نشأة قسم الطلبة ودوره في الجامعة قبل الحرب العالمية الثانية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نشأة قسم الطلبة ودوره في الجامعة قبل الحرب العالمية الثانية

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

أولا:الدور الدعوي

ذكرنا آنفا مدى اهتمام الإمام البنا في بداية الدعوة لعنصر الشباب –خاصة طلبة الجامعة- وكان حلما يتمنى تحقيقه، حتى ساق الله له هذا الفضل في ظل الظروف التي كانت تحيياها الجامعة؛ نفر من الطلبة يريدون السير والعمل في ركاب دعوة الإخوان المسلمين، نفر لم ينشغلوا بالدنيا قدر انشغالهم بهموم دينهم والعمل له، ومن العجيب أنهم ليسوا من طلبة الأزهر بل من طلبة الجامعة المصرية والتي كانت تعد معقل الحزبية والليبرالية.

اهتمام الجماعة بالتعليم

الإمام حسن البنا وسط الشباب والطلبة

قبل أن نتحدث عن دور قسم الطلبة بجماعة الإخوان وجهود هؤلاء الطلبة في الإصلاح لابد أن نقف وقفه أولا لنتعرف على جهود الإخوان في إصلاح التعليم، خاصة في ظل محاولة المحتل الانجليزي طمس الهوية الإسلامية والعربية، ومحاولاته المستمرة لنشر الجهل وتعميمه وسط أبناء المجتمع المصري بهدف عدم تخريج أجيال تعرف حقوقها فتطالبه بالخروج من البلاد، حتى أن أحد وزراءها وهو بالمرستون كان يقول: " لا ترضى إنجلترا أبدًا بتقدم مصر ورقيها، فكان من الطبيعي أن توضع المناهج على أساس قشور من العلم لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا يقصد من ورائها إلا تخريج آلات كتابية تقوم بعبء الأعمال الحكومية" ..(1)

فمنذ أن بدأ الإمام حسن البنا في التفكير في ترسيخ قواعد هذه الجماعة بالإسماعيلية، وإنشاء كيان لها نظر أولا إلى تربية النشء تربية إسلامية فعمل جاهدا على إصلاح التعليم حيث يقول في ذلك: " كان مما قلناه من قبل - ولا زلنا نقوله الآن وسنظل ننادي به من بعد – إن مناهج التعليم هي أكبر مؤثر في حياة الأمة القابلة، وهي نصيبها من السعادة أو الشقاء وحظها من الحياة أو الموت فيها إن صلحت كل الأماني الطيبة تتحقق بمرور الأيام على يد هذا النشء الصغير أطفال اليوم ورجال الغد، وفيها إن فسدت كل الوباء تزيده الأيام قوة وانتشارًا بكبر هذا النشء وتوليه أمر هذه الأمة. واللجنة التي تضع مناهج التعليم إنما ترسم للأمة طريق الحياة وتقودها إليه، فما أكبر التبعة عليها وأشق العمل الذي تقوم به وأبعده أثرًا في مقتبل الأمة التي سلمتها هذا الزمام، ولو أن لجنة سياسية تجتمع لتحكم على هذه الأمة بالعبودية أو الحرية لما كان لقرارها من التأثير ما لتلك الموضوعات العلمية التي تختارها لجنة المناهج لتطبع عليها أبناء الأمة وتغذي بها عقولهم وأفكارهم. وعقل الناشئ – وبالتالي عقل الأمة – صحيفة بيضاء وعجينة مرنة تصورها لجنة المناهج على يد المدرس كيف شاءت، فهي مسئولة عن هذا التصوير أمام الله والتاريخ والوطن. لها شرف المستقبل الزاهر المضيء وعليها إثم الهاوية التي تتردى فيها الأمة، وقد أتى على هذه الأمة حين من الدهر جعل سوء الطالع مناهجها فيه تحت رحمة قوم يقول أحد وزرائهم (بالمرستون) لا ترضى إنجلترا أبدًا بتقدم مصر ورقيها، فكان من الطبيعي أن توضع المناهج على أساس قشور من العلم لا تسمن ولا تغني من جوع ولا يقصد من ورائها إلا تخريج آلات كتابية تقوم بعبء الأعمال الحكومية" ..(2)

وهذا ما دفع الإمام حسن البنا ومن وراءه الإخوان للعناية بالتعليم فقاموا بعمل الآتي:

  • أولاً: إقامة المدارس الأولية والليلية.
  • ثانيًا: العمل على إصلاح التعليم الديني في المدارس.
  • ثالثًا: العمل على إصلاح مناهج التعليم العام والأزهري.

فقد اهتم الإخوان بالجانب العملي في هذا الإصلاح فجدوا في إنشاء المدارس والمعاهد مثل معهد حراء وهو أول مدرسة بناها الإخوان المسلمون بالإسماعيلية، وكان مقره فوق مسجد جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية، وحرص الإمام البنا على جهل أوقات الدراسة موافقا لمواعيد الصلوات حتى لا تأتي الدراسة على الصلاة فتركت هذه الخطوات العملية أثرا طيبا في نفوس النشء ..(3)

وليس ذلك فحسب بل قام الإخوان أيضا ببناء مدرسة لتعليم الفتيات وأطلقوا عليها اسم مدرسة أمهات المؤمنين، وكان الأستاذ الشيخ أحمد عبد الحميد ناظرها، وقام بالتدريس فيها فتيات من الإسماعيلية ممن تخصصن في التدريس.

ولم يقتصر الأمر على الإسماعيلية فحسب بل قمت عدة شعب ببناء مدارس أيضا مثل المحمودية وشبراخيت وأبو صوير وغيرها.

وكان هذا جانب عملي لتربية النشء تربية إسلامية، غير أن الإمام البنا نظر لباقي أفراد المجتمع الذين لم ينالوا قسطا من التعليم فأقام لهم المدارس الليلية لمحو أميتهم وتعريفهم بمبادئ الإسلام وقواعده وفرائضه، وكانت أول مدرسة في ذلك السبيل هي مدرسة التهذيب التي أقامها الإمام البنا في الإسماعيلية واقتفت الشعب أثر الجمعية الأم في إنشاء هذه المدارس ..(4)

ولقد اهتم مجلس شورى الإخوان العام بعد تكوينه بأمر التعليم سواء بالنسبة للإخوان أو غيرهم، فقد اقترح في مجلس الشورى المنعقد في بور سعيد المطالبة بإقامة معاهد للتربية لتخريج دعاة الإخوان، واقترح تنظيم مناهج تعليم مدارس الجمعة والمدارس الليلية وأن يعنى مكتب الإرشاد بمناهج التعليم العام والخاص.

ولم يترك الإمام البنا الكتابة والمخاطبة والمراسلة لكل صاحب شأن في هذه البلد إلا وأرسل إليه يذكره بأهمية إصلاح التعليم والعناية بالتعليم الديني وعدم جعله على هامش التعليم، ويظهر ذلك جليا فى خطاب لوزير المعارف قال فيه: " يا سعادة الوزير: إننا نقولها كلمة بريئة كل البراءة، نزيهة كل النزاهة، طاهرة كل الطهر، لا يمليها إلا الإشفاق العظيم على أخلاق هذه الأمة أن تنهار، وعلى عواطف ناشئتها أن تجمح وعلى شبابها الذي هو في رعاية وزارة المعارف أن تضل به الأهواء والسبل، ولا نقصد بها إلا الخير والإصلاح. إن جهل طلبتنا بالدين جهل فاضح مزر إلى أقصى حدود الزراية، فامح أنت هذا النقص الذي لزم خطة التعليم هذا الأمد الطويل وأقصد بذلك وجه الله وخدمة الوطن".

حتى أن الشيخ طنطاوي جوهري كتب يقول في مقال بعنوان: "أيتها الشبيبة المصرية اسمعي" حذر فيه من فقدان الطبقة المتعلمة من الشباب للأخلاق الإسلامية الأساسية، وذكر أن سائحًا إنجليزيًا وصف ذلك بقوله: "إن مصر لا تستحق الاستقلال إلا إذا أصبح المتعلمون بها في الأخلاق والفضائل والشفقة والرحمة وحب الوالدين والأقارب كطبقة الفلاحين.. إني رأيت الفلاحين موصوفين بصفات الكرم والسماحة والإخلاص.. والعبادة والصلاة والصوم والإحسان، أما الطبقة المتعلمة في مصر فإن هذه الأخلاق قد سلخت منها" ..(5)


أول الغيث من الطلبة

كان أول الغيث الذي سعى للعمل من أجل مجتمع إسلامي داخل صفوف الطلبة ستة من طلبة الجامعة المصرية (جامعة الملك فؤاد- القاهرة حاليا) وكانوا من كليات عدة وحدهم الهدف والغاية ومن ثم وحدوا صفوفهم لتحقيق هذا الهدف وللوصول لغايتهم المنشودة، غير أنهم أدركوا أن خبرتهم الضعيفة في هذا المجال –خاصة في ظل وجود محتل متربص بالبلاد وبكل حركة إسلامية- كان لابد لهم أن يسترشدوا بعلماء هذه الأمة ليبصروهم إلى الطريق الصواب خاصة أنهم مقدمون على شيء عظيم، ولذا توجهوا بعد أن عقدوا العوم إلى الشيخ حامد سعفان - الذي كان قد تعرض لأعنف الاعتقالات والاضطهادات من الإنجليز في السودان، وذاقت أسرته في مصر الأمرين- فذهبوا إليه فحلل لهم بصورة عقلانية –كما يذكر الأستاذ محمد عبدالحميد أحمد في مذكراته- أخلاق الشعب المصري تحليلاً دقيقًا ورد أساس الفساد إلى سوء التربية التي تنتج أسوأ الأخلاق وأقبح الآثار التي أبرزها حب الذات وتنكب المثل العليا والمصالح العامة، وكان من مآخذ الأستاذ حامد سعفان على الهيئات القائمة شيوع روح الحقد والدسائس والمؤامرات داخلها، وقال لهم: ما أنتم يا بني "ببدع هذا المجتمع المصري المريض فوصيتي إليكم أن تنضووا تحت لواء جماعة إسلامية بعيدة عن الأغراض الخاصة والروح الحزبية فتكونوا بذلك عنصرًا حيًا تتقوى بجهودكم الجماعة ويعتز الوطن"، ثم قال: سأختصر لكم الطريق وأنصح لكم بالاتصال بالإخوان المسلمين، تلك الجماعة الناشئة الحية التي لمست من مجلتها روح الإسلام في حرارته الأولى واستروحت من أسلوبها نفحات الإخلاص والصدق والجهاد، ويكفي أن يعمل في ظل هذه الجماعة شخصية أجلها وأحترمها فوق علماء العصر وهو الشيخ طنطاوي جوهري رئيس تحرير مجلة الإخوان المسلمون وهو عالم عظيم عرض الإسلام في كتبه وآرائه ..(6)

أخذ الطلبة بنصيحة الشيخ واتجهوا مباشرة للشيخ طنطاوي جوهري يحفهم الأمل أن يجدوا المخرج عند الشيخ الجليل فالتقوا به في منزله بالبغالة، وعرضوا عليه فكرتهم فرحب بفكرتهم وأثنى عليهم خير خاصة عندما علم أنهم جامعيين ومن كليات مختلفة وقال لهم في سعادة بالغة "إذًا فقد بدأ عصر جديد ولاحت نهضة جديدة وطلع فجر منشود".

فستصغر الطلبة أنفسهم أمام هذا الوصف العظيم الذي أضفاه الشيخ الجليل، وعندما لاحظ ذلك عليهم قال لهم –كما ذكر الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد في مذكراته: لا تستصغروا أنفسكم يا أبنائي فإنكم قوة لو استقامت لأقامت الدولة وأقعدتها، وإنكم شعلة لو أضرمت لأحرقت وأنارت، وما دمتم قد عرفتم الإسلام ووفقتم إلى الدعوة إليه والعمل له فقد عرفتم الطريق، وآن لمصر أن تتطور، وآن للشعب أن ينهض، وقال لهم: إن مصطفى كامل يوم أن نادى بدعوته لم يكن إلا شابًا مثلكم وقد استطاع بروحه الوثابة وعزمته الجبارة وإيمانه الفذ أن يسمع الدنيا صوت مصر ويقيم السياسة البريطانية ويقعدها ويزحزح طاغوت الاستعمار كرومر من موضعه، ويخلق في الشعب المصري رأيًا وطنيًا عامًا يتغنى بالحرية ويغلي غليان المرجل ويتوثب نحو المجد والعلياء، ثم حدثهم عن حركات الإصلاح السابقة فقالوا له سنكون عند حسن ظنك إن شاء الله، وقد جئنا لنعمل معكم للإسلام تحت هذا اللواء الجديد، الإخوان المسلمون فقال لهم: لقد اهتديتم إلى السبيل كما اهتديتم إلى الغاية، فإن الإخوان حركة جديدة تستلهم روح الإسلام وتترسم مناهجه في تربية الأمة وخلق الرجال على نمط الدعوة الإسلامية الأولى، ثم حدثهم عن شخصية الإمام البنا وقال لهم هو خريج دار العلوم ومدرس بالمدارس الابتدائية، وقد استطاع هذا الشاب النابه أن يجعل من الإسماعيلية المستغربة قلعة إسلامية ومعسكرًا قويًا ينبض بالإيمان، واستطاع إنشاء معهدين للتربية الإسلامية أحدهما للبنين هو معهد حراء ومعهد آخر للفتيات.

ثم قال: إن أهم ما يميز البنا عن غيره أن كل من عرفهم من الزعماء أحد رجلين: إما سياسي حظه من الإسلام قليل أو زعيم ديني حظه من السياسة يسير. ولهذا لم تنجح الحركات الإصلاحية في مصر، أما الإمام البنا فهو يجمع بين الأمرين فهو فقيه ممتاز وسياسي بارع ..(7)

حدث هذا الأمر في أغسطس من عام 1933م، وفي هذا التوقيت كان الإمام حسن البنا في إحدى زيارته المستمرة لنشر الدعوة والتعريف به، حيث كان قد وضع لهذه الدعوة إستراتيجية ومنهج متمثلة في التعريف بها ثم التكوين وتربية الأفراد ثم التنفيذ العملي والتطبيق لهذا الدين في كل المجالات.

فقد كان الإمام البنا في رحلة لمدينة الإسكندرية لافتتاح شعبة بها ولتفقد إخوانه الموجودين في هذه البلدة، وكان سيقضي بعض الوقت، غير أنه قطع الزيارة وعاد مسرعا بعد أن اتصل به الشيخ طنطاوي جوهري بهذا الفتح المبين وسط طلبة الجامعة، فعاد وتعرف عليهم وتعرف على كلياتهم المختلفة وكان هؤلاء الستة هم:

يقول الأستاذ محمد عبد الحميد في مذكراته:

وقد اختار هؤلاء الإخوة الأخ محمد عبد الحميد مسئولاً عنهم، وسماه الإمام الشهيدنقيب الطلاب، وحدد لنا الإمام الشهيد موعدًا للقائه في منزله الخاص في حي السروجية عطفة نافع بك، فاجتمعنا به في الموعد المحدد، وكان قد أعد لنا حفل شاي، وكنا سبعة طلاب وكان معه عشرة من الإخوة، منهم الأستاذ عبد الرحمن البنا – شقيق الأستاذ الإمام – والشيخ مصطفى الطير، والحاج محمد شلش، وتناول الجميع الحلوى والشاي في هذا الحفل الإخواني اللطيف.
وبعد انتهاء الحفل انتقلنا إلى غرفة الجلوس بدار الأستاذ الإمام وأخذ يتحدث معنا عن الدعوات الماضية في العصر الحديث كحركة جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وحركة المهدي بالسودان، وحركة السنوسية بليبيا، وعن القائد الباسل عمر المختار وموقفه من المستعمرين الإيطاليين، وكان يبين عناصر النجاح والفشل وأسبابها في هذه الحركات، ثم حدد لنا الإمام الشهيد موعدًا للقائه أسبوعيًا بمنزله بعطفة نافع بك حي السروجية مغرب كل.
وفي الحفل الختامي للعام الدراسي لطلبة الإخوان المسلمين بالجامعة المصرية تحدث الإمام البنا عن أول لقاء به بأول غيث وومض انبعث قي الجامعة وذكر ذلك تحت عنوان " حيا الله الشباب.. ستة يبعثون مجد أمة" ..(8)

لقد وجه الإمام البنا عناية خاصة بالطلبة، فكان حريص على حضور كل أعمالهم والجلوس معهم، ومعرفة أخبارهم ومشاكلهم، وزاد اهتمامهم أيضا بالطلبة الوافدين للتعلم في الجامعات المصرية من خارج البلاد بهدف تعريفهم الدعوة ونقلها لبلادهم بعد رجوعهم.

ولقد شرع الإمام البنا في تعليم وإعداد هؤلاء الطلبة إعدادا جيدا ليحملوا هم هذا الدين فعلمهم القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وغيرها من العلوم الدينية والدنيوية التي تجعلهم دعاة بحق، وبلغت درجة عناية الإمام البنا بهذا القسم أن جعله شعبة تتبع مكتب الإرشاد مباشرة.
وقد شارك الطلاب في مختلف أنشطة الجماعة وكان لهم ممثلون فيها فقد مثل الأستاذ محمد عبد الحميد شعبة الطلاب في مجلس شورى الإخوان الثاني، كما كان للطلاب ممثل في مكتب الإرشاد وكان ممثلهم في تلك الفترة محمد صالح مبارك (الطالب بدار العلوم).
وكان الإمام حسن البنا يعقد في نهاية كل عام دراسي حفلة للطلاب يحثهم فيها على العمل لدعوتهم ويمدهم بالنصائح الغاليات التي تعينهم على مواصلة الطريق، كما كان الإمام الشهيد يحثهم على التفوق في دراستهم ..(9)
لقد اعتمد الإمام البنا على الطلاب وعلى المتخرجين منهم فى إرساء قواعد فترة التكوين؛ فقد كان أعضاء أول وثانى كتيبة من كتائب الإخوان من الطلاب والخريجين الجدد الذين رباهم الإمام على يديه، كما اعتمد الإمام البنا عليهم فى إقامة المعسكرات، وجدد بهم دماء قسم الجوالة.
كما حرص هو وإخوانه على حضور مؤتمرات الطلبة وحفلاتهم مثل حفل شعبة الطلاب الذي أقامته في مقر الجمعية بالقاهرة في صيف 1935م بمناسبة انتهاء العام الدراسي.


دور الطلبة الدعوي

لم يستكن الطلبة للراحة بعدما التحقوا بركب الدعوة لكنهم حملوا على أنفسهم التغيير وسط المجتمع الطلابي خاصة والمجتمع عامة، خاصة أن الأحزاب والحزبية كانت منتشرة وسط جموع الطلبة مما أدت لفرقتهم وتشرذمهم أمام المحتل.

فعملوا على نشر الفكرة الإسلامية وسط جموع الطلبة، وكان كل يوم يمر كانت تزداد أعدادهم، ويزداد نشاطهم، وبرز منهم كثيرين في شتى المجالات الدعوية والعلمية.

وأفسح الإمام البنا المجال لهم للتعبير عن أرائهم في صحف الإخوان المسلمين، وخصص لهم صفحة لتكون منطلق لنشاط هؤلاء الطلبة.

لم يقتصر دور الطلبة على التعبير عن أرائهم الإسلامية من خلال الكتابة في الصحف أو الخطابة على المنابر بل نزلوا إلى الساحة العملية يغيرون المنكر بالحسنى ويعملون على ترسيخ مفاهيم الدين الحنيف في قلوب الطلبة والأساتذة.

لقد كانت الجامعة كما يصفها الأستاذ محمود عبد الحليم كانت تعج فيها بالأحزاب السياسية والأفكار المنحرفة وكانت رؤية الطلبة زميلا لهم يصلى كافية للتشنيع عليه ورميه بالرجعية ولذا كان الطالب الذى تربى فى بيته على المحافظة على الصلاة يجد مشقة فى أداء الصلاة فى كليته ، وكان يستخفى بالصلاة خشية أن يراه زملاؤه فيرشقونه بألفاظ مؤلمة.

ولذا عمل طلبة الإخوان على تعديل هذه الصورة ونشر المظاهر الإسلامية في الجامعة.


دور الطلبة في الإصلاح الاجتماعي

كما وقف طلاب الإخوان بالجامعة ضد الحفلات غير الأخلاقية التي لا تليق بمحراب العلم، واعتبروا أن ذلك أمر يخالف الشرع والعادات والعرف، ولذلك يجب وقفه والتصدي له من قبل المسئولين، فإن لم يقوموا بهذا الواجب فليتركوا مكانهم الذي قصروا فيه إلى من يستطيع أن يقوم بما تقتضيه المسئولية.

ولذلك عندما أقامت كلية التجارة حفلة سمر جمعت بين الأساتذة والطالبات والطلبة، وسادها المجون والعبث والمداعبة والملاعبة بين الطلبة والطالبات من خلال الألعاب المختلفة، تقدم أحد طلاب الإخوان المسلمين بالكلية بخطاب إلى عميد الكلية يعبر له فيه عن استنكار انتهاك حرمات العلم بمثل هذا العبث، وما وصلت إليه الكلية من تحولها لتصبح مسرحًا للهو بدلاً من أن تكون منارًا للعلم، رغم ما يعرف عن العميد من محافظة على الأخلاق الحميدة وحبه للشرع، وقد استقبل العميد الأخ استقبالاً جيدًا شاكرًا له غيرته على الدين والوطن والخلق ..(10)

واشترك طلاب الإخوان في الأقاليم في مطالبة وزير المعارف بقيام وزارته بدور في حماية الأخلاق، ومن ذلك قيام الأخ محمد عبد المنعم شمس الدين الطالب بمعهد الزقازيق الديني بإرسال خطاب إلى وزير المعارف يلفت فيه نظره إلى المظاهر المؤلمة التي تشيع في جو العلم والثقافة التي يسيطر عليها معاليه، وهي أمانة عظمى على عاتقه، وذلك إثر الحفل الرياضي الذي اشترك فيه جميع طالبات المدارس الأميرية بالزقازيق، وقد ظهرن فيه بملابس تكشف عن أجسامهن وتغري بالفتنة فوق ما يغري عريهن، وكان من الضحكات الماجنة الخليعة التي بدرت منهن من الآثار السيئة في نفوس الشبان، وما يندى له جبين الفضيلة حياء، ويكتم أفواه الغيورين الفضلاء، ولا يخفى أن نشأ يتربى على هذه الخلاعة والمجون لا يرجى منه إلا تحطيمًا لما بقي من كرامة الخلق في هذا البلد وإهدارًا لما بقي من شرف وحياء، ثم يهيب الأخ في إلحاح ورجاء حار بمعالي الوزير أن يدرك أخلاق النشء، ويضرب على يد هذا الانحلال بيد المسلم الحازم القوي الذي يتمثل في "حياة محمد" و"منزل الوحي ..(11)


المراجع

1- جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الجزء الثالث، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

2- مجلة الإخوان المسلمون: السنة الثالثة، العدد 11 ، الثلاثاء 24 ربيع الأول 1354هـ / 25 يونيو 1935م .

3- حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، صـ106.

4- المرجع السابق صـ84.

5- مجلة الإخوان المسلمون: السنة الثالثة، العدد 31 ، 15شعبان 1354هـ / 12 نوفمبر 1935م.

6- وُلد طنطاوي جوهري في قرية كفر عوض الله حجازي بمحافظة الشرقية عام 1862م، والتحق بالأزهر الشريف وأصبح أحد علماءه المشهورين حتى أنه يعتبر أول عربي يرشح نفسه على جائزة نوبل للسلام عام 1940م غير انه توفي قبل أن ينالها عام 1941م.انضم لجماعة الإخوان المسلمين وأصبح رئيس تحرير أول صحيفة لهم عام 1933م.

7- محمد عبد الحميد: ذكرياتي، دار البشير بطنطا صـ21، 22.

8- المرجع السابق.

9- جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الجزء الثاني، صـ 147.

10- السابق، العدد (27)، السنة الأولى، 13 شوال 1357ه/ 6 ديسمبر 1938م، ص(19-20).

11- السابق، العدد (12)، السنة الثانية، 18ربيع الأول 1358ه/ 9 مايو 1939م، ص(20).


للمزيد عن قسم الطلبة وجهود الإخوان في إصلاح التعليم

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

جهود الإخوان في إصلاح التعليم

.

وثائق متعلقة

أحداث في صور

.

وصلات فيديو

.