هلال: الشورى والانتخاب كانا أساس اختيار "عاكف" مرشدًا للإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هلال: الشورى والانتخاب كانا أساس اختيار "عاكف" مرشدًا للإخوان

[15-01-2004]

مقدمة

* أشرفت على عملية الانتخابات؛ لأني أكبر الأعضاء سنًّا.

* أصبحت أول مرشد عام سابق للإخوان.

* شباب الدعوة هم الذين يحمونها، وكل جيل يسلم القيادة لمن بعده.

* (الإخوان) دعوة عالمية، لا تقتصر على قطر بعينه.

* لا يوجد سبب مقنع لممارسات الحكومة المصرية ضد (الإخوان).

الأستاذ "محمد هلال" تولَّى مهمة القائم بأعمال المرشد بعد وفاة المرشد الراحل المستشار "محمد المأمون الهضيبي"، إلى أن سلمها إلى الأستاذ "محمد مهدي عاكف"- المرشد المنتخب للإخوان المسلمين- وللأستاذ "هلال" تاريخه ودوره المعروف في الجماعة.. التقينا به، وسألناه عن دوره في عملية انتخاب المرشد الجديد، وانطباعه عنه، ورؤيته لمستقبل الدعوة وواقعها، فكان ذلك الحوار:


نص الحوار

  • نريد أن نتعرف من سيادتكم على الكيفية التي تمت بها عملية انتخاب المرشد العام؟
لقد فوجئنا بوفاة المستشار "الهضيبي"- رحمه الله- وكان ذلك صباح الجمعة في الساعة الواحدة والنصف- بعد منتصف ليل الخميس- ولقد وصلت من المنصورة الساعة الثالثة والنصف صباحًا، فجهزنا كل ما يلزم الجنازة، ولم نتكلم في أي شيء سوى الجنازة، وانتهى يوم الجمعة بعد أن ألقيت كلمة (الإخوان) باعتباري القائم بأعمال المرشد العام، وانتهى العزاء ليلاً، وكان لابد من إجراء الانتخابات سريعًا، وكانوا يعرفون أن ظروفي تمنعني من الترشيح لهذا المنصب، وقلت:
إنني يكفيني أن أقوم بهذا العمل، وأختم به جزءًا من حياتي في دعوة (الإخوان)، والحمد لله أجريت الانتخابات لمرشد (الإخوان)، بالطريقة التي تنص عليها اللائحة؛ حيث أدرت هذه الانتخابات بنفسي باعتبار أنني كنت أكبر الأعضاء سنًّا، وتقول اللائحة: إنه إذا كان لا يوجد نائب للمرشد العام، إذن يقود السفينة أكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنًّا، فكنت أنا أكبر الأعضاء سنًّا، وتم اختيار الأستاذ "عاكف" مرشدًا للإخوان، وتمت مبايعته على ذلك، وحملت للأستاذ "عاكف" هذه الأمانة، وقلت لهم: لأول مرة، الجماعة أصبح لها مرشد عام سابق على قيد الحياة.
الأستاذ "محمد مهدي عاكف" له تاريخ طويل، وكان عضوًا في النظام الخاص، والنظام الخاص لم يعمل من أجل محاربة المصري للمصري، بل ضد الاحتلال الإنجليزى في مصر واليهود في فلسطين، وقد دخل (الإخوان) فلسطين قبل أن تدخلها الجيوش المصرية، ولو قرأت كتب التاريخ التي كتبها القادة المصريون ستجد أن (الإخوان) أبلوا بلاءً حسنًا، نسأل الله تعالى أن يتقبله، فمنهم من استشهد، ومن من عاد، وكان (الإخوان) لهم الفضل بعد الله في فكِّ الحصار عن "عبد الناصر" في (الفالوجة)، فقد أوصل له المؤن والذخيرة أخونا- رحمة الله عليه- "معروف الحضري"، وكان جزاء "معروف الحضري" أن اعتقله الرئيس الراحل "عبد الناصر" في السجن الحربي هو ومعظم (الإخوان) الموجودين بالجيش، والتاريخ يثبت على لسان زملاء "عبد الناصر" أن (الإخوان) هم الذين قاموا بحراسة هذه الثورة في 1952م، وبالنسبة للأستاذ "عاكف" فهو أخ عاش حياته مجاهدًا، وقد جاب كل القطر المصري في أيام حرب القنال وفلسطين، وحوكم عام 1954م، وحُكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى أحكام شاقة مؤبدة.
و"عاكف" أصغر مني بثمانية سنين، وتجد فيه روح الشباب، ولا يعترف بسنه أبدًا، واختياره صادف تاريخه وإخلاصه وبلاءه في الدعوة، ونحن حوله إخوة له.
  • ولكن ما رأيكم فيما قاله البعض من أن الأستاذ "عاكف" يمثل جيل الشيوخ؟
نرد على من قال إن الجيل القديم مسيطر على (الإخوان) بأن من هم في مثل سني ثلاثة أو أربعة، والباقي كله شباب، ولكن نحن نحب هذا الشباب مثل أولادنا، ونقدرهم بأغلى من أعيينا، وكلهم يحبون الأستاذ "عاكف"، والاختيار جاء رباني، والمهم أننا والحمد لله على قلب رجل واحد، ودعوتنا لا يمكن أن تسير إلا إذا نسي كل واحد فينا ذاته، وأفنى نفسه، ورضي بقضاء الله له، فنحن معرضون للاعتقال والسجون والاغتيالات، ولكن نقدم هذا في سبيل الله، ونقدم الشهداء وأولادنا في السجون، لكنهم يخرجون أشد وأقوى من ذي قبل، ودعوة (الإخوان المسلمين) كلها مغارم وليست مغانم، وهذه طبيعة الدعوة، وبالنسبة للمال لا نحتاج إلى شيء من أحد، وأموالنا من جيوبنا.
وأكرر: الشباب في عيوننا، ونحبهم جدًّا، ونرى شبابنا في هذا الشباب، وهذه الأجيال هي التي تحمي الدعوة، وعندما ينتهي جيل، يسلم الجيل الذي يليه من الشباب المسئولية.
  • بشأن اختيار نائب للمرشد.. إلى أي مدى وصلتم؟
للمرشد الحق في اختيار نائب أو أكثر، وأعتقد أن حسم هذه المسألة سيكون قريبًا.. والمتحدث الرسمي في الفترة السابقة كان المرشد نفسه، وأحسب الأستاذ "عاكف" سيختار متحدثًا رسميًّا للجماعة؛ نظرًا لمشاغله الكثيرة.


العلاقة بالنظام

والله لست أدري ما هي الأسباب التي تدفع القائمين على النظام إلى موقفهم من (الإخوان)، ونقول لهم: إننا منذ أكثر من خمسين عامًا لم يحمل أحد منا سلاح، ولا صدر عنا حادثة، ونتحدى أن يثبت أحد غير ذلك، ونحن نمد أيدينا إلى النظام ونقول لهم: هذه أيدينا، وليس بيننا وبينكم أي خلاف، ولسنا طلاب حكم، ولسنا طلاب وزارات، ونقول لهم: اطمئنوا لنا، وأنت تعلم أنهم يحاربوننا في الانتخابات، ولم يهدأ لهم بال إلا بعد أن أسقطوا عضوية مجلس الشعب عن الدكتور "جمال حشمت" والأستاذة "جيهان الحلفاوي"؛ لكي نكون 16 مقعدًا في البرلمان، بدلاً من 17 مقعد، فهم بذلك يتبعون سياسة خرقاء؛ لأن وجودنا لا يمكن لمخلوق ذا عقل أن ينكره أحد، وبدلاً من التضييق علينا، فليتتبعوا النفعيين والمرتشين الذين استفاد بعضهم من انتمائه للحزب الحاكم، وجمعوا المال الحرام، وأخذوا أموال البنوك وهربوا.
إذا كانت الحكومة تتقي الله لسمحت بالحريات، ونظمت انتخابات حرة حقيقية، لا يشرف عليها موظفو الحكومة من وزارتي الداخلية والعدل، ولكن انتخابات يشرف عليها مجلس القضاء الأعلى من أول القيد في كشوف الناخبين، حتى إعلان نتائج الانتخابات.. افرض أن (الإخوان) أخذوا الأغلبية في البرلمان؛ ما المانع أن ندخل الحكومة- ألسنا مصريون؟!- ونشكل الحكومة، وتتركونا نريكم ما إذا كنا سننفذ ما نقول به ووننادي به من تحكيم الشريعة الإسلامية، أم لا؟!
فالدستور يقول في المادة الثانية:
دين الدولة الرسمي الإسلام، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وبذلك يكونون هم الذين يخالفون الدستور.
وللأسف الشديد، كل فترة يتم اعتقال الشباب، ويقدمون للمحاكم العسكرية؛ لماذا؟! لأنه لا يوجد قاض مدني يحكم على هذا الشباب لعدم وجود تهمة، ولا تتصور مدى الاستهانة بكرامة الناس وبمقدرات الناس، ولكننا صابرون، وفي النهاية لابد أن ينتصر الحق، وكل يوم عندنا جديد.
ونكرر: نحن نمد أيدينا للنظام، ونذكر أيام بدء أمريكا وإنجلترا لضرب العراق، كان لابد للشعب المصري أن يُظهر اعتراضه على هذا الظلم والعدوان على شعب مسلم من إخواننا، فقام (الإخوان المسلمون) بتنظيم مظاهرة حاشدة باستاد القاهرة، وحضر ما يزيد على المائة وستين ألفًَا، ولم تتدخل الشرطة في تنظيم الدخول والخروج، ولم يحدث أي حادث عرضي، ودخل الناس، وكل فرد جلس في مكانه، وكان شبابنا وأولادنا يستقبلون كل الإخوة من كل المحافظات، وانتهى الحفل، وشكر الأستاذ "الهضيبي" رجال الشرطة أن مكنوا (الإخوان) من إدارة هذا العمل، ولم يحدث أي شيء، والعالم كله تحدث عن هذا، ولما احتاجوا إلينا كنا أصدقاء، ولكن ثاني يوم تم اعتقال شباب منا، ولا نقول غير حسبنا الله ونعم الوكيل.
  • هل عندكم آمال تريدون تحقيقها في الفترة القادمة؟
نسأل الله تعالى أن ينصر دعوة الإسلام، فهذه الدعوة معلق بها مصير الملايين في أنحاء العالم، فقد قال (الإخوان) السودانيون- القادمون للعزاء- عن انتشار الإسلام في جنوب السودان: إن خمسمائة فرد أسلموا مرة واحدة عندما أتوا إلى الخرطوم.
فالأمل في نصر الله كبير، والإسلام ينتشر.. ففي رمضان الماضي كنت أصلي في مسجد وراءه مسجدين في شارع على ضفاف النيل بالمنصورة، عرض الشارع أكثر من ستين مترًا، والسيارات مصفوفة، ينزل منها فتيات وفتيان مسلمين من 15 سنة إلى ما فوق، يسدون الطريق، والمسجد مزدحم، وخمسة مساجد أخرى، وإقبال الناس على الإسلام وعلى شهر رمضان منقطع النظير، فلم يكن هناك مكان في المساجد للشباب المعتكف.. فالإسلام قادم، رضوا بذلك أم أبوا، فهذه شريعة الله، والحمد لله أننا في خير كبير، وكما قال أحد الصالحين: "لو علم الملوك ما نحن فيه من سعادة لقاتلونا عليها".


تاريخ دعوي

لقد كنت طول عمري جنديًّا بـ(الإخوان)، وقدَّر الله أن لا اعتقل عام 1954م، فأصبحت مسئولاً عن محافظة الدقهلية، وظللت حتى عام 1965م، فاعتقلت في 31 من أغسطس، وخرجت في عام 1970م، وكان "عبد الناصر" موجودًا، وتوفي "عبد الناصر" بعدما خرجت بشهر.
  • هل كانت لكم علاقة بالضباط الأحرار؟
نعم، كان ذلك بعد الثورة، كان معي مجموعة كبيرة منهم في المعتقل، وكان أقربهم مني المرحوم "معروف الحضري"، الذي أنقذ "عبد الناصر" من حصار (الفالوجا)، وكانوا من (الإخوان)، و"عبد الناصر" نفسه كان تلميذًا من تلامذة "عبد الرحمن السندي"، وكان هو الذي يدرب (الإخوان) على السلاح، وهو الذي رسم مخازن السلاح في عزبة (العشماوي باشا)، وفي النهاية- عندما استولى على الحكم وحده- قدَّم (الإخوان) على أن عندهم سلاحًا في عزبة (العشماوي).
  • ما هى علاقة سيادتكم بالمرشدين السابقين؟
علاقتي بهم كانت من أيام الإمام الشهيد "حسن البنا"، لما كنت طالبًا، كنت أتردد عليه بمنزله المتواضع جدًّا، أو بدرس الثلاثاء، وكنت أحضر في قسم الطلاب بالدرب الأحمر، فصلتي امتدت بعد الخروج من المعتقل- عام 1949م- كان إخواننا ما زال بعضهم في السجون، ومن الحكايات الطريفة أنني بعدما خرجت كنت في الفرقة الثالثة بكلية الحقوق، فقابلت "عشماوي باشا"، وكان وزيرًا للمعارف مع ابنه "حسن عشماوي"؛ وهو من (الإخوان)، وكان لي به معرفة سابقة، وكان رئيس نيابة في ذلك الوقت.. دخلنا على الباشا بالجامعة لنحدثه في أمر الإخوة الطلاب المعتقلين، فجمع مجلس الجامعة.. ولأول مرة في تاريخ الجامعة المصرية يتقرر عقد امتحان مخصوص لجميع الطلاب الخارجين من المعتقل، فالذي يخرج يمتحن في كليته، والذي لم يخرج تُعقد له لجان داخل المعتقل، لكن على شرط ألا يسري هذا على الشهادات، ولكن يكون في السنوات غير النهائية.
والحمد لله، رغم أن المدة كانت قصيرة جدًّا، ولكن الأساتذة جميعًا كانوا يقدرون مشاعرنا، وكانوا يعلمون أننا مظلومون، وبعدها تخرجت في عام 1950م، وعملت بالمحاماة بالمنصورة، واعتقلت في عام 1965م، وأمضيت خمس سنوات بالمعتقل، وكانت ظروف السجن الحربي قاسية، فكانت المعاملات غير إنسانية، وكان التعامل مع الحيوانات أفضل من التعامل معنا من جانب هؤلاء الظالمين، واستشهد منا الكثيرون، ودفنوا في مقابر، خصيصًا في صحراء مصر، وكان التعذيب أفظع من تعذيب "صدام" لشعبه، ومقابره الجماعية كانت أقل مما عندنا في ذلك الوقت.
وكان معنا في المعتقل الراحل "فؤاد باشا سراج الدين"، وكنا نحن شباب، ولكنه كان من أولاد الباشوات، ولا يحتمل مثلنا، وكنا نتمنى خدمته، وكان (الإخوان) يحبونه ويحبهم جدًّا.. وخرجنا وظللت في المنصورة، ومنذ 12 عاما تقريبًا انتخبوني عضوًا في مكتب الإرشاد، وما زلت..

المصدر