الإخوان المسلمون وقضية الأقلية المسلمة في الصين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون وقضية الأقلية المسلمة في الصين


مقدمة

انتشرت دعوة الإخوان في مصر وخارجها، وتعرف عليها كثير من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وعمل كثير منهم تحت لوائها أو تعاون معها في نشر تعاليم الإسلام الحنيف، خاصة أن معظم أبناء المسلمين في مختلف البلاد يفدون لمصر للدراسة في الأزهر الشريف

ومن ثم كان من السهل عليهم التعرف على الأستاذ حسن البنا ودعوة الإخوان المسلمين التي رأوا فيها اهتمامها بقضايا المسلمين في كل مكان خاصة الأقليات المعذبة والتي كتب عنها الشيخ البنا في كثير من كتباتابه مطالبا الحكام والشعوب بحماية هذه الأقليات ومنها أقلية الإيغور المسلمة في الصين.

من هم الإيغور؟

الإيغور المسلمون عبارة عن قبائل تركية عاشت في إقليم تركستان (تعني أرض الأتراك) منذ قديم الأزل، ويعدون أنفسهم أقرب عرقيا وثقافيا لأمم آسيا الوسطى، وتميزت العلاقات بينها وبين الصين بالكر والفر على مدار قرون عديدة، واللغة التي يتحدثها الإيغور تكتب حروفها باللغة العربية حتى الآن، يقيمون في إقليم "شينغيانغ" الصيني الذي يعني باللغة الصينية الحدود الجديدة، بعد أن غيرته الصين من "تركستان الشرقية".

شينغيانغ أو تركستان الشرقية تقع في شمال غرب الصين، وتحدها سبع دول كانت معظمها ضمن الاتحاد السوفييتي قبل أن يتفكك، منها كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان، وكذلك تحدها باكستان، وتبلغ مساحتها نحو 1.8 مليون كلم مربع، أي تقريباً ضعف مساحة جمهورية مصر العربية. وصل الإسلام إلى تركستان في عهد عبدالملك بن مروان عام 97هـ، واعتنق الأويجور الإسلام دون تردد وغالبيتهم اليوم من المسلمين السُّنة.

ويتمتع الإقليم بموقعه الجغرافي المتميز الذي مثل جزءاً رئيسياً من طريق الحرير القديم، وكان ذلك أحد أهم أسباب إصرار الصين على احتلال الإقليم واعتباره جزءاً من أراضيها، إضافة لأرضه الخصبة وثرواته المعدنية المتنوعة والكبيرة. وظل اقتصاد المنطقة لقرون قائما على الزراعة والتجارة، إذ كانت بعض المدن مثل كاشغار مراكز رئيسية على طريق الحرير الشهير.

تغطي تركستان الشرقية 80 في المائة من احتياجات الصين من النفط، ويقدر البعض مخزونها من النفط بأنه يضاهي المخزون النفطي للمملكة العربية السعودية، حيث اكتشفت فيه كميات احتياطية كبيرة من البترول. وتعتبر تركستان الشرقية ممرا بريا يصل الصين بحقول النفط والغاز في قرغيزستان وآسيا الوسطى، لذا تعد هذه الموارد أحد أسباب تركز هذه المآسي في مناطق محددة من أماكن الوجود الإسلامي في الصين.

وتؤكد دراسة أن في تركستان الشرقية أكثر من 90 في المائة من مناجم اليورانيوم في الصين وهي من أجود أنواع اليورانيوم في العالم، وكذلك الفحم الذي يبلغ رصيده ستمائة مليون طن، ويمكن أن تكفي العالم لمدة ستين عاما، حسب ما يقوله علماء الجيولوجيا.

ورغم ذلك نجد أن المستوى الاقتصادي للمسلمين ضعيف جدًا في تركستان الشرقية، فهم يعانون من البطالة والأمية بسبب سياسة التمييز التعليمية التي اتبعت ضدهم، وهم لا يستطيعون النهوض في المجال الاقتصادي. وعلى مر عقود، عملت الصين على تهجير الأويجور وتوزيعهم على أقاليم ومناطق مختلفة في تركستان وداخل الصين لتشتيتهم، كما حرصت على التضييق عليهم بشكل كبير في عباداتهم وهدمت مساكنهم ومساجدهم.

وبعد ثلاث ثورات للإيغور ضد المحتل الصيني وفي أوائل القرن العشرين تمكن الإيغور من إعلان استقلال تركستان، كان آخرها في الفترة من 1944 وحتى 1949، ولم تعترف الدول الكبرى ولا أية دولة أخرى باستقلال تركستان؛ مما شجع الصين على غزوها واحتلالها مرة أخرى.

وتم ذلك عام 1949، حيث تمكنت من اجتياح الإقليم وتغيير اسمه لشينغيانغ وبدأت في اتباع سياسة تهدف للقضاء التام على الهوية المسلمة للإيغور، وتم تهجيرهم من تركستان وتوزيعهم على أقاليم مختلفة من أجل تذويبهم، كما ضيق النظام الشيوعي على الإيغور في عباداتهم وهدم مساجدهم ومدارسهم.

ازداد العداء الصيني لـ "الإيغور" بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بشكل متصاعد، خاصة بعد استقلال الكثير من البلدان التي كانت تخضع للشيوعية السوفيتية، وخصوصا بلدان تركستان الغربية، وخوفا من مطالبات الانفصال المتصاعدة في تركستان الشرقية حمل الحزب الشيوعي في عام 1990، شعارا للقضاء على حلم الانفصال الإيغوري بذريعة القضاء على ما يوصف بالشرور الثلاثة المتمثلة في الانفصال، التطرف الإسلامي، والإرهاب. (1)

الإخوان ومسلمي الصين

اهتم الإخوان المسلمون بقضايا الأمة الإسلامية عامة والأقليات خاصة لما كانوا يتعرضون إليه من أيذاء وعنت من حكومات دولهم التي يعيشون فيها، ولا يجدوا من يحميهم من أنظمتهم حتى الدول العربية والإسلامية التي كانت محتلة سواء من المحتل الغربي أو من بعده أتباع المحتل في كراسي السلطة.

كتب الأستاذ حسن البنا – مؤسس جماعة الإخوان – كثيرا عن المعاناة التي يتعرض لها المسلمون في الصين، حيث تعرف على كثير من هذه المأسي عن طريق الطلبة الصينيين الذين كانوا يدرسون في الجامع الأزهر.

فكان يكتب مذكرا المسلمين بالروابط التي تجمعهم ببعضهم البعض، خاصة الأقليات المضطهدة في الصين وبورما وغيرها فيقول:

دعك من شعور كل مسلم إلى جانب هذا كله بالرابطة القوية التى تربطه بالأقليات الإسلامية الأخرى أينما وجدت، فى آسيا، فى الصين واليابان والفلبين والجمهوريات السوفياتية الأسيوية، وفى أوروبا فى البلقان وأسبانيا وفنلندا وبولندا والقوقاز... إلخ، وفى إفريقيا فى الحبشة ونيجيريا والصومال... إلخ. ومن عطفه الأكيد على هذه الأقليات وتمنياته الطيبة لها ودعائه فى صلواته ومناجاته لربه أن يخلصها من الظلم، وأن ينقذها من الجور، وأن يهب لها الطمأنينة والخير والسلام. (2)

ونراه يكتب منددا بوضع المسلمين في الصين ومطالبا الدول الإسلامية بالعمل على حماية هذه الأقلية أو قطع صلتها بالصين حتى ترتدع لكن يبدوا أن مطالبه ودعواته لم تجد أذان صاغية من الحكام المسلمين.

فكتب يقول:

"هناك الأقليات الإسلامية المنثورة في كثيرٍ من البلدان لا تعرف دولة تلجأ إلى حمايتها، أو حكومة مسلحة تحتمي بجنسيتها كالمسلمين في الحبشة والصين والبلقان وبلاد إفريقية الوسطى والجنوبية والشرقية والغربية".
وإنني أناشد المسئولين أن تتحرر هذه الأقليات، وتنال حقوقها، ويُرفع عنها الظلم والحيف، وتكون بمأمنٍ من الظلم والعدوان، بعدما توالت الاعتداءات على المسلمين فى كل قطر من أقطار الأرض، وكشر أعداؤهم عن ناب البغضاء، وآذنوهم بحرب بعيدة المدى، وصرحوا بنيّاتهم، وكشفوا عن مخبآت ضمائرهم، وأعلنوا على رءوس الأشهاد أنهم يريدون أن يكون الدين كله لهم والحكم بيدهم، وتزول من الوجود تلك البقية من المسلمين فى كثير من أنحاء الأرض، وكلها بشدة وبلهجة قاسية وبحروف من نار، ولكن لمن نحتج؟ (3)

وكتب في رسالة (بين الأمس واليوم):

تركستان وما جاورها مستعمرات روسية يذيقها البلاشفة مر العذاب. وفيما عدا ذلك فهناك الأقليات الإسلامية المنثورة في كثير من البلدان لا تعرف دولة تلجأ إلى حمايتها أو حكومة مسلحة تحتمي بجنسيتها كالمسلمين في الحبشة والصين والبلقان وبلاد إفريقية الوسطى والجنوبية والشرقية والغربية.
وبهذا الوضع انتصرت أوربا في هذا الصراع السياسي وتم لها ما أرادت من تمزيق الإمبراطورية الإسلامية والذهاب بدولة الإسلام وحذفها سياسيا من دائرة الدول الحية العظيمة.
وحينما اجتمع الوزراء العرب بعث إليهم مؤكدا على حقوق الأقليات المسلمة المنتشرة في ربوع الأرض، حيث طالبهم بالمطالبة بحقوق الشعوب الإسلامية المظلومة ورعاية الأقليات المسلمة فى مختلف البلاد والأقطار:

وهناك شعوب إسلامية وأقليات وجاليات عربية فى كثير من البلاد والأقطار، بلاد الحلفاء وبلاد الأعداء، كالشعب الأندونوسى، والتركستان، والمسلمين فى الهند، والمسلمين فى الصين والفلبين، والمسلمين فى روسيا وفى البلقان

وكل هؤلاء يضرب عليهم الاستعباد باسم الاستعمار، وتهضم حقوقهم، ويحال بينهم وبين الرقى والنهوض، فإذا كان هذا الوقت هو الوقت الذى يترقبه المظلومون لينالوا حقوقهم وليصلوا إلى حريتهم، فإن أول من ينطق بلسان هؤلاء ويطالب بحقوقهم هو المؤتمر العربى بحكم الروابط الكثيرة بين العرب وبين هذه الجماعات
فعلى المؤتمر أن يطالب باسم الإنسانية وباسم التطور الجديد فى نظام العالم بتحرير الشعوب المستعبدة من هؤلاء، وإنصاف المظلومين من هذه الأقليات، ودراسة القضايا المعلقة التى طال عليها الأمد ولم تمتد إليها يد العدالة والإنصاف. (4)

بل كتب يوضح حاجة الأقليات الماسة لوحدة المسلمين من أجل الدفاع عنهم أمام جبروت الدول التي يعيشون فيها باستخدام وسائل الضغط الرسمية والشعبية

فيقول:

وفيما عدا ذلك فهناك الأقليات الإسلامية المنثورة فى كثير من البلدان لا تعرف دولة تلجأ إلى حمايتها، أو حكومة مسلحة تحتمى بجنسيتها كالمسلمين فى الحبشة والصين والبلقان وبلاد إفريقية الوسطى والجنوبية والشرقية والغربية. (5)

كما عملت مجلات الإخوان المسلمين وصحفهم على الاهتمام بقضايا الأقليات الإسلامية، ففي مجلة الإخوان المسلمون الأسبوعية وتحت باب (ما يجب أن تعرفه عن) قامت المجلة بنشر تاريخ المسلمين وأوضاعهم ومشكلاتهم في العديد من البلاد الآسيوية والأوربية والأفريقية مزودة القارئ بالصور والمعلومات التاريخية والجغرافية والسكانية والسياسية والاجتماعية عن مسلمي هذه البلاد والمراكز الإسلامية الموجودة في هذه الدول...إلخ.

من أهم الأقليات الإسلامية التي أبرزتها المجلة (المسلمون في القوقاز) و(المسلمون في ألبانيا) و(المسلمون في اليونان) و(الأقليات الإسلامية في أوربا) و(المسلمون في الصين)، وتحت باب بعنوان (العالم الإسلامي في أسبوع) أبرزت المجلة قضايا المسلمين ومشكلاتهم. (6)

ظل الإمام البنا حريصًا على الاتصال بالعالم الخارجي، وخص العالم الإسلامي باهتمامه فجعل له بابًا في جريدة الإخوان الأسبوعية تتناول أخباره وتتبنى قضاياه

وكتب في العدد الأول منها سبب تخصيص هذا الباب فقال:

"جريدة الإخوان المسلمين تعتبر نفسها خادمة كل مسلم مهما كان وطنه أو جنسيته، ولا ترى أهل القبلة إلا رجلاً واحدًا كما مثلهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي لهذا تنقل إلى قرائها مجمل أخبار العالم الإسلامي، ليلم بها كل قارئ، وليقوم كل مسلم بما يجب عليه نحو الأخوة الإسلامية العامة، غير متحيزة إلى فريق أو مائلة ناحيته، ولكنها ترجع الخير لكل مسلم"، وفي هذا الباب تناول الإخوان الإسلام في مناطق كثيرة من العالم منها الصين، وإندونيسيا، والمغرب، وإيران، والهند، وغيرها من بلاد العالم. (7)

وأثناء الحرب اليابانية الصينية الثانية التي بدأت في 7 يوليو 1937م فكرت اليابان بالتقرب للمسلمين وقت اجتياحها الصين من أجل أن يقف مسلمي الصين معها، فكشف البنا هذا الأمر

وكتب يقول:

إذا فكر المرء قليلاً ونظر إلى مطامع اليابان فى بلاد الصين وما حواليها من الأسيوية التى يقطنها (360) مليونًا مسلمًا ويوجد فى غرب بلاد الصين 30مليونًا مسلمًا، وقد ظهرت بوادر هذه الحركة من بعد الحرب العظمى، وظاهر هذه الحركة عند العامة مسألة دينية محضة، ولكن الزعماء يقصدون من ذلك مقصدًا آخر سياسيًا فإن الرئيس بقوله: "إن اليابان الآن فى طريقها نحو تحقيق إنشاء دولة أسيوية عظمى... إلخ" قد نحى منحى سياسيًا محضًا. (8)

الاهتمام بالمسلمين الصينيين

اهتم الإخوان بالمسلمين الصينيين الذين وفدوا إلى مصر، فقد قامت به شعبة بورسعيد يوم الخميس 18 يوليو 1935م حيث استضافت الأستاذ محمد إبراهيم شاه كوجين، رئيس البعثات الصينية بمصر، وعقدت له ندوة دعت إليها جموع الشباب المسلمين من الإخوان وغيرهم

وحضر الضيف الجليل، فاستقبله الإخوان على عادتهم في الحفاوة بكل أخ في العقيدة والإسلام، وقدمه للجمهور فضيلة الاستاذ الشيخ محمود حلبة نائب الإخوان، فتكلم الضيف بالإنجليزية عن أعمال جمعيات مسلمي الصين وآخر الأخبار عنها، فعرف كيف أن راية الإسلام تخفق على جزء كبير من ربوع هذه البلاد، وكيف أن المسلمين إخوان في جميع آفاق الأرض وجميع البلاد المسلمة.

وقد ترجم له المحاضرة أحد شباب الإخوان وهو الشاب النابه محمد أفندي أبو عوض، وقد نشرت المجلة أحداث هذه الندوة وعلقت قائلة: "فنتمنى على جمهور العالمين، ونرجو أن تتحقق فكرة الوحدة العربية بين جميع ممالك الشرق والإسلام". (9)

كما اهتمت مجلة الإخوان بأخبار المسلمين في الصين، حيث نشرت مقال لرئيس جمعية الهداية الإسلامية بالصين محمد علي ماجون تو، وصورة لصديقين من أصدقاء الإخوان في الصين. (10)

دعوة الإخوان والصين

كتب أحدهم يقول:

أسهم الإخوان المسلمون في نشر الإسلام في دولة الصين في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، من خلال رسائلهم ومطبوعاتهم وأنشطتهم المختلفة، فقد أسهمت مجلات الإخوان (النذير) و(الإخوان المسلمين) وغيرها في تعريف المسلمين في العالم الإسلامي بتاريخ دخول الإسلام إلى الصين، والاهتمام بشأن مسلمي الصين؛ باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من الوطن الإسلامي الكبير.

وبمناسبة زيارة نائب زعيم مسلمي الصين لمصر، نشرت مجلة (الإخوان المسلمين) في أحد أعدادها مقالاً، فصَّلت فيه تاريخ اتصال العالم الإسلامي بالدولة الصينية، وكيف سمح للمسلمين الوافدين على الصين من بلاد العالم الإسلامي بأن يكونوا جاليةً إسلاميةً، وينشئوا مساجدهم ومدارسهم، ويعينوا قضاتهم ومفتيهم، ويديروا شئونهم بأنفسهم تحت زعامة شيخ الإسلام.

كما ندَّد الإخوان بالممارسات الشيوعية في تركستان الصينية؛ حيث اجتاحت الشيوعية أقاليمها، واستولت على مقاطعها أمام مرأى ومسمع الحكومة الوطنية الصينية التي تراجعت أمام السيل الجارف الذي أعدته روسيا لاجتياح الشرق الأقصى كله.

كما احتضن الإخوان الطلاب الصينيين الدارسين بمصر، فانضم العديد منهم، حتى إن بعضهم حاضر في شعب الإخوان؛ حيث استضافت شعبة بورسعيد السيد محمد إبراهيم شاه كوجين رئيس البعثات الصينية بمصر يوم الخميس 18 يوليو 1935م والذي تحدث عن الإسلام في الصين، والمعاناة التي يعيشها مسلمو تركستان.

كما قام قسم الاتصال بالعالم الإسلامي لجماعة الإخوان المسلمين الذي أُنشئ في أوائل عام 1944م للعمل على ربط الأقطار الإسلامية بعضها ببعض، وتوحيد السياسة العامة لها، والعمل على تحرير العالم الإسلامي من كل سلطان أجنبي

والاهتمام بشأن الأقليات الإسلامية في كل مكان بتكوين أربع لجان:

لجنة للبلاد الإسلامية في الشرق الأوسط، ولجنة للبلاد الإسلامية في الشرق الأقصى، ولجنة للمسلمين في أواسط آسيا، ولجنة للمسلمين في أوروبا، وابتدأت اللجان أعمالها بجمع المعلومات عن البلاد الإسلامية، وتأليف الرسائل المتسلسلة عن كل بلد منها، وقد تم تأليف رسالتين حتى تاريخ 31/1/1945م.
إحداهما: عن الصين وطبعت بعنوان: "الصين والإسلام"، والذي قام بتأليفها محمد تواضع رئيس البعثات الصينية بالأزهر الشريف، والعضو بقسم الاتصال بالعالم الإسلامي.
بل بلغ اهتمام الإخوان بهذه الأقليات أن وضعت لهم مادة في القانون العام لجماعة الإخوان المسلمين حتى لا يتجاهل قضيتهم الإخوان أو ينسوها فجاءت المادة 74 تحت عنوان: ينشأ في القسم لجان تقوم على أوجه النشاط المختلفة منها:
لجنة الشرق الأدنى وتضم البلاد العربية وباقي الشعوب الإسلامية في إفريقيا كما تضم تركيا وإيران لجنة الشرق الأقصى (أفغانستان – تركستان – الصين – الهند – الهند الصينية – اندونيسيا – اليابان) (11)

ولقد أثمرت جهود الإخوان الطيبة في الاتصال بالشعب الصيني عن انتظام أحد رجال الصين وعلمائها في صفوف الإخوان المسلمين، وهو الأستاذ محمد تواضع "الذي كان عضوا في قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بجماعة الإخوان المسلمين"؛ الذي أسهم بجهد كبير في تبليغ دعوة الإسلام إلى الشعب الصيني، وكان أحد أهم أعلام الإخوان المسلمين بالصين

وهو سفير الصين في مصر، ورئيس بعثة الصين إلى الأزهر، وهو صاحب كتاب "الإسلام والصين" الذي نشره قسم الاتصال بالعالم الإسلامي عام 1945م قبل أن تجتاح الثورة الشيوعية الصين، ذلك الكتاب الذي يستعرض تاريخ الصين قبل دخول الإسلام وبعده، ثم يتحدث بإسهاب عن أوضاع المسلمين والشخصيات البارزة وعدد المساجد والجمعيات فيها.

وقد كتب مقدمة الكتاب الإمام البنا، وشرح فيها بجلاء وصفاء جوهر فكرة الإخوان المسلمين، وقال في مقدمته:

"من الواجب على المسلمين مهما تباعدت أوطانهم، أو نأت ديارهم، أو اختلفت أجناسهم وألوانهم، أن يشعروا بأنهم أمة واحدة، وشعب واحد، وحدته هذه العقيدة، وألّف بين قلوب أبنائه الإسلام، لا تفرق بينهم أبدًا الحواجز الطبيعية، ولا الحدود الجغرافية، ولا العوامل السياسية، ولا المنافع الشخصية؛ لأن الله أرادهم هكذا أمة واحدة، كما قال تبارك وتعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)) (المؤمنون).

كما تطرق الإمام البنا إلى بيان نشاط الإخوان في الاتصال بالمسلمين في الصين، فقال:

"وكان من مقتضيات إنفاذ هذه الرؤية إنشاء قسم الاتصال بالعالم الإسلامي والبلاد العربية، وإسناده إلى أحد الإخوان العاملين من أعضاء مكتب الإرشاد، يعاونه فيه نخبة من الشباب المؤمن الغيور، وجعل مهمة هذا القسم الاتصال بالإخوان الأحبة من نزلاء مصر وضيوفها، من العرب ومن الأوطان الإسلامية المختلفة؛
لمعرفتهم، وتعرف أحوال بلادهم وأوطانهم، والتعاون معهم على الخير المشترك الذي يأمله الجميع باتحاد جهودهم، مع توثيق الصلة بالتزاور والمراسلة، وبكل وسيلة ممكنة بالهيئات الإسلامية العاملة، والشخصيات المجاهدة الفاضلة في تلك الأوطان جميعًا، ثم نشر المعلومات النافعة إلى الشعب المصري عن أفراد العالم الإسلامي والبلاد العربية؛ حتى يكون التعارف في أوسع دائرة ممكنة، وحتى نهيئ النفوس بذلك للدعوة العالمية المقبلة إن شاء الله".

ولقد ترجم له الأستاذ فهمي هويدي في كتابه "الإسلام في الصين"، وقال في شأنه:

الشيخ محمد تواضع بانغ شي، المتوفى سنة 1958م، وهو عالم أزهري، كان ضمن المجموعة الأولى التي التحقت بالأزهر من أبناء مسلمي الصين، وقد عمل إمامًا ومعلمًا ومحررًا، فضلاً عن أنه أول من جلب حروف الطباعة العربية إلى الصين؛ مما قدَّم مساهمات كبيرة في نشر الثقافة الإسلامية بالصين، وإضافة إلى ذلك فقد ألف كتابًا بعنوان " ذكريات تسع سنوات في مصر"، وترجم كتاب "تاريخ التشريع الإسلامي" إلى الصينية، وكتاب "مذاهب الدين الإسلامي" وغيرها من الكتب.

كما نشر عددًا من المقالات في مجلة (هلال الصيني) المطبوعة آنذاك، وقد كان الشيخ تواضع على اتصال بجماعة الإخوان المسلمين خلال سنوات دراسته في الأزهر، حتى أرسلت الجماعة إليه في الثلاثينيات رسالة باسم "المسلمون في الصين" (12)

وحينما دعا محمد علي علوبة باشا لأول مؤتمر عربي إسلامي من أجل فلسطين عام 1938م شارك علماء الصين فيه منددين بما يحدث على أرض فلسطين؛ حيث دعا إليه محمد علي علوبة باشا بصفته رئيس اللجنة البرلمانية المصرية للدفاع عن فلسطين، وأرسل الدعوة إلى نواب وشيوخ كلٍّ من مصر والعراق وفلسطين وسوريا ولبنان وشرق الأردن

ومندوبين عن الدول الإسلامية كالمغرب واليمن والهند والصين والجاليات الإسلامية في يوغوسلافيا وأمريكا، وانعقد المؤتمر بالقاهرة في يوم الجمعة 13 شعبان سنة 1357هـ الموافق 7 أكتوبر 1938م، حيث تحدث فيه السيد محيي الدين العدسي فألقى كلمة مسلمي الصين فتحدثَ عن تضامن شعبه مع الشعوب الإسلامية لنصرة قضية الحق المقدسة في فلسطين.

كما عملت مجلات الإخوان المسلمين وصحفهم على الاهتمام بقضايا الأقليات الإسلامية، ففي مجلة الإخوان المسلمون الأسبوعية وتحت باب (ما يجب أن تعرفه عن) قامت المجلة بنشر تاريخ المسلمين وأوضاعهم ومشكلاتهم في العديد من البلاد الآسيوية والأوروبية والإفريقية، مزودة القارئ بالصور والمعلومات التاريخية والجغرافية والسكانية والسياسية والاجتماعية عن مسلمي هذه البلاد والمراكز الإسلامية الموجودة في هذه الدول.. إلخ. (13)

واستمر الإخوان في دفاعهم عن الأقليات المسلمة في كل مكان خاصة بعدما خرجوا من محنتهم في عصر السادات، حتى يومنا هذا.

المراجع

  1. من هم الإيغور؟: 14 سبتمبر 2020
  2. حسن البنا: خواطر مهداة إلى الأمة البريطانية عامة وإلى المستر تشرشل ووزراء الدومنيون خاصة، جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (17)، السنة الأولى، 22 جمادى الآخرة 1365ه- 23 مايو 1946م، صـ1.
  3. حسن البنا: واجب العالم الإسلامى أمام ما نزل به، مجلة الفتح، العدد (255)، السنة السادسة، 2 صفر 1350ه- 18 يونيو 1931م.
  4. حسن البنا: جامعة شعوب عربية: جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (421)، السنة الثانية، 1 ذو القعدة 1366ه- 16 سبتمبر 1947م، صـ 5-6.
  5. حسن البنا: رسالة بين الأمس واليوم، صـ568.
  6. جريدة الإخوان المسلمين اليومية العدد 721 السنة الثالثة 7 سبتمبر 1948.
  7. جريدة الإخوان المسلمين – السنة الثالثة – العدد 17 - 7 جمادى الأولى 1354هـ - 6 أغسطس 1935م.
  8. حسن البنا: ماذا تريد اليابان من اعتناق الإسلام، مجلة الإخوان المسلمون، العدد (19)، السنة الخامسة، 3 شعبان 1356ه- 8 أكتوبر 1937م، صـ2-3.
  9. جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الجزء الثالث، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006، صـ578.
  10. جريدة الإخوان المسلمين، السنة الثانية – العدد 3 – 3 صفر 1353هـ - 18 مايو 1934م.
  11. مجلة الإخوان المسلمون، العدد (52)، السنة الثالثة، 16 صفر 1364- 31 يناير 1945م، صـ20.
  12. الإخوان ونشر الإسلام في الصين: 20 ديسمبر 2019
  13. السيد شعيب: الإخوان المسلمون والأقليات الإسلامية، 20 يونيو 2011