ممدوح الولى يكتب: زيادة الجمارك لن تحل مشكلة الدولار
(10/10/2015)
أدى تراجع حصيلة الصادرات والاستثمار الأجنبي والسياحة والمعونات الخليجية، إلى نقص المعروض الدولاري بالأسواق، مما أدى إلى زيادة سعر صرف الدولار عن الأرقام المعلنة له من قبل البنك المركزى .
نظرًا لعدم التزام أي طرف بهذا السعر، سواء من جانب البنوك التي تضيف عليه عمولة تدبير عملة، أو من جانب شركات الصرافة التي ترفع نسبة عمولة تدبيره عما هي بالبنوك، خاصة وأنها تذلل للعملاء كذلك مشكلة سقف الإيداع لدى البنك المركزي، بتحويل الأموال بالخارج الى المورد مباشرة .
وكان الحل الذى اتبعته حكومات نظام الثالث من يوليو 2013 ، لعلاج ذلك النقص بالموارد الدولارية ، هو المزيد من المعونات الخليجية خلال العام الأول لها، وبعد الانخفاض الشديد للمعونات الخليجية لجأت إلى القروض والودائع .
وها هو نظام الثالث من يوليو في بدايات عامه الثالث، يجهز حاليًا من خلال لجان وزارية للجوء إلى تقييد الواردات من خلال زيادة الجمارك والرسوم ، حتى يقلل من الواردات نتيجة ارتفاع تكلفتها .
ويرد بيان شديد اللهجة للغرفة التجارية بالإسكندرية التى يرأسها رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، بأن ذلك سوف يضر بالاستثمار وسيزيد البطالة، وسينجم عنه رفع الأسعار وسيزيد من معدلات التهريب، مما يؤدى لانخفاض الحصيلة الجمركية، كما سيدفع المستوردين لمنتجاتنا بالخارج لمعاملتنا بالمثل بزيادة الجمارك على صادراتنا لهم .
وتدلل الغرفة على ذلك بأنه لا يجب النظر الى الواردات السلعية كرقم اجمالى فقط ، وإنما النظر الى التكوين النسبى لنوعيات تلك الواردات ، حيث إن 14 % منها سلع استثمارية أي آلات ومعدات مطلوبة للإنتاج وليس لها بديل محلى ، و12 % مواد خام للصناعة .
و39 % سلع وسيطة للصناعة مثل الأخشاب والكيماويات ، و11 % وقود ، و17 % سلع استهلاكية غير معمرة مثل الأدوية والأمصال واللقاحات والقمح والذرة ، واللحوم وفول الصويا وزيت الطعام والأسماك والشاى والفول ، وتتبقى نسبة 5 % من الواردات للسلع الاستهلاكية المعمرة .
وترد الغرفة على المطالبين بمنع استيراد السلع المسماة بالاستفزازية ، مثل الجمبري والتفاح وطعام القطط والكلاب ، قائلة إنه تردد بلوغ قيمة واردات الجمبري خمسمائة مليون دولار بينما هي 90 مليون فقط ، وتستخدم نسبة 81 % منها بقطاع السياحة .
وقيل أن واردات طعام القطط والكلاب بلغت 153 مليون دولار ، بينما هى 4 ملايين دولار، وغالبيته لا غنى عنه لشركات الحراسة وزارة الداخلية لحماية المنشآت السيادية، وقيل أن واردات التفاح 450 مليون دولار، بينما هو 134 مليون فقط تذهب منها 76 % منها للصناعات الغذائية التصديرية .
وهكذا لن يجدى رفع الجمارك وحده، لتقليل الواردات وتخفيف الضغط على الدولار، نظرًا لعدم وجود بديل محلي لغالبية سلع الواردات، كما أن تلك الواردات تمثل مكونا رئيسيًا فى السلع التي يتم تصديرها، ومع رفع تكلفتها ستقل تنافسية سلع التصدير .
ومن ناحية أخرى لم يتم التوقف عن الاقتراض من بنوك وصناديق تمويل عربية ودولية، ورغم أنّه بإمكان الحكومة الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وبفائدة أقل من فائدة السندات التي تم طرحها في يونيو الماضى .
إلا أن الاقتراض من الصندوق يقترن باتباع روشته ، فى مجالات عجز الموازنة وتقليل الدعم ، وتخفيض سعر صرف الجنيه والخصخصة وغيرها ، وهى أمور لها تبعاتها السياسية والاجتماعية ، مما يدفع الحكومة للتمهل فى تنفيذها .
والحل الحقيقى لزيادة عرض الدولار يتمثل فى إعادة الثقة لمناخ الاستثمار ، من خلال الحكم الديموقراطى وسيادة القانون وانصاف المظلومين والمعتقلين حتى يعود الأمن والأمان ، فهناك ارتباط تام بين النواحى الاجتماعية والسياسية والنواحى الاقتصادية .
وعودة الجيش الى ثكناته كى يعود المستثمر المحلى والأجنبى ، وتحسين مناخ الاستثمار من خلال توفير التمويل وبتكلفة تنافسية ، وتوفير العملة والأراضى الصناعية ، واستقرار التشريعات وحل مشاكل المصانع المتعثرة .
فلا حل دائم لمشكلة سعر صرف الدولار ، سوى بزيادة المعروض منه عن الطلب عليه ، من خلال الموارد التقليدية : الصادرات والاستثمار والسياحة ، وهى العوامل التى يصعب زيادة مواردها حاليا ، فى ظل تعدد معوقات التصدير والاستثمار ، وحوادث قتل السياح، وفى ظل أجواء القمع والجور وتغييب الدستور وغياب العدالة وتراجع الحريات والاضطراب الأمنى .
المصدر
- مقال:ممدوح الولى يكتب: زيادة الجمارك لن تحل مشكلة الدولار موقع: الشرقية أون لاين