لماذا الآن يا سيادة وزير العدل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا الآن يا سيادة وزير العدل ؟!


بقلم:القاضـي/محمود رضا الخضيري


وكأن مصر في حاجة إلى المزيد من المشاكل التي تشغل شعبها عن التفكير فيما يحيط به من عقبات في سبيل تقدمه ، وكأن مصر وشعبها الصبور لا يجد ما يشغله ويقضي فيه وقته فنختلق له المزيد من المشاكل حتى يجد ما يسلي به وقته ويضيف إليه المزيد من الأعباء ، هذا ما خطر على بالي وأنا أقرأ تصريحاً منسوباً للجهاز المركزي للمحاسبات بأن نادي القضاة يرفض الخضوع لمراقبة الجهاز لميزانيته ويأبي استقبال مندوبيه والسماح لهم بالإطلاع على مستندات هذه الميزانيات ، والحقيقة أني شعرت أن هناك شراً يراد بنادي القضاة ، وهذا أمر متوقع في الآونة الأخيرة بعد موقف نادي القضاة من الانتخابات الذي فضح الحكومة وأظهر تجاوزاتها فيها ، ولا أذيع سراً إذا قلت أن هناك معلومات قد نقلت إلي من داخل الجهاز قبل هذا التصريح بوقت قليل أن الجهاز وردت له تعليمات بمحاولة مضايقة النادي حتى تجد الحكومة علة لوقف الدعم بحجة أن النادي يرفض مراقبة الجهاز لحساباته حيث أنهم كانوا يتوقعون أن يرفض النادي استقبال مندوبي الجهاز فيتحقق لهم مرادهم في إيجاد الحجة لمنع الدعم ولكن هؤلاء الأشرار ينقصهم الفطنة وبعد النظر ولا يعلمون أن القائمين على أمر نادي القضاة هم قضاة يؤمنون بالشفافية والوضوح ويعملون في النور ولا يخشون أي رقابة بشرية لأنهم إنما يراقبون الله في عملهم في السر والعلن وأن من يراقب الله ويحكم ضميره في المال العام لا يمكن أن يقيم وزناً لرقابة البشر ، ولذلك فإننا نقول لمندوبي الجهاز مرحباً بكم في كل وقت وإن كان لنا تساؤل لا نوجهه لمندوبي الجهاز أو رئيسه ولكن نوجهه إلى وزير العدل الجديد ، لماذا هذا الإجراء الآن ولم نسمع أن الجهاز قد طلب ذلك من قبل ؟ !

هذا كل ما نطلب الإجابة عليه ومرة أخرى مرحباً بكل رقابة بشرية يعطيها القانون الحق في المراقبة ، يا سادة لا تبحثوا عن المتاعب فحياة الناس مليئة بها وبدلاً من محاولة إيجاد حلول لها نبحث عن المزيد منها وهذا ليس في مصلحة أحد حتى أنتم لأن المزيد قد يدفع الناس إلى اليأس من الإصلاح وهو ما يمكن أن يحطم كل شيء في ثورة لا تبقي ولا تذر وليس ذلك على الله بعزيز .

أمر آخر أود أن أبوح به للمستشار ممدوح مرعي وزير العدل وأقول ، لقد زرت الإسكندرية بلدك وسمعت أثناء زيارتك للمحكمة من الثناء والمديح ما يمكن أن يجعل من النملة فيلاً ، فلا يغرنك هذا وتذكر قول رسول الله ( صلى الله علية وسلم ) : ( إحثوا التراب في وجه المداحين ) ، ولو كنت مكانك لأبعدت هؤلاء من حولي لأنهم شياطين الإنس وهم سبب غرور الحكام بأنفسهم وتعاليهم على الناس وفسادهم وقد حضرت في مكتب رئيس النقض السابق واقعة مماثلة حيث حضر أحد المسئولين في الدولة وأخذ يكيل المديح لرئيس النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق بشكل مزري حتى قال أن محكمة النقض لم تشهد في تاريخها رئيساً مثله ثم اتبع ذلك بطلب تعيين أحد أقاربه وعند ذلك تركت المكان إشفاقاً على الاثنين بعد أن رأيت رئيس النقض وقد انتفخت أوداجه وصدق كل ما قاله المسئول الذي أثق الآن أنه لم يرفع عليه سماعة الهاتف ليحادثه منذ ترك مكانه في المحكمة ولو سألته عن اسم رئيس النقض السابق الذي تفوق في نظره على خالد الذكر عبد العزيز فهمي لما تذكره .

في حديثك يا أخي ممدوح لقضاة الإسكندرية الذي علمت به من بعض الحضور ونشر في الصحف قلت أني وزير لكل القضاة ولست أعرف كيف يستقيم ذلك مع موقفك من نادي القضاة وكأن أعضاء نادي القضاة ومن يلتف حولهم وهم أغلبية والحمد لله ليسوا من بين القضاة فهل يمكن أن تفسر لنا سيادتك هذا الموقف ، وهل يستقيم ذلك مع رفض مجرد الحديث مع ممثلي قطاع عريض من القضاة أم انك تعتبرهم جماعة محظورة يجب مقاطعتهم وعدم التعامل معهم .

الأمر الآخر الذي أريد التعليق عليه في حديثك هو أنك قلت أن عمرك الآن سبعين عاماً وأنك لا تريد شيئاً من الدنيا ، وأنا أقول لك أطال الله في عمرك ومتعك بالصحة والعافية وأذكرك بحديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( خيركم من طال عمره وحسن عمله ) فطول العمر يا أخي من نعم الله إذا وفق الله العبد لأن يستغل عمره في عمل الخير الذي يجلب عليه الحسنات التي تمحو السيئات ، إلا أنني أذكرك يا أخي ممدوح بأن العبرة ليست بالقول ولكن بالعمل ، وما نراه من أعمالك منذ توليك رئاسة لجنة الانتخابات الرئاسية لا يتفق مع قولك ولا يخدم آخرتك التي نطمع من الله أن يجعلها خيراً من دنياك ، ولا أريد أن أرجع إلى هذا التاريخ المرير الذي شوه صورة جزء من تاريخك القضائي ، ثم زاد الأمر سوءاً بتوليك مقعد وزارة العـدل ، حيث رفضت مجرد رد التحية على من ألقاها عليك واستقبال من أراد الحضور لزيارتك رغم أن الرسول الكريم يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه وأنت رفضت مجرد استقبال الضيف فما بالك بإكرامه كما أمرك الرسول الكريم .

ترى يا أخي ممدوح لو أن وفداً إسرائيلياً حضر إلى مصر وطُلِب منك استقباله هل تستطيع الرفض ؟ أم أنك ستسارع إلى ذلك رغماً عنك تستقبله وتحتفي به وتقيم الموائد لتكريمه إرضاءاً لصاحب القرار الذي يملك قبول استقالتك التي لم تقدمها ولا نعلم أن وزيراً قبلك قدمها .

الأمر الأخير الذي أريد أن أسر لك به وليس معنى تأخير الحديث فيه أنه أقل أهمية مما سبقه بل هو في نظري أكثر أهمية ولعلي لم أؤخره إلا لأهميته كي يبقى في الذاكرة هو أن من يعرفك وسبق له شرف الجلوس إليك يعلم أن من أكثر ما تعتز به في حياتك ما قمت به أثناء رئاسة التفتيش القضائي من تخليص القضاء مما علق به من بعض الشو ائب التي أساءت إليه ، فأنت دائم الحديث عن ذلك والفخر به وهذا من حقك بل نحن نشاركك هذا الفخر فلا شك أن تخليص القضاء من بعض العناصر الفاسدة التي تلتحق به في غفلة من الزمان هو سر قوة السلطة القضائية واحترام الناس لها وتعلقهم بها وثقة الناس في تصرفاتها باعتبارها الملجأ الأخير لهم من الظلم الذي قد يقع عليهم ، هذا من مآثرك الحقيقية يا أخي ممدوح ولكن أين هذا مما نشاهده اليوم من غض البصر والتجاهل لمن أساء إلى القضاء أبلغ الإساءة بتزوير نتائج الانتخابات وتسبب في فقدان ثقة بعض الناس بالقضاء ألا يستحق هؤلاء اتخاذ إجراء ضدهم وأن تبادر إلى ذلك حتى تعيد للناس ثقتهم في القضاء وتقول لهم أن هؤلاء ليسوا زملاء بل هم خوارج علينا وورم خبيث في جسم القضاء يجب أن نتخلص منه سريعاً حفاظاً على سلامة الجسم كله ، أين أنت من هذا يا أخي ؟ صدقني أن هذا العمل يعد من أجل الأعمال تقرباً إلى الله خاصة في سن السبعين التي أنت فيها أطال الله في عمرك ونحن في الانتظار الذي نرجوا من الله ألا يطول حتى تظل تفاخر بما كنت تحب أن تفاخر به علماً بأن المنحرف في القضايا أكثر شراً من المنحرف في تزوير الانتخابات لأن الأخير يزور إرادة أمة ويضيع حق شعب ويهد صرح وجهاز مهمته بعث الطمأنينة والاستقرار في نفوس الناس .

واختم حديثي إليك بأن أذكرك أن محاولة القضاء على نادي القضاة يعرف القضاة عنها أنها محاولة محكوم عليها بالفشل ومسألة القروض التي تنوي تقديمها إلى القضاة قد سبق للوزارة أن قامت بها ولم تفلح في صرف القضاة عن ناديهم لأنها للأسف تسعى للتأثير على إرادة القضاة لأنها تتم دون ضوابط موضوعية ولأصحاب الحظوة الذين يرتمون في أحضان الوزارة ولا تنتج عنها إلا مزيد ممن يخضعون لإرادة الحكومة وتنفيذ رغباتها وهذا ما تريده الحكومة ونحن نعلم ذلك جيداً .

محاولات الحكومة للسيطرة على السلطة القضائية لا تنتهي وأنا أدعو القضاة إلى التنبه له ، وليعلم القضاة أن مطالبنا هي حقوق لنا وحصولنا عليها ليس منحة من الحكومة بل هي حقوقنا لا فضل لأحد في حصولنا عليها وهي أموال الشعب لكل إنسان حق فيها من أول رئيس الجمهورية حتى أصغر موظف في الدولة .