د صفوت حسين يكتب :الكتالوج فيه "إسقاط جنسية"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د صفوت حسين يكتب :الكتالوج فيه "إسقاط جنسية"


الاثنين,20 أكتوبر 2014

د صفوت حسين

كفر الشيخ اون لاين | خاص

يبدوا أن الانقلاب ومؤيديه وحوارييه ومنظريه قد سيطرت عليهم فكرة تشبيه السيسى بعبد الناصر فعملوا جاهدين على استنساخ التجربة الناصرية بكل مكوناتها فى مجال القمع والاستبداد،والسير على الكتالوج الذى وضعه عبدا لناصر فى هذا الصدد وإن كان بصورة تفوق تجربة مصر كما وكيفا لقد ضرب الانقلاب الرقم القياسى فى القمع والمذابح التى ارتكبها،والتى لن يتورع عن ارتكاب المزيد منها فى محاولاته اليائسة لتثبيت أركانه بالرغم من أن تجربة الشهور الثمانية الماضية أثبتت بما لايدع مجالا للشك أن منطق وغطرسة القوة المادية التى يمتلكها لم تحقق له الاستقرار المنشود،ولم توهن من عزيمة مناهضى الانقلاب،أوتفت فى عضدهم،أو تدفع بهم الى اليأس والإحباط وبما أن الانقلاب يسير على نفس كتالوج عبد الناصر بحذافيره وبما أن الكتالوج يتضمن إسقاط الجنسية فقد انهالت دعاوى إسقاط الجنسية أمام القضاء الإدارى مع الأخذ فى الاعتبار تغير الأحوال والظروف والإخراج،وإذا كان مصر قد لجأ الى المحاكم الخاصة والاستثنائية بعيدا عن القضاء العادى،وكذلك إصدار قرار من مجلس قيادة الثورة بإسقاط الجنسية فإن الانقلاب لم يكن بحاجة الى هذه الوسائل المباشرة والسافرة فقد تكفل القضاء والمواطنون الشرفاء بهذا الأمر وفقا لمقولة السادات الشهيرة "كله بالقانون" ووفقا لنظريته الأشهر "أن للديمقراطية أنياب"

ونتوقف تحديدا عند موضوع إسقاط الجنسية فقد اتخذ مجلس قيادة ثورة يوليو قرارا وحيدا فى 23/ 9 / 1954 بإسقاط الجنسية عن ستة من المصريين وهم محمود أبو الفتوح وعبد الحكيم عابدين وسعيد رمضان وسعدالدين الوليلى ومحمد جويفيل وكامل شريف،وقد اتهمهم القرار بخيانة الوطن "وذلك بالدأب على الإساءة الى سمعة البلاد واقتصادياتها والحط من كرامته ومحاولة إيجاد شقاق بين جمهورية مصر وشقيقاتها العربية"

وجميع الذين أسقطت عنهم الجنسية من الإخوان ماعدا محمود أبو الفتح الوفدى صاحب جريدة المصرى،وكلهم كانوا خارج مصر عندما أُسقطت عنهم الجنسية وقد رفض محمد نجيب التوقيع على القرار وطالب بعقد مجلس قيادة الثورة للنظر فى هذا القرار نظرا لتغيب ستة من أعضاء المجلس يشكلون الأغلبية فى الوقت الذى صدر فيه القرار،ولأن قرار الحرمان من الجنسية يعادل الموت ومادام لم يصدر من محكمة فلا أقل من عقد المجلس كاملا للفصل فيه،ولكن اعتراض محمد نجيب لم يكن له قيمة حيث لم يكن يملك من الأمر شيء فى ذلك الوقت

لقد جاء هذا القرار بعد أن تمكن مصر من التخلص من جميع معارضيه باستثناء الإخوان بعد أزمة مارس 1954،وبعد أن ساد له الأمر،وأصبح محمد نجيب رئيس الجمهورية بدون أى صلاحيات،ولم يتبق له لفرض سلطته المطلقة إلا التخلص من الإخوان الذين دخل معهم فى صدام مكشوف خاصة بعد توقيع عبد الناصر على اتفاقية الجلاء مع الانجليز ومعارضة الإخوان لها،وقد دفع هذا الصدام الى خروج بعض كبار الإخوان المصريين الى الخارج وبصفة خاصة سوريا التى كانت ملاذا للإخوان حيث كان يوجد بها أقوى تنظيم لهم خارج مصر بالإضافة الى ماكانت تتمتع به سوريا من حريات فى تلك الفترة،ورفض الشعب السورى للحكم العسكرى بعدما عانت سوريا منه نتيجة للانقلابات العسكرية العديدة التى شهدتها

لذلك كان إخوان سوريا من قادوا المعارضة لمصر،وقد أدى نشاطهم الى توتر العلاقات بين مصر وسوريا،وبالرغم من إسقاط الجنسية عن خمسة من الإخوان فلم تتوقف السلطات المصرية عن مطارداتهم بالخارج،ومارست ضغوطا على الحكومة السورية حيث كان يتواجد ثلاثة من الإخوان الذين اُسقطت جنسياتهم وهم سعيد رمضان وعبد الحكيم عابدين وسعد الدين الو ليلى لعدم منحهم حق اللجوء السياسى،وبالرغم من أن سوريا لم تستجب للطلب المصرى واعتبرتهم لاجئين سياسيين،ومنحتهم حق الإقامة إلا أن السلطات المصرية تدخلت لدى سوريا عقب المظاهرات الصاخبة التى نظمها إخوان سوريا عقب حادث المنشية وما أعقبه من اعتقال ومطا رادات للإخوان لتطالبها بطرد اللاجئين الثلاثة الذين اتهمتهم بتنظيم المظاهرات حفاظا على العلاقات بين البلدين،وهو الأمر الذى نفاه مصطفى السباعى المراقب العام للإخوان بسوريا الذى أبدى اندهاشه من موقف الحكومة المصرية التى أسقطت عنهم الجنسية ثم تلاحقهم بعد أن اعتبرتهم غير مصريين،وأسقطت كل حق لها فى مطاردتهم وقد أصدر السادات بعد توليه الحكم قرارا بالعفو العام عن جميع من صدرت عليهم أحكام،وسمح لهم بالعودة لأرض الوطن،وقد عاد عبد الحكيم عابدين الى مصر عام 1975 بعد أن قضى عشرين عاما فى المنفى متنقلا بين العديد من الدول العربية،وقد توفى عام 1977، أما سعيد رمضان فقد استقر فى جنيف وقد توفى عام 1995 بعد حياة حافلة بالنشاط الدعوى وقد دفن جثمانه بمصروماتزال أسرته تقيم بسويسرا حتى الآن، أما كامل الشريف فقد استقر فى الأردن وقد تولى العديد من المناصب منها وزير الأوقاف،وسفيرا للأردن فى عدد من الدول،وعضوا بمجلس الأعيان بالإضافة الى نشاطاته فى مجال العمل الإسلامى، ومن مؤلفاته "الإخوان المسلمون في حرب فلسطين»، و«المقاومة السرية في قناة السويس وقد توفى عام 2008 ودفن بالأردن، أما محمد نجيب جويفيل فقد أتهم من جانب إخوان سوريا بزرع الفتنة والشقاق،وقد جندته المخابرات المصرية،وشخصيته بصفة عامة مثيرة للجدل،ويحتاج الدور الذى قام به للمزيد من البحث والدراسة، أما الصحفى محمود أبوالفتح الذى كان من مؤيدى الثورة ولكنه وقف الى جانب الديمقراطية فى أزمة مارس فانقلب عليه عبد الناصر فقد حكمت عليه محكمة الثورة غيابيا بالسجن عشر سنوات ومصادرة أمواله وغلق جريدة المصرى حيث كان خارج مصر فى جنيف،وقد توفى هناك عام 1958 ولم تتمكن أسرته من دفنه بمصر،وقد تم دفنه فى تونس حيث أقام الرئيس التونسى الراحل الحبيب بورقيبة جنازة رسمية تكريما له،وقد منح الرئيس السادات اسم محمود أبوا لفتح أحد الأوسمة فى الاحتفال بعيد الصحافة وإذا عدنا بعد هذا العرض التاريخى الموجز للوضع الآن نجد العديد من القضايا التى رفعها المواطنون الشرفاء أمام محاكم القضاء الإدارى للمطالبة بإسقاط الجنسية عن العديد من الشخصيات المصرية من مختلف الاتجاهات من ليبراليين وإخوان وإعلاميين وانقلابيين(رفعت قضية تطالب بإسقاط الجنسية عن عدلى منصور والسيسى) ونظام سابق وهذه القضايا لايجب التعامل معها باستخفاف أولامبالاة خاصة فى ظل الانقلاب والسرعة الصاروخية لبلاغات وقضايا المواطنين الشرفاء وراغبى الشهرة،والأحكام السريعة التى يحصلون عليها وآخرها اعتبار حماس منظمة إرهابية بناء على قضية رفعها أحد المحامين الشرفاء الذى لايتوقف عن تقديم البلاغات ورفع القضايا ليل نهار!!!!

وقد أعطى قانون الجنسية مجلس الوزراء الحق فى إسقاط الجنسية بناء على قرار مسبب وقد حدد القانون (المادة 16) عشر حالات تجيز لمجلس الوزراء إسقاط الجنسية،وأخطر حالاتين من هذه الحالات التى أوردها القانون هى الحالة الأولى والتاسعة وتتعلق الحالة الأولى بدخول أى مصرى فى جنسية أجنبية على خلاف المادة (10) من القانون والتى لاتجيز لمصرى الحصول على جنسية دولة أجنبية إلا بقرار من وزير الداخلية وإلا ظل معتبرا مصريا مالم يسقط مجلس الوزراء الجنسية المصرية عنه،وفى حالة الحصول على إذن بالتجنس يفقد جنسيته المصرية إلا اذا تضمن الإذن احتفاظه وزوجته وأولاده القصر بالجنسية المصرية الى جانب الجنسية الأجنبية على أن يعلن عن رغبته تلك فى إفادة خلال مدة لاتزيد عن سنة من خلال اكتسابه الجنسية الأجنبية أما الحالة التاسعة فتتعلق "..الإضرار بمركز مصر الحربى أو الدبلوماسى أوالاقتصادى أوالمساس بأية مصلحة قومية أخرى"

وبالرغم من أن القانون أعطى مجلس الوزراء حق إسقاط الجنسية فى حالات محددة إلا أن المجلس لم يتخذ أى قرار بإسقاط الجنسية ضد أيا من معارضى الانقلاب بعد أن سارع المواطنون الشرفاء وبعض راغبى الشهرة للقيام بهذه المهمة عبر القضاء الشامخ وبالتأكيد أن المستهدف سيكون معارضى الانقلاب وليس عدلى منصور أوالسيسى ويبدوا من الحالة الأولى لإسقاط الجنسية أنها تنطبق على كثير من المصريين الذين حصلوا على جنسيات أجنبية دون أن يهتموا بالحصول على إذن الداخلية ،وعلى أساس عدم قيام مجلس الوزراء بتفعيل هذا النص من قبل ومن الممكن استغلال هذا النص ضد مناهضى الانقلاب ممن يحملون جنسيات أجنبية أما الحالة التاسعة فتحمل عبارات مطاطة لايعرف أولها من آخرها،وهى كفيلة بالقضاء على المشكلة السكانية لأنها يمكن أن تؤدى الى إسقاط الجنسية عن الملايين من المناهضين للانقلاب!!!

إن من العبث الحديث عن الإجراءات القانونية أو التساؤل عن المصلحة المباشرة لرافعى الدعوى،أوعدم تقدمهم بطلب الى وزارة الداخلية قبل الشروع فى رفع الدعوى لأن كل هذه الدفوع وغيرها لامجال لها فى ظل الانقلاب خاصة فى ظل الأحكام الصادمة التى تلاحقنا من حين لأخر،والتى تؤكد عبثية المشهد وتنبىء عما قد يحدث غدا

ملحوظة: نشرت هذا المقال في شهر مارس الماضي ويبدوا أن القضاء لم يقم بالدور المطلوب منه في هذا الصدد فأقدم محلب علي إصدار قرار في 15/10/2014 تضمن :. "الموافقة على إسقاط الجنسية المصرية عن السيد/هشام محمد أحمد الطيب، وذلك لاقامته الدائمة خارج البلاد وارتباطة بإحدى الهيئات الأجنبية التى تعمل على تفويض النظام الاجتماعى والاقتصادي للدولة"

وهو قرار قد يكون مقدمة لقرارات أخري ضد مناهضي الانقلاب والمعارضين بصفة عامة

د صفوت حسين

كاتب ومحلل سياسي

المصدر