السعيد الخميسي يكتب: الشعب غير مستعد للديمقراطية!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السعيد الخميسي يكتب: الشعب غير مستعد للديمقراطية!


بتاريخ : الأربعاء 21 مايو 2014

  • الشعب المصري في قفص الاتهام دائما على ذمة التحقيق , مكبل اليدين , مقطوع اللسان , تصوب إلى قلبه السهام , لايسمح له بالكلام إلا عبر فتحة سحرية صغيرة من الباب تحت مراقبة أمن السلطان . الشعب المصري متهم كل يوم , بل إن شئت فقل كل لحظة, بأنه غير مستعد للديمقراطية .

وهذه الحبكة الدرامية المأساوية يصنعها ويؤلفها طغاة جلادون , ليس فى أفواههم ألسنة يتحدثون بها , بل كرابيج يجلدون الناس بها على ظهورهم العارية .

وليس فى قلوبهم رحمة أو شفقة على شعوبهم , بل فى قلوبهم قوالب راكدة يابسة من القسوة والجحود كالحجارة أو أشد منها قسوة .

ليس فى عقولهم مفاهيم واضحة عن الديمقراطية بقدر مافيها جينات وراثية ديكتاتورية نمت وترعرعت وكبرت وتضخمت فى قاع تلك العقول , التي لاتفهم غير لغة الضرب بالفؤوس على الرؤوس وقت اللزوم .

هم فقط مستعدون لذلك , وماهو أبعد من ذلك , وماهو أخطر من ذلك , حتى يتحول الشعب , كل الشعب , إلى معتقل أو مسجون أو متهم أو ميت هالك .

  • من قال أن الشعب المصري غير مستعد للديمقراطية لايفهم معنى الديمقراطية.

ومن قال أن الشعب غير مستعد للديمقراطية لايفهم إلا لغة الضرب فى المليان التي أفتى بها مفتى آخر الزمان .

ومن قال أن الشعب غير مستعد للديمقراطية لايرى فى الكون غير نفسه , فهو يضخم من ذاته ويستحقر من شأن هذا الشعب .

من قال هذا لايدرى أن الديمقراطية كثمار الأشجار , تولد صغيرة مرة غير ناضجة , ثم بمرور الأيام والشهور تنضج تلك الثمار على عودها حتى يحين وقت قطافها .

ولو استعجل صاحب الثمر موعد الحصاد , وقطف الثمار غير ناضجة لضاق ذرعا وقطع الشجرة من جذعها , فلاثمر جنى ولاشجرة أبقى .

هكذا ثمار الديمقراطية تولد مرة علقم غير ناضجة , لايسغيها البعض , ولايرتاح لمذاقها البعض , ولايتحمس لها البعض .

لكن مع مرور الأيام والزمان تنضج التجربة وتكبر وتزهو وتصير وارفة الظلال لتكسو بأوراقها الخضراء اليانعة كل أرض جرداء صحراء .


  • وهل الشعب التركي كان مستعدا للديمقراطية وقد ظل يرزخ تحت حكم أشاوس العسكر عقود مديدة..؟

هل فشلت التجربة الديمقراطية فى تركيا تحت حكم مدني.؟

هل عمت الفوضى الأمنية والسياسية فى هذا البلد تحت حكم ديمقراطي سليم..؟

هل فشل الاقتصاد وأعلنت تركيا حالة الإفلاس أم أن البلد تقدم سياسيا واقتصاديا وسياسيا..؟

هل أهديت الديمقراطية للشعب التركى وغيره من بلاد العالم على طبق من ذهب .؟

أم أن الشعب ومعه سياسيين مناضلين قدموا كل غال ورخيص من أجل انتزاع حق شعوبهم فى حياة ديمقراطية سليمة من بين مخالب الطغاة وأنياب الجلادين..؟

لا الحرية ولا الديمقراطية ولا الكرامة توهب للشعوب , ولكن الشعوب المناضلة الباحثة عن حقوقها وسط أكوام وقمامات الديكتاتورية , هى التى تنتزع حقها وحريتها وكرامتها رغم انف الطغاة المستبدين .

  • لو رفعت الشعوب راية الاستسلام لمقولة أنها غير ناضجة وغير مستعدة للديمقراطية كما يزعم الفاشلون المعتدون , لقامت القيامة ونفخ فى الصور والشعوب لم تر بعد النور ..! .

لو صدقت الشعوب حكامها بأنهم غير مؤهلين للديمقراطية , لماتت تلك الشعوب وفنيت وهى مازالت فى سنة أولى ديمقراطية ترضع من ثدى حكامها رضعة برضعة حتى لاتشبع ولاتكبر ولاتستوى على عود .

إن لصوص الديمقراطية أشد خطرا بل أشد تنكيلا من لصوص المال العام , لأن لصوص الديمقراطية يسرقون وعى وإرادة وروح هذا الشعب .

وهذه الكنوز إذا سرقت فمن الصعب استردادها فى أعوام قليلة . أما الذين يسرقون المال العام مع حرمة ذلك فإن محاسبتهم ومعاقبتهم تبدو ممكنة إذا خلصت النوايا وصلحت مؤسسات الدولة الرقابية .

  • أعداء الديمقراطية هم أعداء الدين والعقيدة .

أعداء الديمقراطية هم أعداء الوعي والإدراك .

أعداء الديمقراطية هم أعداء العلم والتكنولوجيا .

أعداء الديمقراطية هم أعداء الشعب والوطن والدولة .

أعداء الديمقراطية هم أعداء استقرار الأمن والاقتصاد والعباد والبلاد .

أعداء الديمقراطية يقتلون الضحية ويفجرون جثته ثم يعقدون مؤتمرات صحفيه وهمية شكلية متفق عليها يدينون فيها الإرهاب وسنينه .

أعداء الديمقراطية يصنعون شبح الإرهاب ليخيفون به الشعب ويرهبونه ثم يتسترون وراء هذا الوهم كى يلتف حولهم البسطاء من الناس .

أعداء الديمقراطية هم من سلالة " أبو جهل وأبو لهب وأمية بن خلف " .

أعداء الديمقراطية هم من سلالة فرعون ذى الأوتاد الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد .

أعداء الديمقراطية هم من سلالة شاوشيسكو فى رومانيا , وماركس ولينين فى الاتحاد السوفيتي سابقا , أعداء الديمقراطية هم من سلالة القذافى و"شين" العابدين بن على والطاغية المخلوع ومبارك .

  • فتش إن شئت فى سجلات الذين يدعون أن شعوبهم غير مستعدة للديمقراطية فى أي بلد فى العالم , ستجد عجب العجاب .

ستجد أنهم ولدوا فى حضانات أمن الدولة ورضعوا من ثدى أجهزة المخابرات وتربوا فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم .

فتش فى شهاداتهم وثقافتهم العلمية , ستجد أنهم راسبون علميا , لم يحصلوا على قدر كاف من العلم والتربية .

فتش فى أنسابهم ونسبهم وأصلهم , تجد أنهم انحدروا من بيئات ارستقراطية ولاعلاقة لهم بعامة الشعب ولا يعرفون مشاكله ولا مداخله ولا مخارجه .

فتش فى عقولهم , فلن تجد رأيا سديدا , ولن تجد فقها حكيما , ولن تجد سطرا واحدة إلا وهو مكتوب بالسواد , سواد الجهل والتخلف والرجعية والديكتاتورية الحمقاء الكسيحة العرجاء .

  • يزعمون أن الشعب غير مستعد للديمقراطية . لكن الشعب من وجهة نظرهم الغبية مستعد لكرباج الديكتاتورية حيث أن ظهورهم عريضة ومستوية وجاهزة للجلد الممنهج المنظم .

يزعمون أن الشعب غبر مؤهل للديمقراطية , لكن الشعب من وجهة نظرهم مؤهل للسرقة والنهب والنصب والاحتيال والدجل والشعوذة .

يزعمون أن الشعب لايستحق الديمقراطية والحرية والكرامة , لكن الشعب من وجهة نظرهم يستحق أحكام الإعدام بسعر الجملة دون تحقيق أو تدقيق بل تلفيق فى تلفيق .

يزعمون أن الشعب لايرقى مستواه ووعيه لتحمل نتائج الديمقراطية , لكن الشعب من وجهة نظرهم يتحمل جلد الجلادين , وسحق الظالمين , ونهب الناهبين , وسخرية الساخرين , وقتل المجرمين .

الشعوب فى ملتهم واعتقادهم ليسوا بشرا أسوياء بقدر ماهم مجرد كائنات عليها واجبات وليس لها حقوق وذلك قمة العقوق .

إنهم يريدون شعبا من العبيد يساق بالعصى ويجمع بالصفارة كالقطيع .

لايريدون شعبا متعلما مثقفا من الأحرار لأنهم أعداء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .

  • إن كنا نريد أن نستنشق نسمات الحرية , فلابد أن نفتح نوافذ الديمقراطية بعرقنا وجهدنا , ولاننام كسالى على فرشنا ننتظر من يمد يده ليفتحها لنا .

إن كنا نريد أن نصعد على جبل الديمقراطية فلابد أن نتسلقه بأظافرنا وأيدينا وأرجلنا ولاننتظر من يأتى لنا بطيارة أو صاروخ ليصعد بنا على قمته دون جهد أو عرق أو نضال سيأسى .

إن كنا نريد حياة حرة كريمة فلابد أن نسعى لها سعيها ونحن مؤمنون بأهدافنا , واثقون من وسائلنا , مستيقنون بطريقنا , واثقون من أنفسنا .

نعم.. قد يطول الطريق , وقد يبدو شاقا صعبا مليئا بالمطبات والمنحيات والعوائق الإشارات الحمراء التى تجبرك على الوقوف والانتظار , لكن مشوار الألف ميل يبد بخطوة واحدة .

ومن بدأ فقد وصل . ومن تكاسل ونام ,فلاينتظر الكرم والحرية والكرامة من اللئام .

لأن فاقد الشئ لايعطيه . والذين يتهمون شعوبهم بأنهم غير مؤهلين لايمكن أن يكونوا من الآدميين ..! ؟.

المصدر