نزال: العملية الاستشهادية تفجِّر وهم الوعود الصهيوأمريكية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نزال: العملية الاستشهادية تفجِّر وهم الوعود الصهيوأمريكية
28-02-2005

حوار- استشهاد عز الدين

مقدمة


العملية الأخيرة رد فعل على الانتهاكات الصهيونية التي لم تتوقف

لقاء الفصائل في القاهرة في مارس إما أن يثبت التهدئة أو ينسفها

أزمة حكومة قريع جزء من أزمة النظام السياسي و[[حركة فتح

رغم فوز حماس في الانتخابات لكنها لن تتحول إلى حزب سياسي

لا يمكن أن تعود العلاقة بين السلطة والفصائل لمربع المواجهة

مؤتمر شرم الشيخ كان غطاءً سياسيًّا لعودة التطبيع


في تمام الحادية عشر ونصف مساءً الجمعة الماضية وفي خطوات واثقة راح يتقدم باتجاه المدخل الأمامي لأحد الملاهي الليلية بتل أبيب وأنامله تحس ذلك البروز بجانبه في رقة الأدباء وشوق العشاق.. شيءٌ ما في نظراته الثابتة وعينيه اللامعتين اللتين تتدفق فيهما المشاعر وتمتزج كألوان قوس قزح أثار حفيظة حارسَي أمن الملهى فتحفزت أصابعهما على زناد أسلحتهما، وهما يطالبانه بإبراز هويته التي نطقت بها عيناه، واشتعل الموقف في لحظة واحدة، ولكن أنامل الفتى كانت أسرع في الضغط على زر التفجير في حزامه الناسف؛ ليتحول جسده الطاهر في لحظات إلى عبق ينثر شذاه في ديوان الخلد، ويتناثر الملهى ورواده إلى أشلاء وشراذم مهترئة في محرقة التاريخ.

وربما كان يدري عبد الله سعيد إبراهيم بدران من دير الغصون - سليل كتائب سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي)- أو لا يدري أنه بضغطته هذه لن يفجر الملهى وحده وإنما سيفجر معه تلك الهدنة وذاك الاتفاق اللذين نتجا عن مؤتمر شرم الشيخ، وظن البعض أنهما شهادة وأْد للانتفاضة الفلسطينية، ولم تكن هذه العملية أولى الأحداث المتفجرة على الساحة الفلسطينية في الفترة الأخيرة؛ فإنه منذ وفاة الرئيس عرفات والأحداث تتوالى وتتعالى وتيرتها بسرعة كبيرة.. ما بين الانتخابات البلدية ونتائجها، ووضع حماس على الساحة السياسية الدولية والفلسطينية.. إلى حكومة قريع وما أصابها من تعثر وما أفرزته من نتائج.. فضلاً عن اتفاق شرم الشيخ وخلفياته ونتائجه وحقيقة الخدعة الصهيونية في إطلاق سراح 500 أسير فلسطيني، وهو ما يناقشه معنا السيد محمد نزال- عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس- من خلال هذا الحوار:

  • ما موقفكم من العملية الاستشهادية الأخيرة؟
بالرغم من الشريط الذي أذيع ويعلن عن هوية الاستشهادي ومسئولية حركة الجهاد الإسلامي عن تنفيذها إلا أن هذه المسئولية لم تتضح بشكل مؤكد بعد، وبغض النظر عن الجهة التي تقف وراءها فإن هذه العملية تأتي في إطار رد فعل الشعب الفلسطيني على الانتهاكات والاعتداءات اليومية التي يقوم بها الصهاينة والتي لم ينجح اتفاق شرم الشيخ بوقفها، ومن المؤكد أنه إذا لم يتجاوب الجانب الصهيوني مع المطالب الفلسطيني وتحرير أسرانا فإن التهدئة قد لا تجد طريقها للتنفيذ على أرض الواقع.
  • هل توقيت العملية وظروفها تصب في صالح القضية الفلسطينية والتفاهم بين السلطة والفصائل؟
الذين يرفضون العمليات الاستشهادية يرفضونها كمبدأ ويتعللون دائمًا بعلم التوقيت، أما تقييمنا نحن للأمر فإن هذا لا يمكنني التعليق عليه لأنه تختلف فيه وجهات النظر، ولكن ما يمكنني قوله هو إن هناك لقاءً للفصائل في القاهرة يوم 5 مارس المقبل تشارك فيه حركة الجهاد كذلك، هذا اللقاء إما أن يحدد ملامح التهدئة وشروط المقاومة وموقف الجانب الصهيوني منها ويتم صياغة ذلك بصورة حاسمة وواضحة ومحددة تتفق عليها جميع الفصائل، أو تلغى تلك التهدئة تمامًا.


حكومة تكنوقرطية

  • بمَ تفسرون ذلك التعثر والتخبط الذي واجهته حكومة قريع قبل أن تصل لتشكيلها النهائي؟
عناصر فتح
ما جرى في تشكيل الحكومة يعبر عن المأزق السياسي للسلطة، ففي كل المرات التي تم فيها تكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة.. سواء السيد أبو مازن من قبل أو قريع اليوم.. كانوا يواجهون نفس المشكلة لعدة أسباب:
- أولها أن قائمة المستوزَرين طويلة، ولا توجد معايير موضوعية لتحديدهم؛ وكذلك لأنها في النهاية حكومة يحد الاحتلال من سيادتها وقدرتها على إدارة الأمور بالصورة المرجوَّة.
- أيضًا الأزمة جزء لا يتجزأ من الأزمة العامة للنظام السياسي وحركة فتح، فالمعارضون في البداية لتشكيل الحكومة كانوا من داخل فتح نفسها، ولما تم التوافق داخل الحركة اعتمدت الحكومة الجديدة.
  • هل ترى أن حكومة مشكَّلة من الأساتذة والأكاديميين (حكومة تكنوقراطية) ستخدم مصالح الشعب الفلسطيني بصورة أفضل؟
في رأيي أن الحكومة- سواء أكاديميون أو سياسيون- تتعلق بطبيعة ومواصفات الوزراء اللذين يتم اختيارهم، مع الأخذ في الاعتبار أن صلاحيات الحكومة مع وجود الاحتلال محدودة للغاية حتى لو كانوا مبدعين ومميزين في أعمالهم.
وأيضًا القضية تتعلق بسيطرة حزب واحد على الحكومة والسلطة دون الاعتبار بالقُوى السياسية الأخرى على الساحة الفلسطينية.. الأهم من ذلك أن توجد إرادة حقيقية للتغيير والإصلاح، أما إذا لم تتواجد فلن يكون هناك فرق حقيقي، سواء سياسيون أو أكاديميون..!!
  • البعض يشير إلى أن تغيير الحكومة وغيرها من القيادات الأمنية والإدارية في الدولة لا تهدف إلى الإصلاح قدر ما تهدف إلى إبعاد من كان مواليًا للسيد عرفات وإحلال شخصيات جديدة موالية لأبو مازن.. فهل تتفقون مع هذا الرأي؟
لا أستطيع إعطاء حكم أولي في بداية تشكيل الحكومة وعهد السيد أبو مازن، فهذا أمر يُحكم عليه من خلال الواقع والأيام المقبلة، لكن بصراحة النظام السياسي غير قادر على الإقلاع عن ممارساته السابقة بشكل مناسب في ظل وجود الاحتلال وترهل الحزب الحاكم ومرور حركة فتح بحالة من الشيخوخة والترهل لم يسبق لها مثيل، وعليها لتحقيق الإصلاح أن تنهض وتنظم صفوفها من جديد وتذيب خلافاتها الداخلية؛ لأن ذلك يمس مصالح الشعب الفلسطيني كله.


حماس .. حزب سياسي

  • الفوز الكاسح الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات البلدية في المرحلة الأولى هل يدفعكم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والسلطة الفلسطينية؟

بالتأكيد فإن نتائج الانتخابات كانت لها آثارٌ إيجابية في أوساط حماس، وتدفعنا للاستعداد للمرحلة الثانية من الانتخابات البلدية التي ستَجري في شهر أبريل القادم، خاصةً وأنها ستكون جولةً ساخنةً؛ نظرًا لهزيمة فتح في المرحلة الأولى والتي ستدفعها لوضع ثقلها كله في الانتخابات القادمة، أما الانتخابات البرلمانية فلا زالت قيد الدراسة ولم يتحدد موقفنا منها بعد، ولكن المشاركة في السلطة أمر غير وارد على الإطلاق؛ نظرًا لكونها ملتزمة باتفاقات مع الكيان الصهيوني تتعارض ومنهج حركة المقاومة الإسلامية حماس.
  • يرى بعض المراقبين للأوضاع على الساحة الفلسطينية أن من صالح حركة حماس بعد النجاح الكبير وقوتها الشعبية أن تتحول إلى حزب سياسي، فما رأيكم؟
ليس واردًا على الإطلاق أن نتحول إلى حزب سياسي إلا بعد زوال الاحتلال، أما في وجود الصهاينة على أي شبر من أرضنا فسنظل حركةَ مقاومة للعدوان، وها هي حركة فتح بالرغم من توليها السلطة ومشاركتها في العملية السياسية والتفاوض مع العدو إلا أنها بقيت حركة التحرير الوطني الفلسطيني ولم تتحول لحزب سياسي.
  • أشرتم للقاء الفصائل بالقاهرة، وهو الأمر الذي بات متكررًا كثيرًا في الفترة الأخيرة.. فهل ترى أن علاقات حماس ووضعها على الساحة الدولية والعربية قد تغير بعد وفاة عرفات؟
القضية ليست عرفات أو أبو مازن، وإنما الواقع السياسي الدولي والإقليمي هو الذي تغير بعد وفاة السيد عرفات، فقد صار هناك إصرارٌ إقليميٌّ ودوليٌّ على دفع عملية التسوية التي تعطلت في الفترة الأخيرة من حياة عرفات، وللعلم هناك محاولات لذلك بنيت عليها آمال كبيرة، ولكننا نعتقد أن هذه العملية لا تحمل في آفاقها إمكانية الوصول إلى حل مقبول ونهائي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وستصل إلى طريق مسدود؛ لأن الطرف الصهيوني غير مستعد لتحقيق أي من مطالب الشعب الفلسطيني، وهو ما سيثبت أن المشكلة لم تكن عرفات أو أبو مازن وإنما الاحتلال.


خدعة شرم الشيخ..!!

2005م هو عام إقامة الدولة الفلسطينية، فهل تعتقدون- في ظل الإرهاصات الحالية- أن هذا الوعد سيتحقق؟

أعلن بوش من قبل أن الدولة الفلسطينية سترى النور قبل نهاية 2005م، وفي بداية ولايته الجديدة أعلن أنها ستكون في 2009م، وبالتالي فستبقى الوعود الأمريكية مستمرة والتأجيل ممتد، والتجارب أثبتت عدم ثقة شعبنا بهذه الوعود، وأنها من باب ذر الرماد في العيون وأنه إذا لم تستمر المقاومة ضد الاحتلال فلن ينال شيئًا من حقوقه.
شعار فتح وحماس
  • الإيجابية الوحيدة التي هلل لها الجميع كنتيجة لمؤتمر شرم الشيخ الأخير كانت إطلاق سراح 500 أسير، إلا أن حماس لم يرضها ذلك وصعَّدت من فاعلياتها بصدد قضية الأسرى.. فما سبب ذلك؟
نحن نرى أن إطلاق سراح أي أسير خطوة إيجابية، ولكن حتى لا تنطلي الخدعة ينبغي الإشارة إلى أن هناك آلاف الأسرى يقبعون في سجون العدو، أما المفرَج عنهم فممن انتهت محكومياتهم بالفعل، أو أوشكت على الانتهاء، ومن ثم فقد كانت هذه الخطوة من باب كسب الوقت وتجميل الصورة القبيحة للاحتلال الصهيوني، أما إذا صحت النوايا بالنسبة لقضية الأسرى فإنه يجب أن يحدد جدول زمني لإطلاق سراحهم جميعًا، وهذا ما نطالب به.
استمرار المقاومة يفرض واقعًا جديدًا على الأرض تجاه الأسرى والتجاوب مع مطالب الشعب الفلسطيني، وليس أدل على ذلك من إجبار المقاومة الجانب الصهيوني على الانسحاب من غزة بعدما صارت تكلفة بقائه بها باهظةً للغاية.
  • هذا ينقلنا لنقطة الانسحاب الصهيوني الزمع من غزة ومدى جديته من وجهة نظركم والثمن الذي سيسعى شارون للحصول عليه مقابل هذا الانسحاب؟
أعتقد أن شارون جادٌّ في الانسحاب بدليل مواجهته للمعارضة، سواء من داخل حزب الليكود أو الائتلاف أو الكنيست، ولكن الأهم من ذلك حقًا هو نقطة الثمن الذي يسعى إليه، فهو ينسحب اليوم من غزة مقابل التمكين له ولمغتصباته في الضفة الغربية، والثمن الأفدح الذي يطلبه هو غلق قضية اللاجئين الفلسطينيين وإسقاط حقهم في العودة.
  • رأى البعض أن مؤتمر شرم الشيخ أصدر قراراً بوأد الانتفاضة أيدته فصائل المقاومة بموافقتها على التهدئة فهل هذا صحيح؟
لا يمكن لقرار أن يوقف الانتفاضة والمقاومة، والسلطة لم تشعل نار الانتفاضة لتخمد جذوتها، وإنما من فعل هو الشعب الفلسطيني، ومن ثم فإنه إذا قدر لهذه الانتفاضة أن تتوقف في وقت ما فإن الشعب قادر على تفجيرها من جديد.. أما موقف المقاومة الفلسطينية فهو معروف ومحدد، والتهدئة كانت مشروطة ومؤقتة، وبالاتفاق مع السلطة ولاعتبارات داخلية تهدف إلى البقاء على علاقة حسنة بين الفصائل وتوحيد الصف الفلسطيني.
  • أشرتم إلى العلاقة بين فصائل المقاومة والسلطة الفلسطينية.. ألا ترى أن اتفاق شرم الشيخ قد يعيد هذه العلاقة إلى المربع الأول؛ حيث المطاردة والاعتقال وأحيانًا الاغتيال لقادة ونشطاء المقاومة من جانب السلطة، وهو ما بدأت بوادره في الظهور بعد عملية ملهى تل أبيب في الجمعة الماضية حين أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية أن على أبو مازن أن يتخذ إجراءات تؤكد أنه لن يتهاون مع الإرهاب، فأسرع أبو مازن بإعلان أنه سيطارد ويعاقب من وقف خلف تلك العملية الاستشهادية؟
أعتقد أنه إذا سارت السلطة في هذا الاتجاه فسترتكب خطيئةً كبرى، فلا يجب أن تعود لسيرتها الأولى في مواجهة فصائل المقاومة، فالمرحلة لا تحتمل صدامًا وإنما تحتاج إلى عقلانية ووعي من جانب السلطة، وأن تفوت الفرصة على المحتل الذي يتربص بنا الدوائر والذي ستصب أي مواجهة بين السلطة والفصائل في صالحه.
  • بعد هذه النتائج التي تمخَّض عنها مؤتمر شرم الشيخ فهل ترى أنه كان معتنيًا بالقضية الفلسطينية أم كان مجرد غطاء جذاب يسمح بعودة العلاقات التطبيعية بين الكيان والدول العربية بوجه عام والمشاركة في المؤتمر خاصة؟
يؤسفني القول بأن هذه هي النتيجة التي تم استخلاصها من المؤتمر وما ترتب عليه من إجراءات عملية على أرض الواقع، فما كاد يعلن عنه حتى سارعت مصر والأردن بإعادة سفيريهما إلى الكيان الصهيوني، وتلاها دعوة الرئيس التونسي للإرهابي شارون لحضور مؤتمر ب تونس ، وكذلك استقبال قطر لنائبه، كل هذا يثير أسفنا، ويضع علامة استفهام كبرى حول مدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه تلك الإجراءات بالقضية الفلسطينية.

المصدر