من المذاهب الهدامة: العلمانية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٠:٣٧، ٢٥ أكتوبر ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
من المذاهب الهدامة: العلمانية

أ.د/جابر قميحة

كثيرون كتبوا بأمانة وموضوعية عن هذا المذهب , كالدكتور محمد البهي , والدكتور محمد عمارة , والدكتور محمد يحيي , والأستاذ محمد قطب . ولكن جمال البنا ـ غفر الله له ـ يخرج علينا بمقولة ـ أوفتوى ـ غريبة دميمة , مؤداها : أنه لا تعارض بين العلمانية والإسلام !! بل إن الإسلام دين علماني

ونأمل أن يجد القارئ في السطور الآتية ما يبين له عن وجه الصواب والحق ..

يحرص أصحاب هذا المذهب ، ومن دعا إليه من العرب أن ينطقوه ويكتبوه بالصورة الآتية :

العِلْمانية( بكسر العين وتسكين اللام ) إيهاما بارتباطه بالعلم ، وليس بين المصطلح – حتى في تعريف أصحابه – أدنى صله بالعلم ، ولكن الارتباط الحقيقي بالعالم أو الدنيا ، فالكلمة في أصلها الإنجليزي :Secularism . وتعريفها في دائرة المعارف البريطانية :

هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها : ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا ، والتأمل في الله واليوم الآخر . ومن أجل مقاومة هذه الرغبة طفقت الـ Secularism .

تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية ، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية البشرية . وظل الاتجاه إلى الـ Secularism يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية .

وكان الدافع القوي لظهور العلمانية كمفهوم سياسي واجتماعي في أوربا إبان عصور التنوير والنهضة وهو معارضة سيطرة الكنيسة على الدولة والمجتمع ، وتنظيمها على أساس الانتماءات الدينية والطائفية ، فرأت أن من شأن الدين أن يعني بتنظيم العلاقة بين البشر وربهم ، ونادت بفصل الدين عن الدولة .

وهكذا يتضح أنه لا علاقة للكلمة بالعلم ، إنما علاقتها قائمة بالدين ، ولكن على أساس سلبي ، أي على أساس نفي الدين والقيم الدينية عن الحياة .. وأولى الترجمات بها في العربية أن نسميها " اللادينية " بصرف النظر عن دعوى " العالمانيين في الغرب بأن العالمانية لاتعادي الدين ، وإنما تبعده فقط عن مجالات الحياة الواقعية : السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والفكرية ... ألخ .

ولكنها تترك للناس حرية التدين بالمعنى الفردي الاعتقادي ، على أن يظل هذا التدين مزاجا شخصيا ، لا دخل له بأمور الحياة العملية .

وبهذا تكون العلمانية قد فصلت بين الممارسة الدينية التي اعتبرتها ممارسة شخصية ، والممارسة السياسية التي نظرت إليها كممارسة اجتماعية .

وهذا هو جوهر العلمانية التي تمخضت عن صراع بين الكنيسة ونفوذ رجال الدين من ناحية ، وبين التنويريين الماديين من ناحية أخرى .

" وتبدو نشأة العلمانية في أوربا أمرا منطقيا مع مسير الأحداث هناك ، نظرا لعبث الكنيسة بدين الله المنزل ، وتحريفه وتشويهه ، وتقديمه للناس في صورة منفرة دون أن يكون عند الناس مرجع يرجعون إليه لتصحيح هذا العبث ، وإرجاعه إلى أصوله الصحيحة المنزلة ، كما هو الحال مع القرآن المحفوظ – بقدر الله ومشيئته – من كل عبث ، أو تحريف خلال القرون .

كان هناك نفوذ ضخم جدا لرجال الدين يمارس باسم الدين في مجال العقيدة وفي مجالات الحياة العملية كلها من قبل رجال الدين ، ويتمثل في حس الناس هناك على أنه هو الدين ... وهذا النفوذ كان نفوذا شاملا على الملوك وعامة الناس :

فالملوك لايجلسون على عروشهم إلا بإذن البابا ومباركته ، ولا يتولون سلطانهم على شعوبهم إلا بتوليه البابا لهم ، وإذا غضب عليهم البابا غضبا شخصيا لا علاقة له بالدين نبذتهم شعوبهم ، ولم تذعن لأوامرهم .

وأما نفوذهم على عامة الناس فيضمن أنهم لايصبحون مسيحيين إلا بحضور الكاهن أمامهم في الكنيسة . وفي الموت لابد من إقامة قداس الجنازة لهم على يد الكاهن .

فلم يكن الدين في ذاته إذن هو مصدر السوء في الحياة الأوربية في تلك الفترة ، إنما كان فساد الدين – على أيدي رجال الدين – هو السبب في ذلك الظلام الذي اكتنف أوربا في قرونها الوسطى المظلمة الحالكة السواد ... فكانت سيطرة الدين الكنسي على الحياة الأوربية في قرونها المظلمة أمرا سيئا ؛

لأن ذلك الدين – بما حواه من انحرافات جذرية في العقيدة من ناحية ، وفي فصل العقيدة عن الشريعة من ناحية أخرى ، وفي فساد ممثليه من رجال الدين وجهالتهم من ناحية ثالثة – كان مفسدا للحياة ، ومعطلا لدفعتها الحية ، كما كان مفسدا للعقول ، ومعطلا لها عن التفكير السليم .

لذلك كان نبذ ذلك الدين والانسلاخ منه أمرا ضروريا لأوربا ، إذا أرادت أن تتقدم وتتحضر وتعيش .

ولكن البديل الذي اتخذته أوربا بدلا من دينها لم يكن أقل سوءا إن لم يكن أشد ، وإن كان قد أتحاح لها كل العلم والتمكن المادي الذي يطمح إليه البشر وهو العلمانية .

وينتج من ذلك المفهوم أن يُيستبعد الدين من دائرة الوعي الاجتماعي ، والعادات والتقاليد ، والسلوكيات ، ومضامين الآداب ، والمذاهب الفكرية ، والقوانين ؛ اللهم إلا إذا دخلت عناصر منه على سبيل المؤثرات التاريخية أو التراثية ، أو إذا وجدت كعوامل هامشية في نطاق مارسم لها من أثر روحي أو وجداني غير فعال على المستوى المخصص للأمور الدنيوية .

فالواقع الأوربي الساقط هو الذي أفرز هذه العلمانية كرد فعل لهذا السقوط في شتى المجالات ... ذلك السقوط الذي صنعه رجال الكهنوت ، أو ما يسمى بالسلطة الدينية .

ولا نكون غالين إذا رأينا مع الدكتور محمد البهي أن الإسلام لو كان في أوربا ، ما نشأت العلمانية في الفكر الأوربي ، ولما وصل تفكير بعض المفكرين في أوربا إلى التطرف في المادية ، والجنوح إلى شحن النفوس بالأحقاد ، ودفعها إلى الانقلاب الدموي لحل بعض المشاكل الاجتماعية .

من المراجع

1ـ مذاهب فكرية معاصرة : محمد قطب . 2 ـ الكيالي : موسوعة السياسة 4

3ـ في الرد على العلمانيين:د.محمد يحيى. 4 ـ العلمانية والإسلام:د.محمد البهي

5 ـ العلمانية ونهضتنا الحديثة:د.محمد عمارة .6 ـ د.ضياء الدين الريس :النظريات السياسية الإسلامية . 7 ـ الإسلام والعلمانية وجها لوجه:د.يوسف القرضاوي .

المصدر:رابطة أدباء الشام