مناجاة على الطريق

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مناجاة على الطريق


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

بقلم : أ.مصطفى مشهور

مقدمة

قوة الصلة بالله والإيمان الحى القوى من ألزم الأمور للأخ المسلم على طريق الدعوة ليكون بذلك رجل دعوة وجندى عقيدة ، ولكى يتمكن من تخطى العقبات ويتجنب العثرات على طريق الدعوة ، ولا ينزلق فى المنعطفات التى تنحرف عن الصراط المستقيم و الطريق الصحيح ،

ولما كان الإيمان وقوة الصلة بالله من مستلزمات النصر ومن أسبابه لذلك كان اهتمامنا فى مجال ( فقه الدعوة ) بهذا الجانب من حياة الأخ المسلم فكان كتاب ( زاد على الطريق) ليعين الأخ على التزود بزاد التقوى والإيمان أثناء السير على الطريق ، وبينا فيه كثيرا من مصادر هذا الزاد .

هذا الكتاب ( مناجاة على الطريق ) مقصود به أيضاً تقوية الصلة بالله و الحياة مع الله فى الخلوة و المناجاة يبثه كل ما فى قلبه من مشاعر وأحاسيس ، وما يعرض له على الطريق الدعوة من آلام وآمال ، سائلاً إياه الهداية و التوفيق و العون والسداد و الرضا و القبول ، ألا ما أجمل مناجاة العبد لربه إذا صفا لها قلبه وتوجهت إليها همته وما أعظم أثرها على نفسه ، ومن ذاق عرف وداوم .

حول المناجاة عل طريق الدعوة

إن عباد الله يدعون ربهم فى كل وقت وحين وهو قريب يجيب دعوة الداعى إذا دعاه، فقد قال تعالى :{ وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان * فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون } .

لكن المناجاة لها جوها الخاص وأساليبها وتعبيراتها المتميزة ، خاصة إذا كانت فى جوف الليل الآخر ضمن قيام الليل ، حيث تتحقق الخلوة مع الله و التضرع إليه بعيدا عن الأنظار والأسماع فى هدأة الليل و الناس نيام فقد قال الله تعالى :

{ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية } ففى المناجاة يخلص القلب الى الله متخلياً عن كل ما سواه ، متحلياً بذل العبودية لله فى جو من الشعور بالضعف و قلة الحيلة واللجوء وطلب العون من القوى العزيز وجو من الشعور بخشية الله و الخوف من عذابه مع الاعتراف بالذنوب وبالتقصير فى حق الله ومع الإلحاح فى طلب العفو و المغفرة من العفو الغفور والشعور بالرهبة و الرغبة وبالطمع و الرجاء مع طلب الرحمة من الرحمن الرحيم .

وفى المناجاة يكون الحمد و الثناء والشكر و الدعاء و التقدير لله و التقديس والإجلال له ، ويكون التسبيح و التهليل والتكبير ويكون التوكل و الإنابة و التوبة والاستغفار ، ويكون طلب الهداية منه والاستعانة به والاستعاذة به وطلب النصر و التأييد فى الدنيا و الفوز و السعادة فى الآخرة ، كل ذلك فى ظلال :{ يحبهم ويحبونه}.

وإذا كان قيام الليل و المناجاة من الأمور اللازمة لكل مسلم فهى لمن يسلك طريق الدعوة ألزم وهو لها أحوج ، ففى قيام الليل إعداد قوى له ليتحمل مشاق الطريق وتكاليف الدعوة ، وما نحتاجه من صبر وقوة وعزيمة وإرادة ، ففى قيام لليل ترويض للنفس على غير ما ألفت من النوم و الدفء والراحة ، وفيه استمداد العون و الزاد من الله للقيام بأعباء الدعوة وأماناتها .

وقد وجه الله سبحانه وتعالى رسول صلى لله عليه وسلم فى الأيام الأولى للدعوة الى قيام الليل مشيراً الى ثقل الأمانة التى ستلقى عليه ، وأن فى قيام الليل استعانة من الله للقيام بها ، كذلك أوضح الصلة القوية بين قيام الليل وترتيل القرآن فقال تعالى :

{ يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً *إنا سنلقى عليك قولاً ثقيلاً *إن ناشئة الليل هى أشد وطئا وأقوم قيلاً }

و المناجاة غالباً ما تعكس الجو النفسى و المشاعر والأحاسيس التى يعيشها المناجى ، فيظهر ذلك فى أسلوب المناجاة وتعبيراتها .

وكما هو معروف فإن طريق الدعوة مزدحم بالأحداث ملىء بالأحوال المتغيرة ، مفعم بالآلام و الآمال ، فيه دعوة وإرشاد ومعالجة للنفوس و العادات فيها إعنات وإيذاء وفيه صبر واحتساب ، فيه جهاد وتضحية ، وفيه نصر وهزيمة ، فيه فتن وابتلاءات وفيه شرف وعزة ، فيه حب وإيثار وفيه استشهاد وفداء ، فيه صراع بين الحق و الباطل وفيه سيادة وتمكين لدين لله بإذن الله .

لهذا كله ولغيره نجد أن من يسلك طريق الدعوة حاجته ماسة الى المناجاة كما ان له فيها أسلوبه الخاص . فمن غير الله يلجأ إليه ليبثه شكواه وآلامه وما يعتمل فى نفسه؟

من غير الله يفزع إليه فى مراحل الطريق الموحشة القاسية ؟

من غيرالله يلجأ إليه ليؤمن روعه ويذهب خوفه؟

من غير الله يدعوه ليفرج كربه وهمه ويذهب حزنه ؟

من غير الله يؤنس وحدته فى ظلام زنزانته المغلقة ؟

من غير الله يسأله أن يخفف ألم السياط وصنوف التعذيب الواقعة على جسده ؟

من غير الله يلوذ به عندما يشتد به الحال من كيد الظالمين وبطشهم ؟

من غير الله ينزل عليهالسكينة ويملأ قلبه طمأنينة وسط هذا لجو من الظلم و الظلام ؟

من غير الله يحفظه من الفتن ومن نزغات الشيطان ووساوس النفس ؟

من غير الله يحفظه ويعصمه من الانحراف عن طريق الدعوة وعن الصراط المستقيم ؟

كيف لايلجأ الى الله وهو لايستطيع أن يخطو خطوة على طريق الدعوة إلا بأمر من الله وعونه؟

كيف لا يلجأ الى الله دائماً وهو إذا وكله الله الى نفسه طرفة عين ضل أو زل ؟

كيف لا يلجأ الى الله وهو الفقير الى الله والله هو الغنى ؟

كيف لا يلجأ الى الله وهو الضعيف والله هو القوى ؟

كيف لا يلجأ الى الله وهو المذنب فى حق الله و الله هو الغفار التواب الرحيم .

ما أشد حاجة من يسلك طريق الدعوة الى أن يمسح الله على قلبه فيطهره من أمراض القلوب ليكون قلبه خالصاً سليماً نقياً  ! .

ما أشد حاجته الى أن ينظر الله إليه فى جوف الليل نظرة رضاء وقبول .

ما أشد حاجته الى أن يفتح الله له أبواب رحمته ، فلا فلاح ولا نجاح له إن أمسك الله عنه رحمته .

ما أشد حاجته الى أن يمسح لله على قلبه فيزيل ما عليه من ران أو أقفال حتى يشع نور القرآن فى قلبه .

ما أشد حاجته الى مناجاة ربه ليحظى بزاد الإيمان الذى يعينه على مشاق الطريق ومزالقه .

ما أشد حاجة الأرواح عندما تظمأ الى أن تجد الرى فى حسن صلتها بالأصل الذى نفخت منه فى هذا الوعاء الطين الفانى.

  • ثم إن العمل على طريق الدعوة لاتغنى فيه الكفاءة الإدارية والدقة فى التنظيم والحركة إذا لم يصاحب ذلك ويعلو عليه الزاد الروحى وقوة الصلة بالله بما يؤهل لتوفيق الله وللحفظ من الخطأ والانحراف ، والمناجاة وسيلة لجلب هذا الزاد .

القسم الأول من الرسالة

  • و العمل على طريق الدعوة يعتمد على كسب القلوب وتزكية النفوس ولا يقدر على ذلك إلا من تزود ليفيض على غيره وإلا ففاقد الشىء لا يعطيه .
  • و العمل على طريق الدعوة يحتم على العامل أن يعرض بين الحين والحين عمله وإنتاجه عل من له الأمر كله و الذى يجازيه على عمله مستلهماً إياه قبول ما وفقه إليه من عمل صالح ، ومستغفراً إياه عما حدث منه من تقصير ويسأله الرشد و السداد و العون، ماأجمل أن يتحق ذلك فى ظل المناجاة دون واسطة .
  • وأثناء العمل على طريق الدعوة يدخل الشيطان أحياناً ويوقع الخلاف بين العاملين وقد يتعوق أو يتعثر الإصلاح بينهم ، وتعتصر القلوب الصادقة ألماً لهذا الحال ، فمن غير الله يلجأ إليه ويطلب منه أن يعيذهم من نزغ الشيطان ويؤلف بين القلوب ويصلح ذات البين ؟

من أجل ذلك كله وغيره نجد أن ( المناجاة على طريق الدعوة ) لها أهميتها ولها طابعها وأسلوبها الخاص بها وتذوقها المتميز ، الذى نرجو الله أن يوفقنا لصياغته ليكون عوناً لسالكى طريق الدعوة عند مناجاتهم لربهم سائلاً إياهم دعوة لى بظهر الغيب فى تلك الأوقات الطيبة المباركة .

ولماكان أفضل وقت للمناجاة هو وقت السحر فى هدأة الليل وبين ثنايا التهجد وقيام الليل فلعله من المفيد أ ن أذكر بتوجيهات ودعوات للرسول صل الله عليه وسلم فى هذا المجال :

  • فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال :

( اللهم ربنا لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت مالك السموات والأرض ومن فيهن ،

ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق و الجنة حق و النار حق و النبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق و الساعة حق ، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت ،

فاغفر لى ما قدمت وما أخرت وماأسررت وماأعلنت وما أنت أعلم به منى ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ) أخرجه الستة .

ومن الأفضل أن نبدأ المناجاة بالحمد والثناء لله ثم الصلاة و السلام على رسول الله كما نختمها أيضاًبالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

  • عن أنس رضى الله عنه قال : دعا رجل فقال : ( اللهم إنى اسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حى ياقيوم ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم :

أتدرون بما دعا الرجل ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ،

قال : و الذى نفسى بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم الذى إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى )أخرجه أصحاب السنن .

  • وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد :

أمرنا الله أن نصلى عليك يارسول الله فكيف نصلى عليك ؟ قال :( قولوا : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، والسلام كما علمتم ) أخرجه الستة إلا البخارى.

- يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، لا نحصى ثناءاًعليك أنت كما أثنيت على نفسك ، عز جارك وجلَّ ثناؤك ولا إله غيرك .

- يارب إنا نعجز أن نحصى نعمك فكيف نقدر على شكرك عليها ؟

- نحمدك حمداً وافراً على أفضل نعمك علينا وهى نعمة الإسلام ، ذلك الدين القيم الذى ارتضيته لعبادك وقلت :{ ومن يبتغ غير لإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين } .

- ونحمدك يا ربنا أن مننت علينا بمعرفتك وبالإيمان بك فجعلناك غايتنا ورضاك عنا هدفنا ومقصد سعينا فاجعلنا من الصادقين ، ونحمدك أن صيرت لنا محمداً صلى الله عليه وسلم نبياً وهادياً لنا الى صراطك المستقيم فاتخذناه قائداً ورائداً لنا على طريق الدعوة فوفقنا لحسن الاقتداء به .

- ونحمدك يا رب أن تفضلت علينا بكلامك العزيز هذا القرآن المجيد الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه نزل به الأمين جبريل على قلب الأمين محمد صلى الله عليه وسلم فكان لنا نوراً وهدىً ورحمة وموعظة وشفاء لما فى الصدور .

- ونحمدك يارب أن يسرته لنا لنتدبر آياته وتعهدت بحفظه فوصلنا كما أنزلته دون تحريف أو تبديل فاتخذناه دستوراً ومنهجاً لنا فاجعله يارب ربيع قلوبنا ونور صدورنا .

- أحمدك يارب أن سخرت من عبادك من يأخذ بيدى الى طريق الدعوة الى صراطك المستقيم كى أسير مع العاملين الصادقين فثبت اللهم أقدامى على طريقك .

- وأحمدك ياربى أن عرفت معهم واجباتى نحو الإسلام والمسلمين ومعنى إنتمائى للإسلام .

-أحمدك ياربى وأشكرك أن يسرت لى أن أفهم الإسلام فهماًشاملاً سليماً نقياً كما جاء به نبيك محمد صلى الله عليه وسلم بعيداً عما وقع فيه الكثير من فهم مجتزأ أومحرف و ما وقع فيه البعض من مغالاة أو تفريط .

-أحمدك ياربى أن وفقتنى للعمل للإسلام فى الطريق الصحيح فما أكثر من ضلوا طريق العمل أو لم يوفقوا للعمل أصلاً .

- وأحمدك ياربى أن أعنتنى على القيام بتكاليف العمل وتحمل مشاق الطريق فالفضل منك وإليك فأدم علىّ فضلك بالصبر و الثبات وبالتوفيق و السداد حتى ألقاك وأنت عنى راض ياواسع الفضل وياذا الجلال و الإكرام .

- أحمدك وأشكرك ياربى أن وفقتنى لحمدك وشكرك فقليل من عبادك الشكور .

اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد .

اللهم آت سيدنا محمد الوسيلة و الفضيلة و الدرجة الرفيعة فى الجنة وابعثه اللهم مقاماً محموداً الذى وعدته إنك لا تخلف الميعاد .

اللهم إنى اشهدك أنه أحب الى من نفسى التى بين جنبى ، اللهم كما آمنت به ولم أره فلا تحرمنى فى الجنات رؤيته وصحبته واسقنى من حوضه شربة لا أظمأ بعدها أبداً .

اللهم صلى عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته أجمعين وسلم تسليماً .

  • إلهى قصدت بابك فى هدأة الليل و الناس نيام لأسألك فتعطينى ، فقير محتاج جاء يطرق باب كريم جواد ، من دلائل كرمه أن تفضل ولم يجعل بينى وبينه واسطة ولا حجاباً فقد قال :

{ ادعونى أستجب لكم } ، قصدت بابك أسألك من فضلك وأدعوك وأنا موقن بإجابتك دعائى وأنك لن تردنى خائباً ، وطمعاً منى فى كرمك أسألك أيضاً أن تلهمنى صالح الدعوات التى أدعوك بها .

  • إلهى .... أعبدك وأنت غنى عن عبادتى ، وأستعينك ولا أستغنى عن عونك ، إهدنى ياربى إليك صراطاً مستقيماً وردَّنى إليك رداً جميلاً ، اللهم ارزقنى طاعتك ما أبقيتنى ، ووفقنى الى كل ما يرضيك عنى وجنبنى واعصمنى من كل ما يسخطك علىّ ، اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها .
  • إلهى لقد كانت مشيئتك أن توجدنى وإخوانى على طريق الدعوة فى هذه الحياة خلال هذه المرحلة الهامة من عمر الدعوة الإسلامية بعد سقوط الدولة و الخلافة وبعد ترسب هذا الركام الكثيف من الجهل بحقيقة الإسلام ومن الأفهام الخاطئة و العادات الجاهلية والانحرافات العقيدية وما صار إليه حال المسلمين من الضعف و الوهن و الفرقة و الخلاف ، وكذا هذا التسلط من أعداء الله وكيدهم وحربهم الشرسة للإسلام و المسلمين .
  • وإسلامنا العظيم الذى ارتضيته لنا ونتشرف إليه يحتم علينا ألا نقف مكتوفى الأيدى إزاء هذا الحال ، وأوجب على المسلمين جميعاً أن ينهضوا ويتمسكوا بكتاب ربهم وبسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ليزيلوا هذا الركام وليتخلصوا من كل ألوان الضعف و الوهن و الفرقة و الخلاف وأن يعتصموا بحبل الله جميعاً ولا يتفرقوا ليتعاونوا على إقامة دولة الإسلام وإعادة خلافته ،

وليردوا عدوان الأعداء ويمكنوا لدين الله فى الأرض :{ حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } .

  • إلهى .... ما أثقلها أمانة وما أعظمها مهمة أن يزال هذا الركام وأن يوضع الأساس المتين ويقوم عليه هذا البناء الضخم !

ولكننا مع شعورنا بثقل الأمانة نشعر أيضاً بالشرف العظيم أن يكون لنا دور الإسهام فى أداء هذا الواجب وتحقيق هذا الخير للبشرية والأجيال التالية منها، كما نشعر بالأمل الكبير فى جزيل أجرك وعظيم مثوبتك .

  • نسألك يارب أن نكون أهلاً لهذا الاختيار وأن ننجح فى هذا الاختبار فاشرح يارب صدورنا ويسر لنا أمورنا يامن بيده الأمر وهو على كل شىء قدير اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً فيسر وأعن ياكريم .
  • إلهى مع علمنا أن تحقيق هذه المهمة الضخمة واجب يفرضه الإسلام على المسلمين عرفنا أيضاً أن هذا الواجب لايمكن أن يتحقق فردياً ولكن لابد من العمل الجماعى المنظم فأيقنا أن العمل الجماعى واجب إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولتمام هذا الواجب حسن أدائه يلزم حسن اختيار الإطار الجماعى الذى نحقق من خلاله هذا الواجب وقد كان توفيقك مصاحب لنا فى هذا الاختيار فأرشدتنا الى طريق الدعوة هذا مع العاملين الصادقين فلك الحمد ولك الشكر ، ولك الحمد على هدايتك وتوفيقك لنا ومن أرشدنا الى هذا الخير جازه خير الجزاء .
  • إلهى لقد سلكت طريق الدعوة فى ثقة واطمئنان بعد أن وضحت لى معالمه عرفت أنه نفس طريق رسولنا الحبيب صلى لله عليه وسلم الذى سار عليه وصحابته رضوان الله عليهم إيمان وعمل ... ومحبة وإخاء ، وعرفنا من سيرة حبيبك المصطفى أنه غير مفروش بالورود ولكنه محفوف بالمكاره ،

فيه أشواك وعقبات ومحن وابتلاءات ، ورغم ذلك ارتضيته باختيار منى طاعة لك وتقرباً إليك واستجابة لندائك وطمعاً فى رضوانك وجناتك ، فناديت فلبيت النداء :

{ يا أيهاالذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم من ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة فى جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين } فيارب أعنا على القيام بواجبات هذا الطريق وتكاليف هذه التجارةالرابحة ولا تحرمنا شيئاً من أرباحها الوافرة الدنيوية منها والأخروية، نصر وسيادة فى الدنيا وفوز ونعيم ونجاة من العذاب فى الآخرة اللهم آمين .

  • إلهى لقد تعرفت على متطلبات الطريق وأهدافه ووسائله ونظمه وشروطه وتعهداته التى يلزم بها سالكيه ، وأعطيتك العهد يارب أن أوفى بهذه الشروط والإلتزامات ما حييت ، فالعهد عهدك و الطريق طريقك ونحن عبيدك و العمل كله خالص لوجهك وليس لأحد منا حظ دنيوى من ورائه فكن عوناً لنا يارب كى نوفى بعهدك ونكون من الصادقين .
  • يارب .... لقد قلت وقولك الحق :{ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه * ومن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسيؤتيه أجراً عظيماً } فخذ بيدى يارب لأوفى بعهدك وبيعتك ولا أنكث فيها لأفوز بالأجر العظيم منك ياكريم .
  • إلهى ... كثيراً ما ينتابنى شعور بالرغبة والأمل وشعور بالرهبة والإشفاق كلما قرأت قولك الكريم :{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً * ليجزى الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً } أشعر بالرغبة والأمل أن أكون ممن ينتظرون وأن ألقاك وأنا صادق فى عهدى دون تبديل ولا تغيير كى ألحق بمن سبقونى على الطريق لنفوز معاً بجزاء الصادقين .

وأشعر بالرهبة والإشفاق خشية أن أتعرض خلال أيامى الباقية فى الدنيا الى نقض العهد أو الى تبديل أو تغيير فأحرم جزاء الصادقين ، فيارب ياكريم يارؤوف يارحيم يامن إحسانه فوق كل إحسان ياذا الجلال والإكرام أسألك أن تغفر لى ما مضى وأن تصلح لى ما بقى ،

وأن تمن علىّ بحسن الخاتمة لألحق بركب الصالحين الصادقين إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير يانعم المولى ويا نعم النصير . { ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}

اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين

{ ربنا إننا سمعنا منادياً ينادى للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الابرار ربنا وآتنا ما وعدتنا به على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد }

إلهى قد أعطيناك العهد والموثق أن نقوم بمتطلبات العمل الجماعى وذلك عند أول خوطتنا على طريق الدعوة ، وأن نعمل جهدنا لنكون صادقين فيما عاهدناك عليه فكن لنا عوناً على ذلك .

  • عاهدناك على المحافظة على الفهم السليم الصحيح للإسلام والمستمد من كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، الفهم الشامل دون إجتزاء ، السليم الصحيح دون خطأ أو تحريف النقى من الشوائب الخالى من البدع والخرافات

الإسلام بقوته وأصالته كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، سنحرص على المحافظة عليه دون تبديل أو تغيير ونورثه إلى الأجيال التالية ليقوم عليه بناء الدولة الإسلامية المنشودة إن شاء الله ، على أساس من عقيدة التوحيد الصافية من كل شائبة ، والعبادة الصحيحة الخالية من كل بدعة ، والشريعة العادلة التى تنظم قواعد الحياة والأخلاق الإسلامية الفاضلة ، والجهاد الفريضة الغائبة إلى يوم القيامة ، وأستاذية البشرية بهذا الدين الحق .

  • وعاهدناك يا رب على إخلاص الوجهة إليك ، فلا نقصد بقول أو عمل أو جهاد إلا وجهك الكريم ، وابتغاء مرضاتك وحسن مثوبتك ، دون النظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر ، فطهر يا رب قلوبنا من أمراض القلوب التى تفسد النية وتحبط الأعمال ، فقد أصيب بها البعض فأبعدتهم عن طريق الدعوة وتخلفوا ، فاحفظنا يارب من هذه الأمراض لنلقاك بقلوب سليمة { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم }
  • إلهى قد عاهدناك على الجهاد فى سبيلك والنصيحة بكل ما نملك من نفس ومال ووقت وجهد وأن نقدم للدعوة كلنا لا بعضنا بمقتضى الصفقة الرابحة { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } فالنفس تشمل ما يتصل بها من وقت وجهد وصحة وعلم وغير ذلك .

اللهم يسر لنا الوفاء بهذا العهد فلا نجبن ولا نثاقل عن الجهاد ولا نبخل بنفس أو مال فى سبيلك ، فالفتن كثيرة وجواذب الأرض تملأ حياة الناس ، وإننا نشفق على أنفسنا كلما قرأنا إنذارك الشديد بالعذاب أو الإستبدال لمن يثاقلون أو يبخلون .

فى قولك الكريم { يا أيها الذين أمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل ،

إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شئ قدير } وقولك العزيز :{ هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا فى سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغنى وأنتم الفقراء وإن تولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .

  • إلهى ..... كيف نبخل بنفس أنت صاحبها أو بمال أنت موهبه ؟ وكيف نحرم أنفسنا هذا البيع الرابح و الثمن الغالى ، نتيجة بخل بنفس ستموت لا محالة ومال سنتركه وراءنا ثم نحاسب عليه ؟
  • وعاهدناك يارب على التجرد و على الثبات فوفقنا الى التجرد الكامل لك فلا ندين بالولاء إلا لك وحدك ، فأنت ولينا وأنت حسبنا ونعم الوكيل ، وارزقنا الثبات على الحق وعدم التخلى عن طريق الدعوة ، طريق الحق صراطك المستقيم ،

نعوذ بك من أن ننقلب على عقابنا بعد إذ هديتنا ، فثبت اللهم قلوبنا على دينك وثبت اللهم أقدامنا على طريقك { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } .

  • إلهى .... قد عرفنا أن الطريق طويلة المدى بعيدة المراحل كثيرة العقبات ، لكنها وحدها التى تؤدى الى المقصود فما أشد حاجتنا الى عونك وتثبيتك لنا فلا نقعد ولا ننحرف واجعلنا ممن عنيتهم بقولك :{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء } { ربنا أفرغ علينا صبراًوثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } .
  • كما عاهدناك يارب على الأخوة و الحب لإخواننا ، فترتبط قلوبنا وأرواحنا برباط العقيدة وهى أوثق الروابط وقد عرفنا أن أقل مراتب هذه الأخوة سلامة الصدر وأعلاها الإيثار فبارك يارب أخوتنا وأعنا على الوفاء بهذا العهد ولا تجعل للشيطان بيننا سبيلا ونستعيذ بك منه إنك أنت السميع العليم ، فوثق اللهم رابطتنا وأدم ودنا واهدنا سبلنا وأظلنا بهذه الأخوة فى ظلك يوم لا ظل إلا ظلك .
  • وأعطيناك العهد على الثقة و على السمع و الطاعة فى المنشط و المكره ، فارزقنا يارب لذة التعبد إليك بالسمع و الطاعة لأولى الأمر منا فى غير معصية لك واحفظ يارب هذه الثقة فى نفوسنا من أن ينال منها المغرضون و المشككون .
  • إلهى هذه عهودنا وكلنا رغبة ألا نخل بشىء منها وأن نوفيها كلها على الوجه الأكمل حتى نكون ممن عنيتهم بقولك :{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً } وكى نفوز بجزاء الصادقين كما قلت :{ ليجزى الصادقين بصدقهم } .
  • إلهى .... هكذا كانت إرادتك وسنتك فى الدعوات أن يتعرض سالكو طريق الدعوة الى المحن والابتلاءات امتحاناً وتمييزاً وتمحيصاً وغير ذلك من الحكم التى قد يظهر لنا بعضها ويخفى علينا الكثير فقد قلت وقولك الحق :

{الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } وقلت :{ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } وقلت :

{ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين ونبلوا أخباركم } وقلت :{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } وقلت :

{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } وغير ذلك من الآيات كثير .

  • لقد تعرض حبيبك وأكرم الخلق عليك الى الإيذاء الشديد من المشركين وصبر على ذلك ولو شئت لحميته وصحابته من ذلك ولكن أردت أن يكون لنا قدوة على الطريق عندما نتعرض الى التعذيب فنصبر كما صبر دون تفريط فى أمر من أمور ديننا .

ولقد تعرض صحبه الكرام كذلك الى التعذيب فصبروا حتى استشهد ياسر وزوجه سمية رضى الله عنهما تحت التعذيب دون أن تلين لهم قناة أمام غطرسة الشرك ، وكذلك تعرض بلال وغيره وما زادهم الإيذاء إلا صقلاً وتمحيصاً وصلابة وتمسكاً بدينهم .

  • نعلم يارب أن المحن والابتلاءات جزء أساسى من طريق الدعوة وأنها خير لأنها سنتك وإرادتك وأنت لا تريد إلا الخير ففى ظل المحن تتطهر القلوب من الأهواء ويتخرج الرجال المؤمنون الذين يكونون بمثابة الدعائم الصلبة فى الأساس ليقوم عليها البناء ويعلو فى استقرار وصمود أمام كيد الأعداء .
  • إلهى تعرض رسولك وصحبه الى الإيذاء و التعذيب وصبروا بتصبيرك لهم وثبتوا بتثبيتك لهم حتى جعلت لهم مخرجاً بالهجرة الى يثرب ،

ثم مننت عليهم بعد ذلك ببدر وما حققت لهم فيها من نصر فكانت فاصلة بين مرحلة الإيذاء والاستضعاف ومرحلة العزة و التمكين ، فيارب صبرنا كما صبرتهم وثبتنا كما ثبتهم واجعل لنا مخرجاً، وامنن علينا ببدر أخرى بل ما أحوجنا الى بدر فى كل قطر من أقطارنا الإسلامية وما ذلك عليك بعزيز تطوى بها فترات الإيذاء والاستضعاف وتبدأ فترة العزة و التمكين .

  • إلهى... لقد طغى الظالمون وتجبروا واستوردوا كل حديث من وسائل التعذيب وأجهزته وأذاقوا عبادك المؤمنين على طريق الدعوة ألواناً من الإيذاء و التعذيب تقشعر من ذكرها الأبدان فالاعتقال و السجن و التفزيع و التشريد و التعذيب بصنوفه ،

والقتل بسياط التعذيب أو على أعواد المشانق أو بطلقات الرصاص أو تحت أنقاض ما نسفوه من منازل أو مساجد أو فى الحفر التى دفنوهم فيها أحياءاً بالإضافة الى ما تعرض له الأخوات المسلمات لمثل ذلك من صنوف الإيذاء و التعذيب و القتل وغير ذلك مما يؤلم النفس ولا يساعدنى القلم على ذكره .

لقد ظن الطغاة أنهم لن يتعرضوا الى أى مساءلة دنيوية أو أخروية على أفعالهم هذه ففجروا فى بطشهم وتنكيلهم بالدعاة الى الله حتى كاد الناس أن يفتنوا نعلم يارب أنك لهم بالمرصاد ولست بغافل عما يعمل الظالمون ولكنك تؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار .... نعلم أنك تمهل ولا تهمل .

  • إلهى دعنا نبثك شكوانا اقتداءاً برسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم بعد ما أوذى فى الطائف :نشكوا إليك يارب ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربنا - ياأرحم الراحمين

- الى من تكلنا الى بعيد يتجهمنا أم الى عدو ملكته أمرنا إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالى ولكن عافيتك هى أوسع لنا ، نعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بنا سخطك أو يحل علينا غضبك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك .

  • يارب نلجأ إليك بالدعاء وسط هذا الظلم و الظلام كما لجأ إليك عبدك ونبيك يونس عليه السلام من بطن الحوت فى ظلمات البحر وظلام الليل ندعوك يارب ونقول لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ، وكلنا أمل يارب أن تنجينا من الغم ومن هذا الظلم و الظلام كما نجيته يارب العالمين .
  • يارب ندرأ بك فى نحور الجبارين الظالمين ونعوذ بك من شرورهم ، اللهم اكفنا شرهم واصرف عنا أذاهم { ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين } اللهم اكفناهم بما شئت وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير .
  • لقد ظنوا أنهم يحاربون أشخاصنا وأجسامنا هذه الضعيفة التى جعلوها أهدافاً لسياطهم ورصاصهم ومشانقهم ولكنهم واهمون مخطئون ،إنهم فى الحقيقة يحاربونك ويحاربون دينك فى أشخاصنا فقد بعنا أنفسنا لك وليس لأشخاصنا حظ دنيوى ننازعهم فيه ،

فأنت الذى تذود عنا وتدافع عنا وتنتقم لنا إن شئت أو تعفو إن شئت ، لا نتألى عليك فإنشئت عذبت الظالمين وإن شئت تبت عليهم فقد قلت لرسولك من قبل :{ ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } وقلت :{ إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق } .

  • إلهى إن الظالمين و المظلومين كلهم عبيدك تعذب من تشاء وتغفر لمن تشاء بعدلك وحكمتك ورحمتك وما أنت بظلام للعبيد ولا تسأل عما تفعل ومن باع نفسه لله فلا حق له عند من آذاه فالحق حقك يارب ، إننا نظر الى هؤلاء الظالمين على أنهم تعساء بائسون غلبتهم أنفسهم وزين لهم الشيطان الظلم وعرضوا أنفسهم بذلك الى جزاء الظالمين وكان من الممكن أن نتبادل معهم المراكز فنكون نحن الظالمين وهم المظلومين فنحمدك يارب أن قدرت لنا ألا نكون الظالمين فنتعرض الى غضبك وعذابك بل كنا المظلومين الذين وعدت بنصرهم وبأجرهم على صبرهم .
  • إلهى ... ما أحوجنا إزاء هذا الظلم الى الصبر ، فأفرغ علينا صبراً نستعين به على هذا الظلم فقد دعوتنا فى كثير من الآيات القرآنية الى الصبر فقلت :{ يا أيهاالذين آمنوا استعينوا بالصبر و الصلاة إن الله مع الصابرين } وقلت :

{ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً } نصبر بعون منك وقلت :{ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } إلهى .... لقد صبَّرتنا فصبرنا وثبَّتنا فثبتنا ولا نرجع شيئاً من ذلك الى أنفسنا أو الى قدرتنا ولكننا نرجع ذلك كله إليك فالفضل منك وإليك فقد قلت لنبيك عليه الصلاة و السلام :{ واصبر وما صبرك إلا بالله } فاللهم صبراً من عندك .

  • إلهى .... لاتحرمنا أجر الصابرين فقد قلت :{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ولا تحرمنا بهذا الصبر معيتك فقد قلت :{ إن الله مع الصابرين } إننا يارب مستبشرون رغم هذا الظلم ونعلم أنه لابد له من نهاية ولا بد لهذا الليل من فجر وشروق ، ونذكر كيف بشر رسولنا الحبيب المؤمنين فى مكة عندما اشتكوا له شدة إيذاء قريش فقال لهم :

( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لايخشى إلا الله و الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) وكلما قرأنا قول سيدنا موسى الى قومه إزاء تهديد فرعون لهم بالعذاب حيث قال موسى لقومه :{ استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين } استبشرنا واطمأننا فاجعلنا يارب من المتقين وصبرنا وامنن علينا بالنصر .

  • إلهى ونحن على طريق الدعوة تعرضنا الى أحوال شتى فمنا من قصرت همته فتخلف وقعد ومنا من انحرف وخرج عن الصف ومنا من أعنتَه وثبَّتَّه وصبر السنين الطوال وراء الأسوار وخرج دون تبديل ولا تغيير ليواصل السير من غير ضعف ولا وهن ولا استكانة وقد اخترت بعضهم الى جوارك ومنا من اتخذتهم شهداء سواء فى ساحات الجهاد او تحت التعذيب أو على أعواد المشانق .
  • إلهى ... كلما قرأت قولك العزيز :{ ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عندربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون } غالباً ما يغلبنى شعور بالشوق وشعوربالإشفاق حيث أتذكر إخوانى الشهداء الذين كانوا معنا على الطريق وأتذكر خطواتنا المشتركة معاً على طريق الدعوة وأتذكر ما كان بيننا من حب وأخوة فتهيج العاطفة ويزداد الشوق إليهم والى اللحاق بهم و الفوز بمثل منزلتهم وما هم فيه من فضلك ورحمتك فيدفعنى ذلك الى الإلحاح فى الدعاء ان أكون ممن عنيتهم بقولك :{ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون } هذا شعور الشوق أما شعور الإشفاق فسببه الخوف ألا أكون منهم بسبب التعرض الى الفتن فطالما أنا حى فلا آمن الفتنة .
  • فأسألك يارب أن تحفظنى وإخوانى من الفتن ما ظهر منها وما بطن حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا غير فاتنين ولا مفتونين وارزقنا اللهم الشهادة فى سبيلك لتحشرنا مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقاً يارب نسألك الفردوس الأعلى .

الفردوس الأعلى . الفردوس الأعلى يارب فإنا نسأل كريماً

  • إلهى .... نحن أشد ما نكون حاجة وسط هذا الظلم و الظلام الى سكينتك تتنزل علينا والى رحمتك تتغشانا فلا نفزع ولا نجزع ،

فاملأ يارب قلوبنا بنورك الذى لا يخبو واشرح يارب صدورنا بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك واستر يارب عوراتنا وآمن روعاتنا وسدد خطانا وألهمنا رشدنا واغفر لنا زلاتنا { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا * ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا علىالقوم الكافرين } { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين } .

  • إلهى ... ونحن نسير على طريق الدعوة نجد حقل الدعوة يتسع أمامنا ويزداد اتساعاً حتى كاد يشمل الساحة العالمية وليس الساحة الإسلامية فقط ، ونجد الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل يزداد ويتصعَّد ، ونجد قضايا الأقطار الإسلامية والأقليات الإسلامية تتكاثر وتتزاحم وتزداد تفجراً وغلياناً ، وكل قضية منها تحتاج الى جهود وجهاد والى عمل متواصل والى بذل وتضحية ولا يمكن أن نتخلى عن أى قضية منها ولا أن نقصر فى واجب نحوها يمكن أن نؤديه .
  • إلهى ... إنه ليؤرقنا ويقلقنا أشد القلق ما يتعرض له المسلمون فى أنحاء شتى من العالم من اعتداءات الأعداء تزهق فيها الأرواح وتهتك الأعراض وتسلب الأرض ويشرد أهلها وما يتعرض له المسلمون وأبناؤهم من حملات التنصير أو فرض عقيدة الإلحاد عليهم يعز لينا تسلط أعداء الله على عبادك المسلمين ، كما يؤلمنا ما عليه حال كثير من المسلمين من فقر وجهل ومرض ،

لقدصار الدم المسلم اليوم أرخص الدماء والأصل أن يكونوا أصحاب السيادة و العزة فى هذه الدنيا ، إلهى نعلم أن السبب فى كل ذلك ضعف الإيمان وانشغال المسلمين بالدنيا ، ولابد لتغيير هذا الحال من العودة الى الإيمان و العمل و الجهاد .

  • إلهى .... إنها مسئولية ضخمة وأمان ثقيلة نشعر بها نحو المسلمين وقضاياهم ، ونحن ما زلنا دعوة ولسنا دولة ، نطارد ونلاحق ويضيق علينا ومع ذلك يتطلع إلينا المسلمون وكلهم أمل أن يحقق الله لهم الخير الأمن والأمان على أيدينا ، خاصة وقد ذاقوا الآلام المريرة من الأنظمة ومن المبادىء الأرضية التى تفرض عليهم من الشرق أوالغرب .
  • فيارب كن لنا عوناً ونصيراً ولا تخيب آمال المسلمين فينا واجعلنا أهلاً لهذا الخير وهذه الثقة نسألك يارب أن تمكن بنا لدينك فى الأرض فنقيم دولة الإسلام التى تحمى أرض المسلمين وأرواحهم وأعراضهم من اعتداءات الأعداء وننقذ المسجد الأقصى من أيدى الصهاينة الأنجاس ونحكم شرعك فى حياة الناس ونبلغ دينك الإسلام للناس كافة :{ حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } .
  • إلهى نشكو إليك ما عليه المسلمين من بعد عن الإسلام وما أدخله البعض عليه من بدع وخرافات وشوائب وانحرافات أو تطرف ومغالاة ، ونشكو إليك ما بين المسلمين من فرقة وخلاف ومهاترات وشحناء حول بعض الجزئيات والفرعيات فى الوقت الذى يتحد فيه أعداء الإسلام ويوحدون جهودهم لضرب الإسلام والمسلمين بقصد القضاء عليه ،

إنا يارب نبذل الجهد لإزالة الخلاف وجمع الكلمة وتوحيد الصفوف حول الإسلام الحق كما جاء به نبيك صلى الله عليه وسلم وإن لم نسلم من أذى البعض منهم ولكننا نصبر على ذلك ونحتسب ونظل نحبهم ونرجو فيئهم .

  • يارب كن لنا عونا فى جمع كلمة المسلمين وفى العودة بهم الى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم فلقد دعوتنا الى الوحدة وعدم التفرق أو التنازع فقلت :{ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } وقلت :{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم }

... إلهى .... إن القلوب بيدك تستطيع فى لحظة أن تؤلف بينها وأن تنزع ما فيها من غل أو بغضاء فقد قلت لنبيك :{ هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم } فيارب تداركنا برحمتك واجمع على الحق كلمتنا واصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا .

  • ونشكو إليك يا الله بعض المسلمين الذين أفضت عليهم من رزقك فأخلدوا به الى الأرض ، وأدى بهم الرخاء الى الاسترخاء و الى الترف و التخمة فى الوقت الذى يبخلون بالمال عل المجاهدين الذين يجاهدون فى سبيلك وعلى أبناء الشهداء وأسرهم ،

فيارب خذ بأيديهم الى طريقك وانزع حب المال من قلوبهم وألهمهم الإنفاق فى سبيلك واحفظنا يارب من مثل هذه الفتن .

  • ونشكوا إليك ياالله ونبرأ مما يقوم به معظم أنظمة الحكم فى بلادنا من إباحة لما حرمته من ربا وخمر وميسر وفسق وفجور ، وما تقوم به أجهزة إعلامهم من إفساد وتخريب لنفوس الشباب المسلم و الفتيات المسلمات ، ومايلاقيه هذا الشباب المسلم من ظلم وإعنات وسجن وتعذيب ،

نشكوهم إليك ياالله لتهديهم أو لتريحنا منهم ومن شرورهم { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين } .

  • كما نشكو ا إليك أنفسنا وتقصيرنا وفتورها وعجزها وكسلها ، فيارب نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، نعوذ بك من الهم و الحزن ونعوذ بك من العجز و الكسل ونعوذ بك من الجبن و البخل ،

ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } اللهم أصلح قلوبنا وأزل عيوبنا وتولنابالحسنى وزينا بالتقوى وارزقنا طاعتك ما أبقيتنا ، اللهم اجعلنا خالصين لك شاكرين لك متوكلين عليك ،

منيبين إليك مخبتين إليك،اللهم إنا نسألك الثبات فى الأمر و العزيمة على الرشد وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم آمين .

  • اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا ،

واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا فى ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يارب العالمين .

  • إلهى طال بنا ليل الظلم والظلام فامنن علينا بصبح يشرق علينا بنور الإيمان فيبدد ظلام الكفر و الجاهلية .. وامنن علينا بنصر تمحق به الكفر و الكافرين وتقطع به دابر الظلم و الظالمين .
  • إلهى ... ما أحوجنا فى أيامنا هذه الى مثل " بدر " فى مواقع كثيرة من عالمنا الإسلامى ، ويعقبهامثل " فتح " يرتفع معها صوت بقولك:

{ قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً } يتبعه بعد ذلك صوت آخر يرتفع بقولك{ فقطع دابر القوم الذين كفروا و الحمد لله رب العالمين } قد يظن البعض ذلك أحلاماً وخيالاً ولكننا نراه حقيقة وما ذلك على الله بعزيز، فحقق يارب آمالنا بنصرك للحق وأهله وإزهاقك للباطل وأهله .

  • إلهى ... هاهم العاملون الصادقون لنصرة دينك قليلون مستضعفون مطاردون يتخطفهم الناس ... فآوهم يارب بنصرك وارزقهم من الطيبات ووفقهم لشكرك فقد مننت عل المؤمنين الأولين الذين ناصروا دينك مع نبيك صلى الله عليه وسلم فقلت :

{ واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون فى الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآوتاكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون } فيارب المستضعفين حقق لنا مثل ما حققت لهم نكن لك من الشاكرين .

  • يارب إن الأمل يملأ قلوبنا رغم كل هذا الظلم و الظلام ونؤمن أن المستقبل لهذا الدين تحقيقاً لقولك العزيز :{ هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً }،

ونعلم أن سنتك ستتحق :{ كذلك يضرب الله الحق و الباطل فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض } وقولك :{ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } فاجعلنا يارب أهلاً لأن نكون رمز الحق الذى تقذف به على الباطل فإذا هو زاهق.

  • إلهى ... رغم القيود الحديدية وظلام السجون و المعتقلات نشعر بالحرية و النور ، فقد تخلصنا بعونك من أغلال الشهوات

و المطامع الدنيوية واستنرنا بنور القرآن وهداية الإيمان ، ونشعر بالقوة رغم بطش الأعداء وإيذائهم وتعذيبهم لنا لأننا نركن إليك ونلجأ إليك وأنت القوى العزيز المنتقم . ونشعر يارب بالعزة رغم تسلط الأعداء وتحكمهم وإعناتهم لأننا نعلم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، نشعر بالاطمئنان رغم كيد الأعداء وتفزيعهم وتهديدهم لأنا نأوى الى ركن شديد ونعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ،

وقد أسلمنا أنفسنا إليك وفوضنا أمورنا إليك يامن بيده الأمر وهو على كل شىء قدير فأنت يارب حسبنا ونعم الوكيل ندرأ بك فى نحور الأعداء و الجبارين .

  • يارب بك نستعين فأعنا وبك نتغيث فأغثنا وبك نستجير فأجرنا وبك نستنصر فانصرنا ولا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين يانعم المولى ونعم النصير .
  • إلهى ... لقد وعدت- ووعدك الحق - بالنصر و التأييد و التثبيت و الدفاع و التمكين للمؤمنين ولم يرد النص بشىء من ذلك للمسلمين فقد قلت :

{ وكان حقاً علينا نصر المؤمنين } وقلت :{ إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا } وقلت :{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الاخرة } وقلت :{ إن الله يدافع عن الذين آمنوا }وقلت { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوننى لايشركون بى شيئاً } كما قصرت الصفقة الرابحة عل المؤمنين فقلت :

{ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } وفى كثير من آيات كتابك وعدت بالجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات .

  • نعلم يارب أن للمؤمنين صفات وردت فى كتابك وفى أحاديث نبيك صلى الله عليه وسلم ويلزم أن نتصف بها كى نكون أهلاً لتحقق وعدك للمؤمنين ،

وأنت يارب صاحب الفضل و المنة نسألك أن تمنن علينا بالإيمان الصادق وأن تعيننا لنتصف بصفات المؤمنين لتمن بعد ذلك علينا بالنصر و التمكين .

  • ويارب يزداد طمعنا فى كرمك ورجاؤنا فى رحمتك بأن تجعلنا ممن اصطفيتهم من المؤمنين و الذين عنيتهم فى قولك :{ من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ليجزى الله الصاقين بصدقهم } .
  • يارب إن أعباء الدعوة على الساحة كثيرة وأمانات العمل ثقيلة وتحتاج الى هذا الصنف من الرجال المؤمنين الصادقين الثابتين فكثِّر هذه النوعية بيننا يارب ،

نسألك يارب إيماناً قوياً صادقاً يفجر فينا كل طاقات الخير و العمل و الجهاد و التضحية و الصبر و التحمل إيماناً يعينا على تخطى العقبات على الطريق ويحمينا من الانحراف فى منعطفاته .

  • إلهى ... نريد إيماناًكإيمان ياسر وسمة وبلالاً وغيرهم رضى الله عنهم ، إيماناً كإيمان سحرة فرعون هذا الإيمان الذى جعلهم لا يرهبون تهديدات فرعون لهم بأشد ألوان العذاب فكان ردهم عليه :{ قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات و الذى فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا * إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وابقى } .
  • إلهى ما أحوجنا الى الزاد على الطريق زاد لإيمان و التقوى نحس بهما معيتك لنا على الطريق فقد قلت :{ الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } وقلت :{ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } كما قلت  :{ إن الله يحب المتقين } ومن أحبه الله وكان معه لن يضيره شىء ولا يخشى شيئاً .

فيارب حبب إلينا الإيمان وزينه فى قلوبنا وكرِّه إلينا الكفر و الفسوق و العصيان واجعلنا من الراشدين فضلاً منك ونعمة ، ونسألك سكينة تنزلها فى قلوبنا لنزداد بها إيماناً مع إيماننا .


تابع المناجاة على الطريق

  • يا إلهى ... إن أعداءك أعداء دينك الذين يعادوننا على اختلاف مللهم ونحلهم قد استحدثوا فى هذا العصر أنواعاً شت من الأسلحة الفتاكة ولا يزالون يسخرون العلم فى تطويرها لتكون أشد فتكاً وأعظم تأثيراً ، وقد نسًّقوا فيما بينهم ووحَّدوا جهودهم لحرب الإسلام و المسلمين ، واستعانوا بكل حديث من وسائل الإعلام والاتصال و التجسس وغير ذلك ، كما استعانوا للأسف الشديد بعملاء من البشر من بنى جلدتنا وممن يتسمون بأسماء المسلمين سواء من العامة أو من ذوى السلطان .
  • ولكننا يارب رغم ذلك كله لا نخافهم ولا نرهبهم هم وعملاءهم ولا يتطرق إلينا يأس لأننا على يقين أن قوى أهل الباطل مهما كثرت وتضافرت فلن تصمد أمام جندك وقوتك عندما يكون فى قدرك أن تؤيد عبادك المؤمنين بنصر من عندك ، فلك جنود السموات والأرض ، ولن يعجزك شىء فى الأرض ولا فى السماء سبحانك أنت القوى القهار المنتقم الجبار .
  • إلهى .... لقدأوضحت لنا فى كتابك حقيقة قتالنا ضد الكفار وكيف أنهم أولياء الشيطان وأن كيد الشيطان ضعيف ، وأوضحت لنا أن عملية قتالنا لهم تتم بإرادتك وقدرتك ولسنا إلا أداة لقدرتك فقد قلت وقولك الحق :{ الذين آمنوا يقاتلون فى سبيل الله و الذين كفروا يقاتلون فى سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً } .

كما قلت :{ فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } وقلت وقولك الحق :{ قاتلوهم يعذبه الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم } .

  • ولكنك يارب مع ذلك طالبتنا بإعداد ما نستطيع من قوة وهذا أمر واجب لابد منه فقد قلت بصيغة الأمر :{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم } فعلينا أن نأخذ بأسباب القوة وأول القوة قوة العقيدة ثم قوة الوحدة ثم قوة الساعد و السلاح ،

كذلك قوة المال وقوة العلم وقوة البدن وكل أسباب القوة ولما كان الفضل منك وإليك فإنا نسألك أن تعيننا فى الأخذ بكل أسباب القوة هذه ورغم كل ما نبذل من جهد فى هذا الإعداد فإنه إذا تحقق النصر لنا لن نرجعه الى إعدادنا وتدريبنا وعدتنا ولكن نرجعه إليك سبحانك فقد قلت :{ وما النصر إلا من عندالله العزيز الحكيم } .

  • إلهى نعلم أننا مسؤولون عن العمل ولسنا مسؤولين عن النتائج ، العمل الخالص لوجهك الكريم و الموافق لشرعك وتعاليم دينك ، نحن مسؤولون عن الجهاد بالنفس و المال ولسنا مسؤولين عن تحقق النصر ، ونعلم أنك تثيبنا على العمل و الجهاد سواء تحقق النصر على أيدينا أو لم يتحقق ، ولكننا يارب نحب النصر ونفرح له ويشفى صدورنا ويذهب غيظ قلوبنا وأنت تعلم ذلك وقررته فى كتابك فقد قلت :{ وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين } قلت :

{ ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } وقلت :{ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم } .

  • فيارب تكرم علينا بنصر من عندك نفرح به ويشف غيظ قلبنا ، نصراً تعز به الإسلام و المسلمين وتخذل به الكفرة أعداء الدين ، نصراً نحرر به الأقصى من أيدى الأنجاس ونسترد به كل شبر اغتصب من أرض الإسلام ، نصراً يمكن لدينك وتقوم به دولة الإسلام التى تبلغ دينك للناس كافة :{ حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } .
  • اللهم منزل الكتاب مجرى السحاب هازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين فى كل مكان ووحد صفوفهم وقوِّ شوكتهم واجعل جهادهم خالصاً لوجهك لتكون كلمتك هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ، اللهم أعزنا بالإسلام وأعز الإسلام بنا ،

اللهم انصرنا نصراً مؤزراً وارزقنا الشهادة فى سبيلك فهى أعز أمانينا .

  • يارب امنن علينا بمؤهلات النصر بأن تنزع من قلوبنا الوهن و الخوف من الأعداء وأن ترزقنا الإيمان وحسن التوكل عليك فنكون كمن ذكرتهم فى قولك :

{ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو الفضل العظيم* إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين }

  • نعوذ بك يارب من أن نثَّاقل الى الأرض عندما يدعو نفير الجهاد ، وقد دعا فى بعض المواقع ، ونعوذ بك من أن نولى الأدبار عند الزحف ، ونعوذ بك يارب من فتنة الدنيا فإنك تمتحننا بالشر وبالخير فقد قلت :{ ونبلوكم بالشر و الخير فتنة وإلينا ترجعون } ،

ونعوذ بك من فتنة الأولاد و الزوجات فلا يكونون مجبنة أو عامل تثبيط فقد قلت :{ إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم } ولكن اجعلهم يارب عوناً لنا وقرة أعين كما وجهتنا فى الدعاء :{ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً } .


يارب وفقنا وأعنا أن نقدم لدعوتك كلَّنا لا بعضنا دون تردد أو بخل ....... آميــن .

  • إلهى ... تحدثاً بنعمك وفضلك علينا على طريق الدعوةنذكر ما لمسناه من تغيرات على الساحة الإسلامية كنتائج وثمار نفرح لهاوتجعلنا ننظر الى المستقبل نظرة أمل واستبشار :
  • فعند بدء سيرنا على طريق الدعوة كان هناك قصور كبير فى فهم حقيقة الإسلام بشموله وأصالته ، وكانت قلة قليلة جداً يفهمونه كمنهاج للحياة ينتظم شئون الدنيا والآخرةولكننا اليوم و الحمد لله نرى أن هذا الفهم الشامل يعم الساحة الإسلامية بل و المحافل الدولية .
  • وبعد أن كانت المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية أمراً مستغرباً إذا بنا نجده مطلباً جماهيرياً تطالب به الشعوب الإسلامية فى إصرار ومثابرة .
  • وبعد أن كانت روح الجهاد و الدفاع عن الإسلام وأرض الإسلام تكاد تكون خامدة ميتة ، إذا بنا اليوم نجد روح الجهاد تثور فى النفوس شباباً وشيوخاً وقد قدموا أمثلة رائعة للجهاد فى مواقع شتى ولا زالوا يقدمون .
  • وبعد أن كان التدين شبه قاصر على المتقدمين فى السن مع قلة قليلة من الشباب وكان تديناً سلبياً ،

إذا بنا اليوم نرى التدين ينتشر وسط الشباب فتياناً وفتيات بصورة تسر المؤمنين وترهب غير المؤمنين ... وتديُّنهم هذا إيجابى مؤثر حىّ قوىّ يريد أن يغير الواقع الفاسد الى الواقع الإسلامىالصحيح .

  • وبعد أن كان المسلمون لايحسون بما يحدث لإخوانهم المسلمين من اعتداء الأعداء عليهم وبالتالى لايتحركون لمعاونتهم إذا بنا اليوم نرى المسلمين يتابعون قضايا إخوانهم المسلمين فى أنحاء العالم ويشاركونهم آلامهم وآمالهم ويعاونونهم بما يستطيعون من جهد ومال وجهاد .
  • وبعد أن كانت البدع و الخرافات والعادات الجاهلية هى التى تسود بين المسلمين ، نرى اليوم روح التخلص من هذه العادات و البدع و الرجوع الى الكتاب و السنة هى التى تسود وتقوى مع الأيام وبدأنا نرى كثيراً من السنن تظهر وتعم بعد أن كادت تتوارى وتندسر .
  • ثم ظهور هذه النماذج من رجال الدعوة وجند العقيدة الذين تعالوا على فتنة المال و الجاه وأخلصوا وجهتهم لله ،

والذين تحملوا الإيذاء و التعذيب فى سبيل الله المرة بعد المرة دون أن تلين لهم قناة ، ومكثوا السنين الطوال فى السجون و المعتقلات تحت ضغوط شتى رافعين الراية عالية كى يسلموها لمن بعدهم عالية خفاقة ليواصلوا المسيرة على طريق الدعوة دون تبديل ولا تغيير ودون ضعف ولا وهن ولا استكانة .

  • وهذه النماذج من الأخوات المسلمات اللاتى تحدين كل موجات الإنحلال والإباحية و الفساد وتمسكن بأهداب الفضيلة وتعاليم الإسلام دون ترخص ،

فإذا بنا نجد النماذج الطيبة من الأخت المسلمة والأم والداعية المسلمة و الطبيبة المسلمة و المدرسة المسلمة كل تؤدى دورها فى حقل الدعوة الإسلامية على الوجه الذى يرضيك .

  • وإذا بالشباب المسلم يجد شريكة حياته المناسبة ليقيما معاً البيت المسلم بيت الدعوة المؤسس على التقوى و الذى يكون دعامة فى بناء الدولة الإسلامي ،

البيت الذى ينشىء الذرية تنشئة إسلامية صالحة قوية تواصل المسيرة على الطريق وترث الأمانة من الآباء لتورثها الى الأجيال التالية بنفس الأصالة و القوة .

  • إلهى .... أنت صاحب الفضل فى تحقيق كل ذلك الخير بحفظك ورعايتك وتوفيقك لهذه الدعوة ورجالها ، وجمعك القلوب الصادقة عليها ،

فنسألك يارب أن تديم علينا حفظك ورعايتك وتوفيقك وعونك ، وأن تجازى عنا وعن الإسلام إمامنا الشهيد خير الجزاء ، وأن تجمعنا مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقاً .

  • إلهى .... نشهدك يارب بمدى فرحنا بهذه الصحوة الإسلامية التى فرضت نفسها على الساحة وبمدى تقديرنا لها وكذلك إشفاقنا عليها .... إننا نرى فيها الثمار الطيبة لتلك الشجرة الطيبة شجرة ( لا إله إلا الله محمدرسول الله ) والتى رواهاالشهداء بدمائهم { أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها } ،

نرى فيها امتدا المسيرة وأمل المستقبل ، نرى فيها رمز الحياةو الحيوية تدب فى جسد الأمة الإسلامية تخلصها من العلل والأمراض ، وها قد بدأ عملاق العالم الإسلامى يتحرك ويتململ من تحت الأغلال و القيود ليتخلص منها ، وبدأت الكراسى تهتز تحت الظالمين ،

وبدأت الاستجابة لضغط التيار الإسلامى بتطبيق شرع الله تظهر لها آثار تبشر بخير و الحمد لله ونرجو لها الكمال والأصالة .

  • ونشفق يارب على هذه الصحوة من بعض السلبيات التى لا نريدها لها ، نشفق عليها من السطحية فى الأمور دون تعمق ، ومن التحمس الشديد غير المنضبط الذى يورط فى مواقف غير معد لها ولا مخطط لها ،

ونشفق عليها من التسرع الزائد فى الخطوات بما لا يتناسب مع الإمكانيات ،

نشفق عليها أكثر ما نشفق من الفرقة و الخلاف حول الجزئيات و الفرعيات بما يشغلهم عن الأصول و الكليات و المهام الكبرى التى تنتظرهم ، خاصة وهم على أبواب مرحلة الجهاد و التمكين بإذن الله .

  • إلهى ... نسألك يارب ونحن على اقتراب من لقائك أن تخلفنا فى هذه الصحوة بكل خير وأن تحفظهم بما تحفظ به عبادك الصالحين ، وأن توفقهم الى حسن الصلة بكتابك لينهلوا من نوره وحكمته وموعظته وشفائه ،وأن يحسنوا الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم فى كل أحواله وأقواله وأفعاله ، ويعلم الله أننا نتمنى أن يكونوا أفضل منا لما ينتظرهم من مهام .
  • اللهم سددهم وزدهم قوة وأصالة وصلابة فى الحق ليكونوا الدعائم القوية فى الأساس المتين لبناء الدولة الإسلامية العالمية المنشودة ،

وامنن عليهم يارب بالتوفيق والتأييد و النصر و التمكين إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .

  • إلهى ها قد أطلعناك - وأنت العليم الخبير

- فى مناجاتنا لك على طريق الدعوة على بعض مشاعرنا وأحاسيسنا وهمومنا وآمالنا ومدى انشغالنا بحال الإسلام و المسلمين وما يثقل كاهلنا من أمانات ومسئوليات وما يؤرقنا مما يعانيه المسلمون من اعتداءات وآلام ،

وما ذلك إلا طاعة لك ابتغاء مرضاتك وشعوراً منا بما يفرضه علينا الإسلام من واجبات نحو هذا الدين ونحو أتباعه من المسلمين فى كل مكان .

  • إلهى ... وكلما زاد همنا وإشفاقنا نعودإليك ونقول يارب ، إنه دينك وأنت أغير عليه منا ، وإنهم عبادك وأنت أرحم بهم منا ، ولكنه بعض الشعور الذى كان يشعر به نبيك محمد صلى الله عليه وسلم حينما قلت له :

{ فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } وبعض من صفاته صلى الله عليه وسلم اقتداءاً منا به حيث قلت :{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } .

  • يارب ... فى غمرة هذه المشاعر نحو الدعوة وحاضرها ومستقبلها وما نرجوه لها لا ننسى فى هذه المناجاة وفقرنا وحاجتنا إليك ،

فها نحن نقف أمام بابك خاضعين متذللين ، سائلين ضارعين راجين طامعين ، معترفين بذنوبنا مستغفرين يارب لن نمل الوقوف أمام بابك ،

ولن نتوقف عن طرق بابك بدعوات ودمعات وركعات وسجدات ، وكلنا أمل ألا تردنا خائبين .

  • يارب نسألك الطيبات وفعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين ، يارب نسألك إيماناً لايرتد ونعيماً لا ينفد وقرة عين الأبد ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فى جنة الخلد.

اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علىَّ وأبوء بذنبى فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .

  • يارب وفقنا لاتباع نبيك محمدصلى الله عليه وسلم لنفوز بحبك ومغفرتك ، فقدقلت :{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } ، اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا الى حبك ،

ونعوذ بك من سخطك ومن كل عمل يقربنا الى سخطك ، واجعلنا يارب ممن رضيت عنهم ورضوا عنك واختم لنا بخير غير فاتنين ولا مفتونين .

  • إلهى ... هذا عبدك(ابن عطاء الله ) ناجاك بهذه الدعوات ، ندعوك بها راجين منك الإجابة و القبول :( الهى هذا ذلى ظاهر بين يديك ، وهذا حالى لا يخفى عليك ،

منك أطلب الوصول إليك ، وبك أستدل عليك ، اهدنى بنورك إليك ، وأقمنى بصدق العبودية بين يديك ، إلهى علمنى من علمك المخزون ، وصنى بسر اسمك المصون ،

وعليك أتوكل فلا تكلنى ، وإياك أسأل فلا تخيبنى ،وفى فضلك أرغب فلا تحرمنى ، ولجنابك أنتسب فلا تبعدنى ، وببابك أقف فلا تطردنى )

يحبهم ويحبونه

أسمى علاقة حب يمكن أن يحظى بها بشر أن ( يحبهم الله ويحبون الله ) ما أعظم كرمك يارب أن تتفضل بعلاقة حب بينك وبين عباد من خلقك ، وما أعظم سعادة هؤلاء الذين يحظون بحبك لهم ، لن نستطيع مجرد تصور ما ستخصهم به من أفضالك وفيوضاتك وحفظك ورعايتك ورحمتك وإحسانك فعلاقة الحب لها طابعها وتميزها وخصوصياتها .

وهل يمكن أن يوجد بين الناس من يرغب عن هذه العلاقة ولا يتمنى بها ؟ وإذا جاز أن يوجد بين أهل الكفر و الشرك فلا يتصور أن يوجد بين أهل الإيمان ، فكلنا يتمنى من أعماقه أن يفوز بهذه المنزلة العالية وما ينال أصحابها من فوز عظيم ،

وما أحوجنا الى وقفة نتبين فيها أين نحن من هذه العلاقة ؟ وهل نحظى بها فعلاً ؟ أم أننا لا نزال فى دائرة السعى لكى نرقى إليها ؟ وهل نحن جادون فى هذا السعى أم مقصرون ؟ وهل نحب الله حباً صادقاً أم مجرد ادعاء ؟ وهل واقعنا يتفق مع أدلة صدق هذا الحب .

حول هذه المعانى سيكون حديثنا بعون الله وبالله التوفيق .

ولعله من المفيد أن نبدأ بمحاولة للتعرف على منزلة من يحبهم الله وما يحظون به من خير عميم وفوز عظيم ليحفزنا ذلك على السعى الجاد لنكون منهم .

فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله تعال قال : من عادى لى ولياً فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب الىَّ عبد بشىء احب الىَّ مما افترضته عليه ولايزال عبدى يتقرب الىَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا احببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ، وإن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه ) رواه البخارى .

أى خير بعد هذا وأى حظوة تلك الحظوة ؟ ومن ينال تلك المنزلة هل يفتقد شيئاً ؟ وقد وعده الله ( وإن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه ) وهكذا بلام التوكيد سبحانك يارب ، وهل نحتاج الى توكيد لوعدك ووعدك حق ولكنه تفضل منك من قبيل طمأنتنا .

وها هو حديث آخر يوضح لنا احتفاء أهل السماء بمن يحبهم الله .

  • فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :( إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل :

إن الله تعالى يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ، فينادى فى أهل السماء : إنالله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض ) متفق عليه .

وزيد فى روايه لمسلم :( وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول إنى أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ، ثم ينادى فى أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه فيبغضه أهل السماء ثم توضع له البغضاء فى الأرض ) .

ولنقف بعد ذلك أمام الآية الكريمة التى وردت فيها هذه العلاقة التى نتحدث عنها فقد قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله واسع عليم } المائدة : 54 .

نلاحظ أن النداء موجه للمؤمنين ويقول :{ من يرتدمنكم عن دينه } وهذا يفيد إمكانية وقوع الارتداد عن الدين من المؤمنين ، لهذا يلزم أن نكون على حذر ولا نعطى الأمان لأنفسنا خاصة فى جو الفتن ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :

(بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسى كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم .

وثمة معنى آخر وهو إتيان الله بقوم آخرين بدل من يرتدون عن دينهم من المؤمنين لايعنى بالضرورة أن يكون الارتداد عن الدين ارتداداً كلياً معلناً هكذا ، فقد وردت فى مواضع أخرى فى كتاب الله قضية الاستبدال بقوم آخرين نتيجة لمواقف من بعض المؤمنين كما فى قول الله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم الى الأرض * أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل * إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شىء قدير } وفى موضع آخر قال الله تعالى :

{ هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا فى سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه و الله الغنى وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } محمد 38 .

ثم نجد فى الآية التى وردت فيها علاقة الحب بين الله وبين هذا الصنف من عباده وردت صفات خاصة لها أهميتها :{ أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } نرى فيها تأكيداً لعلاقة الحب و الرحمة و الذلة مع المؤمنين ، والعزة و القوة وعدم الضعف أو الذلة مع الكافرين .

ثم الإقدام على الجهاد فى سبيل الله بكل ما يتطلبه من تضحية وعزيمة وصبر دون تردد أو خوف من أحد إلا الله ، ويتضح ذلك اكثر عندما نستعرض الآيات السابقة واللاحقة لهذه الآية الكريمة ، ففى الآيات السابقة لها نهى للمؤمنين أن يتخذوا اليهود والنصارى أولياء ، وتقريع للذين فى قلوبهم مرض و المترددين المتخوفين ، وفى الآيات اللاحقة يقول الله تعالى :

{ إنما وليكم لله و رسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } المائدة 55 .

والحقيقة التى يجب أن تثبت فى الأذهان أن العمل لنصرة دين الله و الجهاد فى سبيل التمكين لدين الله فى الأرض يحتاج الى مثل هذه النوعية المتمزة من الرجال المؤمنين ، والى هذا الوضوح و التحديد فى المواقف مع المؤمنين ومع الكافرين ،

وإذا لم تتوفر هذه المميزات و الصفات فى المؤمنين يأت الله بقوم غيرهم ثم لايكونوا أمثالهم ، وهل يمكن أن يتحقق نصر على أيدى مؤمنين متنافرين متنازعين غير متحابين ولا متراحمين فيما بينهم ؟

وهل يمكن أن يتحقق نصر على أيدى مؤمنين يشعرون بالضعف و الهوان أمام الكفار أو يوالونهم أو يوادونهم ؟

وهل يمكن أن يتحق نصر على أيدى مؤمنين يثاقلون الى الأرض أو يتقاعسون عن الجهاد أو يبخلون فى الإنفاق بالمال فى سبيل نصرة دين الله ؟

أيها القارىء الكريم ما أحوجنا أن نتدبر أمرنا ونتدارك حالنا خشية أن يستبدل الله قوماً غيرنا ، فلننظر معاً مدى قربنا ممن يحبهم الله ويحبونه ، ومدى بعدنا عمن يستبدل الله قوماً غيرهم ، فالأمر جد خطير و النتائج المتباينة أشدالتباين ،

إما سيادة وتمكين فى الدنيا ونجاة من النار وفوز ونعيم بالجنة فى الآخرة ، أو سخط من الله وغضب فى الدنيا وعذاب فى الآخرة وحرمان من نعيم الله .

  • بعد هذه المعانى حول الآية الكريمة التى وردت فيها علاقة الحب هذه :

{ يحبهم ويحبونه } نتناول معاً الشق الأول من العلاقة (يحبهم ) أى ( حب الله ) وكيف نسعى إليه ونفوز به ، وقبل أن نبدأ فى هذا المجال أحب أن أقول أنه مما يزيدحاجتنا الى حب الله لنا أننا فى كثير من الأحيان تعترضنا مشاكل وقضايا ، ونرى تدخل الشيطان واضحاً فيها ، وتضيق نفوسنا وتقل حيلتنا فى حل هذه القضايا ،

وأحسب أن أضمن وأيسر طريق لحلها هو أن تتحقق علاقة الحب بيننا وبين لله ، فيتدخل هو برحمته وقدرته فإذا بالمشاكل تنتهى و القضايا تحل و الصدور تنشرح بعد ضيق والأمور تتيسر بعد تعقيد .

ممالا شك فيه أن الإيمان هو الأساس الذى لابد منه لتبنى عليه علاقة الحب مع الله ، ثم يكون السعى للتحلى بالصفات التى قرر الله حبه لمن يتصفون بها .

و المؤمنون يتفاوتون فى درجة إيمانهم ومدى قوته ورسوخه ، ومن أراد الرقى و الصعود الى منزلة يحبهم ويحبونه يلزم أن يكون من ذوى الإيمان الصادق القوى الذى يدفع صاحبه الى العمل الصالح و الى المسارعة فى عمل الخيرات ، الإيمان الذى يقربه الى حب الله له ويبعد به عن كل ما لا يرضى الله.

ومن أول ما يهتم به المؤمن فى طريق سعيه للفوز بحب الله له التقرب الى الله بما افترضه عليه من عبادات وواجبات من صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد وغير ذلك ، ثم التقرب الى الله بالنوافل كما ورد فى الحديث الشريف .

ولعل من أوضح الوسائل التى أرشدنا الله إليها لنفوز بحبه لنا قوله تعالى :{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } آل عمران 31 ، فإن كنا جادين فى سعينا للرقى الى منزلة من يحبهم الله ويحبونه فعلينا باتباع رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم فى كل ما جاء به والاقتداء به فى كل أقواله وأفعاله وأحواله .

بعد ذلك نعرض لصفات من قرر الله حبه لهم كما ورد فى كتابه العزيز ، بقصد التعرف على هذه الصفات وعرض أنفسنا عليها لنعرف مدى اتصفانا بها ،

وواقعها فى حياتنا بل مدى حبنا لهذه الصفات وميلنا لها ، ويتبع ذلك مجاهدة أنفسنا لتتحقق فينا هذه الصفات على الوجه الأكمل كما يحب الله :{ إن الله يحب المحسنين } كذلك :{ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } وفى آية أخرى :

{ والله يحب المطَّهرين } كذلك :{ والله يحب الصابرين } وأيضاً :{ إن الله يحب المتوكلين } كذلك :

{ إن الله يحب المقسطين } وأيضاً :{ إنالله يحب المتقين } ، وفى مجال الجهاد :{ إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص } ، وكذلك الصفات التى وردت فى الآية الأصلية التى نتحدث حولها :

{ فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يقاتلون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } .هذه صفات واضحة محددة ،

وليس المجال هنا للتفصيل حولها ، ولكن المطلوب أن نأخذ أنفسنا بكل الجد لأن نكون متصفين بها بحيث تكون هذه الصفات ملازمة لنا لا تتبدل ولا تتغير بتغير الظروف والأحوال بل نرقى فى مستواها مع مرور الزمن .

ومن جميل فضل الله أن معظم هذه الصفات يقرر الله فى كتابه معيته لمن يتصفون بها كما نرى فى قوله تعالى :{ إن الله مع الصابرين } ، وفى آية أخرى :{ والله مع الصابرين } ، { و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا والله مع المحسنين } ،{ إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون } .

فما أعظم أن تجتمع معية الله مع حبه لمن اتصف بهذه الصفات ، فالسعى السعى و الجد الجد لنحظى بمعية الله وحبه .

  • ومن المفيد أن نستعرض الآيات الكريمة التى ذكرت صفات من لايحبهم الله أو من يبغضهم الله بقصد التعرف عليها وعرض أنفسنا عليها لنعرف مدى بعدنا أو قربنا منها بل مدى بغضنا وكراهيتنا لها :{ والله لا يحب الظالمين } وفى آية اخرى :{ إنه لايحب الظالمين } ،

{ إن الله لايحب المعتدين } { والله لايحب المفسدين } { فإن تولوا فإن الله لايحب الكافرين } ، { والله لايحب كل كفار أثيم } ، { إن الله لايحب من كان مختالاً فخوراً }{ والله لايحب كل مختال فخور } { إن الله لايحب من كان خواناً أثيماً } { إن الله لايحب الخائنين} { إنه لايحب المسرفين } { إنه لايحب المستكبرين } { إن الله لايحب الفرحين } { لايحب الله الجهربالسوء من القول إلا من ظلم } { كبر مقتاً عند الله ان تقولوا مالا تفعلون } { ومن يولهم يومئذٍ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً الى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير } .

هذه أيضاً صفات واضحة محددة لا مجال لتفصيلها هنا ولكن المطلوب أن نتحسس أى أثر لأى منها فى نفوسنا فنعمل جادين للتخلص منه و التحرز فى المستقبل من مجرد الاقتراب من أى من تلك الصفات ، فما أسوأ حال من يتعرضون لغضب الله ومقته عافانا الله من ذلك .

تابع مناجاة على الطريق

بعدأن تناولنا الشق الأول من علاقة الحب السامية هذه وهو (يحبهم ) يعنى حب الله ، نتناول الشق الثانى وهو ( يحبونه ) يعنى حب العباد لله :

لايقبل ابتداءاً أن يكون هذا الحب ادعاءاً بالسان والقلب ، والعمل لا يصدقه ، فالله مطلع على القلوب ، فالقلوب و العمل هما موضع نظر الله لنا وليس الأجسام والأقوال ،

وسنحاول فى جولتنا هذه أن نتناول ما استطعنا من الأدلة على الحب الصادق لله لنرى مدى مطابقة واقعنا لها أومدى مخالفتنا لها وضرورة تلافى هذه المخالفة .

  • فمن أدلة صدق حبنا لله أن نسارع الى تنفيذ ما يطلبه منا مع شعور داخلى بالإقبال الشديد على طاعة الله فى كل أمر ونهى جاء فى كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن نستشعر عند الأداء لذة الطاعة و السعادة و الفرح بفضل الله وتوفيقه وعونه لنا .
  • ومن أدلة الحب الصادق أن نتحسس كل ما يرضى الله عنا فنسارع الى عمله دون تردد أو تأخير :{ أولئك يسارعون فى الخيرات وهم لها سابقون } وأن نتحسس كل ما يغضب الله أو يسخطه علينا فنتجنبه ، ولا نقترب منه بل ولا تميل إليه قلوبنا .
  • ومن أدلة الحب الصادق أننا إذا عصيناه أو اقترفنا ذنباً سارعنا بالتوبة وطلب المغفرة فى تذلل ورجاء أن يقبل التوبة ويمن بالمغفرة :

( أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علىَّ وأبوء بذنبى فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت } .

  • ومن أدلة الحب الصادق الشعور بالسعادة عندما نكون بحضرة من نحب ، نعنى بذلك الشعور بالأنس و الراحة فى الصلاة لله ونحنُّ إليها ،

وننتظر دخول وقتها فى رغبة وإقبال ولنذكر فى هذا المجال قدوتنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان يقول أرحنا بها يابلال ، ويقول :

( وجعلت قرة عينى فى الصلاة ) ، وكيف كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه دون أن يشعر بألم أو ملل لما هو فيه من أنس بالله وسعادة روحية فلنحاول أن نصل الى بعض هذه الحال .

  • ومن أدلة الحب الصادق ازدياد سعادة المحب كلما اقترب ممن يحب ، ونعنى بذلك زيادة سعادتنا وأنسنا بالله أثناء سجودنا له ، فرسولنا الحبيب يقول :

( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) وفيما يروى عن السيدة عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل السجود حتى تظن أنه قبض ، فحبذا لو تولد عندنا هذا الإحساس بالقرب من الله أثناء السجود فنهوى الى السجود فى شوق وحنين ،

ونطيل السجود ونلح فى الدعاء خاصة فى قيام الليل ، وإذا كان أهل الدنيا يتصورون أن أعظم وأعلى وضع لإنسان فى الدنيا أن يكون ملكاً يجلس على عرش الملك وفوق رأسه تاج الملك المرصع بالجواهر وحوله الجند و الحشم يأتمرون بأمره ،

فإن المؤمنين يعتبرون أشرف وضع للمؤمن فى الدنيا هو عندما يكون وجهه الى الأرض ساجداً لله تعالى ، فماذا أفاد قارون من حاله ؟ ولكن سجدة واحدة يسجدها المؤمن لله خير من الدنيا وما فيها .

  • ومن الأدلة على صدق المحب الرغبة فى الإكثار من ذكر من نحب والراحة و السعادة عند ذكره ونعنى بذلك أن يكون عندنا الميل القوى الى ذكر الله والإحساس بالسعادة و الطمأنينةكلما ذكرناه ، فكيف وقد دعانا الله لذكره وتسبيحه فقال تعالى :

{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً } وفى وصفه لأولى الألباب قال :{ الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض } وفى سورة الإنسان يقول تعالى :{ واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً * ومن الليل فاسجدله وسبحه ليلاً طويلاً } وقد أوضح الله لنا اثر ذكره فى قلوبنا فى قوله :

{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله * ألا بذكر الله تطمئن القلوب } وهناك الشرف العظيم لنا و التفضيل الكبيرمن الله الواضح فى قوله تعالى :

{ فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون } ومن نحن حتى يذكرنا الله ؟ فهل نتوانى بعذ ذلك عن ذكر الله ، الواجب أن تكون ألسنتنا رطبة دائماً بذكر الله وألا نغفل عن ذكره ابداً .

  • ومن أدلة الحب الصادق الرغبة فى الاستماع الى كلام من نحب والإنصات له وترداد كلامه ، ونعنى بذلك أن يكون عندنا الإقبال على تلاوة كلام الله والاستماع إليه بحضور القلب والتدبر والتأثر و التعرف على كل ما يريده الله منا وما يرشدنا إليه لصالحنا فى الدنيا والآخرة ،

وكما هو معروف أن القرآن نور وهدىً ورحمة وموعظة وشفاء الى آخر صفات القرآن وما أشد حاجتنا لأن ننهل من هذه الصفات  :{ وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } .

  • ومن دلائل الحب الصادق لله أن نحب من يحبهم الله ونبغض من يبغضهم ، وأول من نحب من خلق الله ، أحب خلق الله على الله رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ونستجيب لأمر الله لنا بالصلاة و السلام عليه :{ إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً }

كما نحب رسل الله وعباد الله المؤمنين ونوالى المؤمنين ونتعاون معهم على البر و التقوى وعلى نصرة دين الله ، كما نبغض أعدا الله ولا نواليهم أو نوادهم ولو كانوا ذوى قربى فقد قال الله تعالى :{ لاتجد قوماً يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادُّون من حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها

  • رضى الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم الفلحون } .
  • ومن أدلة الحب الصادق أن نحب كل عمل يقربنا الى حب الله لنا فنبادر إليه ساعين إليه ، اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا الى حبك اللهم ارزقنا طاعتك ما أبقيتنا .
  • ومن أدلة حبنا الصادق لله أن يكون حباً خالصاً لله غير مرتبط بتحقيق رغبات أو أغراض دنيوية ، وكذلك لا يتغير بتغير ما نتعرض له من أحوال وظروف ، وألا يشوب هذا الحب أى شائبة من رياء أو غيره .
  • ومن أدلة الحب الصادق ألا تهتز ثقتنا بالله وبرحمته نتيجة ما نتعرض له من ابتلاءات أو امتحانات يجريها الله علينا فلا نكون مثل من قال الله عنهم :

{ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين } ولكن علينا أن نصبر على البلاء وعلى ما نتعرض له من إيذاء ومحن على أيدى الأعداء ، فتلك سنة الله فى الدعوات ،

وقد دعانا الله الى الصبر و المصابرة فقال :

{ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } وقال :{ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون } نصبر يارب بعونك :{ ربناأفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } .

  • ومن أدلة الحب الصادق أننا كلما احتجنا شيئاً لجأنا الى الله نسأله ولا نسأل غيره ونركن إليه ولا نركن الى غيره فهو سبحانه بيده الأمر وهو على كل شىء قدير ، وقد دعانا أن نسأله وندعوه :{ وقال ربكم ادعونى أستجب لكم } وقال :

{ وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } فإنه سبحانه يرضيه أن نسأله ويغضب إذا سألنا غيره ، وعلينا أن نسأله ونحن موقنون بالإجابة ، وألا نضجر إذا تأخرت الإجابة أو لم تتم ، فالله سبحانه هو الذى يختار لنا ما فيه خيرنا وفى الوقت الذى يريد لاالوقت الذى نريد فهو يعلم ما لا نعلم.

  • ومن أدلة الحب الصادق لله أن نوفى له بما نعد وما نتعهد بالقيام به لانخلف وعداً ولا ننقض ما عاهدناه عليه ، دون تبديل أو تغيير حتى نلقاه على ذلك ، ونكون ممن حكى عنهم فى قوله تعالى :{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً * ليجزى الصادقين بصدقهم } ومن قال فيهم :

{ الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق } وقد عاهدنا الله على العمل و الجهاد و التضحية فى سبيل نصرة دين الله و التمكين له فى الأرض ، فلنكن صادقين فيما عاهدنا عليه .

  • ومن أدلة الحب الصادق أن نثق فى وعود الله وفى كل ما أنبأ به من غيب نصدقه دون أدنى شك ، نثق فيما وعد به المؤمنين من نعيم وما توعد به الكافرين و الظالمين من عذاب ، ونثق فيما وعد به المؤمنين فى الدنيا من التأييد و النصر و التمكين ،

وما توعدبه أهل الباطل بإزهاق باطلهم فى قوله :{ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } .

  • ومن أدلة حبنا الصادق لله أن ننزل على حكم الله ورسوله فى كل أمر من أمرنا دون حرج ونسلم تسليماً بكل اطمئنان أنه الخير فهو أعلم منا بما فيه خيرنا وصلاحنا :{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } ، { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً } { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا } .
  • ومن أدلة حبنا الصادق لله ألا نبخل بشىء نقدمه فى سبيله، بل نشعر أننا وما نملك ملك لله وليس لأنفسنا شىء ، وكيف نبخل وبماذا نبخل ؟ وكلها نعم الله أنعم علينا بها وهو الغنى ونحن الفقراء .

وكيف يدعونا الى هذه التجارة الرابحة و الصفقة الرابحة ولا نستجيب ونسارع ، وغيرنا من أهل الدنيا يسارعون الى صفقاتهم الدنيوية التافهة وقد يخسرون فيها :

{ يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون

  • يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة فى جنات عدن ذلك الفوز العظيم
  • وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين } ، { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً فى التوراة والإنجيل و القرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} .
  • من دلائل الحب الصادق إذا كنا فى حضرة من نحب ألا ننصرف وننشغل عنه بغيره ، ونعنى بذلك عندما نقف بين يديه فى الصلاة ألا ننشغل عنه بشىء وأن نتوجه إليه سبحانه بقلوبنا .
  • ومن دلائل الحب الصادق أن يسعى المحب الى من يحبه ويزوره فى بيته ، والمساجد هى بيوت الله فى أرضه:{ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين } فعلينا أن نلبى النداء للصلاة فى وقتها فى بيوت الله .
  • ومن أدلة الحب الصادق أن يكون الله ورسوله أحب إلينا من كل ما سواهما ، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال :( لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده و الناس أجمعين)رواه البخارى ، فيكون من باب أولى أن يكون الله أحب إلينا من هؤلاء جميعاً ،

وعن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لايحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود الى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار ) رواه البخارى ، ثم إن هناك التحذير الشديد موجه الى من يجعل شيئاًمن أعراض الدنيا أحب إليه من الله ورسوله و جهاد فى سبيله ،

فقد قال الله تعالى :{ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لايهدى القوم الفاسقين } و المقياس الدقيق فى ذلك أن يشغلنا شىء من ذلك ويلهينا عن عبادة الله أو ذكره أو الجهاد فى سبيله ، ولنذكر أيضاً قول الله تعالى :

{ يا أيهاالذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } حقاً كلنا يحب الأموال والأولاد وغير ذلك من أعراض الدنيا ولكن الخطر يكمن فى تمكنها من قلوبنا وتكون أحب إلينا من الله ورسوله و الجهاد فى سبيل الله وتشغلنا عن عبادة الله وذكر الله .

  • ومن أدلة الحب الصادق ألا ننسى الله فينسانا الله بأن يكلنا الى أنفسنا فنضيع ونضل .
  • وأخيراً وليس آخراً فمن أدلة الحب الصادق لله أن نحب لقاء الله ولا نكره الموت ، فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه نسأل الله حسن الخاتمة .

وفى ختام هذه الجولة حول هذه العلاقة السامية من الحب بين الله وبين صنف من عباده ، نجد أنفسنا أمام رحلة صعود وارتقاء لنصل الى تلك القمة السامقة وتلك المنزلة الرفيعة و الصعود والارتقاء فى حاجة الى جهد ومجاهدة ، ونرجو بعد ما ذكرناه أن تكون قد توفرت عندنا العزيمة الصادقة لمجاهدة النفس كى تزكو وترقى وتصل :{ و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } .

ونختم هذه المناجاة على طريق الدعوة

ببعض ما جاء فى ختام رسالة المناجاة للإمام الشهيد من أدعية مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

  • عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى دعائه :( اللهم أصلح لى دينى الذى هو عصمة أمرى وأصلح لى دنياى التى فيها معاشى ، وأصلح لى آخرتى التى إليها معادى ، واجعل الحياة زيادة لى فى كل خير ، واجعل الموت راحة لى من كل شر ) أخرجه مسلم .
  • وعن أنس رضى الله عنه قال : كان أكثر دعاء النبى صلى الله عليه وسلم :( اللهم آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) رواه الشيخان وأبو داود .
  • وعن علىّ كرَّم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّم بعض أصحابه أن يقولوا :(اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك واغننى بفضلك عمن سواك ) الترمذى و النسائى .
  • وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( تعوذوا بالله من جهدالبلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء ) الشيخان و النسائى .
  • وعن عبدالله ابن عمرو ابن العاص رضى الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( اللهم إنى أعوذ بك من قلب لا يخشع ، ومن دعاء لايسمع ومن نفس لا تشبع ، ومن علم لا ينفع ، أعوذ بك من هؤلاء الربع ) الترمذى و النسائى .
  • ومن حديث شداد ابن أوس كان صلى الله عليه وسلم يقول :( اللهم إنى أسألك الثبات فى الأمر و العزيمة فى الرشد واسألك قلباً خاشعاً سليماً ، وخلقاً مستقيماً ولساناً صادقاً وعملاً متقبلاً ،وأسألك من خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ) الترمذى .
  • ثم يقول الإمام الشهيد : أيها الأخ استعن ربك ، وأحضر قلبك ، وارفع الى الله حاجتك واختم بالصلاة و السلام على النبى وآله واجعله آخر كلامك لتكتال بالمكيال الأوفى : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين .
  • يارب ... يارب .... يارب أسألك رضاك و الجنة وأعوذ بك من سخطك و النار ، اللهم احفظنى بما تحفظ به عبادك الصالحين ، اللهم اعصمنى من كل سوء ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن ، واجعل خير أعمالى خواتيمها وخير أيامى يوم لقائك ،

اللهم ارزقنى الشهادة فى سبيلك وأسألك يارب الفردوس الأعلى ... الفردوس الأعلى .... الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقاً ......... اللهم آمين .

  • اللهم اجعل صلواتك ورحماتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة ، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون ، اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ،

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . { سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين }