نقيب مهندسي الأردن: الحراسة على نقابة مهندسي مصر كارثة
حوار- ياسر هادي
مقدمة
- اعتمدنا مبدأ المشاركة لا المغالبة في نقابات الأردن
- التيار الإسلامي يقود العمل الأهلي في بلادنا
- العمل الشعبي العربي ضحية الخلافات السياسية
تعيش النقابات المهنية في الأردن حالةً من الازدهار؛ حيث تشهد نشاطًا ملحوظًا في ظل سيطرة التيار الإسلامي على عدد من نقاباتها ومشاركته في عدد آخر، وتقوم تلك النقابات بخدمات جليلة لأعضائها، وتقدَّر المبالغ التي تساعد بها النقابات هؤلاء الأعضاء بالملايين، وذلك في ظل علاقةٍ جيدةٍ بين تلك النقابات والحكومة الأردنية.
يأتي ذلك في الوقت الذي يعاني فيه العمل النقابي العربي من أزمة حقيقية؛ حيث تؤثر الأوضاع السياسية المتردية فيه سلبيًّا على التعاون بين هذه النقابات، وأثَّر البُعد السياسي بشكل كبير على العمل الشعبي العربي.. الأمر الذي يحدث عكسُه تمامًا في الخارج؛ حيث أدى التقارب السياسي بين الدول الأوروبية إلى دعم كبير للعمل الشعبي في هذه الدول.
وقد التقينا الدكتور وائل السقا - نقيب المهندسين بالأردن - وتحاورنا معه حول هموم النقابات المهنية العربية ودور التيار الإسلامي في الأردن في دعم العمل النقابي هناك، كما استعرضنا معه العقبات التي تواجه العمل النقابي العربي من خلال موقعه كنائب لرئيس اتحاد منظمات الهيئات الهندسية الإسلامية، ومستقبل هذا التعاون، ومدى الخسارة التي تكبَّدها العمل الهندسي العربي بسبب فرض الحراسة على نقابة المهندسين المصرية منذ 10 سنوات، فضلاً عن قضايا أخرى نطالعها من خلال السطور التالية:
- نود في البداية أن تلقي لنا الضوء على اتحاد المنظمات الهندسية الإسلامية؟
- يضم الاتحاد في عضويته حوالي 20 دولةً، ليس بينها من الدولة العربية سوىمصر وسوريا و ليبيا والسودان ، وهو اتحاد أنشأته مصر في نهاية الثمانينيات؛ تحقيقًا لتكاتف المهندسين في الدول الإسلامية، ويهدف إلى تبادل الخبرات بين الدول الأعضاء، وزيادة التقارب بين المهندسين، والمساهمة في الاتحادات الدولية بأفكار ومشروعات ذات علاقة بالشأن الهندسي، وقام الاتحاد بعدد من الأنشطة، منها ندوة عن التعليم بالأردن، ومؤتمر بماليزيا، بالإضافة إلى أنشطة أخرى.
ضعف المشاركة العربية
- وما السبب في ضعف المشاركة العربية ومحدودية النشاط داخل الاتحاد؟
- لا شك أن الأوضاع السياسية المتردية للمسلمين أثَّرت بشكل كبير على أنشطة التعاون بين دول الاتحاد، كما أن البُعد السياسي كان له أثرٌ سلبيٌّ على العمل الشعبي، فحينما كان هناك تآلفٌ سياسيٌ بين الأنظمة العربية صاحبَه تقاربٌ على المستوى الشعبي، كما أبَعد الاحتلال الأمريكي العراقَ عن المشاركة في الأنشطة، وأثَّرت الأحداث في لبنان على فاعلية هذا القُطر العربي، فضلاً عن تأثير زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس وتوقيعه على معاهدة كامب ديفيد.. الأمر الذي أدى إلى تراجع شديد في دور مصر الهندسي، بينما نجد الاتحاد الهندسي الدولي فاعلاً بسبب التقارب السياسي بين الدول الأعضاء فيه، ففي بلادنا أصبح العمل الشعبي ضحيةَ الخلافات السياسية.
- وما حجم التعاون بين النقابيين العرب حاليًا؟
- ليس هناك تعاون بالشكل اللائق، لكنَّ هناك مواقفَ مشرفةً قام بها المهندسون العرب، مثل قناة البحرين - الميت والأحمر- التي وقفت لها النقابات العربية بالمرصاد، وكذلك "الكويز" التي تمت مقاطعتها وطُلب من النقابات غير الهندسية عدم المشاركة في أيٍّ من مشروعاتها، فضلاً عن تصدير الغاز للصهاينة، وهو الأمر الذي رفضته كل النقابات العربية، ونطالب دائمًا بالتعاون في المشروعات التي لها بُعدٌ إستراتيجي وتؤثر على العِمالة العربية الوطنية.
مقاطعة ناجحة
- وهل أثمرت دعواتكم لمقاطعة المشروعات المشبوهة؟
- بالطبع.. ولدينا تجربةٌ في الأردن ، حين جاءت إحدى الشركات اليهودية التي تعمل في صناعة الخرسانة الجاهزة للخلط إلا أننا دعونا لمقاطعتها، وهذا ما حدث، فاضطُّرت للانسحاب من السوق الأردني، وهو ما تكرر أيضًا حين تعاقدت إحدى الشركات الأردنية مع الصهاينة في مجال التكييف، فقوطعت من المكاتب الاستشارية حتى عادت إلى رُشدها، وهذا ما نطلبه من كافة النقابات المهنية العربية أن يكون لها دورٌ في دعم الاقتصاد الوطني ورفض التطبيع والمشاركة في الأنشطة الوطنية، وأؤكد أن هناك قراراتٍ للهيئات العامة بالنقابات العربية تقضي بمقاطعة التعاون مع الصهاينة.
- وكيف يتم تدعيم التعاون العربي على مستوى النقابات المهنية؟
- يجب أن يتم تعزيز المبادرة التي طرحها اتحاد المهندسين العرب للقيام بأنشطة على مستوى الاتحادات المهنية العربية في مجالات مقاومة التطبيع والحريات، والوقوف أمام الاعتداءات الأجنبية على الوطن العربي، والعمل على زيادة الروابط والأنشطة التي تتقاطع بين هذه النقابات، وكذلك على المستوى المهني؛ حيث يجب أن يتم التعاون الاستثماري وتطوير قوانين النقابات في المجالات الاجتماعية والثقافية؛ تحقيقًا لجزء من أمل الوحدة العربية، ومحاولةً لانسياب البضاعة والعِمالة بين الدول العربية عن طريق الوحدة الاقتصادية والتبادل التجاري والاقتصادي والزراعي والثقافي والمهني.
- وهل النقابات العربية مؤهلةٌ للقيام بهذا الدور؟
- نعم.. بشرط عدم وجود عوائق رسمية عربية أمام هذا المبادرات، وأن تبادر الحكومات بتعزيزها، خاصةً أن هذه الاتحادات تعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية.
الحراسة كارثة
- باعتباركم نائب رئيس اتحاد منظمات الهيئات الهندسية الإسلامية كيف ترون تأثير غياب نقابة المهندسين المصرية عن العمل في ظل الحراسة التي دامت على مدار 10 سنوات؟
- في ظل الحراسة تراجَع دورُ نقابة المهندسين وقلَّت مشاركتها بشكل كبير، وهذا طبيعي في إطار المشاركة الشكلية للحراسة وغياب المشاركة الفاعلة، فمنذ 10 سنوات لم يشارك المهندسون المصريون في أنشطة الاتحاد أو غيره، وهذا يمثل خسارةً كبرى؛ لأن مصر كانت الناشط الأكبر الذي أدى غيابه إلى ضعفٍ شديدٍ في أنشطة الاتحاد، وأؤكد أن الأمة العربية والإسلامية تعوِّل كثيرًا على مصر في كافة المجالات، وأن أي تراجع في الدور المصري يعتبر كارثةً، وأشير إلى تطلعنا إلى نقابة هندسية مصرية حرة نشيطة رائدة في العمل النقابي، من خلال مجلس منتخَب من جانب الهيئات العامة التي يجب أن تنشَط لتأكيد دور المهندس العربي في المساهمة في تطوير وازدهار وطنه.
- وماذا عن نقابة المهندسين الأردنيين؟
- نقابتنا هي كبرى النقابات المهنية في الأردن، وتضم 60 ألف مهندس، فلدينا أعلى نسبة مهندسين في العالم؛ حيث يوجد لكل 90 مواطنًا مهندسٌ في الوقت الذي يقابل كل مهندس في مصر مثلاً 200 مواطن، والأردن عضو مؤسس في اتحاد الهيئات الهندسية الإسلامية ومَقرٌ لأربعةٍ من لجانه، كما ترأس الأردن المجلس الأعلى لتدريب وتأهيل المهندسين، كما أنه عضو فاعل في هيئة المعماريين العرب، وتشهد نقابة المهندسين بالأردن نشاطًا واسعًا على المستوى المهني والوطني، ولا يخلو يومٌ إلا ويوجد نشاط علمي أو نقابي.
- ويشكِّل النشاط الوطني جانبًا مهمًّا من أنشطة النقابة من خلال اللجان الوطنية (فلسطين .. دعم الشعب العراقي.. الحريات.. مقاومة التطبيع والدفاع عن الوطن.. دعم الصناعة الوطنية) وهي لجان فاعلة، ولها أنشطةٌ في تخصصاتها، وتشارك في تلك الأنشطة النقابات الأخرى التي تقع داخل مجمع النقابات المهنية، فهناك تنسيقٌ بين النقابات الأربعة عشر من خلال مجلس النقباء، كما أن هناك أنشطةً ولجانًا مشتركةً.
إنجازات هائلة
- وما هي إنجازاتكم كتيار إسلامي داخل النقابة؟
- أنشأنا صندوقًا لتقاعد المهندسين، ولنا تجربةٌ متميزةٌ؛ حيث نستثمر 150 مليون دولار في هذا المجال، ومن خلال هذا الاستثمار يتم توزيع الأراضي والسلع والسيارات والأجهزة الكهربية والحواسب والأثاث على المهندسين، فضلاً عن الشقق السكنية، كما أن هناك (صندوق التكافل الاجتماعي) الذي يمنح عائلة المهندس عند الوفاة حوالي 40 ألف دولار، فضلاً عن صندوق الادخار والقرض الحسن الذي يمنح المهندسين قرضًا حتى 10 آلاف دينار أردني بدون فوائد، يتم تسديدها على 5 سنوات، كما وزعنا خلال 3 أعوام 35 مليون دينار أردني.
- وسوف نستحدث صناديق جديدة لخدمة المهندسين، مثل صندوق التعليم الجامعي لأبناء المهندسين، وصندوق الزواج الذي يمنح قرضًا قيمته 5 آلاف دينار أردني للمهندس الذي يرغب في الزواج، وصندوق نهاية الخدمة وآخر للبطالة، وثالث للتأمين على المشاريع الهندسية للمكاتب الاستشارية.
تأهيل مهني
- كما أن لنقابتنا نشاطًا متميزًا في مجال تأهيل وتدريب المهندسين الأردنيين بالاتفاق مع المؤسسات الهندسية لتدريب المهندسين حديثي التخرج ومنحهم مكافأةً شهريةً قيمتها 150 دينارًا أردنيًّا لمدة 6 أشهر، وأسسنا مركزًا لتدريب المهندسين منذ 8 سنوات، قام حتى الآن بتدريب 16 ألف مهندس.
- يسيطر الاتجاه الإسلامي على نقابة المهندسين منذ 12 عامًا.. فماذا كان دافعكم لإشراك قوى أخرى في إدارتها؟
- بفضل الله يتمتع التيار الإسلامي بثقة المهندسين الأردنيين في منصب النقيب وأعضاء مجلس النقابة، إلا أننا بدأنا في التعاون مع اتجاهات أخرى تجمعنا معها قواسم مشتركة، أهمها محاربة الفساد، ورفع سقف الحريات، ومقاومة التطبيع، وهي بلا شك تجربةٌ ناجحةٌ، كما تم تطبيقها في نقابة أطباء الأسنان؛ حيث لمسنا ضرورة التعاون مع جميع الأطياف التي تتقاسم معنا القضايا العامة لتقوية الصف النقابي، ونهدف إلى عدم انفرادنا بالمسئولية من باب تكثيف الجهود والوصول إلى نتائج أكثر إيجابيةً، كما نهدف إلى تحقيق المزيد من الإنجازات الوطنية.
- وماذا عن تمثيل التيار الإسلامي في باقي النقابات الأردنية؟
- يتفاوت التمثيل النقابي للإسلاميين؛ حيث نتمتع بأغلبية في نقابات الزراعيين والأطباء وأطباء الأسنان والصيدلة، في حين يقل التمثيل في باقي النقابات.
- وكيف تتعامل الحكومة الأردنية مع هذا النشاط النقابي الواضح؟
- الموقف الحكومي يختلف من حكومة لأخرى، فالحكومة السابقة حاولت فرض قانون واحد لتشديد الرقابة المالية والمهنية على النقابات والتضييق عليها وتحجيم دورها، إلا أن النقابات وقفت ضد هذا القانون، وكادت تَحدث أزمةٌ حيث طوَّقت أجهزة الأمن مجمعَ النقابات، وانتهت الأزمة بتغيير الحكومة وتجميد القانون في مجلس النواب.. أما الآن فالعلاقة جيدة بيننا وبين الحكومة، ونتمنى أن تستمر كذلك.
- وهل تشجِّع القوانين النقابية على زيادة هذا النشاط؟
- القوانين المعمول بها لتنظيم النقابات عريقة، تلبي حاجات الشأن النقابي، وإن كنا نحاول باستمرار تطويرها بما يتفق مع زيادة أعداد النقابيين؛ حيث تم تعديل قانون نقابة المهندسين عام 2001م وتأسيس مجالس فرعية لها في المحافظات ومنحها الاستقلال المالي، ونعمل على التطوير المستمر من خلال الهيئات العامة واللجان الداخلية.
المصدر
- مقال:نقيب مهندسي الأردن: الحراسة على نقابة مهندسي مصر كارثةإخوان أون لاين