ويل للوطن من الخائفين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ويل للوطن من الخائفين

سالم الفلاحات

الخائفون أشد على نهضة الأردن من المستبدين، المستبدون يرتجفون هلعاً، لكن الخائفين يَرجُفون ويُرْجفون، ويجلسون على طريق الاصلاح يصدون الناَّس عنه ويُقْعدونهم عن العمل الجاد، وقد حذر منهم العلي الخبير "الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ". لقد نمتم، وذللتم مئات المرات، ومتم عدة موتات، قبل أن يهال التراب عليكم للمرة الأخيرة، وإن كنتم قد حُصِبتم في وجوهكم بالتراب والحصباء عدة مرات من ضمائركم وأطفالكم وأزواجكم، وخجلمتم من أنفسكم مراراً، لكنكم كتمتم آلامكم ومصائبكم وتظاهرتم برباطة الجأش وإدعاء الانتماء والوطنية.

وبدلاً من تبني الإصلاح الحقيقي ومواجهة الفساد، وهي مهمة الرجال الوطنيين الأردنيين حقاً، شرعتم بالدفاع عن الواقع المرير الحالي وتحسينه وتجميله وتسويغه، وكأنه هو الفتح المبين والمنقذ العظيم.

ما حجة هؤلاء الخائفين المخوفين؟ ما منطقهم؟ أتراهم يقنعون أنفسهم أو حتى من يدافعون عَنْهم كذباً وزوراً؟ كيف يكون مسوغاً الوقوف في وجه الإصلاح؟ وكيف يكون فتح النوافذ للهواء النقي جريمة تستحق التظاهر والشتائم واللافتات والبيوتات والمقالات واتهام الشرفاء الأخيار؟

يا من قعدت بكم هممكم عن خدمة وطنكم وشعوبكم، حتى لو ادعيتم الإيمان و الإسلام والمواطنة، فقد أمركم خير البشر عليه الصلاة والسلام الذي لا يختلف عليه عاقلان في الأرض: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".

أعيروا الأردنيين الأباة الصادقين الناطقين صَمتكم، ولكم العذر، ولن يكلفوكم فوق طاقتكم، وَكلٌّ مسخر لما خُلق له، وستغيرون رأيكم بعد قليل، ولا بأس فقد خلق الله الناس متفاوتين.

ولقد نهى المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام كما نهى كلُ من جاء بعده من المصلحين الواعين عن إعاقة الإصلاح أو القعود على طريقه، حيث لا يمارس هذه الهواية إلا الشيطان الذي قال: "لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ"، فحاشاكم أن تكونوا شياطين الأنس في عصر التحرر والانعتاق الذي تمارسه الشعوب العربية التي غادرت قناعاتكم القديمة والتي استمرت عشرات السنوات.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏"إياكم والجلوس على الطرقات، فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها، ‏قالوا‏: ‏وما حق الطريق؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

ماذا يفعل الخائفون؟

• اتهام الجماهير المطالبة بالإصلاح واستبعاد إمكانيته أصلاً، والوقوف أمامه وعرقلته.

• إيهام رأس الدولة بألعاب بهلوانية استعراضية لصناعة أجواء مختلقة من المسيرات المصنوعة واللافتات المضللة التي قد لا يتحمل الموقعون عليها حتى أجور كتابتها وتعليقها.

• لغة الإرجاء والتأجيل، وإعطاء الفرص الإضافية التي لا تنتهي.

• نسج حكايات التضليل واختراع قصص الكذب التي تحسن صورة فريق المخوفين والمعرقلين وتشوه صورة المطالبين بالإصلاح واتهام نواياهم.

• التخويف من الإسلام والإسلاميين وكأنهم طارئون وغير معروفين.

• العزف على وتر الأجندة الخارجية ومن يصدق قولهم وقد قيل: "رمتني بدائلها وانسلت".

• التخويف من الفتن الداخلية بسبب الإصلاح.

• نشر ثقافة الإحباط والتيئيس من إمكانية الإصلاح، والله يقول: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال هلك المسلمون فهو أهلكهم" بفتح اللام وضمها.

وصدق الشاعر:

واليأس يحدث في أعضاء صاحبه ضعفاً ويورث أهل العزم توهيناً

في الظلام وتحت الركام يرتع الدود ويعشعش، فهو لا يحتاج لمزيد من الهواء النقي بل في هذا العفن يعيش، وفي الظلام تطرب الفئران والزواحف وترقص وتتمنى اختفاء النور إلى الأبد، وهكذا يفْعلون.

يتشكك هؤلاء في جدوى الإصلاح وفائدته وأهميته وآثاره على المجتمع، ويظنون أن كلفة الإصلاح أكثر بكثير عليهم من الصَّمت والخوف والاستكانة، وهم واهمون فقد دفع الشعب والوطن ثمناً باهظاً نتيجة الخوف والصمت، بل هو يحصد نتيجة هذا الصمت، فالإصلاح مطلب عام مشترك إن تم سيجني كل مواطن ثماره وسينعكس إيجاباً على الوطن كله قوةً واستقراراً ونَماءً.

كان أحد المساكين وقد هجرته زوجته وهام على وجهه يدور على الناس، وهو لا يزال مسكوناً بالخوف الذي لم يفارقه يوم كان عاقلاً قبل انتقاله للحالة الثانية، فكان يردد (يلعن نُص الناس) ويهمس لك بصوت خافت: اقصد زوجتي.

والخائفون طابور من أمثال هذا المسكين على أحسن تفسير، لكنه أطهر منهم، فقد رُفع عنه التكليف، وهم أشد جرماً بحق الوطن والمواطنين وبحق أنفسهم فهم يعرفون، لكنهم يدارون ضعفهم ونقصهم فقط وقد يقتلهم خَوفهم.

لو تُرك المستبدون والمفسدون معزولين دون معاونة الخائفين المطبلين لهم، لانكشف أمرهم وزال خطرهم، ونالوا جزاءهم، مع أن الخائفين المرتجفين يشاركونك الشكوى لكنهم يشاركونك العمل للتغيير والإصلاح فيسجلهم المستبدون في مصيرهم فمن الذي يعرقل نَهْضة الوطن واستقرارها أفيقوا أيها العقلاء؟

المصدر

قالب:روابط سالم الفلاحات