الدعوة الإسلامية طريق الخلاص

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الدعوة الإسلامية طريق الخلاص


المقدمة

إن الحمد لله ونستعيبنه ونستهديه ونشتغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , ونشهد أن محمدا عبده ورسوله , بلغ الرسالة وأدى الأمانة , وصلوات الله وسلامه على رسل الله أجمعين , وأنبياائه المخلصين وعلى الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .

اللهم انفعنا بما علمتنا , وعلمنا ما ينفعنا , واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

إنك سميع مجيب وبعد......

ففي هذه الظروف الحالكة التي تقف فيها البشرية على حافة الدمار بعد ان دمرت النفس البشسرية

النفس البشرية وحطمت الفطرة الانسانية وعاني الانسان من الشقاء وتحمل ما لم تحتمله الرواسي الشامخات . وفي هذا الوقت قد يسأل سائل : ما الخلاص للبشرية من أزمتها ونكدها وعذابها وشقائها ؟

أما الجواب فحاضر من رب العزة(فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى)


حاجة الناس الى الشريعة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم_بسم الله الرحمن الرحيم

(إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)

(ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين . إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون)

قال صلى الله عليه وسلم

(من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)

(الحكم بغيرما أنزل الله قد يكون كفرا..ينقل عن الملة)

حاجة الناس الى الشريعة أعظم من حاجتهم الى التنفس فضلا عن الطعام و الشراب.. لان غاية ما يقدر عند عدم الشريعة ففساد الروح و القلب جملة.. وهلاك الأبدان وشتان بين هذا و هلاك البدن بالموت

(فمقام الدعوة الى الله افضل مقامات العبد)

(فاشتغل بدلالة عباد الله..فهى حالات الانبياء عليهم الصلاة و السلام..وهل كان شغل الأنبياء الا معاناة الخلق..وحثهم على الخير..ونهيهم عن الشر)

الحكم معدود فى كتبنا الفقهية من العقائد والأصول ولا من الفقهيات و الفروع)

(لابد للمجتمع الإسلامى من ميلاد..ولابد للميلاد من مخاض..ولابد للمخاض من آلام)

وسواء كف الكيد المجنون عن الحرب لدين الله..أم ازداد الكيد جنونا وضراوة..سيعود الإنسان الى الله إذن فالإسلام هو الخلاص ولا منقذ غيره أبدا

ويعود السائل ليواصل كلامه عن سؤال آخر:وكيف يمكن للإسلام أن يتسلم زمام البشرية؟ و الجواب هو الذى توضحه هذه الرسالة التى نضعها بين يدى القارئ الكريم عله يذكر أ يخشى . والرسالة باختصار تجيب عن سؤالين كبيرين:

1_أولهما : إذا كان الإسلام هو المنقذ.. فما السبيل ليقوم بهذا الدور؟

و الجواب فى طى الكتاب العزيز(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (ولتكن منكم امة يدعون الى الخير..ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)

فلابد من تكوين أمة.. وتربيتها على اللإسلام لتقود خطى البشرية المعذبة ظلال السعادة وفئ الطمأنينة وعلى هذا فلابد من بناء امة مهما كان عددها ضئيلا تتولى عملية الإنقاذ وتحتمل تكاليف الخلاص مهما كانت باهظة

وخلاصة القول: لابد من تنظيم حركى إسلامى يصاغ فيه الأفراد صياغة جديدة وفق التعاليم الربانية.

2_وثانى السؤالين: إذا كان التنظيم ضرورة حتمية ونداء الفطرة فى ساعة العسرة.. فما شكل هذا التنظيم ؟وما صفاته؟

والإجابة على هذا الؤال فى موضوعين:

1_ الموضوع الأول: ضرورة الحركة الإسلامية.

2_ الموضوع الثانى: التيارات الإسلامية المعاصرة.

ونحن فى هذا الكتيب سوف نتناول الموضوع الأول وهو _ ضرورة الحركة الإسلامية ويأتى عرض الموضوع الثانى فى كتيب مستقل بمشيئة الله تعالى.

(من مقدمة كتاب الدعوة الإسلامية فريضة وضرورة بشرية) للدكتور/ صادق أمين.

ضرورة الحركة الإسلامية

فساد البشرية و شقاؤها اليوم.
حكم التنظيم من الوجهة الشرعية.

وفيه مباحث :

أ_ المبحث الاول : الدعوة هى طريق الخلاص.

ب_ المبحث الثانى : إنحراف فى التصور الإسلامى


فساد البشرية اليوم و شقاؤها

لا يشك عاقل ان البشرية إذا بقيت على الطريق الذى تسلكها فإنها قطعا صائرة إلى الدمار ومصيرها إلى الزوال (وإن تتولوا يستبدل قوما غيلاكم ثم لا يكونوا أمثالكم )

وفى الحديث عن زينب بنت جحش . قيل: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال (نعم إذا كثر الخبث ) وحال البشر اليوم هو نفس الحال الذى واجهه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وهى ذات الصورة البشرية التى يصفها الله عز وجل فى قوله (ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت ايدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون)

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلينا من وراء حجب الغيب المسدلة وهو يقول:( والذى نفسى بيده لاتقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم و تجتلدوا بأسيافكم . ويرث دنياكم شراركم)

ويروى عبدالله بن عمرو عن حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم قال :كيف بكم بزمان _ يوشك ان يأتى زمان _ يغربل الناس فيه غربلة تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم و أماناتهم واختلفوا .. فكانوا هكذا _ وشبك بين أصابعه _ فقالوا : كيف بنا يا رسول الله ؟ قال : تأخذون ما تعرفون و تدعون ما تنكرون.. وتقبلون على امر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم وفى رواية وإياك والتلون فى دين الله.

والمتبصر بحال البشرية اليوم يدرك معنى قول ابن مسعود : يذهب الصالحون أسلاخا ويبقى أهل الريب من لا يعرف معروف ولا ينكر منكرا

ولقد اسنت الحياة وتعفنت وضاق المسلم بالعيش ذرعا وأضحى القابيض على دينه كالقابض على الجمر لشدة ما يعتصر قلبه ألم على البشر .. وما يفتت كبده مما يراه من عنت الإنسان ومشقته..وخاصة فى هذه المنطقة التى كانت تسمى فى يوم من الأيام دار الإسلام.. واضحت فى ذيل قافلة الرقيق..واصبح الذين يحملون عناوين المسلمين وألقابهم عبيدا لكل طاغية..أتباعا لكل ذليل مهين كافر شرقيا كان أو غربيا

لقد صدق فيهم قول المصطفى صلى الله عليه و سلم فيما يرويه ابلو هريرة قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لثوبان :كيف بك ياثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه. قال ثوبان : بأبى أنت وأمى يا رسول الله.. أمن قلة بنا ؟ قال: لا.. أنتم يومئذ كثير..ولكن يلقى فى قلوبكم الوهن.. قالوا وما الوهن يا رسول الله قال: حبكم الدنيا و كراهيتكم القتال


من مظاهر الفساد

ولقداستشرى الفساد فى كل ناحية من نواحى الحياة وتخلل الإنحلال كل خلية من خلايا الحياة البشرية واستعملت جميع الأسلحة لحرب الإسلام:

ففى الحكم و السياسة :

إقصاء القرآن عن منصة الحكم واستبدال شريعة الله السماوية بشرائع وثنية أرضية وتنصيب الحكام أنفسهم آلهة يشرعون للناس بما تملى لهم شياطينهم وتسول لهم أهوائهم (ومن يعش عن ذكرالرحمن نقيض له قرين .. وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون)

(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله)

ولقد ابتدأت هذه الجريمة النكراء بمحمد على باشا ندما سخر رفاعة الطهطاوى لترجمة دين نابليون (القانون الفرنسى) و تطبيقه فى مصر

و فى الحياة الاجتماعية

أدخلت المرأة كسلاح فى المعركة ضد اللإسلام .. وزج بها فى جحيم الشقاء تحت شعارات خادعة براقة بدعوى التحرير من عصور الظلام.. ثم بيعت سلعة رخيصة.. وقدمت قربانا زهيدا على مذابح شهوات الصهيونية العالمية ورفعت شعارات براقة خادعة كاذبة لسحق هذا المخلوق الكريم . فمن لواء تحرير المرأة الذى رفعه قاسم أمين إلى إتحادات النساء التى ابتدأتها هدى شعراوى وتبعتها أمينه السعيد إلى بيوت البغاء التى تولت كبرها أكثر العواصم العربية باسم الفن إلى دور الأزياء .. ودكاكين التجميل .. ومساحق الوجه و عمليات جراحات الأنف .. والوجه من أجل الحسن الذى يشرف عليه يهود فى باريس وروما .. وهوليود إلى انتخاب ملكات جمال العالم .. وكذلك إدخالها المجالس النيابية والوظائف الرسمية.

ومن وراء ذلك كله .. الإخطبوط الصهيونى الذى يحرك أذرعه فى كل مكان لتدمير الجنس البشرى حتى وصلت المرأة إلى الحال الذى لا تحسد عليه .كما لو كانت مهملة يقذف بها اليهود حيث يشاؤون ككرة يد أطفال ترقص على أنغامهم وتكب على أقدامهم وتترنح وترتمى بين أيديهم تتملق رضاهم بتغيير الأزياء وتسريحة الشعر وتلوين البشرة.

وتدخل التدمير كذلك عن طريق الإعلام الذى يسمى الفاحشة فنا والفجور علما وأقام معاهد الفنون الجميلة وهى بيوت لتعليم الرزيلة .. على طريقة الرومان الذين عبدوا الجنس عبادة ألهوا من خلالها فينوس الزانية.

ودخلت الصورة العارية المعركة لمحو آثار الإنسانية فى أعماق الإنسان .. من سينما وتليفزيون ومجلة وصحيفة واستعمل ما يسمونه أدبا فى تدمير الإنسان .. سواء أدب الفراش والإنحلال الذى استعملت له الأقلام المأجورة .. هذا أدب العبودية الذى يخدر مشاعر الجماهيرلتستنيم للذل فى حضيض الشهوات ومستنقع الملذات.

إن هؤلاء الكتاب والشعراء والفنانين ليقومون بمهمة تخدير الشعوب وتنويمها سواء سبحوا بحمد الطغاة او سبحوا بحمد الشهوات .. فأما حين يسبحون بحمد الطغاة فهم يزيفون الواقع على الشعوب ويخفون عنها شناعة الطغيان وقبحه ويصدونها عن الثورة عليه أو الوقوف فى وجهه .. وأما حين يسبحون بحمد الشهوات فهم يخدرون مشاعر الشعوب ويستنفدون طاقتها فى الرجس والدنس بظلم واقع ولا تنتفض فى وجه طاغية لتناديه مكانك فنحن هنا.

وكذلك تشجيع العامية فى مصر .. وما حولها لتزول العربية التى هى لغة القرآن . وابتدأها القاضى الإنجليزى (ولمور) بتأليف كتاب أسماه (لغة القاهرة 1902) وتبعه المهندس الإنجليزى وليم ولكوكس الذى ترجم الإنجيل إلى العامية سنة 1926 وتبعهم من أذنابهم فى مصر أحمد لطفى السيد منشئ الوطنية الحديثة ودعا إلى تمصير اللغة العربية ومن العجب أن أصبح هذا رئيسا لمجمع اللغة العربية .. وسعيد عقل الشاعر اللبنانى الذى كتب بالحرف اللاتينى أسماه (يارا) .

وهو يرأس اليوم حزب التجديد اللبنانى وأصدر مجلة (ملكارت) بإسم أحد آلهة الفنيقيين ويدعو إلى قطع كل صلة بالعرب والعربية والإنسحاب من الجامعة العربية .. ومن أوائل من دعا إلى كتابة العربية باللاتينية عبد العزيز فهمى عضو مجمع اللغة العربية

وشنت الحرب على النحو العربى : باعتباره صعبا ولا يواكب سهولة العصر الذى نعيش فيه . ومن بين هؤلاء طه حسين إذ يقول فى محاضرة ألقاها سنة 1955: إذا كان النحو مستحبا إلى الأخصائيين فمن الحمق كل الحمق أن يفرض على الشباب فى القرن العشرين.

وتوجه الهدم كذلك إلى الشعر العربى .. فدعوا إلى نبذ القافية و الوزن وادعوا سخف من قيد مشاعره وربط أحاسيسه بسجعة أو قافية .. وكان نزار قبانى و محمد درويش وسميح القاسم من بين هؤلاء .. وأولهم بدرشاكر السياب.

وبدأت المعارك تحاول أن تشكك فى مصدر التشريع بدأها طه حسين بكتاب الشعر الجاهلى الذى حاول فيه إنكار ربانية القرأن وادعى أن رقة القرآن المدنى راجعة إلى تأثير اليهود فى المدينة .. وادعى أن لليهود أثرا فى الشعر العربى إرضاءا لأستاذه (دوركايم) اليهودى المشرف على رسالته وكان يحرض طلبته على نقد آيات القرآن بإعطاء قوتهم فى قوتها أو ضعفها بل ادعى أن الدين نبت من ارض ولم ينزل من السماء واستهل حياته الأدبية بإنكار وجود إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام .

وإنك لتلمس الكفر الصريح حتى فى كتبه التى تحمل عناوين إسلامية (على هامش السيرة) واتجه الهدم كذلك إلى السنة النبوية : فحاولوا التشكيك بصحتها فأخرج أبوريا كتابا أسماه (أضواء على السيرة المحمدية) وتبعه كثير مثل صالح أبو بكر الذى كتب كتابا أسماه (تنقية البخارى من الإسرائيليات ) وحاولوا النيل من أبى هريرة رضى الله عنه وهو أكثر من روى من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتدت معاولهم لتحاول الهدم فى أصح كتاب بعد كتاب الله فكتبت مجلة (العربى) بقلم عبد الوارث كبير (راجعوا البخارى ليس كل ما فى البخارى صحيح ). إلا أن الله عز وجل قيض لدينه من يحفظه ويدافع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك الهدم فى التاريخ الإسلامى . فتولى فيليب (المستشار غير الرسمى فى وزارة الخارجية الأمريكية ) وبروكلمان وجورجى زيدان وغيرهم وبخاصة المستشرقين تشويه التاريخ الإسلامى وتفسيره ماديا وإثارة الشبهة حوله فكتب قسطنطين زريق كتابا أسماه (التفسير الماركسى للتاريخ الإسلامى )

وأما تدمير الإقتصاد : فلقد ابتز اليهود أموال البشرية بمصارفهم التى امتصت دماء الناس باسم (فائدة البنوك) وأقاموا شركات التأمين وانشأوا الملاهى والمسارح لامتصاص الأموال عن طريق الجنس وأقيمت الصناعة اللازمة لها من مستحضرات الجمال وبيوت الأزياء وكوافير الشعر ونوادى القمار العالمية ليراق على موائدها ماء البشر. ويكفى كمثال لهذا أن نعلم أن أحدهم خسر فى ليلة واحدة ستة ملايين ونصف المليون من الجنيهات الأسترلينية على مائدة من موائد الميسر(القمار) فى (موناكو) مدينة ملاهى .. ودعك من الأموال التى ترصد تحت الأسماء المستعارة ثم يموت أصحابها وتبقى الأموال للمنظمات الصهيونية وقد اشترت إحدى الدول العربية جزيرة فى أمريكا للسياحة ب 17 مليون دولارا وكذلك اليانصيب العالمى والمحلى .. وسيلة بارزة من وسائل جمع الأموال.

وأما التدميرعن طريق التربية ومناهج التعليم :

فالمناهج فاشلة بل قاتلة للفضائل الإنسانية فى النفس وكلها تلتقى على محاربة الأديان وإقامة حاجزسميك بين الإنسان وبين ربه منذ أن ابتدأت المعركة فى أوروبا بين رجال الكنيسة وبين من تبنتهم الصهيونية العالمية مثل: دارون وفرويد ونيتشه قد رتباه من قبل. والأثر غير الأخلاقى لاتجاهات الدين وإقصاء الدين عن الحياة نهائيا لتحمل الأجيال أراء اليهود.

جاء فى البرتكول الثانى :(لا تتصوروا أن تصريحاتنا كلمات جوفاء .. ولاحظوا هنا أن نجاح دارون وماركس ونيتشه قد رتبناه من قبل والأثر غير الأخلاقى لاتجاهات هذه العلوم فى الفكر الأممى (غير اليهودى) سيكون على التأكيد. وصرح المنفذون فى أمر المناهج بوجوب إتباع أوروبا .. فلقد نادى سلامة موسى فى كتابه (اليوم والغد) باعتبار مصر جزء من أوروبا وليس من إفريقيا وتتبعه طه حسين فى كتابه (مستقبل الثقافة فى مصر).

ولقد تولى (دنلوب) المبشر الإنجليزى وضع المناهج التعليمية فى مصر وأشرف على نفيذها بنفسه وكان يدعمه (كرومر ) المعتمد البريطانى.

وحذت الدول العربية حذو مصر فلم يبق لدين الله حصص فى المناهج الدراسية .. ولقد توصل (كرومر) بدهائه واتكائه على صنائعه أن يضع مناهج مدرسة القضاء الشرعى فى مصر يوما ما فى مصر.

جاء فى البرتوكول التاسع :إن الكلمات التحررية لشعارنا الماسونى هى (الحرية و المساواة والإخاء) وسوف لا نبدل كلمات شعارنا بل نصوغها معبرة ببساطة عن فكرة وسوف نقول (حق الحرية وواجب المساواة وفكرة الإخاء) وبهما سنمسك الثور من قرنيه وحينئذ نكون قد دمرنا فى حقيقة الأمر كل القوى الحاكمة إلا قوتنا وإن تكن هذه القوى الحاكمة نظريا ماتزال قائمة وحين تقف حكومة من الحكومات نفسها موقف المعارضة لنا_ فى الوقت الحاضر_ فإنما ذلك أمر صورى متخذ بكامل معرفتنا ورضانا.

وإننى أستطيع فى ثقة أن أصرح اليوم : أننا أصحاب التشريع وأننا المتسلطون فى الحكم والمقررون فى كل الجيوش الراكبون وؤؤسها.

إن لنا طموحا لا يحد.. وشرها لايشبع ونقمة لا ترحم وبغضاء لا تحس .. إننا مصدر إرهاب بعيد المدى وإننا نسخر فى خدمتنا أناسا من جميع المذاهب والاحزاب .. ومن رجال يرغبون فى إنشاء الملكيات .. وإشتراكيين وشيوعيين وحالمين بكل أنواع الطوبيات (الممالك الفاضلة كمدينة الفارابى ) ولقد وضعناها جميعا تحت السرج وكل واحد منهم على طريقته الخاصة ينسف ما بقى من السلطة يحاول أن يحطم كل القوانين القائمة .. وبهذا تتعذب الحكومات وتصرخ طلبا للراحة وتستعد من أجل السلام لتقديم أى نصيحة ولكننا لن نمنحهم أى سلام حتى يعترفوا بضراعة حكومتنا الدولية العليا.

ولقد خدعنا الجيل الناشئ من الأمميين و جعلناه فاسدا متعفنا بما علمناه من مبادئ ونظريات معروف لدينا زيفها التام ولكننا أنفسنا الملقنون لها .. ولقد حصلنا على نتائج مفيدة خارقة من غير تعديل فعلى للقوانين السارية من قبل بل بتحريفها ببساطة وبوضع تفسيرات لها لم يقصد إليها مشرعوها .

ولقد صرح اليهود فى برتوكول الرابع 141 :يتحتم علينا أننزع فكرة الله من عقول المسيحيين وأن نضع مكانها عمليات حسابية وضرورات مادية ؟.

وجاء فى البروتوكول الرابع عشر 184 :يجب عليننا أن نحطم عقائد الأديان وإذن تكون النتيجة المؤقتة لهذا هى إثمار الملحدين.

وأما الحياة السياسية : فهى أسوأ أوجه الحياة حالا ولقد مزقت الأرض جميعا بين رويبضات كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المسؤلين فى آخر الزمان.

ففى الحديث الشريف المرفوع عن أنس بن مالك رضى الله عنهما : إن أمام الدجال سنين خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن ويتكلم الرويبضة . قيل وما الرويبضة ؟ قال الفاسق يتكلم فى أمر العامة.و رواية سفيه القوم يتكلم فى أمر العامة.

ويروى فى الأوسط من طريق سعيد بن جبيرعن أبى هريرة مرفوعا (لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل ويخون الأمين ويؤتمن الخائن وتهلك الوعول وتظهر التحوت قالوا يا رسول الله وما التحوت والوعول ؟ قال : الوعول وجوه الناس وأشرافهم .. والتحوت الذين كانوا تحت أقدام الناس ليس يعلم بهم ) ..

وفى الحديث الذى زواه البخارى بإسناده عن حذيفة ابن اليمان هو يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... قلت فهل بعد ذلك الخير شر ؟ قال نعم .. دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها .. قلت : يارسول الله صفهم لنا .. قال:هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ...)

وأما الشرق الذى كان إسلاميا فحدث عنه ولا حرج : من تفتيت الأرض وبيع الأوطان وتنفيذ مخططات صهيون بحذافيرها وضرب الإسلام واللكمات الوحشية التى توجه لطلائع البعث الإسلامى وتمزيق الأمة أحزابا وشيعا وكل حزب بما لديهم فرحون .. وإشاعة النعرة الجاهلية والنزعة القبلية إبتداءا من ظهور النزعة الفرعونية فى مصر .. وتبرع روكفلر بمليونين من الجنيهات لإنشاء متحف ومعهد فرعونى فى مصر

وجمعت اليونسكو الأموال لإنقاذ معبد (أبوسمبل) ورسموا أبا الهول على طوابع البريد واتخذت النحات محمود مختار شعارا لتمثال نهضة مصر واتخذت كل كلية من الكليات الجامعة شعارا لها يمثل وثنا من معبودات الفراعنة واعتبر العرب المسلمون غزاة كاليونان والرومان.

بل لقد قال مرقص باشا (إن لفظ قبطى معناه مصرى فجميعكم أقباط بعضكم أقباط مسلمون والبعض الآخر أقباط مسيحيون وكلكم متناسلون من المصريين القدماء)

وظهرت الدعوة إلى الفينيقية فى لبنان والساحل الأشورى والكلدانية فى العراق وتلتها الدعوات الصليبية التى سمت نفسها أسماء الإنقاذ والتخليص : كالبعث الذى نادى به ميشيل عفلق والقوميين العرب وزعيمهم قسطنطين زريق المبشر الأستاذ فى الجامعة الأمريكية _ وتلميذه جورج حبش وممن دعا إلى فكرة القومية العربية لورانس رجل المخابرات الإنجليزى إذ يقول فى أعمدة الحكمة السبع :(لقد كنت أؤمن بالحركة العربية إيمانا عميقا وكنت واثقا قبل أن أحضر إلى الحجاز أنها هى الفكرة التى ستمزق تركيا شذر مذر).

وزكى الأرسوزى الذى يشك أنه يهودى .. صاحب فكرة القومية فى المنطقة وحزب القوميين السوريين الذى تزعمه أنطون سعاده ومن بعده جورج عبد المسيح والحركات الشيوعية التى تزعمها اليهود .. والدعوات الإشتراكية وأساطين فلاسفتها ومنفذوها من اليهود.

وفى إيران القومية الفارسية . وهكذا وفى كل مكان فتتت القوميات الشرق المسمى بالإسلامى . الأستاذ عبد الله التل يقول فى كتابه ( الأجيال والواقع ترجمة حية للبروتوكولات ).

إن أكبر دليل على صحة محاضر بروتوكولات حكماء صهيون هو التطبيق العملى لما ورد فيها من تعاليم شيطانية .

1_ ألايكفى ما نراه من تفوق سلطة الذهب على سلطة الدين وما نجده من تعدد الأحزاب فى العالم وانتشار الدعارة والفجور وشراء الذمم والغدر والأحتيال والتشدق بكلمات الحرية والمساواة والرخاء التى يرددها عبيد اليهود من عميان الغرب والشرق وهى من تخطيط المحضر الأول

2_ ألا يكفى ما نراه من قلب للموازيين والقيم فيصبح الإنسان الشجاع العالم المؤمن الصادق الشريف عميلا رجعيا منحرفا وجاسوسا للمخابرات المركزية ويصبح الإنسان المنحل الكافر الكاذب الجبان وطنيا غيورا ثوريا تقدميا .. ألا ترى كيف تسلم ذرى الأعمال الهامة و المناصب الخطيرة أناس لم يكسبوا خبرة وليسوا جديرين بمثل هذه المناصب .. المحضر الثانى

3_ ألا يكفى ما نرى من تطاحن الأحزاب وتكالبها على السلطة فى العالم وما يصاحب ذلك من تضليل العمال الكادحين وإيهامهم أنهم مصدر السلطة الوحيدة وأن لهم الحق بالقوانين التى تمنحهم تلك السلطة على حساب الطبقات الأخرى من الشعب .. المحضر الثالث .

4_ ألم تتحول أنظار الشعوب العمياء إلى المضاربات التجارية التى تؤدى بالتالى إلى تدفق الأموال على خزائن اليهود فى العالم وتخلق النزاع والأحقاد من أجل الربح والمضاربات وتحطم المجتمع فلا يعود يكترث إلا بالمادة على حساب الأخلاق والدين .. النحضر الرابع.

5_ ألا نرى مدى نجاح اليهود و عملائهم فى محاربة رجال الدين وإسقاط الهالة القدسية عنهم مما جعلهم عرضة لاحتقار رجل الشارع الذى يصدق دعاية اليهود ويستمرئ التحلل من الدين ومواعظ رجل الدين..؟ المحضر الخامس

6_ ألم تنجح خطة اليهود فى مخادعة جماهير العمال برفع الأجور فى الوقت الذى ترفع فيه أسعار المواد الضرورية بدعوى سوء المحصول و بالتالى يتم تخريب الإنتاج وتشجيع العمال على شرب الخمر لينسوا همومهم .. المحضر السادس .

7_ ألم ينجح اليهود فى بث الفتن والدسائس بين الدول والقارات وإشعال نار الحروب الطاحنة التى أكلت الأخضر واليابس وهلك فيها عشرات الملايين من البشر .. المحضر السابع .

8_ ألا يكفى ما نرى من أنتشار تلاميذ المدارس والجامعات اليهودية وسيطرتهم على السياسة والفكر و الأقتصاد لحساب اليهودية العالمية التى تختارهم من الملوثين خلقا ليكونوا مكروهين من شعوبهم فتسهل السيطرة عليهم من قبل اليهود أو عملائهم .. المحضر الثامن .

9_ ألا ترى آثار الخطة اليهودية فى نشر الفوضى بحجة الحرية وتشويه التشريع وقوانين الإنتخابات للسيطرة على الصحافة والأشراف على التعليم وإفساد الأجيال من غير اليهود وإغراقها بالمبادئ والنظريات الفاسدة .. المحضر التاسع .

10_ ألم ترى كيف تحطمت الأسرة غير اليهودية وقضى على تأثيرها الثقافى ةالأجتماعى وكيف نجح اليهود فى السيطرة على معظم رجال الغرب الأعمى وإخضاعهم عن طريق تركيز كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فى أقل عدد المرتشين الفاسدين .. المحضر العاشر.

11_ ألا تلمس تأثير اليهودية العالمية على الصحافة الحزبية فى العالم وبخاصة الغرب الأعمى .. ووكالات الأنباء التى تخدم أهداف الصهيونية العالمية بتخطيط رهيب فى الرد على الصحف الشريفة والكتاب الوطنيين .. المحضر الحادى عشر .

12_ ألا نرى كيف تحولت بفعل الخداع اليهودى أنظار العلماء بعيدا عن الحقيقة وكيف تم إلهاء الشعوب بشتى الوسائل : كالملاهى ودور السينما الرخيصة التى أفلام ىالجنس والدعارة حتى أصبح العالم أشبه بماخور تديره المومسات اليهوديات ..

المحضر الثانى عشر.

13_ ألا نرى كيف نجح اليهود فى خلق أعداد لا حصر لها من الملحدين الذين ارتدوا عن دينهم الإسلامى أو المسيحى تنفيذا لمخطط يهودى يقضى بالقضاء على الإسلام و المسيحية و حصرالعبادة فى دين واحد هو دين موسى .. المحضرالرابع عشر .

14_ ألا نرى كيف تضاعف عدد محافل الماسون فى العالم تميهدا للقضاءعلى غير الماسون ثم القضاء على الماسون من اليهود الذين انتهت مهتهم ويصبح التخلص منهم أمر سهل لا يثير ضجة ما .. المحضر الخامس عشر .

15_ ألم نرى كيف تم لليهود وعبيدهم هدم دعائم التعاليم الجامعى فى العالم بأسره وبخاصة أوروبا وأمريكا والبلاد العربية والأسلامية ... ألم تصبح الجامعات العربية والأسلامية نسخة صادقة لما أراده ورسمه المبشر اليهود (دنلوب) فى أوائل هذا القرن ...

هل تمثل الجامعات العربية والإسلامية _ بإستثناء الأزهر وجامعة المدينة وجامعة مكة المكرمة _ وجه الأمة العربية والأسلامية .. أم تمثل مسخا شائها لجامعات الكفر والإلحاد والعلمانية التى يشرف عليها المبشرون والمستشرقون اليهود فى أوروبا وأمريكا .. المحضر السادس عشر .

16_ ألا نرى أو نحس أصابع اليهود فى الفاتيكان ذلك الصرح البابوى الذى طالما ندد بكفر اليهود وعدائهم للمسيحيين .. لقد خطط اليهود للوصول إلى قلب القصر البابوى تمهيدا لتدميره .. ولإحلال ملك اليهود محله ... المحضر السابع عشر.

17_ ألم ينجح فى إحلال القروض الأجنبية محل الوطنية لتنهال ثروات الشعوب على خزائنهم . وما يصاحب ذلك من الإستيلاء على ثروات العالم عن طريق الأسهم والسندات والبورصة .. المحضرالعشرون .

وأخيرا ألا نلمس الدور الذى يلعبه الذهب فى مصير العالم وهو معبود اليهود قبل آلاف السنين ولم يزل معبودهم يكدسونه لاستخدامه فى تخريب الدول التى لايرضون عن سياستها .. ولا تحقق لهم ما يصبون إليه من أطماع ظالمة حاقدة جشعة تمهيدا لحكم العالم كما يتصور خيالهم العنصرى المريض .

فإذا كانت أخى الفاضل هذه التطبيقات العلمية لمقررات وضعت فى أواخر القرن التاسع عشر غير كافية لإثبات صحتها فإن ما يفعله اليهود فى العالم . ويمارسونه يوميا فى خلقهم . وسياستهم وعاداتهم .. وخططهم جدير بأن يجعلنا نصدق ما صدر عن شياطينهم فى مؤتمر (بال) أمام نبيهم الكذاب هرتزل .


صورة فنية تصف الجيل الحاضر

وما أجمل الصور التى يرسمها الشهيد سيد قطب لهذا المجتمع المسمى بالشرق الإسلامى فيقول (والعقل الواعى الذى لم يأخذ الدوار الذى تأخذه البشرية اليوم حين ينظر إلى هذه البشرية المنكوبة يراها تتخبط فى تصوراتها . وأنظمتها وأوضاعها .. وتقليدها .. وعاداتها وحركاتها كلها تخبطا منكرا شنيعا .. يراها تخلع ثيابها وتمزقها كالمهووس . وتتشنج فى حركاتها .. وتتخبط وتتلبط كالممسوس ... يراها تصرخ من الآلام وتجرى كالمطرد وتضحك كالمجنون .. وتعربد كالسكير وتبحث عن لا شئ .. وتجرى وراء أخيلة وتقذف أثمن ما تملك وتحتضن بأقذر . وما تمسك به يداها من أحجار وأوضار . لعنة .لعنة .. كالتى تتحدث عنها الأساطير وحول هذه البشرية زمرة من المستنفعين بهذه الحيرة الطاغية وهذا الشرود القاتل .. وزمرة من المرابين .. ومنتجى السينما وصانعى الأزياء والصحفيين .. والكتاب يهتفون لها بالمزيد من الصراع والتخبط والدوار.. كلما تعبت وكلت خطاها .. زمرة تهتف له . التطور ... الأنطلاق .. التجديد بلا ضوابط ولا حدود .. إنها الجريمة المنكرة فى حق البشرية كلها . وفى حق هذا الجيل المنكود .

ولم تنج بقعة من الأرض من العفن والأنحلال .. ورحم الله خالدا إذ يقول له رجل :يا أبا سليمان إتق الله فإن الفتن قد ظهرت فقال : أما وابن الخطاب حى فلا .. إنما تكون بعده فينظر الرجل . فيفكر هل يجد مكانا لم ينزل فيه ما نزل بمكانه الذى هو به من الفتنة والشر .. فلا توجد .. فتلك الأيام التى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدى الساعة أيام الهرج . رواه أحمد والطبرانى بإسناد حسن ومعنى الهرج القتل.


حكم التنظيم من الوجهة الشرعية

المبحث الأول: الدعوة هى طريق الخلاص .

إذا كان هذا هو حال البشر اليوم من الفساد والأنحلال والشقاء والضنك فما الخلاص ؟أما الخلاص : فهو تكوين جماعة إسلامية .. تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتتحمل تكاليف الدعوة إلى الله . قال الله عز وجل (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخيرويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )

واللام فى (ولتكن ) للأمر والأمر للوجوب . وقال تعالى (والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

فلابد من توفر هذه الصفات الأربع فى النفس الناجية يوم القيامة .

لذلك وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة العصر بأنها تعدل ثلث القرآن فكلمتان فحسب لأنهما بينتا وجوبا لدعوة كانتا ثلث القرآن فكل واحد فى خسر إلا من كمل قوته العلمية بالإيمان بالله وقوته العلمية بالعمل بطاعته .. فهذا كماله فى نفسه .. ثم كمل غيره بوصيته له بذلك وأمر به وبملاك ذلك كله .. وهو الصبر .. فكمل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح بتعليمه إياه ووصيته بالصبر عليه .

ولهذا قال الشافعى رحمه الله : لو فكر الناس فى سورة العصر لكفتهم فالله سبحانه لم يكتف منهم بمعرفة الحق والصبر عليه حتى يوصى بعضهم بعضا ويرشده إليه .. وبحثه عليه . فإن كان من عدا هؤلاء فهو من الخاسرين و يقول الله عز وجل(قل إنى لن يجيرنى من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته . ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ) .

إن فلا نجاة إلا بتبليغ دعوة الله إلى الناس

أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتزام الجماعة :

عن ابن عمر قال : خطبنا عمر بالجابية فقال : يا أيها الناس : إنى قمت فيكم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال(أوصيكم بأصحابى .. ثم الذين يلونهم .. ثم الذين يلونهم ..ثم يفشو الكذب .. حتى يحلف الرجل الرجل ولا يستحلف .. ويشهد الشاهد ولايستشهد .. ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان .. عليكم بالجماعة فإن الشيطان مع الواحد .. وهو من الأثنين أبعد .. من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة )

ويجب أن نعلم أن الجماعة هم أهل العلم المتقون الذين ذكرهم الله فى الأية (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذرالآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب )

وكما يقول ابن مسعود : ليس العلم بكثرة الرواية إنما العلم الخشية قال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده الله العلماء ) الجنة ثمن التزام الجماعة :

وما أجمل التعبير النبوى (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة )

ولقد حدد الحديث المراد بالجماعة هم الملتقون فى الله والمؤتلفون على دينه مهما كان عدد الجماعة ضئيلا .. فإن الشيطان مع الواحد وهو من الأثنين أبعد . وأشد ما تكون حاجة الناس إلى الجماعة عندما يعم الفساد ويغطى الباطل كما وصف أ ول الحديث الشريف .

حكم العمل فى جماعة :

وعلى هذا فالعمل فى جماعة لإعادة حكم الله إلى الأرض فرض لازم فى عنق كل مسلم .. لأن معظم تكاليف هذا الدين جماعية ولا يستطيع المسلم أن يمارس دينه كما يريد الله إلا فى مجتمع مسلم .

وكذلك مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب فإعادة الخلافة والأمانة إلى الأرض فرض .. فالعمل من أجل قيامها فرض . بقوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة .. ويؤتون الزكاة .. ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )

فالولاية والنصرة والبيعة إنما تكون فى الله ومع المؤمنين .

قال تعالى : (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير )

أى إن لم يتول المؤمنون بعضهم بعضا كما يتكالب الكفار جميعا عليهم .. وينصرون بعضهم بعضا ضد المؤمنين فإن الفتنة _ الشرك _ تعم الإرض بانتصار الباطل . ومن أبسط البديهيات أن الجماعة لابد لها من أمير يطاع . وجنود يطيعون . ولقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على تأمير رجل إذا كانوا ثلاثة فى سفر . فكيف إذا كانوا يريدون إعادة المجتمع الإسلامى .

روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا خرج ثلاثة فى سفر فليؤمروا أحدهم )

فريضة الجهاد اليوم أشد منها ايام التابعين :

وإذا كان التابعون يسيحون فى الأرض جهادا لنشر كلمة الله وهم يعيشون فى دار إسلام تظلهم .. وتطبق شريعتهم ويرون ذلك فرضا .

ففريضة الجهاد اليوم آكد و أكثر ضرورة ومساسا بالواقع الذى نحياه لأجل غرضين :

الأول :إقامة هذا الدين ومجتمعه فى بقعة من البقاع .

الثانى : نشر هذا الدين فى الأرض إنطلاقا من قاعدته الأولى .

فكل من يلقى الله وهو لا يعمل لنصرة دينه .. وإعلاء كلمته فإنه يلقى الله آثما . وذلك لأننا نواجه جاهلية أعتى وأشد من التى واجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. مزودة بكل وسائل العلوم الحديثة لمحاربة الحق وأهله .

وفى الحديث عن أبى موسى عن النبى صلى الله عليه وسلم (..... والذى نفسى بيده لتأمرون بالمعروف .. وتنهون عن المنكر .. أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض .. وليلعنكم كما لعنهم )أى كما لعن بنى إسرائيل . وفى بعض الرويات لهذا الحديث تلا صلى الله عليه وسلم الآية (لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) المعروف الأكبر والمنكر الأكبر :

يجب العمل فى جماعة لإزالة المنكر الأكبر : وهو جريمة إقصاء الإسلام عن الحكم . وتحكيم الشرائع الوضعية الوثنية ويجب الأمر بالمعروف الأكبر : وهو إعادة القرآن إلى منصة الحكم لأن كل فساد البشرية ينبع من هذه القضية الكبرى .. والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبان بالإجماع وأن التقاعس عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض بها واستخلاص قوة التنفيذ من الدين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف وأى تخاذل من المسلمين عن هذا الغرض يؤدى إلى مصائب وكوارث تأخذ بالصالحين .. والطالحين والبهائم والحشرات .. بقوله تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )

وعن العرس بن عميرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أتدن تغيره ولاتغيره .. فذلك حين يأذن الله فى هلاك العامة والخاصة ) وبالإمكان التغيير لو صمم الناس لأن الطاغوت واحد وهم كثير .

وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا ظهرت المعاصى فى أمتى عمهم الله بعذاب من عنده . فقلت يا رسول الله أما فيهم أناس صالحون؟ قالى بلى .قلت فكيف يصنع أولئك . قال : يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان )

وقد جاء فى الذكر الحكيم : ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ).

قال صلى الله عليه وسلم يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون دواب الأرض

قال مجاهد وعكرمة هم الحشرات والبهائم يصيبهم الجدب بذنوب علماء السوء الكاتمين فيلعنهم وأخرج القرطبى عند تفسير آية (لو يؤاخذ الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ....)

فقال : ابن مسعود : يريد جميع الحيوان مما دب ودرج . وقال ابن مسعود كاد الجعل أن يعذب فى جحره بذنب أبن آدم . وقال يحيا بن كثير :أمر رجل بالمعروف ونهى عن المنكر فقال له رجل :عليك بنفسك .. إن الظالم لا يضر إلا نفسه .. فقال أبو هريرة كذبت ؟ والله الذى لا إله إلا هو _ثم قال _ والذى نفسى بيده إن الحبارى لتموت هزلا فى وكرها لظلم الظالم .

المبحث الثانى :إنحراف فى التصور الإسلامى

وقد يزين الشيطان لبعض الأفراد أن يعتزل الجماعة ليتفرغ للشعائر كالصلاة والصيام والتطوع . هؤلاء الناس لا يدركون طبيعة هذا الدين .. ولا يعرفونه .. ولا يعلمون أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر : هو الركن الركين الذى من أجله كرم الله هذه الأمة فقال عز شأنه (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )

وقوله ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )

روى الطبرانى فى الأوسط عن جابر مرفوعا ( أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا و كذا على أهلها قال : إن فيها عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين .. قال إقلبها عليه وعليهم .. وفى رواية الأمام أحمد _ به فابدأ _ فإنه وجهه لم يتمعر فى ساعة قط .. أى لم يحمر وجهه غضبا لى .

وذكر أبو عمر فى كتاب التجويد : إن الله سبحانه أوحى إلى نبى من أنبيائه أن قل لفلان الزاهد أما زهدك فى الدنيا فقد تعجلت به الراحة .. وأما انقطاعك إلى فقد كسبت به العز .. ولكن ماذا عملت فيما لى عليك .

فقال يارب وأى شئ لك على ؟ قال : هل واليت فى وليا أو عاديت فى عدوا ؟.

ويقول ابن القيم فى هؤلاء الذين يتركون الأمر بالمعروف من أجل الزهد والذكر والأنقطاع (هؤلاء فى نظر العلماء من أقل الناس دينا .. فأى دين وأى خير فيمن يرى محارم الله تنتهك .وحدوده تضاع ودينه يترك وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها .. وهو بارد القلب ساكن اللسان ؟ شيطان أخرس . وهل بليه الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم .. ورياساتهم .. فلا مبالاه بما يجرى على الدين وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قوبلوا فى الدنيا بأعظم بلية .. وهم لا يشعرون وهو موت القلوب فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى . وانتصاره لدين الله أكمل .

ويروى لنا التابعى الكوفى الفقيه النبيل عامر الشعبى أن رجالا خرجوا من الكوفة .. ونزلوا قريبا يتعبدون .. فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود .. فأتاهم ففرحوا بمجيئه إليهم . فقال لهم ما حملكم على ما صنعتم ؟ قالوا : أحببنا أن نخرج من عمار الناس نتعبد .. فقال عبد الله لوأن الناس فعلوا مثل ما فعلتم فمن كان يقاتل العدو ؟ وما أنا ببارح حتى ترجعوا ما اشتغل بدلالة عباد الله على الله فهى حالات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .. أما علمت أنهم آثروا تعليم الخلق على خلوات التعبد لعلهم أن ذلك آثر عند حبيبهم .

ولا يزالون يسألونك : هل شغل الأنبياء إلا معاناة الخلق وحثهم على الخير .. ونهيهم عن الشر ؟

يقول الإمام عبد القادر الجيلانى :

يا زهاد الأرض تقدموا .. خربوا صوامعكم و اقربوا منى قد قعدتم فى خلواتكم من غير أصل ما وقعتم به تقدموا .


ابن تيمية وشرعية العمل الجماعى

إسمع قول ابن تيمية فى شرعية العمل الجماعى .. مما لا تكاد تصدق أنه من كلام القدماء .. يقول رحمه الله : أما لفظ الزعيم فإنه مثل لفظ الكفيل والقبيل والضمين .. قالى تعالى :( ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم ) فمن تكفل طائفة فإنه يقال : هو زعيم .. فإن كان قد تكفل بخير كان محمودا على ذلك .. وإن كان شرا كان مذموما على ذلك .. وأما رئيس الحزب (فإنه رأس الظائفة التى تتحزب . أى تصير حزبا فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ةلا نقصان . فهم مؤمنون . لهم مالهم وعليهم ماعليهم .. وإن كانوا قد زادوا فى ذلك ونقصوا .. مثل التعصب لمن دخل فى حزبهم بالحق والباطل وإعراضهم عمن ليس فى حزبهم سواء كان على الحق والباطل فهذا من الفرق الذى ذمه الله تعالى ورسوله . أمر بالجماعة والأئتلاف .. ونهى عن التعاون على الأثم والعدوان .

وقد أقام الله عز وجل الأمر بالمعروف علامة فارقة بين الإيمان والنفاق . يقول الله عز وجل :( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف .. ويقبضون أيديهم .. نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون )

ويقول أيضا (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف .. وينهون عن المنكر .. ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله .. أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )

ليس الدين مجرد ترك المحرمات الظاهرة .. بل القيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله تعالى أيضا .. وأكثر المتدينين لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس .

و اما الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .. والنصيحة لله ورسوله .. ودينه كتابة فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلا عن أن يريدوا فعلها وفضلا عن أن يفعلوها .

وأقل الناس دينا وأمقتهم إلى الله : من ترك هذه الواجبات وإن زهد فى الدنيا جميعها . وقل أن ترى منهم من يحمر وجهه ويتمعر لله . ويغضب لحرماته .. ويبذل ماله نصرة دينه .

والنبى صلى الله عليه وسلم كانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه ولسانه ويده . ولهذا كان أرفع العالمين ذكرا وأعظمهم عند الله قدرا .