يا سيادة الرئيس رفض تعديل المادتين 76 ، 77

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يا سيادة الرئيس رفض تعديل المادتين 76 ، 77 من الدستور يسيء إليك شخصيا


القاضـي/ محمود رضا الخضيري


حاسة الاستشعار عن بعد التي يتميز بها المحيطون بالحكام وصناع القرار عندنا وتمكنهم من معرفة ما يدور في عقول الحكام وقلوبهم ترفع عن الحكام حرج طلب ما يمكن أن يتحرجوا من طلبه مما يدور في خلدهم وتتمناه قلوبهم ، واعتقد أن هذا تماماً ما حدث عند تعديل المادة 76 من الدستور ، لا أعتقد أن الرئيس حسني مبارك لا يتمني كأب أن يري ابنه يخلفه في رئاسة الجمهورية وإلا افترضنا فيه تجردا يصل إلي حد نزع عاطفة الأبوة منه وهذا أمر غير طبيعي ولا منطقي ، وأعتقد ويعتقد معي كثيرون غيري أن هذا كان في ذهن الرئيس منذ توليه رئاسة البلاد وهذا هو السر الوحيد في عدم تعيينه نائباً له منذ ولايته الأولي لعلمه أن هذا النائب سيكون خليفته الطبيعي في رئاسة الجمهورية كما حدث مع الرئيس السادات ومعه هو شخصياً ولذلك امتنع عامداً عن تعينين نائب حتى يفسح المجال لأحد أبنائه في خلافته وقد شجعه علي ذلك ما شاهده في الشقيقة سوريا ، وما يحدث من تمهيد لذلك في ليبيا ، واعتقد أن الكثيرين ممن حول الرئيس يشجعونه علي ذلك ، واعتقد أن من قام بتعديل المادة 76 من الدستور كان يقوم بذلك من أجل تحقيق حلم الرئيس بطريقة تبدو في نظرهم طبيعية لا خروج فيها علي الدستور أو القانون بوضع شروط للمرشح للرئاسة لا تنطبق إلا علي واحد فقط وبذلك يضمنوا وصوله إلي هذا المكان بطريقة تبدو ديمقراطية في نظرهم ، وهكذا تعمل حاسة الاستشعار عن بعد علي تحقيق حلم الرئيس دون أن يطلب ذلك صراحة بل وينفيه في أحاديثه لوسائل الإعلام وهو في ذلك ليس كاذباً فهو لم يطلب من أحد أن يفعل ذلك أما النوايا القلبية فعلمها عند خلقها ، ولكن يا سيادة الرئيس اعلم انك بذلك تضع مبدأ شديد الخطورة وتعرض البلاد التي أقسمت علي حمايتها لشرور كثيرة ومصير مظلم لم تعرفه في حياتها وكان الأولي بك لكي تبـر بقسمك الذي أقسمته بأن تحافظ مخلصاً علي الوطن وسلامة أراضية أن تدع ابنك يخوض تجربة الترشيح للرئاسة خوضاً طبيعياً بالتنافس مع غيره في الوصول إليها حتى يتمرن علي أساليب السياسة ودهاليزها لا أن تقدمها له علي طبق من ذهب فلا يشعر بقيمتها وليس لديه الخبرة في الحفاظ عليها فتضيع منه ويضيع معه الوطن ، لقد تقدم بوش الابن لرئاسة الجمهورية وحصل عليها في انتخابات حرة نزيهة ولم يقل أحد في أمريكا وغيرها أن هناك توريث ، فما العيب في أن يأتي رئيس غيرك ثم يأتي ابنك بعده للرئاسة بعد أن يكون قد نضج واشتد عوده واختبر اختباراً حقيقياً في حزب حقيقي يؤهله للرئاسة ، سيادة الرئيس أن الناس عندما تسمع تصريحاتك بأنه لا يوجد توريث للحكم وتري ما يحدث في الواقع من حولها من تهيأه الظروف الدستورية والقانونية والواقعية علي الأرض لهذا التوريث تفقد الثقة في صدق هذه التصريحات وهذا أمر لا يليق أن ينسب إليك فأنت رئيس الجمهورية المثل الأعلى لكل مصري يعيش في هذا البلد ويجب أن يري رئيسه في أحسن صورة يكون عليها إنسان في الدنيا ، ولذلك فإن أول ما نطمع فيه منك لتحسين صورتك وإعادة الثقة فيك أن توافق علي تعديل المادة 76 من الدستور بحيث تضع شروطاً للمرشح تنطبق علي أكثر من شخص وتترك أمر ذلك لخبراء محايدين في القانون الدستوري بعيداً عن ترزيه القوانين أصحاب حاسة الاستشعار عن بعد حتى لا تخرج لنا مولوداً أخر مشوهاً ، شئ أخر يجب تعديله في هذه المادة وهي تحصين قرارات اللجنة الرئاسية من الطعن عليها وعدم جواز تفسيرها أو تأويلها لأن هذا أمر معيب ومخالف للدستور الذي نص في المادة 68/2 منه علي حظر النص في القوانين علي تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.

ولذلك وجب الإسراع بتعديل المادة 76 لتلافي كل هذه العيوب التي الصقها بها أصحاب حاسة الاستشعار عن بعد الذين لا هم لهم إلا إرضاء الحاكم والبقاء أطول وقت ممكن في السلطة دون أي اعتبار لمصالح الوطن.

الأمر الآخر يا سيادة الرئيس الذي نطالب به ونلح في طلبه في هذه المرحلة هو تعديل المادة 77 من الدستور ، وأنت تعلم يا سيادة الرئيس ظروف تعديل هذه المادة في سنة 1980 في حياة الرئيس الراحل أنور السادات والذي لم يمهله القدر في التمتع به رغم أنه اجري هذا التعديل خوفاً من ترك المنصب بعد المدة الثانية من الرئاسة وهذا أمراً يذكرنا أن الأعمار بيد الله وحده وأنه لا يوجد أحد يضمن بقاءه في الدنيا ساعة واحدة ولذا وجب علينا أن نضع ذلك في حسباننا وألا نعض على الدنيا بالنواجز مهما كان ثمن ذلك ، نطلب منك يا سيادة الرئيس أن تطلب بحكم صلاحيتك الدستورية تعديل هذه المادة لتصبح علي النحو التالي (مدة الرئاسة خمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب ، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة ثانية فقط) وبذلك تحيي مبدأ كان موجوداً وأغري حب البقاء غيرك بالعدول عنه ولم يمهله القدر بالتمتع به وأحب أن أقول لسيادتك بروح الناصح الأمين أن رفض إجراء هذا التعديل يضعك في موضع لا تحبه لك وهو موضع من يعض على السلطة بأنيابه ولا يريد أن يتركها إلا إلي القبر وهذا أمر لا نحب أن نراك فيه وأنت رئيس الجمهورية ومثلنا الأعلى ، حقاً إن السلطة مغرية وحبها متغلغل في القلوب ومن الصعب مقاومته ، ولكن من يقدر علي الصعب من الأمور وعلي اتخاذ القرارات الصعبة أكثر من رئيس الجمهورية الذي يتحمل ليل نهار أعباء سبعين مليوناً من البشر كل واحد منهم يمكن أن يمثل مشكله قائمة بذاتها ، من أقدر منك يا سيادة الرئيس على اتخاذ هذا القرار وإرساء هذا المبدأ الذي أصبح ملازماً للنظام الجمهوري في كل الدنيا عدا البلاد العربية بالطبع ، التي تحتاج لقدوه في هذا الشأن ومن يستطيع أن يكون قدوه فيه أكثر من مصر الشقيقة الكبرى ، التي تمثل المثل الأعلى في كل الأمور بالنسبة لباقي البلاد العربية.

سيادة الرئيس الفرصة الآن سائحة فلا تضيعها ولا تستمع لبطانة السوء من حولك الذين لا هم لهم إلا أنفسهم ومناصبهم يحافظون عليها مهما كلف الشعب ذلك من ثمن ذلك أن من أهم المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية والنظام الجمهوري يا سيادة الرئيس هو مبدأ تداول السلطة ، ولا يمكن أن يكون هناك تداول للسلطة ورئاسة الجمهورية غير متاح شغلها إلا لشخص معين يمهد له الطريق إلى الحكم ويعـبد حتى يصل إليه دون جهد أو مشقة ثم يبقي فيه مدي حياته ويمهد السبيل لأبنه كي يحل مكانه ، إن العالم كله ليقارن بين ما يفعله أي مرشح لرئاسة بلاده في أي بلد ديمقراطي وما يقوم به من جهد في سبيل تقديم نفسه ومبادئه للناس وإقناعهم بها وحالة القلق والترقب التي يمر بها أثناء فترة ترشيحه واستطلاعات الرأي التي تخرج علي الناس في كل يوم لقياس مدي شعبية كل مرشح التي تعلوا وتهبط كل يوم تأثرا بتصرف يقوم به المرشح أو تصريح يدلي به مع العلم أن أحد المرشحين غالباً ما يكون هو الرئيس الذي يتولي حكم البلاد ، دون أن يكون لذلك أي تأثير علي الانتخابات بالعكس فإن أي محاولة للتأثير علي الناخبين من قبل الرئيس المرشح أو أعوانه ممكن أن يكون لها أثر سلبي علي نتيجة الانتخابات لأن ذلك يوضع في ميزان الأخطار بذاته الأخطار التي يحاسب عليها باعتباره مستغلاً لمنصبه ولأموال الشعب في الدعاية الانتخابية لنفسه. ولعل البعض منا يذكر أن أنديرا غاندي أسقطها الشعب الهندي في أحدي الانتخابات رغم ماضيها السياسي لأنها استغلت سيارات الحكومة في وضع لافتات انتخابية تدعو لها ولحزبها حزب الأغلبية ، علماً بأننا نتندر في أحاديثنا بالهنود ولا أدري سر هذا التندر وسببه وتاريخه ، وأعتقد أن الأمر يجب الآن أن يتغير فيتندر الهنود بنا ، وبالحالة التي وصلنا إليها في التأخر في كل شئ بسبب نظامنا السياسي الذي لا يسمح لأي كفاءة أن تحتل مكانها ولا يسمح سوي لأهل الثقة الشخصية والنفاق وأصحاب قرون الاستشعار لرغبات الحكام والعمل علي تحقيقها في الوصول إلي السلطة والبقاء فيها إلي أن يتدخل القدر لإزاحتهم من علي كرسي الحكم.