كلمة المستشار محمود الخضيري في الندوة المعقودة في نقابة المح

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كلمة المستشار محمود الخضيري في الندوة المعقودة في نقابة المحامين بالإسكندرية في 17/4/2008لمناقشة مشروع قانون الإرهاب


بقلم:المستشار محمود الخضيري


إخواني رجال ومصر ونساءها وشبابها وشيبتها

سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته

فكرت كثيرا فيما يجب أن أقول في الموضوع الذي اجتمعنا من اجله اليوم وهو مناقشة مشروع قانون الإرهاب، هل أقول مثل ما قال من قبلي وما سيقول من بعدي إن قانون الإرهاب لن يحل مشاكل الإرهاب إلم يزيدها سوءً إن وجدت، هل أكشف وأزيد وأعيد في مسالب هذا القانون وهي كثيرة، هل أقول أن هدف هذا القانون هو مزيد من سلب الحرية والاعتداء على الكرامة والشرف وحرمان المواطنين من العيش في أمان في وطنهم، إن علامات الاستفهام والتعجب حول هذا الموضوع كثرة ومتنوعة، ولكن سألت نفسي وما جدوى ذلك إذا كان المسئول الذي بيده إصدار هذا القانون ليس جاداً في سماعي, وأعني به بالطبع السلطة التنفيذية صاحبة الرأي الأول والأخير فيما يصدر من قوانين، أما السلطة التشريعية المنوط بها ذلك دستوريا فهي مغلوبة على أمرها استوعبتها السلطة التنفيذية حتى أنه لم يعد لها رأي تقوله أو موقف تتخذه وأصبحت السلطة صاحبة الحق في التشريع يصرخ البعض منها مثلنا ويقف وقفات احتجاجية كما تفعل بعض فئات الشعب المغلوبة على أمرها، أما صاحب القرار وهي السلطة التنفيذية فتقف غير مبالية مستهزأه بالجميع تقول افعلوا ما شئتم وسأفعل أنا ما أريد، ولن أسمح لأحد أن يشاركني في أي شئ أفعله فأنا وحدي من أعرف الصواب من الخطأ وأنا وحدي من يعرف ما ينفع وما يضر وأنا وحدي القادرة على أن أصل بكم إلى بر الآمان حتى وإن طال زمن الوصول ولا يمنعني من ذلك اشتداد وطأة الظلم والمشاكل فإن المثل يقول اشتدي أزمة تنفرجي.

أمام كل ذلك لم يكن هناك بد من أن أترك القانون لرجال القانون وأن أخرج من زمرتهم بعض الوقت فقد مللتهم وملوني وهم ينتظرون الوقت للخلاص مني وأنا كذلك وقلت لنفسي أرتمي في أحضان اخوتي وأحبابي من غير رجال القانون ولو لحظات أروح فيها نفسي المكلومة بظلم الظالمين وقيود المتحكمين وفساد الفاسدين.

تطلعت حولي فلم أجد شيئا يمكن أن يدخل على النفس الراحة والاطمئنان أو العيش في أمان أو حتى مجرد الأمل في أن يكون الغد أقل سوءً من اليوم، هدأت ثورة العطش قليلا لتحل محلها ثورة الجوع حتى رغيف العيش لم يسلم من المفسدين دعك من باقي مستلزمات الطعام فإن الحديث عن توافرها دخل في بند الكماليات أو كما كان يسميه بعض الحاقدين السلع الاستفزازية. لقد صار طعام ةالفقراء العدس والفول والزيت سلع استفزازية وصار منظر رغيف العيش في يد الطفل الجائع يمكن أن يجلب عليه حسد الحاسدين ونقمة بعض المحرومين.

حدث هذا قبل أن نفرغ من أزمة السكن في المقابر والبطالة التي دفعت الشباب للموت على سواحل بلاد الأجانب طلبا لفرص عمل توفر القوت الذي يقيم الأود بعد أن عجزوا عن توفيره في وطنهم، والوطن الذي أعطى للمفسدين المليارات يجمعونها من دمار هذا الشعب المسكين.

تلفت حولي فوجدت ثكالى العبارات والقطارات المحترقة والمساكن المنهارة ينتحبون على الحبيب الضائع والابن المفقود والوالد العاجز من كثرة ما ألم به من الم وضيق فيلف الحبل حول عنقه خلاصا من حياة لا يعرف نهاية لمآسيها وأرملة الفقيد تحسد زوجة المسحوق ظلما في سجون القهر والمحاكم العسكرية على ما هي فيه لأن زوجها ووالد أبنائها لا يزال على قيد الحياة لم تلتهمه أسماك البحر أو نيران الظلم ولم تكتم أنفاسه تحت أنقاض الفساد وركام الرشوة والمحسوبية.

جلت ببصري في المعقل الباقي للناس وهي ما كانوا يسمونه في الماضي دور العدالة فوجدت الظلم يمرح فيها بلا ضابط ولا رابط، ما تكاد تهم بالدخول إليها إلا وتنتابك حالة من اليأس والقنوط والرغبة في العودة من حيث أتيت حتى أنك تقول لنفسك أهذا مكان يمكن أن يتحقق فيه العدل أهذا مكان يمكن أن ينصف قيه مظلوم، إنه لا يصلح حتى لإيواء البهائم إليها فضلا عن البشر، إن أهل هذا المكان إذا كانوا لا يستطيعون تحقيق العدل لأنفسهم بإصلاح أحوالهم ومكان إقامتهم هل يمكن أن يحققوه للناس، إن المثل يقول إن فاقد الشيء لا يعطيه ولهذا فقد الناس العدل حيث كان يجب أن يجدوه ويأس الناس من الإنصاف فشاعت الفوضى وعلم كل إنسان أن حقه هو فقط ما يقتنصه بيده وأصبح المجتمع غابة يأكل فيها القوي الضعيف ويكفي للتأكد من ذلك أن تلقي نظرة على الشارع لتعرف ما إذا كنت في مدينة أم غابة.

حيث جلت وجلت وجلت فلم أجد شيئا يمكن أن يدفعني إلى أن يطمئن قلبي على بلدي ومستقبل أولادي وأحفادي حتى الثروات الطبيعية التي أودعها الله في باطن الأرض واحتفظ بها أجدادنا لنا بددناها وفرطنا فيها وسلمناها لقمة سائغة للعدو قبل الصديق وحرمنا منها أبناؤنا وأحفادنا الذين يسـتمطرون اللعنات علينا وهم يرونها تنساب بين يدي العدو يقوى ويمرح بها وهم محرومون منها.

ترى أخي ماذا ستقول لابنك وحفيدك عندما يسألك أليست إسرائيل هي عدو العرب الأول ؟ فإذا كانت كذلك يا جدي فلماذا كنتم تمدونها بأسباب القوة ووسائل الحياة؟ ألم يصل إلى علمكم أن العدو ليس له إلا السيف يرهبه ويرغمه على الفرار ؟ لم نسمع في الدنيا بلد حر يمد عدوه بأسباب البقاء إلا إذا كان خاضعا ضعيفا ذليلا لا يملك من أمره شيئا فإن لم تكونوا كذلك وتدعون أنكم أحرار فما الذي دفعكم إلى ذلك ؟ هل تقولون لهم الحقيقة وهو أن ما دفعكم إلى ذلك هو حب الحكم والرغبة في استمرار الابن والأحفاد فيه ولو على حساب الشعب والعزة والكرامة.

اخوتي ما معنى الحياة بدون كرامة ولا عزة ولا حرية ؟ أليس الموت وقوفا خير من الحياة مطأطئ الرأس فاقدي العزة والكرامة.

قولوا لي يا سدنه القانون هل سمع أحد منكم عن اتفاقية تجارية بند الأسعار فيها سري حتى على مجلس الشعب الذي يناقش الاتفاقية ؟ وإذا كان هذا البند سري لا يجب أن يعلم به إلا م قام بالتوقيع على الاتفاقية فما الذي يضمن لنا أن يكون هناك ثمن أصلا وأن المسألة لا تعد أن تكون استيلاء واغتصابا أو حتى ثمن رمزي تافه وهو ما يقوله البعض ؟ أخواني إنهم يحتقرونكم فلماذا تقبلون ذلك ويسـتهزئون بكم ويستخفون بعقولكم فما سبب ذلك ؟ السبب هو علمهم أنكم ضعفاء لا حيلة لكم وخائفون لا إرادة لكم الأمن المركزي من أمامكم ومباحث أمن الدولة من خلفكم وأنتم بينهم مثل الأيتام في مأدبة اللأم, مع أنكم أقوياء لولا تفرقكم وشجعان لولا حرصكم, يندسون بينكم لإشاعة الفرق بينكم حتى يتمكنوا من السيطرة عليكم وهم ألان بيننا يستمعون إلينا ويستقطبون نفرا منا للعمل معهم فلا تخافوا لأنهم اضعف منكم وهم يستقون بصاحب السلطة وهو يستقوي بهم فإذا تجمعتم وطردتم الخوف من قلوبكم فروا وفر من يستقون بهم أمامكم فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون.

يا حكام مصر، إن الشعب قد بعث لكم برسالة أرجو أن تستوعبوها يقول لكم فيها، إن المارد قد يخرج من القمقم، وأن المريض قد بدأ يتعافى, وأن الجسد الهامد قد دبت فيه الحياة، وإن الغد لن يكون إنشاء الله مثل الأمس وهل كان أحد يصدق منذ ثلاث سنوات أن ما يحدث الآن بمكن أن يحدث.

إخواني أبناء شعب مصر لتكن لكم أسوة حسنة في شعب باكستان الشقيق الذي استطاع أخيرا تحقيق الديموقراطية وإجبار الحاكم الطاغية على إجراء انتخابات حرة نزيهة ورحم الله السيدة الشهيدة بناظير بوتو التي قامت قبل استشهادها بتسيير المظاهرة التي وعدت بها والتي وصفتها بأن السجون لن تستوعبها، فهل آن الأوان يا أخوتي لأن تقولوا لحكامكم إنه إذا لم ينصلح حالكم سنسير مظاهرة تعجز قواتكم عن قمعها والسيطرة عليها.

ويا قضاة مصر لتكن لكم أسوة حسنة في قضاة المحكمة العليا في باكستان الذين وقفوا مع الحق وإلى جوار الشعب فأنصفهم الشعب في النهاية من عسف الحاكم الظالم.

وأخيرا اذكر إخواني بقول الرسول الكريم إن خير الشهداء حمزة ورجل جاء إلى حاكم ظالم فأمره ونهاه فقتله والسلام على من فضل الموت واقفا شامخا على الحياة ذليلا صاغرا.