من تاريخ الإخوان المسلمين في السودان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
من تاريخ الإخوان المسلمين في السودان
1953 -1980

الشيخ عيسى مكي عثمان أزرق

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

تظل حركة الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية في القرن العشرين في العالم الإسلامي مثار جدل أينما كانت وحيثما حلت الحركة التي نشأت في مصر حملت رياح الاتصال بين الشعوب بذور شمرتها إلى كل مكان في الدنيا يرفع راية التوحيد والإقرار برسالة المصطفي (صلي الله عليه وسلم )

السودان الجار الشقيق كان الأول في رجع الصدى وبل الندي رغما عن أن النيل يتجه من الجنوب إلى الشمال في السودان قامت حركة للإخوان المسلمين تطورت في اتجاه جبهوي إسلامي حاول حمل أكبر قدر من فصائل الفكر الإسلامي المعاصر معه في القطار وذلك في شكل مراحل عديدة أثرت الفقه المرحلي وسودنته وتسودن بحركتها حتى أن ذلك التطور أدي إلى خلل في مسير القطار .

الآن في السودان تصبح حركة الإخوان المسلمين أجدر بنشر وثائقها بعد مرور ستين عاما من تأسيس الحركة الأم وأكثر من خمسين عاما من تأسيس حركة الإخوان المسلمين السودانية وهو أمر معروف في علوم التوثيق والتاريخ .

أيضا فإن التطور الذي حدث في الحركة وأوصلها إلى الحكم في حكومة الوفاق الحزبية وحكومة الإنقاذ الآن بالمشاركة لهو عامل مهم يجعلنا نقدم كتابين في آن واحد للقارئ الأول ألفه الدكتور حسن مكي أحد بواكير إنتاج الحركة في السبعينات والثاني لأحد الشيوخ المؤسسين وهو هذا الكتاب الذي بين يدي القاري

محمد محمد أحمد كرار
شركة دار البلد للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع

من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين

الحمد لله رب العالمين الذي لا تنهض الهمم والقلوب في طلب الحق إلا بحوله وتوفيقه والحمد لله الذي بنعمته تنال الأعمال الصالحات والصلاة والسلام على رسول الله الأمين الذي أرسله الله تعالي بشيرا ونذيرا ورحمة للعالمين .

مقدمة : -

لقد طلب منى الكثيرون وبإلحاح شديد أن أحكي عن قصة قيام الجماعة ( الإخوان المسلمين ) بهذا البلد ونشأتها والأحداث التي مرت بها إلى زماننا هذا وذلك لثلاث أسباب رئيسية :

أولا : إننا والحمد لله تعالي من الأفراد القليلين الذين ما زالوا أحياء ممن شهدوا تلكم الأحداث ..وشاركوا فيها من قبل أول مؤتمر للجماعة في عام 1954م حتى اليوم وذلك من فضله علينا وهدايته وتوفيقه .

ثانيا: إننا وبتوفيق مسبق من الله جل وعلا حرصنا على حفظ كل وثيقة ممكنة منذ ذلك العهد البعيد حتى الآن بل إننا نحتفظ بوثائق أساسية في حركة الجماعة لا توجد ألان في أى مكان أخر البتة . ثالثا : -

إن كل من كتب من هذا التاريخ كتب عن أحداث لم يحضرها ولم يشاهدها بل اعتمد على روايات فردية من أشخاص اعتمدوا على ذاكرتهم كما يبدو ولذا فقد جاء سردهم فيه كثير من الخلط التداخل بل وما كان في جملته إلا حكايات عن حركة الأفراد نفسهم ولم يكن يحقق سردا واقعيا متكاملا لحركة الجماعة وكان يفتقد التوثيق والمستندات الحقيقية والتي لم نكن راغبيين حينذاك أن ننشرها .

وقد رأيت أن من واجب الجماعة علينا أن نحكي للإخوان الذين ينتمون إلى صفها القويم واليوم وإلى كل الناس تاريخا واضحا مفصلا عن جماعة الإخوان المسلمين ذلكم التاريخ الذي تعرض في مجالات سابقة لتشويه مقصود , أو غير مقصود أو عن جهل , وهو تاريخ ذو أصالة .. لا انحراف به , مواقف باهرة متتالية كان لها الأثر الواضح في تاريخ هذه الأمة السودانية .. تاريخ عشيته ظلمات متعاقبة حتى لا تجد إلا القليلين الذين يتبينون معالمه واضحة ونحن إذ نتعرض للأحداث إن شاء الله مسلسلة وموثقة قد لا نستطيع أنتشر النص الكامل لكل وثيقة بل سوف نكتفي بنش أجزاء أو صفحة منها حسب حاجة البيان والمقام إلى ذلك وتحتفظ بالنص كاملا لمن يريد يستوثق ونحتفظ بالصورة الأصلية لمئات الوثائق وهي ملك للجماعة وليست ملكا لأحد من الناس والتي رأينا لا نضمنها في هذا السرد الآن .

ولابد أن نرفع أكفنا لله تعالي أن هدانا لدعوته الحقه أبقانا في حناياها صابرين , وثبتنا .. بعد .. أن زاغت قلوب رجال آخرين عديدين ونسأله أن يهدينا فلا نقول إلا الصدق ولا نذكر إلا الحق وألا يدع لمراد النفوس – هذه النفوس البشرية – إلى ما سوف نقوله سبيلا .

عيسي مكي عثمان
ع / الإخوان المسلمون

فاتحة

أراد الله تعالي أن تتمهد لدعوته – الرحمة – أسبابها – في هذا البلد الطيب هداية منه ونعمة وفضلا فانبثق من ظهور دعوة الإخوان المسلمين وبروز شعاراتهم في هذا البلد وعي إسلامي عام بالمداس والمعاهد والجامعات ذلك الوعي الذي كان في حقيقته رفضا لاكتساح التيار اليساري لمساحات كبيرة واسعة في مجال الطلاب حينذاك والعمال والمرأة لخلو الفكر الطائفي والحزبي الذي كان سائدا يوم ذاك من مقومات فكرية أو عقدية أو تنظيمية تدفع بالموجة اليسارية الزاحفة أو تحد من أثرها .

تعريف المدخل لمعرفة الجماعة

من طبيعة بناء الجماعة منذ نشأتها أنه بناء مترابط , محكم السياج , الاختصاصية فيه محكمة هذه الاختصاصية تفرض على الواقع سياجا من السرية ليس على حركة أجهزتها فقط إنما على الكثير مما يجري فيها من أحداث أو مواقف فلا يكاد مثلا اثنان من العاملين أو المسئولين ( يعمل كل واحد منهم في محور خاص ) أن يعرف عما يدور في المحور الآخر إلا معالم عامة منه , وهذا أمر طبيعي لا يتسم به تنظيم الإخوان وحدهم ولكن كما نعلم أن نشأة دعوة إسلامية شاملة رافعة راية جمع شمل المسلمين وإعادة بناء الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر تجد من العداوات العديدة من المحاور العالمية... شرقية أو غربية وغيرها ومن الحكومات والسلطات المحلية ما يحتم عليها أن تغلق مسالكها كلها وقاية أو حذرا ضرورة أجبرتها به مواقف تاريخية حقيقية وما حصل في مصر خير شاهد لذلك ولسنا نريد أن نقف عند هذا إلا لنبين ما نحن بصدده من قلة شيوع المعرفة بحركة الجماعة .

وأحداثها فلا تكاد تجد حتى من الذين عاصروا ولازموا نشأتها منذ العهد الأول من يدرك إدراكا شاملا واقعيا بكل تفاصيل الأحداث .

الاختصاصية كانت تفرض على كل محور أن يلتزم باختصاصه , إلا في مستوي القيادة التي كان عليها أن تلم بصورة شاملة على كل حركة الجماعة وتفاصيل مواقفها وذلك ما لم يتيسر حتى لكل القيادات في ذلك الحين لأسباب سنتحدث عنها فيما بعد ولكن أهمها أن قيادات الجماعة كانت تجد في المواقف السياسية العامة والهامة والمتلاحقة ما يشغلها أكثر الوقت من أن تتابع الكثير من المواقف والتحركات التي تفرزها أجهزة الجماعة ويذكرني حديث البعض الذين حكوا عن تاريخ الإخوان بالجماعة العميان الذين وقفوا حول الفيل ووصف كل واحد منهم هذا الفيل بما لمسه منه فقط وقصرت معرفته أن يصف كل الحيوان وصفا كاملا له .

وملاحظة ثانية ممن يعتز بانتمائه لهذه الجماعة يجعله لا يؤمن إلا بما رآه ولا يعرف تاريخا إلا ما عاصره أو شاهده وذلك بالرغم من أهمية أحداث كانت معاصرة له هذا ومن سمات بعض ما كتب من قبل عن تاريخ الجماعة التركيز على أسماء وشخصيات عديدة لم يكن لها دور حقيقي في نشأ الجماعة أو بناء كياناتها البته .

بل أنها ظهرت في مواقف هامشية محدودة أو جماعات أخري أثارهم هنالك أقوي ولذا فإننا في هذا السرد التاريخي سنسقط كل ذكر لفرد أو جماعة إلا مما له أثره في تاريخ هذه الجماعة بإذن الله وما أقلهم .

وقد يشابه ذكر بعض الأحداث مما نكتبه الآن في هذا السرد وبما كتب من ونتعهد بأن نمسك بزمام جماح النفوس حتى لا تطغي مشاعر الحب والبغض بظلالها على ما نقول إذ هي شهادات نسأل عنها فرادي وأن من بيننا أخوة كرام من الرعيل الأول ما زالوا يقفون في الصفوف الأمامية ننتظر منهم أن يساهموا في هذا المجال بالمشاركة في الحديث وتصحيح ما أخطأنا فيه من شئ أو إضافة حديث عن موقف فات علينا ذكره , منهم شيخنا الفاضل [[صادق عبد الله عبد الماجد[[ وعبد الرحمن رحمة , ومحمد خير عبد القادر, وأحمد عوض الكريم , ويس عمروعز الدين الشيخ, وإبراهيم هارون , وإبراهيم أبو حسنين , وعثمان خالد مضوي, وغيرهم مما يضيق المجال لذكرهم جميعا – والله المستعان

عيسى مكي عثمان

التكوينات والتحركات التي سبقت مؤتمر 1954

مقدمة

أنه أمر طبيعي أن تتأثر هذه البلاد بكل ما كان يجري في أرض مصر فإن الرباط الديني متمثلا في وحدة العقيدة والتداخل الإقليمي والسياسي والثقافي يجعل صدي كل ما يجري في مصر قويا في السودان .

وبما أن حركة تنقل الأفراد بين القطرين ما فتئت مستمرة منذ القدم فكان طبيعيا أن تصل بشائر هذه الدعوة الطيبة إلى هذا البلد الطيب في وقت مبكر وإن كان تحديد ذلك بالدقة غير متيسر إذ أن وجود إخوان من مصر في قرية الشجرة وفي الأبيض والعاصمة وغيرها كان طبيعيا منذ الثلاثينات بالرغم من عدم رصد ذلك أو وجود أثر له ملموس في الحياة العامة فيها .

وكان أول بعث دعا علنا عام 1944 إذ جاء جمال الدين السنهوري ومن معه إلى العاصمة داعين إلى فكرة الإخوان وكانت لطريقة جمال الدين في الخطابة والحماس الذي صاحبها أثر عميق في نفوس المستمعين خاصة وأن الناس عامة في هذا البلد ما كانوا يعرفون العمل الديني إلا من خلال العمل الديني الطائفي الذي له شعائر غير مقبولة عند الفطرة الدينية السليمة .

إثر ذلك كانت هناك محاولات ( مجرد محاولات فردية لتبني هذه الشعارات العميقة الأثر في النفس ) ولكنها محاولات لم تنهض إذ أنها لم تكن على نهج الدعوة التي أسسها الإمام البنا... من بناء المواعين ( الوحدات ) التي يتربي فيها الأفراد ويتكون من تلك اللبنات الأساس المتين لتنظيم الجماعة ( وغير ذلك من نهج جماعة الإخوان الذي نعرفه ) ويبدو أن الأسلوب المنبري العام الذي سلكه السنهوري ومن معه وكان أقرب إلى الطريقة الحزبية هو الأسلوب الذي توجت به تلكم المحاولات التي كانت متجنبه لمنهاج الإخوان وأذكر أن بعض هؤلاء قاموا بعد احدي الخطب بتوزيع شارات الإخوان ( السيف والمصحف – وأعدوا ) على الناس دلالة على قبولهم للدعوة الشئ الذي كان كما سمعنا من بعد موضع محاسبة لهم بعد عودتهم لمصر ولوم ومساءلة .

وبالرغم من ذلك فقد كانت لتلكم الزيارة آثارها الطيبة , أن يتحدث الناس عن دعوة الإخوان وأن يناقشوا شعاراتها وأن يتداول الكثيرون رسائل الإمام البنا وأن يوجد مناخ طيب يهئ ( للإخوان المسلمين ) الوافدين من المصريين وغيرهم من الأفراد المتواجدين هنا وهناك مجال للعمل وكان بعضهم أصلا من الطلبة الذين تم التحاقهم بالجماعة في مصر , فأوجد لهم مناخا طيبا هيأ لهم أن يضعوا البذرة الأولي في تكوين خلايا ( أسر ) على منهج جماعة الإخوان في أماكن عديدة من البلد ( الأبيض ) , ( عطبرة ) , ( أمدرمان) , ( الخرطوم ) , ( الفاشر ) وغيرها كان من أبرز القائمين على بعضها الأستاذ على

طالب الله بأمدرمان والذي كان بطبيعته الحارة وحماسه الدافق وصلابته القوية العامل الأساسي لاستمرار الحركة وصمودها ( رغم تخلي الباقين من حوله للفكرة الاستعماري حينذاك من مضايقات وقد سجن عشرة أشهر لأسباب تتعلق بالعمل العام وتتعلق بمواقفه العلنية ضد الانجليز ومجاهرته بالدعوة الإسلامية علنا , ثم تم تعينه مراقبا عاما للإخوان المسلمين في السودان من قبل ( المركز العام ) للجماعة في مصر .

ولما كان لابد لهذه البذرة التي وضعت أن ترعي وأن يعني بها فقد حضر إلى السودان عام 1948 الأخ عبد الحكيم عامر والسنهوري وكان لنشاطهما أبان زيارتهما التي شملت بلدان عديدة كان له أثره في المجالين التنظيمي ( ربط الأفراد بالجماعة وفق المنهج التكويني ) وفي الحقل العام بالاتصال بالجماعات الأخرى كان للتحركهما أثر واضح أمتد طويلا بالرغم من اختفاء القيادات التي كان يمكن أن تقود الجماعة بكفاءة ومقدرة وإدراك وعلم بطبيعة الدعوة ولكن مما لا شك فيه أن لبنات حقيقية قد وضعت في أرض السودان وأراد الله تعالي أن تتمهد لدعوته ( الرحمة) أسبابها في هذا البلد الطيب هداية منه ونعمة وفضلا هذا ولازم ذلك التحرك انبثاق وعي إسلامي عام بالمعاهد والجامعة والمدارس الثانوية ذلك الوعي الذي كان في حقيقته رفضا لاكتساح عام بالمعاهد والجامعة والمدارس الثانوية ذلك الوعي الذي كان في حقيقته رفضا لاكتساح التيار اليساري لمساحات كبيرة في مجال الطلاب والعمال لخلو الفكر الحزبي والطائفي ( الذي كان سائدا حينذاك ) من مقومات فكرية أو تنظيمية تدفع بالموجة اليسارية الزاحفة أن تحد من جنوحها لولا ما قدره الله تعالي بانبثاق نور دعوة الإخوان وتصديها لتلك الموجة العاتية التي تتمثل في ( دعوة السلام وبريقها ) وفي عمل دعائي منظم وفكر الحادي ماكر لما كان أحدنا يدري ما يكون حينذاك.

قلنا أن اللبنات التي وضعت كانت تحتاج إلى عناية وصقل وهنا كان لإخواننا المصريين دور أساسي سنتحدث عنه فيما بعد وكذلك كان لانبثاق ذلكم الوعي الإسلامي وسط الطلاب وفي الجامعة الأثر الكبير على تكوين الأحداث التي أثرت تأثيرا مباشرا على تكوين الجماعة وبنياتها في السودان ونحن في هذه المقدمة التعريفية التي نتصدر بها الكتابة عن تاريخ الجماعة والتي نسوق بها الأحداث التي مهدت للدعوة لأول مؤتمر لتكوين الجماعة عام 54 لم نتعرض لذكر الأسماء كثيرا كما قلنا أن بعضها لم يمر على الواقع المؤثر إلا مرورا عابرا سريعا وبعضهم لمع اسمه لشهور قليلة أو سنوات أقل ( يشارك في المناب يخطب ) وكذلك سوف لا نتعرض للقيادات المتعددة والمواقف السياسية حينذاك إلا من حيث أثرها في تكوين الجماعة وأثرها على حركتها ولكن مما لا شك فيه أن عدة عوامل شاركت بإذن الله في انبثاق هذا الفجر الامتداد الطبيعي للدعوة الإسلامية من مصر الجارة لاهتمام الإمام البنا بأمر السودان وإرساله بعوث متتالية من الإخوان مع الطلاب السودانيين في مصر تهم الأخ صادق عبد الله [[عبد الرحمن رحمه, محمد خير عبد القادروغيرهم ومن الإخوان المصريين المقيمين في السودان والمهاجرين من بعدهم ذلك الوعي الإسلامي الذي هيأه الله تعالي لها وفوق ذلك وقبله أرادة الله تعالي الخير لهذه الأمة وتوفيقه لشباب مؤمن عامل متجرد أن يحمل ألويتها ويجاهد في سبيلها وينطلق بها إلى غاياتها .

في الساحة قبل 1954 والدعوة للمؤتمر

مقدمة

وهنا لابد أن نذكر نشوء أكثر من تيار وعي إسلامي يقوده الطلاب هناك قاد بابكر كرار اتجاها إسلاميا عرف فيما بعد باسم حركة التحرير الإسلامي وكان من رواد هذا الاتجاه عبد الله زكريا الذي كان لوقت طويل موجها لقطاع كبير من الإسلاميين في الجامعة الثانويات وفي إقليم دار فور وكان هناك من الإخوة من وقفوا في خط موازن أخر منهم الأخ المرحوم محمد علي ويوسف حسن سعيد ومحمد يوسف وأحمد بابكر والرشيد الطاهروغيرهم.

ولا نقف كثيرا عند تجاذب هذه التيارات أو تحركات الأفراد فيها وانتماءاتهم فيما بعد فيما يؤثر تأثيرا مباشرا في أحداث وتكوين الجماعة - وأول وأهم منطلق تأثير من هذه التيارات الطلابية كان هو موقفها من ( الشعب ) خارج الجامعة وكما قلنا أن اللبنات التي وضعت في الفترة السابقة ( 45 -46) -51) أثمرت عن وجود أخوان هنا وهناك في عدد من المدن والقرى مثلا كان في امدرمان الأخ عز الدين الشيخ وأحمد عوض الكريم ويس عمروحامد عمر الأبيض إبراهيمأو حسنين وعبد القادر الدقيل وفي الفاشر أحمد بابكر حسن وعيسى مكيوالمرحوم رحمة بعد عودته من مصر وصلاح أبو النجا ومعاوية , وفي مدني محمد سالم وفي بور سودان الريح الفضل وإبراهيم رحمة وفي عطبرة على نور الدين وغيرهم مما يضيق المجال لذكرهم جميعا ( وإن كنا والحمد لله نحتفظ بوثائق تحمل أسماء ذلك الرعيل الأولكاملة مبينة مفصلة كل في موقعه )

كان هناك جهد كبير يبذله الطلاب للاحتواء وللسيطرة على هذه البنيات بحكم حماسهم كشباب وللدوافع القوية وراءهم لإيجاد أرضيات لاتجاهاتهم داخل الجامعة وخارجها وحتى أصبح العمل في مدن ( شعب ) عديدة لا ينشط ولا يتحرك إلا عندما يعود الطلاب في أجازاتهم بل كان بعض الطلاب هم المسئولون عن هذه الشعب فعلا وقد كان لهم دور أساسي في تكوينها ( وكان للطلاب موقف من الأخ على طالب الله ) وانتقل هذا الموقف بالتدريج عبرهم إلى بقية ( الشعب ) النامية والأسر الناشئة في كثير من الأماكن .

الحديث عن هذا الموضوع هو المعلم الكبير الذي حرك كل الأحداث فيما بعد وهو الذي حدد معالم الجماعة وبينانها في 53,54 والمدى البعيد بعد ذلك ؟

القضية الأساسية كانت هي تأصيل إنتمائية هذه الحركة الإسلامية التي انبثقت في هذا البلد والتي أصبحت في ظن كل الحادبين على الدين هي طوق النجاة وهي السلاح الذي يدفع عن هذه الأمة تغول التيار اليساري والكاسح يومذاك وجهالات الطائفية .

وكانت هي القضية الأساسية التي كانت وراء الاتفاق على دعوة مؤتمر عام ليتم حسمها فيه .

كانت كل التيارات المحلية متأثرة لحد ما بالعرض السياسي في الساحة السياسية حينذاك قبل الاستقلال كانت الساحة تموج بشعارات الوحدة مع مصر تحت التاج المصري في اتحاد مع مصر – وتحالف مع بريطانيا – استغلال كامل لا شك أن أذهان الناس وتفكيرهم في هذه القضية كان مشغولا لحد بعيد في تأصيل أفكارهم والعمل على تحقيق أهدافها ولم يكن الطلاب ولا إخوان ( الشعب ) كما كنا نسميهم بومذاك بعيدين عن هذا المعترك ولم يكن بدعا أن يزج بقضية تأصيل انتماء الجماعة التي بدأت تتكون – حينذاك – في عرض الساحة .

مما لا شك فيه موقف الأخ على طالب الله كان محددا واضحا لا يقبل التناوش وهو أنه ( رئيس مجموعة توجد ورئاستها في القاهرة ... الفهم السائد يومذاك )

قلت أن الطلاب وكانوا أكثر تنظيما وأكثر حركة ونشاطا وكان وهم يسيطرون بكل اتجاهاتهم على الكثير من الشعب الخارجية الناشئة وبدءوا يسيطرون على بعض اتحادات الطلاب في المعاهد والثانويات كانوا يعقدون اجتماعات كثيرة ويبذلون جهودا لتوجيه هذه ( الأسر ) والشعب وفق خط منهجي محدد من قضية تأصيل الدعوة الإسلامية في السودان ( ولابد لى أن أذكر أن تفاصيل كثيرة كتبت في هذه القضية وسردا تاريخيا يحكى في جملته عبر حركة أفراد له علاقة بموضوع جماعة الإخوان وليس له كل العلاقة ) في نفس الوقت الذي كانت الأمور فيه تجرى بقدر الله تعالي نحو تكوين هيكل قويم للجماعة وضعت لبناته متتالية كما سنبين فيما بعد , لو اتسع المجال هنا لنشر الوثيقة الأولي التي نبدأ بها نشر وثائق جماعة ( الإخوان المسلمين لأول مرة في الوقت الراهن وهي أول مسودة لأول دستور للجماعة فسوف نري أن موضوع تأصيل انتماء الجماعة كان أول ما كان يشغل الأذهان ويحدد الخطوات وأول ما حدد فيها ) .

ولا شك أن موقف الأخ على طالب الله كان موقفا مبدئيا أصيلا لم ندرك أصالته وأحقيته إلا بعد ذلك العهد بزمن طويل جدا ولكن طبيعته الشخصية التي كانت تتميز بحماس فيه كثير من الشدة والحدة كان حاجزا بيننا وبينه وسياجا لم نستطيع أن نتخطاه يومذاك ولأدلل على ذلك أذكر حادثة ( أذكر ها هنا قبل موضوعها في السرد التاريخي ) ما أذكرها إلا لأدلل على ما قلته أنفا .

بعد المؤتمر صدر قرار إجماعي بفصل الأخ علي طالب الله من الجماعة كلفت شخصيا لأخذ خطاب الفصل وتسليمه له فلم أشار أن أذهب بمفردي فاخترت الأخ كمال على نقد الله الموجود حاليا بأمدرمان وذهبنا سويا في أواخر أيام العيد وبعد أن أذن لى بالدخول وجلست , فقام ثائرا وكانت ثورة صعبة جعلتني أرتجف فزعا ولولا أنني رسول جماعة لهربت , ورفض أن يتسلمها وقال لى ما معناه أن هؤلاء أفنديات النادي الثقافي ليسوا أخوان وليسوا ... الخ وتسلمها نيابة عنه أخ كان موجودا وانصرفنا دون أن يبين لى سببا أو ينصح لي أو يوجهني أو يحدثني عن وحدة الفكرة الإسلامية والجماعة الواحدة .. الخ وقد كنت أكن له كل تقدير يومذاك غفر الله لنا جميعا فما كنا جميعا نبتغي إلا الانتصار لأمر حسبنا فيه الخير لدعوة الله تعالي وليته نصح وهدي , وليتنا يومذاك تبينا حق موقفه .

ولم يكن موضوع تأصيل الجماعة وحدة هو الذي بلور فكرة الدعوة لأول مؤتمر للجماعة بل كان للصراع بين التيارات الإسلامية داخل الجامعة وضرورة حسمه هو أيضا دافع لتلك الفكرة .

كذلك ضرورة حسم موضوع القيادة سواء داخل الجامعة أو خارجها خاصة في ذهن كل الذين لم يكونوا يعترفون للأخ على بأى صفة قيادية بالرغم من تعاونهم معه أو تقديرهم لمواقفه السياسية الفريدة والتي ذهبت به إلى السجن أكثر من مرة .

وكذلك عدم وجود المناهج العلمية إذ لم تكن لدي الأسر ( الشعب ) حتى أعوام 50, 51, 52, مناهج تربوية واضحة المعالم سوى الرسائل وبعض الأوراق الاجتهادية التي وضعها بعض الأفراد وكذلك عدم وجود المناهج العلمية للعمل الإسلامي في الحقل العام السياسي أو الاجتماعي وغيرها .

وكلفت لجنة صغيرة بالدعوة والإعداد لمؤتمر عام يضم كل الشعب المنتشرة في القطر مع ممثلين للطلاب من كل اتجاهاتهم وممثلين للإخوان الطلاب من مصر كان عضويتها الأخ إبراهيم هارون , عيسى مكي, أحمد عوض الكريم ,الجزولي دفع الله وتم حصر عدد الشعب الموجودة وعدد الأفراد فيها ونسبة التمثيل في المؤتمر وحدد له ثاني أيام العيد ذى الحجة 373هـ من عام 1954 ونحتفظ بكل وثائق هذه اللجنة كاملة والحمد لله.

واصلت اللجنة المكلفة عملها بالكتابة للعناوين التي حصلت عليها بطلب كشوفات العضوية وفق شروط محددة وعند وصول الردود تباعا ومعرفة كمية العدد تقريبا وضعت نسبة التمثيل المئوية وهنا نود أن نذكر أن استجابة أخوان الشعب كانت طيبة وسريعة وفيها كثير من الحماس فلاغرو أن يجد الإخوان في المناطق الخارجية من يدعوهم لأول مرة للالتقاء بإخوان لهم في مؤتمر عام .

فحدد ( 47) سبعة وأربعين لإخوان الأقاليم و(15) خمسة عشر يمثلون العاصمة بصفتها تضم اكبر تجمع للإخوان خارج المدارس و( 12) وانثي عشرة معينون وهم الفئة التي لم يتم اختيارهم بواسطة شعبهم ومناطقهم للمؤتمر وكانت هناك ضرورة وأهمية لحضورهم كالأخ الرشيد الطاهرويوسف الخليفةومعاوية عبد العزيزو( 10) عشرة يمثلون الطلاب وذلك وفق نسبة مئوية معينة لعد الكل في كل منطقة أو شعبة .

انعقاد المؤتمر

في صبيحة ثاني أيام العيد المبارك من ذى الحجة 1373 بدأت وفود الإخوان تصل تباعا وقد أعد أمدرمان الثقافي ( الذي أصبح بمثابة المركز العام ) لاستقبالهم وهنا أمر جد غريب أفراد يتقابلون لأول مرة تهش وجودهم بالبشر وتتصافح أياديهم بشوق .

تتألق قلوبهم بسمات من المودة أرق وألطف من أن توصف يغشيهم سرور وإن جاءوا من كل صوب وليكونوا جماعة ويبنوا بنيانا لحظات في غمرة الأحداث ( فيما بعد نسينا ذروة بهائها ولا حفظنا لها نعمائها علينا )

افتتح الأخ محمد خير عبد القادرالجلسة وكان محمد خير عبد القادرهو سكرتير أول مكتب خارج الجامعة وهو الذي كان يوجه عمل لجنة الإعداد وكان عه مولانا أحمد على والأخ أحمد بابكر ) وقدم الأخ محمد خير عبد القادربعد افتتاح الجلسة كلمة المقدمة ثم اختير الأخ عوض محمد عبد الله من مارنجان رئيسا للمؤتمر .

وكما قلنا من قبل كانت دوافع الدعوة للمؤتمر تتمثل في الضرورة الملحة لتأصيل انتمائية هذه الجماعة التي غيض الله لها أن تبرز وكذلك لحسم تلكم الخلافات الحادة وسط الطلاب الإسلاميين باتجاهاتهم المختلفة وهي اختلافات تتباين تباينا جذريا كبيرا مثلا بين وكذلك للاتفاق حول منهج العمل وحسم موضوع القيادة سواء داخل الجامعة أو خارجها وكذلك لتحديد موقف واضح من جماعة الأخ على طالب الله الذي أشرنا إلى موضوعه سابقا والذي استحوذ على حيز كبير في مداولات المؤتمر وقد حضر بعض تلاميذ بابكر كرار وتخلف بعض ممثلو طلاب مصر ومثل أخوان الخرطوم بحري أحمد شريف وعباس حسن التوم ومحمد أحمد ومثل الخرطوم زين العابدين بلال وصلاح أبونا النجا وعمر بخيث ومثل امدرمان أحمد محمد بابكر ومحمد خير عبد القادروعيسي مكي ويسن عمر الإمام وإبراهيم هارون وأحمد عوض الكريم ومثل الأبيض عثمان الدقيل والفاشر الأخ سليمان عبد الله ومثل بورتسودان الأخ عبد الحميد إسماعيل وكان من ممثلي الطلاب ميرغني النصري ودفع الله يوسف وعبد الله زكريا وعشرات المندوبين وغيرهم مما يضيق المجال لذكرهم جميعا وعند بداية الجلسة وقبل أن يلج المؤتمرون بعيدا في نقاش الموضوع الأول وقف أحمد عبد الحميد من تلاميذ ( اتجاه) بابكر كرار قائلا بحدة أنه يبدو أن هذا اللقاء يتجه نحو تسمية هذه الحركة بالإخوان المسلمون وأنا أعلن انسحابي نهائيا وخرج درامية واضحة ( أجل كان جليا أن هذا التجمع المبارك كان يظله توفيق من الله تعالي أن تتأصل هذه الجماعة على مجرى وطريق الدعوة وباسم الإخوان المسلمون وعلى منهاجها القويم ) وما كان من بين الباقين منهم إلا قلة قليلة رضيت أن تواصل البقاء- وهي غير راضية- على أمل ألا تفقد موضع قدمها في هذا الكيان الذي ولد كبيرا فتيا , أو لأغراض أخري لم تفصح عنها يومذاك .

حقيقة وقف الناس ما هية هذه الجماعة وانتمائها وقفة طويلة وأثير حولها نقاش طويل ولكن غلب الاتجاه الذي يحدد ( بعد الاتفاق على الاسم) صلة الجماعة بجامعة الإخوان الأم في مصر وغيرها من أى مركز اتفق على النص التالي : -

الاسم : اسم الجماعة الإخوان المسلمين مع استقلالهم إداريا عن أى جماعة إسلامية أخرى ( وهنا نود أن ننشر لأول مرة إلى الوثيقة الأولي وهي قرارات هذا المؤتمر وإننا أن ننشرها الآن ولأول مرة ما يوضح من هم أولئك وكيف أنهم في جلسات طويلة امتدت إلى ساعات الصباح التالية وما وهنوا وما كلوا وما اختلفوا إلا ليتفقوا ( وقد توصلوا إلى صياغات قرارات أساسية كان لابد من الوصول بها إلى رأي متفق عليه كما نري فإن جزء كبير من حيز النقاش والقرار كان بشأن قضية الأخ على طالب الله ( ولدينا النسخة الواحدة المتبقية نحتفظ بها للتاريخ ) .

الوثيقة الأولي قرارات المؤتمر

( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )صدق الله العظيم والصلاة والسلام علي سيد المرسلين ومن دعا بدعوة الدين

مقدمة

دعت لجنة الاختصاص إلى عقد مؤتمر ضم الممثلين لأغلبية ميادين وذلك تحقيقا لما يجيش في صدور الإخوان من رغبة في مراجعة سير واتخاذ خير الوسائل التي تكفل لها النمو والاضطراد وبعد تمحيص والمداولات توصل المجتمعون إلى النتائج التالية :

1- الاسم : أن يكون اسم الجماعة الإخوان المسلمون مع استقلالهم إداريا عن أى جماعة إسلامية أخري .
2- الغاية: تحقيق الأغراض التي جاء من أجلها الإسلام وهي :
3- توصيل دعوة الإسلام إلى الناس جميعا وشرح الإسلام دقيقا يوضحه ويبرزه إلى نقائه شموله وبعرضه عرضا سليما يرد عنه الشبهات
4- إيجاد الفرد المسلم الذي يؤمن بالله إيمانا عميقا ويستشعر صلته بالله في كل لحظة من حياته .
5- تحرير السودان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على أساس المبادئ الإسلامية والمشاركة في بناء المجتمع العالمي الإسلامي .
6- تنمية الثروة القومية
7- تحقيق العدالة الاجتماعية فيه .
8- إقامة حكومة إسلامية تنفذ تعاليم الإسلام وأحكامه في الداخل وتبليغها في الخارج .

تأييد الحركات التحريرية ضد الاستعمار في العالم والدفاع عن الحريات والحقوق والمشاركة في بناء السلام العالمي والحضارة الإنسانية على أساس المثل العليا التي جاء بها الإسلام وتنسيق الجهود مع الهيئات الإسلامية في العالم لتحقيق الوحدة الإسلامية .

ولابد من وقفة أخيرة عند وقرارات هذا المؤتمر ( المؤتمر الأول للإخوان المسلمين ذ ي الحجة 1373 -1954) فقد أسفرت اجتماعاته عن نتائج شاملة ومحددة نشرنا هنا صفحة من الوثيقة الأولي فقد اتفق بإجماع على :

1- الاسم الغايات والأهداف
2- وسائل نشر الدعوة
3- طبيعة الهياكل التنظيمية وأشكالها
4- أن يظل أسلوب العمل سريا ( وليس علنيا كما نشر من قبل )
5- أن ننتدب لجنة خاصة تكون من إخواننا السودانيين بمصر لتقديم أسس جديدة للوفاق مع على طالب الله .
6- تم انتخاب مكتب إداري برئاسة محمد خير عبد القادروعضوية أحمد محمد بابكر ومحمد أحمد على وعمر بخيث وأحمد شريف والرشيد وآخرين لمتابعة وتنفيذ قرارات المؤتمر ولإدارة العمل .
7- الاتفاق بالإجماع على استمرار لجنة تحقيق العضوية السابقة والتي أعدت للمؤتمر وتكليفها للإعداد لتكوين ودعوة هيئة تأسيسية العام القادم.
8- تم وضع شروط عضوية محددة ومبينة .
9- العمل على دعوة أول هيئة تأسيسية للجماعة في عيد الأضحى القادم وفق شروط العضوية تكون من أولي مهامها أجازة دستور ثابت للجماعة من المسودة التي تم الاتفاق عليها .
10- هذه صورة من بعض النتائج التي توصل إليها المؤتمرون والحمد لله الذي عهدي لذلك .

ولكن أهم من تلك القرارات الموفقة كلها هو أن البذرة والنوى التي غرست في هذا البلد الطيب من قبل سنوات واصطفتها يد العناية وباركتها وعذتها جهود إخوان مصريين خرجوا مهاجرين من مصر ضيق عليهم هنالك وفتحت لهم أبواب الخير هنا.

(البلدالطيب ينبت نباته بإذن ربه والذي خبث لا ينبت إلا نكدا ) وأسفر اللقاء عن ميلاد بعث جديد أصبح له منذ ذلك اليوم أثره الهادي على كثير من رجال ونساء تبصروا وهدوا وتربوا في أحضاها وعلى الأحداث في هذا البلد الطيب وفي غيره مما سنكتب عنه بالتفصيل وتبدلت أحوال كنا فيها في الأربعينات وفي الخمسينات في المدارس وفي المعاهد كنا لا يستطيع أحدنا أن يؤدي الصلاة خشية أن يوصف بالرجعية والتخلف وكان هم الكثيرين وهو كيف يواجهون السؤال بإثبات وجود الله تعالي أن لم يسمع الناس قبلها عن معني شمولية الإسلام ولا ( الإسلام دين ودولة ) ناهيك عن موضوع تحقيق دستور إسلامي ومجتمع إسلامي .

كان في الساحة كلها طائفية وجاهلية ويسارية ماكرة وحزبية عمياء كانت جاهلية ليس من نور فيها يضيء موضع قدم لمستبصر ولا بصيص أمل لمستنصر فانطلقت بعدها هتافات الإخوان ( لا شرقية ولا غربية جمهور إسلامية ) ( الله غايتنا ) ( دين ودولة) أصابت تلكم الظلمة بصدمة فأفاقت حشود كانت غافلة وكما سنري أن المجتمع السوداني في أكثريته كان أرضا طيبة للدعوة وكانت له في البداية استجابة سريعة طيبة, وعندما نتحدث عن سرعة قيام الجبهة الإسلامية للدستور, وعندما نتحدث عن موقف الأمة السودانية من أحداث الإخوان في مصر وعندما نتحدث عن أثر ذلك في تحول اتجاه الأمة من اتحاد مع كذا وكذا في ديسمبر إلى استقلال تام عندئذ سوف ندرك هذا الأثر الكامن الذي أشرنا إليه .

كان رد الفعل عند جماعة حركة التحرير الإسلامي أن أعلنوا انفصالهم تماما , وهم قد أخطئوا التقدير إذ كانوا يظنون أنهم سوف يسوقون أمامهم قطيعا كبيرا من خراف الإخوان , وكان يعتمد بابكر كرار على قوة شخصيته ونفوذه الطاغي وسط الطلاب , وكان عبد الله زكريا يظن أن قطاع الثانويات وغيرها لا يفلت من يده حتى إن قطاعا كبيرا ممن تم تجنيدهم بواسطته في قري ومدن دار فور لم يبايعوه ولم يشايعوه, ووقف ميرغني النصري ينادي وسط جموع لا تسمع إليه محمود بشير جماع وأحمد عبد الحميد الشايقي وغيرهم كان دستورهم الذي صاغه بابكر كرار لا يعدو أن يكون مزيجا بين مبادئ إسلامية وأطر اشتراكية, ومبادئ اقتصادية بعيدة من المفاهيم الإسلامية التي بدأت تتضح يومذاك حتى سميناه بومذاك ( شيوعي إسلامي ).. هم قد أخطأوا تقدير أثر الإخوان المسلمين في شتى ( الشعب ) في عمل متواصل موفق في الأسر والرحلات والكتائب نذكرها هنا لأول مرة الأخ جمال عمار ومصطفي جبر نذكرهما بالخير, وكان رد الفعل عند جماعة الأخ ( علي ) أن صدر بيان يدين فيه المؤتمرين ويصفهم بأنهم ( ليسوا بإخوان ) وأرسل لرئاسة الإخوان في سوريا بهذا المعني ثم لم يقبل الشروط التي وضعها المؤتمر ( والتي أشرنا إليها سابقا ) ووصل الأخ سعيد رمضان عام 55 وقام بمحاولة أخري ولكن بعد أن استقرت الأمور وانطلقت أجهزة الجماعة للعمل بكامل عدتها وقوتها ولم تنجح تلكما المحاولة إذ أن أجهزة الجماعة المختصة رأت أن الجماعة قد تجاوزت ذلك الإشكال ولا تريد أن تعود بالجماعة إلى رحابة ثانية خاصة بعد أن أصدرت بعد ذلك أول هيئة تأسيسية عام 55 قرارا بفصله وبذلك أسدل الستار على ذلك الموضوع وظلت ( أسرة النور ) الملاذ الطيب لأولئك النفر الطيبيين من جماعة على طالب الله يدرسون القرآن ويتذاكرون بعد ذلك بقية أعمارهم ( أما هناك فقد انطلقت الكوامن من طاقات الشباب في المناطق ( والشعب ) وفي المعاهد والمدارس متجاوزة كل الحدود السابقة ) مما سنفصل بيانه ونتحدث فيه بإسهاب إن شاء الله , وقد تلازم في هذه الفترة 54 - 55 أحداث أساسية في مصر والسودان لابد من التعرض لها ولأثرها على الجماعة وكذلك لابد من شئ من التفصيل لطبيعة نشأة العمل في المجالات المختلفة ونشأة الجبهة الإسلامية للدستور 55 وجريدة الإخوان المسلمين 56 وغيرها بإذن الله تعالي .

ويعتبر الكثيرون من الذين عاصروا هذه الفترة بأنها العصر الذهبي للجماعة لما اتسمت به من انطلاقة كبري في كل المجالات الداخلية والسياسية والاجتماعية وهي الفترة التي رسخت فيها المعاني الإسلامية في طبقات هذه الأمة بصورة مؤكدة ولنتناول بعض ذلك بالتفصيل.

ففي المجال الداخلي أنشئت المكاتب المتخصصة من عمال وطلاب ونساء غيرها وعكفت اللجان المتخصصة في وضع البرامج التربوية والإعدادية ووضعت موضع التنفيذ .

وقد قدم الأخ محمد خير عبد القادرعذرا أو تخلي عن رئاسة المكتب وتولاها الأخ الرشيد الطاهربكر وكان هذا من أقوي الدوافع لانسجام العمل بين الجماعة والشعب الخارجية إذ لا ينكر أحد أن شخصية الرشيد الهادئة الطبع كان لها أثرها في ربط القيادات المتعددة في بوتقة واحدة ( ولكن الله ألف بينهم ) وأطلق عليه اسم المراقب العام فيما بعد.

وهنا أري أن ننشر صورة لإحدى نشرات قسم نشر الدعوة 1955 لنري ما هي الأسس التي بني عليها العمل التربوي يومذاك الوثيقة ( رقم 2)

وتم حصر الإخوان في كل أنحاء القطر وجند الكثيرون للعمل في المجالات المختلفة أما في مجال الطلاب وقد كان دائما هو المجال الرائد بالنسبة لغيره فقد انتشر الإخوان الطلاب في كل المؤسسات التعليمية بحماس ودأب واضحين .

استطاعوا والحمد لله أن يوجدوا لدعوة الإخوان قواعد عريضة في كل المدارس واستطاعوا أن يكتسحوا لأول مرة انتخابات عديدة مما يضيق المجال لتفصيله .

تكوين الجبهة الإسلامية للدستور

وفي مجال نشر الدعوة فقد رأي الإخوان عام 55 أن يصيغوا شعاراتهم إلى واقع عملي بأن يأخذ الدعوة للإسلام. ولتطبيقه في المجتمع منحي عملي بالدعوة لوضع دستور إسلامي وأن يكون ذلك عبر تجمع إسلامي عريض يضم كل العناصر الدينية في البلد , وفي يوم 10/12/55 اجتمع مندوبو الجماعات الإسلامية الإخوان وجماعة التبشير, أنصار السنة , جماعة المحافظة على القرآن , جماعة السيرة المحمدية والطوائف الأخرى كالأنصار والختمية وكانت خطوة موفقة إذ اجتمعت كلمتهم جميعا على تعبئة الأمة السودانية للمطالبة بالدستور الإسلامي والعمل على تحقيقه بواسطة الاتصال بالقيادات والزعامات الموجودة .

واختير الأخ عمر بخيث سكرتيرا للجبهة الإسلامية للدستور , وقد كان عمر مساعدا للأخ الرشيد في المكتب الإداري حينذاك, ومما لا شك فيه أن مجالات الحركة في الجبهة كلها كان يقوم بها الشباب الإخوان وأنها كانت جزء من عملهم اليومي المطلوب انحازه ووفق خططهم .

وانطلقت الوفود لشتي البقاع تقيم الليالي والندوات في العاصمة والأقاليم وتم اتصال مكثف بالنواب لإقناعهم وتم اتصال بالزعيمين الدينين السيد عبد الرحمن المهدي والسيد علي الميرغني الذين لم يكن أمامهما إلا مباركة هذه الدعوة دون أن يقدما لها ما يتطلبه موقفها من وجهد أو تحرك أو تأييد وكان هذا دأبهما دائما ودأب حلفائهما من بعدهما ولا نريد أن نقف عند دستور الجبهة ولا ما حركته من غيره على الإسلام في نفوس الكثيرين ولكن لابد أن نذكر أن النفس البشرية كثيرا ما تغشاها غفلات وهفوات وريب حتى في المجالات الطبية الخيرة حتى من الإخوان فأنساها ما هو مصدر القرار لبناء هذه الجبهة والبوتقة التي خرجت منها وأن صح بأن التاريخ يعيد نفسه ( فقد تكرر ذلك ثانية عند نجاح جبهة الميثاق الإسلامي عام 65 ) بدأت حركة الانفلات والاستقلالية وانتهت بقبول استقالته الأخ عمر من الجماعة يوم 10/6/57:

الأستاذ عمر بخيتالعوض
بعد التحية , بالإشارة إلى خطابك بتاريخ 8/6 أن المكتب التنفيذي مع عدم اقتناعه بواجهة الأسباب التي ذكرتها في الاجتماع الذي تم بينك وبين المكتب كمبرر بوقوفك عن العمل ثم جعلها نفسها سببا لاستقالتك من التنظيم فإن المكتب لا يسعه إلا أن يقبل هذه الاستقالة أسفا راجيا لك ولكل عامل للإسلام التوفيق .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته .
صورة لرئيس لجنة العضوية
الرشيد الطاهر
سكرتير عام الإخوان المسلمين

وبالرغم من ذلك التعسر فقد استمرت الجماعة في تدعيم الجبهة ومدها بكل ما تحتاجه إلى أن أضعف أداؤها فيما بعد وانتهي دورها في نوفمبر 59 عند دور الأول للانقلاب العسكري الأول.

وفي مجال نشر الدعوة أيضا نظمت الدروس في المساجد والندوات في الدور خاصة نادي أمدرمان الثقافي والذي أصبح المركز العام للجماعة وكان لكل هذا العمل أثره حتى في المحيط السياسي فقد كان التركيز على ضرب الإخوان في مصر والأحداث التي شهدها مصر منذ 54, أثرها على الناس في هذا البلد وقد قام الإخوان في السودان بعكس صدي ما يجري للإخوان في مصر في الصحف والنشرات والمظاهرات وقدموا المعونات المادية لأسر المعتقلين وأبنائهم كانت تدفع ضمن اشتراكات الأفراد وكانت بذلك الحملة على مصر وعلى طاغيتها جمال في أوجها ونستطيع أن نقول بكل الفخر والإعزاز أن تلك الحملة هي التي غيرت مسار أكبر حدث في تاريخ السودان الحديث .

وذلك فإن عند انتهاء فترة الحكم الذاتي في ديسمبر 55 كان من المفترض أن يعرض في البرلمان على النواب أمران أما اتحاد مع مصر أو استقلال مرتبط بمصر وبريطانيا , ولكن المظاهرات التي اندلعت في كل بلاد السودان وإقناع أزهري أن يؤدي صلاة الغائب لشهداء الإخوان وأثر مذكرة طلاب الجامعة برئاسة الأخ دفع الله حاج يوسف كل ذلك وغيره حول مجري الأمور لتستقر بعيدا عن محور مصر بما فيه والنزوع نحو الاستقلال الكامل وهذا ما تم في أواخر ديسمبر 55 وإعلان الاستقلال بالإجماع...وإنزال العلم الانجليزي والمصري أول يناير 56.

وهنا أود أن أوقف معكم في مشهد لابد من ذكره يوم أول يناير 56 فقد أفاق الناس على صيحة الفرح بإعلان الاستقلال ودعيت جماهير العاصمة للمسيرة الكبرى من البرلمان إلى القصر الجمهوري لرفع علم البلاد صبيحة أول يناير ويبدوا أن جماهير الحزبين الكبيرين لم تقطن لطبيعة هذه المسيرة التاريخية ولم تعد لها عدتها إلا بأكثر من أن تحث الناس للاشتراك فيها إلا الحزب الشيوعي فقد دبر أمر بليل أن يكتسح هذه المسيرة ودبر الإخوان أمرهم بعزم وتدبير ويقين فأصبح الصباح ومئات الألوف من رجال ونساء العاصمة والأقاليم يبدونها من البرلمان القديم وعشرات اللافتات ( خضراء ( حمراء ) ترتفع بعضها شعارات يسارية سافرة وكثير فيها شعارات (الإخوان ) إسلامية سافرة واتخذ تنظيم الإخوان تكتيكا بالانتشار وسط الجماهير حتى تظهر الشعارات الإسلامية مغطية لكل الموكب وكل الساحة ولما كان هناك الشيوعيون لديهم إمكانات أفضل ومكرفونات وعربات ما ليس لدى الإخوان فليس من بد من الاستيلاء عليها بالقوة ( وقام شباب الإخوان بهذا الدور على أفضل ما يكون ركبوا أولا مع الشيوعيون في عرباتهم ثم قذفوا بهم بعد ذلك من فوقها واحدا أثر واحد واستعملوا ماكرفوناتهم حتى القصر الجمهوري ولم يكن هناك بعدئذ شعار غير إسلامية لا شرقية ولا غربية ) الشعارات الإسلامية الأخرى حتى أن الماكرفونات التي أعدت للإذاعة مباشرة نقلت هذه الهتافات لكل القص وكثيرون أكدوا ذلك فيما بعد ولكن الحزبية الماكرة استطاعت فيما بعد طمس ذلك وحذفه من كل تسجيل رسمي حتى الأشرطة الموجودة الآن والتي تعرض في مناسبات الاستقلال تعرض بطريقة لا يستطيع أحد أن يقرأ فيها نص شعار واحد إسلامي أبدا أو لم يكن هناك غي شعارات وهتافات الإخوان ولابد أن أذكر أنه بعد نهاية ذلك النصر الذي أحرزه شباب الإخوان وفتواتهما في ذلك اليوم.

التقوا في جمع حاشد في دار أحدهم الذي أعد لهم ذبيحة ولعلها أول ذبيحة إكراما للاستقلال جلسوا يتذكرون أحداث المسيرة وهنا انبرى للحدي الأخ الجزولي دفع الله في كلمة قوية عن أثر قوة التنظيم في ربط الجماعة , وكانت كلمة بليغة حقا ( لعل الأخ الجزولي نسي ذلك فيما بعد عندما نفي صلته بالإخوان وهو يرأس حكومة انتقالية ).

وفي الحفل العام أيضا تم إنشاء جريدة الإخوان المسلمون يونيو 1956 والتي لعبت دورا كبيرا في المجال الإعلامي للجماعة رغم قلة إمكاناتها ولكن كان لجهد الأخ الصادق عبد الله عبد الماجد وقوة عزيمته ما بارك في الجهد القليل ليكون نتاجه كبيرا ومؤثرا .

متى تم تأسيس عمل الأخوات المسلمات ؟

ففي هذه الفترة انطلقت الدعوة بنشاط واسع وحركة حثيثة تغطي كل المحاور وتسهك في كل المجالات السياسية والاجتماعية والتربوية والتنظيمية ولكي يوضحها المرء على قدرها الحقيقي فإنه يحتاج إلى ذكر تفاصيل كثيرة جدا , ولحسن الحظ فإننا سوف ننشر فيما بعد وثائق أصلية تعطي القارئ صورة حقيقية عن طبيعة هذه الأنشطة وكثافتها , وينعكس ذلك في النشرات الدورية التي كانت تصدر بانتظام , عاكسة لكل أوجه النشاطات التي يسمح بنشرها ولكن نحاول هنا أن نعطي الذكر أهمها مما يسهم في الوصول بنا إلى حقيقة تطور حركة الإخوان ونموها وثمارها في هذا البلد , وقد ذكرنا بشئ من التفصيل قيام الجبهة الإسلامية للدستور وأود هنا أن أبدأ بالمرأة أيضا , وسأقف في هذا المجال عند تفاصيل عديدة بغرض ضروري هو تصحيح الكثير من الخطأ الذي نشر في هذا المجال أذكر كتاب حسن مكي في رسالته.

فلم يكن هنالك قبل 53 بداية عمل وسط المرأة السودانية إلا عند تلكم الانتماءات الإسلامية العامة التي كانت وسط الطلاب فكانت المحاولة لاستقطاب بعض الطالبات بالجامعة كالأخت فاطمة طالب والأخت أمينة أم بابي وسعاد الفاتح وذلك قبل أن يكون للجماعة كيان أصلا فدعونا الطالبة سعاد , وفاطمة طالب , وثريا أم بابي, وكلوم عمر وبثينة الشيخ ,وزكية مكي , وغيرهن للقاء بهن في أمدرمان عرضنا فيه فكرة أن نعمل معا وأن نبدأ وسط النساء عملا إسلاميا مضاد للعمل اليساري المتسع يومذاك وتقول وقائع تلكم الجلسة المكتوبة أنهن أيدين حماسا للعمل وكان من أشق الأعمال حينذاك أن نحاول ثانيا أن نصنع منهن لبنات قوية ينبني عليها تنظيم للأخوات المسلمات بجانب التنظيم الرجالي الذي بدأت معالم بنياته تكبر ولكني يكون داعيات دين, لا محترفات سياسة واتفق على أن يقوم العمل على شعبتين .

الشعبة الأول دروس لهذه المجموعة الأولي في أصول الدعوة تكفل بها الأخ محمد خير عبد القادريرافقه عيسي مكي واستمرت فترة طويلة بانتظام والشعبة الثانية كانت في مجال العمل العام تساعدهن لجنة مختارة من الأخوات أذكر منهم دفع الله حاج يوسف وأحمد عوض الكريم , وإبراهيم هارون, سميناها اللجنة الثالثة وقررنا أن تبدأ هذه الشعبة بعمل إعلامي مكثف وأن يكون دورهن فيه دور الوسيط فقط ومن هذا المنطلق بدأنا والحمد لله وأصدرنا (مجلة النور ) تكتب باليد وتحتوى مواضيع شتى دينية واجتماعية لكي تلج بها وسط تلكم الساحة التي كانت تذخر بالدعاوي الشيوعية والحزبية والطائفية الجاهلة وهنا أراد الله تعالي ما لم يكن في حسباننا أبدا أن ( انتشرت النور ) في المدارس وغيرها بصورة ما حسبناها ولا قدرناها من قبل كان ( العدد) الواحد في المدرسة الوسطي تتبادله العشرات ولا يكفي , وكنا نرسله لمن يتصل بنا من الأقاليم , كانت مثلا حكمات حسن سيد أحمد , وأخواتها التي بالجمعية التأسيسية تكتب كل أسبوع تقريبا بحماس وغيره شديدين , كان نتيجة ذلك أمران ( وأمر ثالث أتي من بعد) أما الأمر الأول فأصبح أمامنا جموع من المطالبات بالانضمام للأخوات ليس لدينا مواعين و محاضن عديدة لاستيعابهن وفق المنهج , ولا لتربيتهن, ولا كوادر تقوم بذلك, فالمجموعة الأولي كانت لا تزال توالي دروسها مع الأخ محمد خير عبد القادر, والأمر الثاني أن هذا الانبعاث الإسلامي آثار الحركة الشيوعية السودانية إثارة المرأة السودانية من جهالة وتخلف وعادات وثنية هي أكبر حافز للسيطرة عليها ببريق الشعارات اليسارية من حرية ومساواة , وتجعل لليسار اليد الطولي إلى الأبد فنظمت هجمة شرسة وحملة منظمة على المجموعة الأولي وكل أخوات الصفوف التالية .

معركة ما كنا ( قدرها ) ولا خبرنا من قبل مثلها اتهمن في أعراضهن , وأشينت, حتى هرب البعض منهن ومسك بعض الآباء بناتهن , ولكن أني لعمل بشر ما كان له من الله معين أن يسحق أساس بنيان وضع على نية يقين صادقة فما كنا نريدها سياسة انتخابية وما أردنا لنيل جاه أو مال فوقفنا الله وحده أن نتجاوز تلك الهجمة الشرسة وأن نتخطاها فرحين وذلك عندما استفزنا الإخوان لكي يدعون شقيقاتهم وأزواجهم وبناتهم .

وهؤلاء الفتية أمرهم عجب !! حينما يستجيبون ولا يبالون بنكد ولا صلف في سبيل دين حق فإذا بأفواج من بنات الإخوان وشقيقاتهن فوج أثر فوج يهرعون كانت بداية الأخوات المسلمات هنا , فكونا مكاتب لمواجهة العمل ( اللجنة الثالثة ) وهو اسم حركي من دفع الله , أحمد , عيسي , إبراهيم , ولجان تخصصية لوضع البرامج الخ.. وعلا صوت نشيد الأخوات عاليا تردده البنات في المدارس والدور .

أى نور لاح خدر النساء مشرق بالحق موفور الضياء

صافي الأغراض محمود النداء

داعيا لله في عرس السماء

أنه الإسلام يا أخت الصفاء

أى فجر هل في ليل الظنون

أى صبح طل في عبث المجون

أنه " الأخوات " منهاج ودين

أى ثوب قمن منه يرتدين

أنه الإسلام ... منهاج السماء

أيها التاريخ قف سجل حقيقة

موكب الأخوات قد شق طريقه

يستمد العون من رب الخليفة

يا فتاة الجيل هيا للنداء

موكب حفته هالات سنية

ينشر الإيمان في قلب البرية

يرسم النهضة للبنت الشقية

في حدود الدين , والفكر النقية

لكي يا أختاه من الشعب تحية

أنت نور خاص في رحب الفضاء
عبد الحميد مدثر

وأصبحت ( النور ) تتخطفها الأيدي في العاصمة والأقاليم , وكانت عملة نادرة قلنا إن نتيجة ذلك كان أمران الأول هذه الوفود النسائية للدعوة هو أكبر مما كنا نظن والأمر الثاني قلنا هو رد الفعل العنيف في الوسط النسوى الذي كان يقوده الاتحاد النسائي بشتى اتجاهاته , أما الأمر الثالث الذي واجهناه هو النزعة الفردية للانفلات من قيود العمل الجماعة وسط الأخوات في نفوس بعض المسئولات ومحاولة فتح مجالات خارج محو الأخوات وهذا أمر طبيعي خاصة ممن لم ينشأ في أحضان هذه الدعوة أو ينصقل برشدها .

وتقرر أن تصدر مجلة رسمية تنطق باسم الأخوات واختير لها اسم ( المنار ) وكانت المجموعة الأولي تتولي أو تحاول أن تتولي إصدارها وكانت تجربة ثرة , وحاولت اللجنة الثالثة أن تقومها وأن تجعلها مجلة تضارع ( صوت المرأة ) الشيوعية .. وكان لابد أن تتوقف بعد حين ..

ودخل عنصر جديد أثر على طبيعة العمل , وهو شعور الكثيرين من الأيد من دعم هذا العمل والانتقال به من ( الفرد المسلم إلى البيت المسلم ) من خلال تزويج الراغبين من شباب الإخوان ( كانوا في ذلك الحين أغلبهم شباب لم يتأهل ) بالراغبات من الأخوات , وهنا كون الأخ مدثر عبد الرحيم وآخرون جمعية تسهيل الزواج التي لم تستمر طويلا وتمت زيجات ناجحة وأخي غي ذلك , وتأسست أسر إسلامية صرفه.

ولكن بعد ذلك وباتساع العمل وتشعبه وتدخلات إشكال التنظيم المعهود , فتوقفت فاطمة طالب . وذهب محمد خير عبد القادر, وتعثرت ( المنار ) وتوقفت , وسوف نعود لختام هذه الرواية لأنه مرتبط بعلاقاته بالأجهزة الأخرى إن شاء الله .

وثائق
بسم الله الرحمن الرحيم

تحية من عند الله طيبة مباركة سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد لا شك أنكم تدركون هذه الفترة الانتقالية الحرجة من تاريخ دعوتكم فقد بلغنا شوطا بعيدا في المرحلة الأولي مرحلة السرية وقد آن الأوان لكي تظهر الدعوة في المجالات العامة وهذا الظهور يتطلب من جهادا متواصلا لنبرزها في الثوب اللائق بها ويتطلب من دائما أن نستشعر معي الآية الكريمة ( إن الله اشتري من المؤمنين أموالهم وأنفسهم بأن لهم الجنة ) فقد جاء أيها الإخوان زمن المباع فما علينا إلا أن نسارع لتقديم أموالنا وأنفسنا في سبيل هذه الدعوة وهي في أشد الحاجة إلينا وأظنكم لا تفي عليكم أهمية الجريدة لنشر أى دعوة من الدعوات فقد راودت هذه الفكرة عقول معظم الإخوان ونادوا بالعمل من أجلها وأخيرا فقد أقدم مكتب الإخوان التنفيذ على هذا العمل الفخم وقدم لتصديق جريدة باسم الإخوان المسلمين وهو ما أقدم على هذا العمل إلا لثقته في الله وثقته فيكم .

وستكون هيئة الإخوان هي صاحبة الامتياز ولكن ستكون شركة غير رسمية وتتكون هذه الشركة من أسهم يدفعها الإخوان فقط وستكون نواة لشركات عدة ينوي الإخوان إنشاءها في القريب العاجل إن شاء الله وقد حددت فيه قيم السهم بجنيه واحد لكي يتمكن إخوانكم طلبة المدارس الاشتراك فيها , أما إخواننا في الأسر الخارجية والذين تقع على عاتقهم هذه المؤسسة فيجب أن يبذلوا كل ما عندهم لشراء هذه الأسهم حتى نسرع العمل ولكي يتمكن كل أخ من شراء أكبر عدد من الأسهم فقد رأي المكتب أن لا يضع حدا أدني لأسهم الأخ وإنما ترك ذلك لإمكانيات الأخ وحرصه على نجاح هذا المشروع .

وأخيرا نناشدكم بالله الإسراع في هذه المهمة كما نذكركم بأن الأسهم يجب أن تصل في أوائل هذا الشهر – سبتمبر – ولكى نسرع في إنجاز هاذ المشروع قبل فترة تقرير المصير.

ملحوظة : ترسل الأسهم باسم , أحمد الشريف , تاجر بالخرطوم بحري ص.ب نمرة 41

والله المستعان
والله أكبر ولله الحمد
السكرتير العام الرشيد الطاهر
الحمد لله ب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين

حضرة الأخ الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد , ففي الحياة العابثة وفي قمرات اللهو والمجون ارتفع صوت يدعو إلى الله القوي العزيز وانبعثت صيحة الحق تدعو إلى الإسلام الحنيف فاستجاب لداعي الحق كل حر أبي وأمن برسالة النور كل مغصوب حريته مسلوب حقه مضيع ماله فأصبح لدعوة الإسلام جنودا وتكتلت حول راية ورسول الله صلي الله عليه وسلم قوي هزت أركان الباطل وزلزلت دعائمه وهنا خشي سلمان الظالم على نفسه أن يتبدد والمستعمر على ممتلكاته أن تزول والصهيونية على أمالها أن تتلاشى وتعاونت هذه القوى على الخبيثة على الاسم والعدوان فأوعزت لعملائها للفتك بدعاة الحق وللدكتاتورية العسكرية في مصر أن تبيد الإخوان عن أخرهم .

فكان القتل والتعذيب والمشانق والسجون والمعتقلات حتى بلغ عدد المعتقلين إلى يومنا هذا 10 ألفا استجابة لصراخ طفل ولا شفقة لأنين أم ولا إغاثة مريض ومن سولت له نفسه الكريمة في مصر بمساعدة أسرة كان مصيرها السجن الرهيب العذاب الشديد.

ووسط هذه الظلمات الحاكمة وتلك الأنات الحزينة تمد مصر الشقيقة يدها إلى السودان المسلم تسأله العون وترجو على يديه الخير ( والمسلم أخ المسلم ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته , ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) وقال تعالي ( أن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم )

والله أكبر ولله الحمد
الرشيد الطاهر
سكرتير جماعة الإخوان المسلمون

_________

الإخوان المسلمين
الله أكبر ولله الحمد

( اللهم أنك تعلم أن هذه القلوب قد محبتك, والتقت على طاعتك وتوحدت على دعوتك , وتعاهدت على نصرة شريعتك, فوثق اللهم رابطتها , وأدم ودها وأهدها سبلها )

الاجتماع الثاني للهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين عيد الأضحى المبارك عام 1375 هـ

الأجندة : -

1- افتتاح وتعارف
2- انتخاب سكرتير الجلسة
3- خطاب المكتب
4- مناقشة الخطاب
5- مناقشة الاقتراحات المقدمة من قبل الإخوان

المسئولون : -

1- الأمين العام – محمد صالح عمر
2- نائب الأمين العام – جعفر شيخ إدريس
3- أمين مكتب التنظيم والتربية – جعفر شيخ إدريس
4- أمين المكتب السياسي – حسن الترابي
5- أمين مكتب الفئات – مبارك قسم اللهربيع حسن أحمد
6- أمين مكتب الطلاب – على الحاج , على جاويش
7- أمين مكتب المال – صلاح أبو النجا
8- أمين مكتب المرأة –
9- أمين العلاقات العامة , محمد صالح عمر
10- أمين مكتب السياسي , محمد يوسف – الكاروري, محمد صالح عمر , جعفر شيخ إدريس ( على أن تقيم أعمال جعفر بعد ثلاثة أشه لمعرفة مدي تأثير عمله في المكتب السياسي على عمله الأساسي ) حمدي – ياسين عمر

اجتماع المكتب المنعقد بتاريخ 20 /6/1997

الحاضرون:

1- على الحاج

_________

قرارات مجلس الشورى

اجتمع مجلس الشورى في يوم الأحد 24 / 10 / 1965 وتدارس الموقف السياسي الراهن بعد فض الائتلاف بين حزبي الأمة والوطني الاتحادي وقرر الأتي : -

1- عدم الدخول في أى حكومة بها شيوعيون لأنهم عناصر لا تؤمن بالله ويجب عزلها ودخولنا معها في حكومة يرفع الحرج عن أى مجموعة تتعاون معهم كما أنهم عناصر غير وطنية وغير مسئولة ولذلك يجب عدم إشراكهم في أى جهاز تنفيذي أو وضع سلطة في أيديهم لأنهم يستغلونها استغلالا سيئا ويتصرفون بطريقة غير مسئولة .
2- العمل لتأليف حكومة من الوطني الاتحادي والأمة والشعب الديمقراطي والميثاق وذلك لكي .

ب/ توزيع الاختصاصات: -

1- الرئيس, ينتخب المكتب رئيسا من بين أعضائه لإدارة جلساته ولا يتمتع بأي سلطات خاصة ويقوم بما يكلف له.
2- الأعضاء تحدد اللوائح الأعمال التي يقوم بها كل عضو وتوزع فيما بينهم ألوظائف .

ت/ واجبات المكتب التنفيذي :

1- قيادة الإخوان ووضع سياستهم توقفا لتوجيهات المجلس وعليه تنفيذ قرارات مجلس الشورى.
2- مراقبة سير التنظيم وأحوال الدعوة .
3- أن يقدم تقريرا سنويا للمجلس بالمنجزات

مادة ( 16) التقرير المركزي:

أ‌. يتكون المؤتمر بالتمثيل النسبي للإخوان في كل الأقاليم
ب‌. يجتمع المؤتمر مرة كل سنتين أو بدعوة خاصة من المكتب التنفيذي
ت‌. يبحث المؤتمر في اجتماعاته ما تيسر من شئون الإخوان ويقدم توصياته عما يشاء

الباب الخامس التنظيم الإقليمي

مادة (17) الشعبة :-

أ‌. تشمل أعضاء الجماعة في منطقة يحددها المكتب
ب‌. مكتب الشعبة
ت‌. ينتخب أعضاؤه كل عام من بين الإخوان الذين قضوا عامين في الدعوة
ث‌. وظائف مكتب الشعبة
ج‌. تماثل وظيفة المكتب التنفيذي في حدود منطقته.
ح‌. له الإشراف على النشاط الثقافي
خ‌. له التصرف في عضوية الشعبة بالقبول أو الفصل وتستأنف قرارات الفصل لدي المكتب التنفيذي .

د‌. الأسرة : -

وحدة تنظيمية ذات مهام إدارية وتربوية واجتماعية
أ/ إدارية تبليغ الإرشادات وأخذ الرأي والمشورة في أمور الجماعة وجمع الاشتراكات

من وثائق الجبهة الإسلامية للدستور عام 1954

قال تعالي :

( أفحكم الجاهلية يبغون )

( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )

( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )

أيها الشعب السوداني

ها نحن نقدم إليك دستورك مستمد من عقيدتك وتقاليدك وحاجات بلدك, لتحيا حياة كريمة في ظل دستور إسلامي وحكومة عادلة رشيدة .

ها هو دستورك نقدمه إليك مستمدا من كتاب الله وسنة رسول الله ومن جهود المسلمين الفقهاء القدامى والمحدثين المتمثلة في الفقه الإسلامي وفي الدستور الإسلامي الباكستاني وفي الدستور السورى والمصري غيرها من الدساتير التي تتفق مع روح الإسلام وطبيعة المجتمع المسلم .

هذا وأن الجبهة الإسلامية للدستور تؤمن إيمانا لا يتطرق إليه أدني شك في أن الشريعة الإسلامية من عند الله عزوجل وأنها من المرونة والشمول بحيث تتبع وقت أو عصر عن تلبية حاجات المجتمع وتوجيهه ودفعه نحو الكمال .

وما الجبهة الإسلامية للدستور أيها الشعب السوداني الكريم إلا محاولة مخلصة صادقة لضم الصفوف وتوجيه جهود المسلمين الصالحين ليعيد مرسوم وبأسلوب مدروس ينبع من صميم الدعوة الإسلامية المرض والخوف وأنها ليست حزبا سياسيا بذلك المعني .

ورفع مستوى المواطن

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالي ( إن الذين قالوا بنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في حياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ).

صدق الله العظيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.

إبطال الدعوة الإسلامية بمصر بيان عن حالة الإخوان المسجونين
الآن يصفي السجن الحربي ويوزع من به الإخوان على السجون العمومية وذلك بمقتضي أحكام سرية حتى إذا أعلن السفاح الحياة الدستورية أعلن معها أن المعتقلات خالية من المعتقلين.

الإخوان في السجون في شقاء ففي طرة مثلا يقطعون الأحجار وفي سجن قنا وسجن الواحات يمهدون الأرض ويزرعونها .

مات ويموت الكثير ممن في السجون نتيجة المعاملات القاسية والتعذيب والبرد ويدفن من يموت منهم في الصدقة بدون أخطار أهله حتى إذا ما سألوا عنه كانت الإجابة أنهم أفرجوا عنه وأنه هرب وأنهم لم يعثروا له على أثر.

طلب الطلبة المعتقلين من الإخوان تأدية الامتحانات في السجون فلم يسمح لهم.

الإخوان خارج السجون مضيق عليهم إلى أقصى حدود التضيق فهم يوضعون في سجون لا تدخلها الشمس والهواء وفي هذا الأسبوع فصل 150 أخا من الشباب خريجي الجامعات في العام الماضي دون سابق إنذار إذ لم يشعر كل واحد منهم إلا ورئيس عمله يخبره بأنه قد جاء أمر بطرده فورا .

الأسر حالتها سيئة وجميع الموظفين المسجونين قد فصلوا من أعمالهم , وبدأت حملة جمع التبرعات لأسر الإخوان وكان أفراد الإخوان يجمعونها شهريا ضمن التزاماتهم التنظيمية وينظم طريق إيصالها لمصر بانتظام .

كيف حاول عبد الناصر اختراق الإخوان بالسودان ؟

قصة المخابرات المصرية مع جماعة الإخوان

قلنا وكان لابد الأجهزة المخابرات المصرية أن ترد على هذه الحملة الأصيلة المكثفة التي دبرها الإخ وان ونفذوها لنصرة الجماعة الأم في مصر من تغول الهجمة العلمانية الحاقدة على الدعوة والتي أسفرت عن ضربات موجعة ضد الأفراد والجماعة بالسجن والتعذيب تلك الحملة التي كان لابد منها لنصرة الإخوة الأشقاء في مصر وكان لابد من أن يثير ذلك غضب أجهزة عبد الناصر وكان المدخل ورد الفعل من تلكم الأجهزة هو محاولة النفاذ إلى داخل هذه الجماعة الناشئة بالسودان والتي كانت تمر بمرحلة تاريخية حاسمة (55- 56) وكان الخطة هي غزو الجماعة من الداخل وهنا لابد أن نحكي طرفا من ذلك.

وقد كان لوجود الأخ جمال عمار ومصطفي جبرأثره وسط شباب الإخوان وهما أتيا مهاجرين ونالا حق اللجوء في هذا البلد المضياف وعاصرا أحداثها منذ 54 إلى سنوات كثيرة عامرة بالفعل والجهد بعد ذلك عاشا معنا فكانا نعم الأخ والصديق والمعلم ولكن ما كان لحكومة جمال عبد الناصر بكل جبروتها أن تقف مكتوفة الأيدي لتحدي جماعة الإخوان في السودان لها وفد أشرنا من قبل إلى الدور الرائد الذي لعبه الإخوان في تحويل مجري الأحداث والاتجاهات قبل الاستقلال وداخل البرلمان حتى اجتمعت كلمة السودانيين على الاستقلال الكامل فأضاعت على عساكر مصر فرصة الهيمنة على هذا الشعب التي سعوا لها حثيثا وما كانت حكومة حانقة على الإسلام وعلى جماعة الإخوان تقف من وراءها كل القوي الصليبية والشيوعية العالمية أن تقف مكتوفة الأيدي أمام أكبر تحدي يواجهها في شق هام من بلاد الإسلام هو السودان ولكن ما كان هنالك أدني مجال لهم حتى إعلاميا والإخوان يمتطون رهانا رابحا وتتجاوب معهم أمة مسلمة في بلد ديمقراطي حر.

فكان المدخل أنذر أن يحاولوا غزوا الجماعة من داخلها والانحراف بها مدخلا للسيطرة عليها فيما بعد وهذا إجراء طبيعي نذكر طرفا منه .

دعوني أحكيها لكم فالكثيرون حتى ممن عاصروها ما أدركوا أبعادها والكثيرون ممن أدركوها ما علموا بواطنها , خاصة وأن محاولات الحكومة المصرية لاستبعاد جمال عمار ومصطفي جبروإرجاعهما إلى مصر باءت بالفشل إذ اصطدمت برفض السودانيين القوى لكل تدخل مصري في أمر السودان .

ظهر في 1954 أستاذ مصري في الكلية المصرية ( فرع القاهرة بالخرطوم أخ ملتحي ذو وجه صبيح وقامة فارهة وشخصية فذة ومتحدث باهر ( دخل علينا في الجماعة وسرعان ما تجمعنا حوله يبيت معنا في الكتائب التعبدية ويخرج معنا للمعسكرات ويشدد في التمسك بالتدين وما زالت أحاديثه عميقة الأثر في نفوس الإخوان الطيبين تترى , وهو يقول بهدوء وثقة ( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة في النار إلا حصائد ألسنتهم ) وقد كسب قلوب الإخوان بيمينه وضماهم إليه بشماله.

هو الأخ الأستاذ نصر الدين محمد السيد وكذلك انطلقت زوجته سعاد عفيفي وسط تجمعات الأخوات أولا ثم المجتمع النسوى السوداني بصورة عامة كداعية اختلطت بالنساء بصورة لفتت إليها الأنظار ودخلت على الأسر وعاشت بينهم وتقبلوها وفتحوا لها صدورهم مرحبين .

وبدأ نصر الدين يجند بعض الإسلاميين الذين تأكد لديه وقوعهم تحت سيطرة شخصيته سيطرة كاملة وبعث بأحدهم ليكون عينا له في أكبر الأحزاب المسيطرة حينذاك وأكبرها .

وادي ذلك الرجل دوره كاملا حتى تمكن وتبوأ منصب قيادي رفيع في ذلك الحزب هناك كان لهذا الأمر شأن خطير من شئون هذا البلد الطيب دعونا نكشف عنه لأول مرة , وهو موضوع لا يعلمه من هذه الأمة الطيبة إلي يومنا هذا إلا ثلاثة أفراد ولا أجهزة الأمن العريقة وإن كانت قد اكتشفت شطرا منه أجهزة مخابرات ذلك الحزب في حينه وتلقي هذا الأخ صدمة كادت تؤدي به يومذاك.

كان ذلك عندما تقرر أن يحضر الرئيس محمد نجيب لزيارة السودان في مارس 1954 وقرر الأنصار أن سيطروا على الموقف والموكب من المطار حتى القصر وكان أن تقررت خطة محكمة لذلك في لقاء مقفول حتى لا يسمع نجيب والوفد التابع له سوى كلمة الاستقلاليين وحدها . .. الخ وقبل وصول محمد نجيب استطاع نصر الدين أن ينقل تلفك المعلومات التي نقلها له ذلك الأخ كاملة إلى مصر , ونتيجة ذلك تغير مسار موكب نجيب مما أثار الأنصار وأفزعهم وهيج جموعهم وكانت أحداث مارس الحزبية الدامية المفجعة المعلومة أشرت إلى تلك الحادثة ولا وثق حقيقة نصر الدين محمد السيد والدور الذي كان منوطا به أن يلعبه والمؤامرة التي حاكها ومن كان معه , وكيف استغل ذلكم الأخ / ثم بدأ إشارات نصر الدين في لقاءاته بنا عن خلافات الإخوان في مصر ومشي أبعد من ذلك حيث بدأت أحاديثه عن أخطاء المرشد وهكذا وهكذا وجاءتنا كذلك الأخوات يردن أن نحدد لهن موقف الجماعة في السودان من كبر وكثرة أخطاء القيادات في مصر يا سبحان الله هو ما كانت تقوله لهن سعاد عفيفي في الوقت الذي كانت الجماعة كلها متجهة نحو مساندة الإخوان المسجونين والذين عذبوا وقتلوا تقتيلا وكاد بعض الإخوة بطيبة نفوسهم أن يتأثروا بما كانوا يسمعون منه ( هي تلكم الثقة في النفوس الزكية الصافية التي جعلت وفيما بعد كل داعية ذي غرض أن يستغلها فيهم ) ولا أشين بذكر ذلك إخواننا ولا طبيعة فيهم إنما كانت هي سمات المجتمع المؤمن المسلم منذ العهد المدني الأول في أحداث كثيرة يشار إليها وفي تاريخ الجماعات الإسلامية كلها .

وفي نفس الوقت ظهر داعية خطيب أخر قوي النبرات مصري الجنسية في مسجد أمدرمان الكبير, الذي كان منبرا واسعا للعمل الإسلامي يومذاك لوجود المعهد العلمي بالمسجد , أقام هذا الشيخ الدروس والمحاضرات كان ساحرا الكلمة جذابا بصورة مدهشة كان عندما ينادي ويقول بصوت جهور عالي " يا أصحاب محمد .. يا أصحاب العمائم البيضاء صلوا على رسول الله " والتفت حوله جماهير غفيرة افتتنت به عبر المساجد .. ( هو عبد الحافظ المصري ) ولكن الله تعالي أراد أن يضع خاتمة لهذا المشهد ويرد لطغاة في مصر مكرهم الذي مكروه فجاء الإخوان المصريون الهاجرون يهرعون !! وحذرونا وكشفوا عن مهمة خذين المصريين ولكن كان الأمر يحتاج إلى برهان وتوثيق فكان البرهان والتوثيق الذي نبحث عنه أقرب مما نظن إذ قاما معا بفتح دار باسم دار الثقافة المصري في الملازمين قامت الدار فجأة في مستوي رفيع وفي ليلة خميس ( مباركة ) أعلنوا عن افتتاحها وتسلل بعض الإخوان مختارين ( دفع الله حاج يوسف , محي الدين يوسف , عصام بدري وآخرون بقرار من مكتب الشعبة ) وكان مشهدا فذا فريدا لا تستطيع الكلمات أن تستوعب بهاءه ولا لذة نتائجه ولا حلاوة أحداثه ( أخوننا أولئك بارك الله فيهم )

هم أوقفوا المصريين وضيوفهم مضطرين مجبرين على أرجلهم حدادا على سيد قطب الذي أشيع أنه قتل ووقف ضابط الجيش المصري الكبير الجهوري الصوت يتوارى وراء المنبر خوفا وفزعا بعد أن ظهر لكل الجمهور الذي امتلأت به مقاعد الدار أن الإخوان المسلمون يسيطرون على الساحة وأنهم كالأشباح في كل ركن تصدع هتافاتهم بصيحات الحق وتقدح عيونهم بشرر كالقصر كأنهم جمالات صقر ويدوى هديرهم كالرعد, وأقفلت دار الثقافة دار الثقافة المصري في ليلة افتتاحها الذي أمه المئات وأصبح الصبح على الدار وهي خاوية وقامت سلطات الأمن السودانية بإعطاء الداعية الكبير ضابط المخابرات المصري الذي اتخذ من مسجد أمدرمان منبرا له مهلة 48 ساعة غادر البلاد بعدها مطرودا وبقي نصر الدين محمد السيد فترة اضطر بعدها أن يختفي وانتصرت رب الناس للمستضعفين من الناس وعلم جمال سالم أن محاولاتهم للتسلل وسط الجماعة وتوجيهها وانحرافها والسيطرة عليها من الداخل كانت مستحيلة حقا .

واستمرت الحملة ضد مصر في أعلام الجماعة ووصل عدد من الإخوان السودانيين الذين كانوا قد حكم عليهم أحكاما متعددة وصلوا إلى السودان وكانوا نعم الوفد جاء وكان لهم بعد ذلك دور رائد وقام الإخوان بنشر أهم رسالة وجهت لرؤساء وملوك الدول العربية على نطاق واسع تلكم الرسالة التي كان لها الأثر في كشف وإضعاف موقف الحكومة المصرية خاصة عندما توسط خادم الحرمين بعدها في موضوع تنفيذ أحكام الإعدام وأدرك الطغاة أن الأم لم يعد يهم المصريين وحدهم وكان الجهود مستمرة في ذلك الأثناء لإكمال بناء أسس التنظيم أو وحداته الأساسية فواصلت لجنة العضوية التي انتخبها المؤتمر عملها للدعوة لأول هيئة تأسيسية للإخوان المسلمين بالسودان .

وبعد عملية حصر العاملين في القطر بعمليات دقيقة متأنية ثم اختيار المندوبين وفق شروط العضوية التي حددها المؤتمر وكانت هناك لجان تخصصية منها لجنة صياغة مسودة الدستور .

وفي أول يوم من أيام عيد الأضحى 1374هـ الموافق 1955 م جلس إخوان الهيئة في ذلك اليوم المبارك واختير الأخ عوض عبد الله رئيسا للمرة الثانية وبعد تقي السكرتير العام الأخ الرشيد الطاهرتناول اللقاء مسودة أول دستور للإخوان وبدأت جلسات طويلة تم فيها نقاش بنود الدستور كلمة أثر كلمة وأخيرا أجيز في صورته النهائية والتي لم يستطيع أحد أن يمسها بتبديل أو تغيير إلا في عام 62 في مؤتمر العيلفون المشهور مما سنشير إليه مفصلا فيما بعد.

وفي هذا اللقاء اتفق على أسماء ثلاثة إخوان ليكونوا هم المتحدثون باسم الجماعة هم رشيد الطاهر وصادق عبد الله وعمر بخيتكما تم وضع سياسات العامة في المجالات المحلية ونستخلص هنا جزء من البيان الذي صدر من المكتب عن نتائج أول هيئة تأسيسية للجماعة .

وثيقة
تعلمون أيها الإخوان أن مؤتمركم الذي انعقد في عيد الأضحى 1373هـ قد أقر قيام هيئة تأسيسية وتراقب الجهاز التنفيذي وتحاسبه وتكون للإخوان بمثابة الهيئة التشريعية تحدد معالم الطريق وتبين طريق العمل ولقد كان العام الماضي من عمر الدعوة مليئا بالحوادث والأحداث مما جعل بعضنا يخشى ألا يتم اجتماع الهيئة التأسيسية كما رأي المؤتمر الضرورة ملحة لذلك ولكن عناية الله التي ظلت تكلا هذه الدعوة منذ أن بدأت فتنزل من طريقها كل صعب وتبدد من آفاقها كل ظلم .

وإذا بأعضاء الهيئة من كل مكان ممثلين للإخوان في كافة بقاع السودان في أول يوم من أيام عيد الفداء لعام 1374هـ وكان ذلك الاجتماع الدليل الأول والأكبر على الحرص الذي يملأ نفوس الإخوان على أن تشق دعوة الله طريقها الواضح فتهدي النفوس الحائرة بين مختلف السبل .

لقد ناقشت الهيئة مشروع الدستور الذي قدمه المؤتمر السابق فعدلت بعض النصوص وأقرت البعض ..وسوف يصلكم هذا الدستور المفصل بإذن الله موضحا اسم الهيئة ومقرها وموضحا أهدافها .

كما تم اختيار المكتب التنفيذي وانتخب الأخ الرشيد سكرتيرا عاما وأعيد اختيار لجنة العضوية السابقة وبهذا تكون الجماعة قد أرست لأول مرة القاعدة التنظيمية الرئيسية التي يتشيد عليها كل العمل وتحدد المسار وتفصل علاقات الأجهزة ببعضها البعض , ومن هنا كانت الانطلاقة التي أشرنا إليها في صفحات سابقة في المجال العام ونشر الدعوة والدستور الإسلامي .

وعلينا أن نتطرق بشئ من التفصيل لما تم انجازه في المحاور الأخرى أيضا في هذه الفترة 54 -58 ففي مجال الطلاب انفتح باب العمل والبذل على مصراعيه بعد أن تمايزت الصفوف وصدر أول بيان يوجه العمل وسط الطلاب.

جزء من البيان
في الفصل وفي الداخلية وفي النادي وفي الملعب يجب أن يكون الأخ نموذجا حيا للإسلام فالأخ يجب أن يكون أكثر الطلبة نظافة في قلبه وذهنه ولسانه وجسمه وكراساته وكتبه حتى يكون غريبا وسط الفوضي والفساد الضارب حوله فإذا استطعنا أن ننفذ ونحقق هذا فإن الإسلام يكون قد انتصر في نفوسنا فندعو غيرنا إليه ونحن مطمئنون .

هذه الكلمات المضيئة لو اتسع المجال لنلقناها كلها للقارئ هذه الكلمات كان لها فعل السحر في مجتمع كان جاهليا بطبول الجهالة والفساد, تعالوا نحمد الله وحده الذي جعل نور دعوته يشرق في أهم ساحة من ساحات الشباب فلم يمر عام أو أكثر حتى كانت الدعوة تجتاح كل المعاهد وتكتسح كل القواعد وتزدهر من كل دور العلم وسوف نخصص صفحة كاملة عن تطورها في مجال الطلاب بشئ من التفصيل بإذن الله .

وفي مجال العمال :

( كان العمل في مجال العمال بدا متأخرا ولكن لابد أن نذكر أنه كان للأخ يسن عمر سبق في هذا المجال وقام بمحاولة طيبة ولكن لم يبدأ العمل بصورة حقيقة إلا عام 57 بتكوين مكتب من الأخ المرحوم معاوية عبد العزيزوأبو القاسم عبد القادر صالح ( الآن موجه فني بالقسم الفني بوزارة التربية ) والأخ أحمد صادق ... ولكن فيما يبدو أن لطبيعة تكوين الجماعة ( الأسرى ) حيث كانت كل الوحدات التنظيمية تضم بين جناحيها شتى الفئات من موظفين وعمال ومعلمين لم تثر الحاجة الشديد لقيام عمل منفصل أو يبدو أن اهتمام الأجهزة بمجريات الأمور حينذاك ( الدعوة للدستور الإسلامي ) وتمكين الدعوة في محيط الطلاب وإنشاء عمل نسوى إسلامي وكذلك ( مد يد العون للإخوان في مصر ومساندتهم ) كانت أكثر الحاحا..

وبالرغم من ذلك ولج الإخوان العمال مجال العمل النقابي وفاز في انتخابات مصلحة المخازن والمهمات من الإخوان فاز أحدهما بالتزكية.

وكانت تصدر نشرات توجيهية من قسم العمال من حين لأخر توجه العمل وتعكس نشاط الإخوان العمال في مجالات النقابية وغيرها .

وتم تحديد العمل لقيام شركة جريدة الإخوان المسلمين وهذا شطر من رسالة المكتب للإخوان وستكون هيئة الإخوان هي صاحبة الامتياز ولكن ستكون شركة غير رسمية وتتكون هذه الشركة من أسهم يدفعها الإخوان فقط وستكون نواة لشركات عدة .

جزء من بيان الجريدة
ينوى الإخوان إنشاءها في القريب العاجل إ شاء الله وقد حددت قيمة السهم بجنيه واحد لكي يتمكن إخواننا طلبة المدارس من الاشتراك فيها أما إخواننا في الأسر الخارجية والذين تقع على عواتقهم هذه المؤسسة فيجب أن يبذلوا كل ما عندهم لشراء هذه الأسهم حتى نسرع العمل ولكي يتمكن كل أخ من شراء أكبر عدد من الأسهم فقد رأى المكتب أن لا يضع حدا أدني لأسهم الأخ وإنما ترك ذلك لإمكانيات الأخ وحرصه على نجاح هذا المشروع . وأخيرا نناشدكم بالله الإسراع في هذه المهمة كما نذكركم بأن الأسهم يجب أن تصل في أوائل هذا الشهر ولكي نسرع في إنجاز هذا المشروع قبل فترة تقرير المصير وانطلقت جريدة الإخوان المسلمين تؤدي دورا رائدا في الساحة .

كما كان للجماعة في هذه الفترة 54, 58 مواقف أصولية من كل قضايا المسلمين بالعالم كان للجماعة موقف واضح مع الثورة الجزائرية وحاولوا مساندتهم بكل الوسائل الإعلامية وحاولوا مساندتهم بكل الوسائل الإعلامية ... ومن داخل هيئة التضامن مع الشعب الجزائري وكذلك دعا الإخوان كل من يستطيع أن يتطوع في معركة القنال واستجاب البعض لذلك النداء كما كان رأيهم واضحا في كل قضايا العالم الإسلامي .

كما ظهرت الأنشطة الاجتماعية مثلا لذلك مدرسة أم درمان الليلية التي تقوم بتعليم الكبار وكان يرتادها مئات من طلبة العلم من الذين فاتهم قطار التعليم في صغرهم وكانت حقلا خصيبا للدعوة .

وكانت الأنشطة الرياضية أيضا .. وتم إنشاء فرق كشافة وأشبال كمسرح لتدريب أشبال الدعوة على النظام والحركة في المجتمع .

وعلى كل فهذا كله يعطينا فكرة عامة عن الحركة الحثيثة التي انبعثت في هذه الأمة تبشرها بالخير وتدعوها للحق وتسد الثغرات وتجمع شباب الأمة لى الاستقامة على دين الله وظلت حركة الجماعة في توسع مضطرد حتى نوفمبر والتقي الإخوان في ثاني لقاء للهيئة التأسيسية 1375 وثالث لقاء لها في عام 1376 لمراجعة المواقف وإتمام وإكمال البنيات ولله الحمد وحده وهو رب العالمين

نماذج من اهتمامات الجماعة عام 55- 56

لن نختم هذه النشرة قبل أن نهنئ المسلمين في أنحاء الأرض بالانتصار الجديد الذي أحرزه الإسلام في باكستان عندما أعلن برلمانها أن باكستان قد أصبحت جمهورية إسلامية تعتمد في تشريعاتها من الكتاب والسنة وأن يكون رئيس الجمهورية ونائبه مسلمين وفي ذلك فيتنافس المتنافسون ولمثل هذا فليعمل العاملون .

مع الإخوان في كل مكان
المكتب التنفيذي
أقام المكتب التنفيذي للإخوان المسلمين حفل شاي بحدائق المقرن تكريما للصحفي اللبناني الأستاذ زهير عسيران صاحب جريدة الهدف البيروتيه وفي نهاية الحفل خطب السكرتير العام للإخوان المسلمين مرحبا الضيف الزائر بكلمة حوت الكثير من جهاد المحتفى ومناصرته لدعاة الإسلام ثم أعقبه الضيف الكريم بكلمة رائعة أكد فيها أن الباطل مهزوم مهما قوى وأن الحق منتصر مهما ضعف .

كما أقامت شعبة أمدرمان حفل تكريم له بدار نادى امدرمان الثقافي حضرة جمع من الإخوة غير أن دعوة مفاجئة من السيد رئيس الوزراء وجهت للمحتفي به بدار الضيافة مع وفد الأردن الذي جاء لتهنئة السودان وقد تكرم فأناب عنه أحد زملائه .

في سبيل الله

نفذت حكومة شاه إيران الطاغية حكم الإعدام على أربعة من أعضاء جمعية فدائيان إسلام المشهورة وبجهادها وجرأتها في قول الحق وإعلاء كلمة الله والوقوف في وجه الطغاة والمستعمرين ومن بين هؤلاء الزعيم الثائر الشاب ذواب صفوي رئيس جمعية فدائيان إسلام فإلي جنة الخلد أيها الشهداء كما اعتقل الزعيم المسلم أية الله كشاني الذي قاد شعب إيران إلى طرد المستعمرين الانجليز من عبدان وتأميم أبار البترول .

وقد احتج المسلمين في أنحاء الأرض كما قدم ستة من النواب السورين عريضة يطالبون فيها الإفراج عن نواب صفوي خرج شعب سوريا في مظاهرات صاخبة احتجاجا على إعدامه .

إن هؤلاء الأبرار المجاهدين هم القنطرة التي تعبر منها الشعوب إلى دولة الإسلام .

ولست أبالي حين أقتل مسلما

على أى جنب كان في الله مصرعي

في محيط الجبهة الإسلامية

لا تزال وفود الجبهة الإسلامية تترى على الأقاليم فسافرت وفود إلى شندي عطبرة مدني , ورفاعة , الحصاحيصا , وكسلا , وبور تسودان , ولا يزال وفد بورتسودان منذ أسبوع يطوف بشرق السودان طوكر القضارف كسلا ثم إلى كوستي فالخرطوم وقد تكونت لجان فرعية بهذه الأماكن المختلفة للقيام بدعوة الناس إلى الكتاب والسنة وها هي التلغرافات المؤيدة تصل تباعا متتالية للزعماء والحكومة وهاهم جنود الله يركضون سراعا ملبين النداء ذاكرين قول الله ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)

وقد أقامت الجبهة الإسلامية بالعاصمة المثلثة ليلتين إسلاميتين كبيرتين حضرها الألوف من الناس أحدهما إمام مسجد امدرمان الكبير والثانية بابي روف أمام ساحة جامع مدثر حجاز وقد بايع في الأولي من كان موجود على العمل المتواصل والموت في سبيل تحقيق هذه الفكرة لإعلاء كلمة الله وفي كلا الليلتين شرح الأستاذ عمر بخيت العوض سكرتير الجبهة ( أهداف الدستور ) وقد كان جد موفق , ولله الحمد , مما أثلج صدور الحاضرين .

وقبل أن نختم الحديث عن مرحلة 53 – 58 لابد أن نقف قليلا عند مواقف معينة لابد جلائها وإيضاحها فإنها تمثل ركائز ثابتة مما انبني عليه كيان الجماعة وأثر تأثيرا كبيرا على طبيعة العمل الإسلامي في هذا البلد الطيب .

ومن أول ذلك هو الدور الذي قام به الإخوان المصريون في توجيه وتربية شباب الدعوة بالسودان ومنهم من استقر في العاصمة الأخ جمال عمار ومصطفي جبروعمل بها وأعطى جانب العمل وسط الإخوان جل جهده وعاش كفرد من الجماعة يقوم بالتدريس والتوجيه لا يقصر في واجب ولا يتخلف عن موعد وكانوا بالنسبة لشباب الإخوان القدوة الحسنة التي يفتقدونها وتأثروا بهم حتى أراد الله أن يغادروا البلاد بعد ذلك لسنوات كانت جد عامرة ... منهم من استوطن وجعل هذه البلاد موطنا دائما له ( حسن عبد الغفور , عبد الغني ويوسف عليان ) واستقر بهم مقام دائم يحدوه عمل صالح فكانوا نعم العشيرة ( ولابد من أ، نذكر حقيقة أنصافا لهم أنهم لا انحازوا لتيار ولا عادوا ولا استعدوا إنما كان همهم أن يسلك الإخوان على منهج الدعوة القويم جزاهم اله جميعا عن دعوتهم خيرا جزاء وهنالك غيرهم ممن جاء مهاجرا وكانت له ( جذور ) في هذا البلد استبقته فيها وسلك في شعبها حتى أصبح من أصل ثابت فيها محمد مدني سبال وهكذا هو رباط الإسلام الذي يمثله ( الإخاء ) عند الإخوان نموذجا حيا معاشا .

دور نادي أمدرمان الثقافي

ومن ذلك أيضا الدور أداه نادي امدرمان الثقافي وقد كنا أشرنا إلى جانب منه من قبل وقد كان لهذا النادي وجود متعسر منذ 48 ولكن استطاع الأخ عثمان جاد الله وعبد الرحمن رحمة ومضوى خالد وحامد عمر وغيرهم من أن يضعوا يدهم عليه في 1952 ووجد فيه الإخوان القليلون يومذاك مجالا رحبا لمزاولة نشاطهم وأصبح ملتقي لهم في مايو 1955 بعد أن أصبحت الجماعة تدار داخل حجرات كانت أعمال شعبة أمدرمان أيضا متمركزة فيه رأي الإخوان الآن من أن تكون إدارة النادي ملكا خالصا للجماعة والتي كانت تقوم بتمويله كاملا وتم ذلك فعلا عند دعوة جمعية عمومية للنادي كانت من إخوان امدرمان والذين ننشر لأول مرة أسماءهم وقد تفرقت الآن بهم السبل حضر إخوان امدرمان وبعض من إخوان الخرطوم وتنفيذا لتعليمات مكتب الشعبة اختار الاجتماع ولأول مرة إدارة إخوانية صرفة للنادي مما أغضب محاور أخري لم تدرم طبيعة حاجة العمل لمثل ذلك التصرف ذكرت هذه الحادثة إذ أنها أثارت في حينها فتنة عابرة سرعان ما انجلت عند تدخل المسئولين عن الجماعة فأزالوها فأصبح النادي مركزا عاما للجماعة .

أسماء الرعيل الأول بأم درمان

بانت : -

عبد الله حامد القاضي , الشفيع بابكر , أحمد بابكر , جبريل , إبراهيم محمد , إمام حي العرب , أحمد على بابكر , محمد أحمد الهواري , إبراهيم رحمي, عبد العزيز فقير , عز الدين الشيخ.

العباسية الموردة :-

إبراهيم هارون عباس زين , محمد عبد الله , العريقي , مصطفي العوض , أبو صالح , موسى , عبد الرحيم , مبارك .

العرضة : -

العرضي , محمد أحمد مصطفي , حسن أبو سبيب , أدم أبو زيد , عثمان حسن إسماعيل , عبد الله بدري , الصبي .

المسالمة :-

محمد محمد خير , مصطفي عبد القادر , برعي , التنقاوي , الفاتح البرير

أسرة ودنوباوي :

أسرة(أ) حسن بن ادريس , صادق عبد الله, عوض عبد ربه , عبد الصادق , حامد عمر ,
أسرة (ب)عبد الله إمام , الخير عوض , مصطفي نور الدائم , محي الدين يوسف , محمود عباس عمر حميدة.
الشجرة أسرة (أ) حسن عوض , سرور سليمان , عبد الله , حسن محمد خير , العراقي .
أسرة (ب) يوسف الخليفة, على عبد الله , مبارك السنهوري.

الملازمين : -

عيسي مكلي , عبد الله جبارة, عثمان عبد الله , حسن أدم , زكي الحاج , مصطفي جبرمن المهاجرين .

بيت المال : -

كمال على , أحمد عوض الكريم , عمر إسماعيل, صالح الشبر , عوض مصطفي , الضو الدول , محمد حسين , عثمان إبراهيم .

وهؤلاء كانوا هم إخوان البقعة حينذاك.

وأصبح النادي تدار فيه حركة الجماعة كلها حتى بعد قيام الجبهة الإسلامية للدستور والتي اتخذت مقرا أخر لها ( وهنا تأبى النفس إلا أن تقف لتسترجع ذكري شباب كانوا ملء العين والسمع والبصر من الأخ أحمد كامل العاص يدرب الشباب رياضة , عبد الله محمد بدري يقدم للمحاضرات, محمد عثمان علم الدين بالمكتب, ثم عوض عبد ربه ومحي الدين يوسف , عبد الصادق محمد سعيد, إبراهيم هارون , حامد عمر , يسن عمر الإمام , أحمد عوض الكريم, وعز الدين الشيخ وغيرهم, قواطع قائمة وحركة عارمة وعزائم صارمة , أين ترى قد استقر بهم اليوم المقام ذلكم يا قوم مجال حديث آخر سنعرج إليه من بعد أن شاء الله .

مع الإخوان في كل مكان الله أكبر ولله الحمد
المركز للإخوان المسلمين
نبشر الإخوان جميعا بأن المكتب التنفيذي قد تسلم رسميا التصديق بافتتاح دار باسم الإخوان المسلمين وهذه الخطوة إنما تعني بداية عهد جديد هو الخروج بهذا العبء الثقيل إلى اجتمعنا هو عهد الانتفاضة والوثبة الكبرى على باطل وعلى الفساد الذي استشري على كل ما لا يتفق ومبادئ الإسلام أنه لعبء جد ثقيل ولكنه خفيف على النفس إذا اتقينا الله واعتمدنا عليه والتزمنا شريعته في المنشط والمكره فلنتخذ

منذ الآن وصية سيدنا عمر إلى سعد بن أبي وقاص مبدأ لنا وسيفتتح المركز العام إن شاء الله في دار الحالية بنادي أم درمان الثقافي .

تحصل الأخ الرشيد الطاهرالسكرتير الأم للإخوان المسلمين رخصة المحاماة وأخذ يباشر عمله بمكتبه المستقل فهنيئا لرجال دعوة الله وهنيئا للشعب المظلوم وويل للباطل من أصحاب الرسالات .

النهضة الشاملة

ومن ذلك يتضح انفتاح العمل في كل أقاليم القطر خاصة بعد جهود الإخوان من خلال الدعوة للدستور الإسلامي من منبر الجبهة الإسلامية للدستور وتم افتتاح دار الإخوان في مدني عام 57 والذي شهدته وفود من عدد كبير من قرى الجزيرة وكانت ليلة فريدة في نتائجها وكذلك تم افتتاح دور في عدد من المدن , الدويم والأبيض وغيرها وفي دار فور كان للدعوة وجود في كل بلادها من أم كدادة حتى الجنينة وكان قد عقد مؤتمر للإخوان بدار فور حضره مندوبون من الجنينة ومن أم كداده ونيالا وز النجى والفاشر ومن إخوان دار فوار نذكر الأخ جعفر محمد علي بخيت الذي تخلى عن انتمائه فيما بعد وسليمان مصطفي أبكر , محمد بابكر حسن , محمد عبد الله التربي , وبشير محمد علي ( بالجيش يومذاك) حيث انتظم العمل بعد ذلك في كل المديرية وكذلك انتشر الإخوان في كل قرى الجزيرة وقرى الشمالية وكردفان, إذ كان العنصر الفعال في ذلك هو الطلاب الذين يعودون في أجازاتهم السنوية لقراهم ومدنهم فهم يمثلون حماسا لتبيت دعائم لدعوتهم التي تلقونها في جامعاتهم ومدارسهم بين أهلهم وذويهم رحمة لهم وهداية وهذا من شأنهم وديدنهم حتى يومنا هذا بفضل الله .

لم تكن الانطلاقة في هذه المرحلة 53 -58 في المجال الحركي وحده بل تم تركيز ثقيل على كل الجوانب الفكرية والعقائدية والتي لم تكن تخلوا منها نشرة دورية أو رسالة توجيهية وبين يدينا الآن عشرات الرسائل التي كتبت في هذا المضمار ومن الغريب حقا أن تفطن بعض أجهزة الجماعة الثقافة والتربوية لخطورة الخروج عن المنهج السنى السلفي والنزوع إلى الاجتهادات الفردية تلكم الانحرافية التي كادت أن تؤدى باستقامة بالجماعة لولا فضل الله وقد خصصت فقرة كاملة عن ذلك في النشرة الثقافية للمكتب التنفيذي يوم 27/2/1956 ننشر هنا جزء منها وما كان بدعا أن ينتبه الإخوان لخطورة الخروج عن المنهج في ذلك الوقت المبكر لولا ما بدر حقيقة من بعض الأفراد الذين تأثروا من قبل باتجاهات حركة التحرير أو الذين من خلال دراساتهم الجامعية أسفروا عن ذلك الاتجاه مبكرا .

الاجتهاد
للمجتهد شروط يجب أن يستوفيها حتى يجوز أن نجعل لراية وزنا فإذا قبل أن الاجتهاد فرض كفاية على المسلمين وهو مكفول لكل مسلم بلغ تلك الدرجة فهو لا يعنى أن نجعله بلا نظام ولا قيود فأنه يجب على المجتهد أن يكون ملما بأحكام القرآن والسنة ومتمكنا من فهم مدلولات اللفظ العربي ويجب عليه أن يحيط بأقوال المجتهدين المسلمين وغيرهم , ليتسع أفقه كما يلزمه أن يعرف المجتمع الذي يشرع له الحق المعرفة فإن من أعظم المحرمات الاجتهاد مع الجهل لأنه قول على الله بغير علم وانظر إلى درجة حرمته في الآية الكريمة ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون .)

وفي الخرطوم كان هناك أخوة أبرار اتخذوا من دار جمعية الإصلاح بالخرطوم 3 مركزا لانطلاق نشاطهم الدعوى والسياسي , ولقد ساعدهم في ذلك التعاون الكامل الذي وجدوه من القائمين على أمر لجنة الدار وعلى رأسهم الشيخ عبد الرحمن محمد على كرار وعوض محجوب والأخ محمد عبد الله التربي , ونذكر من أولئك الإخوة عثمان فقير ويوسف شرف الدين وبعدها انتقل النشاط إلى دار الثقافة الإسلامية بالسجانة والتي انتقلت من بعد إلى الحلة الجديدة وكان أبرز نشاطها الثقافي العديد من الندوات والمحاضرات) كان من أبرز المتحدثين فيها الأخ أحمد صادق أحمد وبعض طلبة جامعة القاهرة الفرع , نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الإخوان الشيخ أحمد صادق أحمد وبعض طلبة جامعة القاهرة الفرع , نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الإخوان الشيخ أحمد الشيخ , تاج السر عبد الباري, ميرغني المزمل, ولا شك أن فوز الأخ صادق عبد الله بدائرة الخرطوم الغربية جنى ثمرة من ثمار ذلك النشاط.

والجدير بالذكر أن الإخوة بالخرطوم قد أفلحوا في تشييد تلك الدار في السجانة بالقرب من مسجد السادة العجمية , وكانت مركزا انطلقت منه أنشطة الجماعة متزامنة مع ما كان يقوم به نادى امدرمان الثقافي الذي ذكرنا أنه كان بمثابة المركز العام للجماعة أو مركز القيادة العامة .

الموقف السياسي

دستور مصر المزيف

أذاع العساكر في مصر قبل أيام دستورهم الذي ظلوا يمهدون له الأذهان من وقت طويل والشعب مسلوب الإرادة والحرية والصحافة لا تنطق إلا عن الهوى.

والحديد والنار مسددان إلى قلب الشعب المصري والجاسوسية قد حشدت قواها تجوس خلال الديار , والإذاعة العسكرية المصرية, والجاسوسية قد حشدت قواها تجوس خلال الديار , والإذاعة العسكرية المصرية تملأ الجو عوا ونفاقا وتطبيلا, في هذا الجو الخانق ( يمنح السفاح دستوره المزيف للشعب المهيض, هذا الدستور الذي تركز أساسا على كفالة بقاء العساكر إلى أطول مدة, فقد نص الدستور على ألا يمارس الشعب حقه في تكوين الأحزاب بل سمح بأن يقوم في مصر كلها حزب واحد , كما في روسيا تماما , حيث لا يوجد إلا حزب واحد, وهذا الحزب يضع شروطه كلها رئيس الجمهورية الذي هو بالطبع سفاح مصر جمال , وأن يكون البرلمان مكونا من مجلس واحد ويختار له النواب من ذلك الحزب الواحد الذي يضع شروطه رئيس الجمهورية البالغ من العمر (35 سنة؟؟؟) الذي يعين الوزراء والسفراء ويعقد المعاهدات ويعلن الحرب ويفعل ما يشاء ودون سلطان عليه من أحد ولا يسأل عما يفعل ... أى أن نظام الحكم في مصر أصبح نوعا جديدا من أنواع الحكم , فأصبح دكتاتورية مقنعة بالدستور مناديا بنفس الكلمات التي نادت بها قبلة أخوة فرعون القديم ( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) أليس له ملك مصر؟؟ أليس هو رئيس اليوم ورئيس الغد تحت ظل الدستور الجديد ؟؟ استغفر الله بل في حجم الدستور الجديد , أنه رئيس المستقبل بلا منازع بل هو الذي سيعين البرلمان بطريق غير مباشر ويعود برلمانه المعين ليصوت بالثقة فيه فيكسب تلك الثقة الرخيصة بلا نزاع .

وكم ذا بمصر من المضحكات

ولكنه ضحك كالبكا

ومرة أخرى نقول أن الشعب يعلم أنه كاذب ويعلم أن دستوره .. وعما قريب سنبعث موسى من بين المصلحين الثائرين يحمل رسالة الحرية والسلام ليقول للطغاة" ما جئتم به السحر " وأن الله سيبطله أن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون .

ونتلفت لنري صوت الشعب وإرادة الشعب وانتفاضة الشعب فلا نسمع ولا نحس للشعب صوتا ولا إرادة فالسجون الرهيبة مليئة بالأطهار الذين وقفوا في وجه الطغاة وقالوها صريحة مدوية " المنية ولا الدنية " مقسمين أمام هذا الظالم ( لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض , إنما تقض هذه الحياة الدنيا , إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر , والله خير وأبقى ) أما المتمسحون بالاعتاب الذين يزينون الباطل ويلبسونه ثوب الحق فإنهم طلقاء يروحون ويغدون في حماية الاستبداد ورعاية المظالمين .. كان الله في عون منهم ..وكتب لها النجاة والخلاص على يد أصحاب القلوب المؤمنة , والأيدى المتوضئة حاملين لواء الحرية والعدل والكرامة هاتفين في وجه الطغاة المستبدين أن ( ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين, ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون , وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون ) ودولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة والله أكبر ولله الحمد .

مع الإخوان في كل مكان

المكتب التنفيذي

أقام المكتب التنفيذي للإخوان المسلمين حفل شاى بحدائق المقرن تكريما للصحفي اللبناني الأستاذ " زهير عسيران " صاحب جريدة الهدف البيروتية وفي نهاية الحفل خطب السكرتير العام للإخوان المسلمين مرحبا بالضيف الزائر بكلمة حوت الكثير عن جهاد المحتفى به ومناصرته لدعاة الإسلام , ثم أعقبه الضيف الكريم بكلمة رائعة أكد فيها أن الباطل مهزوم مهما قوى وأن الحق منتصر مهما ضعف .

كما أقامت شعبة أمدرمان حفل تكريم له بدار نادى امدرمان الثقافي حضره جمع من الإخوة غير أن دعوة مفاجئة من السيد رئيس الوزراء وجهت للمحتفى به بدار الضيافة مع وفد الأردن الذي جاء لتهنئة السودان وقد تكرم فأناب عنه أحد زملائه ..

في محيط الجبهة الإسلامية

لا تزال وفود الجبهة الإسلامية تترى على الأقاليم فسافرت وفود إلى ( شندى وعطبره, ومدني , ورفاعة, كسلا, ثم إلى كوستى, فالخرطوم ) وقد تكونت لجان فرعية بهذه الأماكن المختلفة للقيام بدعوة الناس إلى الكتاب والسنة وها هي التلغرافات المؤيدة تصل تباعا متتالية للزعماء والحكومة , وهاهم جنود الله يركضون سراعا ملبين النداء ذاكرين قول الله ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) وقد أقامت الجبهة الإسلامية بالعاصمة المثلثة ليلتين إسلاميتين كبيرتين حضرها الألوف من الناس أحدهما إما ساحة مسجد أم درمان

الكبير والثانية بابي روف أمام ساحة جامع مدثر الحجاز, وقد بايع في الأولي من كان موجودا على العمل المتواصل والموت في سبيل تحقيق هذه الفكرة لإعلاء كلمة الله , وفي كلا الليلتين شرح الأستاذ عمر بخيت العوض سكرتير الجبهة ( أهداف الدستور ) وقد كان جد موفق , ولله الحمد مما أثلج صدور الحاضرين.

أبطال الدعوة الإسلامية بمصر

بيان عن حالة الإخوان المسجونين

    • الآن يصفي السجن الحربي ويوزع من به من الإخوان على السجون العمومية وذلك بمقتضي أحكام سرية حتى إذا أعلن السفاح الدستورية أعلن أن المعتقلات خالية تماما من المعتقلين .
    • الإخوان في السجون في شقاء , ففي طرة مثلا يقطعون الأحجار وفي سجن قنا وسجن الواحات يمهدون الأرض ويزرعونها .
    • مات ويموت الكثير في السجون نتيجة المعاملات القاسية والتعذيب والبرد, ويدفن من يموت الكثير في السجون نتيجة الصدفة بدون أخطار أهله حتى إذا ما سألوا عنه كانت الإجابة أنهم أفرجوا عنه أو أنه هرب , أو أنهم لم يعثروا له على أثر .

طلب الطلبة المعتقلون من الإخوان تادية الامتحانات وهم في السجون فلم يسمح لهم .

الإخوان خارج السجن

    • الإخوان خارج السجن مضيق عليهم إلى أقصى حدود التضييق فهم يعبرون في سجون تدخلها الشمس والهواء .
    • في هذا الأسبوع فصل 150 أخا من الشبان خريجي الجامعات في العام الماضي دون سابق إنذار إذا لم يشعر كل واحد منهم إلا ورئيس عمله يخبره بأنه قد جاء أمر بطرده فورا .

الأسر حالتها سيئة وجميع الموظفين المسجونين قد فصلوا من أعمالهم .

وما نقموا منهم إلا أن يومنا بالله العزيز الحميد .. وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله ؟ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .. ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون .. لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد, متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ... كتب الله لأغلبن أن ورسلي .. وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون .

في سبيل الله

نفذت حكومة شاه إيران الطاغية حكم الإعدام على أربعة من الشهداء من أعضاء جمعية فدائيان إسلام المشهورة بجهادها وجرأتها في قول الحق وإعلاء كلمة الله والوقوف في وجه الطغاة والمستعمرين ومن بين هؤلاء الزعيم الثائر الشاب نواب صفوى رئيس جمعية فدائيان إسلام فالي جنة الخلد أيها الشهداء.

كما اعتقل الزعيم المسلم أية الله كاشاني إلى قاد شعب إيران إلى طرد المستعمرين الانجليز من عبدان وتأميم أبار البترول .

وقد احتج المسلمون في أنحاء الأرض كما قد ستة نواب من النواب السوريين عريضة يطلبون فيها العفو عن نواب صفي وخرج شعب سوريا في مظاهرات احتجاجا على إعدامه .

ان هؤلاء الأبرار المجاهدين هم القنطرة التي تعبر منها الشعوب إلى دولة الإسلام ولست أبالي حين أقتل مسلما على أى جنب كان في الله مصرعي لازلنا نذكركم أيها الإخوة بالتبرعات للشهداء ولستم حاجة إلى تبيان أمرهم بعد هذه الأخبار التي ترونها في هذه النشرة .

ولا زلنا نذكركم بمضاعفة العمل من أجل الدستور حتى لا نتورط فيا تورطت فيه الشعوب قبلنا وفي دستور مصر حما الله من مثله , عظة بالغة .

ملحوظة

نلفت نظر الإخوان إلى أن جميع المكاتبات تكون بعنوان ( الخرطوم بحري ص. ب 41)

لن نختم هذه النشرة قبل أن نهنئ المسلمين في جميع أنحاء الأرض بالانتصار الجديد الذي أحرزه الإسلام في باكستان عندما أعلن برلمانها أن باكستان قد أصبحت جمهورية إسلامية تستمد تشريعاتها من الكتاب والسنة وأن يكون رئيس الجمهورية ونائبه مسلمين

وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
ولمثل هذا فليعمل العاملون

الإخوان المسلمون قسم الأسر البرنامج الدراسي لشهر جمادي الثانية سنة 1375

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشدا.

أما بعد فيا أخا الروح لقد التقينا على فكرة ووطدنا العزم على أن نلقى الله عليها وتوحدنا على دعوة وألينا لى أنفسنا أن نقيمها في هذه الأرض وتعاهدنا على نصرتها ... وبالعلم والعمل معا وباللسان والقلم واليد وبكل ما أوتينا من قوة حتى تقوم هذه الأرض ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .

البرنامج الدراسي

القرن الكريم = من سورة الضحى إلى نهاية سورة الأعلى حفظا تفسيرا المراجع ( ابن كثير ) وننبه الإخوان إلى تفسير القرآن الكريم وهو تفسير سهل مختصر في ثلاثين جزءا ويمكن شراؤه على دفعات )

الاتصال بالأخ أحمد شريف الخرطوم بحري ص. ب 41

الحديث الشريف

الأحاديث التي ترد التفسير وليحرص الإخوان على حفظ كل ما جاء في السنة حول الحكم والدعوة إليه وقد ورد ويرد دائما في صدر النشرة الأخبار شئ منها .

السيرة النبوية

موضوعات ( البعث , ابتداء نزول القرآن , إسلام خديجة, فترة الوحى , أول الناس إسلاما الهجرة بالدعوة , قول الوليد ابن المغيرة في القرآن )

المراجع

امتاع الاستماع, أو سيرة ابن هشام , أو تهذيب السيرة , ونرجوا أن يكون كل الإخوان قد ألموا بكتاب تهذيب سيرة ابن هشام , الذي نبهنا إليه في الشهر الفائت لأهميته في توحيد المنهج وما قد ينزل على الإخوان من اختيارات فيما درسوا من المقررات ولهذا نكرر التنبيه .

العبادات

من فقه السنة ( الوضوء , فرائضه , وسننه , ومكروهاته ) ص 67 -86 رجع برنامج الشهر الماضي لمعرفة طريقة دراسة الفقه في الأسرة .

الآداب

آداب التلاوة , مجلس الاستماع , ورد الحفظ , من المأثورات , مع حفظ

الدراسات العامة – رسالة نحو النور, مع العناية بدراسة خطوات الإصلاح العملي في نهاية الرسالة ونشرها بين الناس .

يا أخوة الروح لا زلنا نذكركم وننبهكم إلى مضاعفة العمل من أجل الدستور الإسلامي ودعوة الناس إليه فإن المعركة ستكون فاصل والوقت ضيق والفرصة نادرة , ولات ساعة ندم , اعملوا وسير الله عملكم ورسوله والمؤمنون .

ولا نزال نوصيكم وأنفسنا بتقوى الله عزوجل وإقامة دولة الإسلام في صدوركم قبل أرضكم والله معكم ولن يتركم أعمالكم , وأن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

والله أكبر ولله الحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوان المسلمون
لجنة تحقيق العضوية
المركز العام النشرة الأولي

حضرة الأخ الفاضل....................

بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ملحوظة ( ننبه الإخوان أن يسارعوا في تنفيذ ما جاء بهذه النشرة)

سيعقد الإخوان المسلمون هيئتهم التأسيسية ثاني أيام عيد الأضحى المبارك إن شاء الله بدار المركز العام بأم درمان.

نرجو بمجرد وصول مكتوبنا هذا لديكم أن توفونا بأسرع ما يمكن أسماء الإخوان الذين تنطبق عليهم الشروط التي يجب أن يستوفيها عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين وهي كما نص عليها الدستور : -

1- أن يكون قد أمضى مدة أقلها أربعة سنوات داخل تنظيم الإخوان
2- الفهم الشامل للإسلام
3- التطبيق العملي لهذا الفهم
4- الدأب والحركة
5- أن لا يقل عمره عن ثلاثة وعشرين عاما

لنوافيكم بالنسبة العددية للذين يحق لهم الحضور لتمثيل منطقتكم بالهيئة التأسيسية كما نرجو أن تسارعوا في إرسال هذه المعلومات وأن يكون ذلك قبل يوم 9 ذو القعدة 1376 هـ الموافق 7 يونيه 1975 م أما ما يتعلق بخصوص الأجندة والبيانات الإضافية الأخرى سترسل لكم فيما بعد وهذا أرجوا أن تكون مكتباتكم للجنة تحقيق العضوية بالعنوان التالي ص .

ب 1090 الخرطوم الأخ عيسى مكي.

أحمد البيلي
رئيس لجنة تحقيق العضوية
أخوكم
الرشيد الطاهر
السكرتير العام لجماعة الإخوان المسلمون

1958-1964 أثر الحكم العسكري على مسار الدعوة الإسلامية

مقدمة

هنا لابد من الإشارة إلى الوضع السياسي المتدهور والبالغ السوء وذلك في الفترة 56 -58 والذي أدى لتدخل الجيش في الحياة السياسية في السودان فقد كان الصراع ما بين حزب الأمة والوطني الاتحادي ( أزهري ) صراعا مكشوفا حادا حتى من داخل أول حكومة وفاق قومية برئاسة أزهري في فبراير 56.

فقد كانت تلكم الحكومة بعيدة عن الوفاق والانسجام لتركيبها من عناصر متباينة مختلفة الشخصيات والاتجاهات وكان انشقاق الختمية بعد ذلك عن أزهري وما صاحب ذلك من مهاترات وخصام , جعل الناس في حيرة من أمرهم حقا كان التنابذ والشقاق والصراع سمة بارزة تزخر بها الصحف وتتباري فيها الأقلام .

وعلى كل فقد أصبحت خاتمة كل تلك الصراعات والتحولات يومذاك هي محاولة الالتقاء ( مرة أخرى ) بين أزهرى والختمية والتي يقال أن المصريين كانوا وراءها أو هي محاولة الالتقاء بين الختمية وبين الأنصار ( وليس مع عبد الله خليل ) لتكوين حكومة ائتلافية من الطائفتين ونجاح أى من هاتين المحاولتين يعني الإطاحة بعبد الله خليل وحكومته وذلك مما جعل عبد الله خليل وهو رئيس الحكومة حينذاك أن يتفق مع قادة الجيش إبراهيم عبود وأحمد عبد الوهاب وزملائه وأن يتسلم الجيش زمام الحكم وكل ذلك لا نتناوله إلا من حيث أثره المباشر على حركة الدعوة الإسلامية الذي نحن بصدده ونستطيع أن نقول أنه وبالرغم من زحمة الصراع الحزبي حينذاك كانت الجبهة الإسلامية للدستور تهيئ الشارع والرأي العام لقبول الدستور الإسلامي ووجدت في ذلك قبولا تحدثنا عنه عند حديثنا عن الجبهة الإسلامية من قبل .

وكانت مشاركة الإخوان في انتخابات 57 مشاركة لها أثرها في توجيهات الناخبين والمرشحين فقد أعلن الإخوان تأييدهم لمرشح الذي يؤيد الشريعة الإسلامية ومن هنا أزينت شعارات كثيرة بزينة تأييد الدستور الإسلامي صدقا أو كذبا بل وقف الإخوان في عدة مناطق يؤيدون ويعملون مع مرشحين لم يكونوا إخوان لالتزامهم العلني بالوقوف مع الدستور الإسلامي .

وكان عامة الناس يشعرون بيأس وحيرة إزاء ما كان يجري في الساحة السياسية بين الأحزاب وضاعت حلاوة الاستقلال من ألسنتهم والشيوعيون كانوا يعاونون أيضا من خلافات أيضا من خلافات حادة فيما بينهم ولكن كانت جماعة الإخوان على غير ذلك تماما صفاء عقيدة ووحدة هدف وانطلاقة واسعة في كل المجالات تحدثنا عن آثارها من قبل في مجال الطلاب والمرآة والعمال وغيرها .

وفي البناء الداخلي للجماعة انعقد اجتماع الهيئة التأسيسية في عيد الأضحى 57 كعادته وفشلت كل محاولات الأمن الداخلي حينذاك من اختراق صف الجماعة كما أكد أحد رجال الأمن يومذاك قائلا أننا استطعنا أن ندخل في كل الجماعات والهيئات وفشلنا فشلا تاما في الدخول في تنظيم الإخوان وكان تدخل الجيش واستلامه للحكم في 17 نوفمبر 1958 سواء بإيعاز خارجي أو بتصرف أحمق من عبد الله خليل حاجزا وعائقا لتيار إسلامي انفجر في أمة مسلمة كاد أن يحط رحاله على هامة كل بلد مسلم .

الإخوان وفترة الحكم العسكري الأول

انقلاب إبراهيم عبود كان مفاجأة للكثيرين ولكن الأخ رئيس تحرير جريدة الإخوان كان يتحدث في صبيحة يوم الانقلاب عن حافة الهاوية التي وصلت البلاد إليها وتم حل الأحزاب السياسية وحل البرلمان وتعطيل الدستور كعادة الانقلابين دائما وبالرغم من حل جميع الأحزاب السياسية إلا أنه لم يصدر قرار بحل الجماعات الإسلامية وصدر عدد واحد من جريدة الإخوان التي تصدر باسم البلاغ فصدرت البلاغ وكانت واضحة صريحة ضاق بها الانقلابيون وقدموا لها الإنذار تلو الإنذار حتى توقفت في منتصف 1959 وليس صحيحا ما قيل أن الإخوان تعاونوا مع الجيش في بداية فترة حكمهم بل ما كان منهم كان بخلاف ذلك تماما .

وقد كان للحكم العسكري الأول أثر عميق ومتعدد الجوانب على جماعة الإخوان بل أننا سنرى أن مسار الجماعة كلها وتوجهاتها ومجراها قد تغير تغييرا أساسيا جذريا خلال هذه الفترة 58 -1964 وأول ذلك :

نعلم أن طعم الحكم العسكري مذاقه مر شديد المرارة عند جماعة الإخوان في العالم الإسلامي كله وموقف الجماعة مع العسكر في مص ما يزال ماثلا أمام مرآهم ونعلم أيضا أن الإدارة العسكرية التي تربت ونشأت وفق النظم العسكرية والانجليزية كان بينها وبين التوجهات الإسلامية بونا شاسعا يومذاك فلابد أن يقابل الإخوان الانقلابيين والوضع الجديد بحذر شديد انعكس ذلك في المبالغة في سرية العمل والحركة كلها وتوقف كل النشاط العام والعلني واستمر العمل الداخلي من لقاءات الأسر المقفولة بصورة أقل مما كان عليه سابقا .

ونعلل ذلك كما قلنا بالحذر الشديد الذي قابل به الإخوان كافة أفرادا وجماعات أول حكم عسكرى وعدم الثقة به والاطمئنان له ثم لأحداث تلت بعد ذلك لم يكن للجماعة يد ولا دور فيها أولها هي المحاولة الشخصية للأخ الرشيد الطاهرواشتراكه في أول حركة عسكرية للإطاحة بحكم عبود بعد عام واحد من قيامه وإلقاء القبض عليه والحكم عليه بخمسة أعوام سجنا وإعدام الضباط الذين اشترك معهم في المحاولة وهو يعقوب كبيدة وعلى حامد والصادق محمد حسن الطيار وعبد البديع كرار وعبد الحميد عبد الماجد وقد كان لهذه الحادثة أثر عميق في وجدان الأمة السودانية عامة وعند الإخوان خاصة , مما جعل هذه الحادثة محل تقييم ودراسة في أوساطهم ومؤتمراتهم فيما بعد , بل واستغلت فيما بعد استغلال لتغيير مفاهيم أساسية وقواعد ارتكزت عليها نهضة الجماعة من قبل وسنعرج لذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله .

فقد كانت فترة الحكم العسكري الأول فترة حرجة على جماعة الإخوان كانت في الحقيقة اختبارا واقعيا لمدى نجاح المنهج التربوي الذي سلكته الجماعة خلال المرحلة السابقة وتجربة عملية لمدى صلابة وتحمل أجهزة الجماعة وبنيانها لظروف قهرية دون سابق استعدادها لها .

وهنا ومن خلال المواقف والنتائج المختلفة التي أسفرت عنها هذه الفترة ( رغم الظروف المستجدة التي لم تكن في الحسبان ) نستطيع أن نقول باطمئنان أن ومن خلال ممارسة شعائره التعبدية وتنفيذ برامجه التعليمية وغيرها كان ذلك المنهج أصيلا في نجاحة في الحفاظ على المقومات الأساسية لقوة وصلابة وتماسك بنيان الجماعة فإذا كانت الكيانات الأخرى حافظت بقدر ما على تماسكها لقوة الارتباك عقيدتها بزعامات وبيوتات طائفية لقوة ارتباط تاريخنا قوى الجذور ( الختمية والأنصار ) فإن جماعة الإخوان لمحافظ مجردة ونهج يصقل النفوس للبذل والعمل والإقدام مهما تغيرت الظروف وتبدلت الأوضاع وصعبت .

فبالرغم من توقف النشاط العام بالعاصمة وبالرغم من أن العمل الداخلي بالعاصمة استمر بصورة أقل بكثير مما كان عليه قبل الحكم العسكري إلا أن الخلايا كانت حية متحركة .. بخلاف ما نشر فيما بعد عنهم نشره بعض المؤرخين الذين كانوا خارج الساحة .. لم تتوقف لقاءات الأسر البته ونشط العمل في بعض الأقاليم بصورة أوسع مما كان عليه من قبل خاصة في منطقة الجزيرة حيث أقيم في 59 مؤتمر حاشد كبير في غابة قنب تجمع فيه إخوان عشرات القرى من الجزيرة وحضره بعض الإخوة المسئولين من العاصمة بل لم تنفض هذه الفترة إلا وكان للجماعة وجود في آلاف القرى في وسط السودان وشرقه وغربه وقد ساعد في ذلك انحسار التأثير الطائفي والحزبي أثناء الحكم العسكري في تلك الأماكن والبلاد الطيبة إذ أتيح بذاك للدعاة أن يعملوا بهدوء وروية وبعزم أيضا لا يتسع المجال لذكر كل النماذج الطيبة لذلك مع كثرتها وحقيقة كبيرة ما أدركها الكثيرون وهي أن جبهة الميثاق الإسلامي عندما قامت وأعلن عن قيامها فجأة في عام 1964 بعد زوال الحكم العسكري ,.... مباشرة قامت واستندت فور قيامها على وجود كبي وعلى قاعدة واسعة كبيرة .. في كل أنحاء القطر وما كانت هذه القاعدة الواسعة والوجود الحقيقي الكبير للإخوان ومؤيدهم إلا نتائج لذلك العمل الدءوب للدعاة المنتشرين هنا وهناك الذين أتيح لهم كما قلنا أن يعملوا بهدوء وروية وعزم في غياب العمل الحزبي والطائفي خلال ستة أعوام عامرة أيام الحكم العسكري الأول ولم يكن ذلك يعنى أن البعض لم يتساقط بل أن كثيرين ممن لم تتمكن التربية الإسلامية أن تؤثر في نفوسهم قد خلوا وذهبوا بعيدا عنه الجماعة.

ثم أنه بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في نوفمبر 59 فقدت الجماعة الأخ الرشيد الطاهربدخوله السجن وكان هو المراقب العام للجماعة .

وفي العودة للحديث عن هذه المحاولة نذكرها أنها كانت حركة لم توافق عليها الجماعة مقدما عندما أبداها الرشيد في احدي لقاءات المكتب وإحساسه أن الجماعة غير متهيئة للقيام بعمل كبير من مسئولية الحكم والإدارة وعواقبها على عاتق الجماعة ففضل أن يتصرف منفردا .

ونذكر أنها كانت نيئة لم يحكم تدبيرها ويبدو أن الرشيد اعتمد على معارفه في الجيش هم عناصر شابة متحمسة متطلعة للحكم ثم على بعض العناصر الإسلامية التي كانت له صلة بالجماعة في وقت ما وهذا مجال لا نخوض فيه .. وانتهت بإعدام الضباط السته وسجن الأخ الرشيد.

مؤتمر وادي سيدنا

وانتهى عام 59 بعد ذلك والجماعة في مستوى القيادة وفي مستوى العاصمة في حالة ترقب وحذر تحدثنا عنه وكان لابد من عمل يصون ضمانات العمل ويجدد الوسائل في الظروف الجديد فدعي لمؤتمر يضم القياديين في ذلك الوقت ( ولسبب غير واضح لم يمثل الطلاب في ذلك المؤتمر بنسبة حجمهم وتعاظم دورهم في الساحة حينذاك وعقد المؤتمر في منزل الأخ عبد القادر عثمان بوادي سيدنا استمر يوما كاملا وضعت فيه خطط عامة وكلفت لجنة من هؤلاء الإخوة لتحمل المسئولية وتقرر أن يستمر الأخ الرشيد في منصبه كمراقب عام حتى تنتهي مدة عقوبته ودون أن يصدر أى قرار لإدانته فيما أقدم عليه على خلاف ما نشر فيما بعد في بعض ما كتب عن تاريخ الجماعة , وظل الأخ الرشيد يبعث برسائله للجماعة من داخل السجن وهي رسائل تتضمن تذكيرا للإخوان بمعاني الصبر والجهاد وسوف نقوم بنشر بعضها في هذا المجال إن شاء الله .

مذكرة كرام المواطنين

ويبدو أن القيادة بعد هذا المؤتمر كانت أكثر اهتماما بالقضية العامة والموقف السياسي فكان لها دور بارز في تكوين الجبهة الوطنية المكونة من الأحزاب القائمة حينذاك والمشاركة في اجتماعاتها ولكن أذكر حادثة تحكي عن طبيعة هذه بعض هؤلاء السياسيين أن يقدموا مذكرة شديدة اللهجة للعساكر يطالبونهم فيها بالرجوع إلى الثكنات من خلال هذه الجبهة الوطنية فقد تمت كتابة هذه المذكرة بليل وذلك في نوفمبر 1960 وقام بالتوقيع عليها عشرون من رجالات الأحزاب ظنا منهم أن هذه المذكرة ستكون ضربة معلم تزيح العساكر من مواقعهم في السلطة والتي سوف تؤول بذلك إليهم ثانية عند ذلك لم يفكر واحد منهم لدعوة الأخ صادق عبد الله ولا أى من الإخوان ليوقع نيابة عن الجماعة كما كان يجب ويتوقع ولم نسمع إلا وقد قدمت المذكرة مباشرة دون علم رجالات الجبهة الوطنية الآخرين فكان مصيرها الفشل قدموها بليل ولم يشاركوا الإخوان فيها بالرغم من أن الإخوان كانوا هم المحركين لهذه الجبهة وهم زادها ووقودها .

الإخوان الطلاب:-

وهنا كان للإخوان الطلاب دور كبير وبارز داخل الجامعة أسفر عن بروز قيادات جديدة شابة نواصل الحديث عنها من بعد إن شاء الله .

وكما أثمر تطبيق المنهج التربوي والإعداد للإخوان في المرحلة التي بدأت عام 54 في إيجاد جيل جديد انطلق بالدعوة الإسلامية في كل مجالات الحياة المختلفة فإن نتيجة لك التطبيق كانت أعمق أثرا واضح في مجال الطلاب والشباب .

وذلك لأن التنشئة المبكرة على أسلوب من التربية تجد قبولا لا فطريا وترسيخا بصورة أثبتت عند الصغار والشباب عن غيرهم ممن يتلقونها في كبر ولا شك أن تركيز عمل الدعوة في المدارس الوسطى والثانويات في تلكم المرحلة المبكرة أدى بحمد الله وتوفيقه إلى تزويد المعاهد العليا والجامعات بفصائل ناضجة وأدى إلى انبثاق تيار إسلامي قوى في جامعة الخرطوم ما يزال أثره باقيا إلى يومنا هذا وتميز ذلك التيار بسمات تدين واضحة وبرز جيل من الإخوان يتحلي بالشدة واتيان العزائم ( منهم مدرسة جعفر ميرغني ) وظهرت أسماء لقيادات طلابية جديدة في محيط الطلاب ثم بعد ذلك انتقلت إلى المحيط العام أفرختها مجالات وممارسات العمل الإسلامي والعمل المناهض للحكم العسكري ومن خلال الاتحاد منهم جعفر شيخ إدريس ومحمد صالح عمر وعمان خالد وجعفر ميرغني وعبد الله حسن وأحمد عبد الله الترابي ومالك بدري وأحمد عبد الرحمن ومبارك وقسم الله وغيرهم من القياديين ثم في كثير من الأحداث فيما بعد نذكر منهم عبد الرحيم حمدي حافظ الشيخ الزاكي , منير عبد الحكيم وغيرهم كثيرون .

ولسنا هنا بصدد رصد نشاط الإخوان بالجامعة من داخل الاتحاد ولكن لابد من تأكيد الدور الرائد لهم في مناهضة الحكم العسكري مما أدخلهم في صراع مع السلطة في مراحل متعددة من خلال مذكراتهم بالمطالبة بعودة الحرية والديمقراطية وصدامهم بالسلطة حتى أبريل 64 ويهمنا هنا أن نذكر أن القيادات التي أفرختها الجامعة في تلكم المرحلة هي التي أتيح لها أن تجمع بيدها زمام أمر الجماعة وقيادها منذ تلك الفترة المبكرة وابتداء من مايو 1962 وهو التاريخ الذي حصل فيه التغيير الكبير في مسار الجماعة عند انعقاد مؤتمر العيلفون المشهور وذلك كان أمرا طبيعيا ولا استثناء فيه أن تجد هذه العناصر الشابة المتحمسة الواعية المجال منبسطا مفتوحا لتلجة بكل يسر بكل ما تحمله ثناياها من تصور وتطلع وأفكار واتجاهات وطموحات وأمال ودعونا نقف هنا ونترك الأحداث تحكي لنا عن قصة طويلة أبعادها ( متشابكة) ونتائجها ( مربكة ) نزخر حوشيها ( بالغرائب ) ويعج مستواها ( بالثواقب ) ( هي قصة تحول مسار جماعة , الثقة كانت ديدنها والإخوة كانت من خلقها والتجرد كان من فطرتها والبذل الخالص كان من مسلكها .

مؤتمر العيلفون

في يوم من أيام مايو 1962 اجتمع أعضاء الهيئة التأسيسية وغيرهم من الإخوان من العاصمة وبعض الأقاليم ومن العناصر الشابة التي برزت في الساحة وذلك في أول لقاء كبير دعي له بعد قيام الحكم العسكري في 58 وقد استضاف الأخ عثمان خالد هذا المؤتمر في إحدى مزارعهم الوارفة الظلال هناك في العيلفون .

وترأس الجلسات الأولي الأخ يوسف الخليفةأبو بكر وكان أول ما بدأ به المؤتمر هو تعديل الدستور ونذكر أننا أشنا من قبل أن دستور الإخوان المسلمين الذي تم وضعه كمسودة بعد مؤتمر 54 وتم إقراره في أول هيئة تأسيسية عام 55 بعد نقاش طويل مستفيض ودراسة متأنية أياما طويلة أصبح له احترامه وقداسته لدى تلكم المراحل وذلك إذ لم يكن بهذا الدستور إلا مقاصد شرعية وأهداف واضحة ووسائل سليمة وقواعد متينة .

واستمرت الجلسات في قراءة كل بند ونص إضافة به أو تعديلا له ثم بعد الجلسات الأولي وصل المكان الأخ حسن عبد الله الترابي وقد كان خارج القطر في دراسته العليا .

وبعد حضوره كان يشارك برأيه في كل تعديل وكان أكثر المشاركين حماسة وفصاحة وحديثا وسردا للنصوص ( القانونية ) بل كان أكثر الجالسين حرصا على توجيه وقيادة هؤلاء الإخوة والذين أتي أكثرهم للمؤتمر دون أن يكن في ذهنهم فكرة مسبقة عما يجب أن يفعل في أمر كبير كتعديل دستور الجماعة الأساسي الذي سارت عليه حقبة من الزمن استرشدت به وحققت انجازات كبيرة على ضوئه في كل المجالات ذكرنا شطرا منها سابقا , ( وأننا لأول مرة ننشرها هنا نصوصا كاملة لوقائع ونتائج هذا المؤتمر تباعا لنرى كيف ولأول مرة في تاريخ الجماعة تصدر عدة آراء من أعلى هيئة في الجماعة تتحدث عن عدم كفاية ( نظام الأسر ) وعن النظرات ( الخاطئة ) التي ورثناها فيما ورثنا من إخوان مص وعند استمرار النقاش في التعديلات رأي رئيس الجلسة الأخ يوسف الخليفةأن يتنازل عن إدارة الجلسة لأكثر الأعضاء كفاءة دستورية ولأكثرهم طلبا للحديث ( لعله أراد أن يخرج من الحرج من إعطاء فرص أكثر لأخ واحد دون غيره هو الأخ الترابي ) ووافق المجتمعون على قرار الأخ يوسف بالتنازل عن إدارة الجلسة وتولاها الأخ الترابي إلى يومنا هذا .

واستمرت جلسات المؤتمر إلى وقت المساء حيث تمت التعديلات الدستورية العديدة حيث أصاب سهم التعديل بنودا أساسية مما سيري القارئ فيما بعد ... جعلنا نطلق عليه يومذاك في أسلوب نقدي واضح ( دستور الترابي ) وهنا أذكر ملاحظة ذكرها لأى الأخ على محمود حسنين في أثناء المداولات وكان يعمل بالمحاماة وانتقل من الجماعة للوطني الاتحادي بعد وفاة الأزهري وهجرة الشريف وعابدين وقال لنا بنبرة حزينة أن هذا الرجل سيخرب هذه الجماعة ,ذكرنا هذه الملاحظة من بعد ... بعد سنوات طويلة ذكرناها ككلمة ملاحظة ما كانت عابرة لا كلمة ماكره ولا عداوة سافرة .

مرحلة جديد قد بدأت
مقدمة : - من المؤكد أن مرحلة جديدة تحمل في طياتها توجها حديثا على طبيعة دعوة الإخوان السنية السلفية المنهج قد بدأت أثر جلسات ونتائج مؤتمر مايو 1962 ذلكم التوجه الذي حملته العناصر الشابة التي كما قلنا قد أفرختها الجامعة حينذاك ووجدت المجال منبسطا مفتوحا لتلجه بكل يسر وبما تزخر به تطلعاتها وأمالها وكذلك بما تحمله من توجهات متباينة ذلكم التباين الذي أسفر حثيثا بعد ذلك عن شرخ عظيم .

استعراض بعض قرارات مؤتمر 1962

القسم الأول :-

ولنبدأ أولا باستعراض بعض قرارات ذلك اليوم لنري أى منحني سلكته ؟ فقد جاء في مقدمة البيان الذي صدر بعدة :

وثيقة

( كان المفهوم الرئيسي الذي قامت على أساسه دعوة الإخوان هو الشمول للدعوة الإسلامية وكمالها والاعتقاد بأنها طريق ومنهاج للحياة في جميع ميادينها وقد ظلت كتب ومنشورات الإخوان في مصر حتى المحنة الأخيرة تدعو وتشرح الخطوط العريضة والعامة للدعوة دون الدخول في تفصيلات القضايا أو جزئياتها حتى أن بعض هذه المفاهيم كان يكتنفه بعض الغموض ) وكذلك كثرت الشكاوي من عدم كفاية نظام الأسرة في مجال العمل الثقافي من الروتينية والكآبة التي تتميز بها الأسرة ومن عدم حيوية البرامج وتطرقها لمسائل الحياة العملية .. وتكرر السؤال نجند الناس ليفعلوا ماذا ... أكثر من مرة مدللا بذلك على حدة الحيرة خيم على الجماعة في السنوات الثلاث الأخيرة ومن أبرز الأمثلة المشاكل التي ثارت حول اشتراك الإخوان في الجبهة الوطنية بحجة أن ( التعاون ) مع الأحزاب الفاسدة يعد ضربا من انحراف الفكري والخلقي وقد نشأت هذه النظرة الخاطئة عندنا إلى حد ما من النظرة التي ورثناها فيما ورثنا من إخوان مصر في علاقاتهم مع الأحزاب المصرية وقد تسببت هذه الظروف في خلق عقدة لدى الإخوان هناك في مصر وهنا وبالتالي من الأحزاب.. كأحزاب وتسبب هذا في خلق الانشقاق في الرأي الذي أبداه كثير من االإخوان عند فكرة الجبهة الوطنية .

انتهى النص

سبحان الله !!

ليت كل قارئ اليوم لهذه الكلمات يدرك ما تكنه من محاولة تكسير لقواعد أساسية قامت عليها عودة الإخوان في العالم كله ولا أخال الدعاة من الإخوان إلا أنهم يدركون قبل غيرهم مرامى كل جملة سردناها ولا أخالني إلى الحدي هنا عن سلامة نظام الأسر عند الإخوان وأهدافه التربوية وما قد حقق في المراحل السابقة.

ولا أخالني في حاجة بحاجة أن أدافع عن موقف الدعوة الإسلامية من الأحزاب ولا أبادر عن الحديث عبر هذا الاتجاه الجديد الصريح المستعجل للدخول في الجبهات الحزينة أو تكوينها والذي انطلقت شرارته من خلال مداولات مؤتمر 62 وقراراته وتوصياته والتي أجيزت فيما بعد وأصبحت منهاجا دون أن يفطن لها أحد.

ذلك الحديث سوف يطول مداه .. ولكن من المؤكد أن مرحلة جديدة لها طبيعتها الحديثة على طبيعة دعوة الإخوان السنية السلفية المنهج بدأت تلكم حقيقة لم يدرك أبعادها إلا بعد أن تأصلت فكرا ومنهاجا وعملا وتخطيطا وتنفيذا لم يدرك أبعادها إلا بعد أن تأصلت فكرا ومنهاجا وعملا وتخطيطا وتنفيذا لا يدرك حقيقة ما يزال الكثيرون في عمى عنها حتى بعد أن سلكت وأفرخت قلنا أن بدايتها كانت عندما تنازل الأخ يوسف الخليفةعن رئاسة المؤتمر لغيره ولكن دعونا أولا نواصل تقديم نصوص قرارات الهيئة التأسيسية .

قرارات المؤتمر الخامس للجمعية التأسيسية تعديلات دستورية

المادة الأولي :

1- الاسم الإخوان المسلمون هيئة إسلامية ح زفت كلمة هيئة إسلامية لعدم ضروريتها .
2- أضيف إلى الدستور باب اسمه مبادئ عامة توضح فيه طبيعة الدعوة وأجيز فيه مبدأ واحد من المبدأين المقترحين لتوضيح طبيعة الدعوة .
الأول خاص بطبيعة الدعوة ( مسلمين أو غير ذلك ) والأخر موقف الجماعة من الحكم وعليه فقد أصبحت الدعوة كما عرفها الدستور .
هذه الدعوة حركة دستورية هدفها تبليغ الإسلام ... الخ الجهاد مشروع إذ قام حكم مبني على كبت الحريات وإرغام الشعب ؟ انتهى
3- ثم انطلقت التغيرات في الأهداف والوسائل السابقة في الدستور السابق إلى صيغ جديدة في كافة المجالات ومن الأهداف والوسائل في ميدان السياسة والنظم الاقتصادية والشئون الاجتماعية والعمل الثقافي ونش الدعوة مما تحتاج إلى مجلد مطول للوقوف عندها سردا واستقصاءا وتدبرا وحقيقة نذكرها أن بعض ما فيها كان صوابا لا تبديل فيه ولكن مما لا شك فيه أن سياسات جديدة قد دخلت ووجدت مجالها في التطبيق بعد شهور قليلة منذ وضعها وبعد نجاح ثورة أكتوبر 1964
4- ولأول مرة صدرت إدانة للأخ الرشيد الطاهرفي محاولته الانقلابية على عكس قرار مؤتمر وادي سيدنا ودخلت العناصر الشابة في المراكز القيادية من المكتب التنفيذي للجماعة والأجهزة الأخرى منهم جعفر شيخ إدريس وحسن الترابي ومحمد صالح عمر وعثمان خالد وأحمد عبد الرحمن مع الأخ صادق عبد الله ومحمد يوسف ومبارك قسم الله وعبد الرحيم حمدي وأحمد عوض الكريم وغيرهم .

وبعد أجازة الدستور الجديد بواسطة الهيئة التأسيسية انطلقت أجهزة الجماعة في مجال العمل السياسي خلال العام الثاني كمناهضة للحكم العسكري داخل الجبهة الوطنية وخارجها ونشط العمل في محيط العمال والمعاهد العليا والجامعة واشتد أوار المعارضة في أروقة الجامعة بقيادة العناصر الإخوانية التي كانت مسيطرة على الاتحاد ( حافظ الشيخ ) ثم بعد اعتقالها لجنة الأخ ربيع حسن مستغلة قضية الجنوب التي كانت موضع الساعة حينذاك في 64 وأقيمت سلسلة من الندوات اشترك فيها الأخ المرحوم محمد صالح وعمر وحسن الترابي وغيرهم ومن غير القرشي وكانت منطلقا وبداية لتغيير الحكم في أكتوبر 64.

ولم تقتصر الاندفاعية السياسية على الطلاب وحدهم بل كانت الشعب الخارجية تشارك بقدر كبير فيها واذكر أن مسئولي العاصمة شغلوا جزاء كبيرا من وقتها في الكتابة لكل كباء وأعيان السودانيين في كل عواصم المديريات وتم حصر مائات الأسماء وفي تصرف غير موفق وأودعوا في ليلة واحدة ألوف ( الظروف ) المتشابهة فيما ذلكم المنشور إلى صناديق من مكاتب البريد في صبيحة اليوم التالي وأحرقتها كلها وهو النشرة التي صاغها الإخوان يدعون فيها للثورة ضد الحكم العسكري ولا بد هنا من طرح السؤال الأساسي والوقوف عنده وقفة متأنية صريحة بينة ماذا كسبت الدعوة الإسلامية من هذه الانطلاقة السياسية وفق تصوراتها الخاصة ومنهجها الأساسي بل ماذا كانت مكاسب الأمة السودانية وخساراتها من انتقال السلطة من عبود إلى رجالات الأحزاب ؟ سؤال لابد من أن نعرضه ... ما هي مكتسبات الدعوة أو خسائرها من تلكم الانطلاقة السياسية العارمة والتي امتدت طويلا بعد مؤتمر العيلفون في مايو 62 وفق تصورات الدعوة الإسلامية ومناهجها الأصولية الشرعية منها والفكرية بل ماذا كانت مكاسب الأمة السودانية جمعاء من التحولات السياسية في أكتوبر 64 وبعده وخسارتها ؟ قلنا إن الإجابة على هذين السؤالين ستوضحهما الأحداث التي جرت والأمور التي أحدثت والنتائج التي أدركت ثم الأوضاع العديدة التي استقرت والتي نذكرها بإذن الله مفصلة .

وقفة أخيرة عند قرارات مؤتمر 62

وهنا لابد أخيرا أن نؤكد أن التغيرات الأساسية التي أحدثت في دستور جماعة الإخوان المسلمين عام 62 لم تكن أمرا عارضا البته بل توجها منظما ساقه تيار جديد في مجراه وكانت أزمة قيادة في يمين شباب متطلع ولم يكن هناك كابح لجماحه و معترض على مساقه فانطلق بها فاتحا صفحات جديدة في تاريخ الجماعة بداية ومسارا ونهاية إلى يومنا هذا .

وكما ذكرنا كثيرا أن أغلبية الأفراد الذين كانوا يمثلون القاعدة العريضة للإخوان كانت تغشاهم الطيبة والثقة في كل من يحدثهم باسم الدعوة ويناشدهم باسم الإسلام لا يحمل أحدهم في نفسه خبيئة أو خبيثة ولا يريد بجهاده أن يستكثر من قلة أو يعز به من ذلة وأود ن أسرد هذه القصة التي حكاها لنا الشيخ الأخ صادق عبد الله عبد الماجد يقول أنه بعد نشر بيان المكتب التنفيذي الجديد لقرارات المؤتمر أعطاه اثنان من الإخوان عثمان خالد وأحمد عبد الرحمن صورة من البيان وبكل طيبة والثقة وفي أول زيارة له للأخ الرشيد المراقب العام بالسجن قام الأخ صادق بإعطاء صورة البيان للأخ الرشيد الذي غضب بشدة وتساءل لماذا لا ينتظره هؤلاء بهذه التعديلات الأساسية لحين خروجه من السجن وبعد ذلك علم أخوة المكتب التنفيذي ( هؤلاء بأن صادق عبد الله أعطى صورة البيان للأخ الرشيد ) فغضبوا حتى إذا ما أتيح له أن يخرج من السجن بعد ذلك فإن الواقعة ستكون أمامه حقيقة لا تبديل فيها خاصة وأن من أول التغيرات التي أقرها مؤتمر العيلفون مايو 62 كان موضوع شجب القيادة الفردية ( القائد الواحد) واستبداله بالقيادة الجماعية

الانطلاقة السياسية وثورة أكتوبر 64

وهنا نبدأ أولا بنش تفاصيل حركة الجماعة وفق ما جاء في احدي تقارير المكتب حينذاك.

وثيقة

بدأ المكتب التنفيذي أعماله في أوائل أغسطس 1962 وكان عليه تكليف من مجلس الشورى أن يضع خطة للمقاومة السياسية وخطط أخرى من الأعمال لمكاتبة المختلفة ثم أن يراجع مجلس الشورى في ذلك وقد شرع المكتب في توزيع الاختصاصات وإعداد الخطط ولكنه عمد فورا إلى اتخاذ موقف المقاومة قبل أن يستكمل التخطيط فتلاحقت عليه الأعمال وزحمته التطورات السياسية وانشغل عن التخطيط بالعمل وكان من المشروعات التي لم تمهلها الحوادث .

1/ مشروع جبهة إسلامية تحمل لواء المعارضة مشتركة في ذلك مع جبهة قومية شاملة ومنفردة بتهيئة الخطط .. لوضع الحكم الإسلامي المستقبل, وقد تم إعداد المشروع وجرت بعض الاتصالات مع الشخصيات المرجوة .
2/ مشروع مذكرة سياسية تقدم للعساكر وتنشر على الملأ منطوية على إدانة إسلامية لجوانب الفساد في الحكم القائم وحامله توقيع عدد من الإخوان البارزين وقد كلف الأخ جعفر بوضع المذكرة .
3/ محاولات إدانة للوضع وكان من خطوات المقاومة التي سبق بها الإخوان طلائع الثورة المنشورات السياسية التي أصدرناها حول قضية العمال وقضية الجنوب ووزعناها على نطاق واسع .
4/ ثم ذلك الندوات السياسية التي بداها الأخ عثمان خالد بمحاضرة في نادي أم درمان الثقافي حقق معه حولها البوليس وحدثت بعد ذلك ندوة الجامعة عن الجنوب التي اشترك فيها الأخ الترابي وأعقبتها ندوة جامعة القاهرة التي بزر فيها الأخ محمد صالح عمر وقد تصدى كذلك للرد على تعليق الرأي العام على الندوة وحاول الاشتراك في ندوة أخرى بالجامعة .

ثم تقدم الطلبة الإخوان بتأييد من المكتب التنفيذي فقادوا معركة الندوات المشهورة وتقديم مذكرة الاحتجاج على فض الندوة الأولي وأودعوا السجن مع سائر اللجنة ودافعوا عن إقامة الندوة الفاصلة ثم اندلعت الثورة وكان دور الإخوان فيها بارزا .

فقد قادوا حركة الأساتذة عشية ليلة الندوة وهم الذين حرروا مذكرة الاستقالة والمذكرة السياسية , وتولوا تعبئة حركة القوى السياسية فهم الذين اتصلوا في جنح الليل بالقادة السياسيين وأسهموا في تكوين الجبهة الوطنية الديمقراطية وصاغوا أوائل بياناتها وبرزوا من بعد في توجيه الجبهة القومية وخططوا لجمع الهيئات المهنية لكنها تجمعت من دونهم فادركوا واشتركوا في جبهة الهيئات.. وبياناتها وانتصروا في أول معركة مع الشيوعيين داخل الجبهة وذلك أن ربطوا الهيئات بالجبهة الوطنية الديمقراطية بالرغم من الشيوعيين فتكونت الجبهة القومية الموحدة.

المرحلة 64 -69

جبهة الميثاق الإسلامي والإخوان
الإخوان المسلمين قيادة وقاعدة 64 – 96

مقدمة

إن المرحلة التي قطعتها الدعوة الإسلامية في مجاليها الخاص والعام ما بين أكتوبر 64 إلى مايو 69 لهي أكثر المراحل في تاريخها أحدا أشدها تأثيرا وأوضحها أثرا فالحديث عن الإحداث الهامة العديد التي حصلت لجماعة الإخوان المسلمين في هذه الفترة في كيانها الداخلي وفي إطارها العام سيكون حديثا صعب المراس ليس استقراء نتائجه سهلا ولا سرد حكاياته سلسلا .

وقبل الاستطراد في المجال العام والساحة السياسية وجبهة الميثاق تعالوا نقف عند التطورات التي حصلت بالجماعة ومستوى قيادتها وقواعدها وبنائها الداخلي .

القيادة

إن نجاح ثورة أكتوبر الشعبية كان يعنى زوال الحذر في الحركة في النشاط العام كان يحتم تنشيط الوحدات الأساسية وتقوية البنيات كافة وإعادة بناء ما تهشم منها خاصة في مستوى القيادة والتي لأمر ما كما ذكرنا قرر مؤتمر العيلفون أن تكون قيادة جماعية وألغي النص على القيادة الفردية .

ولكن الأمور لم تجر على هذا المنوال فسرعان ما ظهرت الحاجة بعد نجاح أكتوبر وبروز الجماعة في الساحة السياسية ظهرت الحاجة إلى تحديد قيادة بل وإعلان قائد , وهذا أمر طبيعي إذ لم يكن عمليا أن يصدر أول بيان بعد أكتوبر ممهورا بأسماء قيادة جماعية حتى ولو نص الدستور ( المعدل ) على ذلك حتى ولو كانت القيادة الفردية أمرا مرغوبا فيه الآن في أبريل 1964 حين بقت الأضواء على الأسماء وبرزت شخصية قائد جديد .. وكان من حق الهيئة التأسيسية وحدها تعديل الدستور وأعادته إلى ما كان عليه سابقا حتى يتسنى للمكتب التنفيذي أن يصدر ذلكم البيان وأن ينص على وظيفة أمين عام واحد, وعليه قد دعي على عجل إلى اجتماع عاجل للهيئة التأسيسية في نوفمبر 1964 م وهذا أفسح المجال للأخ احمد محمد بابكر من الرعيل الأول وعضو أول مكتب تنفيذي للجماعة 51/52 كما جاء في السرد الأول ليسرد علينا الرواية التالية .

ملخص لنص رواية الأخ أحمد محمد بابكر انتخاب حسن الترابي

في أواخر 1963 ثار بعض ضباط الجيش بقيادة على حامد العمراني كانت محاولة للإطاحة بالحكم وقد سمع سكان حي بانت والموردة أصوات طلقاتها من سلاح المهندسين واشترك معهم الأخ الرشيد الطاهرالمراقب العام للإخوان المسلمين وبعض المدنيين وأعدم عدد من الضباط وحكم على الأخ الرشيد الطاهربالسجن وقد جاء في أقواله أن اشتراكه لم يكن بقرار من الإخوان المسلمين بل بتصرف فردى منه بذلك أبعد الجماعة من التعرض لبطش السلطة حينذاك .

ثم جاءت ثورة أكتوبر 64 التي ابلي فيها الأخ حسن الترابي بلاء مشهودا وظهر اسمه وأعادت الأحزاب تكوينها بعد ركود ستة أعوام ثم دعى لاجتماعي الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين بأم درمان لم يكن نصابة قانونيا وفي هذا اللقاء العاجل قدم اقتراح بتعديل الدستور وانتخاب أمين عام للإخوان وذلك في بداية الجلسة وانتخب حسن الترابي وذلك بعد أن اغتنم مؤيدو الترابي الفرصة لصب جام غضبهم على محاولة الرشيد الطاهرالفردية ولمدح انجازات الترابي في ثورة أكتوبر 64.

وصدر أول بيان عام من الجماعة باسم حسن الترابي الأمين العام ولأول مرة .

هذا في مستوى القيادة أما في مستوى الأجهزة والمناطق والشعب والأقاليم وفي محاور الطلاب والمرأة والعمال فقد نشط العمل ودبت حركة واسعة وهنا نود أن نستخلص معالم ذلكم كله من تقارير هذه الأجهزة المحفوظة في سجلات الجماعة .

الوثيقة من تقرير مكتب الاتصال والتنظيم

وبقيام ثورة أكتوبر استعل الحماس تلقائيا في شعب الإخوان في الداخل وفي الخارج فأزداد العاملون نشاطا ورجع بعض الإخوان الذين سبق أن توقفوا وانضم أخوة جدد كما تم تكوين شعب جديدة ارتفع الرقم من 30 إلى 57 شعبة كما تم ربط الأقاليم المختلفة بمكتب موحد للعاصمة المثلث ينسق بين المناطق الثلاثة ويكون حلقة الوصل بين العاصمة والمكتب المركزي وأشرف ميرغني سلمان على شعبة الأقاليم وأشراف عيسي مكي على مكتب العاصمة وكان المسئول عن المكتب المركزي عن جهاز الاتصال والتنظيم هو الأخ مبارك قسم الله هو المسئول التنظيمي الأول وبقي الإخوان الآخران في مسئوليتهما حتى أبريل 69.

في مجال المرآة

نشط العمل في المجال العام دون المجال الخاص بتنظيم الأخوات حيث تقرر تكوين جبهة نسائية على قرار تكوين جبهة الميثاق الإسلامي ويبدو أن التوجه العام الذي بدأ يضفي نهجه على الأجهزة كان له الأثر الأول على ذلك ويشير إلى ذلك التوجيه الصريح لكلمات التقرير أدناه الذي ننشر صفحة منه لأهميته .

الجبهة النسائية

بروت الجبهة النسائية عقب ثورة أكتوبر لتوعية المرأة وحمايتها من الانحراف ولتقديم قيادة إسلامية للوسط النسائي وضمت الجبهة تحت لوائها أكتوبر مجموعات كبيرة من المتحمسات للإسلام والحادبات والعاطفات وقد سبقت ثورة أكتوبر وتكوين الجبهة النسائية ندوات كثيرة عقدت في المنازل اهتمت بالجانب الثقافي والاجتماعي وكانت بداية لتجميع العناصر الإسلامية الحية وربطها بعد أن خلدت واستسلمت للراحة والسكينة والحياة الرتيبة ووجدت هذه العناصر مجالا كبيرا في العمل في الجبهة النسائية ووجد نشاط الجبهة ترحابا حارا في الوسط النسائي وبدأت جماهير النساء تلتف حولها بدرجة أفزعت رائدات الاتحاد النسائي والعناصر الشيوعية مما جعلهم ينظمون حملات مسعورة ضد رئيسة الجبهة النسائية السيدة سعاد الفاتح البدوي.

نشاط الجبهة النسائية

النشاط السياسي ومعركة الانتخابات لعبت دورا كبيرا في تحديد خط سير الجبهة ففي الليلة السياسية الأولي للجبهة القومية الموحدة أعلنت السيدة رئيسة الجبهة اتجاه الجبهة الإسلامي وكذلك وضح هذا جليا في دستور الجبهة النسائية ولكن حتى قرب بدء الانتخابات لم تحدد علاقة الجبهة بالإخوان أو جبهة الميثاق ولم تجرؤ على اتخاذ الانتخابات لم تحدد علاقة الجبهة بالإخوان أو جبهة الميثاق ولم تجرؤ على اتخاذ خطوة في هذا السبيل خاصة وقد أعلنت رئيسة الجبهة في تجمع نسائي كبير عقد بحديقة الموردة عدم وجود أى صلة للجبهة النسائية بتنظيم الإخوان أو أى تنظيم إسلامي وأذكر أننا في مكتب الجبهة التنفيذي قررنا أن نخلق هذا التجمع النسائي وفقا لدستور الجبهة النسائية وأن نعمل في نفس الوقت على خلق جهاز قوى للأخوات يقوى على تسيير دفة الجبهة , وفقا لتوجيهات المكتب التنفيذي للإخوان ولكن يظهر أن هذا الأم لم يجد استجابة أو قبولا لدى المسئولات وأهمل ولما قربت المعركة الانتخابية بدأت فروع كثيرة للجبهة النسائية تتساءل عن موقف الجبهة حيال الصراع الحاد في المعركة الانتخابية وبعض هذه الفروع ولم ينتظر أى تعليم أو توجيهات بل بدأ يعمل في وضوح لتعضيد دعوة جبهة الميثاق الإسلامي واستطاع أن يحرز قصب السبق في العمل السياسي في الوسط النسائي كما حدث ( ووضح ذلك في نتيجة الانتخابات وقد أوشك أن يبرز العمل باسم الميثاقات .. وفي هذا الوقت والظروف التي تعمل فيها النساء كما كان الحال الدائرة الشمالية إذ خاضت جبهة الميثاق الإسلامي بطريقة تندد بالمرأة وتدين العمل في الحقل النسائي وكان لهذا أثرا سيئ

جبهة الميثاق الإسلامي 64 -69والساحة السياسية

مقدمة

في المجال السياسي تمخضت هذه المرحلة 64- 69 عن أحداث وتغيرات جذرية عديدة ومتشابكة ليس في كل مستوى الدعوة الإسلامية بالسودان في كيانها الداخلي أو في إطارها العام بل في الساحة السياسية كلها والأمة السودانية عامة ونحن كدأبنا نتعرض لها فقط على قدر أثرها على جماعة الإخوان سلبا أو إيجابا .

سجل لبعض الأحداث العام 64 -65
20/10/64 ميثاق وتكوين أول حكومة انتقالية برئاسة سر الختم الخليفة.
نوفمبر 64 الشيوعيون يسيطرون على جبهة الهيئات ويكون لهم 8 وزراء في الحكومة الأخ محمد صالح عمر وزيرا للثروة الحيوانية .
6/12/64 الاجتماع التأسيس لجبهة الميثاق الإسلامي وانتخاب الهيئة العام وانتخاب حسن الترابي أمينا عاما .
15/11/64 تنازل عبود وتكوين مجلس سيادة وطني موقف فذ وصلب للأخ محمد صالح عمر داخل الوزارة وخارجها لإسقاط حكومة سر الختم الخليفة .
21/12/ 64إصدار جريدة الميثاق الإسلامي
21/4/65 الانتخابات العامة
-/6/65 تكوين الحكومة الائتلافية, أمة ووطني اتحادي.
15/8/65 استقالة الرشيد الطاهرمن جماعة الإخوان .

15/12/65 ثورة رجب وحل الحزب الشيوعي السوداني وفي الساحة السياسية وبعد تحري ميثاق أكتوبر تكونت الحكومة الانتقالية والتي أرادوا لها رئيسا محايدا فوقع اختيارهم على المعلم سابقا سر الختم الخليفة رئيسا للحكومة مع وزراء جبهة الهيئات ووزراء الجبهة القومية من الأحزاب وكان نصيب الإخوان وزير واحد هو الأخ الشهيد محمد صالح عمر وزيرا للثروة الحيوانية وسرعان ما ظهر أن اختيار سر الختم كان غير موفق إذ بدى ضعفه وتردده أمام التيار اليساري ظاهرا كان الشيوعيون يسيطرون على جبهة الهيئات وبذا استطاعوا أن يدخلوا حوالي (8) ثمانية وزراء في الحكومة وأصبحت قضية إعادة الديمقراطية وإجراء الانتخابات بواسطة هذه الحكومة أمرا مشكوكا فيه لعدم رغبة اليسار في ذلك وهو في ظل هذه الحكومة في وضع مريح.

وهنا موقف لا يذكره الناس كثيرا موقف الأخ محمد صالح عمر الصلب المقدام من هذه القضية التي أن تكن قد حسمت بما حسمت عليه لكانت الأمور كلها أخذت مجاري أخرى فلم يرد الله تعالي لرحمته ذلك فأخذ الأخ محمد صالح على عاتقه مهمة الوقوف أمام تجمع اليساريين القوي مع رئيس الحكومة ضاغطا عليه حتى تبدأ الحكومة الإجراءات التي عينت من أجلها وبالتعاون خارج الحكومة مع الأمة والوطني الاتحادي وداخل الحكومة بمواقف محمد صالح عمر الصلبة تم إسقاط الحكومة وتم تعيين الحكومة الثانية التي كانت سيطرة الأحزاب واضحة وكان نصيب الشيوعيين وزير واحد وكذلك مثل الإخوان بوزير واحد اختير له هذه المرة الأخ الرشيد بكر وبذلك انقضت مرحلة حرجة في تاريخ هذه الأمة وكان أهم ما بدأت فيه الحكومة الثانية الشروع في إجراءات الانتخابات العامة الأولي بعد ثورة أكتوبر.

الفترة الثانية 58 -64من الحكم العسكري الأول إلى ثورة أكتوبر 64

قام جبهة الميثاق الإسلامي في الأسبوع الأول من ديسمبر 64 دعى إلى مؤتمر عام اشترك فيه بجانب الإخوان بعض الإسلاميين مع امتناع بعض الجماعات الإسلامية من الاشتراك فيه لأسباب تعود لتجربة جبهة الدستور الإسلامي في 1956 وفي هذا الاجتماع تم انتخاب الهيئة العامة للجبهة والتي تنتخب بدورها اللجنة المركزية وتم انتخاب الأخ حسن الترابي أمينا عاما.

( والذي نقوم فيما بعد بنشر صحائف منه ) والذي ينص الباب الأول منه)

مادة ( 1) الاسم جبهة الميثاق الإسلامي
مادة (2) المركز أم درمان
مادة (3) جبهة الميثاق الإسلامي منظمة إسلامية شاملة تستهدف إيجاد مجتمع مسلم تقوم عليه حكومة مسلمة .

نقوم إن شاء الله بمواصلة نشر كل مواد دستور الجبهة للإحاطة علما بتفاصيله

1/ لم تنشأ جبهة الميثاق من فراغ
2/ كان قرار إنشائها قد أصدره مجلس شورى جماعة الإخوان في نوفمبر 1964 بتصور واضح حينذاك هو أن تكون واجهة سياسية للجماعة وليس بديلا عنها .
3/ لم تقم أى وحدة من بنياتها في العاصمة ولا في كل الأقاليم إلا على جهود أفراد الجماعة ووحدتهم التنظيمية الأساسية الصلبة وهذا ما أشرنا إليه في حلقة سابقة أسوة بجبهة الدستور الإسلامي .

ذكرت هذه الحقائق الثلاثة أعلاه في صدر الحديث عن تكوين جبهة الميثاق الإسلامي حتى تكون بارزة واضحة عندما نغوص في بعد الأحداث بعدئذ ولكي تكون بارزة واضحة في أذهاننا أيضا عند ذكر دور جماعة الإخوان المسلمين في الساحة السياسية في هذه المرحلة ولكن تكون بارزة واضحة عندما يتوهم البعض أن الجبهة قامت ونجحت على نداء زعامة أو عظيم شعارات أو سلامة مبادئ أو ضرورة حاجة أو متانة موقف أو دقة تنظيم .

أما مدى انطباق توجهاتها مع منهج الدعوة الإسلامية ( السنية السلفية) في نهجها الشرعي والفكري فذلك قصد لا نتطرق إليه هنا .

في 31/12/1964 صدرت جريدة الميثاق الإسلامي صادق عبد الله في رئاسة التحري ويس عمر سكرتيرها فكانت صفحة عامرة حية .

وكونت لجنة الانتخابات وقانونها ودخلت البلاد في حلبة صراع شديد وقررت جبهة الميثاق الإسلامي خوض هذه الانتخابات ولأول مرة في تاريخ الجماعة وذلك موقف سيطول الحديث عنه سيقدم مفصلا في مجاله .. وفي هذه الفترة تصاعدت الحملة التي يشنها النظام الناصري على الإخوان في مصر وقد رأي الإخوان في السودان أن يتبني الجهاز السياسي ( الجبهة) حملة قوية لكشف المخططات ( اليسارية الغربية الصهيونية ) التي ينفذها جمال عبد الناصر في مصر ضد دعاة الإسلام وتوجه مصر الإسلامي في يوم 3/9/65 قررت اللجنة المركزية للجبهة أن تبدأ هذه الحملة وتنشر صفحة من التوجه الذي صدر .

في مجال العمل السياسي

قررت الجماعة أن تخوض معركة الانتخابات الأولي بعد عودة الديمقراطية بعد ثورة أكتوبر 64 ولا شك أنها أول تجربة لها أن ( تنزل ) الدعوة الإسلامية في مثل هذا الميدان منذ نشأتها في السودان .

وهنا أفسح المجال ولأول مرة لنشر التقرير الأساسي الذي وضع بعد نهاية الانتخابات كاملا ( وأقول لأخوتي الذين أشاروا إلى بعدم نشره على أساس أنه يكشف سترا لحركة سير الدعوة الإسلامية في وقت من الأوقات معذرة فليست في حيثياته كلها ما يضر نشه الآن بل أن ما ينشر عن تاريخ الجبهة ورجالها الآن لهو أهم وأخطر مما يحتويه هذا التقرير التاريخي البحث , ثم لابد مما ليس منه بد أننا نقصد أن نعطي الدعاة وغيرهم صورة غير ناقصة عن مسار هذه الجماعة بإذن الله وتوفيقه ).

الوثيقة
تقرير عن المعركة الانتخابية من تقارير لجان الجبهة

مقدمة :

أن تقيم أى عمل لابد أن يتعرض لعوامل النجاح والفشل المباشرة وغير المباشرة التي أدت ذلك الفشل ولقد كانت المعركة الانتخابية عملا غنيا بالتجارب وتعدت فيها أسباب النجاح والفشل على السواء وعلى الرغم من أن التقارير النهائية عن الانتخابات لم تصل بعد من معظم الأقاليم إلا أن الحقائق الأولية التي لدينا والتقارير التي وردت حتى الآن تكون صورة تقارب الواقع .

لقد كان الهدف الأساسي من تكوين جبهة الميثاق الإسلامي وهو نشر الفكرة السياسية الإسلامية وفي هذا المجال نستطيع أن نقول الجبهة قد حققت نجاحا باهرا في هذه الغاية فقد كان للجبهة مركز القياد في جميع أنحاء السودان , على جميع الأحزاب من ناحية النشاط السياسي فقد أرسل المركز العام وفودا على أعلي مستوى القيادة إلى كل المدن الرئيسية في شمال السودان وغرب وشرق ووسط السودان كما أرسلوا وفودا أخري جابت نفس المناطق داعية لجبهة الميثاق الإسلامي هذا إلى جانب النشاط الإقليمي الذي قامت به لجان الجبهة والنشاط الداخلي الذي قامت به كل دائرة انتخابية على حدة وقد أفادت تقارير الأمن خاصة في مديرتي كردفان ودار فور أن الجبهة هي أكثر الأحزاب نشاطا وأنه لم يحدث نشاطا وأنه لم يحدث في لياليها ما يخل بالنظام قط.

وبهذا النشاط استطاعت الجبهة أن تخلف رأيا عاما إسلاميا كانت الترجمة العملية له هي الإعداد الهائلة التي أقبلت على جبهة الميثاق ولقد رشحت الجبهة في أكثر من ثمانين دائرة انتخابية كان مجموع من صوتوا لمرشحي الجبهة يزيد على خمسين ألف ممن اشتركوا في عملية الاقتراع كما أن عمل الجبهة في هذه الناحية لم يقتصر على ضم العضوية للجبهة فقط بل تعداه بالتأثير على قواعد الأحزاب وقياداتها لقد شعرت قطاعات كبيرة من المواطنين بتجاوبها مع دعوة جبهة الميثاق وقد عبرت عن هذا التجارب في كل المناسبات على الرغم من عدم انضمامها لصفوف الجبهة وقد كان لهذه المجموعات أثر واضح على قيادة الأحزاب حتى أعلنت جميعها التزامها بالوقوف إلى جانب الدستور الإسلامي ولقد كانت الجبهة هي الحزب الوحيد الذي أدار معركته الانتخابية على أساس أن مهمة الجمعية المقبلة هي وضع الدستور الإسلامي ولقد استطعنا أن نرفع من وعي الجماهير إلى هذه المهمة الأمر الذي لم تركز عليه الأحزاب الأخرى .

2/ أن من أشهر المكاسب التي حققناها في هذه المعركة هي أننا تمكنا وفي ظرف ضيق أن نخلق تنظيمات للجبهة في معظم مدن وقرى السودان الشمالي وفي بعض أجزاء من الجنوب واو, ملكال , جوبا , حتى لقد صارت عضوية الجبهة لا تنحصر في العاصمة أو المدن الرئيسية أن لنا الآن أجهزة إقليمية نستطيع عن طريقها الاتصال بالمواطنين مباشرة ونضمن لنا صلة دائمة بهم وأنه من رأينا أن هذه التنظيمات وقد تمت على عجل تحتاج إلى بعض المراجعة وتجديد الصلة لتضمن استمرارها وتكييفها لظروف العمل التنظيمي المستديم.

كما أننا قد دخلنا المعركة الانتخابية لأول مرة وقد كانت تنقصنا الخبرة الانتخابية فلم تكن مقلا ندرى أهمية التسجيل وأهمية الطعون وطريقتها وأهمية ترحيل الناخبين وطريقة الاتصال بهم اتصالا مباشرا ولم يكن في مقدورنا تقدير المتطلبات المادية لمعركة كهذه لقد أصبحت كل هذه الأشياء تجربة معاشة ونعتقد أن اكتمال هذه التجربة يعد في حد ذاته أحد عوامل النجاح في معركتنا الانتخابية .

أن من أبرز ما قامت به الجبهة في هذه الفترة هو الجهد الفكري الذي بذله أعضاؤها بشرح حقيقة الإسلام ودفع الشبهات عنه واستنباط البرامج العملية وملاءمتها على واقع الناس ولقد استطاعت بقوتها الفكرية أن تدحر الاتجاه العلماني الذي كانت تسير عليه الأحزاب الأمر الذي جعلها تعلن في ليالها السياسية وتضمن في برامجها الالتزام بالفكرة الإسلامية كما أن قوة الجبهة الفكرية كانت العامل الأساسي في انحسار النشاط الشيوعي بعد المد الذي شهدته البلاد عقب الثورة مباشرة أن إسقاط جميع مرشحي الحزب الشيوعي والمنظمات التابعة له في جميع الدوائر الإقليمية يعد في ذاته نجاحا انتخابيا لجبهة الميثاق الإسلامي .

ولقد كلل عمل الجبهة الانتخابي بنجاح ثلاثة من مرشيحها الرشيد سليمان, الطاهر , في الدوائر الإقليمية فإذا أخذنا في الاعتبار حداثة تكوين الجبهة وعمر تجربتها القصيرة فإننا نستطيع أن نقول وبكل تأكيد أن نجاح هؤلاء المرشحين هو نجاح كبير للجبهة على الرغم من أن بعض المناطق كانوا في المرتبة الثانية وقد فاتهم بما لا يزيد عل المائتي صوت الأمر الذي يؤكد الأمل بالنجاح في مثل هذه الدوائر في المستقبل إن شاء الله كدائرة الشيخ عبد الرءوف التكينة والدكتور عبد الله المبشر والشيخ الحاج الزاكي كما أننا نضع في الاعتبار أن عددا أخر من النواب الذين نجحوا كمستقلين أو من قطعوا بذلك وعدا أمام ناخبيهم ومنهم مما لا نشك في صدقه الأمر الذي يؤكد أننا لن نقف معزولين داخل الجمعية التأسيسية لقد تضافرت عوامل كثيرة في تكييف عملنا الانتخابي كان لبعضها أثره المباشر سواء كان في عدم نجاح بعض مرشحينا أو في الأصوات التي نالها بعض المرشحين .

ومن أهم هذه العوامل عدم اشتراكنا في معركة تسجيل الناخبين وقد نتج عن ذلك أن أقبل على التسجيل الأشخاص المنضمين إلى الأحزاب الأخرى تحت إشراف أحزابهم ووقف عدد كبير من المواطنين بمعزل عن معركة التسجيل وهم عن غير المتحزبين أو غير المتحمسين للأحزاب وهم العنصر الذي استطاعت الجبهة أن تستوعب قطاعا كبيرا منهم , لقد كان لإشراف الأحزاب على تسجيل مؤيديها بعض الالتزام الأدبي بالتصويت لها الأمر الذي عرقل كثيرا في كسبهم إلى صفوف الجبهة. إن العوامل الرئيسية التي أدت على عدم اشتراكنا في تسجيل الناخبين هي .

أ/ إن أجهزة الجبهة الإقليمية لم تكن قد اكتملت بعد عند بداية التسجيل وقد كان جهد العاملين في الجبهة منصرف إلى إكمال هذه الأجهزة .
ب/ لقد كان شهر فبراير شهر تسجيل الناخبين مليئا بالأحداث السياسية التي صرفت الكثير من وقت قيادة الجبهة.
ج/ لم نكن لعدم خبرتنا بالعمل الانتخابي نقدر أهمية تسجيل الناخبين وما يترب عليه من آثار .
2/ ولقد كان لدخول المرأة لأول مرة عامل ضار لمرشحى الجبهة فقد أثبتت الإحصائيات التي وردت إلينا حتى الآن أن أعدادنا ضئيلة من النساء قد صوتت إلى جانب الجبهة وأن الأحزاب الأخرى اعتمدت اعتمادا كليا على أصوات النساء .

فقد اهتمت الأحزاب بتسجيل النساء الأمر الذي لم تبذل الجبهة فيه أى جهد كما أن النساء بحككم البيئة قد صوتت إلى جانب الأحزاب التقليدية في كل الدوائر الإقليمية ما عدا دوائر العاصمة فقد كان هناك انعطاف واضح إلى جانب الحزب الشيوعي الذي ركز حملته الانتخابية تركيزا واضحا في أوساطهن .

ولقد كان للولاء الطائفي أثر واضح في تحديد اختيار النساء بصورة أوضح من الرجال كما أن رجال الأحزاب قد استغلوا جهل النساء فاستعملوا الأساليب الملتوية في كسب النساء كالغش والخداع وهي أساليب ما كان في مقدور الجبهة أن تجاوبهم فيها ... لقد أثبتت لنا التجربة أن أسلوب العمل الجماهيري العام الذي اعتمدنا عليه كإقامة الليالي السياسية والندوات لا يكفي لإقناع الناخبين للتصويت لمرشح معين وأن هذه الليالي السياسية والندوات لا يكفي لإقناع الناخبين للتصويت لمرشح معين وأن هذه الليالي تساعد فقط في الإقناع العاطفي وأن الاتصال الفردي هو الطريق السليم لكسب الناخبين ولقد كانت الأحزاب الأخرى تقوم بحصر الناخبين عن طريق الأحياء .

ولقد كان بإمكاننا بإمكانياتنا المادية والبشرية المحدودة أن نحرز أكبر في عدد النواب لو أننا ركزنا جهدنا في بعض الدوائر بدلا من تقسيم الجهد على 85 دائر وقد كان واضحا أن الحزب الشيوعي مثلا قد ركز عمله الانتخابي في دوائر معينة يأمل كسبها , ففي العاصمة مثلا كان لمرشحي الحزب الشيوعي موقفا أحسن من كل مرشحي جبهة الميثاق نتيجة هذا التركيز .. ولكننا كنا نهدف لى خلق تنظيم سياسي جديد كان لابد أن تمتد قاعدته عبر كل القطر وقد كانت ظروف ما بعد الثورة وظروف الانتخابات بالذات هي الظروف المواتية لخلق هذا التنظيم وتدعيمه ولذلك كان من اللازم توسيع قاعدة العمل بدلا من التركيز حتى يكون للجبهة قواعد وفروع على طول القطر وعرضه وهو أمر بات في المرتبة الأولي من الأهمية .

لقد دخلت الأحزاب معركة الانتخابات بإمكانيات مادية تفوق بكثير إمكانيات الجبهة المحدودة أن عملية ترحيل الناخبين إلى مراكز التسجيل ثم الطواف المستمر عليهم أثناء المعركة الانتخابية ثم ترحيلهم إلى مراكز الاقتراع تحتاج إلى إمكانيات مادية هائلة في قطر كالسودان تبعد صناديق الاقتراع في بعض الدوائر ثمانين كيلو متر من مكان الناخبين ولقد كان واضحا أن الحزب الذي يستطيع ترحيل جميع مؤيديه للتسجيل ثم الانتخاب هو الذي يضمن النجاح .

هناك أسباب أخرى تختلف في طبيعتها عن الأسباب إلى ذكرناها ولكنها أيضا كانت ذات أثر مباشر في تكييف نتيجة الانتخابات فلقد كان الدور الذي قام به رجال الجبهة أثرا واضحا على حرية اختيار الناخبية ففي دوائر 74 أبو حراز مثلا مارس ناظر الشكرية وشيوخ الخطوط ضغطا وحاضا على الناخبين للتصويت لمرشح الحزب الوطني الاتحادي في منطقة دنقلا كما أن رجال الإدارة الأهلية وقفوا أيضا بكاملهم ضد مرشحينا بمنطقة النمامنج بجباة النوبة كما كان لهم نفس الموقف في الدائرة 52 الدويم الشمالية الشرقية ونفس الموقف في دائرة كتم الغربية التي فاز بها مرشح الجبهة هذه فقط بعض الأمثلة لم نقص بها الحصر ولكنها توضح بجلاء أن الإدارة الأهلية قد عملت بوضوح ضد جبهة الميثاق في المعركة الانتخابية الأمر الذي لابد من دراسته من قبل الجبهة وتحديد موقف واضح تجاهها في المستقبل .

كما أنه قد أثبت لنا في أكثر من دائرة أن الأحزاب جميعها قد استعملت الأساليب الفاسدة ففي دائرة أمدرمان الشمالية مثلا جلب حزب الأمة عددا من أنصاره من خارج العاصمة وأغري آخرين بالمال للتصويت لمرشحه وقد حدث نفس الشئ في دوائر 74 الشكرية وزع مرشح الحزب الذرة والدمورية والنقود للناخبين في دائرة أم روابة عمل الحزب الوطني الاتحادي بنفس الأسلوب لكسب الناخبين لمرشحه.

2/ كما نعتقد أن النفوذ القبلي والطائفي كان له أثر واضح في نجاح مرشحي الأحزاب التي لها ولاء تقليدي يعتمد على رباط طائفي أو قبلي ويجعل فرصة المنافسة هي أساس فكرى جديد ضعيفة.
4/ وفي دوائر جبال النوبة بالذات وفي دوائر المتمانج عل وجه خاص كان لعمل الكنيسة ضد مرشحي الجبهة أر واضح فقد كانت تسند أبناء جبال النوبة ماديا وأدبيا لإسقاط مرشحي جبهة الميثاق الإسلامي .
5/ كما أن الأحزاب قد قادت حملة لتشويه حقيقة الجبهة وتخويف الناخبين واستغلال سذاجتهم خاصة في مناطق جبال النوبة وغرب السودان كانت تخوفهم بأن الجبهة ستمنع الخمر والزنا وتقطع يد السارق وقد فازت الجبهة بالدوائر التالية
دوائر الخريجين حسن الترابي .
القضارف الرشيد الطاهربكر
مروى الجنوبية محمد صادق الكاروري
طوكر الجنوبية موسي حسن ضرار
ريفي الخرطوم الطاهر الطيب بدر .
انتهي التقرير

تقرير عن نشاط الجبهة النسائية

بسم الله الرحمن الرحيم

يستحسن قبل التطرق إلى أوجه النشاط في هذا المجال أن نوضح بعض الحقائق التي تلقي ضوءا على طبيعة النشاط في هذا المضمار .

1/ أعتقد أن كل المجهودات التي بذلت في الماضي لم تصلح في خلق جهاز للأخوات تستطيع أن تعتمد عليه في مستقبل العمل في الوسط النسائي .
2/ ارتفاع نسبة الجهل وتمسك المرأة بالتقاليد وتعلقها بالولاء الطائفي وتأثرها السريع بالحملات الدعائية يحول دونها وتفهم الدعوة والتقاليد في المجتمع تعوق اندفاع العاملات وتحد من نشاطهن.
3/ سرعة البت برأي في موضوع حق المرأة السياسي دون الرجوع لأجهزة التنظيم لم يجد قبولا واضحا وقبل كأمر واقع ولا يزال مجال أخذ ورد في الأوساط الإخوانية حين أسقطنا من الميثاق مسألة حق المرأة في العمل السياسي بغية تجميع كل العناصر الإسلامية الحية على الأمور المتفق عليها .
4/ تعذر التزام العاملات في القيادة بتوجيهات تنظيم الإخوان وتزرعهن للتصرفات الفردية وميولهن واندفاعهن للمناقشة الجماهيرية سيفقد العمل عنصر الثبات والأصالة الاستمرار .

الجبهة النسائية

برزت الجبهة النسائية عقب ثورة أكتوبر لتوعية المرأة وحمايتها من الانحراف ولتقديم قيادة إسلامية للوسط النسائي وضمت تحت لوائها مجموعات كبيرة من المتحمسات للإسلام والحادبات والعاطفات .. وقد سبقت ثورة أكتوبر وتكوين الجهة النسائية ندوات كثيرة عقدت في المنازل اهتمت بالجانب الثقافي والاجتماعي وكانت بداية لتجميع العناصر الإسلامية الحية وربطها بعد أن خلدت واستسلمت للراحة والسكينة ووجد نساء الجبهة ترحابا حارا في الوسط النسائي وبدأت جماهير النساء تلتف حولها بدرجة أفزعت رائدات الاتحاد النسائي والعناصر الشيوعية مما جعلهم ينظمون حملات مسعورة ضد رئيسة الجبهة النسائية السيدة سعاد.

فروع الجبهة

طبيعة الظروف في فترة بعد الثورة اقتضت تكوين فروع دونما تنظيم ونشأت تلك الفروع نتيجة لزيارات المسئولات للأحياء والقائمين للمحاضرات التي توضح هدف الجبهة وأوجه نشاطها وهنا بدأ تنظيم الإخوان سياسة تركيز العمل من داخل الجبهة .

وتثبيت الفروع وربطها باللجنة التنفيذية للجبهة النسائية وقد أفلحنا في ربط هذه الفروع بالجهاز المركزي للجبهة ( العباسية, الهاشماب, الموردة , العرضه , ودنوباوي, المهدية , أبوروف , برى , العليفون , أم ضبان , الخرطوم بحري , الخرطوم ) وبدأ مكتب الجبهة النسائية الذي يضم عددا من الإخوان والأخوات في توزيع العمل على الأعضاء وبدأنا حملة تكوين مكاتب للفروع ولعب الإخوان دروا كبيرا في تدعيم لجان الجبهة النسائية وتحريكها خاصة في العاصمة وفي بعض الأقاليم ولكن عدم اقتناع الكثيرين أثر كثيرا خاصة في الأقاليم وأحيانا مع اقتناعهم بالعمل في الوسط النسائي لكنهم أحجموا من تقديم أى عون مخافة الخلاف مع العناصر المسلمة التي تعمل معهم في جبهة الميثاق الإسلامي.

الخطاب الذي أرسله د, عثمان خالد لمكاتب جبهة الميثاق في السودان .

وبعد :

تعلمون نبأ الحملات التي تشنها الآن الدكتاتورية العسكرية المصرية ضد الإخوان المسلمين في مصر و لا نريد هنا أن نروي تفاصيل ما حدث فجريدة الميثاق تتكفل وستتكفل بنقل هذا إليكم ولكن نود في هذا المنشور أن نحدد لكم معالم الطريق الذي يجب أن يتجه إليه العمل في الفترة القادمة :

إقرار الحملة السياسية ضد نظام عبد الناصر

في صباح الجمعة 2/6/ 1965 اجتمعت اللجنة المركزية لجبهة الميثاق الإسلامي وقرت بعد استعراض الموقف أن تشن الجبهة حملة سياسية واسعة تكشف فيها الاضطهاد الذي يقع على الحركة الإسلامية في مصر والنظام الدكتاتوري المسيطر على الشعب المصرية , وقررت اللجنة أن تقوم الأمانة العامة بوضع وتنفيذ خطة هذه الحملة وفق القرارات التي اتخذتها اللجنة وبناء عليه قامت الأمانة العامة بالآتي :
1/ دعوة الهيئات الإسلامية لاطلاعها على الموقف
2/ إرسال برقيات باسم هذه الهيئات لرؤساء الدول العربية .
3/ تسير مواكب احتجاج صاخبة إلى سفارة مصر حمل عريضة احتجاج ( أرسلت برقيا )
4/ طبع وتوزيع منشورات تكشف محنة الشعب المصري والحركة الإسلامية بالذات وقد وزعت عدة آلاف من هذه المنشورات في العاصمة .
5/ إقامة ليال سياسية في أنحاء العاصمة كما تقرر فإن الحملة يجب أن تمتد وتتسع لتشمل كل أنحاء السودان .

المطلوب عمله الآن:

بناء على هذا فإننا ندعو كل اللجان الفرعية في المناطق للقيام بحملة واسعة في مناطقها كامتداد للحملة التي بدأت في العاصمة والوسائل المقترحة للحملة هي :

1، إقامة ليال سياسية .
2/ تسير مواكب ومظاهرات
3/ إرسال برقيات احتجاج للسفارة المصرية بصورة للجرائد
4/ دعوة الهيئات الإسلامية والشخصيات لمؤتمرات واتخاذ قرارات تستنكر ما يجرى هناك وتطالب بالحرية لشعب مصر والعدالة للإخوان .

الخط الفكري:الموضوع المطروح في هذه الحملة هو كالآتي :

1- كشف مساوئ النظام السياسي ) أكرر النظام السياسي في مصر وسياسة الدكتاتورية العسكرية وتبيان خطرها , ليس المقصود هو بالهجوم هو الجمهورية العربية المتحدة أو شعب مصر ولكن النظام الحالي الذي يفرضه عبد الناصر بمساعدة الشيوعيين المحليين وموافقة روسيا وأمريكا على مصر .
2- تبيان حقائق المؤامرة ضد الإخوان واتخاذها ذريعة لتغطية فشله
3- توضيح الناصع للحركة الإسلامية في مصر
4- كفاحها ضد الإقطاع والرأسمالية وسيطرة القصر والسفارة في مصر في عهد فاروق .
5- كفاحها في القنال
6- برنامجها الاجتماعي والاقتصادي والثوري
7- حقيقة اختلاف مع عبد الناصر ( حول اتفاقية القنال التي تراجع فيها عبد الناصر
8- توضيح مساوئ السياسة الخارجية لنظام عبد الناصر .
9- سياسة اتجاه الحكومة وعملا عبد الناصر في الداخل التخاذلي من قضية الحرية في مصر .

وبعد :

أيها الإخوة أننا ننتظر أن يبدأ العمل فورا لتنفيذ هذه الخطة ونطلب إلى كل لجنة أن توافينا أسبوعيا بتقرير من نشاطها في هذا الصدد على أن يحوى التقرير:-

1- المخطط المحلي
2- ما تم تنفيذه
3- المساعدات المطلوبة من المركز العام
4- وفقكم الله
عثمان خالد مضوي
الأمين العام لجبهة الميثاق الإسلامي بالإنابة

جبهة الميثاق وبعض الأحداث العامة

بعد نتائج الانتخابات تكونت حكومة ائتلافية ( أمة , وطني ) برئاسة محمد أحمد محجوب ووقف نواب الجبهة في المعارضة .

وكانت الساحة السياسية تموج بأطروحات عديدة وتزخر بصراع حاد بين القوى الموجودة فيه في 25/ 7/ 1966 سقطت الحكومة بصوت ثقة وتكوين حكومة جديدة برئاسة الصادق المهدي التي استمرت حتى منتصف مايو 1967م

ثورة رجب

لم يبال الطالب الشيوعي ( شوقي ) أن يعلن في معهد المعلمين العالي أنه شيوعي وملحد وقال أنني أفخر بأني تحررت من خرافة الله وغير آسف على فقدان الحور والولدان أما عن الدعارة قال أنها فطرة غريزية في الإنسان .

وعند إعلان ذلك ( وتولت جريدة الميثاق الحملة الإعلامية لكشفه ) انفجرت المظاهرات في الشوارع وقامت الجماهير بالهجوم على دور الحزب الشيوعي وحرق بعضها وقادت جبهة الميثاق حملة منظمة ضد الحزب الشيوعي في مستوى قيادات الأحزاب وزعماء الطوائف وفي المستوى الشعبي بالشارع وداخل البرلمان وسميت بثورة رجب وكانت حركة شعبية شاملة فقد كان لإعلان ذلكم الخبر أثره على الضمير المسلم وسط هذه الأمة وكانت فرصة طيبة تماسكت فيها أيدي الدعاة من الإخوان مع جماهير غفيرة من المسلمين ضد التنظيم الشيوعي الذي كان قد أبلغ حينذاك مرتبة عالية بوجوده داخل البرلمان بأكثر من عشرة أعضاء ودور علنية وسائل أعلام مؤثرة .

كان لابد من تعديل الدستور لاتخاذ خطوة رسمية ضد الحزب الشيوعي ونوابه وتم ذلكم التعديل في 11/11/ 1965 وحل الحزب الشيوعي وتم طرد نوابه من البرلمان ثم حظر نشاطه .

وفي هذا الجو المفعم بالفرحة وهذا الشعور الإسلامي الجارف كانت آثاره موضوع الدستور الإسلامي أمرا لازما فتبنت الجبهة حملة واسعة للدعوة للدستور الإسلامي ولكن الأحداث في الساحة السياسية كانت أكبر من أن تدع للسياسيين وأولي الأمر فرصة لتثبيت هذا الأمر ومن تلكم الأحداث سقوط صادق المهدى في مايو 1967 م ودخلت البلاد في دومة من المؤامرات والاتفاقات والخلافات مما يطول الحديث عنه ويهمنا هنا أمر له أهميته بعد أن تسلم المحجوب حكومته الثانية فكر الصادق المهدي في أن يكون جبهة يستطيع بها أن يواجه خصومه السيد المهدي بعد انشقاق حزب الأمة وإسماعيل الأزهري الذي كاد أن يتبوأ منصب رئيس الجمهوري وكذلك خصومه التقليديين من الختمية فأنشا مؤتمر القوى الجديدة.

يهمنا في هذا الأمر أن الإخوان في مستوى مجلس الشورى والمكتب كان لهم رأى في هذا المؤتمر , مؤتمر القوى الجديدة خاصة بعد اشتراك حزب سانو فيه وفي الوثيقة الهامة التي ننشر صيغتها في هذه الصفحة نوضح للقارئ لمستوى مجريات الأمور في تلك الحقبة وهي رسالة قدمها الأخ محمد صالح عمر أمين عام الجماعة وفي بخط يده.

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الأخ /.....

تحية طيبة مباركة من عند الله وبعد.

أرجو أن أفيدكم بأن مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين في اجتماعه بتاريخ 14/8/1967 الموافق 8 جمادى الأولي سنة 1387هـ قد اختاركم عضوا للمكتب التنفيذي للجماعة لمدة سنة كاملة , وأنني بهذا الاختيار أهنئكم لهذه الثقة وأرجو لكم التوفيق في هذا العمل الجاد لخير الجماعة .

كما أرجو أن أخطركم أن الاجتماع الأول للمكتب سيكون يوم الخميس الموافق 17 / 8/1967 بنادي بحرى الثقافي الإسلامي الساعة السابعة مساء وتقبلوا شكرى .

والله أكبر ولله الحمد
أخوكم
مالك بدري
أمين عام جماعة الإخوان المسلمين
التاريخ 15/8/1967
بسم الله الرحمن الرحيم
وثيقة
قرارات مجلس الشورى

اجتمع مجلس الشورى في يوم الأحد 24/10/65 وتدارس الموقف الساسي الراهن بعد فض الائتلاف بين حزب الأمة والوطني الاتحادي وقر الآتي :

1/ عدم الدخول في أى حكومة يرفع الحرج عن أى مجموعة تتعاون معهم كما أنهم عناصر غير وطنية وغير مسئولة ولذلك يجب عدم إشراكهم في أى جهاز تنفيذي أو وضع سلطة في أيديهم لأنهم يستغلونها استغلالا سيئا ويتصرفون بطريقة غير مسئولة .
2/ العمل لتأليف حكومة من الوطني الاتحادي والأمة والشعب الديمقراطي والميثاق وذلك لكي يتم عزل الشيوعيين عزلا تاما من جماهير الختمية وخلق تجمع إسلامي.
3/ إذ تعذر إشراك الختمية في الحكم دون عزل قيادتهم السياسية تتكون حكومة ثلاثية من الوطني الاتحادي والأمة والميثاق لكي يستقر الوضع في البلاد وأن لا ينهار النظام الديمقراطي كما وأن ذلك يساعد في خلق كتلة كبيرة والعمل على ربطها الدستور الإسلامي .

وقد اشترط في دخول جبهة الميثاق الحكومة أن يكون ذلك على ميثاق واضح المعالم ويتضمن إصلاحات إسلامية ويربط الأحزاب التي تقبله بالعمل للدستور الإسلامي .

المكتب الداخلي
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الأخ سكرتير المكتب التنفيذي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسرني أن أنقل إليكم أهم قرارات مجلس الشورى في اجتماعه يوم 5/ 10/1967 الموافق غرة رجب الفرد 1387.

1/ وافق المجلس على إرجاء البت في اقتراح سكرتارية المجلس بتكوين لجان تابعة للمجلس للمتابعة واللوائح وللمالية والثقافية وأى لجان أخرى على أن يناقش المكتب هذا الاقتراح مع السكرتارية ويعاد للمجلس في الجلسة القادمة بنتيجته هذه الدراسة.
2/ وافق المجلس على اعتذار الأخ مالك بدرى من الأمانة للجماعة وأجاز توصية المكتب باختيار الأخ عبد الله حسن أحمد ليقوم بمهمة الأمين العام بأغلبية 31 ومعارضة 1 ,امتناع 2.
3/ وافق المجلس على حضور أعضاء مكتب العاصمة من غير أعضاء المجلس لجلساته كمستمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سكرتير المجلس
بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : 1/ استقالة من مجلس الشورى

2/ ووقف من كافة نشاطات الإخوان

أخي الكريم رئيس مجلس الشورى

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته وبعد

أرى أن الظروف المحيطة بالتنظيم والسائدة في الجماعة ظروف قاسية , وأري أن الذين يقفون من الظروف المحيطة بالتنظيم والسائدة الجماعية موقفا سلبيا أثمين , ومن هذا الرأي كان حماسي بضرورة المشاركة معالجة الموضوع وحسمه وكنى اقتنعت اقتناعا كليا بأن الطريقة التي شعرت وسمعت عنها في معالجة الأمور تقودني ولضعف في تكويني للوقوع في جميع أو بعض المخاطر التالية :

1- التعب النفسي الذي يقود للفتنة في الدين.
2- البعد النهائي من التنظيمات وخاصة تنظيم الإخوان
3- التعب العضوي المرضي الذي يقعد عن ضرورات الحياة لانالفة التن.....
4- تحويل المشاكل التنظيمية القائمة إلى مشاكل جنائية تقض فيها المحاكم بدلا من وحدات التنظيم المختلفة وفي هذا ما فيه من التعقيد غير المرغوب فيه .

والفرار من كل هذه المعقبات أو بعضها تكليف ديني وأساليب التغيب وافتعال التعلات الكاذبة أمر في فهمي لا يرضي الله وفي يقيني الجازم لا يليق بي ولا يتناسب معي لم أعتاده في حياتي ولم يبق إلا الصدق والوضوح ومقابلة الحق ولأذى هداني الله له في ذلك.

1- أعلن ومن تاريخه استقالتي من مجلس الشورى.
2- أعلن بهذا ومن تاريخه إيقافي أى نشاط وأن قل حتى لا أكون طرف في أى مؤامرة حقيقة كان أم وهمية .
محمد عبد الله برات
معهد المعلمين العالي
ص. ب 406 أمدرمان
السبت 5/8/1967

الأخ الكريم الأمين العام ( للإخوان المسلمين)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أرجو أن أتقدم بما يأتي لتصغوه موضع البحث والقرار لقد قرر المكتب التنفيذي السابق للإخوان المسلمين أن نعمل مستقلين عن مؤتمر القوى الجديدة في قضية الشرق الأوسط وكان المفروض أن يوضع هذا القرار موضع التنفيذ ولكن لم يتم شئ في ذلك لأسباب عدة بل الذي حدث أن أخبرا قد نشر بجريدة الميثاق بعد يومين من صدور القرار بشي إلى عكس القرار وهو أن لجنة قد كونت في مؤتمر القوى الجديد لإعداد مذكرة حول قضية الشرق الأوسط وقد حاولنا أن نصحح هذا الخبر ولكن لم يتم شئ في هذا الصدد.

والجديد في الأمر أن التصريح الذي أدلي به الأخ حسن الترابي قبل أيام في جريدة الرأي العام قد عكس قرار المكتب التنفيذي تماما إذ أنه يشير إلى أن المذكرات التي أصدرها السيد الصادق المهدي قد شاورنا فيها وهذا يعنى أننا نوافق عليها بل تمثل رأينا لأن التشاور بين الهيئات السياسية معناه الاتفاق فيما يصدر لا سيما وأن السيد الصادق بالإضافة إلى رئاسته لحزب الأمة فهو رئيس مؤتمر القوى الجديد والتشاور معه يفهم منه أن الأمر قد تم بصفته الثانية .

وبالربط بين الخبر الذي نشر بجريدة الميثاق والتصريح الأخير فإن النتيجة أننا نعمل مع مؤتمر القوى الجديدة في موضوع الشرق الأوسط وهذا أمر قد اتخذنا قرارا بعكسه , فأرجوا أن يبحث المكتب هذا الأمر ويعمل على تصحيحه لا سيما وأن من الحجج التي ذكرت لهذا القرار أننا لا نريد في هذه القضية الإسلامية أن نعمل مع حزب سانو وهو معروف بموقفه العدائي في هذا الأمر وقد كان من الممكن أن يقال أن التحري الذي نشره محرر الرأي العام عقب تصريح الأخ الترابي قد يكفي لو أنه نشر منسوبا لمصدره وهو الأخ الصادق الكاروري ورغم التناقض بين التحرى والتصريح وطالما أن هذا لم يحدث فأرجوا أن يبحث المكتب طريقة تصحيح هذا الأمر بما يجعل قرار المكتب نافذ المفعول .

ولكم خالص الشكر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المخلص محمد صالح عمر
عضو مجلس شورى الإخوان المسلمين

استقال الرشيد الطاهر

ولابد من وقفة عند استقالة الرشيد الطاهربكر أغسطس 1965 م من الجماعة التي سببها بعدد من الأسباب منها وقوف الإخوان ضد محاكمة العساكر وعدم موفقته على المنهج السياسي للجبهة ولكن من المؤكد حقا أن السبب الأساسي يكمن في غير ما أبداه.

لقد قاد الرشيد الركب من 1955 وتحت قيادته تم الاستقرار الذي انطلقت فيه الجماعة تبني قواعدها وتنتشر في كل المناحي وتخطت الجماعة بتوفيق الله تحت أمارته كل العقبات التي اعترضتها حينذاك .

وقد ذكرنا في الصفحات الأولي من هذا السرد الانطلاقة الشاملة للدعوة الإسلامية في مجال الطلاب والعمال والمرأة وفي البناء الداخلي في تلك المرحلة مما جعل الدعوة الإسلامية تحتل مكانها البارز في هذا المجتمع المسلم .

ثم جاءت محاولة الانقلاب ضد الحكم العسكرى الأول والمحاكمة وأول ما يتبادر إلى الذهن هو أن للإخوان دور في تخطيط تلكم المحاولة وقد أشرنا إلى ذلك في حينه ولكن يهمنا هنا أن نؤكد موقف الرشيد السامي والفذ إذ أكد للمحكمة وغيرها أن ليس للإخوان في هذه المحاولة يد بل ليس لهم من علم بها وبذلك سلمت الجماعة من مساءلة العساكر يومذاك وبطشهم وانتقامهم .

ثم كانت رسائله من داخل السجن زادا يقرؤها الأفراد فتزداد الثقة وتطمئن النفس .

وفي 1962 م أحدثت التغييرات في دستور الجماعة وكان من أهمها شجب القيادة الفردية ولابد أن رشيد قد أدرك أن ذلك كان يعينه قبل غيره بصفته قائد الجماعة لسنوات عديدة خلت وفي 1964 عندما تم انتخاب حسن الترابي أمينا عاما للجماعة في لقاء دعي له على عجل وتم تعديل الدستور للمرة الثانية لملاءمة الأمين العام الواحد لم تغب هذه الحقيقة عن إدراك رشيد وعن الكثيرين غيره وإن كانت حقيقة طمرت وطمست.

ماذا بعد استقالة الرشيد الطاهر؟

كان من المتوقع أن يكون على الأقل هو الرجل الثاني في الجماعة وأن يرضي بذلك وكان يبدو أن القيادات الجديدة الشابة التي ملأت الساحة كلها لم تترك موضع قدم لمن سموا ( بقدماء المحاربين ) تسمية كان لها أكثر من دلالة وما كان لمثل الأخ الرشيد في قوة شخصيته ومكانته في المجتمع السوداني أن يطل برأسه من وراء الصفوف الخلفية وما ينبغي له ولعل هذا هو السبب المباشر الذي يكمن وراء مغادرته ميدان الدعوة المباشر الذي لم يشأ أن يضمنه في رسالة استقالته حتى يحافظ على حبال الود موصولة بينه وبين هذه القيادات بل وقد حرص بعد ذلك أن تكون صلاته مع كل أخوته السابقين طيبة لم تشيبها شائبة رغم انتمائه للوطني الاتحادي الذي كان في بعض دوراته على غير وفاق مع جبهة الميثاق .

وانتقلت رئاسة تحرير جريدة الميثاق من الأخ الصادق عبد الله عبد الماجد للأخ يس عمرالإمام ثم من بعد لعبد الرحيم حمدى ولعل الأخ صادق عبد الله ينشر فيما بعد عن الظروف التي تم فيها هذا الانتقال .

وفي هذه الفترة أيضا تعاظمت الأحداث في مصر والتي تولد منها إعدام الشهيد سيد قطب وسبعة إخوان آخرين قبله وقد قاد الإخوان في السودان حملة مضادة كثيفة في مهاجمة جمال عبد الناصر بسلسلة من الندوات والبيانات والمظاهرات .

كما بدأ الإخوان في تأسيس دار النشر الإسلامي والذين أقبلوا على المساهمة في إنشائها حتى اكتمل فيما بعد وانتقلت إليه جريدة الميثاق إدارة وتحريرا وقبل أن نواصل الحديث عن تطور العمل في المجال العمالي والفئات الأخرى نقدم شطرا من البيان الذي أصدره الإخوان عن أحداث مصر الطاغية .

أيتهم الإخوان بالعمال للاستعمار ؟ إن العالم كله لو اتهم بالعمالة لكان الإخوان أبعد الناس عن هذه التهمة لأنهم أعنف أهل الأرض في خصومه الاستعمار , أيتهم الإخوان بالخيانة الوطنية ؟ إن الإخوان عرفوا على كل صعيد بأنهم أبر أبناء مصر بمصر , ومع ذلك فلابد من الصاق تهمة ما بالإخوان أى لابد من تبرير الجريمة قبل ارتكابها وفعلا دبر ضابط الانقلاب مهزلة ضرب جمال عبد الناصر بالمنشية بالإسكندرية ولو أراد الإخوان اغتيال عبد الناصر لفعلوا ذلك في غير ميدان المنشية في رؤية من جماهير الإسكندرية , ولو أراد الإخوان اغتيال جمال لاغتالوه فعلا وفي الصميم ولما قاموا بهذا التمثيلية الغربية , واتخذ ضباط الانقلاب هذا الحادث سببا لقتل حركة الإخوان .. ووسعوا نطاق الحادث فقالوا أن الإخوان يملكون أسلحة لقلب نظام الحكم

.

ومهزلة الأسلحة كذلك تدل على أن ضباط الانقلاب لا يتورعون عن ارتكاب أى شئ في سبيل تمكين أقدامهم في الحكم, أن هذه الأسلحة وضعها ضباط الانقلاب بأنفسهم في مخزن في المديرية الغربية بمصر وعندما طلب منهم حسن عشماوي أمين المخزن أن يستلموا أسلحتهم استمهلوه وهم يدبرون الصاق تهمة الأسلحة بالإخوان ويحسن عشماوى نفسه " أن مما أدرك من كلام النبوة الأولي إذا لم تستح فاصنع ما شئت " أقام العساكر في مصر محكم الشعب وشنقوا الإخوان وعذبوهم وشردوهم وسجنوهم وأذاقوهم أخس أنواع العذاب, ومضت الأيام وظن الطاغية أن العقائد تحارب بهذه الأساليب ولكن الإخوان استمروا في علمهم التربوي والثقافي لإنشاء جيل يعبد الله وحده ويكفر بالطواغيت كلها , وأحس الأمريكان والبريطانيون واليهود والشيوعيون وجمال عبد الناصر عميل للكل بالطبع , أحسوا بأن ثقافة الإسلام أوشكت أن تغطي جو مصر الثقافي وتحتل أفئدة النشئ وعقولهم بفضل جهود الإخوان وهذا ما يخشاه الصليبي والشيوعي والصهيوني وزمرة المنحلين ومنذ أسابيع قامت حركة جيش لقلب نظام الحكم في مصر والسبب أن أخطاء عبد الناصر وحماقاته قد جلبت على مصر الذل من كل مكان وأرهقت اقتصادها ودينها وسياستها وعروبتها وأخلاقها وأعراضها وإذا ساءت فعال المرء ساءت ظنونه, أن عبد الناصر فكر أول ما فكر في الإخوان الممتحنين حملات واسعة وجهنمية شملت الرجال والنساء والشبان والشابات , فمثلا اختطف محمد القطب الكاتب الإسلامي الشهي اختطافا ولما احتج شقيقه سيد قطب على هذا الإجراء التعسفي ألقي القبض على سيد نفسه .

ولم يرتكب الإخوان ذنبا سوى أنهم أخرجوا كتابين جريئين في هذه الأيام وهما معالم في الطريق لسيد قطب وجاهلية القرن العشرين لمحمد قطب .

أيها المسلمين في هذه الأيام تجرى في مصر الحبيبة عمليات تعذيب كتلك التي جرت لبلال وآل ياسر أسر مفجوعة ونساء معذبات ورجال مضطهدون وأعراض مستباحة وحملة دعاية تضلل الناس وتزيف الواقع ومطاردة للإسلام وتصفية لدعاته

أن محنة الإسلام في مصر في هذه الأيام تستنفر كل مسلم يحس للقرآن بحرمة ويشعر بكرامة الإنسان أن عمليات إبادة يقوم بها زبانية عبد الناصر ضد إخوان لكم في الله لم يرتكبوا ذنبا سوى أنهم رفضوا الطاغوت وجعلوا الله غايتهم .

معالم بارزة اعتراف الحكومة باتحاد العمال الشيوعي

جاءت حكومة الصادق المهدي في 16 يونيو وكعادته رفع رايات ( شعارات ) عديدة ولكن يهمنا أن نذكر أن من أول قراراته كان الاعتراف باتحاد العمال اليساري بجانب اعترافه باتحاد العمال الوطني وكان اتحاد العمال الذي يقوده الشيوعيون لا يحظى بأى اعتراف رسمي أو قانوني من قبل كل الحكومات السابقة ولم يكن لهذا الاعتراف في نظر الإخوان ما يبرره ولكن برغم ذلك لم يتبدل موقف الجبهة من صادق المهدي وهذه فقرة من التقرير الذي أعده مكتب عمال الجماعة عن إنشاء اتحاد نقابات العمال الخاص .

إنشاء اتحاد نقابات عمال القطاع الخاص

رأينا أن عمال القطاع الخاص لهم مشاكل متعددة تختلف اختلاف كبيرا عن عمال الحكومة وذلك لأن القوانين واللوائح التي تنظم شروط عملهم تختلف هم تلك التي تنظيم شروط عمل عمال الحكومة كما أن عمال الحكومة يواجهون مخدما واحدا هو الحكومة وهؤلاء يواجهون بمخدمين عدة ولذلك من الضروري مواجهة هؤلاء المخدمين بقوة واحدة تستطيع أن تحقق مطالبهم المهضومة وقد وضعنا دستورا لهذا الاتحاد وانضوت حوله حوالي 12 نقابة عمالي وعقدت مؤتمرا أجازت فيه الدستور وقد أعد المكتب نقدا لقانون المخدم الشخصي المستخدم ( القانون الذي ينظم شروط العمل لعمال القطاع الخاص ) وشفعنا هذا النقد بمقترحات اتحاد نقابات اتحاد القطاع الخاص والذي رفع مذكرة بذلك لرئيس الوزراء ووزير الإعلام والعمل وقد تقدم هذا الاتحاد للتسجيل .

آثار نواب الجبهة قضية الدستور الإسلامي إثارة واسعة مما اضطر الحكومة لتكوين لجنة للدستور في يناير 1967 م وقد مثل الجبهة فيها الشيخ محجوب ومحمد صالح عمر وموسي حسين وبدأت أعمالها ولكن كانت المعوقات تبرز من مكامن عديدة ضد وضع الدستور الإسلامي وسوف نتعرض لهذا الموضوع فيما بعد.

أسقطت حكومة الصادق المهدي في مايو 1967 وبدأ نوع من التعاون والتحالف بين قيادة الجبهة وجناح صادق المهدي أشرنا إليه سابقا وجاء المحجوب للحكم مرة ثانية ونتيجة لحرص الحزبين الحاكمين على عدم أعطاء الفرصة ثانية للصادق تم حل الجمعية التأسيسية في 7 فبراير 1968 على أن تعد البلاد لانتخابات أخرى وكان قد تم حل الجمعية بناء على استقالة 85 نائب من الحزبين بقرار من مجلس السيادة .

وكانت الانتخابات الثانية في أبريل 1968 وشاركت الجبهة في حوالي ثلاثين دائرة وكان هناك تركيز شديد على دائرة حسن الترابي ( دائرة المسيد) التي فيها قرية ود الترابي ولكن بالرغم من جهود الإخوان وحشودهم من كوادر عاملة وطلاب الجامعة وغيرهم فقد خسر الإخوان هذه الدائرة وكسبوا دائرة الخرطوم والغربية صادق عبد الله عبد الماجد وطوكر الجنوبية موسى حسين ضرار وعبد الله آدم زكريا بإحدى دوائر الجنوب وقاسم حسان أبو سن في دائرة رفاعة , وجاء محمد أحمد محجوب للحكم يسانده نواب الأمة ( الهادي ) ونواب الاتحادي .

هذه الأحداث الستة باختصار توضح لنا المعالم البارزة في الساحة حتى عام 1968 ونعطف هنا لتوضيح بعض مواقف جبهة الميثاق في هذا المعترك ولكن لابد أن نشير إلى أنه في خضم الأحداث التي تموج بها الساحة السياسية كما يكون في مثل هذا البلد لابد أن يجرف التيار الشديد ثوابت أى جماعة مذهبية إذا كانت هي قد أعطت من كياناتها قدرا أكبر من الأهمية للأمور السياسية أكثر مما تواليه لأصولها العقائدية أو الفكرية أو المذهبية أو حادت بأى قدر من منهجها وهذا ما نود أن نتلمسه هنا من مواقف جبهة الميثاق في هذه المرحلة .

أولا : كان أكثر من سبب للتقارب بين حزب الأمة ( الصادق ) والجبهة ( الترابي ) انعكس ذلك في انسياق تصرفات الجبهة في بعض المجاري التي سواها الصادق المهدي بحكم تطلعاته وأماله المعروفة حتى ظهر تعبير ( الترلة) في الشارع والساحة السياسية وكان يقصد بكلمة ( الترلة ) تبعية الإخوان أو زيلتهم لحزب الأمة وكنا ندافع عن ذلك بلا حجة إذ أن الواقع كان يفرض تلكم التسمية فرضا لا رد له .

فمن الثوابت عند الجماعة الإخوان مواقفهم من الجماعات والأحزاب الأخرى التي حددها الإمام البنا رحمة الله في الأصول العشرين , ولكن كان للجبهة موقف متطور أخر في هذا المجال كانت العداوة والشحناء ضد الأزهري وحزبه أكبر من أن يكون لها مبرر في نطاق الجماعة المسلمة انعكس ذلك في كثير من المواقف والشتائم في الليالي السياسية وفي مؤتمر القوى الحديثة وفي أثناء الانتخابات الثانية .

وهنا لابد أن نذكر حادثة لها أوضح دلالة على ذلك مهما كانت خطورة حكايتها الآن فقد اتصل بي صباح يوم ما الأخ يسن عمر الإمام وتحت شجرة نيم وزارة المالية وأخطرني بأمر قد صدر من القيادة وهو أن يقوم نخبة من الإخوان بالتعاون والتنسيق مع مجموعة من الأنصار باعتراض موكب للرئيس أزهري عند عودته ( أو ذهابه ) لافتتاح مؤسسة تعليمية معينة في جنوب أم درمان في وقت محدد عينه اعتراضا منظما مديرا له عواقبه عواقب حزن وألم أفصح عنها فاستدعت محمد عواض النور الآن ( مغترب ) وتشاورنا في الأمر وكان الأمر واضحا في ذهني أنه حمى هذا الصراع وحميته فإن هذا الصدام يعني شيئا أخر وأمرا كبيرا لا يخفى على مستخف بالليل ولا على سارب بالنهار أمر عواقبه وخيمة وقد كنت أضمن من جانبنا أخواننا وهم فيهم كل خير فليس من بينهم من يحمل حقدا لأزهري أو صادق ولكنى لا أضمن من شركائنا ما سيفعلون في حالة هياج كعادتهم فاتفقت مع الأخ محمد عواض النور على إفشال هذه المؤامرة واحكمنا وضع خطة معينة ونفذناها ومر موكب الأزهري للعرضة عصر ذلك اليوم ورجع دون أن يتعرض إليه أحد أبدا ولست في حل أبدأ أن أذكر هنا تفاصيل ذلك أبدا فليس هذا مقامها ويسن عمر الأمام قد ينفي هذا الأمر أو يؤكده ولعلها أول مرة أخالف فيها أمرا كبيرا للجماعة رأينا أنه يخالف منهج الجماعة المسلمة وديدنها .

جماعة الإخوان في المرحلة 64 -65

ذكرنا أن قيام جبهة الميثاق الإسلامي كان يعنى عند قواعد الإخوان عامة أنها الواجهة السياسية التي ينطلقون منها في هذا المجال كحقل عام للدعوة يحققون من خلالها بث الدعوة إلى الله بين جماهير الأمرة ويوصلون كلمة الحق عالية داوية بعد أن انزاح حكم قهري عسكرى وما تبادر إلى أذهان كل قواعد الإخوان أن تكون الجبهة بديلا عن الجماعة ولا منهاجها الجماهيري بديلا للمنهج الإعدادي التربوي في إطار جماعة سنية سلفية وذكرنا كيف انطلق الأفراد كوادر وأجهزة في كل بلدة وقرية يبنون لوليدهم أمهدة ليترعرع فيها حتى شب ونما وجاءت الانتخابات الأولي والثانية بنتائج تعد نجاحا لمجهوداتهم بتوفيق من الله تعالي واختبارا الأصالة المنهج التربوي الذي خطته الجماعة طيلة المراحل الأولي منذ تكوينها في 1953 .

يعد انتخاب د. حسن الترابي بعد أكتوبر 1964 أمينا عاما للجماعة في ذلكم اللقاء الذي دعي له على عجل وبعد قيام جبهة الميثاق في ديسمبر 64 أصبح الترابي رئيسا للجبهة بجانب أمارته على جماعة الإخوان وكان المتوقع وكأمر طبيعي وحالة عادية وكنتيجة صحيحة أن تحقق جبهة الميثاق للدعوة الإسلامية ممثلة في جماعة الإخوان أهدافها الموضحة في دستورها وغاياتهم المبينة في إطار الدعوة الإسلامية العالمية المنهج بداية ذلكم ما لم يتراءى للكثيرين من الإخوان غيره أبدا .

مواقف ذات أثر كبير؟

ولكن الأمور لم تجر على هذا المنوال ولم تعي ذاكرة الإخوان ما جري على جبهة الدستور الإسلامي عام 56 -57 من محاولة جموع بها من بعضهم كاد أن يؤدي بها وتجربة جبهة الميثاق كانت لها معالمها التي انفردت بها وتميزت وسوف نذكرها مفصلة .

دعونا قبل أن نصل إلى تفاصيل أول وثيقة في هذا الصدد أن نعرج على ذكر بعض المواقف التي كان أثر كبير.

أ/ بعد إسقاط حكومة صادق المهدي في مايو 1967 م بدأ التقارب واضحا بين قيادة الجبهة وحزب الأمة ( صادق) في مؤتمر القوى الجديدة والذي أشرنا إليه في صفحة سابقة وأدركت بعض قيادات الإخوان وغيرهم بفطرة سليمة خطورة ذلكم التوجه خاصة وأنه كان للجماعة رأي وقرار مخالف له بل أن الأمر تعدي ذلك بتصرف رئيس الجبهة في هذا الأمر بصورة فردية أعطت هؤلاء الإخوان انطباعا واضحا عن شخصية دكتور الترابي كقائد للجماعة .
2/ الإخوان أفرادا كانوا أو جماعات تربطهم وتشدهم وشائج قوية إلى أصول دعوتهم التي يستمدونها من سنة الرسول ( ص) ومهتدون بها ويتبعون مسلك الإمام البنا رحمة الله في بناء الجماعة المسلمة الواحدة , ( مما لا يتسع له المجال لتفصيله هنا) فلا غرو أن يتبين للكثيرين منهم مخالفة مسلك التنظيم المستحدث لما جبلوا وتربوا عليه سنين عددا.
3/ ثم أمر هام هو أن الإخوان تنبهوا في حين عفلة أن العمل في ( هذه الواجهة السياسية ) كاد أن يستأثر بكل الطاقات والجهود وكان ذلك بعد فترة الانتخابات الثانية وكادت بعض مناحي الأنشطة الأساسية للجماعة أن تتوقف بل لقد لمسوا حقيقة كبيرة لم يفطن لها إلا بعد حين وهي قيادة الجماعة ممثلة في حسن الترابي كانت تركز بشدة على تطوير بنايات الجبهة مع تقليل معتمد لمتطلبات حركة الجماعة الأساسية بل ولأول مرة بدأ الإخوان يسمعون نقدا موجها لنظام الجماعة الأساسي الذي كانوا يسمعون ذلكم النقد الموجه أى اهتمام فقد كانت الثقة الطيبة والأواصر القوية حجرا بينهم وبين إدراك حقائق ما يراد حتى أصبح هذا النقد في مستوى المكاتب القيادية موضع حديث ثم موضوع نقاش ثم تطور إلى مواقف كانت يبحث في المكتب التنفيذي لاتخاذ قرار بشأنها .

كذلك انتظمت الصلة بقدر لا بأس له مع الأقاليم واتسع العمل في قسم العمال وانتظم بصورة تلقائية في وسط الطلاب والذي أشرنا إليه سابقا ولكن هذه الانطلاقة الطيبة في مجال العمل الداخلي ما أتيح لها أبدا أن تتثبت وتتأصل وأن تؤتي أكلها كل الحين فسرعان ما نما التباين وظهر البون الشاسع بين ما كان يجري في هذه القواعد وبين ما كان يجري في مستوى المكتب التنفيذي وقد أوضحنا أن المسئولية التي كانت أمام الشهيد محمد صالح عمر للمحافظة على بناء الجماعة وفق منهجها التربوي الإعدادي وأصالتها الشرعية والاستمرار بها قدما كان ذلك صعبا رغم اتقاد حماسته وشدة عزيمته ورغم وقوف مجموعة صلدة من خيرة الإخوان وراءه يشدون من أزره ورغم ما تم انجازه وتحقيقه مما ذكرناه هنا آنفا في مجال العاصمة الأقاليم والمرأة والطلاب وغيرها من المجالات والذي تظن أنه لم يتحقق بذلك القدر إلا لمتانة الأساس القديم القويم الذي شيد عليه أما ما كان يجرى في مستوى ( القيادة) أو المكتب التنفيذي فشئ آخر تماما .

إن فوز أحد الاتجاهين بأغلبية قليلة كما ذكرنا وهو الاتجاه بتوحيد العمل في تنظيم واحد هو تنظيم جماعة الإخوان المسلمون وأن تكون جبهة الميثاق الإسلامي هي الواجهة السياسية وتكوين مكتب جديد لتحقيق ذلك لم يكن له أى أثر في تخفيف حدة الخلاف في ذلكم النزاع بين الاتجاهين بل وضعه حقيقة في أطر من صراع البقاء للإصلاح والتشبث بالمواقع المكتسبة , وقد يكون ذلك أمرا طبيعيا في اختلاف التصورات والعقائد والأفكار في إطار أى جماعة كبيرة واحدة وقد يكون ذلك نتيجة لتوجه أساسي قامت به جماعة الإخوان ونشأت عليه منذ عام 48 وبين توجه القيادات الشابة التي كثيرا ما ذكرنا أنها احتلت مراكز التوجه والقيادات منذ مؤتمر 1962 وقد يكون أيضا بعدم الاتفاق حول طبيعة الحركة الإسلامية بين أن تكون صفوية إعدادية تربوية على الأسس التي وصفها الإمام البنا في شرعيتها كبعث سني سلفي وبين أن تكون حركة جماهيرية مفتوحة تحت شعارات إسلامية عامة كل ذلك مما ذكرنا قد يكون حركة جماهيرية مفتوحة تحت شعارات إسلامية عامة كل ذلك ما ذكرنا قد يكون أمرا طبيعيا ولكن الأمر اختلف فإن فوز الاتجاه الأول لم يسفر عن التزام الأقلية برأي وقرار الأغلبية ولم ينال ذلك الرضي والقبول كما هو معهود في كل الجماعات بل أخذ الأمر كله منعرجا أخر وقبل أن نقدم صورا لبعض الوثائق التي تعطينا حقيقة ذلكم المنعرج نود أن نذكر أن المكتب التنفيذي عندما استعصى عليه إلزام الأمور لحدودها وعندما وصل التنازع درجة كاد سير العمل أن يتوقف كون لجنة من داخله لدراسة هذا الخلاف والتي بعد عدة اجتماعات لم توفق أبدا في إصدار هذه التوصية التي فحواها أن المشكلة هي خلاف فكري وشخصي بين بعض الإخوة محمد صالح عمر وجعفر وبين الترابي وأن هؤلاء الإخوة لا يطمئنون إلى تصريف ( حسن ) لمسئولياته القيادية في التنظيم ورأت اللجنة أن يرفع الأمر برمته إلى مجلس الشورى , وعقد المجلس خمس جلسات متتالية لبحث هذا الموضوع وهنا نذكر أسماء إخوان مجلس الشورى في تلكم الفترة الذين حضرة اجتماع يوم 21/7/67 وهم :

1/ جعفر شيخ إدريس
2/ الطيب عابدين
3/ محمد على سعيد
4/ على جاويش
5/ محمد يوسف
6/ ياسين عمر الإمام
7/ عباس التوم
8/ على عبد الله يعقوب
9/ على الحاج
10/عبد الرحمن رحمة
11/ ميرغني سليمان
12/ ربيع حسن أحمد
13/ عوض كبوش
14/ حسن الترابي
15/محافظ الشيخ
16/ محمد محمد مدني سبال
17/ زين العابدين الركابي
18/ صلاح أبو النجا
19/عبد الرحيم حمدي
19/ فاروق عثمان
20/ عبد الله محمد بدري
21/ عيسى مكى عثمان
22/ سليمان مصطفي أبو بكر
23/ حسن محمد علي
24/ أحمد التجاني
25/ كمال على نقد الله
26/ أحمد عوض الكريم
27/ محمد صالح عمر
28/ يوسف الخليفة
29/صادق عبد الله
30 / إبراهيم الدسوقي
31/ عبد الله حسن أحمد
32 / محمود برات

انتهت فيها إلى ضرورة عرض المشكلة عل مجلس الشورى وهي أن تعطي فرصة لكل من الإخوان الثلاثة الإدلاء بوجهة نظرهم كل على حده وفي غياب الآخرين وبعدها ينسحب ثلاثتهما ويستمر مجلس الشورى بعدها ينسحب ثلاثتهما ويستمر مجلس الشورى بعدها في دراسة المشكلة ووضع حل لها .

توضيح

هو سؤال ملح لماذا ننشر صفحات من تاريخ الجماعة يؤخذ عليها أو يظن أنها تضار من نشره ؟ صفحات يقرؤها الدعاة من الإخوان في هذا الوقت ويقرؤها أعداء الدعوة الإسلامية المتربصون بها ولكن نقول للمشفقين من إخواتنا أن انطلاقة الدعوة الإسلامية التي حملها التابعون رضوان الله عليهم ومن تبعهم في صدر الإسلام الأول مع الفرق الشاسع بين أولئك وبين هؤلاء النفر الذين نحكي عنهم الآن ثم هناك أمر هام وأساسي وهو قائم إلى يومنا هذا يؤثر سلبيا على توجيه أفكار وتوجهات قطاع كبير من شبابنا المسلم ذلك الأمر الهام والأساسي هو أن الخلاف الفكري الأساسي بين التوجهين الذي أشير إليه بالتوجه التربوي والتوجه السياسي اختصارا والذي سنفصل فيه فيما بعد ذلكم الخلاف الفكري الأساسي لم يتلاش ولم ينته بزوال الأجهزة التي كانت تشعله ولا الأفراد الذين كانوا يورون شعلته بل أسفر عن حقائق واقعية أصبح من نتائجها وجود كبير لبنيات كبيرة وأصبح من نتائجها مدارس تأصلت رغم ا كان يحتج يومذاك جهلا في هذه المداولات .

نموذج من النقاش الذي كان يدور في المجلس

حمدي: يرى أن هذا الأداء غير سليم وهو أن تستمر جميعا في دراسة المشكلة من غير خروج أحد حتى نستطيع بهذه المواجهة حل المشكلة .

محمد صالح : يؤيد رأى الأخ حمدي

محمد يوسف : تحدث الأخ محمد يوسف عن أعمال اللجنة وعن صلاحيتها موضحا أن اللجنة ستوضح الآراء التي قيلت عن المشكلة ..

حسن : أن المكتب هو الذي بدأ بدراسة هذه المشكلة وبعدها كون هذه اللجنة ويرى أن يقوم الأعضاء اللجنة بعرض وجهة نظرهم حول المشكلة على المجلس وعلى أساسها يبدأ النقاش .

ياسين : شرح الطريقة التي اتبعتها اللجنة في إحضار كل أخ والتحدث معه على حده وقد كونت من اللجنة فكرة وهي عدم الثقة في الأخ حسن من جانب الأخ جعفر والأخ محمد صالح عمر وبعدها قامت اللجنة بدراسة المشكلة على ضوء فقدان الثقة وعليه رأت الاتجاهات التالية :

1/ أبعاد محمد صالح عمر وجعفر من المكتب 5 مقابل 4
2/ أبعاد الثلاثة من المكتب
3/ استمرارهم في المكتب مع إيجاد حلول للتفاهم

محمد صالح عمر : أوضحت للمكتب أني طلبت الاستعفاء من قبل اللجنة واعترض على أشياء معينة في أسلوب العمل بعد أن انضم لى الكثيرون وأن هنالك أشياء تسير بطريقة غير رسمية وأن اعتراضي عليها أثار حفيظة بعض أعضاء المكتب الذين رموني بأن هذا تشويش للعمل وشعرت فيما بعد أن الطريقة العملية هو أن اعتزل المكتب وأكون عضوا في مجلس الشورى بعد اقتناعي أن ثارتي للأخطاء التي تحدث دائما تفهم عند الناس أنها إثارة مشاكل وفي نفس الوقت قررت أن أعرضها على مجلس الشورى والأشياء الموضوعية التي كنت أثيرها ضد حسن الترابي هي كالآتي :

1/ أنه يستعمل طريقته الخاصة في العمل السياسي وذلك ناتج عن فهمه لطريقة ( أسلوبه ) في العمل وتغليب الجانب السياسي على التربوي , يقتنع بآراء معينة ويدافع عنها ثم يتنصل عنها إذا كان الجو غير ملائم .
2/ هذا الأسلوب وهذه الطريقة أى وضع الناس أمام الأمر الواقع وأنه إذا لم يحاسب فإنه سيسير بالطريقة التي يراها .
3/ أن المكتب فقد فعاليته في معالجة هذه المشاكل بعدم دمغ أى مخالفة تصدر عن الأفراد واقتنعت بعد ذلك أن المكتب لا يستطيع ذلك.

ولأضرب بذلك مثلا عن موضوع الحكومة القومية فقد كان هنالك قرار بالعمل للحكومة القومية يجب أن نسعى الحركة الإسلامية لتقويم الأفراد وينبه كل فرد لا يلتزم بذلك ويقوم .

ومن الأخطاء التي تضر بالحركة وضع الناس أمام الأمر الواقع .

مثال : كنت أري أن يقوم حزب واحد وتحدثت معه وذهب بعيدا فقام بالاتصال ببعض الشخصيات الشئ الذي اعتبره غير سليم قبل مناقشته.

ظل الأخ حسن طيلة الوقت يتحدث عن وجود تنظيمين ومدى ما يحدث ذلك من عدم دفع الحركة الإسلامية السخرية التي يسوقها عن تنظيم الإخوان الشئ الذي يضعف الحركة أى حركة الإخوان لتبقي جبهة الميثاق الإسلامي وتحل محل تنظيم الإخوان المسلمين :

التصرفات الفردية : حسن يتصرف فردي بطريقة لا يعرفها إلا الذي يحتك به وهي تصرفات سبق لى أن انتقدتها منها موضع المال , وقد كنت أري أن يجتمع مجلس الشورى بصفة دورية حتى يستطيع أن يشارك في جميع الأعمال الخاصة بالدعوة حتى المالية وغيرها ومنها أن يتحدث معي في موضوع معين على أن يثار في المكتب وقد تحمس ضده داخل المكتب .
جعفر : نفي الأخ أنه ليس هناك صفة شخصية بينه وبين الأخ حسن وأن الاختلاف هو في المسائل الأساسية في سير الحركة وأنني حضرت من السفر ووجدت أن المكتب يناقش في هذا الموضوع عن أسلوب العمل وبعد الظروف التي صاحبت التصويت وما بعده وقيام المكتب الجديد وقلنا أن العمل ربما يتحسن ثم فوجئنا أيضا بسلسلة من التصرفات الفردية لا يراعي فيها اجتماع المجلس أو المكتب السياسي منها ترشيح الشنقيطي وطرد أساتذة الجامعة وموضوع إخوان مصر وعرضه على جبهة الميثاق قبل مكتب الإخوان .
حسن الترابي : بدأت هذه المشكلة بيني وبين هذين الأخوين منذ مدة خلافي مع محمد صالح قريب, خلافي مع جعفر قديم تصريحات الأخ جعفر لى عن حزب الأمة سوء الظن بلغ ظنني دبرت انقلاب مع الصادق المهدي مطالب بأن أعمل لذلك فإن تعرضي للتهم أكثر طبيعة العمل السياسي تقتضي التحرك , الانحراف السياسي مثال الحكومة القومية كان لأسباب هي خوفي من أن هذا الموضوع يمر قبل أن يدرس رغم إيماني بالحكومة القومية موضوع الإخوان المسلمين وعرضه على جبهة الميثاق لم يعترض فيه أحد مما كنت أحسب أن هذا الاتجاه يخلق مشكلة إذ أن المهم الاتصال الذي تم بناء على قرار جبهة الميثاق وموضوع ترشيح الشنقيطي كان هناك قرار بالتنسيق مع صادق المهدي حول تجمع القوى لتكون المعارضة وكان ذلك الترشيح بواسطة هذا التجمع ورغما عن ذلك فقد اتصلت ببعض الإخوان .

أما عن تحطيم الإخوان والسخرية منه فلم الأم على ذلك واتهم بذلك وأنا أعمل في تنظيم الإخوان منذ أن كنت في الجامعة وأرائي لا زالت أتحد عنه لا يمنع أحد من إبداء وجهة نظره فيها .

وليس لى أى تصرفات فردية في صرف الأموال بل كان يتصرف فيها معي بعض أعضاء المكتب بل كان يقوم بصرفها الأخ عبد الله حسن أحمد .

أن هناك ترصدا شديدا على من قبل الأخوين جعفر ومحمد صالح وذكروا أشياء حدثت منذ زمن بعيد وأن طبيعة عملي في الحركة كواجهة سياسية ويعصب على أن أعمل بنشاط وأن ورائي أقاويل وتعرض مستمر , إن الإشاعات التي تطلق ليست منى ولكن من غيري , أن العمل السياسي يحتاج إلى ثقة وسرعة بديهة وفهم وأن التعرض للمحاسبة فيه بهذه الصورة يصعب معها العمل .

أما موضع الأساتذة الإخوان وطردهم من الجامعة فأنا كان تقديري كمواجهة ومعارضة لابد من إبداء شئ وأنا سالت عن طريق الصدفة أحد أساتذة الجامعة في العلوم المهنية عن وجهة نظره خلال هذا الموضوع وليس شيئا مدبرا .

أن العمل لابد أن يتوحد وأن الشخص المسئول هو الشخص المسئول وهو الذي يصرح وهو الذي يقول الكثير في الأمور وأنه لابد أن تحسم هذه الأمور حتى يسير التنظيم .

حمدي : حكي ظروفه وتوقفه عن العمل في المكتب بعد الظروف الأخيرة حدد الأخ حمدي نقاشه في مذكرة مرفقه .

برات منذ رجوعي السودان وأنا تعهدت نفسي أن أكون جندي دعوة تحت لواء الأخ حسن كلفت من فترة أن أحضر لقد حدث انشقاق لدعوة الإسلام فكريا وإن هنالك تيارين داخل الدعوة لا يمكن أن يتعايشا.

إن وجود الانقلاب للحركة الفكرية في الداخل لديها رؤوسها الذين يمثلون المدرسة الفكرية هما حسن الترابي وجعفر شيخ إدريس فأما حسن فإنه يحمل تيارا فكريا أما جعفر ومحمد صالح طلاب منهج ملتزم تحدث كثيرا .

انتهي الاجتماع إلى هنا ... بقية مداولات مجلس الشورى.

محمد يوسف : شرح فترة العمل في الجامعة وما بعد الجامعة وقال لقد اشتركت في العمل في المكتب لأول مرة مع بعض الإخوة كحسن وحمدى وعثمان خالد وكان إحساسي لأول مرة أنني في جو غريب ما عهدته من قبل وقد نبهت بعض الإخوة إلى هذا الجفاف في الأسلوب والمفاهمة والمنافسة أما معاملاتي مع حسن فقد شعرت من أول مرة بعدم الوضوح في عرض أرائه وتقبل أراء الآخرين وقد قادني ذلك إلى أن الأخ حسن لم يعاصر الفترة التي عايشها الإخوان بالجامعة , ثم جاءت ثورة أكتوبر والتي عاصرت فيها حسن في العمل السياسي حيث كنا في الجبهة القومية حيث ساءت علاقتنا بالسياسيين من سوء تصرفاته معهم الشئ الذي دفعني أن أجهز برأى في عدم موافقتي أن يكون حسن مشغولا عن الدعوة وناطقا باسم الإخوان , ذلك ما حصل لى ولم يكن مؤامرة ولا رشوة سياسية كما ادعى الأخ حمدي على , أن هدف الدعوة الأول هو أن يبذل الأفراد لمجهود الذي يرقى تربيتهم ويصون سلوكهم وهذا ما اجتمعنا عليه والتزمنا به طوال أعمارنا في الدعوة ثم تحدث عن الظواهر الشاذة وسوء التأويل واستعمال لمقاييس الحزبية في أعمالنا السياسية وتحدث عن دفع لاتهام عن إبعاد حسن عن منصب الأمين العام للإخوان كان من أهدافه تنشيط الحركة في الداخل والطريق التي تم بها الإبعاد خالية من أى مؤامرة , عدم وضوح حسن في عرض آرائه التبريرات التي يسوقها تجعلني لا أثق في كلامه أن خلافنا ليس أبعاد أناس معينين من القيادة بقدر ما هو سير وراء المبادئ التي سرنا عليها منذ أن بدأنا طريقنا ,
فاروق : قال إن النقاش سار على غير طريقته إذ أنه في أزمة ثقة في قيادة الإخوان وليست خلافا فكريا كما قيل وأن أمين جبهة الميثاق لا يصلح أن يكون في القيادة والخيار لمجلس الشورى أن يحسم الموضوع بصورة ما .

مجرد افتراضات بنى عليها تفسيراته حول الأشخاص الذي اعتبره خطأ.

وتحدث الأخ ربيع حسن قائلا أنه لا يوجد خلاف فكري بل هو خلاف شخصي وقال إن حديث برات عن رمي الناس وتأثرهم بالثقافة الغربية واستدلاله بعلم النفس الذي هو صنع الغرب شئ غريب , أن حسن في رأي هو أكثر الناس وضوحا الأمر الذي اختلف فيه مع محمد يوسف.

إن المشكلة في رأي هي مشكلة عمل وإن هذا الاختلاف يعطل داخل المكتب وأنه لابد من الأشخاص الذين يشكلون عدم التعاون في المكتب يبعدوا , م تحدث الطبيب زين العابدين قائلا اعترض على طريق التجريح التى اتبعت في الجلسة لأنها غير صحيحة من الناحية الإسلامية واعتقد أن الموضوع فيه خلاف فكري بين هؤلاء الإخوان وخلاف فكري واضح يجب ألا تقلل من قيمته ولكن تحديد منهج الحركة لا يفيد مع وجود حسن ومن الخير له ولهذه الدعوة أن يفكر في أسلوبه ويعيد النظر فيه, غير مقتنع أن هذه الاعتراضات مفروض تصل حد الأزمة, ولا يقبل أحد الدعوة بإبعاد أخ لا الوم حسن إذا كان المكتب يباشر عمل سياسي أكبر الهبوط في مستوى العمل التربوى مسئولية جماعية , الاتهامات ضد محمد صالح وجعفر سمعتها في الخارج إن هذه الأمور خرجت بره وتسببت في تشويش بره ثم تحدث يسن عمر حديثا مطولا عن طبيعة الاختلافات داخل الحركات وقال أنه يقدر الإخوان جعفر وحمدى وحسن ومحمد صالح لتقديمهم التضحيات ولكنه قال أنه يشعر أخيرا كأنهم أوصياء على هذه الحركة .

وقال عندي اعتراض على حسن الترابي لأنه مستفز ولأن هناك أشياء لا يقولها وضرب لنا مثلا بقصة رشيد ورأي أن رأي جعفر في حسن أن دينه ضعيف وهذا الرأي بطال جدا بقصة سفر حسن الصومال وكان رأي في مجلس الشورى أن تكون هناك تنظيمات كان واضح منذ عام 1962, أريد أن أثبت أن المسألة ليست أساسا خلافا فكريا وضرب مثلا بكلام محمد صالح عمر بأنه سيعيد النظر في كل تصرفات حسن بعد أن حصل الخلاف بينهما وأكد قول حسن له بأن إنسان يعمل للسياسة ولا يصلي خير من أن يصلي ولا يعمل للسياسة , وقال إننا لم نعمل للسياسة ولا نعمل للتربية وقال أن تجعفر أن مشكلته مع المكتب كله وأن وجود حسن في قيادة الجبهة خطر على الحركة الإسلامية , ويخلص من كلام واضح من محمد صالح وجعفر أن حسن يجى التنظيم كله لحزب الأمة , وأن هناك بعض أشياء عندنا يقولها حسن للسيد الصادق , حسن عنده أخطاء ولكن يمكن أن يحاسب عليها وتصلح وضرب مثلا باللجنة الثلاثية مع حزب الأمة وكذلك حكومة السيد الصادق وأخلص من ذلك أن هذا المجلس لو لم يتخذ إجراء صارما فلن يسير العمل ويرجو أن يكون هنالك أجراء حاسم .

ثم تحدث من الإخوان الأخ دسوقي وقال أنه الوحيد الذي اعترض على وجود الجبهة لأنها فيها تجميد للتنظيم وذوبان به وقال أن العالم الإسلامي يضع الثقة في ذلك الثالوث قصدوا ذلك ولم يقصدوه كانوا هم المعوق له واقترح الأخ الدسوقي أن يحل المكتب التنفيذي الحالي لتجميده للعمل ولبعض الإخوة الذين استمروا أو الجلوس في المكتب والاقتراح الثاني هو اختيار أخ لقيادة الدعوة على أن يكون من خارج هؤلاء العشرة لأنهم موفقين والصورة في ذهني هذا الرجل هو الأخ مالك بدرى, ثم واصل الحديث مقدما تصورا عاما للأسس التي يمكن أن ينبني عليها العمل مستقبلا .

ثم تحدث في الجلسة الثانية كل من الأخ عبد الله حسن أحمد , وعباس حسن التوم , وعلى عبد الله يعقوب , الذي ذكر أن الجماعات تخطي وأن الإخوان في مصر غير معصومين من الخطأ وكذلك تحدث أحمد التجاني صالح ومحمد على سعيد وعيسى مكى عثمان , وعبد الرحمن رحمة , الذين أوضحوا أن الأمر هو خلاف فكرى أساسه إضعاف المنهج التربوي وفقدان الإخوان للمعاني الأساسية وقال الخليفة أنها فرصة طيبة للنقد الذاتي وقد كان حادا ومرا وأنها ليست من الكبائر والحمد للاه وعدم تقدير الأمور تقديرا صحيحا كان من نقص التربية والمبالغة وعدم الدقة تعتبر عدم دين والخلاف الموجود هو خلاف في أسلوب العمل وضرب مثلا عما يحصل في عام 1962 عندما قدم حسن المذكرة في المؤتمر في العيلفون وقال إن ذلك أكبر وأعمق من هذا الخلاف الآن ونحن أحوج إلى التربية السياسية والسياسة جزء من التربية وتصوير المسألة تربوية سياسية أو الفصل بينهما خطأ وأن القرارين الذين وصل إليهما في يوليو الماضي لا يتناقصان ويجب أن نتفادي صدور قرار غامض وقال أننا يجب أن نستعد أى من الإخوان من العمل وذلك لاختلاف الاستعدادات تسرب إلى نفوس بعض الأفراد اليأس من هذا الذي يجرى وهذا ما لا يجب أن يحصل وعلى هؤلاء الذين اشتركوا في المشكلة أن يتقوا الله تعالي فهم الذين أوجدوا هذه المشكلة وهم الذين يتحملون مسئوليتها .

وبهذه الكلمات الطيبات اختتم الحديث والنقاش الحامي ذلك الفيض الهادر من الانفعالات ذلك الرين على صفاء النفوس الطيبات ذلك التحايل على معاني ثابتات وكان لرأي الأخ إبراهيم الدسوقي وتزكيته للأخ مالك بدري كل القبول واتفق بصورة شبه جماعية على أن يتولى الأخ مالك بدرى, مسئولية الجماعة أمينا عاما يعاونه مكتب منتخب وكذلك اتفق أن يحال الأمر لقواعد الإخوان ( شعبهم ومناطقهم ) في العاصمة والأقاليم وذلك أنهم في نهاية .

وذلك أنهم في نهاية الأمر أصحاب الرأي والحق في حسم هذه القضية والوثيقة المرفقة هنا هي الرسالة التي أرسلت لإخوان المكتب التنفيذي الذين تم ترشيحهم ليدركوا نجاة السفينة وترك للأخ مالك بدري الحق في اختيار أعضاء المكتب الجدد الذين يعانونه وهم : -

1/ الأخ مالك بدري أمينا عاما
2/ محمد يوسف محمد
3/ عبد الله حسن أحمد
4/ حسن الترابي
5/ عوض سالم الحكيم
6/ مبارك قسم السيد
7/ أحمد التجاني صالح
8/ على الحاج
9/ أحمد عوض الكريم
10/زين العابدين الركابي
11/محمد على سعيد
12/ عثمان خالد مضوي
13/ صلاح أبو النجا
14/ حافظ الشيخ الزاكي
15/ على محمد على جاويش

ثم أثيرت قضية الأخ الركابي والتي فحواها شكواه من التصريح الذي نشره الترابي في شأنه بخصوص مهاجمة ( أى مهاجمة الركابي للصادق ) فيما يختص بقضية فلسطين فقد صرح الترابي لوكالة الأنباء أن المحرر الذي هاجم الصادق محرر غير مسئول وقال الركابي مقدما شكواه لأعضاء المجلس يطلب برد اعتباره أمامهم بصفته المسئول عن الجريدة ( الميثاق) في ذلكم الوقت وأن التصريح المنسوب لأمين جبهة الميثاق فيه إساءة له, وطلب الحاضرين من الأخ حسن أن يعتذر له ورفض حسن ذلك بحجة أنه لم يتعود أن يتعزر أمام الملي أمام الملأ وأحيل الأمر للمكتب التنفيذي لمعالجته هناك.

وتقرر أن يفوض هذا المجلس المكتب التنفيذي أن يقوم بنقل ما دار في هذه الجلسات الخمسة الحاسمة إلى عامة شعب الإخوان ومناطقهم وينقل إليهم قراراتها ومعرفة رأى جمهور الإخوان الرسمي في أن يبقي تنظيم الإخوان وتكون جبهة الميثاق الإسلامي هي واجهته السياسية وبين الرأي الآخر أن يحل تنظيم الإخوان ويكون تنظيما واحدا تحت اسم جبهة الميثاق الإسلامي وتقرر أيضا ( 25 صوتا ضد1) أن يمرر المكتب التنفيذي أمرا موقتا لأى سلطات يطلبها الأخ مالك بدري يقوم مجلس الشورى فيما بعد بمناقشة طبيعة هذه السلطات ووضع قرار حولها .

وبذلك نهض إخوان مجلس الشورى بعد جلسات طويلة يستبشرون بما توصلوا إليه سمحة به نفوسهم راضية عنه صدورهم بعد أن استطاع الأخ إبراهيم الدسوقي إقناع مالك بدري تولي هذه المسئولية قام مالك بدري بدعوة المكتب لأول جلسة له في 7/ 8/ 67.

كان الحمل أكبر مما كان الأخ مالك بدري وإبراهيم الدسوقي يتصورانه وأدركا ومن معهما فيما بعد أن القرارات الطيبة التي تمخضت عنها اجتماعات مجلس شورى الإخوان كان تحتاج لأرض صالحة لتبذر فيها وتخضر وتثمر , فهل كانت التربة صالحة ؟؟

تعالوا نقف ونشاهد ونتبصر مجريات الأمور بعد ذلك ماذا كان فيها .

الأخ محمد صالح عمر بعد تخليه عن أمانة الجماعة قدم استقالته ( أيضا ) من تنظيم جبهة الميثاق الإسلامي ( نشأت في الصحف المحلية ) وأثر أن يخط لجهاده دربا أخر أسلم, ذا شوكة طيبة ولا أحن فيه ولا بغضاء , جهادا لا يسلكه طالب جاه أو سلطان وليس فيه بريق الإمارة ولا طلب منفعة أثر أن يترك وراءه كل ذلك ويفارق الأهل والعشيرة والولد والبنت مهاجرا إلى أرض فلسطين يتدرب وينادي من بعده كتائب الإخوان ليتدربوا معه حقا ذلكم والله هو السبيل العملي الواضح لخط الجماعة المسلمة , السنية المنهج , الربانية الوجهة والشرعية المسلك , لمحتواها الجهادي حاضرا , ثم مستقبلا وكأنه ينظر إلى ذلكم المستقبل بعين وبصيرة المؤمن , ذلك المستقبل الذي قيل أنه كان يتحدث عن توقعاته فيه بان هذا البلد قد تجتاحه كتائب الجاهلية والكفر وليس ذلك ببعيد , وليس من سبيل إلا ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) الأنفال 60.

وسوف ترى عن قريب ثمار ذلكم الأعداد الجهادي الذي قاده محمد صالح عمر وأخوته في أحداث أبا وما بعد أبا .

أحداثا توالت ونسبت إلى غير منبعها وأظهرت على غير موضعها , والله يفصل في ذلكم يوم الفصل العظيم ولعل هذا الرجل لم يهنأ بعد هذه الهجرة بمطعم ولم ينعم بفقة أهل . الأخ محمود برات .

وكذلك أثر الأخ محمود عبد الله برات أن يأوى إلى ركن هادئ بعيد عن صخب الخلاف وإلى حمى طيب يزكي فيه وجهة وبالرغم من خطأ هذه الخطوة التي اتخذها خطأ شرعيا لا يليق ( بالصبر والمصابرة ) وهما ديدن المجاهد وهما خلق المؤمن إلا أن الظروف التي كانت تحيط به فيما علمنا من بعد كانت تسوغ له هذه الخطوة .

وواجه الأخ مالك بدري الحقيقة ولظروف خاصة به هي علاج ابن له غادر إلى الخارج ولم يتسن له مواصلة إنفاذ ما أوكل إليه واجتمع مجلس الشورى يوم 5/10/ 67 بعد شهرين تقريبا من الجلسات السابقة ليقبل اعتذار الأخ مالك بدري من أمانة المكتب التنفيذي واختيار الأخ عبد الله حسن أحمد أمينا عاما.

وطبع البيان الذي حرر إلى قواعد الإخوان يخطرهم بمحدثات الأمور والذي استهل اقتناع مجلس الشورى باطلاع الإخوان على بعض الخلافات والمشاكل التي طرأت على التنظيم أخيرا حتى لا يتسامع الإخوان بهذه المسائل من الخارج بصورة مشوهة ولأن أبرز المشاكل والخلافات لقواعد الإخوان هو الأساس الصحيح لحلها والدخول إلى الرأي الصواب فيها وأن تولي هذه النشرة ما تستحقه من سرية وتكتم نسبة لما لها من حساسية لا تخفي .

وقدم البيان تفصيلات عامة ونقل القرارات التي ذكرناها وأوصي في ختامه الأفراد إعطاء الأمر ما يستحقه من سرية ولنجدد العزم على السير بهذه الدعوة قدما فوق تربص الأعادى وما على العبد إلا العمل والإخلاص , وتوالت ردود أجهزة الجماعة من كل صوب تؤكد ما أكثرنا القول فيه عن البون الشاسع بين ما كان يجرى طيبا أصلا ناصع الصفحة في قواعد الإخوان المؤمنة التي لا تشوبها شوائب النفوس البشرية وبين قيادة لم تستطيع تحمل قوة وثقل أمانة ربانية شديدة الوطأ على نفوس ما افترشت الأرض من صخور الحتانة في ليال قارسة البرد ولم تتلمذ على يد جمال عمار ولم تؤاخي مصطفي جبر ولم تستمع للإمام البنا في حديث الثلاثاء ولم تبت مع صغار الإخوان تتهجد ليالي الكتائب في منازل محمد محمد خير القاضي وحسن عوض ولم يدم أرجلها الزحف الطويل في الحصى في الصحراء كررى ولا مارست حق التكافل والإخاء اليومي والصداقة والحنان والمودة التي ظلت رواد نادي أمدرمان الثقافي ولا تقاسمت معهم صحن الفول الذي كان يعده الأخ برعي وإنما كانت صولاتها وجولاتها في المنابر خطبا وفي المواقف السياسية بطولات عارمة وفي التنظير والتخطيط إسهابا فقد كان البون إذن جد بعيد وشاسعا وسوف نعود لتفصيل ما جرى بإذن الله وأمرا أخر هو هؤلاء الإخوة من الأقاليم الذين توافدوا يستفسرون وينصحون وتأخذهم الشفقة ويحدوهم الأمل ويدفعهم الحرص .

فأتخذ مجلس الشورى قراره بدعوة للمؤتمر العام للجماعة ( الذي لم ينعقد منذ مؤتمر 1962) بالعيلفون وهو كما قلنا أعلى سلطة في الجماعة وعين لجنة عليا من ثلاثة إخوان لهذه المهمة وهم بروفيسور عوض سالم الحكيم رئيس والأخ عيسى مكي عثمان مقررا والأخ دكتور عبد العال عبد الله عضوا على أن تستعين هذه اللجنة بتكوين أجهزة اختصاص ولجان مساعدة ما يساعدها على تحقيق الغرض الذي كونت من أجله وبدأت اللجنة أعمالها وقبل أن نذكر الخطوات التي تمت للإعداد له لابد أن نذكر أن الأمور لم تسير بهذا السير فكانت هنالك محاولات في مستوى المكتب لتأخير قيام المؤتمر أو تأجيله حتى تتثبت الأقدام واجه الإخوان هذه المحاولات بالمدارة والمصابرة حتى استطاعوا أخيرا تحديد موعد في 15/4/1969 وهو تاريخ وقف التاريخ عنده وقفة تأمل طويلة .

مشارف المؤتمر العام

وقبل أن نلج ذلك الخضم لابد من وقفة عند تبلور فكرة الدعوة للمؤتمر وما لازمها وذلك ما لا تثبته ولا يفصله بيان , إنما يدركه كل الذين كانوا على وعى تام من الذين كانت تزخر بهم الساحة يومذاك تبلورت فكرة دعوة المؤتمر العام وهو أعلى جهاز في الجماعة عند قادة الإخوان وهم على يقين بأن المؤتمر سيضع الأمور في نصابها وقد وضح الآن أن استقامة أمر الجماعة وضمان مستقبلها لا يمكن أن يتحقق بوجود تيارين متسابقين يتقاسمان المسئولية ويتنافران.

وكذلك لا يمكن أن تظل الأطر حارة متقدة من جراء احتكاك الحركة التي انطلقت حثيثا في مجالات العمل الداخلي والتي أشرنا إليها موثقة في الصفحة الماضية وبحركة جبهة الميثاق الإسلامي والتي بدأت أيضا محاولة وضع ركائز تنظيمية أخر ننشر هنا الوثيقة التي تؤكد هذه المحاولة ولم تتعد أن تكون محاولة مبتورة وكذلك لم يتعد الأخ عبد الله حسن أحمد وهو تلميذ مخلص لأمين جبهة الميثاق أن يكون رئيسا لجلسات المكتب التنفيذي الذي تحجم دوره بعد غياب الأخ محمد أصلح عمر وانصراف الأخ مبارك قسم السيد والكوادر العاملة معه وكذلك الأخ جعفر نحو تركيز البنيات الداخلية وتقوية الخلايا التنظيمية بعمل دءوب مبرمج وكذلك بالاتصالات الفردية داخل العاصمة والأقاليم لتصحيح المفاهيم وتوضيح طبيعة ما جرى فكان لابد للجماعة أن تسعى لتنصب أمير في مستوى دعوة الإخوان في مستوى وزنها وثقلها في الأمة المسلمة وفي هذا البلد وفي أهلها كدعوة ربانية بعثها الله تعالي رحمة للناس في كل نجد لم نجد هنالك من مخرج لهذا إلا من خلال أعلى جهاز للجماعة .

وكذلك انطلقت بعض القيادات الشابة في جبهة الميثاق ونشطت بعد أن انفتح أمامها المجال خاصة في مجال الإعلام حيث بذل جهد مضاعف لتحتل أكبر قدر من المساحة في حقل العمل العام ولتجنب اهتمام الكثيرين وتنبه إلى كبر الانجاز وعظم مكاسب الجبهة بقيادة الدكتور حسن حتى صدر عدد حسن الترابي ( بمانشتات) ضخمة وعن أعماله تاريخه رغم استنكار هذا المسلك ولكن كان للأخ عبد الرحيم حمدى مبرراته دائما واختفت هذه الوثيقة .

وليس ذلك فحسب إنما توجه بعض هؤلاء الشباب من القادة نحو قواعد الجماعة والاحتكاك بها والعودة الإخوانية لإعادة الثقة بهم ومسح ( آثار العدوان ) على الإخوان المسلمين الذي كاد ( أن نجح) أن يقضي على معالم الدعوة الإسلامية السنية السلفية في هذا البلد وإبدالها بالجبهة الجماهيرية العامة ولعل ذلك يكون في يوم من الأيام .

وبعد أن وصلت معرفة الخصام الفكرى بين أفراد القيادة ( المكتب , مجلس الشورى ) إلى جماهير الإخوان في أسرهم العاملة ومناطقهم المنبئة في كل أنحاء القطر وصلت إليهم عبر بيان المكتب التنفيذي وغيره وجاءت ردودهم عامة جلية واضحة كان تمسكهم بالجماعة عقيدة ومنهاجا ولا يرون في غيرها بديلا جاء إجماعهم قويا أزال الغشاوة من أعين وبصائر كانت قد بهرتها تكاثر الجموع الحاشدة وغشيتها بريق السلطة والسلطان, فإذا بأولئك القادة وهم أصحاب فطنة وسعة وذكاء يدركون ما سبق أن أفضنا بالحديث عنه أنه على قواعد الإخوان وحدهم يقوم كل عمل عام من مجهوداتهم الموفقة بإذن الله ينشأ ويتحقق كل إنجاز وأن مكمن القوة في صلابة البنات الدعاة حملة الدعوة الإسلامية خلفاء الرعيل الأول تلاميذ الإمام البنا هم لا يرضون بغير دعوتهم الربانية دعوة ولا بغير بيناتهم بناء تعالوا في هذه الفترة من نوفمبر 68 إلى مارس 69 لنرى ماذا كان رد الفعل في الأجهزة العليا أجهزة وأفرادا وقد كان أمرا ليس من اليسير أن يصدق .

في المجال الداخلي

شهدت هذه الفترة بعد أكتوبر 68 حركة حثيثة في كل المجالات فقد كان لتعين الأخ عبد الله حسن أحمد أمينا عاما أثر في إبارد وتهدائة الحمية ولعل وضوح الرؤية عند الإخوان في مستوى القيادة الذين كانوا قد عملوا جهدهم من خلال المكتب ومن خلال مناظرات مجلس شورى الجماعة لإذابة تنظيم الإخوان وإبداله بجبهة الميثاق ودافعوا عن ذلك لعلهم بعد أن اختارت جماهير الإخوان البديل الأول وهو الإبقاء على تنظيم الإخوان لتكون جبهة الميثاق هي واجهته السياسية ولعل وضوح هذا الأمر كان يحتم تغييرا في المواقف , كان يحتم أن يقفوا قليلا أو كثيرا ليتبينوا مواقع أقدامهم إزاء هذه الحقيقة الباهرة أما أجهزة الجماعة الأخرى فعلي ضوء ما استقر لها انطلقت فشهدت هذه الفترة حركة حثيثة في كل المجال ففي مستوى العاصمة نشط مكتب العاصمة في أحكام البنيات التنظيمية وتم تنفيذ وتقييم الخطة العملية الثامنة وصدرت الخطة المرحلية التاسعة وأقبل أفراد الإخوان ينهلون من نبع الدراسات الإسلامية ما استطاعوا , وبرز نادى بحرى الثقاف منبرا ومعلما كبيرا ومنارا , وانطلق الإخوان عوض كبوش وعباس حسن التوم ومحمد عثمان يبنون من خلال ذلك الصرح لدعوتهم في كل يوم عملا وانجازا حتى غدا نادي بحرى صرحا يعرف ونشط جهاز التربية والتنظيم في إعادة صياغة البرامج التربوية الوثيقة تعطينا فكرة عن مستوى ذلك النشاط الإعدادي.

وبدأ عمل واضح المعالم في مجال المرأة وانتظم بداية من نوفمبر لم يتأثر ذلك بما كان يجرى في مستوى مجلس الشورى فقد كان البون شاسعا بين ما كان يجرى هنالك وبين ما كان يتحقق في أجهزة الإخوان عامة وفي طيات تكويناتهم وهنا لابد أن ننشر هذه الوثيقة الثانية عن مكتب المرأة التي صدرت في 9/11/1968 لنؤكد هذه الحقيقة .

أخذ الإخوة المسئولون في مكتب العمال زمام المبادرة في وسط العمل وتمت خطوات عديدة موفقة ولعل الأخ عبد الرحمن البخيت قد كتب سلسلة يحكى عن ذلك الانجاز مفصلا في إحدى الجرائد اليومية وفي وسط الطلاب تأصل الاتجاه التعبدي التجردى وسط الجامعة يقوده الأخ جعفر ميرغني والذي أنشأ مدرسة لها قواعدها التربوية والتي لم تنقصم عن نهج الجماعة بل كانت صورة من صورها ولبنة من بيناتها أثرت العمل الإسلامي بالتجرد والصفاء واليقين فزكت بها نفوس طيبات وتدرجت في محاربيها قلوب أمنات ولعل ذلك الفيض الروحي ما يزال في صدور نفوس غافلات وكذلك نشط العمل في الفئات الأخرى ثم جاءت في ذلكم الوقت قضية حلفا الأخلاقية أثارت النفوس فنطلق دعاة الإخوان في المنابر يذكرون الناس بواجبهم تجاه الانحراف الأخلاقي بسبب غياب الشريعة وعدم تطبيقها وكذلك قام شباب الإخوان في ملاحقة الفكر الشيوعي في المجالات المختلفة وفي الأحياء والنقابات وهكذا اندفع الإخوان المسلمون يتخطون كل الحواجز والسدود التي وضعت أمامهم لا يلون على شئ ويقدمون لمن استحقر طريقهم أروع المثل لمن هم فيه من أصالة واقتدار .

مجلس الشورى يدعو للمؤتمر العام ويكون لجنته العليا من دكتور عوض سالم الحكيم رئيسا وعيسي مكى مقررا ودكتور عبد العال عبد الله عضوا , تلقي الإخوان عامة تلكم الخطوة بارتياح وترحاب وجاءت وسائلهم تترى وحددت نسبة التمثيل لكل منطقة في كل إقليم وحصرت الأسماء وباشرت اللجان التحضيرية في صمت وأصبح الناس على مشارف المؤتمر في منتصف أبريل 1969م.

ولم يكن هذا الحديث يعنى الإخوان المسلمين وحدهم بل تسربت أنباؤه إلى جهات عدة محلية وأجنبية يهمها رصد مجريات الأمور في أخطر جماعة تدعو لأقوي تيار يدعو ويعمل لانبعاث أمتن نهضة في أفضل أمة أخرجت للناس تلكم النهضة الإسلامية التي يعلمون أن من شأنها إحداث أصل انقلاب في كيان الإخوان على وعي به حينذاك بل جماعات وأجهزة أخرى حاولت بما لديها من إمكانيات استخبارات متقدمة ذلك أمر نشير إليه دونما الحاجة إلى ذكر تفاصيل عنه فإن له تفاصيل مخزية وفاضحة لبعض الذين هم في قمة النقاء في الملأ الآن.

وقبل أن ندخل على اللقاء بأبوابه لنحكي ونروي قصصه لابد أن نعرج قليلا لنسجل بعض المواقف التي كانت قبلة في مجالات أخرى حتى نستكمل بها ذكر كل ما يجب ذكره وتسجيله ومن ذلك استمرار إرسال المعونات إلى الإخوان في مصر فبالرغم من الظروف التي كانت تحيط بالجماعة بالداخل استمر نفر كرام يؤدون عن الجماعة واجبا أساسيا هو إرسال المعونات المالية لتسلم لأسر الإخوان المعتقلين في سجون عبد الناصر وقد كانت تتجمع عند الأخ محمد مدني سبال من نواحي شتى بعض الأموال التي لم تكن هنالك وسيلة ترسل بها لا عبر هذا البلد الطيب و ولعل محمد مدني كان لا يمكنه أن يخاطر بأن يقوم بذلك الدور بشخصه فكان يرسل غيره ( الأخ محمد على حامد ) الذي قام برحلة محفوفة بكل حذر وتنكر حتى قابل الأخ الترزى بالقاهرة وأدى الأمانات إلى أهلها وذلك دور لا نسهب في ذكر تفاصيله إذ أن رأينا ألا نتعرض طويلا إلا لما يهم مسار الجماعة في السودان ويؤثر على حركتها وتطورها وأيضا لابد أن نسجل إرسال بعض شباب الإخوان للتدريب في أرض فلسطين لم يتوقف ولعل لهذا الأم إثارة السلبية التي لم يحسب لها القائمون بهذا الأمر حسابها وسوف نتعرض لها في المرحلة القادمة بالتفصيل بإذن الله في مرحلة ما بعد مايو 69.

الضباط الأحرار والميثاق

وكان هنالك حدث له دلالته أيضا فقد نشرت ( الميثاق ) شيئا عن تنظيم بداخل الجيش يسمى تنظيم الضباط الأحرار ونسبته إلى التنظيم الشيوعي فأثار ذلك الخبر العقيد جعفر محمد نميري الذي كلف الرائد الرشيد نور الدين بإنذار جماعة الميثاق وتهديدهم ( ولعل الفكرة التي كان هؤلاء الضباط يعملون لها كانت قد اختمرت في أذهاتهم في وقت قريب من ذلك الميعاد) وهو الاستيلاء على السلطة فاتصل بنا هذا الرائد وكان في استعداد أن يعتذروا رسميا في الجريدة إذا وصلهم من هؤلاء الضباط نميرى ورشيد ما ينفي صلتهم بالحزب الشيوعي أو أنهم غير شيوعيين فأبي هؤلاء أن يعطلوا هذا النفي وأبي هؤلاء أن يعتذروا عما نشروا وكان لهذا الحدث العابر فروعه التي امتدت إلى مستقبل أيام قادمات خاصة فيما يتعلق بالأخ حمدى ووما نود ذكره أيضا قبل أن يفوته المجال تلكم المهرجانات الكبيرة التي كانت تقيمها منظمة الشباب الوطني بقيادة على عبد الله يعقوب كانت تغطي على مساحة واسعة في الحقل العام ونغمط هذا الرجل حقه هو في دأب الحركة والاعتماد على جهده الخاص قبل اعتماده على إمكانيات الجماعة أو إمكانيات الجبهة فكانت مهرجاناته حقلا طيبا وكان يلج مجالات لا يفكر فيها غيره ومن ذلك احتفاله ( بالجندي السوداني ) بعد أكتوبر 64 ورفع رأس الجندي السوداني عاليا بعد أن أساء إليهم اليساريون عند اندلاع الثورة بشعارات لا نود تكرارها ولا تذكارها , وقد أكسب ذلكم الاحتفال الإخوان موقفا طيبا لدى ضباط الجيش وأفراده بعد انقلاب مايو .

وكذلك مما نود ذكره قبل المؤتمر ذلكم النشاط الفكري المكثف الذي تبناه بعض الإخوان في امدرمان ( وبيت الال ) بإقامة ندوات دورية لتركيز أصول وقواعد الدعوة الإسلامية في أذهان الإخوان كانوا يرون أن الخلاف بين الاتجاهين هو خلاف توجه وخلاف فكر وخلاف منهج فكان لابد من تأصيل توجه الجماعة و فكر الجماعة ومنهج الجماعة بين الأفراد وهم مقبلين على مؤتمر عام كانوا يظنون بطيبة وغفلة أن سيعالج قضية توجه وقضية فكر وقضية منهج وياحسرتا على طيبة نفوس الطيبين وكانت تقام هذه الندوات كل أسبوع تحفها وليمة مشتهاة يدعى لها من هؤلاء وهؤلاء كانت كل خميس في منزل أمين تنظيم العاصمة وكان البون شاسعا بين ما يفكر فيه هؤلاء وما يعمل له هؤلاء ففي الوقت الذي انطلقت فيه جماعة محمد صالح وجعفر يؤصلون معنى النصر في الإسلام ومنهاج الانقلاب الإسلامي من خلال هذه الندوات المفتوحة انطلق بعض قادة الميثاق في العاصمة والأقاليم يؤصلون لفكرة أن النزاع الذي شب والذي سيناقش بعد أيام في المؤتمر المركزى هو خلاف شخصي بين حسن وجعفر ومحمد صالح تبعهم فيه آخرون ويؤصلون لأفكار أخرى خاصة بين الذين سيحضرون وصدقهم الكثيرون ممن سيحضرون وتبدل سلفا موقف الكثيرين ممن سيحضرون .

توصية مجلس الشورى

وفي الوثيقة التي نشرت في الصفحة السابقة اتضح أن مجلس الشورى انعقد في يوم الخميس 28 شوال ( يناير 69) وبحث العوامل التي قام الأمين العام بشرحها لتأجيل المؤتمر ولكن المجلس أصر على أن يستمر المكتب للإعداد للمؤتمر في أبريل القادم وكذلك في الوثيقة الثانية في نفس الصفحة بتاريخ 7/2/ 69 والتي تتحدث عن اجتماعات المجلس الخاصة بالمؤتمر الحقيقة أن الأمر كان وراءه جلسات طويلة حارة كانت تخيم عليه سحب تزخر ببروق حادة وانفعالات شديدة كان البعض يرى ألا بد من وضع المؤتمرين في إطار محدد على أساس أنهم بعيدون من الساحة ويسهل توجيههم كانوا يريدون أيضا تقديم صيغة معينة في شكل توصية باسم مجلس الشورى السابق ينكب عليها المؤتمرون وتبهر أبصارهم وتكون ديدن تفكيرهم ومحور نقاشهم فلا يتخطونها بمعرفة ما قد كان من محاولات لحل تنظيم الجماعة وبداية إذابته في الجبهة ولا يتخطونها لسماع ما قيل عن الإمام حسن البنا وعن تحجر فكر الإخوان وعن تأصيل قواعد الجبهة على حساب الجماعة معنويا وماديا وماليا ونظن أيضا أنه كان يراد بتقديمها لهم أن ينسوا التوصية السابقة التي أقر ابتعاثها مجلس الشورى يوم بعثت للمناطق المختلفة ( الرسالة التي أشرنا إليها في وقتها ) التي تطلب رأى قواعد الإخوان في الخيارين المقدمين أما إبقاء جماعة الإخوان وتكون الجبهة واجهة سياسية له أو الخيار الثاني وأوضحنا أن رأي سواد الإخوان كان الوقوف والدفاع عن كيانهم بصلابة ووضوح

انعقاد المؤتمر المركزي
15 أبريل 1969
مقدمة : في صبيحة يوم الثلاثاء 15 أبريل 1969 وفي مكتب الأخ محمد يوسف محمد المحامي بالخرطوم التقي خمسة أخوان , محمد يوسف , إبراهيم حسنين , على جاويش , عيسي مكي , مبارك قسم الله , جاؤوا على حذر يكاد حديثهم يكون همسا جاءوا وجلسوا في غرفة شبه مظلمة وأوضح لهم الأخ محمد يوسف أن الغرض من هذا اللقاء هو التفاكر حول تنسيق المواقف في المؤتمر الذي سينعقد الليلة بعد ساعات قليلة , ووضع خطة لمواجهة التيار السياسي ( الميثاقيين) الذي علمنا أنه سيحضر المؤتمر بتنظيم وتنسيق وعمل منظم مسبق ولم تطل الجلسة إذ لم يكن هناك ما يمكنهم عمله الآن فقد فات الأوان وقد أدرك هؤلاء الإخوة أن الانتصار لاتجاههم وفكرتهم في المؤتمر الحاسم القادم كان يتطلب عملا محكما متقنا من قبل وقت طويل مما كان في هذه الجلسة الوجلة فانفضوا بعد دقائق قلائل بغشاء حزن ويحوم حولهم وجوم إذ هم يمثلون حملة الدعوة الإسلامية السنية السلفية في هذه الليلة القادمة انفضوا خوفا من أن يقال أنهم اجتمعوا من وراء المجلس وانفضوا ليواجهوا المعركة فرادى بلا تنسيق وكل تدبير وكل حيل السياسة ندا انطلق جنوده قبل وقت كافي بعد المؤتمرين ويوطدون من أرائه في عقولهم .

توافد حوالي 258 مائتي وثمانية وخمسين مندوبا من شعب الإخوان المسلمين نحو النادي الثقافي الإسلامي بالخرطوم بحرى وهم الأعضاء المختارون لعضوية المؤتمر بجانب أعضاء المكتب التنفيذ وأعضاء مجلس الشورى مع سكرتارية مختارة .

وفي حوالي الساعة الخامسة مساء أخذوا مقاعدهم بداية لجلسات المؤتمر في جو مفعم بالتهيب والإكبار وتجيش النفوس بكوامن شتى, ويتلبد المجال بسحب داكنة , ولم يكن أحد يدرى كنه المسار ولا ما سيكون .

افتتح الأخ مقرر اللجنة الكلفة للتحضير للمؤتمر الأخ عيسى مكى الجلسة بكلمات مقتضية أبان فيها شيئا عن عمل اللجنة ( متحدثا نيابة عن رئيسها الذي كان غائبا ) ثم طلب من المؤتمرين اختيار رئيس لهذا المؤتمر وقام بترشيح الأخ دفع الله الحاج يوسف بالتزكية وبشبه إجماع , وقدم رئيس الجلسة الأخ دفع الله حاج يوسف حديثا طيبا, ثم تم الاتفاق على الأجندة المقترحة وبذلك بدأت جلسات أطول مؤتمر في تاريخ الجماعة منذ 1954 م.

أن السر لكل وقائع الأيام الأربعة هو أمر يحتاج إلى مجلدات طويلة فقد كانت الجلسات تستمر ساعات طوال لا تتوقف إلا للصلاة والوجبات تواصل النهار بالليل والليل بالفجر ولذا فسوف نكتفي بالوقوف عند المعالم البارزة من تلكم الوقائع بإذن .

بدأت الأجندة بالاستماع لتقارير الأقاليم المختلفة وتقرير أمين مكتب العاصمة ونقاشها وقد نال تقرير مديرية كسلا تقديرا كبيرا لاستيفائه بدراسة جيدة واحتوائه لإحصائيات كافية ولم ينل تقرير أمين العاصمة الرضي.

وأول ظاهرة كانت بارزة بوضوح هي أن جميع المؤتمرين الإخوان منهم والميثاقيين أصبحوا ومنذ أول وهلة ( إخوانا ) صرفا حتى أولئك الذين ذكرنا عن مواقفهم سابقا وحتى الذين كانوا محور الخلاف الفكري الذي كاد أن يودى بالجماعة والأذى بسببه تعجل الناس لانعقاد المؤتمر باتوا اليوم أكثر ( إخوانية حماية للجماعة )

وفي الجلسة الأولي طلب الأخ دكتور مالك بدري الإذن بالحديث وعند المنصة تحدث عن انطباعاته عما جرى ثم أعلن انسحابه من المؤتمر وغادر المكان قبل أن يدرك أخوة له معرفة وعواقب ذلك الموقف ورفع شعار ( فليزمك بيتك ولتبكي على خطيئتك) وبذا يكون الإخوان ( الجاه التربوي ) قد افتقدوا في ذلك الخضم العصيب فكرا فذا وشخصية مرموقة بين الإخوان وسندا قويا خاصة وقد أعقب ذلك أيضا ذهاب الأخ محمد مدني سبال بعد اليوم الأول بلا عودة للمؤتمر مؤثرا الانصراف والسلامة عن موطن فيه شبهات تلمسها, وكذلك افتقد الأخ محمد صالح عمر الذي لم يحضر المؤتمر لوجوده في المعسكرات التدريبية التي تحدثنا عنها أن اختفاء هذه الدعامات الثلاث كان له أكبر الأثر فيما حدث من بعد .

وبقي سبعة عشرة أخ ( من بين أكثر من مائتين آخرين ) يواجهون خصما لدا في معركة وطيسها حامي ليدفعوا عن كيان واصل وفكرة ومنهج في معترك غير متكافئ ذلك أن القضايا التي سيطرحها الميثاقيون لم تكن مسألة كيان واصل ولا اختلاف فكرة ومنهج أبدا هذا وقد أتي من الأقاليم أخوة لنا جلسوا في المؤتمر هم من خيرة الإخوان أصالة وتدينا والتزاما وفكرا وعقيدة وولاء والثقة بيننا كانت متوفرة صدورهم يديرون حتى عن حديث الإخاء العامر بيننا ( يا ترى كيف تلاشي صفاء النفوس الطبيات ومحبة قلوب بالتقي كانت عامرات , ائتلفت وتوادت وتشابكت في حناياها عرى أيما ويقين , ليس لأمر من أمور الدنيا كلها دخل فيه ( مجالس ذكر كانت تحفها الملائكة بالبشرى , يا تري وقد فوجئنا بغياب هذا الصفاء الذي كنا نعول عليه والثقة التي كنا نعتمد على أى شئ غير ذلك نعول ونعتمد في تبيان ما كان على حقيقته ) وراح منا قائد مسيرتنا محمد صالح ووقف جعفر مهيض الجناح واعتذر مالك وخرج ولزم سبال بيته وبقي سبعة عشرة على رأسهم محمد يوسف ومبارك وعلى وعيسى ومحمد على سعيد وعبد الرحمن رحمة وعبد الحي وأحمد التجاني وإبراهيم حسنين وأحمد محجوب وابو نارو وزكريا وأحمد كامل ومحمد على حامد , إذا كنا ظننا أننا نقدر على تدبير الأمور كلها فقد أخطأنا فإن الأمور كلها يقدرها رب الناس ويدبرها رب الناس .

وقدم بند بحث خط السير وقدمت توصية ( مجلس الشورى ) التي نشرناها في الصفحة الماضية وانبرى المدافعون عنها يدلون بالحجج ووضع موضوع الخلاف بين الاتجاهين على مائدة مفتوحة كان للحديث فيه وضوح وصراحة وقيل كل ما يمكن قوله وقال الميثاقون أنه كان صراعا حول المناصب وأنه خلاف شخصي مع حسن الترابي وقبل أيضا مالا يمكن أن نذكره هنا .

وغيض الله تعالي أن يكون لحديث بعض الإخوة ممن كان الإخوان كلهم يكنون لهم تقديرا بمالهم من مكانة في الجماعة أن يكون لحديثهم أثر كبير منهم الأخ مبارك قسم الله وآخرون فبدا الناس قليلا يدركون أن الأمر لأكبر من أن يكون خلاف أفراد شخصي وهذه التوصية المعروضة أمامهم تنص على وحدة التنظيم والثنائية فيه وذلك بأن يكون المسئول الأول هو واحد ( كما أقرته التوصية ) عن التنظيمين , وبفطرتهم كان الإخوان ينفرون من فكرة التنظيمين واستمرت التوصية تتحدث بصياغة ذكية , أن يكون المكتب المكون من الإخوان وقيادة الجبهة هو ( يكون هذا المكتب مسئولا عن العمل العام هو الذي يناقش ويتخذ القرارات ابتداء ولا يتخذ المكتب التنفيذي للإخوان كما كان في الماضي القرارات ثم يمررها في أجهزة الجبهة) إذن فقد قامت كلمات التوصية المعروضة والحمد لله على كل تدبير بجلاء حقيقة طمس ومواقف درست فبدأ الإخوان الطيبون يدركون ويفهمون وتأخذهم الغيرة على الجماعة وبعضهم بدأ يضطرب بين هذا وذاك ووقف جعفر ميرغني على رأس مجموعة كبيرة من الطلاب كان لهم وزن ثقيل وقفوا موقفا ضعيفا سلبيا سنعود نذكره فيما بعد وبدأت الكفة تعتدل وترجح وأمست القاعة تزخر بالمتكلمين وكان أن ينفرط عقد النظام حتى عجز الأخ دفع الله من السيطرة على القوم ورددت جنبات الدار أصوات رعد الغاضبين ورنت من أصدائها زفرات المشفقين , هنالك رأى بعض الإخوان أن يضعوا الثقة في محلها الذي هو محل لها والتي هي أهل له في الرجل السند الذي ما شارك في خلاف ولا جرح بكلمة .

ومن بعلم الإخوان كلهم أنه ليس له أرب إلا دعوته تصفو سيرته صفاء التبر , هو الأخ الصادق عبد الله عبد الماجد , ذلكم هو المخرج من ( جعفر وحسن ) و( محمد صالح حمدى) وذلك طوق النجاة وقد اجمع الأكثرون من الفرقاء على ذلك ولكن الأخ صادق أبي ورفض هذا الإجماع لعل له عذرة فيما كان يرى أن قبوله للإمارة ليس فيه رأب للصدع كان يرى ولعل له عذرة يوم ذاك ( إذ لم يكن لظروف خاصة مشاركا في جلسات مجلس الشورى في أغسطس وأكتوبر من عام 68) ولم يسمع ما قيل ولم يغوص في أعماق الأحداث يومذاك فأبي ورغم القوم في حيرتهم يترددون وأنقسم الناس شللا يتشاورون تأخذهم حمية ويحدوهم أمل جاء أبو حسنين يستبشر أن الأمل أصبح قاب قوسين أو أدني أن ينتصر الدعاة لدعوتهم والإخوان لتنظيمهم, أخيرا نصرا من موطن قوة وعضد..

هنا موقف لا نذكره بحذر بل نحكيه لمن شهده ولمن لم يشهده ونرويه للتاريخ قصة حقيقة فليصدقها من أراد ويكذب بها من شاء نقول عندما تساوت الكفتان وبدأت الأمور تنضح وأصابت الحيرة بعضا والشفقة آخرين وضجت القاعة بزفرات الغضب وكاد دفع الله حاج يوسف أن ييئس وظهر الاتجاه بين الدعاة للانتصار للتنظيم بدأ بقوى انطلق صوت ينادي الجميع أن يصمتوا فهنالك أمر جديد وخطب جليل وعلا الأخ عبد الرحيم حمدى المنصة وبد لأى وجهد تلاشت الأصوات وسكت الناس ليسمعوا ما الجديد في الأمر ؟ أنصتوا له هناك وبصوت هادى رزين بالهيبة والوقار يشوبها حزن مفتعل أعلن حمدى أنه هو والأخ حسن الترابي وحسما للأشكال قررا استقالتهما من الجماعة منذ الآن.. يا سبحان الله , أى ضربة معلم ذكية محكمة هذه ؟؟؟

انفجر الموقف فجاة إلى موجة حزن طاغية , الجميع يبكون بكاء حارا بعضهم جرى نحوا الحيطان والحائط الغربي من الدار يتوسدون الأرض في شهيق وزفرات , بعضهم يحتضن بعضا تكاد دموعهم تختلط أسا وحزن موجه من المعاطفة اكتسحت كل شئ دائما هم هكذا إلى يومنا هذا هؤلاء الإخوان يلبون نداء كل من يدعوهم باسم الإسلام وتغشى أبصارهم الثقة في القائد الحرص على المودة والإخاء على كل ما هو دونها هي الطيبة في نفوسهم والصفا ء في قلوبهم ثمرة للتربية التعبدية في مراحل عديدة قطعوها عند ذلك جاء إبراهيم أبو حسنين قائلا لى يا أخي ( الآن خسرنا المعركة ... والآن فقط فقدنا الجولة )

ونودى بعد الصلاة على الجمع وأعلن لهم سحب الاستقالتين ومواصلة جلسات المؤتمر وجلسوا في سكينة وهدوء وقدمت الأسماء التي كان يظن أنها أدخلت الجماعة في هذا المعترك لأخذ الثقة فيهم بالتصويت ليأخذوا جزاءهم عادلا من المؤتمر وفازت كل الأصوات التي قدمت بثقة المؤتمر ما عدا جعفر شيخ إدريس الذي تقرر فصله من الجماعة بالأغلبية ( وسوف نفصل في أر ذلك القرار عليه إلى ما بعد ذلك بوقت طويل ) ونحتفظ بالكشف الذي يحوى عدد الأصوات لا ننشره.

وهذه مقتطفات من البيان الذي صدر بعد المؤتمر نقدمها لإخواننا ليتدبروها لعل فيه بيان لما استقرت عليه الأمور وكذلك هي معذرة للإخوان لما استقر عليه رأيهم بعد ذلك وفي ختام الجلسات تم انتخاب أعضاء مجلس الشورى الجديد من أربعين أخا يوكل لهؤلاء تعين العشرين الباقين لإتمام عددهم إلى 60 عضوا,

إن كان لابد من ذكر معالم معينة في هذا الحدث فأول ما أذكره ذلكم الفيض من الحماس والاندفاع الذي اتصف به هؤلاء الإخوان القادمون من شتى بقاع القطر أتوا يحملون هموم بلادهم فإذا بهم يحملون هموم جماعة صعبة كانت الجلسات تستمر الساعات الطويلة, وليلة منها قضوها حتى نادى أذان الفجر لم يملوا ولم يضجروا وهكذا الدعاة أحفاد ليلة الهدير موقف الطلاب بقيادة جعفر ميرغني الذين وقفوا بمنأى بعيدا عن بداية التصويت ولم يشاركوا تلكم الساعة لتبدل الموقف كثيرا وأمر ثالث لابد من ذكره أنه عند المؤتمر وبعد تسليم الأخ دفع الله لرئاسته وجدنا أفراد لم يكونوا ضمن كشوفات المؤتمرين إذن لهم بالحضور حتى أنه يقال أن أحدهم سلم فيما بعد لجهاز أمن نميرى كل كراسات وقائع المؤتمر التي كان يحتفظ بها وأمر ثالث هو ما حصل مباشرة بعد ذلك فقد تكون مكتب قيادى جديد دون إبطاء وتسلم زمام كل الأجهزة التخصصية الداخلية ومعداتها وعرباتها في التنظيم وسيطر عليها كاملة وأبعد الإخوان الذين كانوا مسئولين عنها منها .

وبهذا يكون الأمر قد استقر على أكثر من كان الميثاقيون يأملون قبل المؤتمر وبعده ففي أول لقاء لمجلس الشورى الجديد بعد يوم واحد من المؤتمر انسحب منه بعض الإخوان الذين انتخبوا فيه وتعيب آخرون وتركوه غير آسفين.

وبعد يومين من هذا الحديث بعد المؤتمر اجتمع حوالي أربعين أخا مسلما في منزل الأخ محمد مدني سبال بامدرمان ليتشاوروا في ما يتطلبه هذا الموقف من عمل وما يحتم عليهم واجبهم الشعبي نحو دعوتهم ومناهجها من عمل لم ييأسوا ولم تثنى عزيمتهم قلة العدد ولا استهانوا بالخطوة التي تواجه الجماعة ولا استكانوا لخسارة موقف وهزيمة فصيلة مؤمنة ولا وجلوا من أن يلتقوا الآن جهارا نهارا كإخوان أصحاب دعوة واضحة متميزة .

الاتفاق على العمل المستقل وإعادة بناء الجماعة

مقدمة

وتقف الجماعة في مايو 1969 على قدر فإذا ظن الرجال من دعاة الدعوة الإسلامية أنهم يدبرون الأمور ويقدرونها فإن للدعوة الإسلامية ب عظيم يتولى هو تدبيرها وتقديرها وبعد 15 – 18 أبريل 69 وبعد أحداث المؤتمر المركزي العام الأخير جاءت خمسة وثلاثون (35) يوما اجتهد فيها مهرعين لتدبير وتحصين ما كسبوا وكانت هي إلى آخر معلوم وأسرع ؟

الإجراءات والتعديلات

ويكون أخر ما نقف عنده هو الإجراءات التي اتخذت بعد أن تسلم دكتور حسن الترابي مقاليد الأمور وهنا يحق لنا أن ننش هذه الوثيقة التي صدت بتاريخ 4/5/69 ويهمنا أن نشي من نشرها كاملة إلى أمور هامة غاية الأهمية وأولهما , ما جاء بها في الفقرة الرابعة من تكوين لجنة ثلاثية للتحقيق فيما نشر عن المؤتمر بجريدة الأضواء يوم 27/4/69 تأكيدا لما أوضحناه في الصفحة الماضية من أن أجهزة مخابرات عديدة تتابع مجريات الأمور في هذه الجماعة التي يفترض أنها تستقي من أصل جماعة كبرى تعمل لها أعداء الإسلام قاطبة ألف حساب وكذلك ما أشرنا إليه في الصفحة السابقة من أن أفراد لم تكن لهم صلة بعضوية الجماعة سمح لهم بالدخول بل وبالمشاركة بل أن من أجهزة الأمن اليسارية في أول حكم نميري من وجدنا بحوزته سجلا كاملا بما دار بالمؤتمر, والأمر الثاني الذي نشير إليه من هذه الوثيقة هو تولي الدكتور حسن الترابي مسئولية التربية والثقافة في التشكيل الجديد الذي وضع وهنا مربط الفرس , ونحدثكم عن معاني ذلك لم نقل في صفحة سابقة أن السباق كان في مارس أبريل 69 هو الفوز بامتطاء صهوة الفرس الفائز والجواد الأقوى ليسهل قيادة ويمسك بزمام قواده , ثم ليعمل عل توجيه مساره , وطمس أمجاده , وحرق حصاده وكسر عناده ؟؟

أيكون على التربية في تنظيم جماعة فقهية تأسست منهاجها على الإعداد الروحي والتربية الدينية والتعبدية من نادى بصوت عال وعمل كل جهده ابتداء من الجلسة الثانية في مؤتمر العيلفون 1962 إلى محاولة أحداث الشرخ العملي حتى نوفمبرديسمبر 1968 م على طمس ذلكم المنهاج الإعدادى التربوي وإبداله عمليا بغيره أن أحداث المستقبل تقول عن ذلك ما لا نقول ولعله يتحقق في يوم من الأيام , وقد قلنا أن الرجل صلب المرأس, ذو عزيمة وإصرار ... الأمر الثالث هو إبعاد كل قيادات التنظيم السابقة قبل أبيل 69 فأبعد مبارك قسم الله عن مسئولية مكتب التنظيم المركزى أبعد عيسي مكى عن مسئولية إدارة مكتب العاصمة وأبعد جعفر عن مسئولية التربية والثقافة وكذلك محمد مدني ومحمد صالح وغيرهم وأدخلت عناصر جديدة في الحقل منهم فاروق العتباني للطلبة وسليمان سعيد للعمال وتكون المكتب الجديد على الوضع الذي سبنينه هنا.

تصحيح المسار مرحلة جديدة

هناك وفي ثاني يوم بعد نهاية المؤتمر وبعد أن تبينت الأمور واتضحت , اجتمع في أمدرمان عدد من الإخوان من أنحاء العاصمة كلها ومن بعض إخوان الأقاليم الذين حضروا المؤتمر ليتشاوروا فيما يمكن عمله نذكر منهم :

1/ على محمد أحمد جاويش
2/ حسن على محمد
3/ زكريا عابدين عثمان
4/ عبد الكريم محمد عبد الكريم
5/ محمد على سعيد
6/ 'مبارك قسم الله
7/ '[[محمد محمد مدني سبال
8/ أحمد كامل العاص
9/عبد الرحمن رحمة'''
10/ حجاج ( من الدلنج)
11/ عثمان الدقيل ( الأبيض)
12/ جعفر شيخ إدريس
13/ عبد الغفار جباره الله
14/محمد أحمد صويلج
15/ عبد الحى عبد الحق
16/ حسن على العوض
17/ عبد الله ( نقد)
18/ محمدين يوسف ( من الأقاليم)
19/ عبد الله فتح الرحمن
20/ أبو بكر محمد أبو بكر
21/ أحمد التجاني يوسف
22/ إبراهيم أبو حسنين
23/ محمد على حامد ( الجزيرة )
24/ مرتضي مكي عمان
25/ إسماعيل حسن صديق
26/ تاج السر أمام الدين
27/ عيسي مكي عثمان
28/ مالك بدري
29/ أحمد عثمان مكي
30/ أحمد صديق أحمد عماره
31/ أحمد محجوب حاج نور
32/ سليمان أبو نارو ( بورتسودان )

وفي لقاءات متعددة ( تخلف بعض من هؤلاء وشارك آخرون فيها لم نذكرهم دا بحث الأمر كله .

وتهيب الإخوان الموقف وترددوا , وكانوا يحتاجون إلى وقفة طويلة تهدأ فيها أنفاسهم بعد الذي كان , ويتبصرون مواقع أقدامهم ويزنون فيها الأمور بوعي وبصيرة , كانوا يدركون عظم المسئولية والأمانة الصعبة التي وضعت مسئولية إنقاذ الجماعة ومنهاجها على عواتقهم كانوا لا يتعجلون الخطى ولا يسلكون مسلكا يباعد بينهم وبين أخوة لهم أخذوا على غرة وانقادوا على غير بصيرة .

مرت أربعة وثلاثون يوما ( 34) طويلة كان أمامهم أكثر من خيار ليتخذوه ولكن الإجراءات والتعديلات التي أجريت في الجماعة إلى ذكرناها هنا كانت تذكر بعظم المسئولية ولم يكن متيسرا أن يتم الاتصال بالمسئولين في الجماعة الأم بمصر والعالم الإسلامي وقتذاك للتشاور والنصح والتوجيه فقد كان لابد من تفصيل الأمر كله لهم على بينات واضحة وأدلة كافية وما كان إخواننا المسئولون هناك ليرضون بغير بينات واضحة وأدلة كافية وذلك كان أمر بعيد المنال وصعب الميراث .

وفي ليلة الرابع العشرين من مايو تم لقاء أخير حاسم حضرته مجموعة من هؤلاء الإخوان كان الرؤية أوضح باستحالة توافق فكرين متضاربين في إطار تنظيم واحد وكانت الرؤية باينة في أن التكليف الشرعي يوجب الموافقة عن الأمر الشرعي فكان لابد مما ليس منه بد.

واتفق بالإجماع على العمل المستقل منذ الليلة واتفق على بداية إعادة بناء الجماعة وانفض الإخوان يحملون هما عظيما في صدورهم وهجع بعضهم يستخيرون رب هذه الدعوة الذي بيده تدبير الأمور وتقديرها وباتو ليلتهم هذه فأصبحوا على صوت موسيقي الجيش في صبيحة يوم 25 مايو 69 تعلن عن وضع جديد ومرحلة جديدة في تاريخ هذه الأمة والحمد لله رب العالمين .

العمل الداخلي أثناء انقلاب مايو مايو 69 – ديسمبر 79

نقف الآن على مشارف مرحلة جديدة هي مرحلة بدأت عند نجاح الانقلاب العسكري الثاني في هذا البلد مرحلة ذات أحداث كبيرة متلاحقة يعلمها كل الناس بتفاوت في ذلك , فإن هذا الجيل الذي نعيش بينه الآن يكاد في جملته أن يكون شاهدا على كثير من أحداثها بل أن الكثير مما كتب عنها وما يكتب الآن ما يزال نديا ونحن هنا لا نتناول أيا منها مهما كان شانه , إلا بقدر أثره المباشر على تطور جماعة الإخوان المسلمين سلبا أو إيجابا كما دأبنا على ذلك منذ صفحات الأولي من هذا التاريخ وليكن لنا عذرنا أن كتبنا عن بعض هذه الأحداث من خلال نظرتنا وفكرنا وتصورنا كدعاة عقيدة وحملة رسالة وأصحاب منهج سماوى ولنا كل العذر أن حكما عليها مقاييسنا كجماعة سنية سلفة تستند إلى أصول ثابتة .

1/ جاء في بروتكولات صهيون ( ترجمة محمد خليفة التونسي ) في البرتكول الخامس عشرة صفحة 124 في الفقرة الثانية ما يأتي :-

( وإلى أن يأتي الوقت الذي نصل فيه إلى السلطة سنحاول أن ننشئ ونضاعف خلايا الماسونيين الأحرار في جميع أنحاء العالم , وسنجذب إليها كل من يصير أو من يكون معروفا بأنه ذو روح عامة هذه الخلايا ستكون الأماكن الرئيسية التي سنحصل منها على ما نريد من أخبار كما أنها ستكون أفضل مراكز للدعاية وسوف نركز كل هذه الخلايا تحت قيادة واحدة معروفة لنا وحدنا وستتألف هذه القيادة من علمائنا وسيكون لهذه الخلايا ممثلوها الخصوصيون كي نحجب المكان الذي تقيم فيه قيادتنا الحقيقية وفي هذه الخلايا سنضع الحبائل والمصائد لكل ( الاشتراكيين ) وطبقات المجتمع الثورية وأن معظم الخطط السياسية السرية معروفة لنا وسنهديها إلى تنفيذ ها حالما تتشكل , والأميون يكثرون من التردد على الخلايا الماسونية عن فضل محض أو على أقل نيل نصيبهم من الأشياء الطيبة التي تجري فيها انتهت الفقرة .

لماذا البدء بالحديث عن الماسونية وما علاقة ذلك بموضوع هذه المرحلة أننا نرى بوضوح ونعقد في يقين بأثر تطبيق هذا المخطط في كل التحولات الأساسية في هذا البلد بل ( ولعله في كل البلاد الإسلامية الأخرى) ففي الأسبوع الثاني من مايو 69 قامت جريدة السودان الجديد بنشر كشف عضوية محفل الجمعية الماسونية بمدينة الخرطوم وعطبرة وأحدث ذلك الكشف دهشة عند الناس وبالرغم من احتوائه على بعض أسماء غير معلومة وبعض غير المسلمين ولكن بعض الأسماء الأخرى كانت معروفة في المجتمع وبعد أيام قامت نفس الجريدة بنشر عضوية المحفل الماسوني في الخرطوم بحرى وأثار ذلك الخبر لغطا كبيرا وتلقاه المجتمع بنفس الدهشة إذ كان هنالك رأى عام عند عام السودانيين بالنفور ..

والرفض لكل مدخل غريب شاذ عن الممارسات الطيبة المعلومة لدى الناس , بقيت للنشر كشوفات منطقة امدرمان والتي قيل أنها تحتوي على أسماء كبيرة من خيرة المواطنين بل على رأسها بعض زعماء ملئوا الساحة ضجيجا وحركة.. كان رئيس المحفل هو المواطن الكبير عوض أبو زيد والد مسئول قلم الاستخبارات العسكرية يومذاك ( والذي خدع نائب القائد العام بومذاك حمد النيل ضيق الله وبلغه بصفته المسئول عن الموقع العسكرى ذلكم اليوم أن الأمور طبيعية لا خوف منها ) ذلكم هو الرائد مأمون عوض أبو زيد وكان يكشف أمدرمان بعض أسماء قيادية في حزب الأمة وبعض الجماعات الأخرى نحتفظ بسرها ولا نبيح به الآن بعد أن أخني الزمان على بعضها وغشى النسيان على زكها وسوى التراب على بعضها كانت بعض تلكم الأسماء الكبيرة موضع ثقة الإمام عبد الرحمن المهدى وكانت في مجموعتها برزخا وحجرا وحاجزا بين الاندفاع الفطرى نحو تحقيق الشعارات الإسلامية عند الزعماء الثلاثة أزهري وعبد الرحمن على الميرغني ذلكم بحث يطول ذكر تفاصيله بل كما هو معلوم أن مراحل أجازة أى دستور إسلامي في أى هيئة تأسيسية لم يتجاوز القراءة الثانية إلى يومنا هذا والتاريخ شاهد على ذلك حتى الآن .

وفي يوم 23 من مايو أعلنت السودان الجديد أنها ستنشر كشف عضوية المحفل الماسوني بالعاصمة الوطنية امدرمان , والذي ذكرنا أنفا خطورة الأسماء التي فيه وما كان شئ أبدا يستطيع أن يوقف تلكم الطامة الكبرى بالنسبة لأولئك القادة الكبار والعظام ومنهم عوض أبو زيد في جو ديمقراطي ولا شئ أبدا يستطيع أن يحد أيضا من سرعة التوجه العام نحو تحقيق دستور إسلامي كاد أن يتحقق بعد ذلك إلا إيجاد حكم وحكام أول ما يبدؤن به هو ضرب الدعوة الإسلامية ممثلة في قادتها بوضعهم كبيرا أو تقليصها ) فما كان يمكن لحماة بروتكولات صهيون أن يقفوا مكتوفي الأيدى أمام كسر أصنامهم وتعريتها وكشفها ونشر عضوية أكبر محفل لهم في هذه البلاد تحتوى على أسماء زعامات كانت تتمتع بأكبر قدر من التبجيل والتقدير عن الناس حتى يومنا هذا ولعل هذا كان قدر الدعوة الإسلامية وقدر دعاتها الذين ظنوا قبل أيام قليلة أنهم بجهدهم وحده يدبرون ويقدرون لدعوة لها ربها الذي وحده يدبر أمرها ويقدرها ولعل الله تعالي إذ ضعهم في مواجهة بعضهم البعض بين جدران السجون سنسيهم بذلك حدة النقاش وحرارة الخلاف ومرارة الكيد وعلى قلوبهم خوف من عدو قاهر .

سيقت زعامات الأحزاب إلى السجون وسيقن قيادات الإخوان وكثير من قياداتهم من عامة الإخوان بالعاصمة والأقاليم إلى السجون وظهر اليساريون بجانب رجال الانقلاب كما هو معلوم وكان حرصهم في المقام الأول على قبض كل أخ مسلم بل احتوت كشوفاتهم أسماء ( إخوان ) تخلو عن التنظيم والجماعة قبل عشر وعشرين عاما وسيقوا إلى السجون وأحضر أحدهم إلى السجن ( كانت له صلة سابقة بالجماعة ) أيام الدراسة وهو مخمور بل إن أول قرار جمهوري بفصل أول موظف بعد ( الثورة ) كان بإعلان فصل الأخ أحمد التجاني من وزارة التجارة يومذاك وإعلام البحث للقبض على مبارك قسم الله .

في محيط الجماعة

وفي محيط الجماعة الأم وفي إطار جبهة الميثاق كان الانقلاب مفاجأة لم يعمل له حساب ووضع الانقلابيون يدهم على كل ممتلكات الجماعة ( كالمطبعة ) ودار المطبعة والعربات وغيرها .

ولم يبق من أعضاء المكتب التنفيذي في صدر تلكم الفترة إلا الأخ فاروق عثمان العتباني والذي بهذا الوضع يفترض أن يتولى المسئولية بالإنابة كاملة ولكنه أتي وبلغ الأخ عبد الله بدري بأن التعليمات تقضي أن يتولى عبد الله بدرى مسئولية الجماعة كاملة ولم يتردد عبد الله بدرى ولم يضيق بها صدره بل تولاها كاملة بكل ثقلها إذ كان هو من الرعيل الأول ]\الذي تخرج من محاضن الدعوة الإسلامية تربية وإعداد وسوف نري صدق ذلك جرى له من بعد ذلك وفي محيط الجماعة ( المتميزة) وقبل أن تتسع رقعة الاعتقالات جرى بحث موضوع القرار الذي سبق أن اتخذ بالعمل المستقل وبداية إعادة بناء الجماعة على الأسس المنهجية التي تنتهجها الجماعة في العالم الإسلامي كله وبالرغم من قوة الرأي القائل بأن الظروف الجديدة تحتم وحدة العمل بين الجانبين وأن الناس في السجون لا تفرقه بينهم وأن العدو المشترك لا يفرق بين أخ وبين ميثاقي وهكذا بالرغم من قوة الحجة هذه فقد رأى الإخوان بعد عدة لقاءات جرت أن أى تعاون يمكن أن يتم ولكن ليس في ظل جماعة وقيادة واحدة , وأن هذه الظروف الجديدة لا ينتظر أن توجد بين فكرين متضادين ومتباينين وأنه خلاف فكري ومنهجي لا يتوقع ولا يمكن لأى ظروف أن تغير من طبيعته ولابد أولا من ترسيخ وتأمين المبادئ الأصولية والأساسية الصحيحة التي لابد منها لبناء جماعة إسلامية سنية سلفية حتى لا تتعرض الجماعة مستقبلا لما تعرضت له الجماعة في السنوات الماضية على يد قيادات جديدة شابة متطلعة ذات منهج وفكر مخالف , وطموحات عديدة .

الدليل الفكري

وعلى ذلك استقر الرأي على وضع دليل فكرى واضح المعالم لمحاولة ترسيخ وتأمين المبادئ الأصولية والأساسية وفي مجال العقيدة والتصور والسلوك والتنظيم .

دعى لاجتماع كبير في أواخر 1969 في حديقة مغلقة بحلفاية الملوك حضره ستون أخا تقريبا نوقشت فيه تلكم الأسس وكلف بعض الإخوة بالعمل على صياغة هذه الرسالة والتي تمت صياغتها بعد وأصبحت أول خطوة لوضع دستور الجماعة فيما بعد.

ثم اتسعت دائرة العمليات ولم يبق من هؤلاء الإخوة خارج السجون إلا القليل ولكن هؤلاء القلة ما تفرقوا ولا توقفوا بل انتظموا في جماعات صغيرة اتخذت لها من الانكبات على الدروس الشرعية والتحصيل العلوم القرآنية دأبا ورباطا مستمرا .

في المحيط الخارجي

كان بداية العمل في المحيط الخارجي المضاد للانقلاب في هذه الفترة هو التجمع الذي تم عند موسم الحج والذي كان من دعاماته من الإخوان الأخ محمد صالح عمر , زين العابدين الركابي , وعثمان خالد مضوي, وعز الدين الشيخ وأحمد عبد الرحمن وأحمد جمال عمار ومن الأحزاب الأخرى حسين الضوى وعمر نور الدائم وغيرهم والذي اتفق فيه على توحيد العمل ضد الحكم العسكري اليساري وتنظيمه وقد أذاع فاروق عثمان وزير الداخلية ( شيوعي ) بيانا عب ذلك قائلا ( أننا نود أن نذكر ونركز أيضا على الدور القيادي المنظم والمفكر والمخرب الذي قام به الإخوان المسلمون ليس في نطاق قيادتهم وحدها إنما على نطاق تنظيمهم بكليته ) نواصل الحديث عن العمل في هذا المحيط إنشاء الله.

في السجون

أسس جهاز الأمن القومي يساعده خبرات مصرية ودول شرقية شيوعية وبدأ حصر كل الإخوان وألقي القبض على القيادات الموجودة بالعاصمة ( استثنى البعض الذين اختفوا وهاجروا وكذلك الذين استطاع بعض الإخوان تدبير إخفائهم أو تهريبهم ) ورفعت شعارات ( لا تحفظ بلا إعدام ) القصاص بالرصاص , وبدأت أناشيد ( أنت يا مايو الخلاص يا جدار من رصاص , وأعدت كشوفات طويلة من قدامى الإخوان وبدأ البحث عنها , وأصبحت السجون في العاصمة والأقاليم تتقبل كل يوم إعدادا منهم وكذلك زج بقيادات الأحزاب الأخرين في السجون وخصصت للشخصيات التي تعتبر في مستوى القيادة أماكن منفصلة في كوبر ووضع بقية الإخوان في العنابر العامة وأرسل بعض الإخوان إلى سجون الأقاليم ولابد أن نؤكد أنه في كل موضع في السجون كان الإخوان يمثلون أغلبية كبيرة بالنسبة لغيرهم , اجتهد الإخوان في أن يجعلوا منه فرصة للتآلف وللعبادة والدراسة , وكان من فضل الله عليهم أن وجودهم بالسجون كان فيه فسحة وكان من الله منحة لم يلاقوا فيه عنتا ولا تضييقا ولعل الخلق السوداني حتى في ظروف القهر والظلم كانت الطيبة والسماحة فيها تطغيان فنظمت الدروس وحفظ القرآن الكرين حتى أن بعض الطلاب كانوا يتهيئون للجلوس لامتحاناتهم وسمح لهم بذلك ونظمت محاضرات كل في اختصاصه وهناك في رحاب تلك العنابر وبين جدران تلكم المعتقلات نسى الناس أو كادوا أن ينسوا ما كان في أيام سابقات إذ لم يكن هنالك يومئذ ما يذكر بها أو يدفع إليها .

الإخوان في الجزيرة أبا قلعة المقاومة

اعتصم السيد الهادى المهدى بالجزيرة أبا وهرع إليها الأنصار ومن أبا غادر الشريف الهندي إلى الحبشة وقابل هيلاسلاسي الذي وعد بمساعدة الجبهة الوطنية المعارضة للحكم الجديد بالسودان , وكان يدفعه لهذا الموقف أمران أولهما رد الجميل الذي أسداه له السودانيين وبيت المهدى عند محنته عندما أحتل الايطاليون بلاده فأواه السيد عبد الرحمن المهدى وأحسن رفادته وأكرمه حتى رجع بعد زوال الاحتلال ليتبوأ ملكه ثانية وثانيهما هو عداؤه للتوجه اليساري والشيوعي حتى لا تتأثر البلاد المجاورة ووافق على إقامة المعسكرات على جبل الردوك بالقرب من الكرمك وإيواء الهاجرين ..

وتقابل محمد صادق الكارووي ومحمد صالح عمر وعز الدين الشيخ وبابك العوض ومهدى وغيرهم في الجزيرة أبا بالسيد الهادي وبقية رجالات الجبهة الوطنية التي اتفق على تكوينها وتم الاتفاق على تنسيق عمل المقاومة بالداخل , وأوكل للأخ محمد صالح عمر مها جلب السلاح وإدخاله لآبا وادي هذه المهام بتوفيق كامل مما جعله يكتسب ثقة الهادى وجموع الأنصار كافة وبدأت دروس التدريبات العسكرية لاستعمال هذا السلاح ولعل الناس يجدون فيها مثالا نادرا للوطنية والتجرد وما كان أهون على هذا الرجل أن يعود أدراجه لفراشه الوثير ومنزله الدافئ , أن يعود إلى أحضان العاصمة ويضع يده على أيادى من في يدها السلطة والجاه ولا يعوزه يومئذ أن يجد كلمات طويلات يبر موقفه ويقول مما قاله الآخرون أتينا لنعمل في الداخل حتى لا يستأثر الشيوعيون السلطة من دوننا .

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى سيادة السيد الإمام

حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أدرى هل أجد عندكم حزاما لربط مسدسي الذي أحمله معي للنائبات ويبدو أن الأخ على العيد لم يحضر بعد فما رأي سيادتكم في أن التقي بالأخ شوقار للتفاهم معه حول خط السير وكذلك الأخ عبد الكريم ليرافقنا إذا لم يصل الأخ عل حتى مساء اليوم لأني أرى ألا نتأخر عن هذا اليوم

والسلام عليكم المخلص محمد صالح عمر

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى جماهير الشعب السوداني الكريم
أيها السودانيون السلام عليكم

لقد أوضحنا موقفنا من الحكومة الراهنة في صبيحة انقلاب 25 مايو وظللنا نوضحه مرارا وتكرارا وأخذت الحكومة تتظاهر بالرغبة في الاتفاق والتفاهم وظللنا حتى بعد اعتقالهم لأبننا الصادق المهدي الذي بعثناه في الخرطوم نطلبهم لوضع الأسس والخطوط العامة للاتفاق المزمع والذي كنا نرجو ن ورائه تحقيق وحدة الصف الوطني التي من أجلها تذعنا بالصبر واحتملنا الكثير لأنها السبيل الوحيد للاستقرار المنشود وتجنيب البلاد ويلات الفتن والحروب الأهلية .

ظللنا نسلك الصبر هذه أملين أن يتسم الحاكمون بالجدية ومضت الشهور متتالية ونحن نجد أنفسنا حيث بدأنا بينما الشقة تتسع يوما بعد يوم بين القوة الوطنية ذات الشأن والحكومة لا تلتفت إلى شئ من هذا بل وتتخذ من السياسات والمسالك ما يناقض إرادة الأمة على خط مستقيم ولاح في الأفق في الإهمال ما يهدد السيادة السودانية في الصميم وما ينذر بتفتيت وحدة تراب السودان بصورة غير متداركة .

لذلك عندما أذيع نبأ زيارة السيد نميري لمنطقتي النيل الأبيض والأزرق سارع المواطنون إلينا من مختلف مناطق النيل الأبيض والأزرق يعبرون عن رغبتهم في استقلال هذه الزيارة للتعبير عن رأيهم في الحكم الحالة واتفاقهم على ما يكون وسيكون عليه مصير البلاد أن هو سدر في سياسته المتبعة وما كان لنا والحال هذه إلا أن نوافق على تلك الرغبة وهي في رأينا تعكس إرادة الأغلبية العظمي وضحنا هذا الأمر واعترضنا مبدين عدم الموافقة على زيارة كهذه لمناطق النيل الأبيض والجزيرة أبا بصورة خاصة وذلك لما يترتب على هذه الزيارة من نتائج وخيمة .

وبدأت الزيارة وكانت نتائجها كما رأينا في معارضة الأمة السودانية لهذه الحكومة وبعد المظاهرات العدائية التي شاهدها السيد الرئيس نميرى ومرافقوه في مختلف المناطق مما حدى به إلى التعديل برامجه وإلغاء زيارة العديد من المناطق ظللنا نرقب الأحداث مشفقين على الموقف بينما كنا على ذلك الحال أدهشنا أن نعلم اقتحام الجزيرة من ناحية الجسر فنهضت إلينا جماهير غفيرة من الأنصار حالت بينها وبين دخول الجزيرة أبا لفترة أربعة ساعات بعدها أبدى قائد القوة رغبته في مقابلتنا ليبلغنا رسالة ولما بلغنا بها أبدينا القبول وحادثنا القائد وزميل له وعبرا عن حرصهم على وحدة الصف وعدم سفك دماء السودانيين وطلب من أن نبدى له ما خذنا واعتراضاتنا على الوضع القائم لينقلها إلى باعثيه ولقد لخصنا له ذلك في النقاط الآتية .

1/ إزالة الواجهة الشيوعية من الحكم .
2/ إزالة التدخل المصري الليبي وعملائه.
3/ وضع مسودة الدستور الإسلامي وأجازتها باستفتاء شعبي .
4/ اطلاق سراح المعتقلين السياسيين والأبرياء وعلى رأسهم السيد الصادق المهدي وتقديم كل من وجه إليه اتهام محدد للقضاء .
5/ حل الاتفاقيات التي علمت أخيرا والتي تمس السيدة السودانية أو السياسات الوطنية وتعتبر لاغية .

وبعد انتهاء المقابلة انسحبت القوة في حوالي الساعة الثالثة مساء وقد تم التوقيع على هذه النقاط من جانبنا ومن جانب الضابطين العقيد أحمد أبو الدهب والرائد عثمان الأمين ونحن الآن وبعد أن ظهرت بصورة عامة هذه الرغبة الشعبية الواضحة التي انتظمت المواطنين في مظاهراتهم وتجمعاتهم في مناطق النيل الأبيض كلها بصورة عامة والجزيرة أبا بصورة خاصة وبعد هذا ننتظر منهم أن يستجيبوا لهذه الرغبة ويخضعوا لهذه المبادئ التي ظللنا ننادى بها وينادى بها المواطنون جميعا وأن يرضي المواطنون ولن ترضي بأى شئ دون هذا لأننا قد عاهدنا الله أن لا نرضى بانتقاص أى حق من حقوق الله ولا من حقوق الشعب الكريم في حريته وكرامته وسيادته والله ولي التوفيق

الجزيرة أبا في يوم الخميس 18 محرم 1390هـ
الموافق 26 مارس 1970
المفتقر إلى مولاه
الهادى المهدى

مما جعل الحكومة بالعاصمة تدرك أهمية ما كان يجرى وتعد عدة كبيرة ولابد أن نذكر أنه في هذا الوقت الحرج حاول الانقلابيون كسر صف المقاومة فاستجاب الصادق المهدي لنداء نميري للتفاوض أثر وساطات عبد الله عبد الرحمن نقد الله ولعلنا إذ نشير إلى تأثير نقد الله على صادق نذكر بما قلنا في الصفحة السابقة عن الدوافع الحقيقية وراء الانقلاب وتوقيته وبالرغم من اعتراض الإمام الهادي على هذه الاستجابة فقد وصل الصادق للتفاوض مع الانقلابيين والذين لأمر ما قرروا اعتقاله بعد وصوله ليوم واحد ثم أطلق سراحه بعد ذلك.

وفي المعسكر الردوك وصل الأخ الشهيد المجاهد صلاح حسن وهو من الإخوان المصريين وبدأ في تدريب المهاجرين ومع هذا المعسكر بدأت شحنات الأسلحة ينقلها الشهيد محمد صالح عبر طرق عديدة فتصل إلى أبا وتخطى كل المخاطر التي واجهته بسلام.

وكان التعاون تاما بين كل قيادات الجبهة الوطنية الممثلة في الأنصار والإخوان وجماعة الشريف في الداخل والخارج نذكر منهم الشريف الهندي وأحمد سعد عمر ولي الدين الهادي وعمر نور الدائم ومن الإخوان محمد صالح عمر , عثمان خالد الكاروري , وأحمد جمال عمار , علي عبد الله يعقوب وآخرون .

وهنا نود أن ننشر هذه الوثيقة كنموذج من الرسائل التي كانت متبادلة بين الشهيد محمد صالح عمر والإمام الهادي.

بسم الله الرحمن الرحيم

سيادة السيد الإمام الهادي

حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد علمت من الأخ الكارورى أن السيد أحمد عبد الله حامد موجود هنا الآن وربما يسافر اليوم وقد رأيت أن اتصل بسيادتكم قبل سفره حتى نبحث بعض النقاط التي قد تفيد خبرته وتجتهد في مواجهتها في الأيام القليلة القادمة فإذا لم يكن من الممكن أن يشترك في الخطة الكاملة للموقف فإن خبرته وتجاربه في الجيش السوداني تجعله أقدر الناس في معرفة الطريقة التي يمكن أن يتصرف بها أى مسئول في الجيش في مواجهة موقف كهذا , ولا شك أن معرفة الطريقة المحتملة التي سيسلكها الطرف الأخر ضرورية في مواجهتها لهم,

والسلام
المخلص
محمد صالح عمر

وفي عصر يوم الجمعة 27 من مارس 1970 أجمع الانقلابيون أمرهم وأتوا بجحافلهم وطوقوا الجزيرة أبا برا وجوا واصلوها بالقذائف من كل جانب وبالحمم من الجو على أيدي أجنبية معروفة وسودانية واستشهد الألوف من الرجال والنساء والأطفال وكانت بطولات خارقة في موقعة غير متكافئة وقام الإسلاميون بغطية انسحاب الإمام الهادي وأمروا بالهجوم على محلج ربك للتغطية وهنالك استشهد الأخ المربي القائد محمد صالح عمر مثالا للفداء وخسرنا بذهابه رجلا قائدا كنا ننتظره ونعده لأيام قادمات.

ثورة الطلاب على النظام

وفي يوليو 73 أصدر طلاب الجامعة بيانا قوى الكلمات يعلنون فيه بداية العمل الجاد للثورة ضد النظام وعقدوا عدة ندوات هاجموا فيها قانون أمن الدولة تحدث في أخرها الأخ محمود برات , وزكريا بشير.

وفي 30/ 8 قاد الإسلاميين موكبا كبيرا يتجه نحو القصر تصدى له موكب آخر مؤيد للسلطة ومن خلال الاصطدام سقط بعض الجرحي وتوفي أحد المواطنين بالرصاص وعند ذلك أعلن تضامن نقابة السكة حديد وبعض النقابات الكبرى وكذلك أصدر المحامون بيانا بتأييدهم للثورة فقامت السلطة ( كان نميري خارج البلاد حينذاك) بإعلان حالة الطوارئ وإغلاق المدارس وشكلت محاكم عاجلة, وعلق صوت الإرهاب , واقتيدت مرة ثانية وقود جديدة من الشباب إلى السجون , وأخمدت هذه الحركة وذلك بالرغم من حدة اشتعالها لم تشارك الجماهير فيها مشاركة حقيقية بل كثيرا ما كانت المظاهرات تمر على الناس وهم وقوف ينظرون إذ لم يظهر في مقدمتها أى زعيم أو قائد معروف ليتبعه الناس .

الغزوة المسلحة في يوليو 76

وفي اليوم الثاني من يوليو 1976 م وكان يوم جمعة أصبحت العاصمة على حركة عسكري كبيرة قام بها رجالها المسلحون بملابس مدنية باحتلال كل المرافق الهامة والحساسة في البلد.

وهذه الغزوة المسلحة تحتاج إلى وقف عند دوافعها وإعدادها ومسيرتها واحتمالات نجاحها وأسباب فشلها ثم ما ترب على ذلك كله من أوضاع على الأمة والجماعة ,.... وقبل أن نتعرض لأحداث يوليو 67 رأينا أن واجب هذه الأمة علينا أن ننشر هنا بعض الوثائق الأساسية عن حركة المقاومة التي قادها الإمام الهادى والشريف الهندى ومحمد صالح عمر ومن معهم تلط الحركة الصلدة المتينة التي انتهت إلى خاتمة مفجعة مخزية كما نارها في دنيانا هذه وخاتمة سعيدة بالشهادة والسعادة عند رب الناس العظيم والتي كانت هي الخطوة الأولي التي مهدت إلى نقل المقاومة من داخل القطر إلى خارجه وواصلت المقاومة إلى حركة يوليو 76 رأينا أن ننشرها لتكون ولأول مرة في

موقف الحركة الإسلامية بعد ضرب الجزيرة أبا

مقدمة

بعد أن خمدت حركة المقاومة الداخلية بعد ضرب أبا واستشهاد الأمام الهادي ومحمد صالح ومئات الألوف من الصغار والكبار ضربتهم طائرات دولة مجاورة بقيادة ضابط كبير أصبح فيما بعد هو الرئيس المبجل وجحافل جيش مغلوب على أمره دخلت عناصر مايو البلدة الصغيرة ( أبا ) والتي كانت فيها قبل ليلة واحدة دعوات العابدين في دجي الليل تسرى صيحات المقاتلين بالنهار تدوي دخولها فرحين يدفنون عشرات الجثث في الحفرة الواحدة دخلها ليشنوا سمعة رجال أطهار وسيرة شباب أبرار وأرسلت عشرات ببرقيات التأييد نفاقا أو خوفا واستأسد كل وضع , الشيوعيون والقوميون في فرحتهم يعمهون وهربت وجوه زعماء واندست في العاصمة ما كانوا يظنون المقاومة إلا بيانات وتصريحات ديوانية وإعلامية ومواقف تحت الأضواء ... سيقت أفواج أخرى من الأخوان إلى السجن وأتي بالأخ عز الدين الشيخ ومحمد صادق الكاروري مكبلين بالحديد وهما كانا في صحبة الهادي ساعة استشهاده وعرضا على الأمة في التلفزيون وكان حديثهما مشهودا واضحا أصرا فيه على معاني ( الهجرة والجهاد) بكل عزوة وشمم, وتولي قيادة الجبهة الوطنية الشريف حسين الهندى في الخارج واستطاع الكثيرون من الأنصار والإخوان والاتحاديون أن يتسللوا إلى الخارج إلى معسكرات التدريب في الحبشة وليبيا في معسكرات تمت قامتها بمساعدات ليبية وغيرها داخل ليبيا على أطراف الصحراء.

موقف الإعداد والتدريب

زخرت المعسكرات بشباب الإخوان والأنصار وغيرهم فترة هي زاخرة حقا بمعاني التجرد والبذل خمس سنوات أو أكثر لم تكن حياة المعسكرات ناعمة هانئة كانت المعاناة فيها تتابع من حين لحين ليست من شظف العيش وحده ولا صعوبة التدريب كثيرا ما تكون من مداراة الزعماء وسوء نوايا الرؤساء هنالك كانت مواقف عديدة كثيرة متقلبة تحتاج إلى سفر طويل لتسيطر فيه لعل واحدا ممن عايشوها وخبروها أن ينشر قصصها يوما للناس ولكنا ههنا ننشر في وثائقها شطرا منها لنعطي صورة تحكي لنا عن شطر منها وتسلمت الجبهة الوطنية كميات وافرة من السلاح ويقولون في ذلك أن الصادق كل يحاول أن يخفي حقيقة هذا الدعم عن الإخوان بل حاول أن يشرك الشريف الهندي في هذا التصرف ولكن كان للشريف الهندي موقف آخر منحاز للإخوان وفي مرة قال له عمان خالد أنك لا تستطيع غش الحركة الإسلامية إذ أن عناصرها يوجدون في كل مكان تذهب إليه وأنا لم أتي إليك لتؤكد لى أنك استلمت السلاح والأموال التي تخص الجبهة لأنني أعلم مقداره تماما كما أعلم البنك الذي أودعته فيه وكمية السلاح الذي سلم لكم لأن الذين دفنوه هم أناسنا ( راجع التصريحات التي نشرت في الفترة الأخيرة في الصحف عن هذا الموضوع )

المعركة في 2 يوليو 76

وأصبح الناي في فجر يوم 2 يوليو بالعاصمة على موقف خطير عشرات الرجال بملابس وطنية يحملون السلاح بسدون كل أبواب ومداخل العاصمة ويمثلون كل المراكز الهامة بما فيها القيادة العامة للجيش والمطار ودار الهاتف وهرب الرئيس القائد واختفي وهرع الناس يحتضنون أجهزة الراديو للاستماع للبيان الأول لمعرفة هوية الغزاة وطال انتظارهم وبدءوا يحركون مؤشرات الأجهزة لمحطات خارجية حيث فوجئوا بوصفهم بالمرتزقة وفجعوا ومرة أخرى انتظر الناس أن يظهر الزعيم على حصان أبيض تحفه الجنود وتهتف بحياته الحناجر يمشى الهويني إلى القصر الجمهوري تزحف من ورائه جماهير الأمة التي طال انتظارها له ليخلصها من نير حكم عسكرى طاغ , ومرة أخرى لم يظهر أى قائد أو زعيم لعل الزعماء كانوا ينتظرون الإشارة باللون الأخضر تنبئهم بسلامة الطريق ونجاح المهمة فيحضرون وحينئذ ولعلهم كانوا هنالك في البعد يقتسمون المغانم قبل أن نغنم, لا ندرى ولعلهم كانوا يكايد بعضهم بعضا , وهنا لابد أن نكشف عن هذه الصورة الدرامية التي حكاها أحد هؤلاء ولعله أن صدق فيما روي يعطينا معالم حقيقية مرة لا يستطيع التاريخ إلا أن يطاطئ الرأس حياء منها وتنزوى النفوس خزيا أمامها .

يق ول الراوي ( لقد اختار الصادق قريبه مبارك الفاضل ليكون المسئول عن العمل داخل القطر وعهد إلى أتباعه شراء العربات المنوط بها حمل السلاح الذي خزن على بعد 300 ميل من العاصمة , وكان لعدم خبرة مبارك الفاضل وصغر سنه الأثر المدمر للعملية بالداخل وذلك لقيام إتباعه بشراء سيارات قديمة تالفة لم تستطيع أن تؤدى المهمة التي أوكلت إليها بإحضار السلاح إلى العاصمة في الوقت المحدد في الخطة فيما قام العقيد محمد نو سعد قائد العملية بإخطار القيادة بذلك مهددا بإيقاف العملية كلها بسبب ذلك ويجب إرسال عربات جديدة فقامت حملة إنقاذ بقيادة عثمان خالد ومهدى وأحمد سعد لإدراك الموقف ولقطع 2000 كيلوا متر لترحيل هذه الأسلحة, وهنا أصر الصادق على تأخير عثمان خالد وأبعاده حتى لا يستأثر بالموقف المنتصر بالعاصمة دونه عند وصوله .

الصادق يقول : وفيما يتعلق بشعبان لم يحسبوننا مسئولين أو حاولوا أن يستثنونا من أن نكون نحن المسئولون عنها المهم لم أمنع من السفر خصوصا أن السفر كان لأسباب مرضية في أثناء الاعتقال الثاني ظهرت على أعراض قرحة وكان هذا اتهام وسمح لى بالسفر وحقيقة عندما سافرت كان ذلك بفكرة وظنه أنه من المحال أن يكون العمل الداخلي قائما فأصبح لدينا حلف ليبي وأنصار في الخارج وأصبح ينقصنا أن تربط ذلك بقيادة عسكرية وتتكون العناصر لحركة يوليو عملا عندما خرجنا كثفنا ترحيل الأنصار من أثيوبيا إلى ليبيا للتدريب واستمر هذا التدريب أكثر من عام ونتيجة لهذا أصبحت لدينا قوة ولديها تسليح ولكن تنقصها القيادة العسكرية وكان هنالك العميد محمد نور سعد في ألمانيا في بعثة وشرحنا له الموقف وطلبنا منه تولي القيادة وهو رجل لبرالي وعقيدته الإسلامية صحيحه وهو مستقيم ولم يكن رجل انقلابات ولا رجل عصابات وحركتنا أشبه ما تكون بحرب العصابات ولكنه طلب أن يري القوة ومدى استعدادها وزار المعسكرات ووجد استعدادهم القتالي وكفاءتهم القتالية كبيرة جدا والروح المعنوية عالية ويحتاجون تكتيكات بسيطة وسألته عن أسباب قبوله للدخول في مسألة العمل الثورى وأجابني أخذت الجيش كمستقبل وشهادتي الثانوية توهلني , وأخذت العسكرية ومايو عندما قامت خربت علينا القوات المسلحة مرة تقول القوات المسلحة اقتضي بضرورة إزالة مايو لنقيم جيشا وأنا ضد مايو لأنها خربت الجيش فكتب أراءوه هذه ونشرناها في كتاب حركة يوليو كانت سودانية بالكامل التخطيط والتفكير والتوقيت والرجال صحيح أخذت المعدات والتسليح من ليبيا وهذا كان على أساس تحري الشعب السوداني وهو الذي يحدد علاقاته مع الشعوب الأخرى ( الصحافة 6/5/85)

الترابي يقول :

وقادتنا المعارضة إلى تأسيس الجبهة الوطنية القيادة الأمام الهادي الذي كان خالصا في معارضته للنظام واعتصم بقلعته بالجزيرة أبا بعد أن خذلته عناصر سياسية هرع بعضها إلى الخرطوم وهجر بعضها الجزيرة أبا وبقيت معه عناصر الحركة الإسلامية إلى اليوم الأخير وغطت انسحابه بشهدائها وشهداء الأنصار وظلت معه إلى حدود السودان وبعد ذلك تولي الشريف الهندى قيادة المعارضة وظلت المعارضة في الداخل والخارج تتجاوب في تنسيق العمل ضد النظام وظللنا في الحركة الإسلامية نتوالي تدابير المعارضة الداخلية وكان من أخطر جولاتها شعبان التي دبرت بتنسق مع المعارضة الخارجية التي اتخذت من بعضها العناصر الداخلية في آخر لحظة وأثرت السلامة بينما زج بمئات الطلاب الأستاذة والمحامين والعمال في السجون ولئن كان شعبان قد أخرجت أكبر تحرك شعبي ضد النظام فإن الجولة الكبرى للمعارضة هي المعركة التي دبرت من الخارج وهي معركة 1976 التي أشرفت على تحضيرها وإدارتها عناصر من الخارج بقيادة الشريف الهندي وعثمان خالد وعمر نور الدائم وكانت تلك آخر جولات العارضة مع النظام فقد انطوت على تصرفات أخلت بالثقة في الجبهة وبين أطرافها فقد كنا نصر على اشتراك القوات المسلحة وعلى استهداف أكابر المجرمين بالعمليات فإذا بالقوات المسلحة تصبح هي هدف الهجوم دون رؤوس النظام وإذا بالتعديل يقتصر على المليشيات التي تأخرت عنها القيادة وتركت للارتباط والضياع بل ما اطمأن المهاجمون إلى استلام الإذاعة وإسكاتها حتى وقعت مفارقات لميثاق الجبهة لحب الاستئثار بالسلطة وكانت قد وجهت تدابير التحرك في الخرطوم بوجة يعزل بعض العناصر المقتدرة في يستثني بعضها في المعتقل مما أدى لانهيار حركة الانقضاض على النظام عل الرغم من ذلك ظللنا الأمناء لرابطة الجبهة حتى لا نكون نحن البادين بخرق الميثاق ولكن بدا بعد تلك الجولة أن الاستقطاب يستجد بين المعارضة والنظام وأن التعديل على الدعم الخارجي سيجر الجبهة بالضرورة إلى أن تقع في أحضان التخطيط الأمريكي وستنقلب علاقات السودان السياسية إلى أن تدار نيابة عن الصراع الدولي ..

ذكرنا سابقا بأن العربات التي كان مفروضا أن تحمل السلاح في وقت محدد صباح يوم محاولة الانقلاب والتي اسند أمر شرائها لمبارك الفاضل ومعاوينة كانت قديمة وفشلت في مهمتها مما جعل محمد نور سعد يهدد بإيقاف العملية العسكرية كلها واضطر عدد من الإخوان للمجئ لإنقاذ الموقف فيما أصر الصادق المهدى على تأخير عثمان خالد وإبعاده حتى لا يقطفالإخوان في العاصمة ثمار الحركة قبل وصوله.

وقيل أن تصل الإشارة بنجاح المعركة التي زامنتها أخطاء عديدة جلس القادة من البعد يتناقشون في مراعاة النسب والأحجام في تكوين الحكومة القادمة وما أشبه الليلة بالبارحة, وتصدى الشريف الهندى بالدفاع عن الشباب المسلم قائلا للصادق المهدى ( أنا كنت قاعد في الخرطوم ثلاثة أيام قبل ما أصل إلى الجزيرة أبا والله ما شفت ولا واحد قام يدافع غير الشبان ديل , وانحنا لم بقينا في الخارج واحتجنا نتصل بالناس سوينا الاتصالات بهؤلاء الشباب.

أننا اتفقنا وكتبانا الميثاق نجى نغيره قبل في غابات أثيوبيا , وما مرقوا عشان ديل يبقوا وزراء , الناس ديل مرقوا عشان أصل الشريعة , وكلامك ده فيه تبخيس لى جاهدهم وصبرهم وانتوا ديل ما حتذكروهم ونصيبهم من العضة كلها هو الموت والأكل والحر العايشين فيه ده, وأنا افتكر نحن دايرين نغير السودان تغيير صحيح نلتزم بالشئ الاتفقنا عليه عشان ما نرجع للمتاهات القديمة اللي كنا فيها وكلامك دا يا صادق يرجعنا للوضع السابق ).

ونعود إلى ما يجرى في الداخل, انتظر الناس الناي أن تبدأ الإذاعة بث أخبارها ولكنها ظلت صامتة ويقال أن أنصار الصادق لم يسمحوا لأى من رجالات الإخوان أو غيرهم بالدخول لإصلاح وتشغيل الإذاعة وكذلك لم يطلق سراح السجناء السياسيين الذين كان بإمكانهم يدبروا أمر الشاعر وجماهير الأمة التي كانت متحفزة للانطلاق نحو حريتها, وهناك من تلفزيون ودمدني ظهر الرجل الثاني في النظام أبو القاسم محمد إبراهيم يحمل مدفعه ويعلن أنهم يتوجهون الآن نحو تحرير العاصمة من المرتزقة والانتقام منهم ونقلب الصفحة عن مشهد , بعد ذلك أخر كلمات الوصف لا تحيط بمعانيه ولا الخيال يدرك ما جري فيه بالرغم من المعارك المتعددة والمتفرقة في الشوارع وبالقيادة العامة والإذاعة والكباري كان جنودها شباب ورجال تدمدم ألسنتهم بآيات سورة التوبة وتتطلع نفوسهم لمقام الشهادة إلا أن القوى كانت غير متكافئة وضاقت عليهم العاصمة بما رحبت وحاول بعض المواطنين أن يقاوم عبثا وانفرط العقد وهرب محمد نور سعد من الميدان وقيل أن طائرة قادمة من ليبيا كادت أن تصل مطار الخرطوم ليتوج راكبوها بأقواس النصر ولكنها عادت قبل أن تحط رحالها .

وتمسك شباب الإخوان بالمواقع التي أسندت الهم ولم يولوا الأدبار حتى كان نميري يقول ( إن أصعب المهام التي قابلت قواتنا هي محاولة تحري دار الهاتف التي كان يحتلها بعض الطلاب من جماعة الإخوان المسلمين المجرمة) ويحكى أحد هؤلاء الجنود من الإخوان الطلبة أنهم عندما تبين لهم فشل المعركة ذهبوا يبحثون عن أمير الجماعة بالخارج إذ كانت القيادة يومذاك كوبر ووجدوا الأخ سن الشيخ وطلبوا منه مدهم بعون ومدد أو مساعدة لإيواء الإخوان المشتركين أو تهريبهم للخارج فرد عليهم أن على كل واحد منهم أن يدبر أمر نجاه بنفسه , فلم يستطيع الكثيرون أن يدبروا أمر نجاتهم بأنفسهم وتسبب ذلك في إلقاء القبض على الشهيد عبد الله ميرغني وقلته وكذلك استطاعت قوات الحكومة التي حررت القيادة العامة والمراكز الأخرى ضرب حصار على دار الهاتف والتي لم يستسلم الشباب المسلم حتى حصدوا عن آخرهم على مشهد من الناظرين الذين كانوا لا يستطيعون حيلة ولا يتهتدون سبيلا, وأخذت المطاردات طابعا عشوائيا بدائيا واقتيد المائات ممن وجدوا في الشوارع والبيوت ممن أتو غازين أو من غيرهم ممن بضعة الآلاف عن العدد الحقيقي من المجاهدين الذين دخلوا الخرطوم ودفنوا أحياء في مقابر جماعية خارج العاصمة ومشيت على أجسادهم الرطبة الحية النابضة البلدوزرات والآليات الثقيلة من غير شفقة أو رحمة ( وأعجب ما في الأمر أن أصحاب الأمر عندما صالحوا أو عندما ألت إليهم السلطة فيما بعد لم يتذكروا أبدا هؤلاء الشهداء وغير الشهداء الذن أودت بهم المطامع سوء التقدير وتجاهلتهم نفوس غشاها حب السلطان بكل ريبة , وأبصار أعماها حب الذات لا ترى في كل مواطن غير ذاتها لم ينكروهم ولم يطالبوا بالتحقيق في هذه المذابح الجماعية والتي لا يسندها عرف ولا قانون إذ كل المواثيق حتى مواثيق الكفر تحظر وتمنع قتل الأسري أو تعذيبهم وذلك في كل أمم العالم إلى يومنا هذا ناهيك دفن .

المصالحة والمشاركة ودروها في وطيد ونشر المدرسة الحديثة وإرساء دعمات النهج الجديد وتثبيته

مقدمة

أننا الآن بصدد أمر بالغ الأهمية تتبلور جميع أحداث المراحل السابقة في بوتقة وتندرج المواقف تباعا حتى تقف عنده حيرى هنالك نجد مفترقا للطرق ظاهرا تتعدد فيه المسلك وتتفرق فيه السبل ويختلط الحابل فيه بالنابل إلا من هدى الله تعالي وإنصافا لحقهم في هذه القضية فإننا نفسح المجال في صدر هذه الصفحات لنشر أقوال صادق المهدي وصادق عبد اللهوحسن الترابي التي كتوبها عن دوافع وأسباب المصالحة فالمشاركة ثم لأهمية النتائج الأساسية التي استفزت عليها هذه المرحلة الحاسمة في توجيه مسار الدعوة الإسلامية , وهي نتائج حددت المواقف بصورة قاطعة فسوف نتعرض بالتفصيل للعوامل العقدية والفكرية والمذهبية والحركية التي أدت إلى هذه النتائج الأساسية .

أما العوامل التنظيمية فلا نتناولها إلا بأقل قدر فيها يؤدي إلى هذه النتائج وجانب أخر هو ردود الفعل العالمية وفي نطاق الحركة الإسلامية العالمية والله المستعان .

المصالحة والمشاركة في إطارها الحركي السياسي فقط:

وهنا نبدأ بنشر حديث صادق المهدي وحسن الترابي وصادق عبد الله دون حزف أو تبديل ولك قبل أن ننتقل إلى النتائج الأساسية التي أسفرت عنها المصالحة والمشاركة .

حوار الصادق المهدي في جريدة الصحافة بتاريخ 1985/6/5

هل كانت المعدات متوفرة داخل السودان خاصة إذا كان هناك احتياج للسلاح ؟

الصادق : طبعا لا لكن الذي كان متوفر أننا بعد أن عدنا كنا نعتقد أنه في ظل المصالحة جو الحرية النسبي أتاح فرص لعمل سياسي كبير رغم أنف النظام وكنا نقوم بطواف في الأقاليم ونعمل ندوات في الجامعات وأصدرنا خمسين ما بين كتيب وكتاب كلها صدرت عقب المصالحة .

لقاء بوتسودان : لقاء بورتسودان كنقطة تحول في عملكم نريد أن نعرف هل كانت هذه الخطوة باتفاق بين جميع أطراف المعارضة في الخارج؟

الصادق: نعم الذي حدث كالآتي وهذه المسائل كلها موثقة في كتاب أصدرناه وما حدث هو أنه بعد انتفاضة 76 كلفنا لجنة مكونة من حسين الهندى ومهدى إبراهيم وميرغني ضيف الله وهذه اللجنة كلفت منذ أغسطس 76 أن تسعي لتحسين الأوضاع داخل السودان حتى لا تكون ويوليو 76 معزولة وهؤلاء الإخوة بدئوا يفكرون في إدخال معدات ويسفرون أشخاص للاستمرار في تسحين الجو في فبراير 77 جاء وبنتيجة وهي أن الأمن السوداني اقتبس من التحقيقات التي أجراها بعد يوليو ما جعله يقوم بأمن مضاد وكل ما يفكر فيه وطريقة تفكيرنا أصبحت بالنسبة لهم أمرا لبناء أمنا مضاد بين المديريات .

بدا يكون عندنا إحساس بأن التفكير في إعادة 76 كما هي أو شئ يشبهها صعب , ثانيا من ضمن نقاط الضعف التي أحسسنا بها في 76 ضعف التنظيم الداخلي والرعب الذي أصيب به الناس بعد الهجمة التي حدثت من الأمن بعد يوليو هذا الضعف القدرة عل العمل الداخلي .

ثالثا: انتهز النظام حادث 76 ليخلق عداوة شديدة بيننا وبين القوات المسلحة ونحن ليست لنا عداء ضد القوات المسلحة وإنما ضد مايو والقوات المسلحة مستغلة فيقضيه ما كان يجب أن تستغل فيها لذلك أصبحنا نناقش الأمر من زوايا مشاكلنا في التحركات والنظام كان أيضا له مشاكله وعندما جاء الوسيط يعرض المصالحة في مايو كانت هنالك تمهيدات.

والعرض الذي جاء نوقش بطريقة موسعة من قبل كل أعضاء الجبهة الموجودين في لندن ونقل للموجدين في طرابلس وجده وكانت توجد في قرارات بأنه إذا حدث خيار سلمي فلا مانع من أن يقبل وهذا كان متفاهم عليه بين كل الأطراف والشئ الذي لم يكن متفاهما عليه هو اجتماع بورتسودان اتفق على أنه جاء استجابة لشروطنا أن ندخل في مفاوضات مع النظام وهذا ما أخذه الوسيط نميري وخطاباته لى طبعناها في هذا الكتاب وعندما حضر الوسيط أخبرني الوسيط أخبرني بأني مدعو للقاء بورتسودان أن قيل أن يحدث اجتماع وبالضبط الذي دار وهذا يمكن أن يسأل عنه الوسيط وهو فتح الرحمن البشير أنا قلت أنه أننا نشكل ثلاث جهات في الجبهة ويوجد الأخ شريف حسين الهندى وأنا والإخوان المسلمين وأنا أعتقد أن الإخوان المسلمين تمثيلهم الأصح في أى تحرك يمكن أن يكون بقيادتهم في الداخل لأن القمة بتاعتهم في الداخل فتح الرحمن قال فيما يتعلق بالأخ حسين هذا يمكن أن يأخذ خبرا منى ويبقي التفاهم بيننا وفيما يتعلق بالإخوان فهم سيكلمون حسن الترابي في الداخل وسيحضر حسن الترابي نفسه إلى بورتسودان فأنا اعتبرت أنه بقي أن أخبر حسين الهندى على أساس أنهم هنا سيخبرون حسن وسيحضر الهندي إلى بورتسودان وهو كان في ذلك الوقت في السجن أو اطلق سراحه ولكنه على اية حال كان داخل السودان وهذا يشهد عليه الوسيط فتح الرحمن البشير وكنت أبحث عن الشريف الهندى لأخبره بهذه التطورات ونتفق على شئ فيها .

وبحثنا عنه في طرابلس وفي الحبشة وأخيرا وجدناه اتصل بي تلفونيا من المطار فقلت له أنا عندي حديث هام لابد أن نتفق على شئ فيه , فقال أنه سيذهب للفندق ليضع عفشة ويحضر لى , فقلتا له أني في شقة بها غرفتين فأحضر لتجلس معي في أحداهما حتى يجد مكانا فوافق وقال لى أن معي مسئولا جيشيا كبيرا ولا يعرف في أحداهما حتى يجد مكانا فوافق وقال لى أن معي مسئولا جيشيا كبيرا ولا يعرف أين سينزل في لندن سأبحث له عن مكان وبعدد هذه المكالمة لم يتصل بي ولا أدر ى ما حدث له وطبعا كان يجب أن أراد في وضع بورتسودان بسرعة وعندما لم يحضر بعد خمسة أيام رددت بالموافقة .

وكما قلت له الحلقات ثلاثة أنا حلقة وحسين حلقة وحسن حلقة , افترضت أنهم سيخبرونه هناك والشاهد أني عندما حضرت ببور تسودان لم يكن حسن موجودا ولم يخبره ولا أدرى ماذا فعلوه ولكنه هذا لم يرد , ونميرى تحدث معي ونميرى كان حديه أنه لا يريد إخوان ولا اتحاديين ولا يعتقدان هذه العناصر لها دور وهو يتحدث معنا وأنا قلت له هذا لا يصح وأنا أتحدث معك كرئيس للجبهة الوطنية فقال لى خلاص أنت رئيس الجبهة الوطنية وممثلهم لكن أن هذه العناصر نحن لا نعتبر أن لها دور , وعنده كلام شئ وأنا قلت له أن هذه العناصر مكونة للجبهة وعلى أية حال نحن إذا اتفقنا على شئ سنتفق عليه وإذا لم نتفق المهم كان الإحساس الواضح أنه لم يحدث اتصال بحسن.

الصادق : نعم استنبئت أنه لم يحدث اتصال بحسن وأنه لا يريد أن يتحدث معهم أو عنهم لكن النقطة المهمة أنا قلت له أن هذا الموضوع كله يتعلق بشيئين أساسيين الاتحاد الاشتراكي والدستور , إذا كان يمكن أن نصل إلى معادلة في هذين فيمكن أن نسير للإمام وإذا لم نصل لمعادلة أنا سأقول لك سلامة الله فتحدثنا والكلام كله مسجل في الوقائع التي صدرت في الكتاب المهم يوم 7/7 تم الاجتماع يوم 8/7 رجعت لندن 14/7 اجتمعت بكامل هيئتها في فندق اسمه فندق براون وأنا طبعا عندما وجدت الأخ حسين بعد أن حضرت من المفاوضة في بورتسودان سألته أين أنت , قلت لى أنني سأحضر ولم تحضر واعتذر لى وقلت له ما حدث واجتمعنا وحضر الاجتماع أنا وعبد الحميد صالح وحسين الهندي ومحمود صالح وعثمان خالد وثلاثة آخرين لا أذكرهم من قيادة الجبهة , في هذا الاجتماع رويت ما حدث قام عثمان خالد قال نحن نعتب على فلان أن يسير مشوارا هاما كهذا دون أن يخبرنا نحن في النهاية مسئولين أيضا ونحن لدينا عتاب فقام رد عليه حسين الهندى قبل أن أرد وقال والله ياخوانا نحن قررنا تفاوض ولم نقل نفاوض ولم ولن نقل كيف نفاوض وأنا لا أريد أن أوجه عتابا وأنا أوجه شكر للصادق المهدى ورغم كل الظروف خاطر بنفسه وجاءنا بنتائج وأنا موافق على ما حدث وموافق على النتائج هذا كلام حسين الهندى وهذا حسم الموقف بالنسبة لهذا الاجتماع الأخ عثمان خالد إلى هذه الساعة يمكن أن يكون عاتبا لكن لم أخبره ليس لى سبب غير أني عولت على الكلام الذي دار حول حكاية حسن وافتكرت أنه سيكون هناك ممثل الإخوان من الداخل على قمة مستواهم في حزبهم وقلت الإداري ونحن كان لدينا إحساس بأن الإخوان في الدال والإخوان في الخارج بينهم فجوة أحسسنا بذلك وأن هنالك فجوة سياسية وعندنا شواهد على هذه كثيرة وقلنا بدلا من أن نبحث عن هذه الفجوة سياسية وعندما شواهد على هذه كثيرة وقلنا بدلا من أن نبحث عن هذه الفجوة أن يجعل قيادة الإخوان هي الممثلة و لا تكون هنالك مشكلة في الموضع على أى حال اتضح أنه لما لم يخبروا حسن يصبح له الحق في أن يشعر أنهم استثنوا وأنا اعتقد أن هذا هو السبب الذي أدي بهذه الحكاية الاجتماع قرر في محتوى ما حدث في بورتسودان تأييد ما حدث في بروتسودان ونتيجة لهذا انعقد لقاء في محطة الإذاعة البريطانية فيه حدي من الأخ حسين الهندى وهذا أعلن وأذيع من لندن وطرابلس ومن كل جهة على أساس أن هذا موقف الجبهة مع وجود خلافات حول المسائل الإجرائية في جوهر الموضوع كل الخطوات الرئيسية متفقا عليها من الجبهة الوطنية .

حوار جريدة الصحافة مع حسن الترابي بتاريخ 1985/15/6

ولما صالحنا نحن الحركة الإسلامية لم نكترث الوزارات والسلطة بيننا وبين النظام إذ لم يكن بيننا وبين النظام صراع على كراسي الحكم وإنما اشترطنا حرية الدعوة للإسلام وذلك ما خرجنا لأجله عقب 25 مايو ولم نشترط لأنفسنا تسويات أو تعويضات إنما كان همنا هو العمل لنشر الإسلام في البلاد تعثرت إجراءات المصالحة مع أخرين فمنهم من زهد في العروض المتاحة وبقي خارج السودان ثم دارت معه دورة مصالحة تالية لم تؤد إلى نتائج تنفيذية ومنهم من تردد بين السلطة المشاركة وبين قول التسويات وطلب المزيد فدخل بعناصر القيادة الأولي ثم خرج بها واستبقي آخرين في الأجهزة التشريعية .

وكنا نقدر بالرغم من أن فرص تعديل النظام من خلال المصالحة الوطنية قد ضعيت أن وجود عناصر المعارضة السابقة داخل السودان يمكن أن يحدث تغييرا واقعيا في موزين القوى الداخلية .

المشاركة: وعن المشاركة في النظام يقول دكتور حسن الترابي أما المشاركة السياسية فلم يكن همنا أن نشارك في السلطة كما نريد أن نستقل بالمصالحة الوطنية للحصول على قدر مناسب من حرية الدعوة للإسلام وبالفعل في مناخ المصالحة أتيحت حرية واسعة للعمل الطلابي لأول مرة بعد أن كان محظورا حظرا تاما.

وأتيحت حرية واسعة للعمل النقابي الذي كان مؤطر بإجراءات العزل السياسي والانتخابات والمواجهة وأتيحت حرية لتقديم كلمة الإسلام بعد أن كانت الساحة تسيطر عليها أفكار الميثاق الوطني المزعوم ولكن النميري قرر أن بقاء الحركة الإسلامية بعيدا عن المشاركة مع تمتعها بحرية العمل وبما يشكل خطرا عليه وقدر أنه لابد أن يرهن بعض رموز الحركة الإسلامية بالمشاركة الشكلية خطرا عليه وقدر أنه لابد أن يرهن بعض رموز الحركة الإسلامية خارجة وتننقض عليه ولم يتح للحركة الإسلامية في واقع الأمر إلا موقع أو موقعان في الجهاز التنفيذي ذلك هو موقع النائب العام ووزارة الشئون الداخلية أما المناصب الأخرى التي تولتها عناصر الحركة الإسلامية من بعد ذلك فقد كانت مناصب زمرية لا تنطوى على أى سلطة حقيقية في توجيه الحكم ثم ذكر دكتور الترابي أنه شارك في الحكم بمنصب النائب العام وأنه شغل منصب المستشار القانوني لرئيس الجمهورية لا مد معين ثم ذكر أنه شارك في مجلس الوزراء وأنه باشتراكه لم يستطيع أن يؤثر في النظام الاقتصادي ألا بتعج خاص ؟

حوار مجلة المجتمع مع الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد

في تعليقه على ما ورد بمجلة المجتمع في حوار مع دكتور الترابي يقول الشيخ صادق حول مشكلة الحركة الإسلامية ما يلي :

مشاركة الحركة الإسلامية في الحكم وأولي تلك القضايا هي قضية المشاركة في الحكم القائم التي زجت بمسئول بعض حركة الإسلام في منصب وزاري ليدير فيه حركة القوانين الرسمية دون أن يستطيع حتى اليوم وبعد خمس سنوات كاملة أن يحقق للمجتمع السوداني واحدا من القوانين الشرعية ناهيك عن تحريك إطار السلطة نحو الإسلام كما ورد في حديثه بل أنني لا أستطيع القول جازما بأن الذين منحوه ذلك المنصب ليدركون أنهم يتحدون بأنه لن يحقق من ذلك شيئا بل أن الأمر قد تجاوز حده حين صدر قرار جمهورى يلغى أمرا أصدره مجلس مختص بعاصمة البلاد منع بمقتضاه تداول الخمر وأغلق بمقتضاه الحانات ولم يرتفع صوت أو يتحرك وجدان يستحث صاحبه بان يفعل في أمر الله شيئا وبرغم هذا يرى مسئول بعض العمل الإسلامي أن قبول المشاركة بالوزارة إنما هو بعض الخطو على طريق الإسلام .

إن عدم العزلة عن المجتمع لا تعني بالضرورة الانكباب على كل شئ حتى على السلطة ولا أدرى كيف يجد المرء في نفسه القدرة على المساهمة والمشاركة طواعية واختيارا في عمل كهذا دون أن يجد الإيمان به إلى قلبه سبيلا كيف وهذا ما يقرره بكلماته صاحب الحوار إذ يقول في معرض تبريره الغريب لإقحام الحركة الإسلامية في السلطة ( لا إيمانا منها بالإطار الراهن الأوضاع السلطة ولكن مجاهدة منها لتحريك هذا الإطار نحو الإسلام ) أو ليس من الجائز , وقد حدث أن يكون الأمر من زاوية السلطة إيمانا فيه هي وإيحاء بتحريك العمل الإسلامي نحو الاتحاد الاشتراكي ؟ وما ذنب القاعدة الإسلامية البريئة العريضة ذات الأحاسيس والمشاعر الصافية حتى تفاجأ بأمر لم يكن في حسباتها بل ولا في إيمانها ما ذنبها ؟ وقد كانت تجاهد وتكافح من أجل فكرتها ودعوتها وعقيدتها وبناء ذاتها وأفرادها لتجد نفسها تسلك طريقا ينأى بها على هذا الصراط المستقيم ما ذنبها أثر دخول التيار المسلم في الاتحاد الاشتراكي السوداني ولئن صح ما ذكره دكتور الترابي من أنه بدخول التيار المسلم في الاتحاد الاشتراكي تزعزع الأسس الفكري الذي كان يحارب الإسلام وانتهينا بالاتحاد الاشتراكي إلى مرحلة أحل فيها فهل انتهيتم إلى مرحلة لم يعد فيها الاتحاد الاشتراكي وجود بعد؟ أم أنه وأنتم بداخله قد عاد إلى سابقه وعلى نحو من الاشتراكية أقوي مما كان وهل غابت عنه أو أقصيت عنه العناصر التي كانت تشكل أساسه الفكري وتحارب الإسلام أم أنها عادت إلى سابق عهدها وأن المعادلة التي تعقدها السلطة بينكم وبينهم لا تزال قائمة وأن الفكرة لا يزالان معا ويجلسان معا ويتفاهمان في شأن الاشتراكية معا .

مواصلة لموضوع المصالحة والمشاركة ودورها في نشأة المدرسة الحديثة وإرساء وتوطيد وتركيز دعامات العهد الجديد ذى النهج الجديد وأهمية النتائج التي أسفرت عنها هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الدعوة الإسلامية وأهمية العوامل الفكرية والمذهبية والحركية التي أدت إلى هذه النتائج, وليس بنا حاجة أن نتطرق بعد هذا إلى الكيفية التي تمت بها المصالحة فالمشاركة بين النظام المايوى وقادة وزعماء الجبهة الوطنية وبين النظام المايوي وقادة الاتجاه الإسلامي ونكتفي بما نشرناه في الصفحة الماضية من أقوال منقولة في هذا الصدد فما يهمنا من ذلك إلا القليل , إنما يهمنا ذلك الموقف ما أسفر عنه وتفجر من نتائج حاسمة في تاريخ الجماعة أثرت تأثير مباشرا في تغيير مسارها وحركتها وهويتها كما سنبينه فيما بعد وكذلك في الأقدام على الخطوة الحاسمة لإعادة بناء جماعة الإخوان , ونعود قليلا إلى الوراء إلى بداية ولوج هذا الفكر الجديد الذي يحمل في طيته نهجا جديد على فكر جماعة الإخوان ومنهاجهم .

مرحلة جديدة قد بدأت

مقدمة

من المؤكد أن مرحلة جديدة تحمل في طياتها توجها حديث على طبيعة دعوة الإخوان السنية السلفية المنهج قد بدأت أثر جلست ونتائج مؤتمر 1962 وذلكم التوجه الذي حملته العناصر الشابة التي أفرختها الجامعات حينذك فوجدت المجال مفتوحا لتلجه بكل يسر وبما يتزخر به تطلعاتها وأمالها وكذلك بما تحمله من توجهات متباينة ذلكم التباين الذي أسفر حثيثا بعد ذلك عن شرخ عظيم ونذكر أيضا بما كتبانه في نفس ن من المؤكد أن مرحلة جديدة لها مقومتها الحديثة على طبيعة دعوة الإخوان قد بدأت تلكم حقيقة لم نتدارك أبعادها تخطيطا وتنفيذا لا يدراك وأن ذلك حديث سوف يطول مداه .

تذكرون الأسطورة التي تحكي عن المارد العفريت الذي بدا يفسد ويتمرد فحبسه السلطان سنين عددا في جرة ( قمقم) في البحر فكان هو بداخل الجرة يتمني ويخطط ويهئ لنفسه ولمن سوف ينقذه النعيم والثراء وعندما فتحت الجرة خرج المارد في دخان وكافأ الصياد مكافأة ثرة وانطلق يمرح في المروج ويسرح تذكرني هذه الأسطورة بالفكر التجديدي والانطلاقة السياسية التي وضعت بذرتها ونشأت نواتها منذ 62 فبدأت تخضر وتتفرع وبدأت تلقي ظلالها الناشئة على ما حولها فأثارت لغطا ثم جدلا ثم خلافا حادا وما لم تستقم بعد على الأرض وتطغى وانتها أقدارها برياح شهر مايو العاتية فأماطت فرعها وكسرت جزعها , حقيقة أن تلكم الانطلاقة وذلكم الفكر والمدرسة الحديثة ما كان لا أبدا أن تنبت أو تظهر من خلال الممارسة السياسية داخل جبهة الميثاق الإسلامي أو أن تثمر بل أن المحاولة الملحة الجادة الحادة في 67 -68 للقضاء على جماعة الإخوان شكلا ومضمونا وفكرة ومنهجا وإبدالها شكل ومضمون وفكر ومنهاج الجبهة تلك المحاولة التي قادها دكتور حسن الترابي قد تحطمت أمام صخرة إصرار قواعد الإخوان الصلبة تلكم الأحداث التي ذكرناها مفصلة لمن أراد أن يعها ثانية في خضم حكايتنا عن مؤتمر 1969 المشهور .

حقيقة لم يعرف الدكتور حسن الترابي عن قرب إن من أبرز طبائعه هي صلابة الرأي والهدف ووضوحه عنده الإصرار على الوصول به إلى غاياته, عاجلا أو أجلا متخطيا في سبيل ذلك كل معلم خير أو معلم شر لينحني للعاصفة الهوجاء حتى تهدأ فينطلق إلى هدفه بعدها لا يعدم لغايته وسيلة ولا سكة لها قصيرة أو طويلة بإيمان قوى راسخ متين يسمو هدفه وصحته لا يبالي بشئ أبدا.

حقيقة أن انقلاب مايو جاء بأمر الله تعالي, فيه حكمه منه سبحانه نتلمسها و لا نكاد نتبينها إذا لم يتح للقائد الجديد الفارس الذي أجج في السباق في مؤتمر أبريل 69 تم يكن.

ظهر الفرس الفائز والجواد الرابح والذي تسلم زمام أجهزة التربية والتوجيه ونشر الدعوة في التكوين الجديد في الجماعة وهو الدكتور حسن الترابي .

شاء أمر الله سبحانه وتعالي ألا تتاح للقائد ن يقود الجماعة الطيبة وبيده عنانها وقوادها , وما أسهل ما تنقاد الجماعات الطيبة لمن بيده عنانها وقيادتها ) وهو يدعوهم باسم الإسلام ويناديهم إلى ظلال الجماعة الوارفة فما كان بين ذلكم الحدث وانقلاب مايو لا بضعة أسابيع, ولكن أستطيع إحداث مرحلة الحكم العسكري كلها أن تمحو من فكر الرجل ما تأصل فيه وهو صاحب الرأي الصلب الحثيث للوصول بمنهاجه إلى غاياته مهما كانت طبيعة ذلكم المنهاج استقامة أو اعوجاجا .

هي حقيقة كبيرة لابد أن نؤكدها

هي أن لكم الانطلاقة السياسية والفكر التجديد والمدرسة التي لم يتح لها أن تنجح من خلال جبهة الميثاق خلال الفترة القصيرة قبل 25 مايو أتيحت لها الفرصة كاملة أن تتخمر داخل القمم وأن تبيض وتفرخ وتتأصل وترسخ فخرجت أولا كتابات دكتور حسن الترابي خلال فترة السجن تترى وتلقفها الكثيرون بالقبول دون رؤية ودون تفكير حتى ن أحدهم كان يقول فيما بعد أنني كنت ضمن الذين استمعوا للترابي وهو يقول كذا وكذا ولم أكن أدرك بومذاك خطورة ما قاله بعد سنين ولعمرى هذا معترك فاصل وموج خضم هائج ونشير إلى بعض ما كتب حوله من كتابات كثيرة من علماء في الداخل أو الخارج وثم خرجت ثانيا تلكم الانطلاقة بكل ما تحمل من توجهات في مجال العقيدة والفكر والمرأة والمجتمع وغيره إلى حيز التطبيق العملي من خلا ل قبول وممارسة المصالحة والمشاركة في الحكم فمن الطبيعي أن تفسح السلطة لمن هم في السلطة مجالا واسعا للانطلاقة والعمل بها وتطبيقها وهذا ما تحقق تأصل بعد استلامهم للسلطة والحكم فيما بعد وتوجه الاتجاه الإسلامي ( كما سمى ) فيما بعد إلى نبذ اسم الإخوان المسلمون وتبرأ بكلياتها إلى حالة تطبيق علمي وممارسة كاملة شاملة وباندفاع وإيمان وحماس بالغ كان تطبيقها عمليا لكل قواعد أسس تلكم الانطلاقة التي يحمل مشعلها د. الترابي وحانت الفرصة سانحة لتأصلها - بكامل ما يحمل من عوامل واتجاهات عقدية ومذهبية وحركية فات على الكثيرين تبين حقائقها وأعمي التعصب التنظيمي الكثيرين من رؤية دقائقها تلك التوجهات العقدية والفكرية والمذهبية والحركية ذات الطابع التجديدى العصري والتي نقلت هذه الجماعة بعيدا عن طبيعة ومنهج الإخوان المسلمين والتي سيأتي تفصيل عنها في مجالها , وعصم الله هذه الجماعة التي تمايزت بعد مؤتمر 69 إلى أن هداها الله في ليلة الرابع والعشرين من مايو أن تتفق على العامل المستقل وإعادة بناء جماعة الإخوان المسلمين عصم الله أفرادها فلم ينساق أغلبهم ولم يتزحزحوا عما عاهدوا عليه ومرت عليه الأحداث العاصفة من سجن وتضييق وتشريد كما مر على غيرهم وكان لثبات موقف الأخ بروفيسور مالك بدرى وهو أمير هذه الفئة خلال تلكم الفترة ومن معه من الإخوان ونذكر منهم الأخ عبد الرحمن رحمة ومحمد على سعيد ومرتضي مكي وعلى جاويش وعيسى مكي وغيرهم , وكان لثبت موقفهم على أصول الجماعة عقيدة وفكرا وتنظيما واسما طوال هذه المرحلة دلالة على أن الحق لن يفتقر في أى حين لجنود تدافع عنه وتضحى في سبيله طال الزمن أو قصرت قلت الإمكانيات أو كثرت .

وفي هذه المرحلة بعد المصالحة والمشاركة التي أشرنا إليها في الصفحة السابقة انطلق الاتجاه السياسي بقيادة دكتور حسن الترابي شاقا طريقا وعرا في الساحة السياسية محاول أن يؤسس لتلك الجماعة قواعد في كل المحاور الممكنة داخل حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم متخذ كل وسيلة ممكنة في ذلك الإعلان مرارا عن عدم تنظيم للإخوان المسلمين بالسودان وأنه تم حله .

2/ وكذلك في التوسع في المجالات الاقتصادية والتجارية والمالية بدءا من احتلال مراكز قيادية عالمية كدار المال الإسلامي العالي وكذلك في حركة نشطة في فروع دار المال الإسلامي العديدة بالداخل ووضع مفاتيح كثيرة من هذه المراكز بيد أفراد قيادين من الجماعة وتوظيف المائات من غيرهم بها واستلام إدارات المعارف.
3/ وكذلك تأسيس جمعيات خدمية اجتماعية وشبابية ونسائية متعددة لتفريغ طاقات الشباب المقبل من الجنسين والفرق الفنية ولأول مرة يوجه الشباب بأنه يمكن ن يتعبد المؤمن بالفن والموسيقي وأن الرقص تعبير إيقاعي يمكن أن يعبر عن صورة من التدين ( محاضرة بين الفن والدين, الترابي , مسجد الجامعة )
4/ كل هذا النشاط تزامل مؤقتا مع فيض من التوجهات الفكرية والعقائدية التجديدية ونشر عدد من الرسائل المتتالية التي تحمل عرضا وتفصيلا كاملا لهذا المنهج العقدي والفكري منها مثالا ( رسالة منهجية الفقه والتشريع الإسلامي ) من سلسلة اقرأ السوداني ورسالة صول التشريع ورسالة تجديد الفكر الإسلامي مع مجموعة من المحاضرات العامة والخاصة والتي سينشر جزء منها في ملفات هذا البحث إن شاء الله .
5/ كل هذه الحركة الزاخرة والتي انطلقت من تحت ظلال السلطة الوارفة كانت تتوج من حين لأخر ومن خلال لقاءات صحفية أجنبية بما ينفي وجود م يسمى بالإخوان المسلمين أو بإشارت واضحة عن تخطي هذه الجماعة حينذاك للمنهج العقدى والفقهي التنظيمي لجماعة الإخوان المختلفة وعن فك الارتباط وهذا يعنى حقيقة بينه واضحة ن هذه الجماعة سواء سميت بالاتجاه الإسلامي و غيره بقيادة دكتور حسن عبد الله الترابي هي التي اختارت منهجا آخرا غير منهج الجماعة العالمية والكيان السنية السلفية المسلك , وهي التي شقت طريقا آخر غير طريق الإخوان المسلمين وانشقت وأعلنت عن ذلك ومافتئت.

وهنا لابد من الإشارة لقول الإمام البنا ( لسن شيئا من هذه التشكيلات فإنها جميعها تخلقات غاية موضعية محدودة لمدو معدودة وقد لا يوحى بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة والتحلى بالألقاب الإدارية فيها وكنا أيها الناس فكرة وعقيدة ونظام ومنهاج لا يحدده موضع ولا يفيده جنس ولا يقف دونه حاجز جغرافي ولا ينتهي حتى يرث الله الأرض ومن عليها ذلك لأنه نظام رب العالمين ومنهاج رسوله الأمين وقد أوضحنا من قبل عن استحالة توافق فكرين متناقضين في إطار جماعة مذهبية واحدة .

التمايز

التمايز, أو القرار ببدء إعادة تكوين الجماعة , الإعلان عنه

1/ ظلت المجموعة التي حفظت على موقفها من الجماعة السياسية ظلت في موقفها في ثبات ولما كان بينهم أسماء بارزة معروفة في محيط العمل الإسلامي الدولي فقد أدرك أخوتنا في الخارج أو بدءوا يدركون أن الآن يحدسهم التنظيمي خطورة ما يجرى بالسودان وكانوا بطبيعتهم ومن التجارب العديدة التي مرت بها الحركة الإسلامية في العالم خاصة في مصر وسوريا ينفرون من أية حالة شقاق وقد جاء للسودان أكثر من وفد في هذه المفترة في محاولة لإصلاح ما بين الاتجاهين نذكر منهم محمد سليم العوا 77 وكذلك حضر وفد فيه الأخ حسين عبد الباقي وعبد الغني عليان وبعد مشاورات اتفقوا مع قادة الاتجاه الإسلامي أن ترجع مجموعة التربية كما كانوا يقولون عنها أو المتوقفة للجماعة الأم على أن يوكل لها كل مهام التربية والثقافة وقيل أن بعض هؤلاء بهذا الاتفاق الذي أتيح لهم لو تم أدرك تلكم الجماعة وإنقاذها من براثن توجه يودى بها وإصلاح ما يمكن إصلاحه ولكن سرعان ما تنبهوا بعد سفر الوفد أن ذلك الاتفاق لم يعد إلا حبرا على ورق ولم يعد ينفذ منه شئ وبقوا كما كانوا وعقدوا بعد ذلك بينهم أكثر من لقاء كان شيء لم يكن.

لدراسة موقف الجماعة

نذكر منه اللقاء الذي تم بمنزل إبراهيم حسنين والذي حضره المرحوم بركات والذي كان يصر فيه أنه لا ينتمي تنظيميا لجمعة الإخوان برغم مشاركته بالرأي في هذه العضوية وكذلك الاجتماع الذي تم في أوائل 79 في منزل بروفيسور مالك بدرى والذي حضره سبعة إخوان والذى أسفر عن اتفاق بينهم على بدء دراسات حول أراء الترابي وتوجيهاته العلمانية والتجديدية وغيرها للرد عليها والدفاع عن منهاج الجماعة ذلكم اللقاء الذي نقل تفاصيل ما دار منه أحد الحاضرين لقيادة الجماعة السياسية وحتى ذلك الحين لم يتيسر لهذه المجموعة الإحاطة الكلية الكاملة الشاملة لموقف المجموعتين معرفة تمكنهم من اتخاذ خطوة أبعد من ذلك خطوة لا بد منها .

بدء انسلاخ الأفراد والمجموعات

كان لوضوح ذلك الموقف الذي فصلناه في المقدمة في فترة المشاركة وتناقض المواقف التي اتخذتها الجماعة السياسية تنظيميا وفكريا واختلافها مع مفاهيم الكثيرين من الأفراد وهم عير المجموعة التي حددت موقفها من قبل كان ذلك يمثل الدافع الملح والقوى لبداية انسلاخ الأفراد من الجماعة الأم في عدة مواطن وكذلك ابتعاد مجموعات متعددة مؤثرة أن تنجو بدينها من الانحراف باين وطريق يخالف ما اجتمعوا عليه نذكر منهم : -

• مجموعة ( قيصر موسي - حسن بشير وعثمان على من معهم ).
• ( وإخوان بورتسودان بقيادة سليمان أبو ناوا وغيرهم ).
• مجموعة الحفايا وهم عوض وعثمان بابكر ومرغني عبد الله وعيس مكي وغيرهم)
• مجموعة بحري حمدي وعثمان وحمد عمر عبد الخالق وعبد الوهاب .
• واستمر توقف الأفراد وقد سمي كل من يسأل أو ينتقد بمن ( له رأي ) وكل من يتوقف بأنه توقف لأن ( رأى) دون أن يفسح المجال لذكر هذا الرأي وحاولت بعض هذه المجموعات بداية عمل منظم ولكنها لم تنجح.

وكان السبب في ذلك يرجع للعوامل التالية : -

1/ عدم وجود أى نوع من الصلات بين هذه المجموعات
2/الهيمنة التنظيمية المحكمة التي كانت تتابع بدقة كل تحركات الأجهزة ولأفراد .
3/ عدم معرفة هؤلاء الأفراد بوجود جماعة قائمة متميزة تعمل تحت أسهم ومنهج الإخوان منذ عام 69 ولم يحاولوا أن يقيموا معها أية صلة .

مرد الله تعالي

مقدمة

هل يعجب الناس من أمر الله تعالي

فإذا أراد سبحانه وتعالي إلا يخفت صوت دعوته الحقة في إرجاء موطن شعب من خلقه من بعدها تعالت أصوات دعوات كثيرات غيرها ( أيكون ذلك شيئا عجبا أو أمرا مستغربا ) .

إذا وصف الإمام البنا مخاطبا دعاتها ( أيها الإخوان أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد ولكنكم روح جديد يسرى في قلب هذه الأمة فيحيه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد المادة بمعرفة الله ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا إنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلي عنه الناس ).

فإذا قامت فئة أمنت بربها بهذا النداء وأرادت أن تحمل عبء دعوة ربانية متجردة من شعاراتها , الله غايتنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا وتريد أن تخرج الناس من عبادة الناس إلى عبادة رب العباد أيكون ذلك شيئا عجبا أو أمرا مستغربا ؟

وإذا سقطت الراية التي تحمل الاسم الذي يرتعب منه أعداء الإسلام في الشرق والغرب أو سقطت وطوى العلم الذي يحمل اسم الإخوان المسلمين في ديارنا هذه ( دهرا ) وكان هو لامتنا في دهرها عزا ( وفخرا ) وأفاض عليها من ظلمات جهلها ( نورا ) واهتدت به أفواج من شبابها ( غرا ) ( أيكون يا قوم رفع راياتها ثانية ونشر علمها الخفاق شيئا عجبا أو أمرا مستغربا )؟.

إذا وصف الإخوان بأنهم ( الأخ منهم في رحلته إلى الله تعالي مع كتيبة الحق وقافلة التوحيد حيث الأصحاب الثقاب الربيون الذين أعدوا أنفسهم بالعلم والخبرة للنفير ( فإذا استنفروا بادروا وأتقنوا وإن حمى الوطيس صبروا , ولا يرضون حتى تبلغ الدعوة غاياتها بإذن الله وإذا نصبوا قادة نصحوا وإن جندوا أطاعوا فإذا انطلقوا فإلي هدف بيعتهم ناجزة وطاعتهم واعية , ونظرتهم وازنة وآفاقهم شاملة , وأمنية أحدهم أن يلقي ربه مضمخا بدم الشهادة هجروا قوانين الطواغيت ودساتير الجبت ) وتحن قلوبهم للتقوى وترتاح للذكر أصل مذهبهم الكتاب والسنة وترك الأهواء والبدع والتمسك بالأئمة والاقتداء بالسلف ( أيكون الانتماء إلى وليجتهم شيئا عجبا أو أمرا مستغربا ؟)

2/ التمايز كان واجبا شرعيا دينا فالتقي أولئك النفر في خطوة موفقة هي من أنعم الله وفضله ما كان لواحد منهم بادرة أو ادعي لها منه أو فضل ولا كان لوحد منهم منه شق أو أثرى عنوانها يد في ذلك أو جهد إنم كان ذلك تدبير رب الناس وتقدير رب الناس ولا تنهض الهمم والقلوب في طلب الحق إلا بحوله وتوفيقه فما كان لهم ولا لأحد منهم من الأمر شئ أبدا . أبد ولا الذين أدعو ذلك من بعد سنين عددا.
3/ كانت أمامهم مهمة صعبة جاءت في ظروف صعبة كان أمامهم أن يجمعوا الأفراد الكثيرين الذين انطلقوا تائهين وكان عليهم أن يلتقوا بالمجموعات العديدة في العاصمة والأقاليم التي وقفت بعيدا عن الجماعة وكان كل همم أيضا كيف يفارقون أخوة لهم يطغى عندهم التعصب التنظيمي على تقدير كل شئ آخر سواه ولعل المئات العديدة من هؤلاء م تبينت الصورة وضح لهم الحق ناصعا إلا بعد سنوات عديدة تلت وهم الآن يتسابقون للخلاص والنجاه من ظهر السفينة الغارقة ومن إثم كل ضلالة فيها وكان عليهم التثبيت من الحجج الشرعية التي لابد ن يسلحوا بها ليردوا بها على افتراءات خرجت بها عن أصلها كان عليهم طاعة الله تعالي في أداء هذا الواجب الشرعي لإقامة الحجة دفاعا عن الحق واستهلالا بدعوة الناس في سبيل ظاهر بين وكان عليهم أن يتبصروا مواقع أقدامهم تحت ظل سيف إرهاب حكومة عسكرية طاغية يضعون اللبنات الأولي لبنيانهم الجديد:

من يرفع الراية :-

4/ ولما قبل للأخ البررفيسور مالك بدرى( تعال وكن أميرنا ) قال الأخ مالك بدرى وهو يشير إلى الدكتور الحبر ( هذا هو أميرنا ) وكان الحبر واحدا من زمرة لا يعرفهم حتى الآن أحد.
من كان منهم من يبتغي جاها ولا إمارة بل كانوا يرفعون الأكف أمام الوهج يدفعونها شدة ووطأة وبأس القوارع والرهق الذي يواجههم وهم يرونه أمامهم مهرعا ولا كانوا يخشونه .
5/ ولسنا في حاجة إلى ذكر تفاصيل حكايات كثيرا وخطوات موفقات إلا أن نذكر حقيقة ما زال بعض الإخوان وغيرهم يتعجبون منها وهي أنه ما كادت الجماعة تعلن عن قرارها بالتمايز وانطلق أفرادها في العاصمة وهم يعلنون ذلك حتى قدر الله تعالي ن يكون الجماعة تجمعا واضحا ومنظما كان يظن أنه يحتاج إلى سنوات لتنظيمه وفي أيام قليلات قام بنيان الجماعة على نفس الأسس والقواعد التي تسلكها الجماعة في العالم كله بنيان وهياكل ومحاور يعرفها الإخوان جيدا بل لم تمض أسابيع قليلة حتى صيغت البرامج الدراسية والتربوية والإعدادية وأنزلت للشعب والأسر كأنما أ‘د لها قبل أعوام طوال – سبحان الله رب هذه الدعوة التي بعث بها الرسل مبشرين ومنذرين رحمة للناس وهداية ونورا حتى أن أخواتنا المسئولين في الاتجاه الرسل مبشرين ومنذرين رحمة للناس وهدية ونورا حتى أن أخواتنا المسئولين في الاتجاه الإسلامي قال بيقين أن هذا التنظيم الذي قام عملاقا مكتملا, لابد أنه أعد له من وقت طويل من قبل.
6/ وهنالك أمر له دلالته الحاضرة على موقف الناس من هذه الجماعة وهو أنه عندما ظهرت إعلانات في الحيطان في الخرطوم باسم الإخوان المسلمين في نوفمبر 79 تعلن عن محاضرة الدكتور الحبر في جامعة القاهرة الفرع قام شباب الاتجاه السياسي بتمزيقها ومتابعتها وإزالتها أينما وضعناها ولم نذكرهم ولا تحدثنا عنهم فيها بسوء ولم نتعرض لجماعة أو هيئة بشئ عجبا أيقال بعد هذا إننا بادرنا بجفاء أو بدأنا بعداء ؟؟ تمزق إعلانات تحمل اسم الإخوان المسلمون يمزقها أفراد جماعات أخرى كانوا من الإخوان .