ممدوح الولي يكتب: روشتة الصندوق ومؤتمرى المانحين
(2/28/2015)
حدد البنك الدولى الروشتة المطلوب اتباعها من قبل الحكومة المصرية ، خلال المؤتمر الأول للمانحين لمصر فى فبراير 2002 ، وهى الروشتة المشتركة ما بين البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ، والتى تم تنفيذها على الواقع العملى قبل وبعد المؤتمر .
كما حدد صندوق النقد الدولى الروشتة المطلوب اتباعها من قبل الحكومة المصرية فى تقريره الأخير ، وهو ما قامت الحكومة بتنفيذه قبل انعقاد المؤتمر الثانى للمانحين فى مارس القادم ، لضمان الحضور الدولى ، ولتحصيل قدر مناسب من المنح ، كما وعدت باستكمال غالب الاجراءات المطلوبة منها بعد المؤتمر .
وكان البنك الدولى هو الذى دعا لعقد مؤتمر المانحين الأول لمصر فى الخامس من فبراير 2002 ، وقت تولى حكومة الدكتور عاطف عبيد ، بحجة مساندة الاقتصاد المصرى ، الذى تضرر وقتها من تداعيات أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 ، وتباطى الاقتصاد العالمى بعدها .
حيث تراجعت وقتها ايرادات السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر ، وقيمة صادرات البترول وتحويلات المصريين بالخارج ، وقلة السفن المارة بالقناة نتيجة ضعف التجارة الدولية .
مما نجم عنه أزمة فى العملات الأجنبية وظهور السوق السوداء ، وبالطبع طالب البنك والصندوق بخفض قيمة الجنيه المصرى ، وهو ما استجاب له الدكتور عاطف عبيد بخفض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار عدة مرات .
ووقتها حذر البنك الدولى خلال المؤتمر من السياسة المالية التوسعية لحفز النمو ، ورحب بتباطىء نمو القروض المصرفية للقطاع الخاص ، ورحب بخفض التعريفة الجمركية ، وحث على السير بخطوات أكثر فى برنامج الخصخصة ، وخاصة خصخصىة البنوك العامة التى تمتلكها الحكومة .
كما طالب البنك الدولى وقتها بإصدار عدد من القوانين الجديدة منها: قانون غسل الأموال ، وقانون الملكية الفكرية ، وقانون العمل ، والتصديق على اتفاقية الشراكة المصرية مع الاتحاد الأوربى .
وقامت الحكومة المصرية وقتها بتنفيذ المطلوب منها قبل وبعد مؤتمر المانحين - الذى وعد بقروض ميسرة قيمتها 3ر10 مليار دولار وهو ما لم يتحقق – ، حيث تم خصخصة بنك الاسكندرية واصدار القوانين المطلوبة ، وبيع عدد من شركات قطاع الأعمال العام .
Ö وفى مؤتمر المانحين الثانى لمصر والذى تم تعديل مسماه مؤخرا الى مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى – مصر المستقبل - ، ليظل جانب الدعم والمنح مكونا رئيسيا بالمؤتمر ، وحتى يتم المنح من قبل الجهات المانحة ، فلابد من اتباع روشتة صندوق النقد الدولى ، والتى أشار الى بعض جوانبها فى تقريره الأخير عن الاقتصاد المصرى والذى صدر فى الحادى عشر من فبراير الحالى .
حيث دعا تقرير الصندوق الى ضبط أوضاع الموازنة العامة ، واحتواء الإنفاق والسيطرة على الانفاق الجارى ، كما دعا الى إلغاء دعم الطاقة فى أقرب فرصة واستمرار تنفيذ اصلاحات الدعم ، وطالب بتوسيع نطاق الايرادات الضريبية والتعجيل بضريبة القيمة المضافة ، واعتماد سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف ، كما رحب بتحديد تعيين العمالة بالقطاع العام .
وقامت الحكومة بتنفيذ بعض المطالب قبيل زيارة مسؤلى الصندوق لمصر ، حتى تحصل على شهادة من الصندوق تؤهلها ، لتلقى المنح وتمكنها من الاقتراض الدولى الذى أعلن عنه وزير المالية .
وبالفعل شهدنا خفض دعم الطاقة سواء للمنتجات البترولية أو للكهرباء برفع أسعارها ، كما صرح وزير المالية بأنه سيتم إلغاء دعم الطاقة مع بداية العام المالى الجديد فى بداية شهر يوليو القادم .
كما صرح وزير الكهرباء بأنه سيتم تطبيق رفع أسعار الكهرباء مرة أخرى مع بداية العام المالى الجديد ، وهى تصريحات موجهة للجهات الدولية قبيل مؤتمر شرم الشيخ للتأكيد على اتباع الروشتة .
كما قام البنك المركزى فى خطوة مفاجئة فى نهاية يناير الماضى بخفض قيمة الجنيه المصرى عدة مرات ، واستجابت وزارة المالية لمطلب زيادة الايرادات الضريبية ، فتم رفع الضريبة على السيارات ذات السعات الكبيرة ، كما تم زيادة الضريبة على السجائر ، والتجهيز لاصدار ضريبة القيمة المضافة .
وكانت الحكومة قد أصدرت قانون تمويل المنشآت متناهية الصغر كما طلب الصندوق ، ومن ناحية يجرى التجهيز لاعلان قانون الاستثمار وقانون العمل وقانون ضريبة القيمة المضافة كما أوصى الصندوق فى تقريره الأخير ، وتم الاعلان من قبل وزيرى الاستثمار والصناعة والتجارة عن نية اصدار عن قانون الاستثمار قبيل مؤتمر شرم الشيخ ، ونفس الأمر للقيمة المضافة .
كما أعادت الحكومة إعلان نواياها على السير فى برنامح خصخصة الشركات العامة مرة أخرى وفق روشتة الصندوق ، حيث أعلن وزير التموين عن دراسة طرح عدد من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية بالبورصة .
كما أعلن وزير البترول عن دراسة طرح عدد من الشركات التابعة للوزارة بالبورصة خلال العام الحالى ، ومن ناحية أخرى تم استبعاد مشروع إعادة شركة النصر للسيارات من أجندة مشروعات مؤتمر شرم الشيخ .
والمعروف أن رئيس الحكومة المهندس محلب كان قد أعلن مرات عديدة عن توقف برنامج خصخصة شركات قطاع الأعمال العام ، وهو ما التزم به وأعلنه وزير الاستثمار أشرف سلمان المشرف على قطاع الأعمال العام حاليا .
كما كشفت بيانات أداء الموازنة خلال النصف الأول من العام المالى الحالى 2014/2015 ، عن الاتجاه لخفض الإنفاق سعيا نحو خفض عجز الموازنة كما تم التعهد للصندوق ، ومن ذلك ما تم مع مخصصات الاستثمارات الحكومية والتى بلغت خلال نصف عام 7ر16 مليار جنيه ، فى حين كانت مقرراتها خلال العام المالى الحالى 2ر67 مليار جنيه ، أى أن نصيب نصف العام طبقا لما هو مقرر مسبقا يصل الى 6ر33 مليار جنيه .
والخطورة فى ذلك أن تلك الاستثمارات هى التى يتم الانفاق منها على البنية الأساسية ، من طرق وكبارى ومياه شرف وصرف صحى وكهرباء واسكان ومستشفيات ومدارس فى أنحاء البلاد ، رغم الزعم الحكومى المتكرر بأن قيمة الوفر من خفض دعم الوقود ، نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية ، ستتجه لتعزيز نفقات الصحة والتعليم .
ويبدو أن الالتزام الحكومى بالعديد من بنود روشتة الصندوق والبنك الدولى ، لا يقتصر هدفه على الحصول على شهادة من الصندوق ، تساعد على جلب الحضور للمؤتمر والحصول على قدر من المنح ، وعلى الاقتراض من الأسواق الدولية .
فمن الممكن أن يمتد الهدف الى الاقتراض من صندوق النقد نفسه ، لتعويض نقص المعونات الخليجية وهو الأمر الذى رحب به الصندوق فى تقريره الأخير ، رغم أن ذلك الاقتراض يزيد من أعباء الديون ونفقات فوائدها وأقساطها بالموازنة ، وهى الأعباء التى تستحوز حاليا على نسبة 40 % من الانفاق بالموازنة .
مما يرفع من نسبة عجز الموازنة ويعطل الخفض المستهدف لها ، ويقلل من الاستثمارات الحكومية مما يعطل من تحسين مستوى المعيشة للمصريين .
المصدر
- مقال:ممدوح الولي يكتب: روشتة الصندوق ومؤتمرى المانحين موقع: الشرقية أون لاين