من تقرير رئيس الهيئة العليا المقدم للمؤتمر العام الثالث - الدورة الثانية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:٥٤، ٩ يونيو ٢٠١١ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
من تقرير رئيس الهيئة العليا المقدم للمؤتمر العام الثالث - الدورة الثانية

المحور السياسي

يتناول هذا المحور ابرز القضايا السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي ورؤية الإصلاح لها وموقفه منها .

1) : الهامش الديمقراطي وقضايا الحريات والحقوق :

لم تتوقف الحكومة ووسائلها الإعلامية عن الإدعاء بأن اليمن قد أصبحت واحة للديمقراطية ومضرب المثل في المنطقة في مجال احترام حقوق الإنسان وحرياته وصون كرامته ولم تقف الحكومة عند هذا الحد بل قامت بإنفاق أموال طائلة وبالعملة الصعبة للترويج لهذه المزاعم والادعاءات وبأنها قد صارت شريكاً دولياً فعالاً في نشر الديمقراطية شأنها شأن حكومات الدول الغربية ذات العراقة الديمقراطية، إلا أن الممارسة على أرض الواقع تدحض هذه الادعاءات وتؤكد زيفها وتظهر في الوقت ذاته أن ما تطرحه الحكومة بهذا الخصوص لا يعدو عن كونه مزايدة مفضوحة، الغرض منها استدرار تعاطف المجتمع الدولي والحصول على معونات المانحين ليس إلا.

فالتصفيات لكوادر المعارضة من الوظائف العامة تجري بصورة مستمرة ، وحتى هذه اللحظة لم تجد الشكاوى ولا المطالبات التي تقدمت بها المعارضة أي تجاوب من قبل السلطة، وتضييق الخناق على الحريات الصحافية يزداد يوما عن آخر وخلال العامين الماضيين صعدت الحكومة حملتها غير القانونية على الصحافة الأهلية وخصوصاً صحافة المعارضة ، وجرجرت عدداً كبيراً من الصحفيين إلى النيابات والمحاكم وأغلقت العديد من الصحف وتعرض عدد من الصحفيين ورؤساء تحرير بعض الصحف لعمليات اختطاف واعتقال في سابقة لم تعهد لها البلاد مثيلا منذ قيام الوحدة المباركة.

كما أن سجل الحكومة في حقوق الإنسان كان سيئاً فهناك العديد من المساجين الذين انتهكت حقوقهم القانونية والدستورية بصورة مأساوية، وخضعوا للسجن التعسفي بناء على تهم واهية وجهتها إليهم السلطة التنفيذية ، فلا أطلق سراحهم ولا حصلوا على المحاكمة العادلة.

ولا تزال نتائج الانتخابات المحلية لمحافظة مأرب محتجزة منذ عام 2001م وحتى اليوم وترفض الحكومة الإعلان عنها أو الاعتراف بها لا لشيء سوى أن فوز الإصلاح فيها مثل انتهاكا لخط حكومي شمولي.

أما محاولات الحكومة للسيطرة على النقابات والمنظمات غير الحكومية وتأميمها ومحاربة تلك التي لم تخضع لسيطرتها فحدث ولا حرج، ويكفي هنا أن نشير إلى ما تعرض له طلاب جامعة صنعاء أواخر عام 2003م عند ما حاولوا تشكيل كيانهم النقابي الخاص بهم طبقا للدستور والقانون الذي كفل لهم هذا الحق، فالجامعة التي يفترض فيها أن تكون محضناً تتعلم فيها الأجيال الديمقراطية وتتربى على ممارستها ليكونوا نماذج وقدوة في مجتمعهم عندما يباشرون فيه مهام القيادة والإدارة، لكننا وبكل أسف نجد أن المتنفذين يديرون العمل في جامعة صنعاء والشأن الطلابي فيها بعقليات شمولية متحجرة، و ما اللائحة الطلابية إلا إحدى المؤشرات الواضحة على تلك العقليات، غير أن الموقف الواعي لأبنائنا الطلاب وما أظهروه من عزم وصبر ومضاء على السير في الطريق الدستوري والقانوني دفاعاً عن حقهم في تنظيم أنفسهم وإقامة كيانهم النقابي الحر والمستقل إنما يمثل بارقة أمل بمستقبل ديمقراطي زاهر .

وقد وقفنا جميعاً في اللقاء المشترك إلى جانب أبنائنا طلاب جامعة صنعاء سواء عبر الزيارة الجماعية للطلاب المعتقلين آنذاك أو بالتوجيه للقطاعات الطلابية الحزبية بمساندة إخوانهم وزملائهم وغير ذلك مما أمكننا عمله ، وهذه مجرد أمثله تشير إلى مدى ضيق الحكومة بالهامش الديمقراطي وتبرمها منه وتوجهها للتضييق على الحقوق والحريات ومؤسسات المجتمع المدني التي باتت تشكل لدى العالم الحر مقياساً لوجود الديمقراطية من عدمها في أي دولة من الدول ، كما كان لمنظمة (هود) للدفاع عن الحقوق والحريات، وللإخوة المحامين والصحافيين دور مشكور في هذا الاتجاه.

2) : الانتخابات النيابية الثالثة ابريل 2003م

انطلق التجمع اليمني للإصلاح في تعامله الايجابي مع الانتخابات النيابية العامة التي أجريت في بلادنا خلال السنوات العشر الماضية من اقتناعه المبدئي بان الانتخابات الحرة والنزيهة تمثل الآلية التي تجسد مبدأ الشورى وحق الشعب في اختيار حكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم، وهو الخيار الحضاري الذي اختطه شعبنا ولن يقبل النكوص عنه.

لقد حرصنا في التجمع اليمني للإصلاح على أن تأتي ثالث انتخابات نيابية تجري في الجمهورية اليمنية كإضافة محمودة تسهم في تعزيز وترسيخ تجربتنا الديمقراطية الشوروية، وتجسيد معنى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وأن تمثل الخطوة الأولى في مشوار التسليم بمبدأ التداول السلمي للسلطة باعتبارها حقاً للشعب وليست حكراً لأي فئة أو جهة ولا حقاً مستداماً لأي حزب ولا قدراً من أقداره ، وكنا نأمل أن تجري هذه الانتخابات النيابية في إطار الالتزام بالدستور والقانون ، والتسليم بحق المعارضة في المنافسة والوصول إلى الحكم حتى لا تظل العملية الديمقراطية مجرد طقوس شكلية والانتخابات مواسم لتأجيج الصراعات ومضاعفة الاحتقانات والتوترات في المجتمع، لكن ممارسات السلطة خيبت كل تلك الآمال.

لقد خاض الإصلاح غمار هذه التجربة الانتخابية في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية مختلفة عن كل الانتخابات السابقة مستهدفاً الدفع بعملية التحول الديمقراطي الشوروي، وتجذير مبدأ التداول السلمي للسلطة في الوعي الشعبي، والعمل على تأكيد الحضور السياسي والشعبي للإصلاح، وتقوية حضور المعارضة في الواقع السياسي وداخل مجلس النواب لتحقيق التوازن السياسي الضروري لضمان توفير شروط وظروف أفضل لتحقيق التحول الديمقراطي الشوروي، و توفير مناخ أفضل للإصلاح الشامل وتحسين الأوضاع المعيشه للمواطنين، وانجاز برامج جادة لمحاربة الفقر وتحقيق التنمية الشاملة.

ولقد حرصنا -نحن وكل أحزاب اللقاء المشترك -على التعاطي الإيجابي والبناء مع الحكومة والحزب الحاكم ومع اللجنة العليا للانتخابات لتوفير الأجواء الضرورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ولو بالحد الأدنى، وقد عرضنا في التقرير المقدم إلى الدورة الأولى لمؤتمركم هذا أهم مجريات المرحلة الأولى من الإجراءات والأعمال الانتخابية، سواء فيما يتعلق بمجريات التعديل لقانون الانتخابات أو بإجراءات التقسيم الانتخابي والتي لم تلتفت فيها اللجنة العليا للملحوظات التي أبدتها المعارضة حولها ورفضت النظر في أي طلبٍ لمراجعة ذلك التقسيم رغم ما اشتمل عليه من اختلالات واضحة أظهرتها أعداد المسجلين في العديد من المراكز الجديدة .

بالإضافة إلى ما عرضناه عليكم حول إجراءات القيد والتسجيل التي كان المتوقع أن لا تكرر فيها الأخطاء والخروقات التي طالت السجلات والجداول السابقة والتي تم إلغاؤها ، ولكن ويا للأسف فقد قامت السلطة والحزب الحاكم بارتكاب الخروقات والتجاوزات التي شوهت السجل الجديد وملأته بالمكررين وصغار السن، حيث فاق عدد المسجلين في بعض المراكز عدد السكان، وغير ذلك من التجاوزات التي عبرتم في الدورة الأولى لهذا المؤتمر عن إدانتكم ورفضكم لكل تلك الخروقات والتجاوزات، كما أقر مؤتمركم هذا أنه وبعد نقاش مستفيض وتقليب للأمر من جميع وجوهه الاستمرار في خوض غمار الانتخابات رغم قتامة الصورة وقلة الإمكانيات وإصرار السلطة على تسخير المال العام والوظيفة العامة ووسائل الإعلام العامة وكل مقدرات الشعب والمجتمع والدولة لصالح تحقيق الأغلبية الكاسحة .

ولقد بذل الاصلاحيون قيادة وقواعد كل ما في وسعهم من جهد وطاقة لخوض المنافسة غير المتكافئة إصراراً منهم على مواصلة السير في طريق دفع عجلة التحول الديمقراطي الشوروي.

أ) البرنامج الانتخابي

نظرا لما يعانيه شعبنا وتقاسيه الأغلبية الفقيرة جراء حالة التردي والتدهور للأوضاع الاقتصادية فقد أولى برنامجنا الانتخابي هذه القضية الأهمية اللائقة بها حيث تناولها بصورة موضوعية ووفق منهج علمي، مستخدما الأرقام والإحصائيات والبيانات ومستحضراً التجارب الناجحة في العديد من الدول، حيث شخص المشكلة وحدد حجمها وأسبابها ثم قدم رؤيته للحلول والمعالجات التي تقوم على التحديد الدقيق والسليم للأولويات، وعلى مصفوفة مترابطة من السياسات للمدى القصير والمتوسط والطويل، وبصورة تحقق أهداف الإصلاح الاقتصادي دونما إهدار لمبدأ العدالة، كما تميز البرنامج بطرح جملة من السياسات والبدائل الجديدة التي من شأنها تسريع الإصلاحات وجعلها أكثر كفاءة وأكثر عدلا ومنها ما تضمنه البرنامج حول إعادة النظر في العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص، والقطاع الخيري لزيادة التكامل بين هذه القطاعات، وحول تقوية وتوسيع الحكم المحلي وإصلاح الخدمة المدنية والنظام المالي والربط بين عملية الإصلاح الاقتصادي والإصلاح الإداري والمالي، وتوسيع الهامش الديمقراطي، وحماية الحقوق والحريات وإصلاح القضاء وتحسين الأمن .

ولعل أبرز ما تميز به برنامجنا الانتخابي تبنيه لإزالة الظلم الذي لحق بأغلب فئات الشعب ، حيث قدم البدائل العملية لزيادة المرتبات والأجور للموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي وعدد الحالات المغطاة فيه حيث تحقق تلك السياسات وظيفتين مزدوجتين هما : تنشيط الطلب الكلي ورفع القدرة الشرائية لدى المواطن، وإخراج الاقتصاد من ركوده، وفي نفس الوقت التخفيف من الفقر وتقوية الأمان الاجتماعي .

لقد كانت هذه الواقعية والموضوعية التي اتسم بها برنامجنا الانتخابي في طرحه للرؤى والسياسات البديلة محل رضا وتقدير الأوساط السياسية والشعبية، ولاقى قبولاً واسعاً أبانت عنه نتائج الاقتراع في المدن الرئيسة حيث حقق مرشحو الإصلاح فوزاً كبيرا فيها ، وقد توهم البعض أن ما جاء في برنامجنا من اقتراح الزيادة في المرتبات والأجور إنما هو من قبيل المبالغة، ثم جاءت الوقائع اللاحقة بطلب الحكومة صرف مئات المليارات كاعتمادات إضافية، وكذلك المليارات التي التهمها الفساد لتؤكد صوابية رؤيتنا وواقعية برنامجنا، وصدق مقترحاتنا وصوابية البدائل والحلول التي طرحناها والتي لو وجدت طريقها للتنفيذ العملي لكان ممكناً ولكانت البلاد اليوم في وضع أفضل .

ب) مرحلة الترشيح

كشفت عملية الترشيح وإجراءاتها عن مدى رضوخ اللجنة العليا للانتخابات لإملاءات الحزب الحاكم وبدلا من قيامها بمسؤولياتها الدستورية والقانونية بإدارة العملية الانتخابية كجهة محايدة ومستقلة بين الأطراف المتنافسة بكل نزاهة وحيادية، فقد سخرت شرعيتها تلك لخدمة رغبات وأغراض الحزب الحاكم الذي استخدم أغلبيته لفرض قيود على الحق الذي منحه الدستور للمواطنين في ترشيح أنفسهم لاسيما المرشحين المستقلين فتم تقنين الاشتراط على عموم المرشحين تقديم استقالاتهم من وظائفهم قبل ثلاثة أشهر من فتح باب الترشيح ولو كان المرشح في أسفل السلم الوظيفي.

كما مارست أغلب اللجان الأصلية والإشرافية أسوأ الأدوار في هذه العملية حيث كانت تقبل وترفض المرشحين بناءً على توجيهات الحزب الحاكم، فتفتعل الأعذار والمبررات الواهية لمنع المرشحين وحرمانهم من ممارسة حقهم الدستوري ، وكلما توجه المتضررون بالشكوى إلى اللجنة العليا حول هذه الممارسات التي ترتكبها هذه اللجنة الأصلية أو تلك، كانت اللجنة العليا تتنصل عن مسئوليتها الدستورية والقانونية وتقف متفرجة مدعية أن القانون خول اللجان الأصلية هذه المهمة دونما رقيب أو حسيب، وليس أمام المتضرر سوى اللجوء إلى القضاء الذي كان في أغلبيته هو الآخر خاضعا لتوجيهات الحزب الحاكم ، وقد ارتكبت بعض المحاكم العديد من المظالم في هذه القضية حيث كان القاضي يصدر الحكم لصالح المرشح في اليوم الأول ويصدر حكماً يلغي الحكم الأول في اليوم الثاني، وبعض القضاة كان يتهرب مخافة أن تعرض عليه القضية وهو مهدد إذا حكم فيها بالحق فسيتعرض للعقاب من قبل المتنفذين، كما رفضت بعض المحاكم النظر في هذه القضايا بحجة عدم الاختصاص، والبعض منها كانت تطلب الإحالة إليها من اللجنة العليا أو من بعض الجهات الحكومية .

أما عندما يتعلق الأمر بمصلحة الحزب الحاكم ورغبته فكل شيء ممكن وجائز رغم أنف الدستور والقانون فقد تم قبول انسحاب عدد من المرشحين بعد إغلاق باب الانسحاب واستمر بعض مرشحي الحزب الحاكم بممارسة وظائفهم القيادية العليا حتى يوم الاقتراع بتحدٍ صارخ للدستور والقانون ولشعور أولئك المواطنين الضعفاء الذين حرموا من حق الترشيح لأن الجهات الحكومية التي يعملون بها تعمدت أن تماطلهم في التأشير على طلب الاستقالة بضعة أيام .

لقد حرص أعضاء الإصلاح على الترشيح في معظم الدوائر الانتخابية، ولكن التنسيق مع أحزاب اللقاء المشترك اقتضى دعم مرشحي اللقاء المشترك في عدد من الدوائر، كما كان للقيود الجديدة والإجراءات المعيقة دور مؤثر في حرمان عدد من مرشحي الإصلاح من الترشيح، وقد استقر العدد النهائي لمرشحي الإصلاح عند (184) مرشحاً، بالإضافة إلى (28) مرشحاً مستقلاً مدعوماً من الإصلاح.

وهكذا فقد تعرض مرشحونا ومعهم مرشحو بقية أحزاب اللقاء المشترك، والمرشحون المستقلون لأشكال لا حدود لها من الترهيب والترغيب ، بل إن بعضهم قد تعرض لمحاولات الاغتيال والتصفية الجسدية ناهيكم عن التقطعات وإطلاق النار على منازلهم ومواكبهم الانتخابية ، أو الاختطاف إلى المعسكرات وإجبارهم على التوقيع على طلب الانسحاب، وغير ذلك من المضايقات والتهديدات التي امتدت إلى أقربائهم وأنصارهم ولم يكن أمر الترغيب أقل شاناً من أمر الترهيب، كما استنفرت السلطة قيادات الدولة المركزية والمحلية للنزول إلى الدوائر الانتخابية وتنفيذ حملة شاملة لإجبار أكبر عدد ممكن من المرشحين الحزبيين والمستقلين على الانسحاب وترك الميدان لحصان المؤتمر ليركض فيه وحيداً، فيما شهد المرشحون المستقلون أكبر حالة من الظلم، فعدد كبير ممن كان يرغب في الترشيح مستقلاً لم يتمكن من الحصول على التزكيات المطلوبة في القانون والتي زادها الدليل التنفيذي تعقيداً وصعوبة وحولها التعسف في استخدامها من قبل أعضاء الحزب الحاكم إلى أمنية وحلم صعب المنال، حيث كانوا يوعزون إلى اللجان الأصلية وعقال الحارات وأمناء القرى والمحلات بعدم اعتماد التزكيات التي تمكن بعض الراغبين في الترشيح من الحصول عليها، واختفى بعض القضاة عن الأنظار حتى تنتهي فترة الترشيح دون أن تعتمد التزكيات التي حصل عليها بعض هؤلاء المرشحين المستقلين وأما من تمكن منهم من تجاوز تلك المعوقات واستكمال إجراءات التسجيل فقد كان ذلك سبباً كافياً ليكون هدفاً لحرب لا هوادة فيها من قبل المتنفذين في الحزب الحاكم تعددت فيها أشكال المضايقات النفسية والمعنوية والمادية.

ج) الحملة الإعلامية

رغم محدودية وسائلنا الإعلامية إلا أننا تمكنا بحمد الله من إدارة حملة إعلامية ناجحة تميزت بالمبادأة والفاعلية، واستطاعت أن توسع من مساحة الوعي وان تكشف بعض ملامح الفساد والانهيار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يسوق الحزب الحاكم البلاد إليه ، ولقد لقي الخطاب السياسَّي للإصلاح تجاوباً واسعاًً من قبل قطاعات واسعة من المجتمع اليمني وبخاصة النخبة الواعية والمتعلمة .

لقد قامت فرق العمل الميدانية من أعضاء الإصلاح في كل مركز انتخابي ببذل الجهد الأكبر في التواصل مع الناخبين والناخبات من خلال الوسائل المتاحة، وبذل مرشحونا جهداً رائعاً في هذا الاتجاه، وقد بدت آثار ذلك بصورة أكثر وضوحاً في المدن.

كما أدت صحيفة الصحوة والصحوة نت، وكل صحف الإصلاح دوراً مقدراً في الحملة الانتخابية، وكان للمركز الإعلامي دوره الفاعل في التواصل مع وسائل الإعلام المحلية و الخارجية، الأمر الذي جعل الكثير من المراقبين يؤكدون أن الإصلاح قد أخذ زمام المبادرة في هذا الجانب، وباءت محاولات المؤتمر بوصمنا أمام الرأي العام الداخلي والخارجي بالإرهاب والتطرف بالفشل، بل أصبح المؤتمر في كثير من الأحيان في موقف المدافع لأن فساد السلطة الحاكمة وعجزها عن معالجة ظاهرة الفقر في المجتمع بات أمراً ظاهراً لا يقبل الإخفاء والإنكار.

غير أن احتكار الحزب الحاكم لوسائل الإعلام الرسمية المرئية والمسموعة والمقروءة وإقحامه للوظيفة العامة في الدعاية الانتخابية أضر كثيراً بالتوازن في الحياة السياسية، وكان له الأثر الأكبر في تحديد نتائج الانتخابات .. كل هذا إلى جانب تطورات سلبية شهدتها الانتخابات الأخيرة منها:

1. استغلال الحزب الحاكم لإمكانات الدولة والتأثير على اتجاهات الناخبين بتعهد إنزال مشاريع خدمية قبيل عملية الاقتراع بأيام وساعات قليلة .

2. تجاوز الخطاب السياسي والإعلامي للحزب الحاكم للثوابت الأخلاقية، والضوابط الدستورية والقانونية .

د) مرحلة الاقتراع والفرز

لم تختلف ممارسات الحزب الحاكم في هذه المرحلة عن سابقاتها، فقد ارتكب مخالفات وخروقات جوهرية رصدتها جميع فرق الرقابة المحلية والدولية، مثل : انتهاك مبدأ سرية الانتخابات في عدد كبير من المراكز والدوائر الانتخابية وبخاصة في الدوائر التي تقع خارج نطاق المدن من خلال تهديد الناخبين بضرورة التصويت العلني، والتلويح بمعاقبة من يخالف ذلك، فضلا عن تزايد معدلات الناخبين ممن هم دون السن القانونية، وتزايد معدلات شراء الأصوات والتأثير على قناعات الناخبين، كما تم الاعتداء على بعض المراكز والصناديق الانتخابية وافتعال مشاكل في بعض الدوائر بغرض الاستيلاء على الصناديق أو إعاقة سير عملية الاقتراع ، كما لاحظ فريق الرقابة الدولية وجود محاولات من قبل بعض اللجان الأصلية ولجان الفرز المحسوبة على المؤتمر الشعبي العام للتأثير في مجرى ونتائج العملية الانتخابية من خلال إيقاف عمليات فرز الأصوات بسبب انسحاب بعض الأعضاء عند ما تكون هناك مؤشرات لفوز مرشحي المعارضة، إلى جانب إعاقة عملية الفرز في عدد من الدوائر وخصوصا تلك التي تقدم فيها مرشحو المعارضة حيث امتد الفرز فيها أكثر من 18 يوماً.

وبالرغم من كل تلك الممارسات والتعسفات والخروقات، والتجاوزات فقد تمكن الإصلاح -بفضل الله ثم بفضل عزيمة أعضائه وأنصاره وتضحياتهم -من انتزاع الفوز في أغلب المدن الرئيسية ، وقد ارتفعت أعداد الذين صوتوا للإصلاح بصورة ملحوظة إلى مليون وثلاث مائة واثنين وسبعين ألف صوت بما يساوي 25% من عدد الأصوات الصحيحة للناخبين، بالإضافة إلى ثلاثمائة وخمسين ألف صوت للمرشحين المستقلين المدعومين من الإصلاح، وهذا يعني أن عدد المقاعد التي تم انتزاعها لا يعبر عن الوزن الحقيقي للإصلاح وأثره في الشعب اليمني الذي ظل وفيا للإصلاح وأهدافه وبرامجه .

3 ) : تطورات قضية اغتيال الأستاذ المناضل / جار الله عمر.

الإخوة والأخوات أعضاء المؤتمر العام الثالث قبل أن ابدأ الحديث عن قضية اغتيال شهيد الوطن وفقيده الأخ الأستاذ جار الله عمر الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني، وأنكأ جراحاتكم وآلامكم لما شاهدتموه أنتم وما حل بكم من مصاب جلل، حيث أقدمت يد الغدر والإرهاب على هذه الجريمة في ساحتكم وفي ضيافتكم وقاعة مؤتمركم، أدعوكم إلى الدعاء للفقيد والترحم عليه.

وها نحن اليوم وبعد مضي عامين على اغتياله عقب انتهائه من إلقاء كلمة الحزب الاشتراكي اليمني التي هتفتم لها بحرارة معبرين عن ارتياحكم وتأييدكم لتلك الكلمة الرائعة التي عبرت عن الهموم الوطنية بكل صدق، والتي جعلها مؤتمركم هذا إحدى أدبياته، وكما تعلمون فقد كانت لحظات عصيبة عشناها جميعا وأدركنا منذ اللحظة الأولى فداحة ما يراد بنا في الإصلاح وبالإخوة في الحزب الاشتراكي والإخوة في اللقاء المشترك بل وبالوطن كله، لاسيما بعدما ظهر ذلك جليا في الخطاب الصادر عن بعض وسائل الإعلام العامة فور الحادث الإرهابي المشئوم وحتى قبل أن تتسلم أجهزة الأمن الجاني، في محاولة بائسة ومكشوفة للإساءة للتجمع اليمني للإصلاح، ولشق العصا بينه وبين الحزب الاشتراكي وبقية أحزاب اللقاء المشترك، وقد تأكد وجود مثل هذه المحاولات بشكل أكبر بعد يومين من وقوع الحادثة، وتحديداً في يوم 30/12/2002م عندما قدم رئيس الحكومة إلى مجلس النواب ما أسماه بتقرير الحكومة حول العمليات الإرهابية وأضرارها على اليمن، الأمر الذي أظهر فعلاً وجود رغبة حقيقية لدى السلطة في توظيف التوجه الدولي في محاربة ما يسمى بالإرهاب في إرهاب التجمع اليمني للإصلاح وبقية أطراف المعارضة، وإحاطتها بجو نفسي وإعلامي ضاغط ومربك، حتى تسير في مواقفها وسلوكها السياسي طبقا لما ترى السلطة، وما ستمليه من شروط، وما ستحدده من سقوف في المواقف والخطاب.

وفي ضوء هذه الاعتبارات ومن منطلق الشعور بما تمليه علينا مسئوليتنا السياسية والأخلاقية والواجب الوطني، فقد عملنا مع الأخوة في الحزب الاشتراكي وفي اللقاء المشترك منذ وقوع الجريمة على مطالبة السلطات، وتحديداً سلطات التحقيق والنيابة العامة بضرورة الكشف عن كافة الملابسات والدوافع والخلفيات التي تقف وراء ارتكاب هذه الجريمة البشعة واطلاع الرأي العام على الحقيقة .

ولقد وضع الأخ/ الأمين العام أمام النيابة العامة التي استدعته للاستجواب حول الحادثة التساؤلات المشروعة التي يمكن أن تساعد سلطات التحقيق لو صدقت النوايا على إجلاء الحقيقة.

لقد هزت الجريمة الرأي العام الداخلي والخارجي، وإزاء محاولات البعض من الإساءة إلى بعض شخصيات الإصلاح فقد طالب الإصلاح بكشف الحقائق في هذه القضية، حتى تتبين الحقائق، وبالرغم من كل ما جرى فإننا اليوم نؤكد تمسكنا بالمطالبة بعدم استخدام قضية بهذا الحجم كورقة للمكايدة السياسية، وإعطاء سلطات التحقيق والقضاء كامل صلاحيتها لمعرفة الحقيقة وإعلانها للجمهور بعيدا عن أي تدخل أو تأثير باعتبار هذه القضية قضية وطنية وسياسية تهم كل أبناء المجتمع وقواه السياسية والاجتماعية، ولن تنام عيون الجبناء الظالمين الغادرين ما دامت عين الله ترقبهم وعقابه لا بد يوما أن يحل بهم قال تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)(إبراهيم: من الآية42).

رابعاً: قضية اعتقال الأخ/ محمد المؤيد والأخ محمد زايد

مثل نبأ اعتقال الأخ محمد المؤيد والأخ محمد زايد في ألمانيا مفاجأة مؤلمة لنا وما إن علمنا بذلك حتى بادرنا بمناشدة الألمان وعبر مختلف الوسائل بإطلاق سراح الأخوين وقمنا بالتواصل مع الحكومة والسفارة اليمنية في برلين وكذا السفير الألماني في صنعاء كما طلبنا من بعض الإخوة المقيمين في ألمانيا متابعة القضية واختيار المحامي والتواصل مع الأخ/ المؤيد والأخ محمد زايد في سجنهما والتنسيق المباشر مع السفارة اليمنية في ألمانيا، كما قام الأخ رئيس الدائرة السياسية بزيارة الشيخ المؤيد إلى السجن، وظللنا في مجلس الشورى والهيئة العليا والأمانة العامة في حالة متابعة مستمرة للقضية سواء عندما كانت منظورة أمام القضاء الألماني أو بعد تسليم الأخوين إلى القضاء الأمريكي ويمكن أن نشير بإيجاز إلى أبرز ما تم في هذا الموضوع فيما يلي :

أ - علي الصعيد الرسمي

تم التواصل مع الأخ رئيس الجمهورية ومجلس النواب ووزير الخارجية وسفارة بلادنا في برلين ونتج عنه :

1.تبني الأخ رئيس الجمهورية مشكوراً للقضية ووضعها في أولويات زيارته لجمهورية ألمانيا، وما نتج عنها من تصريحات كان أهمها تبرئة الأخ/ محمد المؤيد من التهم المنسوبة إليه.

2.تبني الحكومة لكافة أجور المحامين بناء على توجيه الأخ رئيس الجمهورية بذلك .

3.استقبال الأخ الرئيس ووزراء الخارجية والداخلية وحقوق الإنسان لنائب وزير الخارجية الألماني، واستنكار عملية الاعتقال والمطالبة بعودة الشيخ محمد المؤيد والأخ محمد زايد ومحاكمتهما في محكمة يمنية إن ثبت عليهما أي تهمة.

4.تكليف وفد من رئيسي مجلسي النواب والشورى للقيام بزيارة ألمانيا والالتقاء بالمسئولين هناك وبالأخص المحكمة العليا في فرانكفورت ورئيس البرلمان الألماني حمل رسالة مشتركة من مجلسي النواب والشورى لتوضيح القضية وإزالة الملابسات حولها.

5.ذهاب وفد حكومي إلى ألمانيا لمتابعة القضية ضم في عضويته إسماعيل الوزير وعبد الله احمد غانم ومحمد صالح قرعة والدكتور منصور الزنداني.

6.استصدار خطابات من الشئون الاجتماعية والأوقاف للتعريف بالشيخ المؤيد والأخ محمد زايد والمطالبة بعودتهما.

7.التقى الأخ/ الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رئيس الهيئة العليا رئيس مجلس النواب برئيس البرلمان الألماني، وطرح موضوع الأخ/ محمد المؤيد والأخ محمد زايد عليه، كما طرح الموضوع في مؤتمر الديمقراطية المنعقد في صنعاء، وتم توزيع بيان حول القضية باللغة الإنجليزية في نفس المؤتمر.

ب- على الصعيد الشعبي ومنظمات المجتمع المدني

1.قيام مسيرتين نسائيتين للتضامن مع القضية توجت بمقابلة الأخ رئيس الجمهورية والسفير الألماني في اليمن.

2.قيام وفد من اللقاء المشترك بزيارة السفارة الألمانية وإبلاغها بالموقف الحزبي والشعبي الرافض لما جرى في حق الشيخ ورفيقه وكل أساليب المساس بالحقوق والحريات تحت مسمى الإرهاب.

3.الإعداد للندوة التضامنية مع الأخ الشيخ محمد المؤيد ومحمد زايد برعاية الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس الهيئة العليا رئيس مجلس النواب وحضور العديد من القوى السياسية والشعبية .

4.صدور بيان عن علماء اليمن.

5.المهرجان الجماهيري التضامني في ميدان التحرير .

6.تشكيل لجنة شعبية من القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية لمتابعة القضية .

7.القيام بأربع زيارات للسفارة الألمانية بصنعاء واللقاء بنائب السفير ومساعديه والتحاور معهم.

8.تحرير العديد من الخطابات إلى وزارة حقوق الإنسان ومجلسي النواب والشورى .

9.جمع قرابة الخمسمائة ألف توقيع من مختلف محافظات الجمهورية للمطالبة بالإفراج عن الأخوين محمد المؤيد ومحمد زايد.

10.وفد من بني بهلول وخولان اعتصموا أمام دار الرئاسة وقابلوا الأخ الرئيس مرتين.

11.استصدار العديد من بيانات التنديد من المنظمات والنقابات والاتحادات .

ج- على المستوى القانوني

1.توكيل ثلاثة محامين من أكفأ المحامين الألمان للدفاع عن الأخوين لدى المحكمة العليا في فرانكفورت والمحكمة الدستورية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان .

2.قيام منظمة "هود " بتبني الفعاليات وإصدار البيانات وتوضيح القضية من الناحية القانونية .

3.استصدار أحكام من المحكمة الألمانية بالسماح للشيخ المؤيد والأخ محمد زايد بالاتصال الدائم بأهاليهما ودفع تكاليف الاتصالات واستخراج حكم من المحكمة بتمكين بعض الأخوة المقيمين بزيارة الأخ/ محمد المؤيد، والأخ محمد زايد.

د- على الصعيد الإعلامي

1.التعريف بالقضية وفضح الطريقة التي تمت بها عملية الاستدراج في مختلف وسائل الإعلام .

2.إجراء العديد من اللقاءات الصحفية والمقابلات التلفزيونية وتذليل الصعاب لإجراء التحقيقات الصحفية لوكالات الأنباء وتوفير المترجمين .

3.إفراد الصحوة نت ركنا خاصاً لمتابعة القضية أولاً بأول .

4.قيام صحيفتي الصحوة والعاصمة بالتغطية المتكاملة عن القضية منذ بدايتها وحتى الآن .

5.تزويد المسيرات النسائية والمهرجان الثقافي والندوة الشعبية بالعبارات واللافتات وطبع البيانات .

6.تزويد المحامين والسفارة اليمنية في برلين بنسخة من أعمال مركز الإحسان والأعراس الجماعية في اليمن كظاهرة اجتماعية.

في أمريكا :

وبعد وصول الأخوين إلى أمريكا تحركت اللجنة المكلفة بمتابعة الموضوع في اتجاه آخر للبحث عن السبل الموصلة للحصول على أكفأ المحامين وتوكيلهم هناك لضمان محاكمة عادلة وعودة الأخوين إلى أهليهما بإذن الله عز وجل، وبناء على توجيه الأخ/ رئيس الجمهورية قامت أسرتا الأخوين بتحرير توكيل لمؤسسة علاو لتبني القضية كاملة ومتابعتها بعد استحالة المتابعة وعدم وجود آلية في أمريكا وبعد تجهيز التوكيل قامت مؤسسة علاو بإيفاد المحامي خالد الآنسي إلى هناك.

وفور وصوله تم استقباله من بعض الإخوة المغتربين هناك والذين بذلوا كل جهودهم المستطاعة لمساعدته، كما قام بالبحث عن محامين جدد للشيخ محمد ومرافقه الأخ محمد زايد خلفاً عن المحامي الذي نصبته المحكمة، وقد وجه الأخ رئيس الجمهورية مشكوراً بدفع تكاليف المحاماة.

كما أن مؤتمركم هذا ينعقد وجلسات المحاكمة منعقدة بشكل مستمر والمؤشرات الأولى تدل على انفراج الأمر ودحض الإدعاءات الأمريكية لاسيما بعد فضيحة إحراق العميل العنسي لنفسه على مشهد ومرأى من الجميع وتراجع الإدارة الأمريكية عن شهادته، والأمر أولا وأخيراً لله عز وجل الذي نسأله جميعاً أن يفرج عنهما وأن يردهما إلينا سالمين ... آمين.

الأخوة والأخوات أعضاء المؤتمر: لقد كان للمواقف التي قام بها الأخ رئيس الجمهورية مشكوراً والوزارات المختصة في الحكومة، وما قام به مجلس الشورى والهيئة العليا والأمانة العامة واللجنة التي شكلت لمتابعة هذه القضية من جهود كبيرة ودائبة من أجل إطلاق سراح الأخوين وعودتهما إلى أرض الوطن أثر كبير في تحريك القضية، ولا تزال الجهود موصولة حتى يتم ذلك بإذن الله تعالى.

5) : قضية الشيخ عبد المجيد الزنداني:

في بادرة خطيرة تقدمت وزارة الخزانة في الإدارة الأمريكية إلى الأمم المتحدة بطلب إدراج اسم الشيخ عبد المجيد الزنداني ضمن قائمة المطلوب تجميد أرصدتهم، وحساباتهم المالية بتهمة الاشتباه بتمويل الإرهاب، وبقدر ما يعكس هذا التصرف تخبط الإدارة الأمريكية ووقوعها في فخاخ المعلومات المضللة، وفريسة لأولئك الذين يحاولون تشويه صورة المسلمين باستغلال حالة رد الفعل لدى سلطات الولايات المتحدة الأمريكية إزاء ما تسميه بالحرب على الإرهاب ، ومثل هذه الخطوة لا تخدم سوى اليمين الأمريكي المتطرف الذي يسعون إلى صدام الحضارات، ولقد آلمنا كثيراً مثل هذا الإدعاء الذي لا أساس له من الصحة وعبرنا عن رفضنا وإدانتنا لادعاء ومزاعم وزارة الخزانة الأمريكية، وقام الأخ رئيس الهيئة العليا الشيخ عبد الله والأمين العام المساعد الأستاذ عبد الوهاب الآنسي بزيارة الأخ رئيس الجمهورية إلى حضرموت والاتفاق معه على مواجهة هذه القضية، كما تم مقابلة السفير الأمريكي في صنعاء من قبل رئيس الهيئة العليا والأمين العام المساعد والتباحث معه حول الموضوع لإزالة اللبس لديه وتوضيح الحقائق للدفاع عن الشيخ عبد المجيد الزنداني، كما تم تشكيل لجنة سياسية وإعلامية وقانونية وتدارست الهيئة العليا والأمانة العامة في اجتماع مشترك لها القضية من جميع جوانبها وقمنا بالتواصل مع الحكومة ومطالبتها بالقيام بدورها في حماية مواطنيها، وقد عبرت الحكومة عن رفضها ورفض كل أبناء الشعب اليمني لإلقاء التهم جزافاً، كما بذلت جهوداً مشكورة في الدفاع عن الشيخ عبد المجيد في وجه الصلف الأمريكي ومن ذلك تكليفها لمندوب بلادنا في الأمم المتحدة أن يطلب إعادة المداولة حول الموضوع حيث أنه تمت مناقشة طلب الإدارة الأمريكية في ظل غياب المندوب اليمني المعني بصورة مباشرة بالقضية، ثم وجهت الحكومة رسالة إلى الأمم المتحدة تطالبها بالامتناع عن قبول الإدعاءات والتهم الجزافية ضد المواطنين اليمنيين، وأن الأمم المتحدة إذا لم تستجب لطلبها فستضطر لرفع الأمر إلى محكمة العدل الدولية ، ونحن والشيخ عبد المجيد لا نزال في تواصل مستمر مع الأخ الرئيس والحكومة ولابد للحقيقة أن تنجلي والباطل أن يدحض والمكر أن يزول : (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

6) : العلاقات السياسية :

أ – اللقاء المشترك

الإخوة والأخوات أعضاء المؤتمر، كما أكدت مقررات الدورة الأولى لهذا المؤتمر فقد حرصنا في قيادة الإصلاح على كل ما من شأنه تعزيز التجربة وإثرائها، وهو ما أبدته بقية الأطراف في هذا اللقاء إدراكاً منا جميعاً بأن هذه التجربة الفريدة تعني الشيء الكثير لحاضر اليمن ومستقبله، وأن ما يحيط بالأمة من أخطار وتحديات، وما يحاك لها من مؤامرات إنما يبنى على تمزيق قوى الأمة الحية.

واللقاء المشترك إنما هو صيغة للعمل الجماعي تسهم في إشاعة ثقافة التسامح والتعاون على البر والتقوى وتمتين عرى الوحدة الوطنية وتعزيز الاستقرار في البلاد وهي ولاشك تجربة جديدة ليس بالنسبة لنا فقط وإنما لكل الأحزاب المنضوية في هذا اللقاء، وبالتالي فإنها جديرة بالتقييم والوقوف على مواطن النجاح ومواطن القصور في هذه التجربة، والاستفادة من ذلك في تعزيز هذه التجربة وتطويرها، فالسير في هذا الطريق ليس مفروشاً بالورود، فهناك من لا يريدون لهذا الاصطفاف الوطني أن يقوم.

وبالرغم من كل العوائق والعقبات فإن اللقاء المشترك وبحمد الله قد نجح إلى حد ما في إيجاد حراك سياسي أعطى الأمل بإمكانية إعادة شيء من التوازن إلى الحياة السياسية، وأفشل خطط الحزب الحاكم الرامية إلى تجميد الحياة السياسية، وإفراغها من محتواها ، كما نجح وبدرجة معقولة في الحيلولة دون تفرد الحزب الحاكم بالحياة السياسية والحد من تقوله على أطراف المعارضة واتجاهه لتهميشها.

لقد بذلت أحزاب اللقاء المشترك جهودا في الدفاع عن الحقوق والحريات وعن الحياة الديمقراطية في مواجهة هجمات الحزب الحاكم لتقليص الهامش الديمقراطي وميله الواضح لتحويل الديمقراطية إلى مجرد ديكور يحسن صورة النظام خارجيا ، ويضلل الرأي العام داخلياً.

غير أن تلك النجاحات لا ينبغي أن تمنعنا في اللقاء المشترك عن القيام بعملية نقد ذاتي بنَّاءٍ يعزز التجربة ويثريها، لا سيما وأن اللقاء المشترك لم يحقق ما كانت تطمح إليه القوى السياسية من قيام توازن مقبول داخل مجلس النواب وفي الحياة السياسية بصورة عامة رغم ما حققه من جملة من النجاحات الأخرى، أهمها توحيد الخطاب الإعلامي لأحزاب المعارضة في مواجهة مساوئ الحزب الحاكم وكشف فساد الحكومة وفضح الكثير من أخطائها وسياساتها غير الصائبة، والتصدي بشكل جماعي للخروقات والانتهاكات التي صاحبت العملية الانتخابية، والأهم من ذلك هو المساهمة في ترسيخ الممارسة الديمقراطية من خلال التنسيق بين أحزاب المشترك في بعض الدوائر، والتنافس الشريف في البعض الأخر.

لقد أكد الإصلاح من خلال إسهامه في بلورة تجربة العمل المشترك على روح المبادرة لديه ، وعلى مدى ما يتحلى به الإصلاح من المرونة والتزامه المبدئي بمبدأ الحوار ونهج الوسطية والاعتدال، ورفضه التام لروح التعصب المقيت ونزعات التفرد والاستئثار .

ب- المؤتمر الشعبي العام

بالرغم من حرص الإصلاح على تمتين وتطوير علاقاته مع كل القوى وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام، وما أثبته الإصلاح من صبر وتحمل، وحاجة البلاد إلى المزيد من مد حبال وجسور التعاون بين فرقاء العمل السياسي لمواجهة الأخطار المحدقة بالأمة بدلاً من المماحكات و المكايدات السياسية، إلا أننا نجد أن المؤتمر الشعبي ظل مستمراً في سياساته التعسفية تجاهنا مستخدماً كل إمكانات الدولة ومقدرات المجتمع لإضعاف المعارضة ودفعها إلى هامش الحياة السياسية والتأثير العام.

فخلال عامي 2003م،2004م لم تكن علاقتنا بالمؤتمر الشعبي العام وبكل أسف بأحسن حالاً من العامين السابقين لهما.

إننا في التجمع اليمني للإصلاح نرى أن الوضع الحالي للعلاقة بين الإصلاح والمؤتمر خصوصاً وبين المؤتمر وأحزاب المعارضة عموماً وضع غير سليم ولا يخدم المصالح العليا للبلاد لأنها لا تقوم على المبادئ الدستورية والديمقراطية التي تنظم علاقة السلطة والحزب الحاكم بأطراف المعارضة وتوفر حداً أدنى من التكافؤ والتكامل بين أطراف العمل السياسي أياً كانت مواقعهم داخل السلطة أو خارجها، وما تقوم به وتمارسه الحكومة وحزبها تجاه المعارضة ليس مجرد أخطاء، وإنما هو عمل ممنهج من القوى المتنفذة فيه يتعمد الإساءة والتشويه والتهميش وتسخر فيها كل إمكانيات الدولة ومقدرات المجتمع، ولا نزال نأمل في القيادة السياسية القيام بإعادة النظر في هذه المنهجية الخاطئة.

جـ ـ العلاقات الخارجية

لقد حرصنا في قيادة الإصلاح على تطوير تواصلنا مع العديد من المنظمات والأحزاب والتنظيمات السياسية العربية، ومع العديد من البعثات والهيئات الدبلوماسية المعتمدة في صنعاء فقد شاركنا بالعديد من الفعاليات العربية والإسلامية الذين أوضحنا لهم مواقف الإصلاح ورؤاه إزاء مختلف القضايا الوطنية والإقليمية والدولية، وتبادلنا معهم وجهات النظر، وكان حرصنا في كل تلك اللقاءات على كل ما من شأنه تعزيز علاقات بلادنا ببلدانهم، وبما يكفل تطوير الممارسة الديمقراطية وتدعيم برامج التنمية ومحاربة الفقر .

7) : القضايا العربية والإسلامية

بالرغم من استئثار القضايا والهموم الوطنية المحلية بجل اهتماماتنا ونشاطاتنا فقد ظللنا مواكبين للقضايا والهموم العربية والإسلامية، وأعلنا مواقفنا إزاء أبرزها والتي يمكن الإشارة إليها فيما يلي :

1) وقف اليمنيون حكومةًً وشعباً صفاً واحداً في مساندة إخوانهم في فلسطين ونصرتهم تجاه الصلف والغطرسة الصهيونية، وأمام الآلة العسكرية الصهيونية التي ارتكبت جرائم القتل والإبادة الجماعية والتشريد والحصار والتجويع وهدم المنازل، وجرف الأراضي وحرق الأشجار، والزج بآلاف الفلسطينيين إلى السجون والمعتقلات، ولم يكن حادث اغتيال الشيخ احمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ورحيل الزعيم المناضل ياسر عرفات في ظروف غامضة وغيرهم من قيادات فصائل المقاومة سوى معالم بارزه في طريق الاستشهاد الطويل .

لقد عبرنا بصورة مستمرة عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني وبذلنا ما في وسعنا في مساندته وتأييده.

2) لقد تابعنا بألم بالغ ما يعانيه الشعب الأفغاني الذي أوهنته الحروب المتتالية والخلافات الداخلية، وأصبح في وضع مأساوي، وعدم استقرار/ مع ما لحقه من تدمير شبه كامل لبناه التحتية، واستمرار هيمنة القوات الأمريكية على أراضيه وقراره.

وبينما يتجه العالم لتأييد الشعوب في الحرية والاستقلال، فإن الشعبين الشيشاني والكشميري لا زالا محرومين من حقهما في تقرير مصيرهما وفق المواثيق الدولية، بل وتشن عليهما حرب ظالمة تستهدف هويتهما وتحول دون تمتعهما بحريتهما وحقوقهما الإنسانية، في ظل تخاذل عربي وإسلامي، وصمت عالمي، وقد عبرنا في كل المناسبات عن وقوفنا مع هذه الشعوب المقهورة والانتصار لحقوقها، وطالبنا برفع المظالم عنها.

3) مثل الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق مطلع العام 2003م صدمة للعالمين العربي والإسلامي ولكل أحرار العالم وقد تطابق الموقف اليمني الرسمي والشعبي في رفضه وإدانته للاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق.

3) في وسط الأجواء القاتمة جاءت اتفاقية السلام التي أنهت الحرب في جنوب السودان والتي دامت أكثر من عشرين سنة ونرجو أن تكون بارقة مل ونقطة مضيئة، أعلنا تأييدها ومباركتها، فقد ذهب ضحية تلك الحرب قرابة مليونين من أبناء السودان أهدرت الإمكانات والمقدرات والطاقات السودانية، ولا نزال ندعو أشقاءنا في السودان إلى حل جميع القضايا والخلافات بأسلوب الحوار وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن السودان ووحدته واستقراه.

4) شهدت العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001م توتراً حاداً بصورة غير مسبوقة خلال العقود الخمسين الماضية على الأقل ، وجاء الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق الشقيق ليزيد من التعقيد في تلك العلاقة المتوترة، لاسيما وأن العالم الغربي نفسه بقدر ما وحدته تفجيرات نيويورك وواشنطن، فقد جعله احتلال العراق منقسما على نفسه، وبينما كان العالم العربي والإسلامي في حالة ذهول من جراء تلك التطورات، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مبادرة الشرق الأوسط الكبير ، كما أطلق الأوربيون مبادرة الشرق الأوسط الواسع وكثر الحديث حول ما ينبغي رفضه وما ينبغي قبوله والتعامل معه بايجابية، وفي نفس الوقت أطلق عدد من المثقفين في العالمين العربي والإسلامي، مبادراتهم للتعاطي مع قضايا الخلاف وبؤر التوتر الفكري والثقافي بين العالم الإسلامي وبين الغرب، غير أن ذلك لم يملأ الفراغ الحاصل والذي ما زال يتطلب إطلاق المبادرات الأكثر جدية والأكثر تبلوراً والأكثر قدرة على التعاطي البناء مع متطلبات الحوار الحضاري المتكافئ .

المحور الاقتصادي من تقرير رئيس الهيئة العليا المقدم للمؤتمر العام الثالث - الدورة الثانية

يشهد الوضع الاقتصادي اختلالا كبيراً وتدهوراً مستمراً، وما تنفذه الحكومة من برامج لم ينقذ الاقتصاد من حالته، ولا يتناسب مع حجم التحديات التي تواجه البلاد.

ويمكن استعراض أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ومن خلال الأرقام المستقاة من التقارير الرسمية والتي تتعارض في معظمها مع الأرقام الواردة في التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية كما يلي :

أولا : الناتج المحلي الإجمالي:

إن تدني معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي يرجع إلى تدني معدلات النمو لمعظم القطاعات الاقتصادية الرئيسية فقد أظهرت بيانات الحسابات القومية أن الناتج المحلي الإجمالي حقق معدل نمو سنوي متوسط بلغ 3.9% خلال السنوات (2001 – 2003) مع معدل نمو متوقع لعام 2004 عند مستوى 2.3% مقارنة بمعدل نمو مستهدف في الخطة الخمسية الثانية بنسبة 5.6% ، في ظل نمو سكاني وصل إلى حوالي 3.5% ، وهو ما يجعل الزيادة في متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 1% ، وأظهرت هذه البيانات تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.42% في الناتج المحلي الحقيقي لقطاع استخراج النفط الخام خلال نفس الفترة، وبمعدل 8.6% خلال العام 2004 وفي نفس الوقت لم تتمكن قطاعات الاقتصاد المحلي غير النفطية من تحقيق معدل النمو المستهدف لها والمقدر بـ 8% حيث لم يتجاوز متوسط معدل نموها السنوي 4.7%، وذلك بسبب التدني الكبير في استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي مقارنة بما كان متوقعاً وهو ما يؤكد أن الهيكل الإنتاجي للاقتصاد اليمني لا يزال أسير الاختلالات القائمة التي يعاني منها منذ فترة ما قبل الإصلاحات والى الآن وهذا ما يجعل الحاجة لإصلاحات حقيقية شاملة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى .

ثانياً : الاستهلاك والادخار والاستثمار

تشير بيانات الناتج المحلي الإجمالي حسب الإنفاق إلى تزايد نسبة الاستهلاك الكلي على حساب الادخار والاستثمار، مما يفسر تدني معدلات النمو الاقتصادي ويوحي باستمرار تباطؤ ه خلال السنوات القادمة، وبمراجعة مستويات الأداء الفعلية لقطاع الاستثمار خلال العامين (2002- 2003) يتبين أن نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي لم تتجاوز 16% و 14% على التوالي، فيما بلغ الاستهلاك الكلي حوالي 84% و 86% لنفس العامين في ظل ارتفاع معدل التضخم إلى 12%، وهو ما يؤكد استمرار تدني الاستثمارات الخاصة، وفي نفس الوقت تدني مستوى الدخول والتي لا توفر قدرة على الادخار والاستثمار، وإنما تمكن في الغالب من الحصول على قدر محدود من السلع الضرورية.

ثالثا : تدني مستويات التنمية البشرية

إن بناء قدرات الأفراد يمثل غاية أساسية للنمو الاقتصادي حيث يمثل رأس المال البشري أهم موارد الثروة وأكثرها استمرارية، فما هي أوضاع الإنسان في بلادنا؟ وهل تعكس مؤشرات التنمية البشرية؟ وهل كان اهتمام حكوماتنا المتعاقبة منصباً على تنمية الإنسان وبناء قدراته؟ أم أن السياسات الحكومية المتبعة هي الصانع الأول لمأساتنا؟ ويمكن إيجاز أهم تلك المؤشرات على النحو الآتي :

1- زيادة معدلات البطالة

إن الإحصاءات الرسمية تذكر أن عدد المشتغلين قد زاد بنسبة 2.7% والذي يقل عن معدل نمو قوة العمل والمقدرة بحوالي 4% سنوياً، إلاَّ أن هذه التقارير تعترف بان حجم المشكلة يزداد سنوياً خاصة وان النمو الكبير في قوة العمل لا يقابله نمو مماثل في الدخل القومي، مما يقلل من فرص التشغيل المتاحة وهذا يعني أن وضع التشغيل يواجه تحديات كثيرة وكبيرة وارتفاع معدلات البطالة إلى حوالي 40% من قوة العمل وهو مؤشر ينذر بعواقب وخيمة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ومجمل الأوضاع.

انه نتيجة لانعدام فرص العمل فإن هناك هدراً كبيراً في رأس المال البشري والطاقات المنتجة رغم حاجة البلاد الماسة لها، حيث يقدر الفائض من متخرجي مراكز التدريب والتعليم الفني والجامعات بأكثر من 22% من إجمالي العاطلين في عام 1999م حسب ما ورد في مسح القوى العاملة لعام 99م، وقد تخرج أكثر من (150) ألف طالب جامعي خلال السنوات من 2000-2004 بدون عمل، وما يوجد من فرص العمل لا تغطي أكثر من ثلث هذا العدد خلال نفس الفترة، وهو ما يعني أن ثلثي المتخرجين خلال نفس الفترة بدون فرص عمل و أنهم قد انضموا إلى جيوش العاطلين وان البلد قد حرمت من هذه الطاقات، ومن ناحية أخرى تورد التقارير الرسمية أن حجم القوى العاملة قد ازداد من 4.2 مليون في عام 2000م إلى 4.7 مليون في عام 2003م، وهو ما يعني أن حوالي نصف مليون شخص يفدون إلى سوق العمل سنوياً، والأغلبية من هؤلاء لا يجدون أعمالا بسبب انخفاض حجم الاستثمار العام والخاص وبالتالي عدم قدرة القطاعات المنتجة على استيعاب العمالة الجديدة بل إن بعضها يستغني عن جزء من العاملين لتراجع حجم نشاطه بسبب استمرار الحكومة في تنفيذ سياسات انكماشية وركودية تؤثر سلباً بتأثيراتها على القطاعات الإستراتيجية مثل الصناعات التحويلية والزراعة وهو ما يؤثر على قدرة سوق العمل في توفير فرص عمل كافية تتناسب مع حجم الزيادة في قوة العمل، الأمر الذي يفسر الاستمرار في تصاعد معدلات البطالة والتي بلغت أكثر من 40% من قوة العمل.

2- استمرار تفاقم معدلات الفقر:

تشير إستراتيجية التخفيف من الفقر التي تتبناها الحكومة إلى أن 75% من الفقراء تزداد أوضاعهم المعيشة سوءاً عاماً بعد عام، علماً بأن إحصاءات عام 1998م تشير إلى أن نسبة السكان التي تقع تحت خط الفقر العام تزيد عن 41% من إجمالي السكان، وهذا يعني أن النسبة الآن تتجاوز هذا الوضع إلى ما هو أسوأ قياساَ على تدني المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية وهو ما يعكس الصورة المأساوية لأغلبية السكان الذين يعانون من الآثار المختلفة للفقر، فضلاً عن الأعداد الأخرى التي تعيش حول خط الفقر وتخشى من الانزلاق تحت خط الفقر العام.

3- تدني جودة التعليم وتعارض مخرجاته مع احتياجات التنمية

إن الوضع العام للتعليم لا يزال متواضعاً مقارنة بانجازات دول أخرى مماثلة من حيث مجال التوسع الكمي في التعليم، وهو أكثر تواضعاً من حيث نوعيته وجودته ومقارنة مخرجاته مع احتياجات التنمية .

إن نسبة الأطفال خارج نطاق التعليم الأساسي لا تقل عن 23% من الذكور و56% من الإناث، كما إن نسبة الالتحاق في مدارس الريف 38% وفي الحضر 80% ومع تدني جودة التعليم وكفاءته إلى جانب ارتفاع نسب الرسوب والتسرب، والضعف الشديد في الإقبال على التعليم الفني والتدريب المهني الذي لا يتجاوز 0.4% من إجمالي الملتحقين بالتعليم ، فهناك فني واحد متخرج مقابل 17 متخرج جامعي في الوقت الذي ينبغي أن تكون النسبة : 4 متخرجين فنيين مقابل متخرج جامعي واحد، وعلى صعيد التعليم الجامعي فإن سيطرة التعليم النظري على التعليم الجامعي الحكومي والأهلي هي الصورة الغالبة، الأمر الذي يستدعي وضع إستراتيجية شاملة لتشجيع التعليم الفني والتدريب المهني واستيعاب مخرجاته، وهناك نقص حاد في الخدمات والتجهيزات التعليمية في الكليات العلمية.

إن أخطر مشكلات التعليم تتمثل في تدني نوعيته وتعارض مخرجاته مع حاجات التنمية وسوق العمل، وهو ما يؤدي إلى إهدار كبير في المال والطاقة البشرية وضآلة العائد الاقتصادي والاجتماعي من التعليم.

إن الارتقاء بمستويات التعليم وتحسين جودته يتطلب زيادة كبيرة في الإنفاق باعتبار أن الاستثمار في الإنتاج المعرفي والعلمي يسبق الاستثمار في وسائل الإنتاج، بل وشرط ضروري لجذب الاستثمارات في الأنشطة الإنتاجية المختلفة، فثمة رابطة قوية بين اكتساب المعرفة والقدرة الإنتاجية للمجتمع والشرط الآخر لتحسين نوعية التعليم هو مراجعة السياسات التعليمية وأوضاع المدرسين وجميع المدخلات الرئيسة لنظم التعليم وبما يؤسس لإقامة مجتمع العلم والمعرفة باعتباره سبيلاً لبلوغ الغايات الإنسانية العليا ومحركاً قوياً للتحولات الاقتصادية والاجتماعية المؤدية إلى التقدم والتطور المنشود.

4- تدهور الخدمات الصحية

تعاني المرافق الصحية المتوفرة في المدن والأرياف من تدن كبير في مستوى خدماتها الصحية والتي تغطي 80% من السكان في الحضر و 25% فقط من سكان الأرياف والذين يشكلون 75% من إجمالي السكان وهذا يعني أن الخدمات الصحية المقدمة تشمل فقط حوالي 40% من سكان البلاد مع تدني كفاءتها وضعف ثقة الناس بها، ومن جانب آخر هناك ارتفاع مستمر في الطلب على الخدمات الصحية مقابل انخفاض حاد في عدد الأطباء والممرضين فلكل 4800 مواطن طبيب واحد ، لكل 2400 مواطن ممرض واحد، وهي معدلات منخفضة جداً مقارنة بدول نامية أخرى، كما أن معدلات وفيات الأطفال زادت من 75 طفلاً لكل ألف إلى 84 طفلاً لكل ألف، وكذلك معدلات وفيات الأمهات ارتفع من 351 حالة لكل 100 ألف إلى 366 حالة لكل 100 ألف وهي مؤشرات واضحة لتدهور الخدمات الصحية وزيادة المعاناة لدى الأغلبية من السكان، ومما يزيد الطين بلة عجز المواطن عن نفقات العلاج وشراء الدواء حتى بالحد الأدنى نظراً لاتساع دائرة الفقر.

5-المياه والكهرباء

أن من نافلة القول أن توفر المياه النقية والطاقة الكهربائية يشكل جزءاً مهماً من الاحتياجات الأساسية للفرد وأسرته، ومع ذلك فإن 70% من السكان لا يحصلون على الطاقة الكهربائية، والثلاثون في المائة المستفيدون من هذه الطاقة يتعرضون للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، مما يسبب تعطيل كثير من الأجهزة المنزلية لديهم إضافة إلى الرسوم الباهظة التي يدفعونها، وخاصة في المناطق الحارة، بالرغم من القروض الكبيرة التي تصب في مجال الطاقة الكهربائية، و60% من السكان لا تتوفر لهم المياه الصالحة للشرب، ومن يتوفر لهم المياه يدفعون أجور الهواء الذي يضخ بدون ماء في أنابيب المياه وهذه النسب الكبيرة تبرز المظاهر الأخرى للفقر البشري وأوجه الحرمان للسكان كما تعكس هذه المؤشرات مدى التدني في مستويات التنمية البشرية والتي تضع اليمن ضن مجموعة البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة.

رابعاً : غياب التنمية الريفية الشاملة

إن الحديث عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية دون أن تكون التنمية الريفية الشاملة احد أهم ركائزها، يصبح حديثاً عارياً عن الموضوعية والعلمية، ووجود أكثر من 70% من السكان في الريف يعني تهميش أغلبية السكان وحرمانهم من ثمار التنمية ومنافعها، كما إن الفوارق بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية تزداد اتساعاً على صعيد الدخل وتوفير الخدمات على حد سواء وهذا ما يؤدي إلى غياب التنمية المتوازنة.

فالتنمية الريفية الشاملة تعني التنمية البشرية، وتعني التنمية الزراعية والحيوانية وتعني تنمية الصناعات الصغيرة والحرفية، وتنشيط قطاعات البناء، والأشغال العامة، والتعليمية والصحية، كما تعني من جانب آخر مكافحة الفقر والبطالة وتحد من هجرة سكان الأرياف إلى المدن، والتي تؤدي إلى ضغوط متزايدة على الخدمات والموارد المحدودة في المدن، وفي نفس الوقت حرمان القطاع الزراعي من كثير من الأيدي العاملة باستمرار، وهو ما يهدد الحياة الريفية بشكل عام ويزيد من الاختلال في توزيع الموارد والسكان.

خامساً : السياسات المالية والنقدية

إنه بالرغم من الزيادة الكبيرة في الإيرادات العامة للدولة خلال السنوات الأخيرة ، وإن تفاوتت تلك الزيادة من عام إلى آخر، إلا أن الخزينة العامة قد رفدت بمئات المليارات من الريالات من خلال ارتفاع الأسعار العالمية للنفط ورفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، إضافة إلى تدفق المنح والقروض الخارجية ، وقد شكلت هذه الزيادة الكبيرة في الإيرادات العامة فرصة كبيرة للحكومة في استخدام هذه الموارد المالية لتصحيح الاختلالات الاقتصادية والمالية والإدارية، واستكمال البنى التحتية وتطوير القدرات الإنتاجية والتنافسية للاقتصاد الوطني ، بما يؤسس لانطلاقة اقتصادية تمكن الإنسان اليمني من الارتقاء بواقعه المتعثر إلى مصاف غيره من الشعوب السائرة في طريق النمو ، والتي استطاعت تحقيق انجازات تنموية هامة رغم شحة الإمكانات وقلة الموارد إلا أنها حين حزمت أمرها بمحاربة الفساد، وقامت بإعادة هيكلة قطاعاتها الإنتاجية والخدمية، وإصلاح بنيانها المؤسسي والإداري وتهيئة المناخ المحفز للاستثمار ، وهو ما ساعدها على حسن استغلال مواردها وزيادة معدلات النمو الاقتصادي باضطراد مفضياً بها إلى تحقيق عملية التنمية الشاملة ، على عكس المشهد التنموي القاتم الذي تمخض عن الإصلاحات المزعومة لحكومات المؤتمر الشعبي العام المتعاقبة ، والتي عجزت عن تحقيق النمو الاقتصادي ناهيك عن تحقيق التنمية الشاملة.

إن الحديث المفرط عن الانجازات التنموية في لغة الخطاب الرسمي يدحضه الواقع المأساوي المشهود ، والذي يمثل بمعطياته وتداعياته المحصلة الحقيقية لمجمل السياسات المنفذة ، والتي نتج عنها انخفاض مستوى المعيشة للغالبية العظمى من السكان ، وزيادة معدلات الفقر والبطالة ، وتفاقم حدتهما ، وسوء توزيع هائل للثروات والدخول ، وهروب رأس المال إلى الخارج في ظل تنامي الفساد والعبث والفوضى ، وهو ما يثير المخاوف والقلق وينذر بمزيد من التدهور ، ويشكل تهديداً كبيراً لمستقبل البلاد .

ومواصلة من الحكومة لسياساتها التي ثبت فشلها خلال العشر سنوات الماضية ، ها هي تعلن الحرب من جديد على مواطنيها من خلال الزيادات السعرية الجديدة التي تضمنتها الميزانية العامة للدولة للعام 2005م ، مفضلة انتزاع اللقمة من أفواه الجائعين لترفد الفساد بعشرات المليارات، في الوقت الذي تتشدق فيه بمكافحة الفقر متناسية أنها بسياساتها الظالمة تصنع الفقر وتؤمن له ملايين الضحايا فهو منجزها ولا ريب .

لقد كان مؤملاً أن تكون الموازنة العامة للدولة للعام 2005م مؤشراً حقيقياً على رغبة الحكومة في إحداث تغييرات ايجابية لتدارك الأوضاع المتدهورة ، والتي قد تؤدي إلى انهيار السلم الاجتماعي الذي يتآكل بفعل السياسات القائمة ويتهدد مستقبل اليمن الاقتصادي والسياسي ، ومع ذلك جاءت الموازنة الجديدة لتؤكد شيئاً واحداً ، وهو كارثية المسار الذي تقودنا إليه حكومات المؤتمر المتعاقبة للحزب الحاكم، مجافية الصواب متجاهلة الإخفاقات المستمرة لبرنامج الإصلاح ، لقد مثلت السياسات المالية الخاطئة أحد الأسباب الرئيسية لفشل برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتوشك أن تقضي على النجاحات المحدودة المتحققة على الصعيد النقدي، خاصة مع توقع انخفاض العائدات من الصادرات النفطية وبشكل متصاعد خلال السنوات المقبلة، وذلك بسبب انخفاض الكميات المنتجة محليا، وهو ما يؤدي إلى عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات الأمر الذي يضع الوضع الاقتصادي للبلاد في حال أسوء من الحال الذي سبق فترة الإصلاحات حيث سيرتفع عجز الميزانية العامة للدولة إلى مستويات خطيرة جدا يكون من الصعب معها الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وما يتبعه من انهيار لسعر العملة المحلية ومن آثار تضخمية تقضي على ما تبقى من استقرار معيشي أو نشاط استثماري ، وهو ما يحتم على أصحاب القرار سرعة تصحيح الأوضاع تجنبا لهذا المآل.

لقد تضمنت الميزانية العامة للدولة للعام 2005 م، زيادات جديدة على أسعار الديزل والبنزين والغاز وهو ما سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات في الوقت الذي تغيب فيه هذه الميزانية قدرا كبيرا من الإيرادات النفطية المتوقعة خلال هذا العام تزيد بثلاث مرات عن المبالغ المتوقع تحصيلها من خلال الزيادات السعرية للمشتقات النفطية ، فالميزانية لا تقوم على الشفافية وتفتقد الوضوح والدقة في معظم مؤشراتها وأرقامها ، وأبرز مثال على ذلك هو طريقة احتسابها للموارد النفطية التي تظهر في الموازنة العامة للدولة بتقديرات تقل بعشرات المليارات من الريالات عن التقديرات الصحيحة، وتظهر بعضها مع نهاية العام المالي بصورة اعتماد إضافي يقدم إلى مجلس النواب لإقراره بعد صرفه بطريقة مخالفة للدستور والقانون، كما حدث مع موازنة عام 2004م التي أتبعت باعتماد إضافي بمبلغ 188 مليار ريال .

لقد أشار البيان المالي للعام 2005م إلى زيادة في مخصصات التعليم والصحة بنسبة 8.9% ، 20.1% على التوالي، وهذه الزيادات في مخصصات التعليم والصحة لا تقابل مجرد الزيادة الكمية في الطلب على هذه الخدمات ناهيك عن تحسين نوعيتها .

أما فيما يتعلق ببقية الخدمات الاجتماعية فإن المخصصات المالية لها في هذا العام تعد أقل من العام السابق، فزيادة 8% في ظل معدل تضخم يزيد عن 10% لا يعني سوى زيادة اسمية خادعة أما القيمة الحقيقية أقل من اعتمادات السنة الماضية.

لقد فشلت الحكومة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية على الرغم من مرور عقد من الزمن على البدء في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، بل على العكس من ذلك فإن رأس المال الوطني في حالة هروب مستمر إلى الخارج مما أثر على وضع ميزان المدفوعات، وهذا المؤشر يدل بوضوح على أن الحكومات المتعاقبة قد فشلت في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، مما اضعف ثقة المستثمر المحلي والأجنبي على السواء، وحال دون تهيئة مناخ ملائم للاستثمار في بلادنا، وفي ظل استمرار الحكومة في تطبيق سياساتها الخاطئة وعدم تنفيذ الإصلاحات المؤسسية وغيرها من الإصلاحات المطلوبة فإن ثقة المستثمرين في الاقتصاد اليمني سوف تضعف أكثر مما قد يتسبب في انهيار القدر المتحقق من الاستقرار الاقتصادي إضافة إلى ما يقوم به إعلام الحزب الحاكم والإعلام الرسمي في تشويه سمعة اليمن والزعم أنها صارت مأوى للإرهاب الأمر الذي يتطلب من الحكومة القيام بإجراءات جديدة لمنع حدوث ذلك الانهيار، وهذه الإجراءات تقع تبعاتها السلبية على المواطن بدرجة أساسية وهو ما لم يعد في نطاق دائرة تحمله.

إن أهم ما نتج عن تلك السياسات هو زيادة معدلات الفقر والبطالة بصورة مخيفة و متسارعة بحيث أصبحت قضيتا الفقر والبطالة لا تتهددان فقط المستقبل الاقتصادي للبلاد وإنما تتجاوز ذلك إلى مستقبل اليمن السياسي والاجتماعي في ظل وجود ملايين الفقراء وجيوش من العاطلين وفاقدي الأمل في الحصول على عمل لتامين مصدر رزقهم، ومع تزايد أعداد هذه الشرائح وكبر حجمها في إطار التركيبة السكانية للبلاد من ناحية واستفحال مشاعر اليأس والإحباط لديها من ناحية أخرى نتيجة التدهور المستمر في أوضاعهم، فإن النتيجة المتوقعة لهذا المسار كارثية بكل المقاييس ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).


للمزيد عن الإخوان في اليمن

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

.

أخبار متعلقة

.

أعلام الإخوان في اليمن

.

مؤتمرات التجمع اليمني للإصلاح

المؤتمر الأول
شعار التجمع اليمني للإصلاح.jpg
المؤتمر الثاني
المؤتمر الثالث
المؤتمر الرابع