معالم وآثار دعوية : مجلة الفتح الإسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
معالم وآثار دعوية : مجلة الفتح الإسلامية

بقلم :أ/ عبده مصطفى دسوقي

موقع إخوان ويكي


لم يهدأ الغرب وكل القوى الاستعمار عن محاولة تنصير البلاد الواقعة تحت نفوذهم وطمس الهوية الإسلامية وحذف اللغة العربية، ففي مصر حاولوا إثارة النعرة الفرعونية وأن مصر أصلوها فرعونية، كما أثاروا الضغينة بين دولة الخلافة (تركيا) والدول العربية والإسلامية حتى تمكنوا من إسقاط الخلافة في مارس 1924م.


ومن المعروف أن الانجليز دخلوا القاهرة يوم 15 سبتمبر 1882م ليبدأ عهد جديد حاول فيه الاستعمار تغيير شكل مصر وتغيير هويتها العربية والإسلامية وإسباغ الصبغة الإنجليزية عليها وكان ذلك واضح في سياسة اللورد كرومر ثم دانلوب التي استهدفت التعليم بوجه خاص والسياسة المصرية بوجه عام، ولقد اعترف القس زويمر في مؤتمر عالمي عام 1925م حين قال :"إن السياسة التي انتهاجها "دانلوب" في مصر نحو التعليم ما تزال مثار شكوى لاحتوائها على شوائب كثيرة ضد مقاصد الدين والوطن".

للعودة إلي معرض الصور
<<:: صور مجلة الفتح الإسلامية ::>>
إضغط علي الصورة للحجم الكامل
واجهة مبنى مجلة الفتح
واجهة مبنى مجلة الفتح
واجهة مبنى مجلة الفتح


لقد بلغت المدارس الأجنبية في مصر مثلا عام 1939–1940م ما يقرب من 421 مدرسة، وقد بلغ عدد التلاميذ في هذه المدارس في العام الدراسي 1945–1946م 75010 تلميذًا من جملة 398.436 تلميذًا في مصر في هذا العام.


وليس ذلك فحسب بل في عام 1924م سقطت الخلافة الإسلامية مما كان لها أثرها السيئ في نفوس الشعوب الإسلامية. دفع هذا حسن البنا والغيورين على الإسلام للعمل للتصدي لهذه الحملات التبشيرية المنظمة، في ظل غياب دور الأزهر الفعال في التصدي لذلك، فقام – وهو ما زال طالبا في دار العلوم- بزيارة الشيخ يوسف الدجوي وكان من المشايخ المعدودين في ذلك الوقت وتحدث معه في جمع الجهود لعمل إيجابي يرد به الكيد عن الإسلام غير أن الشيخ الدجوي قال لا فائدة من كل ذلك وحسب الإنسان أن يعمل لنفسه وأن ينجو بها من هذا البلاء، وأوصاه أن يعمل بقدر استطاعته وأن يدع النتائج على الله، غير أن الإمام البنا لم يرض عن ذلك وقال له وللمشايخ الموجودين" إذا ضاع الإسلام في هذه الأمة ضاع الأزهر وضاع العلماء .. فدافعوا عن كيانكم إن لم تدافعوا عن كيان الإسلام، واعملوا للدنيا إن لم تريدوا أن تعملوا للآخرة وإلا فقد ضاعت دنياكم وآخرتكم على السواء".


ثم اضاف:" يا سيدي إن الإسلام يحارب هذه الحرب العنيفة القاسية، ورجاله وحماته وأئمة المسلمين يقضون الأوقات غارقين في هذا النعيم! أتظنون أن الله لا يحاسبكم على هذا الذي تصنعون؟ إن كنتم تعلمون للإسلام أئمة غيركم وحماة غيركم فدلوني عليهم لأذهب إليهم" فبكى الشيخ وبعض الحاضرين ثم سأل الشيخ حسن البنا وقال له وماذا أفعل؟ قال له الإمام البنا: نحصر أسماء من تتوسم فيهم الغيرة على الدين ليفكروا فيما يجب عمله، يصدرون مجلة يردون فيها على دعاة الإلحاد أو يؤلفون جمعيات يأوي إليها الشباب وينشطون حركة الوعظ والإرشاد، ووافق الشيخ وتم كتابة أسماء العديد من العلماء والوجهاء على رأسهم احمد باشا تيمور.


واستصحب حسن البنا معه عددا ممن استجاب له من هيئة كبار العلماء وطلبوا مقابلة أحمد باشا تيمور في منزله، فاستقبلهم الرجل أحسن استقبال وكان يعرفهم جميعا عدا هذا الشاب الصغير، وتقدم هذا الشاب الصغير فتحدث عن الموضوع حديث الثكلى عن فلذة كبدها، ووصف الحال التي تظلل البلاد وكيف يعيث المبشرون في البلاد فسادا تحت سمع الحكومة وبصرها بل وفي حمايتها، وانفجر في البكاء حتى أبكى الباشا فأبكى الحاضرين، وتداول المجتمعون عسى أن يجدوا مخرجا، وجاءت سيرة الملك فؤاد فقال تيمور باشا إنه صديقي وأثق في غيرته على الإسلام، وتعددت الاجتماعات ونوقشت أفكار ومقترحات، وانتهت إلى قرار بأن أول إجراء لابد منه أن نصدر مجلة تتصدى لهذه المؤامرة وتفضح اعتداءاتها، ونستنهض الهمم لمقاومتها وبمجهود تيمور باشا وتدخل الملك فؤاد صدرت مجلة الفتح وأسندت رياسة تحريرها إلى الكاتب الإسلامي الأستاذ محب الدين الخطيب.


ومحب الدين الخطيب من أصل سوري وعالم جليل عمل كثير من اجل الإسلام، وفي عام 1343هـ 1924م أنشأ المطبعة السلفية التي صدرت عنها مجلة الفتح عام 1926م وكان لهذه المجلة التي كتب فيها كبار العلماء والكتاب أمثال أحمد ومحمود محمد شاكر، ومصطفى صادق الرافعي، ومصطفى صبري، ومحمد الخضر حسين، وعلي الطنطاوي، وتقي الدين الهلالي، دور في فضح مخطط المبشرين وسياسة الاستعمار في تغيير الهوية الإسلامية.


وتكونت لجنة في القاهرة برياسة الشيخ محمد مصطفى المراغي لمقاومة التبشير، وتكونت لها فروع في المدن والقرى، وتصدت هذه اللجان لمن يسمون أنفسهم بالمبشرين.


وكانت مجلة الفتح الإسلامية تحذر من الدور الذي تقوم به الجامعة الأمريكية في القاهرة وبيروت وتركيا، في حين كانت مجلة الهلال العلمانية –ومحررها سلامة موسى- تدافع عن تلك الجامعات خاصة في مصر.


ومجلة الفتح مجلة إسلامية علمية أخلاقية صدرت في 29 من ذي القعدة 1344ﻫ- الموافق10 من يونيو 1926م، وظلت تصدر لمدة 24 عاما، ثم توقفت عام 1368ﻫ-1949م.


و كان سبب توقّفها هو موجة التضييق على العمل الإسلامي التي سادت مصر بعد هزيمة 1948 أمام اليهود، فنال مجلة الفتح ما نال غيرها من الأذى والإغلاق و المصادرة، ولقد وصفها الدكتور "مصطفى السباعي" رحمه الله بقوله : "وما كنا نتصل بالفتح حتى بدأنا نعرف واجبنا في الحياة كشبّان مسلمين، وأخذنا ندرك خطر ما يبيته الاستعمار من وسائل الكيد للمسلمين، وتأجّجت في أفئدتنا نار الحمية لدين الله، والنقمة على أعدائه، وشعرنا بأن الفتح هو همزة الوصل بيننا وبين أقطار الإسلام"

لقد تولّت المجلة أيضا مهمّة الردّ على "طه حسين" بعد إصداره كتابه " الشعر الجاهلي " الذي تضمّن جرأة كبيرة على القرآن الكريم، وتابعت المجلة تطوّرات قضية طه حسين في المحاكم المصرية،ومحاضر التحقيق والاستجواب، وما صدر بحقه من أحكام.


وإلى جانب الرد على طه حسين تصدّت المجلّة إلى افتراءات و هجمات دعاة التغريب في مصر، أمثال: أحمد لطفي السيد، وسلامة موسى، وتوفيق الحكيم، وحسين فوزي،وميشيل عفلق، ومحمود عزمي، وإسماعيل أحمد أدهم، و غيرهم .


و مما يجب أن يُذكر في هذا المقام أن مجلة الفتح كشفت حقيقة الحركة الماسونية في وقت كان الغموض يلفّها ويسدل حولها ستاراً كثيفاً من التعتيم والتزييف، إذ تقول المجلة: " الماسونية بُنيت قواعدها على صرح سليمان لأنها ظاهراً إنسانية وباطناً صهيونية محضة، والدليل على ذلك أنها اليوم لم تتظاهر بعاطفة نحو ضحايا اليهود، وإنما تظهر الجمود و تعمل سرّاً لقمع التعصّب الإسلامي ابتغاء حماية اليهود" .


كما قامت المجلة بالردّ على الفرق الباطنية المنتسبة للإسلام، وكشف النقاب عن جذورها الفكرية والعقائدية.


ويقع مقر مجلة الفتح في شارع الفتح المتفرع من شارع الملك الصالح بمنيل الروضة، مصر القديمة، بمصر.


للمزيد

1- حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة.

2- أنور الجندي: تاريخ الصحافة الإسلامية، توزيع دار الأنصار، القاهرة.

3 - خير الدين الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، 1989م.

4- جمعة أمين عبدالعزيز، أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، ظروف النشأة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة.

5- محمود عبدالحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة، 1998م.

موضوعات ذات صلة