مسئول الملف الأمني بالسودان: لن تكون السودان عراقًا ثانيًا
[21-08-2004]
مقدمة

- الشرطة والجيش يسيطرون على الأمن في دارفور
- جارانج يمد المتمردين في دارفور بالسلاح والذخائر ومواد التموين
- 68 مركزًا للشرطة وأكثر من 430 من الجنود إجمالي خسائر الشرطة
أجرى الحوار: حسام محمود
ما زالت أحداث دارفور تطفو على واجهة أحداث العالم، وتمثل أهم المشاهد السياسية على الصعيد العالمي والإقليمي والمحلي، وقد أظهرت الأحداث وجود تآمر داخلي وخارجي على السودان، يهدد أمنه القومي، ويهدف إلى إحداث اضطرابات أمنية تهدد الكيان الموحد للسودان وتؤدي إلى تقسيمه.
أردنا معرفة حقيقة الأوضاع الأمنية الآنية في دارفور، وهل استطاعت الحكومة السودانية- بإمكاناتها المحدودة- احتواء الأزمة؟ وما إن كان للكيان الصهيوني وبعض دول الجوار دورٌ في دعم عملية التمرد بدارفور؟ وهل ستصبح السودان عراقًا ثانيًا؟!
حملنا هذه الأسئلة وكثيرًا من الملفات الأخرى، وواجهنا بها مسئول الملف الأمني بالسودان ووزير الشئون الداخلية "أحمد محمد هارون"، والذي أكد على أن الشرطة السودانية قادرةٌ على احتواء الأزمة، وأنَّ الأوضاع مستقرةٌ تمامًا الآن بدارفور، وأن السودان لن يصبح عراقًا ثانيًا، وأن رئيسه لن يُعتقل من حفرة.. فإلى تفاصيل الحوار:
نص الحوار
- ما هي آخر التطورات في ساحة دارفور؟
- نفذت وزارة الداخلية خطةً لإعادة نشر 6 آلاف شرطي، والمهمة الأولى لهذه القوات هي توفير الحماية الأمنية للنازحين في معسكراتهم، وتأمين عودتهم طواعيةً إلى قراهم، وقد وصل الآن تعداد الشرطة في دارفور إلى عشرة آلاف شرطي.
- هل نجحت هذه الخطة؟
- المؤشرات التي لدينا تؤكد عودة النازحين، وهذا مؤشر عمليٌّ وكافٍ جدًّا على إحساس المواطنين بالأمن، وكذلك زيارة وفد من الأمم المتحدة والمراقبين الدولييين للمنطقة، وتأكيدهم على أن النازحين عادوا طواعيةً، ووجدوا الأمور مستقرةً، وشهدوا على أن هناك استقرارًا وأمنًا داخل دارفور، وبدأت الأمور تعود إلى طبيعتها، وهذا أعطى الفرصة للمواطنين للقيام بأعمالهم.
خروقات أمنية
- هل هناك مجال للتفاوض مع المتمردين وعناصر الجنجويد؟
- قيادات التمرد غير قادرة على السيطرة على قواتهم الموجودة في المنطقة، وهذا يفسر الخروقات الأمنية المتتالية من جانب التمرد للمفاوضات التي تجريها الحكومة مع المتمردين، وهذا ما يوضح طلبنا للاتحاد الإفريقي بضرورة توفير القدرات والإمكانات، سواء المعدات أو في المراقبين لضمان حل النزاع.
- مشكلة دارفور مشكلة قديمة، فلماذا تركت الحكومة الوضع منذ البداية؟!
- بالطبع أي حكومة في العالم يهمُّها الاستقرار، والذي تسبب في تدهور الأحوال الأمنية هو تأجيج هذه الحركات والمجموعات المتمردة لعوامل الصراع المحلي وتسييسه وتوسيع رقعته،والقضاء على عوامل وعناصر السيطرة المحلية الموجودة، والممثلة في مراكز الشرطة التي تم تدميرها، والمشكلة في دارفور تكمن في أن البعض منذ القِدَم يسعى لتسييس المشكلة، وإدخال العنصر السياسي لإشعال الحرب في دارفور وأن المسئول الأول هو حركة التمرد في دارفور.
- يؤكد البعض تورط الكيان الصهيوني.. فما رأيك؟
- الكيان الصهيوني متورط- لا شك في ذلك- في إشعال الصراع بالمنطقة.
- هل تتوقع أن يستطيع السودان تخطِّي الأزمة خلال الأيام المقبلة؟
- الأيام المقبلة ستشهد بالتأكيد انفراجةً في الأزمة وحلها، لكنَّ الثلاثين يومًا- التي أعطتها الأمم المتحدة كمهلة للسودان للحل- غير كافية، وهذه ليست رؤيةَ الحكومة وحدها ولكن رؤية الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وأصبحت فيما بعد رويةً للأمم المتحدة والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جامعة الدول العربية، ومنذ أيام أكد أنها مدةٌ غيرُ كافية، وقال نعتبرها مدةً ابتدائيةً.
- هل الحكومة السودانية راضيةٌ عما خرج به اجتماع وزراء الخارجية الأخير؟!
- ما صدر كافٍ جدًّا، ونحن راضون عنه.
خبرة قتالية
- يرى البعض أن الحكومة غيرُ قادرةٍ على احتواء النزاع.. فلماذا ترفضون أيةَ قوات عربية؟
- لدينا خبرةٌ قتاليةٌُ مع المتمردين تبلغ خمسين عامًا، واستطعنا الحفاظ على وحدة السودان، ونحن قادرون على ذلك، ونتمنى أن نحتويَ النزاع في ظرف ثلاث دقائق، ولكن يبقى التمني شيئًا والواقع شيئًا آخر.
- إذًا هناك صعوبات تواجهكم.. فلماذا لا تجعلون للحل السياسي دورًا؟
- قلت لك نحن قادرون على فرض الأمن، وهذه المشكلة مهما تفاقمت ليست أصعب من مشكلة الجنوب، وهي ليست أكثر تعقيدًا منها، فلدينا قواتٌ مسلحة وقواتُ شرطة لها تاريخ في احتواء مثل هذه المشكلات.
- هل هناك خطة لنزع أسلحة الجنجويد؟
- نحن نتحدث عن نزعٍ شاملٍ لكل الأسلحة ومن كل الجهات، ولا يبقى سوى الجيش والشرطة هما اللذان يحملان السلاح، وقد وافقَنا في ذلك الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة.
تمويل المتمردين
- ننتقل إلى دول الجوار..
- علاقتنا بهم طيبة ما عدا إريتريا؛ فقد قامت بتمويل المتمردين، وإقامة معسكرات لهم على أرضها، وتدريبهم على السلاح؛ لمناهضة النظام السوداني، وموقفنا من إريتريا واضحٌ ومعلَن، وهناك بعض دول الجوار قامت بدور إيجابي، مثل ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى، وإن كان هناك بعض الأشياء التي تحدُث من قِبَل البعض تكون الحكوماتُ غيرُ مسئولة عنها.
- يرى البعض أنكم تساندون القبائل العربية بدارفور على حساب القبائل الإفريقية؟
- لكلٍّ الحق في أن يرى ما يراه، لكن هل من يتحدث يمثل تيارًا عريضًا في الشارع السوداني..؟! أؤكد لك أنه لا يوجد إجماع حول الرؤية التي يتحدث عنها البعض؛ فهي رؤية معزولة عن الضمير السوداني والشارع السوداني، ولكن يجب أن نؤكد على هوية السودان وانتمائه لمحيط عربي وإسلامي وإفريقي، وأرجو أن لا تنزعج كثيرًا؛ فهناك مزايدات ومواقف عاطفية وليست موضوعية، وهي آراء شاذَّةٌ ويجب الصبر عليها.
- لكن بعض عُمَد دارفور اتهموا وزارة الداخلية بتوفير الإمكانات لعُمَد العرب دون العُمَد الإفريقية!!
- أؤكد لك أن هذا لم يحدث، وهذا كذب، ومن يقولون ذلك ليسوا موجودين في السودان، وقد هربوا خارجها، والمفروض أن القيادات الأهلية لا تهرب من مواطنيها ولا تتخلى عن مواطنيها في أوقات الأزمة..!!
- جون جارانج يحاول الآن استمالة بعض القبائل في دارفور.. فما ردك؟
- لا داعي للكلام في هذا الموضوع.
لا توجد إبادة

- تحدث البعض عن وجود إبادة في دارفور.. فما ردك؟
- قلنا نرحب بأي مراقب من أي مكان في العالم ليأتي للسودان ليشاهد الوضع على الطبيعة، فلا توجد أي أعمال إبادة نهائيًّا، ومن ذهبوا إلى هناك شهدوا بذلك، وقد أعلنت بعض المنظمات الدولية تقارير خاطئة وراجعناها وبعدها كتبوا الحقيقة، فلو كانت الأعداد التي أعلنوا عن وفاتها صحيحة لما كان هناك آدميٌّ واحدٌ في السودان كله.
- كيف تتعاملون أمنيًّا مع المنظمات الإنسانية التي تحمل أجندةً سياسيةً؟
- نعرف كل المنظمات ومع من تعمل، وقد تركناهم يدخلون السودان؛ لأننا في احتياج إليهم، ولكن قد حددنا لهم وقتًا معينًا بعدها، وستُستخدم معهم كافةُ الإجراءات الأمنية التي تحمي الأمن القومي السوداني.
- هل هناك تعاون أمني بينكم وبين الدول العربية؟
- هذه موضوعات أمنية لا داعي للتحدث بها في الصحافة؛ لأنها لن تفيد شيئًا.
خسائر الشرطة
- نريد أن نتعرف على أهم الخسائر التي لَحِقت بالشرطة السودانية؟
- الجماعات المسلحة استهدفت أول ما استهدفت مراكز الشرطة في الريف، فدمرت 68 مركزًا للشرطة، وقتلت أكثر من 408 في اشتباكات مع رجال الشرطة، ومات عشرون ضابطًا في اشتباكات مع هذه الجماعات، ووصل الأمر إلى ضرب مدينة الفاشر، وتم احتلال المدينة فترةً من الوقت، ووضح أن التهديد لم يعد تهديدًا محليًّا فقط؛ ولذلك كان لا بد أن تقوم الدولة بدورها، فقد سعَيْنا للحل السلمي من خلال 15 مبادرةً سلميةً قامت بها الحكومة، لكن المتمردين كانوا دائمًا يخرقونها.
- كنتم تعرفون أن هذه المنطقة مضطَّربة.. فلماذا لم تقم الحكومة بدور أكثر جدية من ذلك؟!
- ما حدث كان مفاجأةً، وكانت هناك إشكالية، فهناك قبائل تحمل السلاح للدفاع عن نفسها، والجنجويد وقبائل أخرى تُحدث دمارًا، وهذا كان أكبر من إمكانات الحكومة في هذه المنطقة فحدث ما حدث، لكن تم تلاشي الموقف، وتم القضاء على التمرد هناك وحدث الاستقرار.
- اتهم التحالف الفيدرالي السوداني الحكومةَ السودانيةَ مؤخرًا باستجلاب عناصر من جيش الرب الأوغندي ليَعيثوا فسادًا في دارفور.. فما ردُّك؟
- هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، فقد طلبت الحكومة السودانية من حكومة أوغندا التدخل في جنوب السودان لملاحقة جيش الرب الأوغندي.. فكيف نستعين بهم؟!
- تردد في الآونة الأخيرة أن جون جارانج يدعم التمرد في دارفور.. فما ردُّك؟
- الحركة الشعبية بقيادة جارانج وكذلك إريتريا كما سبق تقدمان الدعم للمتمردين في دارفور، وقد استطاع الجيش السوداني ضبطَ الكثير من الطائرات التي كانت تنقل السلاح والذخائر ومواد التموين من إريتريا والمناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في جنوب السودان.
اجتماع أسمرا
- بالطبع عُقِد اجتماعٌ في أسمرا بين بعض الخبراء العسكريين الصهاينة وقادة التمرد، وتمَّ ضبطُ أسلحةٍ من صُنع الكيان الصهيوني مع العناصر المتمردة في الإقليم، وأيضًا تصريحات قيادات الكيان الصهيوني تدل على ذلك.
خبرة عسكرية
- ماذا أنتم فاعلون إذا ما قامت الولايات المتحدة بغزو السودان؟
- لا أتوقع حدوث ذلك، وإذا ما تم فكل السودانيين سيدافعون عن السودان بكل ما يملكون، وقواتنا المسلحة وقوات الشرطة قادرةٌ على ردع أي عدوان مهما كان، ونحن لدينا خبرة عسكرية تؤهلنا لذلك، ولا أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستُقدِم على مثل هذه الخطوة؛ لأنها ستعرضها لمخاطر جسيمة.
السودان والعراق
- لكن البعض يتوقع أن يحدث للسودان وللرئيس البشير كما حدث للعراق وصدام؟
- لن تكون السودان عراقًا ثانيًا، ولن يكون لدينا رئيسٌ يُعتقل من حفرة، والأيام المقبلة ستشهد بذلك.
المصدر
- حوار: مسئول الملف الأمني بالسودان: لن تكون السودان عراقًا ثانيًا موقع اخوان اون لاين