بين الثورة الإيرانية ومصالح الغرب.. “الإخوان المسلمون” في الإعلام الدولي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
بين الثورة الإيرانية ومصالح الغرب.. "الإخوان المسلمون" في الإعلام الدولي


حملات التشويه والشيط.jpg

أحمد يونس

(27 يناير 2019)

مقدمة

شهدت الفترة القليلة الماضية، تغطيات واسعة للشأن المتعلق بالإخوان المسلمين في الصحافة العالمية، رصد الحراك الأسبوعي ما أكده محلل بريطاني بأن هناك توافقا شبه كامل لدى الغرب على عدم تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية

كما تضمن بحثٌ لـ"بروكينجز" تحليلًا استراتيجيًّا لنظرة الغرب للإخوان المسلمين، منتهيا إلى أن "إرث الثورة الإيرانية ما زال يؤثر في نظرة الغرب لـ"الإخوان"، فيما أوضح مقال بالتايمز أن السيسي أطاح بالإخوان ليجرّ مصر عميقًا إلى ماضيها الاستبدادي.

وكتب المحلل البريطاني هـ.أ. هيلير (H.A. HELLYER) على موقع "المجلس الأطلسي" (Council Atlantic) مقالا، الخميس 24 يناير، تحت عنوان (الثورة المصرية.. ثماني سنوات مضت)، تناول فيه أحداث الثورة المصرية والثورة المضادة، موضحا أن صانعي السياسة الغربيين ينظرون إلى مصر كحائط صد في مواجهة "التطرف الإسلامي"، خصوصا (داعش) والجماعات المسلحة الأخرى التي تهدد الاستقرار داخل المنطقة، والمصالح الغربية

وأدى ذلك إلى استمرار الحكومات الغربية في الدعم العسكري والعلاقات التجارية الأوسع مع السلطة المصرية، ومع ذلك لا تزال هناك خلافات واسعة النطاق بين ما تعتبره القاهرة جماعات إرهابية وما تعتبره معظم العواصم الغربية، بما فيها واشنطن، إرهابًا خاصة عندما يتعلق الأمر بالإخوان المسلمين

مؤكدا أن إدارة ترامب تلاعبت بفكرة حظر الجماعة دوليًّا، ولكنها قلصت هذا الاتجاه بسبب التوافق شبه الكامل على أنه في الوقت الذي يواجه فيه الإخوان إشكاليات لأسباب مختلفة، لكنها لا تدعو لحظر الجماعة أو تحريمها.

مصالح الغرب

يتابع الكاتب:

"يبدو أن معظم الحكومات الغربية تشترك في نفس التقييم، حتى حكومة المملكة المتحدة التي يقودها اليمين والتي أجرت مراجعة لجماعة الإخوان المسلمين، لم تكن راغبة في منع الجماعة، ورغم الخلاف مع القاهرة في هذا الصدد، فإن ذلك لم يؤد إلى انهيار العلاقات.

ويقول:

إنه بعد ثماني سنوات من الثورة، تجد مصر نفسها في وضع مختلف للغاية، مع ظهور المحور التركي القطري مقابل التكتل السعودي الإماراتي المصري، والتوترات العميقة بين معظم دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، وكل هذه العوامل تأخذ الكثير من الاهتمام داخل المؤسسات السياسية الغربية، وهناك من يقول إن استقرار القاهرة ليس أمرا منتهيا، وأن الاستقرار الشامل يتطلب إصلاحات واسعة النطاق، ومع ذلك لا تجد وجهة النظر هذه الكثير من المؤيدين في الغرب، حتى مع وضوح الأزمة!

الثورة الإيرانية و"الإخوان"

وتحت عنوان (ماذا كانت تمثل ثورة إيران عام 1979 بالنسبة للإخوان المسلمين؟)، كتب شادي حامد وشاران جريوال بحثًا نشره معهد "بروكينجز" الأمريكي للدراسات السياسية، الخميس 24 يناير، أشارا فيه إلى أن الثورة الإسلامية الإيرانية شجعت الجماعات الإسلامية السنية، وحفزت أتباعها على التفكير بأن الثورة يمكن أن تكون ممكنة في مكان آخر.

وأوضح البحث أن ثورة إيران بالنسبة للإخوان المسلمين لم تكن نموذجا يحتذى به، ورغم ذلك ما زال إرث تلك الثورة يؤثر في نظرة الغرب إلى الجماعات الإسلامية المعروفة مثل الإخوان المسلمين، بالنظر إلى أن آية الله الخميني ورجال دين شيعة آخرين رأوا أن الحركات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين يمكن أن تكون حلفاء للثورة

وكانت الثورة بحد ذاتها جزءًا من إحياء ديني أوسع نطاقا بإيديولوجية مشتركة لها الأسبقية على الطائفة، وهي "مركزية دور الإسلام في السياسة"، وعندما أعلن الخميني أن "الإسلام كان سياسيًا ولا شيء آخر" أصبح للإسلاميين السنة المزيد من القواسم المشتركة مع الإسلاميين الشيعة.

في المقابل، ومع ترجمة الكثير من أعمال سيد قطب ونشرها بالفارسية- كما يشير يوسف أونال- "كان قطب شخصية مؤثرة بين الثوريين الإيرانيين"، حيث لعبت أفكاره دورًا فعالًا في صياغة خطاب الإسلام في إيران ما قبل الثورة.

وذهب الباحثان إلى أن هذا "الغزل" لم يدم طويلاً، إذ بدأ الإسلاميون السنّة، على وجه العموم تقريبا، يتأذون من التجربة الإيرانية، وبحلول عام 1984 بدأ راشد الغنوشي، الذي كان سابقا عضوا في جمعية طلابية يترأسها طالب شيعي، ينتقد آيات الله "لتصوير أنفسهم كما لو كانوا حائزين للحقيقة المطلقة، وكما لو أنهم فهموا فقط رسالة الإسلام، وكما لو كانت ثورتهم هي الطريقة الشرعية الوحيدة للتغيير"، بحسب قول عزام التميمي.

واستعرض الباحثان تجربة الإخوان المسلمين البرلمانية في مصر منذ 1984 وحتى 2012، كمؤشر على أن الحركات الإسلامية السنية تدعو إلى التحول الديمقراطي التدريجي من خلال الانتخابات، بعكس السلطوية الإيرانية ونموذجها للتغيير الثوري الذي أصبح غير مريح بالنسبة للإسلاميين السنة، في الوقت الذي كانت فيه السلطات الرسمية تتخذ من التشهير بإيران ذريعة لإظهار أن الهدف الحقيقي لجماعة الإخوان هو الثورة الشاملة بدلاً من الإصلاح التدريجي.

وتناول الكاتبان موقف الغرب من انتخابات الجزائر عام 1992، عندما كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على وشك الفوز في الانتخابات البرلمانية، حيث ألغى الجيش- بدعم من الولايات المتحدة- الانتخابات وحل الحزب، مما أثار حربًا أهلية دامت عقدًا من الزمان. كذلك في عام 2006، بعد أن اجتاحت حماس الانتخابات البرلمانية في غزة

رفضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الاعتراف بانتصارها وقرروا فرض عقوبات على غزة، وكان ذلك بمثابة تذكير آخر بأن الولايات المتحدة لن تسمح للإسلاميين بتولي السلطة، ومن ثم ركز الإسلاميون في أماكن أخرى على أنهم لا يريدون ثورة على الطراز الإيراني.

وعلى الرغم من هذا الانتقاد لإيران، لا تزال الحركات الإسلامية السنية موسومة لدى الغرب بإرث الثورة الإيرانية، إذ يواصل كبار صناع السياسة في الولايات المتحدة رسم جميع الإسلاميين، السنة والشيعة، بفرشاة عريضة، وكأنهم "كلهم يسبحون في البحر نفسه"، على حد قول الباحثين.

السيسي والإخوان

ونشرت صحيفة "تايمز" مقالًا للكاتب ريتشارد سبنسر، السبت 26 يناير، قال فيه:

إن السيسي زعم عندما استولى على السلطة في 2013 أنه يريد حماية مكتسبات ثورة يناير من الإخوان المسلمين، وهو ما دفع بالمراقبين الأجانب آنذاك إلى وصف انقلاب السيسي بأنه "ثورة ثانية"، موضحا أن السيسي دمر الإخوان المسلمين وقضى على أي معارضة سياسية في الداخل

وشجع الإعلام على الترويج لـ"عبادة الفرد"، وظل يصف نفسه بأنه "الأول والآخر"، ووضع سلطات أوسع في يد الدولة والشركات التي يديرها الجيش، ويُتوقع حاليا أن يغيّر الدستور ليبقى في السلطة مدى الحياة، وأكد أن التاريخ قد نكص على عقبيه، وأن السيسي يجرّ حاليا البلاد عميقًا إلى ماضيها الاستبدادي.

وأضاف الكاتب أن ثورة ميدان التحرير عام 2011 إذا كانت تاريخية، لكن مجريات الأحداث منذ الانقلاب لم تقنع أحدا، ومن قال إن انقلاب السيسي هو عودة لحكم العسكر لم يكن خاطئا، مشيرا إلى أن المنطقة من السعودية إلى سوريا- وبمساعدة البيت الأبيض- تشهد بعثا للحكم الاستبدادي الذي ثار الربيع العربي عليه.

وبيّن أن موقف أمريكا سيسهم في سحق الإسلاميين، لكن ذلك سيكون على المدى القصير فقط، وأن فكرة أن هذا السحق ستقود إلى تبني المنطقة فكرًا غربيًّا ما هي إلا أحلام يقظة.

الانفجار الثاني

وتحت عنوان (هل سيؤدي الفساد والقمع إلى ربيع عربي جديد؟)، نشرت "الجاريان" تقريرا مساء السبت 26 يناير، تناولت فيه احتجاجات السودان، مشيرة إلى أن لدى السودان الكثير من القواسم المشتركة مع الدول العربية الأخرى، وأن الأسابيع الأخيرة شهدت احتجاجات في الجزائر والعراق والأردن ولبنان و[تونس] وليبيا والمغرب، مع تزايد فشل الحكومات في تلبية تطلعات المواطنين.

وقالت:

إن الحديث عن التجديد الديمقراطي في سوريا واليمن سابق لأوانه، حيث أدت محاولات مواطني هذه الدول لإزاحة الأنظمة الاستبداية الراسخة إلى حروب أهلية مدمرة. وفي ليبيا أيضا، لم تسترد الدولة توازنها بعد سقوط معمر القذافي، أما مصر، أكبر بلد في العالم العربي من حيث عدد السكان، فقد استبدلت ديكتاتورية حسني مبارك بلعبة أسوأ من ذلك، وهي الجنرال عبد الفتاح السيسي.

لكن على الرغم من هذه المآسي، أو ربما بسببها- بحسب التقرير- من المرجح أن تستمر الضغوط من أجل التغيير في جميع أنحاء العالم العربي في التصاعد، مواكبة لنمو السكان وعدم المساواة والظلم الاجتماعي.

وأشارت الصحيفة إلى احتفال مصر بالذكرى الثامنة لثورة يناير وفرض "السيسي" حظرًا شاملًا على ميادين الثورة وعلى الإعلام، ملقية الضوء على تقرير "هيومن رايتس ووتش" الذي قال إن عشرات الآلاف من نشطاء المعارضة والكتاب والمثقفين واليساريين العلمانيين وأنصار جماعة الإخوان المسلمين تم حبسهم بموجب قوانين تم إقرارها منذ عام 2013

بما في ذلك قوانين مكافحة الإرهاب، ومع ذلك فشل السيسي في وقف العنف في سيناء، وفي الوقت نفسه، فإن تدابير التقشف التي يفرضها صندوق النقد الدولي تزيد الفقر. وبالنظر إلى هذه التوترات، عليه أن يقدم شيء ما.

وأكدت "الجاريان":

أن الحكومات الغربية تكرر الأخطاء التي ارتكبت قبل الربيع العربي بدعمها الأنظمة الديكتاتورية، مشيرة إلى زيارة ماكرون إلى القاهرة، وقبله مايك بومبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة، ودفاع دونالد ترامب عما وصفته بـ"مؤامرة القتل السعودية في إسطنبول"، وجرائم حرب الرياض في اليمن وانتهاكاتها ضد نشطاء حقوق المرأة.

وقالت الصحيفة:

إن "الانفجار الثاني لا يمكن أن يكون بعيدا"، فالوضع لن يستمر في مصر إلى أجل غير مسمى، وكذلك الحال في السودان وأماكن أخرى.

المصدر