وتبقى فلسطين قضيتَنا الأولى

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
وتبقى فلسطين قضيتَنا الأولى

بقلم:الإستاذ محمد مهدي عاكف

مقدمة

رسالة من محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسانٍ إلى يوم الدين.. وبعد!!

فلم تكن جماعة الإخوان المسلمين يومًا في حياتها مشغولةً عن قضية فلسطين ونصرة أهلها واعتبارها قضيةَ المسلمين الأولى بلا منازع، لقد سارعَت الجماعة منذ نشأتها بتقديم كل ما تملك.. من الرجال، والمال، والقدرة.. في سبيل الدفاع عن أرض الأقصى التي بارك الله فيها وحولها.

ورغم تسارع إيقاع الأحداث ومستجداتها التي تفرض متابعتُها جهدًا ووقتًا- هذا إضافةً إلى محاولات التعتيم على القضية الفلسطينية- يعلم الله أن الإخوان المسلمين يؤدون واجباتهم الكثيرة في الداخل والخارج وعيونُهم مسلطةٌ على فلسطين ، وقلوبهم معلقةٌ ب المسجد الأقصى وما يكتنفه من مخاطر، وبما ينبغي علينا جميعًا- شعوبًا وحكوماتٍ- من واجباتٍ نحو ثرى الأنبياء وأراضي الشهداء ومسرى هادي البشرية جمعاء.

ولقد رصد الإخوان المسلمون جملةَ الفعاليات التي جرت وتَجري على الساحة العالمية، والمتعلقة ب القضية الفلسطينية، وقضايا الحرية في منطقتنا العربية والإسلامية خلال الشهور الماضية، ولقد راعَها اتساعُ دائرة العدوان الصهيوني الأمريكي على بلادنا وشعوبنا ومقدساتنا.

كما راعَنا أن يتواكب هذا العدوان مع اتساع دائرة الخداع والتضليل التي تمارسها الحكومات الغربية والأمريكية والصهيونية ومعظم حكومات العالمَين العربي والإسلامي على الشعوب العربية والإسلامية؛ ففي الوقت الذي يتحدث فيه قادة الغرب والإعلام الغربي الأمريكي الصهيوني عن خديعة خريطة الطريق ونشر الديمقراطية وكذبة الانسحاب من غزة كانت الفعاليات الجارية على الأرض جملةً من المكاسب لصالح المشروع الصهيوني الإمبريالي على النحو التالي:

1- أُرغمت الحكومة المصرية على إطلاق سراح الجاسوس عزام وتسليمه للكيان المحتل.

2- أُرغمت مصر والأردن على إعادة السفراء للكيان الصهيوني؛ اعترافًا بالهزيمة السياسية؛ وغضًّا للطرف عن جرائم العدو اليومية على أهلنا في فلسطين.

3- أُرغمت البرلمانات في الدولتين على الموافقة على ما يسمى اتفاقية (الكويز)، التي شكَّلت اختراقًا صهيونيًّا للصناعة المصرية- وبتواطؤ أمريكي- لتُفرَضَ علينا الهيمنة الصهيونية الاقتصادية.

4- أُرغمت الحكومة المصرية على أن تمد الكيان الصهيوني المحتل بالغاز المصري، الذي يمد مصانع العدو ودباباته بالطاقة التي تستخدمها في قتل شعبنا العربي والفلسطيني والاعتداء المستمر على وطننا العربي.

5- وُقِّعت اتفاقية قناة البحر الميت، التي تهدد قناة السويس وتشكِّل مانعًا مائيًا بين جناحي العالم العربي، بالإضافة إلى مانع الاحتلال الصهيوني لصحراء النقب، كما تهدد المنطقة بأضرار بيئية وتلوث وفساد في البر والبحر؛ نتيجةً للصناعات الملوثة التي سوف يقيمها العدو على هذه القناة.

6- أُرغمت الحكومة المصرية على التعهد بدفع جنودها ليشكلوا حاجزًا واقيًا يحمي قوات الاحتلال من أن تطولهم المقاومة الفلسطينية في غزة إذا أعادت القوات الصهيونية انتشارها وخرجت من داخل المدن الفلسطينية في القطاع.

7- تمَّت على الأرض المصرية ما يسمى بتفاهمات شرم الشيخ، والتي تفرض التهدئة على المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، بينما يد العدو مطلَقةٌ بالكامل، تحصد شعبَنا في كل مكان، وتقطع 2 مليون شجرة زيتون، وتصادر آلاف الأفدنة من أراضينا، وتُدخلها ضمن الأرض التي يسيطر عليها الصهاينة والمغتصبون خلف ما يسمى بـ(الجدار العازل).

8- تأجَّلت الانتخابات التشريعية بقرارٍ من السلطة الفلسطينية وبطلبٍ أمريكيٍ وضغوطٍ صهيونيةٍ، وأعلن المتآمرون- بكل صلف وتجبر- سببَ التأجيل، قائلين إن الانتخابات سوف تأتي بمجلس تشريعي تسيطر عليه عناصر المقاومة ويتبنَّى مشروع المقاومة، وعلى ذلك فلا داعيَ للديمقراطية التي تأتي بمجلس ليس على هوى الأمريكان والصهاينة.

9- التهديد اليومي باقتحامالمسجد الأقصى واستمرار عمليات تهويد القدس وطرد السكان العرب- مسلمين ومسيحيين- وهدم منازلهم.

لقد انكشفت مؤامرة الأمريكان والصهاينة، وباتت متمثلةً في سلسلة فعاليات مفضوحة تَجري على أرض الواقع، وتدل دلالةً واضحةً بأن مشروع المقاومة هو الوحيد الفائز بجدارة والمرشَّح بقوة للتعامل مع واقع القضية الفلسطينية.

وأمام هذا الخطر الداهم فإن الإخوان المسلمين يرون من واجبهم تذكيرَ أنفسِهم وأمتِهم بما أوجبه الله عليهم تجاه فلسطين وقضيتها.. نحن نذكِّر بثوابتنا حول فلسطين، وهي: " فلسطين عربية إسلامية من النهر إلى البحر، وليس للصهاينة أي حق في أي شبر من فلسطين، والصهيونية المحتلة تمثل قوةَ احتلال، ولا بد من رحيلها عن أرضنا، و فلسطين جزء مهمٌّ من الأرض الإسلامية، وبها الأقصى المبارك وقبور الصحابة الكرام، وأي تهديد لها يمثل تهديدًا مباشرًا لكل عالمنا الإسلامي".

ويؤمنالإخوان المسلمون كذلك بأن دماء الشهداء الأبرار التي سالت على ثرى فلسطين تعتبر أمانةً في أعناقنا إلى يوم الدين، لا تنفك عنا إلا بتحقيق التحرير الذي استُشهدوا من أجله، كما أن أهم ثوابتنا هو حكم الله المتعلق بقضية فلسطين، والذي يحرِّم- بصيغةٍ قاطعةٍ- التنازلَ للمعتدين عن أي جزء من فلسطين .

كما يملي علينا دينُنا الحنيف القيامَ بواجب النصرة لأهلنا في فلسطين، لا يتخلف عن ذلك واحد منا مهما كانت التضحيات التي قدمناها ونقدمها، ما دام فينا قلب ينبض أو عين تطرف.. لقوله تعالى: ﴿ومَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ والْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ والْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا واجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ ولِيًّا واجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ (النساء: 75)، وقال تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (البقرة: 194).

وهنا لنا أن نتساءل: لماذا توجد الأساطيل الأمريكية في مياهنا الإقليمية وعلى الأراضي العربية؟! وكذلك لماذا تتدخل أمريكا وأوروبا لنصرة الكيان الصهيوني في مواجهة الفلسطينيين؟! أليس من حقنا أن نتدخل نحن كذلك لنصرة إخواننا وبني جلدتنا، لا سيما أنهم هم المُعتدَى عليهم؟!

نحن نؤمن بأن نصرة أهل فلسطين والوقوف معهم و الجهاد لرفع المعاناة عنهم واجبٌ علينا جميعًا.. أفرادًا.. وأُسَرًا.. ومجتمعاتٍ.. وحكوماتٍ:

فعلى الأفراد أن يتسلَّحوا بالوعي، وأن يعملوا على نشره بكل وسيلة ممكنة، وأن يستعدوا للمواجهة اليومية مع الأعداء؛ بالمحافظة على الصحة البدنية، وامتلاك الخبرات التي تجعلنا قادرين على تحقيق الحياة الفاضلة لأنفسنا ولمن حولنا، وعلى كل فرد أن ينخرط في عمل من أجل فلسطين حسب إمكاناته، فيجمع لهم التبرعات، ويدعو لهم بالنصر، ويلتمس كلَّ باب يتمكنُ به من الانضمام لصفوفهم المجاهدة بالوقت والعلم والبذل والشهادة حين يدعو داعي الجهاد.

وعلى الأسرة أن تربيَ أولادَها على حب الجهاد والاستشهاد، وأن تغرس في نفوسهم الوعيَ بتاريخ فلسطين، وتحافظ على الهوية العربية الإسلامية لكل أفرادها، والأسرة مطالَبةٌ بالادخار من أجل المعركة، والتعاون بين الأزواج على أن يقدموا لها المال والرجال، وأن تبقى فلسطين جزءًا من الهمِّ اليومي وشاغلاً للعقول والأفكار؛ حتى يتحققَ لها النصر والتحرير.

وعلى المجتمع أن يوجِد في حياته منظماتٍ خادمةً لقضية التحرير وعاملةً على حشد إمكانات الشعب لتحقيق حلم التحرير، والمنظماتُ الشعبية اليوم لها دورٌ رائدٌ في القضايا الدولية، بما تقدمه من دعم معنوي ومادي يؤثر على سير المعارك، ويدعم المقاتلين بقوة إعلامية ومعنوية هائلة.

وأما الحكومات فعليها الواجب الأعظم في تحرير فلسطين ، ولكنها لن تستطيع القيام بشيء من ذلك قبل أن تصطلح مع الله، ثم مع شعوبها، وتقيمَ العدل في بلادها، وتتخلى عن ديكتاتوريتها وانحيازها للمشروعات المعادية على حساب نهضتنا وتقدمنا، وعليها إنماء قدراتنا الجهادية والعلمية والاقتصادية.

الحفاظ على خيار المقاومة

لقد تأكد للكافة أن المقاومة هي اللغة التي فهمها العدو وتراجع أمام قوتها، ولقد تأكد للكافة أن الصهاينة قبِلوا التفاوض ليتقوا به نارَ الانتفاضة الأولى، وأنهم اليوم يبنون سورًا خرسانيًّا ليدفنوا فيه حلمَهم بدولةٍ من النيل إلى الفرات؛ نتيجةً للعمليات الاستشهادية، وتأكد للكافة كذلك أن العمليات الاستشهادية و المقاومة المسلَّحة بكل أشكالها هي التي جعلت السؤال المطروح اليوم على موائد العدو: هل للصهيونية مستقبل في فلسطين؟!

والمصريون أنفسهم أنهَوا احتلال سيناء بالحرب وحدَها، وما كان العدو لِينسحبَ منها دون قتال مرير، والتاريخ القديم كذلك خيرُ شاهد، فالصليبيون لم يرحلوا عن فلسطين بغير المقاومة، والتتار لم يرحلوا بغير المقاومة، و المقاومة هي الحل الوحيد أمام غطرسة المحتل وإجرامِه وتجبرِه.

إن خيار المقاومة خيارٌ أساسيٌّ وضروري، ولا يتعارض هذا مع وجود المفاوضات على أن تكون بالمقاومين وحول ترتيبات إعادة الحقوق التى نحارب من أجلها، وليس لهضم تلك الحقوق أو التنازل عنها، والتفاوض مرغوب في إطار الثوابت التي ألقينا الضوء عليها، والضمان الوحيد لنجاح المفاوضات هو استمرار المقاومة ودعمها.

ورسالة للمرابطين خلف القضبان

فيا أيها الإخوان.. الذين حجبتهم عنا أسوارُ الظلم وقضبان الطوارئ الغاشم.. إليكم نسوق كلماتِنا، مذكِّرين ببيعتِكم التي بايعتم اللهَ عليها لترتضوه غايةً والرسولَ قدوةً والقرآنَ دستورَ حياةٍ والجهادَ طريقَ عزةٍ والموتَ في سبيل الله أمنيةً غاليةً.. أنتم يا جبينَ الغرِّ في جبهة هذا العصر، ويا روحَ الأملِ التي تسري في بدن هذه الأمة.. اعلموا أن الله غالبٌ على أمرِه، وأن دوام الحال من المحال، وتذكَّروا أنه مِن بين المِحَن تلوح أنوار النصر ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت: 2).

فاجعلوا من أوقات محنتِكم محطةً تزودُكم للسفر الطويل، ممتثلين قول القائل: "سجني خلوة"، ولتكن طاقة الإيمان قوةَ دفعٍ للسير على درب الدعوة الطويل، وإنَّ غدًا لناظرِه قريبٌ، وإن وعدَ الله حقٌّ ﴿ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ (إبراهيم:42).. والله أكبر ولله الحمد.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

للمزيد عن جهود الإخوان تجاه فلسطين وحرب 1948م

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أحداث في صور

.

تابع أحداث في صور

وصلات فيديو

أقرأ-أيضًا.png
مرشدو الإخوان والقضية الفلسطينية
الإمام حسن البنا والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد حامد أبو النصر والقضية الفلسطينية

الأستاذ مصطفي مشهور والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد المأمون الهضيبي والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

تابع الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

الدكتور محمد بديع والقضية الفلسطينية