هل ينهي “ترامادول عباس” صداع التسريبات في رأس السيسي؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل ينهي "ترامادول عباس" صداع التسريبات في رأس السيسي؟


هل ينهي ترامادول عباس صداع التسريبات.jpg

كتبه: رانيا قناوي

(19 يناير 2018)

مقدمة

أثمرت التسريبات الأخيرة للتسجيلات الصوتية بين ضابط بالمخابرات الحربية وعدد من الفنانين والإعلاميين، والتي يقوم فيها بتوجيههم نحو تبني مواقف سياسية معينة، في ملف القدس الشريف، أثمرت عن هيمنة عبد الفتاح السيسي على المخابرات العامة بتعيين رجل "التسريبات والترامادول الأول" عباس كامل، ظِل السيسي ومدير مكتبه، خاصة بعدما ظهر في هذه التسريبات وجود تضارب بين جهاز المخابرات العامة والحربية.

وارتبط اسم اللواء عباس كامل بالسيسي، وبالتسريبات المنهمرة التي كان مكتب السيسي محورها، والتي أبرزت دور الرجل بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، وحديث عباس كامل عن "الرز الخليجي" حينما كان يتحدث مع السيسي عن المنح الخليجية، فضلا عن فضائح عباس عن نفسه شخصيا حينما أخبر السيسي أنه يتعاطى "الترامادول"، وسؤال زوجته عن شريط الترامادول التي وجدته في جيبه.

من هو عباس ترامادول

ولا يُعرف عن عباس كامل سوى كونه مدير مكتب السيسي في المخابرات الحربية، ثم في وزارة الدفاع، ثم في رئاسة الجمهورية، كما أنه كان رفيق دربه خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي.

ومن خلال التسريبات أيضا تبين أن عباس كامل هو عقل عبد الفتاح السيسي الذي يثق فيه ويفكر معه بصوت عالٍ، في الوقت الذي يتبين أن عباس كامل عرف كيف يلعب على كافة الحبال، حتى إنه كان يدير الحملة الانتخابية للسيسي من داخل القصر السعودي، الذي كان يتجسس لصالحه على الدولة، من أجل الحصول على الرز الخليجي.

وتصفه دوائر إعلامية قريبة من النظام بالرجل الثاني في الدولة، وأنه خازن أسرار السيسي وصديقه الصدوق وناصحه الأمين، وهو ما أجبر السيسي على إصدار قراراً بتكليفه بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة لحين تعيين رئيس جديد للجهاز، خلفا للواء خالد فوزي، لعدم ثقته برجل غيره، فضلا عن أن عباس هو أحد أذرع السيسي التي دائما ما تشككه في قيادات المخابرات العامة، وفقا لأحد التسريبات التي قال فيها السيسي لعباس: "بتوع العامة دول رجلك منهم والقبر".

حتى أنه لم يتم الإعلان عن أسباب رحيل اللواء خالد فوزي عن قيادة الجهاز، الذي ظهر مؤخرا كوسيط لاتفاق المصالحة الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس. ووجه إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، الشكر وقتها إلى اللواء فوزي على "الدور المحوري في الوصول إلى هذا الاتفاق".

وتحدثت وسائل إعلام مصرية عن أن رحيل اللواء خالد فوزي عن قيادة المخابرات العامة يرجع إلى "أسباب صحية". وتولى فوزي مسؤولية الجهاز في ديسمبر عام 2014، بعدما قرر السيسي آنذاك إعفاء اللواء محمد فريد التهامي من قيادة الجهاز.

ويُوصف عباس بألقاب منها "ظل السيسي" و"كاتم أسرار السيسي" و"عباس تسريبات" و " عباس ترامادول". وبرز اسم عباس كامل في القضية الهزلية المعروفة إعلاميا باسم "التخابر مع قطر". وظهر كامل في جلسات المحاكمة بصفته رئيس لجنة فحص الأحراز وشهد في القضية ضد الرئيس محمد مرسي ومديري مكتبه واتهمهم زورا بتسريب وثائق خاصة بالأمن القومي إلى قطر.

تسريبات عباس

ليست تسريبات هو اسم لعمل فني سينمائي، بل هي حقيقة حدثت من خلال تسريبات اللواء عباس كامل مع السيسي في مكتبه، وظهرت له عدة حوارات مع السيسي ولواءات للجيش ووزراء وقضاة، ورد بأغلبها توجيهات للإعلاميين وتوسطات لدى القضاء لإصدار أحكام تبرئة ضد ضباط شرطة ارتكبوا "مذبحة سيارة الترحيلات".

وجاء على رأس هذه التسريبات توجيه الإعلامين، فإنه كان عبارة عن محادثة هاتفية بين مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل، والمتحدث العسكري السابق العقيد أحمد محمد علي. وخلال المحادثة يلقن عباس المتحدث العسكري الخطة الكاملة لحملة إعلامية، لـ"تهييج" الناس لمصلحة السيسي، حين كان مرشحا للرئاسة.

وتحدث عباس عن الإعلاميين "بتوعنا"، الذين سيشاركون في الحملة "التهييجية" للشعب. وشرح عباس لعلي ملامح الخطة الإعلامية التي وصل إليها بعد حديثه مع المشير "المستاء جدا"، إذ سيقومون من خلال الخطة بتلبيس الشعب "العمة"، عن وجود خطة لتشويه صورة السيسي قبل الانتخابات.

كما نشر تسريب للسيسي عندما كان وزيرا للدفاع قبل أيام من ترشحه لرئاسة الجمهورية، ويكشف التسريب حوارا دار بين السيسي ومدير مكتبه آنذاك عباس كامل وعضو المجلس العسكري محمود حجازي. وقد وصف الحوار دول الخليج بأنها أنصاف دول تمتلك مبالغ ضخمة. وقد ناقش المتحاورون في التسريب إستراتيجية التعامل مع دول الخليج في ما يتعلق بطلب منح مالية، على غرار ما حدث في حرب الخليج، وقال عباس كامل مدير مكتب السيسي إنه يجب التعامل مع دول الخليج على أساس "خذ وهات".

وقال عباس كامل إن القيادات بدول الخليج تمتلك أموالا كبيرة، وكل واحد منهم يملك مئات المليارات، وتحدث مدير مكتب السيسي بألفاظ بذيئة عن أمير قطر، وقال إن بنك قطر الوطني وحده يتوفر على احتياطي بتسعمئة مليار، ووصف بعض دول الخليج بأنها "أنصاف دول". كما نُشر تسريب من مكتب يكشف دور الإمارات في إفشال الثورات العربية، فضلا عن النشاط الذي تقوم به أبوظبي في المنطقة العربية.

والتسريب عبارة عن مجموعة من المكالمات الهاتفية، من بينها حوار بين عباس كامل والوزير الإماراتي سلطان الجابر، حيث يطلب كامل من الوزير الإماراتي في المكالمة الهاتفية تحريك وديعة مالية إماراتية بعد أن رفض البنك المركزي تسييلها للجيش. وتحدث اللواء كامل أيضا عن بروتوكول مبرم مع الإمارات، ويتضمن اتفاقا ينص على 50%، وهو ربما ما يشير إلى عمولة يتقاضاها الجيش في مصر من المساعدات المالية التي تتلقاها مصر من دولة الإمارات.

كما يظهر التسريب سلسلة حوارات لمدير مكتب السيسي عباس كامل مع مجموعة أشخاص، من بينهم رئيس أركان الجيش المصري "محمود حجازي"، ووزير الطيران المدني المصري "حسام خير الله"، وشخص لم يتم التأكد من هويته بالتحديد، لكنه يدعى "محمد إسماعيل".

التسريبات، وفقا لما قالته قناة مكملين، تكشف دور القيادي المفصول من حركة فتح الفلسطينية "محمد دحلان"، الذي يعمل مستشارا أمنيا لدى حكومة أبوظبي في دعم الحركات المسلحة في ليبيا والتنسيق بينها وبين دولة الإمارات، ما يجعل هذا التسريب مؤكدا لتسريبات سابقة بثتها قناة "بانوراما ليبيا"، حيث حذر عباس كامل في التسريب السابق من مغبة المساس قضائيا أو أمنيا بـ"أحمد قذاف الدم" منسق العلاقات الليبية المصرية في عهد القذافي، وذلك لأنه "متعاون معنا"، على حد قول اللواء كامل.

تسريب الترامدول

وجاء التسريب الأهم وقد شاع اسم عباس كامل مقترنا بـ"الترامادول" (حبوب مخدرة)، عقب نشر تسريب له على قناة "مكملين" الفضائية خلال حديث له مع السيسي، قال فيه: "على فكرة، بنت خالتي امبارح بتسألني إيه الحبايتين دول، فقولتلها بصراحة يعني نظرا للتوتر اللي إحنا فيه، فاحنا كل واحد فينا كل يوم الواحد بياخد حباية ترامادول بيهدي نفسه بيها".

عصابة حاكمة

من جهته، قال الكاتب الصحفي جمال الجمل في تصريحات لقناة "الجزيرة" إن تكليف عباس كامل يُعد "استمرارا متطرفا في طريقة السيسي لإدارة البلاد، وهي بعيدة تماما عن الإدارة عبر مؤسسات الدولة، والتحول الديمقراطي". وأضاف أن هذه الطريقة تتجه إلى ما يمكن وصفه بـ"العصابة الحاكمة" عبر توريث "الدائرة الضيقة للهيمنة على كل مؤسسات مصر وتحويلها إلى ثكنة عسكرية تأتمر بأوامر شخص واحد".

وأشار الكاتب الصحفي إلى أن التطورات الأخيرة تُذكّر بمحاولة اغتيال مدير المخابرات العامة الأسبق عمر سليمان في الأيام الأولى لثورة يناير، وهو ما يشير بأصابع الاتهام إلى الأطراف التي سعت للتخلص من عمر سليمان، ثم التخلص من رجاله داخل جهاز المخابرات العامة.

أما الكاتب الصحفي سليم عزوز فرأى أن هناك عملية تخريب متعمدة يقوم بها السيسي في جهاز المخابرات العامة منذ توليه السلطة، نتجت عنها إحالة 73 وكيلا لجهاز المخابرات إلى التقاعد، بما يشير إلى وجود حساسية لديه وعدم ثقة تجاه هذا الجهاز، مضيفا أن "تعيين السيسي سكرتيره رئيسا للمخابرات العامة تُخصم كثيرا من رصيد أي نظام حاكم".

وأشار عزوز إلى أن الإجراء السريع بإقالة خالد فوزي وتعيين عباس كامل، وهو القادم من خارج جهاز المخابرات العامة، يشير إلى أن السيسي يشعر بقلق تجاه الجهاز، خاصة بعد التسريبات الأخيرة.

المصدر