحة القضاة عام 1969 ، هجوم على النادي ومجلس إدارته المنتخب واستقطاب فئة قليلة من القضاة للهجوم على النادي ، ثم محاولة القضاء عليه وهو ما يعرفه الجميع ، وكنت أتصور أن من يقومون بذلك الآن والكثير منهم عاش ظروف هذه المذبحة ويعرف مصير كل من ساهم فيها وكيف أن كل من تعاون مع الحكومة في أحداثها قد جللهم العار وكساهم الخزي هم وأسرهم وألقي بهم في مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم ، كنت أتصور أن ذلك سيكون ماثلاً أمام أعينهم وهم يكررون هذه الأفعال الشائنة مرة أخرى هذه الأيام طمعاً في منصب زائل أو ميزة مادية تافهة هم في غنى عنها بما هم فيه من احترام وتقدير الناس لهم باعتبارهم قضاة وكفى ، ولكن يبدو أن التاريخ يريد أن يعيد نفسه وإن اختلفت أشخاص من يصنعونه ويبدو أن للسلطة بريقها الذي لا يقاوم حتى مع تقدم السن الذي من المفروض أن يكون عصمة لصاحبه من الطمع في الدنيا وزخرفها وأن يمنعه ذلك من الإغراق في الأمل الزائف والتعلق بأطماع ثمنها العزة والكرامة والدين والخلق .

نسمع أناساً يقولون نحن لا نريد من الدنيا شيئاً ولا نبحث عن متاعها لأننا جاوزنا عمر التمتع بالدنيا وزخرفها وترى الأفعال تقول غير ذلك ، دفاع عن الباطل ووقوف ضد الحق ومحاربة من يضحي بمستقبله ومصالحه في سبيل رفعة الوطن وإعلاء شأن القضاء فإذا سئل عن تزوير إرادة الشعب في الانتخابات أجاب أنه لم يسمع في حياته أن الانتخابات في مصر تزور وكأنه يعيش في بلد آخر وفي كوكب مغاير ودنيا غير الدنيا التي نعيش فيها ولا يعيش مع هذا الشعب المقهور الذي يشاهد تزييف إرادته بعينه ويلمسه بيده ومطلوب منه أن يكذب عيناه وينكر ما تلمسه يداه ويصدق ذ لك المسئول الذي يكذب ويزور ويفتري على الله وعلى الشعب والثمن فقط أن يبقى في منصبه أكبر مدة ممكنة ، كبت الحريات يتم تحت أسم الحفاظ على الحرية والقضاء على الإرهاب الذي خلفته الحكومة ثم صدقته وتريد من الشعب أن يصدق وجوده ، تريد منا الحكومة أن نصدق أنها هي التي تعمل لمصلحتنا بقوانينها المقيدة للحرية والقضاء العسكري وأن من تحيلهم إلى هذا القضاء هم أعداء الوطن والحرية حالة أن الشعب حتى الآن لا يعرف لهم جرماً ارتكبوه يمكنه أن يمثل خطراً عليه .

لا أصدق نفسي وأنا أقرأ أن البعض يقول أن رئيس نادي قضاة مصر المنتخب من أغلبية القضاة على مستوى الجمهورية لا يمثل قضاة مصر ولكن يمثل نفسه ، وهذا يجعلني أتعجب وأرد بسؤال آخر من الذي يمثلهم إذن ؟!! مجلس القضاء الأعلى الذي يأتي أعضاؤه إلى مجلسهم بحكم أقدميتهم إذا كان ذلك صحيحاً فإنه بذات المنطق فإن مجلس الشعب المنتخب لا يمثل الشعب وإنما الذي يمثله هي الحكومة بأجهزتها التنفيذية ، هل الذي يمثل القضاة ويتحدث باسمهم هو رئيس نادي قضاة مصر أم هو رئيس نادي إقليمي لا يتعدى عدد القضاة المشاركين فيه 1 % من قضاة الجمهورية ؟!! أمر عجيب ومنطق معوج لا يمكن أن يصدر إلا ممن يبحث عن دور يؤديه في سبيل تحقيق أغراض شخصية على حساب مصالح القضاة .

قوة القضاة في تماسكهم ووحدتهم ووقوفهم صفاً واحداً أمام أي عبث باستقلالهم وهذا ما تعرفه الحكومة تماماً وتحاول دائماً التغلب عليه ، الانتخابات الحرة وحدها هي التي تقول من يمثل القضاة والشعب ومن لا يمثله ، وحتى هذه اللحظة مجلس إدارة نادي قضاة مصر المنتخب من جموعها على مستوى الجمهورية هو الذي يمثلها ومن ينكر عليه ذلك عليه أن ينتظر حتى الانتخابات القادمة ويرى نتيجة عمله وجهده في محاولة نزع الشرعية عن المجلس فإن أسفرت عن إعادة الثقة في المجلس فعليه أن يحترم إرادة الأغلبية وأن يسلم بشرعية المجلس ويساعد زملاءه على تحقيق السياسة التي تؤدي إلى رفعة شان القضاء وإن كانت الأخرى فنحن سنكون أول من يحترم هذه الإرادة ويعمل على تنفيذ سياستها طالما كانت هذه رغبة جموع القضاة أما إنكار الشرعية على صاحب الشرعية فأمر مخالف للطبيعة السوية ومبادئ الديموقراطية التي يجب أن يتحلى بها القضاة قبل غيرهم .

يا قضاة مصر ناديكم هو بيت عزكم وهو سر قوتكم وتماسكم وإذا كان هناك استقلال مادي أو معنوي يتمتع به القضاة حالياً فهو من نتائج كفاح هذا النادي العريق ورعيله السابق الذين أقاموا بجهدهم هذا الصرح العتيد وهم يستصرخونكم أن تهبوا للدفاع عنه ويريدونكم أن تجعلوا منه عريناً للأسود التي تكشر عن أنيابها عندما يقترب منها صائد أغرته قوته أو طامع في صيد يعلي به شأن نفسه ويدفعه ثمناً لمنصب يريده أو جاه يرغب فيه ، يريدون منكم أن تجعلوا من يحاول أن يمس هذا الصرح بسوء يندم على اليوم الذي فكر فيه أن يقدم على ذلك أو أن يفكر مجرد التفكير في النيل منه ، آباؤكم وأجدادكم ضحوا في سبيل رفعة القضاء وبقاء النادي وإعلاء شأنه ولا أعتقد أنكم أقل منهم شأنناً ولا عزيمة ولا استعداد للتضحية فإنكم أخوة وأبناء وأحفاد عبد العزيز فهمي وصبري أبو علم وممتاز نصار ووجدي عبد الصمد وأحمد جنينة ويحيى الرفاعي وغيرهم كثير كتبوا تاريخ هذا النادي بدمهم ومستقبلهم وخلدهم التاريخ وأعلى شأنهم في حين ألقى بمن وقف ضدهم وضد استقلال القضاة ونادي القضاة في أسفل مزبلة التاريخ وجعل أولادهم وأحفادهم يتجاهلون ذكرهم حتى لا تلحقهم المعرة في حين يقف أبناء وأحفاد أبطال القضاة والمكافحين من أجل استقلاله ورفعة شأنه يتفاخرون بأجدادهم وآبائهم وأخوتهم وتطاول أعناقهم السحاب تيهاً وفخراً .

أقول لزملائنا ممن أغرتهم السلطة بالانشقاق على ناديهم ومحاولة شق صف القضاء اتقوا الله في بيتكم وموطن عزتكم ومجدكم وحافظوا على الصرح الذي بناه أجدادكم من عظماء القضاة وتذكروا دائماً مصير من يقف ضد وحدة القضاة وناديهم العريق ولا تكونوا أمثالهم وأعلموا أن جموع القضاة تعرف تماماً من يعمل لمصلحتها ويكافح من أجل استقلالها ومن يعمل لحساب نفسه ومجده الشخصي والشعب بعد ذلك وقبله يشعر تماماً من الذي يدافع عن حريته واستقلال إرادته وعدم تزييف إرادته وسيحكم عليهم وحكمه صحيح لا يرحم فاستغفروا الله من أفعالكم وأخرجوا الشيطان من بينكم تستقم أفعالكم وتروا الحق وتسيروا في طريقه فهو أحق أن يتبع والسلام على من أتبع الهدى .