حسن القباني يكتب: ثورة 25 يناير .. الأهداف والمكتسبات معاً !

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حسن القباني يكتب: ثورة 25 يناير .. الأهداف والمكتسبات معاً !


بتاريخ : الاثنين 22 ديسمبر 2014

نطالع بين الحين والآخر ملامح ضباب رؤية حول ثورة 25 يناير ، خاصة في جانب العائدين من سهرة 30 يونيو الحمراء ، أو المتطالعين لاصطفاف هش وسريع بين شركاء الميدان القدامي ، أو حتي من المتلاعبين باسمها في معسكر الانقلاب الذين يحاولون صك بقاءهم المعيب والخاطيء باللعب علي اوتارها ، وهنا لنا وقفة ضبط بوصلة الوعي الثوري ، حتى لا ندور في حلقة مفرغة ويسحبنا مجتهدا نبيلا أو متحاملا خبيثا او مجرما أخبث في نفق مظلم .

انطلقت شرارة 25 يناير ، بناء علي موجات احتجاج تراكمية طالت لعقود وجذرت معها بذور الثورة في التربة المصرية ، سواء عبر النضال الطلابي أو السياسي أو الديني أو القومي العروبي الاسلامي ، وكل المصريين المخلصين شاركوا في ذلك بنسب متفاوتة حسب الأوزان وفي القلب منهم جماعة الاخوان المسلمين التي قامت علي اكتافها الميدانية وبحضورها السياسي تجمعات نضالية عدة ككفاية والجمعية الوطنية للتغيير .

وفي هذه العقود اتضحت أهداف للشعب المصري ، ولخصها الحراك الينايري الوليد بارادات شبابية فولاذية في شعارات اربع "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية"، وهذا يدحض كلية سرقة فصيل للثورة .

والا اتهم هذا الفصيل الجميع بسرقة نضاله التأسيسي للثورة بذات الطريقة. ولقد ارتقي شهداء ابرار مع الانطلاقة الاولى، فانضم مطلب القصاص للاهداف الاربعة ، ومع استمرار الحراك المقاوم لدولة الفساد العميقة ، بعد مغادرة الميدان في 11 فبرير 2011.

وصولا الي الانطلاقة الكبري لثورة 25 يناير ردا علي الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 ، تعزز مطلب القصاص وتجذر ليكون البند الخامس للأهداف إن لم يكن الأول لدى البعض .

وذلك بما كسبت أيدي الانقلابيين الارهابيين المجرمين من دماء حرام وبما ارتكب مجازر ومحارق وكوراث بشرية لا مثيل لها في التاريخ المصري الحديث.

ومع استمرار المسار الثوري ظهر هدفين جديدين ، وهما الاستقلال الوطني الكامل والهوية الاسلامية الحضارية لمصر، بعدما ظهر للجميع العداء السافر للحلف الصهيوني الامريكي لثورات الربيع العربي وفي القلب منها مصر ،.

ورغبته في استمرار عهود التبعية والتغريب والعلمنة، فظهرت فاعليات حاضنة لهذين الهدفين ، وشعارات : لا تحكمنا امريكا ، لن تركع امة قائدها محمد "صلي الله عليه وسلم"، وكتب الكثيريون في التنظير للهدفين والتأطير لهم ، ومنهم د.رفيق حبيب وآخرين .

وتدخل بعدهم العالم الجليل الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي لتصحيح مفهوم الهوية ، فيما يرى البعض أن الهدفين يمكن ادخالهما في معركة الحرية ، اذ لا حرية بدون هوية ولا هوية بدون حرية ولا هوية ولاحرية بدون استقلال.

ومن رحم الأهداف الخامسة الاوائل محل الاجماع الثوري حتي تاريخه ، حاول الثوار اقرارها كل بطريقته بعد اسقاط المخلوع مبارك ، فمنهم من رأي استمرار المسار الثوري ومنهم راي اتخاذ مسارا دستوريا بجانب المسار الثوري، لتوفير شرعية دستورية لثورة 25 يناير تحول دون القفز عليها من دولة الفساد العميقة ، ومن هنا تحققت مكتسبات عديدة لثورة 25 يناير قبل الانقلاب ، نعتبرها مع الاهداف جناحي الثورة ، ولا يجوز لطائر ان يطير بجناح واحد إن كتب له البقاء حيا حال فقده الجناح الآخر.

وهنا فمحاولات الفصل التام بين المكتسبات وبين الاهداف هو فصل لجسد ثورة 25 يناير ، ومحاولات ابراز الاهداف علي حساب المكتسبات هي محاولات طائشة غير واعية تضرب في صميم الثورة ، ومحاولات تجميد المكتسبات لصالح اعلاء الاهداف هو اغتيال مباشر للأهداف التي قامت ثورة 25 يناير من أجلها، ولاول مرة في مصر يقف طلاب الحرية في مربع الشرعية وتقف دولة العسكر الفاشية في مربع عدم الشرعية وهو المكسب الأهم الذي وثق دستوريا وتاريخيا.

إن استحضار فوبيا الاخوان او فزاعة التيار الاسلامي في هذه المشهد ، للزعم بان كل مكتسبات ثورة 25 يناير من المسار الديمقراطي الدستوري ، ذهبت للتيار الاسلامي وفي القلب منه الإخوان المسلمين ، وبالتالي يجب تجميدها ، هو انقلاب بوجه آخر علي ثورة 25 يناير ، فما الارادة الشعبية الحرة النزيهة التي تجسدت في 5 استحقاقات انتخابية الا اصل اصيل من هدف الثورة الثاني : الحرية ، والعبث به هو عبث بأهداف الثورة جميعا.

ومن أعجب ما سمعنا ، هو التنظير غير الثوري الصادر من بعض الناطقين العائدين من سهرة 30 يونيو ، عندما يقول أحدهم بعد تفكر وتدبر أن الانقلاب العسكري هو انقلاب علي ثورة 25 يناير وأهدافها ويصمت ، أو يختصر ويقول هو انقلاب علي ثورة 25 يناير ، ثم يزيد سطرا من الشعر الحلمنتشي فيقول : وليس انقلاب على حكم الاخوان !

أو الشرعية الدستورية ، ويجد صعوبة نفسية في نطق اسم التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب ، وهو بذلك يضرب الثورة في مقتل بسبب خصومة فكرية محلها الغرف المغلقة او الصناديق الشفافة .

إن من حق الجميع الاختلاف علي المسار الاصلاحي الذي انتهجته جماعة الإخوان المسلمين في المسار التشريعي عقب فوزها وحزبها السياسي باكثرية برلمانية أو الذي انتهجه الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية والذي – للعلم - قدم استقالته من الجماعة وحزبها عقب فوزه ،في التعامل مع مؤسسات دولة الفساد العميقة ، ولكن غير مبرر ولا مفهوم أن يختلف أحد على المسار الديمقراطي الدستوري وافرازته،

لحسم اليات ادارة المشهد السياسي بعد الثورة ، مهما كانت ملاحظاته على الاداء او اقتراحاته الحالية للمستقبل ، فالنتائج ملك الوطن والشعب هو صاحب القرار ومصدر السلطات.

إن الشرعية الدستورية قرار شعبي اصيل ومكتسب ثوري جذري لثورة 25 يناير يجسد أهداف العيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية ،وهي ملك للشعب وللوطن وملزمة للدولة ، وليست مسئولية حصرية لفصيل أو حركة أو جماعة ، وبالتالي فعزلها عن ثورة 25 يناير هو اقرار ضمني بالانقلاب الذي تم ضد ثورة 25 يناير .. الاهداف والمكتسبات معاً!.

المكتسبات ليس في الشرعية الدستورية التي افرزت رئيسا منتخبا وبرلمانا شعبيا ودستورا حاز علي اعلى نسبة توافق شعبي ، ولكن في امتلاك الارادة التي مكنت الاحرار من استكمال ثورة 25 يناير في احلك الظروف بينما اعداء الثورة يطلقون بيان الموت الأول في 3 يوليو الاسود، الارادة التي مكنت المصريون للمرة الاولي في تقرير بعض الانجازات الثورية علي مدار 4 سنوات ولو حتي انجازات جزئية تصب تراكميا في الانجاز الأكبر المترقب بدحر الانقلاب وهدم دولة الفساد العميقة واتمام الثورة واقرار اهدافها واستكمال متكسباتها.

وقد يقول قائل :ان المكتسبات قد تعيد بعض المشاركين في الانقلاب لواجهة القرار مثل حزب الزور في البرلمان ، وقد تعطي العسكر غطاء ببنودهم في دستور مصر الاصلي الصادر في 2012 ، ونقول نزع "الدمل" من جسد انسان ، لا يعني نزع الجسد كله، وتطهير ثوب ليس مدعاة لحرقه أو تمزيقه ، وفي الطاولات تضبط المسائل بما لا يخالف الثوابت الثورية وبمزيد من الافكار الابداعية التطهيرية المبصرة.

الأمر الخطير ، ايضا ً في المشهد ، هو محاولات البعض لتصفير وتخطى حراك 25 يناير ضد الانقلاب ، لبدء تدشين ثورة جديدة ، وهو ما فشل وسيفشل باذن االله عزوجل في أي محطة جديدة ، لأن محاولات تأسيس ثورة جديدة، لا انطلاقات جديدة، لثورة واحدة مستمرة أطلقت أولى طلقات مخاضها في 25 يناير 2011، مدعاة كي تأخذ الثورة مسارا معبرا عن الواقع وعن التضحيات برأي البعض ، حتى لا يصب ذلك العبث في تقنين الانقلاب ومسارات التبعية والهيمنة .

إن ثورة 25 يناير لها ثوابتها تمكن في اهدافها ومكتسباتها معا ، وأي تفاصيل لا تعبث بشكل او بآخر بالثوابت وتكاملها ، محلها طاولة النقاش والتدوال الثوري ، أما تضيع الوقت في اللف والدوران والانحراف عن المسار .

وصك مصطلحات لا تسمن ولا تغني من جوع لزيادة التدليس ، لن يزيد المتأخرين الا تأخرا ولن يزيد السابقين الا تقدما وثباتا وساعتها سيندم فلاسفة النكسة وفي مقدمتهم "الهيكل العظمي الناطق"!. ------------------ *منسق حركة صحفيون من اجل الاصلاح

المصدر