(الإخوان) والبرلمان.. مشاركات قلبت الحياة السياسية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان والبرلمان.. مشاركات قلبت الحياة السياسية


2004-04-04

مقدمة

مجلس الشعب المصري

الإمام البنا" تنازل عن أول مشاركة مقابل غلق بيوت البغاء

• جمال أسعد أول قبطي ترشحه الجماعة للحياة النيابية

• فوز شعار (الإسلام هو الحل) كان استفتاءً شعبيًّا لعودة المنهج الإسلامي

• الشريعية الإسلامية والإصلاح الشامل قضايا تبناها نواب (الإخوان)

خلال 75 عامًا هي عمر جماعةالإخوان المسلمون) شاركت الجماعة في الحياة النيابية بمصر والوطن العربي والإسلامي بشكل بارز، واحتلت الجماعة في كثير من المجالس النيابية مقاعد المعارضة الأولى، وفي مصر تحديدًا كان لـ(الإخوان) تاريخ حافل مع الانتخابات البرلمانية، هذا التاريخ بدأ بعد سنوات من نشأة الجماعة، وتحديدًا في عام 1938م، واستمر معها حتى آخر انتخابات شهدتها مصر عام 2000م، والأهم من قرار الجماعة من المشاركة في الانتخابات النيابية كان هو الهدف الذي من أجله دخلت الجماعة هذا المضمار.

المشاركة الأولى

وكانت أول محاولة لـ(الإخوان) عام 1938م، ولم تسمح الجماعة إلا للإمام "البنا" فقط بخوض الانتخابات في دائرة الإسماعيلية، وقد شهدت هذه الانتخابات أول ضغط ظاهر للمحتل الإنجليزي على الحكومة المصرية بهدف منع الإمام البنا" من خوض الانتخابات؛ وهو ما حدث بالفعل، إلا أن (الإخوان) لم يخرجوا من الانتخابات دون مكاسب؛ بل حققوا مكاسب هامة، كان أبرزها اعتراف حزب الأغلبية وزعيمه بوجود (الإخوان)، كما حصل (الإخوان) على مكاسب أخرى استفادت منها مصر، وكان من أهمها إغلاق بيوت الدعارة الرسمية، وهو الطلب الذي طالب به الإمام البنا" من حكومة "النحاس" باشا مقابل تنازله عن الترشيح، إضافةً للسماح بوجود جريدة يومية لـ(الإخوان المسلمون).

ورغم أن الإمام البنا" تنازل عن ترشيح نفسه في هذه الانتخابات إلا أن مجرد مشاركة (الإخوان) في الانتخابات النيابية كان مثار حديث الجميع عن جدوى المشاركة، والهدف منها وهو ما دفع مجلة (الإخوان المسلمون) إلى نشر حوار مع العالم الشيخ "محمد أبو زهرة"- أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق- جامعة القاهرة- حول دخول (الإخوان المسلمون) الانتخابات النيابة، وأجاب الشيخ "أبو زهرة" على عدة أسئلة، كان من أهمها الرأي الشرعي في ترشيح بعض (الإخوان المسلمون) أنفسهم في الانتخابات النيابية، وقد قال الشيخ "أبو زهرة": إن ترشيح بعض (الإخوان المسلمون)، الذين يستمسكون بالعروة الوثقى، وللدين الاعتبار الأول في نفوسهم- أمرٌ جدُّ واجبٌ- لأنه يحمي جماعةالإخوان، وينشر دعوتهم، ويفيد الحياة النيابية في مصر.

أما حمايته لجماعةالإخوان)؛ فلأن وجود نواب يمثلونهم يمكِّن الجماعة من أن ترفع صوتًا في دار الشورى بالشكاة العادلة ممَّا يقع على أعضائها من مظالم أو اضطهادات أو نحو ذلك؛ وهو ما تتعرض له الجماعات في مصر، وأما أنه سبيلٌ لنشر فكرتها؛ فلأنه يُمكِّن ممثليها من أن يدلوا بآراء الجماعة الصحيحة في كل ما يعرض من قوانين في مسائل إدارية ونظامية، وأن صوتهم سيكون صوت الإسلام يتردد في قبة البرلمان، وهو رقابة قوية تستمد قوتها من الدين وضمان وثيق؛ لكي تسير أمور الدولة في قابل أمرها غير متجانفة عن الإسلام ولا مجافية لأحكامه، وأما فائدتها للنيابة في مصر؛ فلأن نواب الجماعة سيكونون ممثلين لفكرة فوق تمثيلهم لناخبيهم، وسيعملون تحت سلطان هذه الفكرة، على أن يكونوا رقباء على الحكومة، فاحصين لأعمالها- ناقدين أو مؤيدين- على أساس من القسطاس المستقيم، وبذلك يعلم سائر النواب وتعلم الأمة أن عمل النائب ليس التردد في الدواوين حاملاً للشفاعات متوسلاً للرجاء لقضاء الحاجات، فلا يكون عنده قوة للاعتراض على مَن توصل إليهم ولا للرقابة عليهم.. إن عمل النائب الذي رشح له هو أن يراقب الوزراء لا أن يرجوهم، وأن يصلح الإدارة المصرية لا أن يُفسدها، وأن يقطع السبيل على مَن يجعلون الأمور تسير بالشفاعةِ والضَّراعة، لا أن يروج الشفاعة في صفوف القائمين بالأمر في الكافة على هذه الجادة أن يسير ممثلو (الإخوان)، فيكونون مثلاً صحيحًا لممثلي الأمة، وما يجب أن يكون عليه النائب الذي يعرف غايته وغرضه وهدفه.

المشاركة الثانية

وفي عام 1941م، اتخذ المؤتمر العام السادس للجماعة قرارًا هو الأول من نوعه في تاريخها بأن يشترك (الإخوان) في الانتخابات النيابية التي ستجري عام 1942م، ويقول الامام حسن البنا"- في مقال هامٍّ نشرته مجلة (الإخوان المسلمون)-: "إن مكتب الإرشاد اختار هذا القرار، واتخذه بعد دراسة للموضوع من كل وجوهه، وهو مع ذلك يرقب سير الأمور عن كثب، وسيرسم لـ(الإخوان) طريق اشتراكهم في هذه الانتخابات على ضوء ما سيرى من ظروف وملابسات، وسيكون رائده في ذلك الحكمة التامة، ومراعاة الظروف العامة والخاصة، وأن يكتسب للدعوة أعظم الفوائد بأقل التضحيات".

وبالفعل خاض الإمام حسن البنا" الانتخابات النيابية مرةً أخرى؛ حيث رشح نفسه للمرة الثانية في دائرة الإسماعيلية، ومعه عدد من رموز وقيادات (الإخوان) الذين ترشحوا في عدد آخر من الدوائر على مستوى القطر المصري، وقد فشلت كل الضغوط التي مارسها الإنجليز على الحكومة المصرية ومارستها الحكومة على الجماعة لسحب الإمام البنا" ترشيحه، إلا أن قرار الجماعة هذه المرة كان بالرفض، وأصرَّ على خوض (الإخوان) للانتخابات مهما تكن النتائج، وبالفعل مارس الإنجليز كل وسائل الضغط والتزوير حتى انتهت الانتخابات بخسارة الإمام البنا" ومن معه من (الإخوان).

المشاركة الثالثة

أما المشاركة الثالثة لـ(الإخوان المسلمون) في الانتخابات البرلمانية، فكانت بشكل فردي في انتخابات 1976م، و1979م، وقد نجح في الأولى الشيخ "صلاح أبوإسماعيل" وفي الثانية نجح الشيخ "صلاح أبوإسماعيل" ومعه الحاج "حسن الجمل".

وتأتي أهمية هذه المشاركة- حتى لو كانت بشكل فردي- في أنها كانت بمثابة إعلان ميلاد الجماعة والحركة الإسلامية بشكل عام من جديد بعدما لقيته الحركة الإسلامية، وفي القلب منها جماعةالإخوان، من تعذيب واضطهاد وتشريد على يد النظام الناصري؛ سواء في 1954م و1965م، ومن ناحية أخرى كانت انتخابات 1976م و1979م أول انتخابات حقيقية تشهدها مصر بعد ثورة 1952م، كما أنها تعد النتاج الأول للتعددية السياسية والحزبية بمصر التي أقرها الرئيس الراحل "أنور السادات".

وقد كان للشيخ "أبوإسماعيل" والحاج "الجمل" دور كبير خلال مشاركتهما في مجلسي 1976م، و1979ٍٍم، ويُنسب لهما أهم إنجاز سياسي ودستوري للحركة الإسلامية في هذا العصر، وهو جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع عام 1979م، وتشكيل لجان برئاسة الدكتور "صوفي أبوطالب" لتقنين ومراجعة القوانين على حسب مقتضيات الشريعة؛ بل وأسهم الشيخ "أبوإسماعيل" في الإعداد لسبعة مشروعات قانونية في العقوبات المدني والتجاري والإجراءات والمرافعات، وبالتالي تحولت الشريعة- بفضل النضال الدستوري- إلى مطلب دستوري يجب على السلطات والمجالس النيابية الالتزام به عند سَنِّ القوانين؛ بل ملزم للمحكمة الدستورية عند الفصل في القوانين، وامتد الأمر- بطبيعة الحال- إلى الأحزاب؛ حيث اشترط القانون في قبول تأسيس أي حزب أن ينص برنامجه السياسي على مبدأ القبول بتطبيق الشريعة؛ وهو ما فعلته كافة الأحزاب بما فيها حزب (التجمع) ذو الجذور الماركسية.

دورة مجلس الشعب لسنة 1984م

الأستاذ "عمر التلمساني"

وفي عام 1984م كانت أول مشاركة رسمية لجماعةالإخوان) في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة؛ حيث تحالف (الإخوان) مع حزب الوفد)، ودخل 6 أعضاء من (الإخوان) البرلمان؛ وهو ما يجعل عام 1984م من العلامات البارزة في تاريخ العمل السياسي لـ(الإخوان)؛ حيث خاضت الجماعة الانتخابات بالتحالف مع حزب الوفد) الجديد بقائمة موحدة بعد اشتراطات السلطة بإجراء الانتخابات بالقائمة المطلقة للأحزاب الرسمية، والتي اشترطت الحكومة حصولها على نسبة 8% على مستوى القطر المصري للفوز بمقاعدها بالبرلمان، وهي النسبة التي تحققت لتحالف (الإخوان) و(الوفد) ولم تتحقق لقوائم أحزاب التجمع أو العمل.

وقد كان التحالف نتيجة لاتفاق بين الأستاذ "عمر التلمساني"- المرشد الثالث للإخوان- و"فؤاد سراج الدين" باشا- زعيم حزب الوفد- وكانت لفترة السجن التي قضاها الأستاذ "عمر التلمساني" مع "فؤاد باشا سراج الدين" في أحداث سبتمبر 1981م تأثيرًا مشتركًا في هذا التقارب بين قوتين، كثيرًا ما كانا في خلاف قبل ثورة يوليو 1952م، وكل منهما يمثل اتجاهًا مختلفًا؛ فالإخوان جماعة إسلامية، أما الوفد فهو حزب ليبرالي أصيل، إلا أن ما وضعته السلطة من قيود كان كفيلاً في أن يقبل كل من الطرفين هذا التحالف، فالوفد كان متأكدًا أنه لن يحوز على نسبة الـ 8% من الأصوات، كما أن فرصة مشاركة (الإخوان) في الانتخابات دون التحالف مع حزب رسمي تكاد تكون معدومة؛ ولذلك كان التحالف الذي وصفه المستشار "محمد المأمون الهضيبي"- المتحدث باسم (الإخوان المسلمون) وقتها- بأنه تعاون، وليس فرضًا لرأي أحد الطرفين على الآخر.

ودارت المعركة الانتخابية، ولم يفز من أحزاب المعارضة سوى قائمة تحالف (الوفد – الإخوان)، وهي القائمة التي نجح فيها ستة من (الإخوان)، وهم: "حسن الجمل"، و"محفوظ حلمي"، و"محمد المراغي"، و"محمد الشيشتاني"، و"حسني عبدالباقي"، و"عبدالغفار عزيز"، وإن كان النواب الستة قد مارسوا نشاطهم البرلماني تحت اسم حزب الوفد، إلا أنه كان لهم أداؤهم المميز والمستقل، والذي كان يؤكد هويتهم الإخوانية؛ ولكن دون إعلان.

وقد اعتبر المراقبون هذه المشاركة بأنها كانت محاولة من (الإخوان) لجس نبض القيادة السياسية التي أكدت في أكثر من مناسبة أن أخطاء الرئيس الراحل "أنور السادات" في التعامل مع المعارضة لن تتكرر!

ولكن كيف استعد النظام السياسي لهذا التحالف الجديد الذي يضم جناحين قويين لهما وجودهما التاريخي والشعبي؟!

والإجابة على هذا السؤال كانت واضحة من أول يوم عقد فيه المجلس جلساته عندما أعلن الحزب الحاكم صاحب الأغلبية بالمجلس عن اختيار الدكتور "رفعت المحجوب" رئيسًا لمجلس الشعب؛ وهو الاختيار الذي كان له أسبابه الهامة، منها: أن الدكتور "المحجوب" يعد من الحرس التقليدي لثورة يوليو، وعمل بفلسفتها ومنهجها حتى وصل إلى أمين عام التنظيم للاتحاد الاشتراكي عام 1975م، وهو التنظيم السياسي الأوحد وقتها، كما أن اختياره كان لمواجهة عودة حزب الوفد إلى الساحة السياسية الشرعية والنيابية، ولم ينسَ النظام الحاكم أن الوفد كان هو حزب الأغلبية قبل الثورة، وكانت له الشعبية الأولى في القطر المصري.

والأهم من ذلك كله كان اختيار الدكتور "المحجوب" ردًّا على مشاركة (الإخوان) في هذا المجلس ضمن قائمة حزب الوفد وإعلانهم عن موقفهم من تطبيق الشريعة الإسلامية، إضافةً إلى اقتناع القيادة السياسية أن "المحجوب" خير مَن يتصدى للإخوان، ويضاف لكل ذلك ما يمتاز به الدكتور "المحجوب" من ثقافة واسعة، واعتباره ضمن مدرسة الموسوعات المعرفية، وقد كانت ثقافته بحكم تكونيها تمتلك ثقافة دينية واسعة تمكنه من مقارعة ([[الإخوان{) في أي حوار أو جدال يتعلق بالقضايا الشرعية والدينية بشكل عام، ولم يمنع ذلك كله من وجود هدف آخر لم يكن خافيًا على أحد؛ وهو محاولة احتواء (الإخوان)، وجعلهم جزءًا عاديًّا من نسيج النظام السياسي ليصبحوا في ركب تطور النظام السياسي الجديد وبدون مصادمات أو مواجهات مع هذا النظام.

وكان من أبرز ما قام به مجلس 1984م هو استكمال مناقشة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية لبعض القوانين التي بدأها مجلس 82 في ظل رئاسة الدكتور "صوفي أبو طالب"، كما ميز مجلس 84 أن الحملة الانتخابية الخاصة به شهدت- ولأول مرة- شعار تطبيق الشريعة الإسلاميةن وقد حقق (الإخوان) في هذا المجلس العديد من المكاسب، أهمها: استكمال مناقشة مشروعات تقنين الشريعية الإسلامية، وقيام البرلمان بعقد جلسات استماع حول الدعوة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية، ودعت اللجنة بالفعل زعماء ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية، وشارك فيها الأستاذ "عمر التلمساني"- المرشد العام لـ(الإخوان المسلمون) وقتئذٍ- ولم يعمر مجلس 84 كثيرًا لعدم دستورية قانون الانتخابات التي أُجريت به الانتخابات، وهو قانون القائمة المطلقة، وتمَّ حل المجلس بداية 1987م.

المستشار "محمد المأمون الهضيبي"

ثم جاءت انتخابات 1987م لتكون الإعلان الأوضح والأقوى لوجود (الإخوان المسلمون) في الساحة السياسية لعدة أسباب، لعل أبرزها وأهمها على الإطلاق هو الإعلان عن ميلاد شعار (الإسلام هو الحل)، الذي رفعه التحالف الإسلامي، والذي ضمَّ- بجانب جماعة الإخوان المسلمون)- حزبي العمل والأحرار، وهو التحالف الذي أثمر عن 56 مقعدًا، للإخوان منهم 37 مقعدًا، وهو العدد الذي منحهم المرتبة الأولى في صفوف المعارضة، وليس ذلك فحسب؛ بل إنَّ هذه الانتخابات أفرزت نجومًا برلمانيين قلبوا أوضاع الحياة السياسية رأسًا على عقب في هذه الفترة، وما بعدها منهم المستشار "محمد المأمون الهضيبي" المرشد العام السادس للجماعة، والأستاذ "محمد مهدي عاكف" المرشد الحالي للجماعة، و"أحمد سيف الإسلام حسن البنا" نجل مؤسس الجماعة الأستاذ "حسن البنا"، والدكتور "محمد السيد حبيب" النائب الأول للمرشد العام للجماعة حالياًُ، والدكتور "عصام العريان" القيادي الإخواني البارز، والذي كان أصغر نواب برلمان 87، إضافةً لنجوم البرلمان السابق، والذين كان في مقدمتهم الشيخ "صلاح أبوإسماعيل"، والحاج "حسن الجمل"، والأستاذ "محفوظ حلمي"، و العديد من القيادات الإخوانية الأخرى؛ كالحاج "أحمد البس"، والدكتور "عبدالحي الفرماوي"، وقد أعطى (الإخوان) ثقلاً للمعارضة؛ وهو ما أدى لرفع منسوبها، وأثرى وجودها، وجسد أمام الحكومة معارضة حقيقية محترفة تجيد الإحراج والمكاشفة والمناقشة، كما رشح (الإخوان) على قائمة التحالف الإسلامي النائب القبطي "جمال أسعد عبدالملاك" ليكون أول قبطي يدخل البرلمان بالانتخاب منذ عودة التعددية في مصر، ويكون بذلك على قائمة (الإخوان).

وقد كانت مشاركة التيار الإسلامي في هذه الانتخابات تحت لائحة التحالف الإسلامي مشاركة جيدة وفعالة وواضحة المعالم، وكان خوضها الانتخايات تحت شعار (الإسلام هو الحل) بمثابة استفتاء شعبي عام على اختيار الشعب للمنهج الإسلامي، ولم يدم عمر هذا المجلس كثيرًا؛ حيث حكمت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه عام 1990م لعدم دستورية قانون القائمة النسبية الذي أجريت به الانتخابات، ثم كانت انتخابات 1990م التي قاطعها (الإخوان) مع باقي الأحزاب والقوى السياسية الأخرى عدا حزب التجمع اليساري لعدم وجود ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات.

ثم خاضت الجماعة انتخابات 1995م تحت نفس الشعار (الإسلام هو الحل)، وهي الانتخابات التي أُجريت بنظام الفردي أيضًا، إلا أن هذا لم يمنع استمرار التحالف الإسلامي بين الجماعة وحزب العمل، وقد خاضت الجماعة هذه الانتخابات بمائة وخمسين مرشحًا في ظل ظروف سياسية وأمنية غاية في القسوة تمثلت في تحويل 82 من قيادات (الإخوان) إلى القضاء العسكري وتمَّ محاكمتهم عسكريًّا في 199523/11/م بعد حملة اعتقالات دامت عدة أشهر في الفترة من يناير إلى أكتوبر 1995م، وقضت المحكمة بسجن 54 منهم بأحكام تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات في محاولة من الحكومة لإجهاض عملية إقدام (الإخوان) على خوض الانتخابات البرلمانية لعام 1995م، والتي كانت أسوأ انتخابات شهدتها مصر، ولم ينجح من مرشحي (الإخوان) والتحالف سوى نائب واحد، وهو نائب الدائرة 25 بالقاهرة الأستاذ "علي فتح الباب" عضو المجلس الحالي، وقد شهد مجلس 1995م أكثر من 915 طعنًا في صحة عضوية نوابه، وقد أكمل مجلس95 دورته، وأطلق عليه المراقبون وصف "مجلس سيء السمعة" نسبة للقوانين سيئة السمعة التي أقرها، حتى صدر الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية في يوليو 2000م ببطلانه لعدم الإشراف القضائي على الانتخابات التي أجريت في 1995م؛ وهو ما دفع رئيس الجمهورية إلى إصدار قرار بقوة قانون لفض الفصل التشريعي السابع (مجلس 95) وإجراء الانتخابات في موعدها نهاية عام 2000م تحت إشراف قضائي، وكانت انتخابات 2000م التي فاز (الإخوان) فيها بسبعة عشر مقعدًا من إجمالي 70 مرشحًا خاضوا الانتخابات تحت شعار (الإسلام هو الحل).

=انتخابات 2000

وتكتسب انتخابات 2000م التي أجريت على ثلاث مراحل خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2000م أهميةً خاصةً؛ حيث إنها جاءت في إطار ومناخ سياسي عام لم يكن في صالح المجلس من حيث ممارسة صلاحياته وسلطاته التي افتقدها أمام السلطة التنفيذية، من ناحية أخرى كانت هذه الانتخابات بشكل أو بآخر فرصة للقوى والأحزاب السياسية التي قررت خوض تلك الانتخابات في اختبار وجودها في الشارع السياسي، خاصةً أنها الانتخابات الأولى التي تجري في ظل إشراف قضائي، إلا أن هذا لم يمنع الحكومة المصرية من ممارسة كافة أشكال الضغط وممارسة كل أنواع البلطجة على مرشحي (الإخوان)؛ حتى لا ينجح أحد منهم، ورغم هذه الضغوط التي لم يتعرض لها سوى مرشحي (الإخوان) استطاعت الجماعة أن تفوز بسبعة عشر مقعدًا، كانوا سببًا في سخونة مجلس الشعب حتى كتابة هذه السطور.

قضايا مشتركة

خلال مشاركات ([الإخوان]]) في مجالس 84 و87 و95 و2000م كان هناك العديد من القضايا المشتركة التي تحمل نواب [[الجماعة مسئولية طرحها والدفاع عنها، أهمها: قضايا الحريات السياسية، والتصدي لقانون الطوارئ، والإصلاح السياسي العام، وعلاج القضايا الاقتصادية، وإصلاح الأجهزة الإعلامية، وتبني قضايا الوطن العربي والأمة الإسلامية، خاصةً قضية فلسطين، إضافةً إلى إصلاح التعليم، وتقديم رؤى بديلة وكاملة للمنهج الإسلامي في كل هذه القضايا وغيرها من القضايا الحدثية التي تطرأ على الساحة.

ويبقى في النهاية أن المجتمع المصري يحمل كثيرًا على وجود ممثلين لجماعة الإخوان) في أي مجلس ويعتبرهم نوابه الحقيقيين، يتابعهم ويطلب منهم الكثير، وعلى الجانب الآخر يقف نواب (الإخوان) واضعين المصلحة العامة أمام أعينهم، ومجنبين كل ما من شأنه أن يأتي عليهم بشكل شخصي، ويكفي أنه عبر تاريخ مشاركتهم في المجالس النيابية لم يتورط أحدهم في قضايا شيكات دون رصيد أو يقدم فيه طعنًا بالتزوير، أو يقدم فيه بلاغًا لمجلس الشعب لقيامه بالحصول على مصلحة خاصة؛ بل كانت مواجهة الدولة لهم كنواب بأشكال تعد استكمالاً لما كان يحدث معهم قبل دخولهم المجلس، وقبل أن يكونوا نوابًا، والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أبرزها- والذي ما زال محفورًا في الأذهان- حادثة كل من الشيخ "صلاح أبوإسماعيل" والدكتور "عصام العريان" مع وزير الداخلية الأسبق "زكي بدر"، وحادثة النائب "علي فتح البابٍٍ" الذي طالبت وزارة الداخلية رفع الحصانة عنه بتهمة قيادته تنظيم يهدف إلى إحياء جماعة (ٌٌالإخوان المسلمون)، وأخيرًا ما حدث مع الدكتور "محمد جمال حشمت" وإبطال عضويته بطعن ليس له به أي علاقة.

المصدر