نائب عام الانقلاب يضع اللبنة الأخيرة في جدار “قمع المصريين”

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نائب عام الانقلاب يضع اللبنة الأخيرة في جدار "قمع المصريين"


جدار قمع المصريين.png

كتبه: مجدي عزت

(01 مارس 2018)

مقدمة

خرج قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مشيدًا بإعلام جمال عبد الناصر، حين قال: "يا بخت عبد الناصر بإعلامه"، ومنتقدًا أداء الإعلاميين في عهد العسكر. كما طالب المصريين بألا يسمعوا من أحد سواه، قائلا: "متسمعوش حد واسمعوا مني أنا فقط".

تلك المقولات وغيرها تنذر بكوارث متتالية لمصر، كما حدث للمصريين في نكسة 1967، بعد أن خدع إعلام عبد الناصر المصريين خلالها بأن الجيش المصري يدك حصون الصهاينة ويسقط طائراتهم مثل الحمام، وأن الجيش المصري على أبواب القدس، ليفاجأ المصريون بخسائر غير مسبوقة، وتدمير الطيران المصري على الأرض، وتشتت الجيش في الصحراء.

هزائم متلاحقة

هزائم مصر المتلاحقة منذ انقلاب السيسي، تعددت بين خسائر وهزائم في التنمية وقطاعات السياحة والاقتصاد والتنازل عن أراض استراتيجية مصرية في تيران وصنافير، وتنازل عن مياه مصرية للإثيوبيين ثم يصاب الشعب بالتسمم كما في الإسكندرية حاليا، حيث تسمّمت مياه الشرب لارتفاع الأمونيا في مياه الترع الموصلة لمحطات المياه؛ لزيادة الشحوط في مياه النيل وتراجع الإمدادات المائية القادمة من السودان وإثيوبيا.

أمس جاء القرار الصادر من النائب العام، نبيل صادق، الخاص بـ"متابعة وضبط وسائل الإعلام التي تبث الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية"، فاضحًا لسلطة السيسي التي تريد أن تسرق وتقمع الشعب في صمت، وتحرم الضحية من مجرد الصراخ أو البكاء على حاله!.

وجاء في البيان الصادر عن مكتب النائب العام، أمس، أن

"قرارًا بتكليف المحامين ورؤساء النيابات، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والجنائية ضد وسائل الإعلام والمواقع التي تبث عمدا أخبارًا وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب في نفوس أفراد المجتمع، وما يترتب عليه من إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة المصرية".

وطالب النائب العام، وفقاً للبيان، الجهات المسئولة عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وانطلاقا من التزامها المهني ودورها الوطني، إخطار النيابة العامة، بكل ما يمثل خروجا عن مواثيق الإعلام والنشر.

إعلان وفاة الإعلام

وبحسب مراقبين، فإن القرار بمثابة إعلان وفاة لمهنة الصحافة والإعلام، مؤكدين أنه يمثل سيفا على رقبة كافة العاملين في هذا المجال، خاصة أن المصطلحات المستخدمة في قرار النائب العام فضفاضة للغاية، ومن السهل تطبيقها على أي مادة صحفية أو إعلامية لا تُرضي جهات الرقابة الجديدة.

وجاء القرار متوافقا مع النظام الانقلابي، الذي لم يكتفِ بالعودة مجددا إلى نظام الرقيب على الصحف، بل باتت هناك إدارات يقودها ضباط في الجهات الرقابية، يوجدون في مطابع الصحف القومية، من شأنهم إيقاف ومنع نشر أي مواد بدون إبداء أي أسباب. فلم ترَ مهنة الصحافة هذا الكمّ من التضييق والملاحقة للصحفيين، الذين يقبع أكثر من 100 منهم في سجون الانقلاب بسبب قضايا تتعلق بالنشر، فيما يشرد الآلاف منهم بسبب إغلاق أكثر من 500 موقع وصحيفة، بدعوى معارضة النظام.

الأخطر في قرار النائب العام أنه يقنن تجاوزات حكومة الانقلاب، ويجعل الملاحقات بقرارات من النائب العام"، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى في أوقات الحرب التي مرت بها مصر على مدار تاريخها الحديث، حيث لم تصدر قرارات مثل هذه بشأن الصحف ووسائل الإعلام.

وجاء قرار النائب العام، عقب بث قناة بي بي سي البريطانية تقريرًا عن التعذيب في السجون المصرية والإخفاء القسري، وهو التقرير الذي أحدث ضجة دولية ومحلية، وسارعت سلطات الانقلاب لتشويهه، ببث مقابلة للإعلامي الانقلابي عمرو أديب مع الفتاة التي أظهرتها السلطات الأمنية.

وأشار "أديب" إلى أن الحوار أُجري في منزلها بمنطقة فيصل بالجيزة، ثم كذّب نفسه في اليوم التالي، قائلا إن اللقاء أُجري بأحد المقرات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وأعلنت والدة زبيدة أن اللقاء مفبرك، متمسكة بروايتها مع "بي بي سي"، بأن ابنتها مختفية قسريا منذ 7 شهور، وأنها لم تتزوج من الشاب الذي ظهر معها في الحوار، والذي تبين أنه معتقل وأنه أجبر على الظهور في الحوار، ثم قامت قوات الأمن باعتقال والدة زبيدة، ما يؤكد صحة الرواية التي قالتها في "بي بي سي".

مؤشر على ملاحقات أكثر

ويعد قرار النائب العام مؤشرا لقيام حملة ملاحقات أمنية جديدة ضد المعارضين الذين يكتبون ضد السيسي والانقلاب، وهو جزء من استعداد سلطة الانقلاب لتمرير تمثيلية الانتخابات دون انتقادات من الرأي العام، والتضييق على المجال العام. حيث سيضاف لوكلاء النيابة أعمال التجسس على الصحافة والسوشيال ميديا ومتابعتها يوميا، واستصدار قرارات اعتقال لمن يكتب معارضًا للسلطة.

وجاءت الفضيحة الكبرى في قرار نائب عام الانقلاب "المسيس"، حين تحدث عن مواجهة "قوى الشر"، ويقصد بها معارضي الانقلاب. ويتيح القرار الملاحقة الجنائية لكل صاحب رأي معارض للنظام على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بحجة أنه من "قوى الشر".

وتمثل الهجمة الشرسة من جانب الانقلاب ضد الإعلام المستقل ازدواجية غريبة، حيث لم يحاسب الانقلاب صحف السلطة على ترويج أخبار كاذبة مثل خداع المصريين بعلاج الكفتة، وما نشر في فضائية مصرية عن "أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي".

أول تطبيق للقرار

ولعل التطبيق الفعلي الأول للقرار الفاشي جاء أمس، بعد اعتقال المخرجة التلفزيونية سلمى علاء الدين، الناشطة بحركة ٦ أبريل، والمونتير طارق زيادة ١٥ يومًا؛ لإنتاجهما فيلمًا تسجيليا بعنوان "سالب ١٠٩٥ يوم"، واتهامهما بنشر الأكاذيب والتحربض ضد الدولة.

الفيلم تضمن أحاديث لمعارضين منهم: حمدي قشطة، وعزة سليمان، وعبد الخالق فاروق، وشادي الغزالي حرب، ومازن حسن، وإلهام عيداروس، ومعصوم مرزوق، وممدوح حمزة، وعمرو بدر، وأحمد ماهر، ومحمد أنور السادات.ويبقى الخاسر الأكبر هو الشعب المصري، الذي عليه أن يموت صامتا تحت عجلات القطارات وعلى الطرق، ومسمومًا بمياه الشرب، ومقتولا بالإهمال الطبي في المستشفيات وبنقص الأدوية.

المصدر