السفير د. عبد الله الأشعل يكتب: مصر والأمن فى العام الأول للرئيس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السفير د. عبد الله الأشعل يكتب: مصر والأمن فى العام الأول للرئيس

بتاريخ : الأحد 23 يونيو 2013

فى الثلاثين من شهر يونيو تحل الذكرى الأولى لتولى الرئيس محمد مرسي السلطة فى مصر، وللأسف لم يخضع هذا العام الأول فى السلطة لنقاش جاد وتقييم موضوعى.

فقد شهد هذا العام محطات كثيرة لم يهدأ فيها الشارع ولم يستقر الأمن بل ارتفعت الأسعار وارتفعت نسب البطالة وأغلقت شركات خاصة وشركات البترول الأجنبية وعانت البلاد من أزمات معيشية كبيرة أرهقت المواطن مما أدى إلى ارتفاع أعداد الغاضبين فى الشارع.

وهكذا انقسم المصريون فى هذه الذكرى إلى فريقين، بعد أن علق الجميع آمالا كبيرة على الرئيس الجديد رغم إدراكهم حجم التحديات والمعوقات والمؤامرات، وهذان الفريقان هما: فريق الموالاة وفريق المعارضة.

أما فريق الموالاة فيرى أن النظام قد حقق بعض الإنجازات ولكنها طمست فى الإعلام ولم تسلط الأضواء عليها، وأن المعارضين لم يمكنوا النظام من الإنجاز؛ ولذلك فإن المعارضين هم الذين يتحملون مسئولية عدم الإنجاز، ولو سمح للإخوان المسلمين بالحكم بحرية وتمت محاسبتهم بعد أربع سنوات فإن النتيجة ستكون مبهرة.

ويضيف هذا الفريق إلى ذلك القول بأن الإثارة الإعلامية والتراخى الأمنى والتعنت القضائى والمؤامرة من الخارج ومن النظام السابق هى التى عرقلت عمل الحكومة وأشاعت التوتر فى محاولة لإعادة مصر مرة أخرى إلى ما قبل الثورة، يرى هذا الفريق أيضا أن جزءا من المعارضين ممول من الخارج ومن نظام مبارك، والجزء الآخر طامع فى السلطة، والجزء الثالث لا يريد نجاح التجربة الإسلامية، والجزء الرابع لا يريد نجاح التجربة الديمقراطية، وأن بقايا نظام مبارك فى أجهزة الدولة هى التى تحارب تشكل النظام الجديد.

معنى ذلك كما يرى فريق الموالاة هو أنه من الصعب تحقيق أهداف النظام الجديد بأدوات النظام القديم، يضيف هذا الفريق أنه بدلا من تقويم التجربة بموضوعية وعدالة، فإن أعداء الوطن والإسلام والنجاح يريدون إسقاط الدولة وإفشال التجربة واستخدام العنف والالتفاف على نتائج صناديق الانتخاب.

ويؤكد هذا الفريق أنه إذا كان الشعب قد قال كلمته بانتخاب محمد مرسي فى صناديق الانتخاب فإن هذا الشعب يجب أن يتمكن من إظهار إرادته فى صندوق الانتخاب أيضا؛ فلا يجوز أن يسقط رئيس منتخب، يضيف هذا الفريق أيضا أنه يجب التمييز بين شرعية الرئيس ونقد سياساته وأعماله ولا يجوز الخلط بينهما؛ فلم يحدث فى أى نظام ديمقراطى مهما كان حجم المعارضة لسياسات الحكومة أن قررت مصير النظام خارج صندوق الانتخاب، يترتب على هذه المقولة أن صور التعبير عن معارضة الرئيس وسياساته بشكل سلمى لا يجوز المساس بها.

وأقصى ما تملكه المعارضة هو مطالبة الرئيس بتنفيذ الأهداف الغائبة فى عامه الثانى، أما التربص به على غرار ما حدث مع مبارك فهو قياس فاسد؛ لأن الثورة على مبارك كانت واجبة لأنه فسد وأفسد وزور وطغى وقتل وشرد وأغلق جميع أبواب التغيير واحتقر الدستور والقانون واستولى على السلطة ثلاثين عاما بتزوير إرادة الأمة؛ بخلاف حالة الدكتور مرسى.

يبرر هذا الفريق تولى عناصر الإخوان والموالين لهم بعض مراكز السلطة بأن الثقة فى عصر عدم اليقين أهم من الخبرة والكفاءة ضمانا لاستقرار النظام واستقرار الوطن.

هذه هى حجج فريق الموالاة الذى يحذر من أن إسقاط مرسى بهذه الطريقة يدخل البلاد فى فوضى ويجعل استقرار أى رئيس فى الحكم ضربا من الخيال.

أما الفريق الآخر وهو يضم أطيافا متنوعة من الشعب والقوى المختلفة، فهو يريد إنهاء حكم الإخوان المسلمين فى ذكرى العام الأول لوجودهم فى السلطة ويسوق حججا كثيرة مقابلة تبرر موقفه.

وهذا الفريق يضم أشخاصا يحاربون النظام طمعا فى خلافته ولو كلفهم ذلك هدم المعبد على الجميع، وينفقون فى سبيل ذلك من غير أموالهم ويخدم بعضهم أهدافا خارجية تجمعهم فى هدف واحد.

فهناك الكارهون للتيار الإسلامى، والكارهون للإخوان المسلمين بالذات، وهناك الغاضبون غضبا مشروعا لعدم تحقيق آمالهم، وهناك بعض الوطنيين الذين قد يرون أن مصر تتدهور فى بعض المجالات.

يخلص هذا الفريق إلى أن الانتظار حتى انتهاء ولاية الرئيس يمكن الإخوان المسلمين من الهيمنة على مفاصل الدولة ويشوه وجه مصر الحضارى ويجعل من الصعب استنقاذها بأمان.

ويؤكد هذا الفريق أن النسبة التى حصل عليها الرئيس فى الانتخابات ومعظمها ممن اختاروا الرئيس حتى لا ينجح شفيق لم تعد هى نفسها الآن؛ ولذلك فقد الرئيس الشرعية السياسية وإن ظلت شرعيته الدستورية قائمة، والإشكالية هى أنه كيف يمكن المقابلة بين شرعية دستورية صحيحة وانكسار الشرعية السياسية.

ومهما تباعد الطرفان فيجب أن تظل مصر بعيدة تماما عن التخريب والإرهاب والاعتداء على المؤسسات والأشخاص، والشعب يجب أن يقف للدفاع عن أساسيات الوطن.

أما الأمن فيجب أن يحمى الشرعية الدستورية، ولا يجوز أن يترك المؤسسات الرسمية للتخريب والإرهاب؛ لأن الرئيس والمؤسسات الدستورية ليست ملكا خاصا، وأيا كان سبب الصراع على السلطة فإننا نحافظ على وحدة المصريين وتضامنهم لحل المشاكل الحقيقية وليس فى تدمير الوطن، فعلى المعارضة أن تحدد المطالب، وعلى الرئيس ألا يغفلها ولا يجوز السماح بأى عنف لأى طرف، كما لا يجوز الحجر على حق الشعب فى انتقاد سياسات الرئيس والإخوان المسلمين.

إن اتساع دائرة المعارضين فى الشارع رسالة بليغة يجب الالتفات إليها بعناية ولا يكون ذلك بإشراك المحرضين وتوزيع السلطة لاحتوائهم، وإنما يجب انتهاج سياسات قويمة لتنفيذ أهداف الثورة المعلقة.

وأخيرا أرجو ألا يدخل التيار الإسلامى فى هذه الفتنة، ولكن أجهزة الأمن هى المسئولة عن حماية المصالح الوطنية ضد الاعتداء من أى طرف، فأمن مصر والمصريين أقدس من صراع السلطة.

المصدر