مشعل: المقاومة خيار إستراتيجي لا تراجع عنه

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مشعل: المقاومة خيار إستراتيجي لا تراجع عنه
15-08-2005

حاوره: حبيب أبو محفوظ

مقدمة

- الانسحاب من غزة ليس مفاجأةً بل استحقاقًا طبيعيًّا، وهزيمةً للعدو

- لن نقتتل ولن نُستدرج إلى صراعٍ داخلي، وثوابتنا لا تتغير

- حماس حقيقة ماثلة على الأرض ووزنها في تزايد

لعبت الإرادة الشعبية الفلسطينية، إضافةً إلى المقاومة المسلحة، وعلى رأسها حركة حماس بجناحها العسكري (كتائب عز الدين القسام)، دورًا حيويًّا وفاعلاً في جلاء العدو الصهيوني عن قطاع غزة؛ فقد شكلت الصواريخ الفلسطينية محلية الصنع، والأنفاق المتفجرة، فضلاً عن الألغام البشرية المتمثلة في العمليات الاستشهادية الرادع الأساس في دحر هذا العدو سريعًا عن أرضِ غزة، ويأتي هذا في الوقت الذي دقَّت فيه الفصائل الفلسطينية- قبل أشهر قليلة- ناقوس الخطر في علاقتها مع بعضها البعض، خاصةً ما شهدناه مؤخرًا من اقتتال داخلي فلسطيني فلسطيني ما بين حركتي فتح وحماس، ولكنَّ القيادة السياسية للحركتين استدركت الأمر، وإن جاء متأخرًا نوعًا ما، وجاء الانسحاب الصهيوني ليطرح تساؤلاً كبيرًا عن كيفية إدارة القطاع بعد هذا الانسحاب ولمَن ستكون زمام الأمور فيه؟

وللتعرف على هذه التطورات التاريخية في الصراع مع العدو الصهيوني، ولمعرفة رؤية حركة حماس، والتي لَعِبَ جناحُها العسكري الدور الأبرز في جلاء العدو عن القطاع، التقينا في (إخوان أون لاين) برئيس المكتب السياسي لحماس الأستاذ خالد مشعل في دمشق،

وكان لنا معه الحوار التالي:

  • سنبدأ حوارنا معكم من الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة، هل كنتم تتوقعون ذلك حقيقةً على الأرض، وما خططكم للتعامل مع هذا الانسحاب؟
حقيقةً نحن لم نكن نتوقع ذلك فقط، بل كنا على يقينٍ أنَّ الاحتلال لا بد أن يرحل، وندرك أنَّ مقاومتنا الفلسطينية وما صاحبها من تضحيات جسيمة من الشهداء والجرحى والمعوقين والأسرى والمشردين، وهدم البيوت، وهذه المعاناة الفلسطينية الهائلة، ومصادرة الأراضي وبناء الجدار وكل ذلك، وكنا ندرك أيضًا أنه بالقانون الطبيعي في مواجهة العدوان ومقاومة المحتلين، وفي ظل رعاية الله عز وجل الذي هو المعين والناصر؛ لذلك كنَّا على يقينٍ أن العدو لا بد أن يرحل، وأنه لا بد أن يندحر، صحيح أن ميزان القوى لصالح عدونا، وأن عدونا متفوق علينا عسكريًّا وأمنيًّا وتكنولوجيًّا، لكنَّ ذلك لا يعطل القانون الطبيعي في أن الاحتلال لن يصبر طويلاً على نضال الشعوب الحرة المؤمنة، وخاصةً في أرضنا المباركة فلسطين التي تلفظ الغزاة والمعتدين، فلذلك المسألة كانت مسألة زمن فقط ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ (الإسراء: 51).

ويأتي الانسحاب الصهيوني من غزة كخطوةٍ مباركة على طريق استكمال مشروع التحرير واستكمال انسحاب العدو صاغرًا عن كل أرضنا الفلسطينية، وبالتالي انطلاقًا من هذا الإيمان الراسخ جاء الانسحاب من غزة ليس مفاجأةً بل استحقاقًا طبيعيًّا، لكننا نريده أن يكون خطوةً أولى على طريق التحرير الكامل وليس كما يريده شارون الخطوة الأولى والأخيرة.

مساران

  • وما خططكم للتعامل مع هذا الانسحاب؟
خطتنا في التعامل مع هذا الانسحاب لها مساران، المسار الأول هو: استيعاب هذا الإنجاز بموقفٍ وطني شامل، وبترتيب بيتنا الفلسطيني والتفاهم مع جميع قوى شعبنا لإدارة هذه المرحلة الجديدة وهي مرحلة غزة بعد الانسحاب، لنقدم نموذجًا لشعبنا الفلسطيني كيف يتعامل مع خطوة بهذا الحجم.
والمسار الثاني هو: أن نستعد لمواصلة مشوارنا في مقاومة الاحتلال وانتزاع حقوقنا "حقًا بعد حق وأرضًا بعد أرض"، حتى نستكمل مشروعنا بالكامل ونسير بالمسارين معًا لا يطغى أحدهما على الآخر.
  • هل ستقومون بإطلاق النار على الصهاينة أثناء انسحابهم من المغتصبات، علمًا بأنَّ مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري قد أفتى بعدم جواز ذلك؟
الجميع يدرك أنَّ انسحاب العدو من غزة هو إنجاز للمقاومة وأنه هزيمة صهيونية وإن غُلفت بأغلفة كثيرة، ومنها أنها تأتي في سياق خطة شارون لفك الارتباط أو غيره، لكن الحقيقة هي الحقيقة أنَّ هذا الانسحاب هزيمة للعدو وانتصار للشعب الفلسطيني، والمجاهدون يتصرفون على الأرض وفقًا لظروفهم ولمعطيات الساحة، والمهم بالنسبة لنا أن يندحر هذا الاحتلال عن غزة، أما التفاصيل وأن يُطلق النار أو لا يطلق فهذا مرتبط بظروف الميدان وظروف المجاهدين، لكنَّ الذي يعنينا ويعني كل الفلسطينيين هو أن نُعجِّل بهذا الانسحاب، وليس صحيحًا ما يقوله البعض إنَّ حماس أو قوى المقاومة، أن بعض خطواتها قد تدفع الاحتلال للبقاء!، أداء حماس وأداء المقاومة بشكلٍ عامٍّ هو الذي أجبر الاحتلال على الرحيل ويعنينا أن نحقق هذا الإنجاز بأن يرحل عن أرضنا بسرعة.

الأرض كاملة

ملف:اخلاء المغتصبات الصهيونية.
إخلاء المغتصبات الصهيونية
  • ما مصير المغتصبات الصهيونية بعد الانسحاب من غزة وشمال الضفة الغربية؟
الحديث الصهيوني هو عن تفكيك هذه المغتصبات، ولا معنى لبقاء المغتصبات في قطاع غزة وإلا سيكون انسحابًا جزئيًا وليس كاملاً عن قطاع غزة ، وليس أمام العدو إلا أن يرحل عن غزة كاملةً، وليس أمامه بعد ذلك إلا أن يرحل عن كل أرضنا الفلسطينية، فنحن مصرون على استعادة أرضنا كاملة دون أي استيطان ودون أي وجود صهيوني .
  • لكن هل ستسمحون للسلطة الفلسطينية بالسيطرة على هذه المغتصبات مثلاً؟
نحن طالبنا بأن يتولى ملف الانسحاب الصهيوني من غزة بكل تفاصيله ومفرداته وخاصةً موضوع المغتصبات- التي سينسحب منها العدو والمواقع العسكرية التي سيخليها- أن تتولاها هيئة وطنية من جميع القوى الفلسطينية؛ لأنَّ هذه مسئولية وطنية عامة لا يجوز لأحد أن ينفرد بها، والآن مؤخرًا جرى التفاهم أن تكون لجنة المتابعة العليا للقوى الإسلامية والوطنية هي التي تتولى هذا الملف، نرجو أن يتم إنجاز ذلك وتنفيذه فعليًا حتى يتعاون الجميع في استيعاب هذا الإنجاز وتحويله إلى مرحلة بناءٍ وجهدٍ وطني متميز من الجميع.

احتفالات بالانسحاب

  • سمعنا بأنَّ فصائل المقاومة وكافة فئات الشعب ستحتفل بعد الانسحاب الصهيوني، لكن السلطة طالبت بعدم حصول ذلك فهل تنوون إلغاء مظاهر الاحتفال؟
لا طبعًا، الاحتفال حق وطني للجميع، والسلطة التي تقول هذا الكلام هي التي بادرت وأقامت احتفالات ذات صبغة متعلقة بالسلطة وبحركة فتح، وبالتالي هي تناقض ما تدعو له، مما يدل على أنَّ نوايا البعض في ألا تكون في الواجهة إلا السلطة وحركة فتح، وهذا أمر غير مقبول، هذا الإنجاز هو إنجازٌ للجميع؛ ساهم فيه الجميع، وبالتالي من حق الجميع أن يحتفل ومن حق الجميع أن يفرح سواء بفعاليات جماعية أو بفعاليات فصائلية، ولا يستطيع أحد أن يصادر حق الآخر، وبالتالي حماس ستشارك في الفعاليات الوطنية العامة، وستكون لها فعالياتها الخاصة، ولكن كل ذلك في سياق الاحتفال العام من الجميع دون إلغاء حقوق الآخرين.
  • نود أن نعرف منكم أين دور المصريين بعد الانسحاب، خصوصًا إذا ما عرفنا أنَّ هناك تقاربًا كبيرًا بينكم وبينهم من خلال المفاوضات الجارية؟
باعتبار القطاع على حدود أرض مصر فلا شك أن مصر معنية بما يجري في قطاع غزة ، وتحاول تل أبيب أن تحصر الدور المصري في الإطار الأمني، وهذا نابع من أن الكيان الصهيوني لا يفكر إلا في مصالحه والحفاظ على أمنه، لكنَّ مسئولية مصر ومسئوليتنا كفلسطينيين أن نسعى لإنجاز مصالحنا وحقوقنا الفلسطينية والعربية، وتوفير الأمن لشعبنا وتوفير الأمن لمصر ولكل البلاد العربية، فهذا هو الذي يعنينا، وهذا هو الذي ينبغي أن يكون المعيار لكل خطواتنا وليس ما يريده الصهاينة.

شركاء في ترتيب البيت

  • بعد الانسحاب هل سيكون لكم سلطة على قطاع غزة، وما شكل هذه السلطة، وكيف سيتم التوافق ما بينها وبين السلطة الحالية؟
نحن في حماس لا نطرح أنفسنا لا سلطة بديلة ولا سلطة تحت السلطة أو فوق السلطة، ولا ننازع أحدًا في ذلك، ولسنا فوق القانون، إنما حماس تسعى لأن تكون شريكة مع غيرها في ترتيب البيت الفلسطيني، وفي القرار الفلسطيني أن نكون شركاء معًا في القرار كما كنا شركاء في المقاومة، وفي الدفاع عن شعبنا وفي مواجهة العدوان الصهيوني، فهذا هو الذي تسعى إليه حماس.
  • لكن هناك أصوات في فتح تقول: إنَّ حماس تحاول فرض نفسها لتكون بديلاً عن فتح في المرحلة القادمة؟
هذا كله عبارة عن تلفيقات واتهامات باطلة لا أساسَ لها، شعبنا يدرك الحقيقة، لكن هذا ما يقوله "البعض" في فتح، والسلطة للأسف كتبريرٍ لخطواتهم الاستفزازية وكتبرير لإصرارهم على خيار التفرد، البعض في السلطة الفلسطينية- للأسف- مصرّ على خيار الاستفراد في القرار وعدم القبول بالشراكة مع الآخرين، ويضع معاذير لذلك بمثل هذه الاتهامات الباطلة، نحن نصر على أن نكون هناك شراكة في القرار، وأن تكون هناك مسئولية وطنية يشترك فيها الجميع، ولا نقبل استفراد من أحد، الاستفراد مرفوض من فتح، كما هو مرفوض من حماس، ومن أي فصيل، ونحن في حماس لا نسعى الى الاستفراد، نحن نريد الشراكة لأنها مسئولية وطنية ولأنَّ قضية فلسطين تستوعب الجميع وهي بحاجة إلى جهد الجميع، بل هي بحاجةٍ إلى جهد جميع الفصائل الفلسطينية بل بحاجةٍ إلى جهد الأمة كلها.

مشوار التحرير مستمر

مجموعة من رجال المقاومة الفلسطينية
  • شهدنا مؤخرًا استعراضًا عسكريًّا لكتائب القسام، فما الرسالة التي أردتم إيصالها من خلال هذا الاستعراض؟
هذا الجزء من الاحتفال كان بخروجِ الاحتلال من الأرض، وأيضًا هو رسالة إلى أن مشوار التحرير لم ينته، فما زلنا بأول المشوار، ورسالة أن العدو إذا فكَّر أن يعود إلى غزة فشعبنا سيهب للدفاع عن كل الأرض الفلسطينية، ويدافع عن شعبه، وقوى المقاومة ستدافع عن شعبها، ورسالة أن خيار المقاومة خيار إستراتيجي لا تراجعَ عنه، وانسحاب العدو من غزة لا يعني انتهاء خيار المقاومة؛ لأنَّ المقاومة مستمرة حتى ينتهي الاحتلال بالكامل ونستعيد أرضنا وحقوقنا وقدسنا ومقدساتنا، ورسالة أننا متمسكون بسلاح المقاومة؛ لأنه حقنا الطبيعي للدفاع عن أنفسنا وشعبنا وأرضنا من ناحية، ولاستكمال مشروع التحرير من ناحية أخرى.

لا للاقتال الداخلي

حماس وفتح
  • قلتم على لسان "أبي أنس" أحد قادة القسام إنَّ السلاح شيء مقدس ولا تراجعَ عنه، في الوقت الذي تقول فيه السلطة الفلسطينية إنه لا سلاح سوى سلاح السلطة ولن تسمح بغير ذلك، فهل برأيك سنشهد اقتتالاً داخليًّا إثر ذلك؟
لن نقتتل- بإذن الله- ولن نُستدرج إلى صراعٍ داخلي، ثوابتنا الفلسطينية في حماس، كما هي لا تغيير عليها بتحريم الدم الفلسطيني، وحقن المعركة ضد الاحتلال الصهيوني، وتوجيه السلاح نحو العدو، وليس نحو أحدٍ من أبناء شعبنا مع الحرص الدائم على الوحدة الوطنية الفلسطينية، وحمايتها وصيانتها، وبالتالي فإننا في حماس، سنظل عند مسئولياتنا في تجنب أي صراعٍ داخلي، ولكن في ذات الوقت نحن متمسكون بسلاح المقاومة، وهو سلاح شرعي ومشروع لأنه لا يُستعمل في الشأن الداخلي طالما أن أرضنا محتلة والخطر يتهددنا والعدوان الصهيوني مستمر على بقية أرضنا الفلسطينية، ويمكن أن يصيب شعبنا في غزة فمن حق حماس- وفصائل المقاومة وكل إنسان فلسطيني- أن يحتفظ بسلاح المقاومة، وهو سلاح مشروع، ولا يحق لأحد أن يعتبره خارج إطار الشرعية.
  • بعد الأحداث الأخيرة في غزة والاقتتال الذي حصل بينكم وبين حركة فتح، طالبتم بإقالة وزير الداخلية نصر يوسف، فما الأسباب التي دعتكم لذلك، وإلى أين وصلت مطالبكم تلك؟
طبعًا هذه قضية حصلت أثناء الأزمة المؤسفة، والتي شكلت إنذارًا بالخطر بالوضع الفلسطيني الداخلي، والذي يتحمل مسئولية ذلك التوتر هو مَن أعطى التعليمات لبعض أفراد الأجهزة الأمنية لإطلاق النار على المجاهدين، الذين لا ذنبَ لهم يستوجب إطلاق النار عليهم، فهم يدافعون عن الأرض وعن الشعب الفلسطيني، ويردون على العدو الصهيوني، وتحميل من أصدر التعلميات المسئوليةَ لا يأتي اعتباطًا بل مدعومًا بوثائق، هناك تعميم أصدره وزير الداخلية نصر يوسف يوم 7 يونيو الماضي بإطلاق النار على كل مَن يطلق الصواريخ والنار على الكيان الصهيوني، وهذا أمر مرفوض، ولا نقبل أن يُعتدى على المجاهدين، وأن تُستباح دماؤهم، وأي خلافات في الرأي أو في الموقف فلسطينيًا تعالج بالحوارات، وليس عبر إطلاق النار.

ثقة شعبية بحماس

مسيرات مؤيدة لحركة حماس
  • ما الذي حققته حماس بعد مرور أشهر على الانتخابات البلدية، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما مصير البلديات التي ألغيت نتائجها مثل رفح وبيت لاهيا والبريج؟
ما تحقق في الشهور الماضية- قياسًا إلى المدى الزمني القصير- يُعتبر شيئًا كبيرًا، فجماهير شعبنا في تلك البلديات تشعر به وتلمسه عن كثب، خاصةً أنَّ الثقة عادت إلى جماهير شعبنا بالبلديات، وبأمانة المسئولية، ونظافة اليد، والحرص على خدمة الجمهور الفلسطيني، وفعلاً حققت هذه البلديات نجاحات متميزة، فاستعادت الكثير من الديون المتراكمة وسدتها، وأقامت مشاريع ناجحة، وقدمت خدمات، وقدمت نمطًا نضيفًا مميزًا من التعامل، وإن شاء الله الفترة القادمة ستشهد المزيد من الإنجازات؛ لأن رائدنا هو خدمة شعبنا- بعد كسب رضا الله سبحانه وتعالى- ونريد أن نخدم شعبنا لنخفف معاناته، وليعيش حياة كريمة، وليكون أقدر على مواجهة متطلبات الصمود في وجه الاحتلال الصهيوني وعدوانه.
أما بالنسبة للبلديات التي عطَّلت نتائجها- خاصةً في رفح وبيت لاهيا والبريج- فللأسف لا تزال معلقة، وجرى مؤخرًا التفاهم على أنَّ يعاد إجراء انتخابات في هذه البلديات خلال الشهور القادمة مع المرحلة الثالثة والرابعة من الانتخابات البلدية، وهذا مطلبنا في حماس بعد الاتفاق على ضمانات النزاهة؛ لأننا نصر أن تكون هناك ضمانات للنزاهة في الانتخابات القادمة.

لا مفاوضةَ للاحتلال

  • في حال فوزكم بالانتخابات التشريعية، هل تنون تشكيل الحكومة؟
نحن سنتحرم نتائج الانتخابات أيًّا كانت، وطالما احتكمنا للعبة الديمقراطية فعلينا أن نقبل نتائجها، ونقبل نتائج صناديق الاقتراع أيًّا كانت تلك النتائج، وبالتالي من السابق لأوانه أن نتحدث عن أغلبية أو غير أغلبية، ما سنحصل عليه في حماس سنحترمه، وسنعتبره معبرًا عن الإرادة الفلسطينية، وفي ضوء النتائج سنحقق خطواتنا اللاحقة، أما موضوع الحكومة، فكما أعلناها سابقًا هذا موضوع تحت الدراسة وستعلن الحركة موقفها تجاه موضوع الحكومة في الوقت المناسب.
  • ولكن هل ستفاوضون الصهاينة في حال شكلتم الحكومة؟
أنا قلتُ إنَّ هذا مبني على شيء افتراضي، وموضوع الحكومة- كما قلت- سيحسم في حينه سلبًا أو إيجابًا حسب نتائج الدراسة الداخلية في الحركة، وبالتالي من السابق لأوانه افتراض أننا سنشارك أو لا نشارك، أما موضوع التفاوض، فمعروف موقف الحركة، نحن لا نفاوض الاحتلال وهذا الأخير عليه أن يرحل، وهذا حقنا الطبيعي، وقناعتنا أن الاحتلال لا يرحل إلا مجبرًا وليس نتيجةً التفاوض، إنما يرحل تحت ضغط المقاومة وضغط الصمود الفلسطيني والتضحيات الفلسطينية.

خيار المقاومة

  • تتحدث وسائل الإعلام الصهيونية عن انتفاضة ثالثة بالضفة الغربية بعد الانسحاب، إلى أي مدى ترون مصداقية هذه الفرضية؟
سميناها انتفاضة ثالثة أو متابعة لمسيرة المقاومة، طالما هناك احتلال وطالما هناك عدوان فشعبنا الفلسطيني ليس أمامه من خيار إلا المقاومة، وهي مستمرة ومتجددة، ولكن تأخذ أطوارًا متعددة ووسائل مختلفة، قد تهدأ في بعض الأوقات، وقد يرتفع سقفها في أوقات أخرى، لكنَّ العبرة الأساسية أن استمرار الاحتلال والعدوان الصهيوني كفيل بتجديد روح المقاومة، والنضال لدى شعبنا الفلسطيني، وستتواصل هذه المقاومة حتى يرحل الاحتلال كاملاً عن أرضنا.
  • كيف توفقون بين محاربة أمريكا لكم، خصوصًا بعد اعتقال الشيخ "المؤيد" بعد اتهامه بدعمكم ماليًا، وبين الاتصالات الجارية بينكم وبين الاتحاد الأوروبي وبعض المؤسسات الأمريكية غير الرسمية؟
بالنسبة للموقف الأمريكي هو موقف مشارك في العدوان على شعبنا، ومنحاز بالكامل للصهاينة، وبالتالي يتحمل مسئولية كبيرة عن الجرائم الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني، ومن ضمن هذا الانحياز هو تبني الإدارة الأمريكية للموقف الصهيوني في التعامل مع الحقوق الفلسطينية والعربية، ومنها موضوع وضع حماس على قائمة الإرهاب، وفصائل فلسطينية غيرها على قائمة الإرهاب، لكن الإدارة الأمريكية تدرك حجم حماس في الساحة الفلسطينية، ووزنها ودورها، وتدرك أن المقاومة خيار أصيل في الشارع الفلسطيني، رغم كل اتهامات أمريكا للمقاومة بأنها إرهاب، وهو اتهام مرفوض ومدان.
ولذلك أمام عدم قدرة الإدارة الأمريكية على تجاوز الوقائع على الأرض الفلسطينية، ومنها وزن المقاومة، ووزن حماس، وأمام فشل خيار شارون العسكري والأمني في القضاء على الانتفاضة، والقضاء على فصائل المقاومة، وفي مقدمتها حركة حماس، فالإدارة الأمريكية مضطرة أن تتعامل ولكن بطريقة غير رسمية حتى لا تناقض موقفها الرسمي المعلن، فتلجأ إلى مثل هذه الحوارات عبر شخصيات أمريكية ليس لها مواقع رسمية في الوقت الحاضر، وإن كان لها مواقع رسمية سابقة، وهذه الشخصيات حين تحاور حماس ستحاورها في ضوء أخضر أمريكي رسمي، وإن كانت هي غير رسمية، مما يدل على المأزق والتناقض الذي تعيشه الإدارة الأمريكية، وسبب ذلك هو أنَّ المقاومة الفلسطينية على موجودة الأرض وفي الواقع، أما بالنسبة للأوروبيين، فهم استجابوا للضغط الأمريكي والاستفزاز الصهيوني، فوضعوا حماس على قائمة الإرهاب، وقناعتنا أنهم يناقضون أنفسهم في ذلك، وربما لا يعبرون بالضرورة عن قناعاتهم بدقة في التعامل مع الموضوع الفلسطيني، ولذلك هم يواصلون الحوار مع حماس رسميًّا وبقنوات مختلفة، رغم أنهم يضعون حماس على قائمة الإرهاب خاصة، وهم يعلمون أن أي طرف دولي يريد أن يتعامل مع القضية الفلسطينية، ومع الصراع العربي الصهيوني، لا يستطيع أن يقفز عن حركة حماس، ودورها ووزنها، ولا يستطيع أن يتجاهل وزن المقاومة الفلسطينية في الساحة الفلسطينية.

عمق إستراتيجي

  • كيف تقيمون علاقتكم مع الدول العربية والإسلامية خاصةً مع الأردن، وهل هناك أفق واضح وقريب لعودتكم للأردن؟
سياساتنا في التعامل مع الدول العربية والإسلامية كما هي لا تغيير عليها، وهي الحرص على إقامة علاقات فاعلة مع أمتنا على المستويين الرسمي والشعبي، ومن ذلك إقامة العلاقات مع الدول والأنظمة والحكومات باعتبار الأمة العربية والإسلامية هي عمقنا الإستراتيجي، وهم إخواننا وسندنا، ومعركة فلسطين معركتهم كما هي معركتنا، ونحن أمام مسئولية مشتركة في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يهددنا جميعًا، فهو يهدد العرب والمسلمين كما يهدد الفلسطينيين، بل يهدد الإنسانية كلها، ولا تزال سياستنا أيضًا في ضرورة حسن التواصل مع هذه الدول ومع شعوبها وقياداتها والحرص على أمن البلاد العربية والإسلامية، وعدم التدخل في شئونها وضرورة أن يكون للأمة دورها في معركة فلسطين، هذه مسائل كما هي لا تغيير عليها ونحن لا نرد على الإساءة بالإساءة، هذا جزء من سياستنا؛ لأن معركتنا كانت وستظل مع الاحتلال، ونحن سلم مع أمتنا حربٌ على أعدائنا، هذه هي القاعدة، تطبيقًا لقوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ﴾ (الأحزاب: 29)، أما فيما يتعلق بالأردن، فهو يبقى أرضنا وبلدنا وأهله أهلنا، وهو أرض الحشد والرباط، وأقرب الناس إلى :فلسطين أرضًا وشعبًا، ولا ننسى التداخل الديمغرافي المعروف، وبالتالي حرصنا على الأردن كان ولا يزال مستمرًا وقويًا، رغم ما حصل لنا من إبعاد عام 1999م، لكن هذا لا يغير من نظرتنا هذه تجاه الأردن، وبالنسبة لإدارة العلاقة مع الحكومة الأردنية، نحن في الوقت الحاضر لا نجد أي بوادر إيجابية من طرف الحكومة، رغم أننا أكدنا مرارًا أننا مستعدون لإدارة العلاقة بناءً على حوارٍ وعلى تواصل، وبما يحقق المصلحة العامة، كعادة :حماس في إدارة علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، لكن حتى الآن لا نجد استجابةً؛ على كل حال المستقبل كفيل بعلاج هذه المسألة، وحتى مَن يريد أن يتجاهل العلاقة مع حماس سيكتشف لاحقًا أنه لا مجال أمامه إلا أن يقيم هذه العلاقة معنا؛ لأنها حقيقة ماثلة على الأرض، ووزنها في تزايد وتصاعد، وهي جزء من الحالة الفلسطينية في كل أبعادها النضالية والسياسية والاجتماعية والشعبية.

ثوابت القضية

  • بعد التوجهات الجديدة في موافقتكم على الدخول في منظمة التحرير والسلطة، هل هناك توجه في إعادة النظر في ميثاق الحركة، وإن كان فبأي البنود ستبدأون؟
هناك فرق بين المنظمة والسلطة، فيما يتعلق بالسلطة ليس عندنا قرار بالمشاركة فيها، نحن قررنا المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي، هذا هو موقفنا، وهذا لا يعني المشاركة في السلطة، ولا يعني أننا نوافق السلطة على برنامجها السياسي، فنحن مختلفون، ولدينا موقف معروف، وتكرس هذا- في الساحة الفلسطينية- في ظل الانتفاضة الأخيرة، حيث تقاربت المواقف لتنحاز بشكل عام نحو التمسك بثوابت القضية، وبحقوق شعبنا في أرضه وحق العودة، والقدس وحق مقاومة الاحتلال... إلخ.
أما ما يتعلق بالمنظمة، فموقفنا هو أننا مستعدون لدخول منظمة التحرير، ولكن بعد إعادة بنائها على أسس سياسية وتنظيمية جديدة، حتى تكون بالفعل مرجعية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وهذا لا يعني تناقضًا مع ميثاقنا، وبالتالي لا حاجة اليوم لتعديل الميثاق، لأن إستراتيجيتنا لا تغيير عليها، إنما مواقفنا تتطور استجابة لمتطلبات المرحلة.
وكل ذلك نابع من ثوابتنا وإستراتيجتنا تنسجم معها ولا تتناقض معها، لا يمكن أن تتخلى حماس عن ثوابت القضية، ولا عن حقوق شعبنا، ولا عن أرضنا، ولا عن حق العودة، ولا عن القدس، ولا تتخلى عن حقها في مقاومة الاحتلال، وعن سلاح المقاومة، هذه مسائل من الثوابت، وأما المواقف من المنظمة من الانتخابات هذه مسائل سياسية ليست مبدئية، وإنما هي اجتهادات سياسية نابعة من المصحلة، وبتقدير المرحلة، وسنتعامل مع كل مرحلة بمقتضايتها، وكل ذلك يأتي متوازنًا متناغمًا ونابعًا ومشتقًا من إستراتيجية الحركة، ومنحازًا دائمًا إلى المصلحة العامة لشعبنا الفلسطيني.

المصدر