حازم غراب يكتب: أخطاء الإخوان الخمسة: (٥) عالميون أو أمميون

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حازم غراب يكتب: أخطاء الإخوان الخمسة: (٥) عالميون أو أمميون


بتاريخ : السبت 26 اكتوبر 2013

هذه العالمية أو الأممية التي ينفرد بها الإخوان كتنظيم إسلامي حركي شامل، تشعل الحرب الصريحة عليهم منذ النشأة أو بعدها بسنوات قليلة.

بدأ المحتل البريطاني الحرب على الإخوان في مصر إثر ضرباتهم الموجعة لمعسكرات الإنجليز في مدن القناة. ثم لحق الأمريكان بالإنجليز أو حلوا محلهم إلى اليوم، لحماية العصابات الصهيونية التي تحتل فلسطين.

وشهدنا في منتصف القرن الماضي انضمام السوفييت إلى معاداة ومحاربة الإخوان؛ فالإسلام الحركي الأممي كان حائط صد صلباً في مواجهة المد الشيوعي.

بعض إن لم يكن معظم حكام ونظم بلادنا العربية والإسلامية ممن ساندهم أو صنعهم الغرب والسوفييت والصهاينة ناصبوا الإخوان العداء، وتحولت بعض تلك النظم أحياناً إلى أدوات ووكلاء للغرب في التصدي للإخوان.

عالمية أو أممية حركة الإخوان ليست اختيارا أيديولوجياً، لكنها أصل من أصول الدين الإسلامي.

وتتجسد هذه العالمية بشكل صريح في العبادات وعلى رأسها الحج والعمرة.

ولعل بذرة التنظيم الدولي نبتت في أول رحلة حج إخوانية.

وتترجم العالمية الإسلامية ومن ثم الإخوانية رمزياً في الصلوات التي يتجه فيها المسلمون من كل حدب وصوب نحو الكعبة.

من يكرمه الله تعالى بالحج يذق حلاوة عالمية الدين الإسلامي عندما يجد نفسه في مؤتمر دولي سنوي وسط إخوانه من كافة القوميات والأعراق والألوان.

رابطة ومعاني العالمية الإسلامية تتلى آياتها ودعواتها بصيغة الجمع في سورة الفاتحة سبعة عشرة مرة على الأقل في اليوم والليلة.

وليست صدفة أن محمداً صلى الله عليه وسلم أحاطه الله تعالى في بداية الدعوة بصهيب الرومي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي.

كل ما فعله الإخوان من زمن المؤسس حسن البنا رحمه الله هو استعادة الحركية الدعوية في هذا الدين العالمي، ووصل ما انقطع منها على أيادي الاستعمار الغربي وعملائه في الأمة الإسلامية.

عالمية الإخوان هي التي جعلتهم يهبون لنجدة فلسطين والجزائر وتونس والمغرب وأفغانستان ضد الاحتلال الصهيوني والفرنسي والسوفييتي.

هذه العالمية أو الأممية هي ما دفعت الإخوان للمشاركة الإغاثية في إنقاذ ضحايا الصرب والروس في البوسنة والهرسك، ونجدة الصومال من كارثة المجاعة.

قصر نظر وعنصرية القوميين العرب ألَّبا وأغضبا النظم العربية على كثيرين من المسلمين ذوي الأصول الفارسية والكردية والتركمانية والأمازيغية والنوبية، وغيرهم من الأعراق.

لم يحسن القومجية العرب، سواء كانوا بعثيين أو ناصريين، معاملة شركائنا من القوميات غير العربية في الوطن العربي.

أقصى ما زعمه القومجية هو ادعاؤهم أن الوحدة العربية مقدمة للوحدة الإسلامية. وكذَّبت أفعالهم أقوالهم في العراق وسوريا ومعظم بلاد المغرب العربي ومصر أيضاً.

لا أنسى عندما زرت العراق أول مرة عام 1983؛ فقد طالبني مكتب تسجيل تابع للداخلية بذكر العِرق أو القومية التي أنتمي إليها.

ولما كان الأمر غريباً عليَّ سألني الضابط صراحة: هل أنت كردي مثلاً أو تركماني؟ وكأن الانتماء لإحدى هاتين القوميتين يضع المرء موضع شك وريبة.

وحدهم استطاع الإخوان إعادة الانصهار واللحمة بين كل الأعراق في الحركة ذات الطابع الأممي. العالمية أو الأممية الإخوانية تضيف قوةً ومدداً إلى قضايا العرب، ولا تخصم منهم.

انظروا إلى طرد الثورة الإيرانية سفارة الصهاينة من إيران وإحلال سفارة فلسطين محلها، لاحظوا الملايين التي تخرج في جاكرتا مثلاً من الإندونيسيين لتأييد الفلسطينيين أو للاحتجاج على احتلال أميركا العراق.

ومن التدليس القومجي الزعم بأن المسلم المصري يفضل أو يحابي المسلم الباكستاني أو الكردي على حساب المصريين مسلمين أو مسيحيين. أحاديث نبوية كثيرة تؤكد معاني مثل: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، و"من آذى ذمياً فقد آذاني" و"الأقربون أولى بالمعروف"، وأوصى صلى الله عليه وسلم بالجار وأوجب له حقوقاً، حتى قال بعض الصحابة إن النبي أوشك أن يورِّث الجار.

الأممية أو العالمية التي يتهم بها العلمانيون وأذناب الانقلاب الإخوان، طبقتها بشكل أو آخر في السابق الأحزاب الشيوعية والاشتراكية.

الكيان الأممي الذي كان يطلق عليه "الاشتراكية الدولية" لا يزال موجوداً وإن كان في النزع الأخير منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين.

لماذا يصمت الشيوعيون والاشتراكيون المصريون عن تلك الأممية الغربية المصطنعة الغاربة ولا يذكرونها بسوء؟ لماذا تغيظهم أممية الإخوان وتثير أحقادهم وتحريضهم هذه الحركة الاسلامية الأصيلة؟

المصدر