“عدلان”: التسريبات سمسرة على العقيدة ومقايضة على القدس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"عدلان": التسريبات سمسرة على العقيدة ومقايضة على القدس


التسريبات سمسرة على العقيدة.jpg

كتبه: أحمدي البنهاوي

(17 يناير 2018)

مقدمة

اعتبر د.عطية عدلان، رئيس حزب الإصلاح السلفي، في مقال له بعنوان "تسريبات المخابرات: السياقات والدلالات"، ضمن منشورات المعهد المصري للدراسات، أن التسريبات الأخيرة كشفت عن دلالات أنكاها السمسمرة الدنيئة بالمقايضة على القدس بوعود خلابة تتحدث عن حل جذري للقضية الفلسطينية بدعاوى كاذبة لا تفرق بين القدس ورام الله.

وقال الدكتور "عدلان" إن انسحاق الإعلام تحت أحذية النظام، والخضوع التام من النظام لما تمليه (إرادة العمّ سام)، والرعب الذي يسيطر على الجميع من انتفاضة أهل الإسلام، ثُمَّ الرغبة الجامحة في إقصاء (النَّفَس الإسلاميّ) من جو الصراع العام، كل هذه الدلالات من الوضوح بما يغني عن صهيل الألسنة وصليل الأقلام.

واعتبر أن من الدلالات الأخفى والأنكى والأكثر فحشًا والأبعد أثرًا -لتلك التسريبات الأخيرة لمكالمات ضابط المخابرات المصريّ مع شلة الإعلاميين من أهل ملَّته- فهي تلك المتعلقة بالمقايضة على القدس بوعود خلَّابة، تتحدث عن الحلِّ الجذريِّ للقضية (الفلسطينية!) ونهاية متاعب الشعب الفلسطينيِّ؛ فليس هناك فرق بين القدس و(رام الله)؛ فالأرض كلها لله، والمساجد كلها لله، بل إنَّ الله جعل الأرض كلها للمسلمين مسجدًا وطهورًا؛ ففيم التعلق ببناء -مهما بلغت قداسته- لن يكون أقدس عند الله من دم مسلم يراق؟!".

يقتلون الفلسطينيين

وخاطب المتآمرين أصحاب التسريبات بانهم كانوا وما زالوا يتآمرون على الشعب الفلسطينيّ ويقتلونه بكل ما أوتوا من عُدَّة القتل وآلات السحل، مستغربا إشفاقهم على الشعب الفلسطينيّ والحديث عن وضع نهاية لعذابه ومعاناته، وهم المحاصرون والمجوعون له ومن يحرمونه حقه الطبيعي كأي إنسان "لا لشيء إلا لذات الممالأة التي تبعثكم اليوم على القيام بهذه السمسرة الدنيئة؟!!".

واعتبر أن صفقة القرن هي من السياقات التي يجري الحديث عنها، في خضم هذه التسريبات مطالبا إياهم بالحديث عنها وعن العمالة والنذالة، وعن جزء عقائدي لدى الصهاينة ب"تسليم القدس لتكون محط نزول المسيح الذي ينتظره الصهاينة جميعاً من يهود وبروتستانت"، موضحا أنها المؤامرة الكبرى على القدس واللعبة الخسيسة.

لماذا القدس؟

وأوضح عالم الشريعة أن قضية القدس هي أمُّ القضايا، وليس لأنَّها أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وحسب، وإن كان كل اعتبار من هذه الاعتبارات الثلاث له وزنه في الحسّ الإسلاميِّ العام، وإنَّما تُعَدُّ أمَّ القضايا لهذه الاعتبارات ولأمر آخر أشد خطراً وأبعد أثراً، له جذوره الضاربة في أعماق التاريخ، وله آثاره الممتدة إلى قرب ظهور المسيخ.

وأكد أن القدس مركز الدائرة بالنسبة لكل مشاريع التحرر القائمة أو القادمة، ويساعد على رؤية الطريق الجامع الذي يجب أن تصب فيه كل الطرق؛ حتى لا تتشعب بنا السبل. لافتا إلى أن فضلا من الله حازته الأمِّة الإسلامية بميراثها لوعد إبراهيم عليه السلام هو الذي حرك الحسد اليهودي المشار إليه في قول الله تعالى من سورة النساء: "أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا" "النساء: 54" والناس هنا هم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته.

وكشف أن الأمَّة مارست حقها في القدس بوقت مبكر؛ وذلك بالإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ إيذانًا بأيلولة ميراث إبراهيم كله إلى هذه الأمَّة، بما في ذلك الوعد لإبراهيم بالإمامة، والوعد له بأن يعطيه هذه الأرض المباركة له ولنسله من بعده –كما تنص على ذلك التوراة– فبالإسراء آلت القدس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبصلاته بالأنبياء إمامًا في المسجد الأقصى توثق عقد الملكية الذي أوقف تنفيذه إلى أن تسلم أمير المؤمنين عمر مفاتيح بيت المقدس بعد الفتح الإسلاميّ له.

تأصيل شرعي

وفي تأصيل شرعي أوضح "عدلان" أن هناك في العمق التاريخي السحيق يتلقى إبراهيم عليه السلام ذلك الوعد الإلهيّ بشرف الإمامة على البشرية: "إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا" وبدعوة منه مستجابة يمتد الوعد في ذريته، مشروطاً بأنَّه لن ينال الظالمين منهم: "قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ".

ويتدفق نسل النبيُّ الأمَّة في فرعين منحدرين من صلبه المبارك: فرع إسحاق الذي تشعب على تؤدة، فغرس في رحبة التاريخ شجرة بني إسرائيل، الذين فضلوا –رغم ما وقع منهم– على العالمين في تلك الأزمان، وفرع إسماعيل الذي ألقى بخلاصة عصارته في منتهى طرفه فكانت هذه الأمَّة المباركة: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ" "الفتح: 29".

وسياق الشطر الأول من سورة البقرة قبل أن ينتهي إلى وعد الله لإبراهيم وذريته بالإمامة ينتهي إلى نتيجة مفادها أنَّ بني إسرائيل غيروا وبدلوا؛ بما يقضي بنزع الإمامة منهم؛ أمَّا سياق الآيات التالية لهذا الوعد الكريم فيسلط الضوء على الفرع الآخر من نسل إبراهيم عليه السلام، فيتحدث عن مكة والبيت العتيق وعن دعوة إبراهيم وإسماعيل بإخراج هذه الأمّة وبعث هذا النبيّ، وهذا يعني انتقال الوعد لهذه الأمَّة.

خلاصة

وخلص الدكتور عطية عدلان إلى أنه

"لئن كانت الحروب الصليبية التي استمرت قرونا قد تولاها النصارى بدافع الاستيلاء على القدس واستردادها من أيدي المسلمين، فإنَّ هذا الدافع قد أخذ بعداً عقدياً أعمق في الحملات المعاصرة بعد التحام العهد القديم مع العهد الجديد، وبعد تحالف الفكر اليهودي مع الفكر الصليبي تحت مظلة المذهب البروتستانتي الممزوج بالنزعة الهمجية للأنجلوساكسون؛ ليبدأ الهوس الغربيّ بالوعد القديم، فيصدر وعد بلفور وبعده بقرن يصدر وعد ترامب.

وأضاف

إنَّها حرب عقيدة، ومحورها القدس، ورحاها تدور على المسلمين في كل بلاد العرب، وتقف الشعوب منفردة في مواجهة هذه الحرب الضروس؛ بينما الحكام وأنظمتهم في نفق أعداء الأمَّة، ومن هنا نقول إنَّ المعركة واحدة، وإن العدو واحد، وإنَّ الثورة عليه واحدة، تتعدد ساحاتها وميادينها، وتتوسط القدس هذه الساحات والميادين، والغاية لنا ولهم واحدة، وغايتنا البعيدة هي عودة الأمَّة كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لدورها القيادي ومحورها يومئذ المسجد الأقصى والقدس.

المصدر