مرشدين الإخوان في البرلمان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مرشدين الإخوان في البرلمان


إخوان ويكي

مقدمة

لم تكن فكرة الإخوان المسلمين ودعوتهم مقتصرة على جانب دون أخر، لكنها جاءت بمفهوم شامل لمعاني الحياة سواء السياسية أو الدعوية أو الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، ولذا انطلق الإخوان في جميع مجالات الحياة ينشرون فكرتهم خلالها، حيث تدرجت من فكرة التعريف بفكرتهم إلى تكوين وتربية أفرادها ثم الانطلاق التنفيذي خلال مؤسسات الدولة ومنها البرلمان.

جاءت فكرة خوض غمار العمل من خلال مؤسسات الدولة – خاصة التشريعية – بعدما مرور ما يزيد عن عشرة أعوام من عمر الدعوة، خاصة في المؤتمر السادس للإخوان الذي عقد في 11 من ذي الحجة 1359هـ الموافق 9 من يناير 1941م بدار الإخوان بالحلمية، والتي شرح فيها باستفاضة مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا حقيقة دعوة الإخوان بعد مرور عشرة سنوات، ثم استعرض بعض نتائج فساد النظام الاجتماعي الحالي في مصر و الداء والدواء لهذا الفساد، كما استعرض وسائل الإخوان

والتي ذكرها بقوله:

أما وسائلنا العامة...
  • فالإقناع ونشر الدعوة بكل وسائل النشر حتى يفقهها الرأي العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان.
  • ثم استخلاص العناصر الطيبة لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح.
  • ثم النضال الدستوري حتى يرتفع صوت هذه الدعوة في الأندية الرسمية وتناصرها وتنحاز إليها القوة التنفيذية، وعلى هذا الأساس سيتقدم مرشحو الإخوان المسلمين حين يجيء الوقت المناسب إلى الأمة ليمثلوها في الهيئات النيابية.

وكان القرار الحاسم في ذلك ما جاء في قرارات المؤتمر السادس حيث أعلن المجتمعون – وهم يمثلون الهيئات التشريعية والتنفيذية وأصحاب القرار في جماعة الإخوان – قرار تأييد مكتب الإرشاد العام في إقراره استخدام الوسيلة الثالثة من وسائل الإخوان المسلمين، وهى ترشيح الأكفاء من الإخوان، وتقديمهم للهيئات النيابية على اختلاف درجاتها، على أساس خدمة المنهاج الإسلامي القويم، والمطالبة بنظام الحكم الإسلامي كلما وجد الظرف المناسب لذلك. (1)

فهم الإخوان معنى حريات الرأي واستيعاب الآخر، كما فهموا معنى الديمقراطية التي تنادت بها دول الغرب، والتي هي بالفعل أصل من أصول التشريع الإسلامي وهي ما عرفت بمعنى الشورى، والنزول على رأى الأغلبية حتى ولو كان في ظاهرة الشر.

ومن ثم جاء إعلان الأستاذ حسن البنا – مؤسس جماعة الإخوان ومرشدها – كأول مرشد وأول عضو في الإخوان يترشح للانتخابات البرلمانية.

حسن البنا ومجلس النواب

توالت على حكومة مصر منذ دخول الاحتلال الإنجليزي مصر حكومات أقلية – باستثناء الوفد – حيث كان الملك يختار لرئاسة الحكومة من يتوافق ويتناغم مع سياسة المستعمر ومطالبة، وكانت كل حكومة تقدم على حل البرلمان لإجراء انتخابات جديدة حتى يتسنى لها الفوز بأغلبية داخل البرلمان تتناغم هي أيضا مع سياسات الحكومة، حيث لم تعمر حكومة في الحكم كثيرا، كما لم يعمر برلمان لفترات طويلة في العهد الملكي.

الوفد والسلطة 1942م

الإمام حسن البنا

في بداية الأربعينيات من القرن العشرين اندلعت الحرب العالمية الثانية وتأثر مركز بريطانيا في الحرب بعد الهزائم المتتالية أمام الجيش الألماني سواء على الجبهة الأوروبية أو الشرق أوسطية ومن ثم وضع جميع الاحتمالات لصد تقدم الجيش الألماني الذي نقل الحرب لشمال إفريقيا، كما ضغط الحلفاء – خاصة بريطانيا وفرنسا بحكم أنهم من يسيطرون على المستعمرات - على ملوك وأمراء البلاد المحتلة بتعين حكومات تعينهم في الحرب ولا تشكل لهم خطرا أثناء الهجوم الألماني عليهم.

ولوضع الإنجليز المتحرج في مصر – وعلى الرغم أن كل الحكومات تقوم على خدمته – إلا أنه ارتأى من وجود حكومة قوية ولها شعبية كبيرة ومع ذلك تكون متوافقة مع الإنجليز فكانت حكومة الوفد برئاسة مصطفى باشا النحاس والتي عقدت مع الانجليز معاهدة 1936م، ولذا طلب الإنجليز من الملك فاروق تعين النحاس باشا رئيسا للوزراء وأن تكون الحكومة وفدية خالصة

وكان لهذا الطلب دوافع ومنها ميول الملك فاروق للألمان مما أقلق الانجليز، بالإضافة أن حكومة الوفد هى الأخلص للإنجليز في هذه الفترة العصيبة والأقوى على تهدئة الشعب في حالة هجوم ألمانيا على مصر، خاصة بعدما شعر الإنجليز أن البلاد على وشك ثورة عارمة ضدهم نتيجة لسياستهم القمعية ورفض المشاركة في الحرب.

جاءت حكومة الوفد إلى السلطة على أسنة الدبابات – كما قال أحمد ماهر باشا- بعد أحداث 4 فبراير 1942م الشهيرة والتي حاصرت فيها قطع حربية قصر عابدين لتخيير الملك بين تعين النحاس باشا أو عزله من منصبه، وبالفعل استجاب الملك لضغوط الإنجليز وعين النحاس باشا، الذي رأى أن البرلمان لا يمثل حزبه فخشى أن يعرقل البرلمان قراراته

فأصدر قرار بحل البرلمان بعد توليه الوزارة في 6 فبراير 1942م مباشرة، وبذلت مساعي عدة لإعادة الائتلاف والاتفاق بين الأحزاب على توزيع المقاعد النيابية، ولكن لم يتم الاتفاق والتفاهم المنشود لرغبة الوفد في الاستحواذ على الأغلبية المطلقة في البرلمان. (2)

كان من قرارات المؤتمر السادس للإخوان المسلمين في عام 1941م السماح لمكتب الإرشاد العام بالتقدم بالأكفاء من الإخوان إلى الهيئات النيابية المختلفة ليرفعوا صوت الدعوة وليعلنوا كلمة الجماعة فيما يهم الدين والوطن، وكان ذلك بمثابة الإذن للإخوان بالترشيح في أي انتخابات نيابية.

ومن ثم فما أن أعلن النحاس باشا عن حل مجلس النواب وفتح باب الترشيح لانتخابات جديدة حتى تقدم الإمام حسن البنا – مرشد الإخوان - بترشيح نفسه عن دائرة الإسماعيلية بناء على رغبة الإخوان؛ حيث أن مدينة الإسماعيلية تعد مهد الدعوة الأول وذات مكانة خاصة لدى الإمام البنا

كما أن أهلها جميعًا - مسلمين ومسيحيين - يؤيدون الإمام البنا، وليس أدل على ذلك من أنهم ما أن علموا بنيته فى ترشيح نفسه حتى قاموا بدفع تأمين الترشيح له ليرشح نفسه نائبًا عنهم، وقد نشرت ذلك مجلة "الاثنين" - التي كان يرأس تحريرها مصطفى أمين - تحت عنوان "مَنْ زعيم المعارضة في البرلمان الجديد؟"، وتجيب المجلة: "إنه حسن البنا؛ لأنه سينجح بلا منازع" (3)

كما عبرت كثير من الصحف عن ثقتها في فوز حسن البنا في هذه الانتخابات لشعبيته؛ مثل جريدة البشرى التى هنأت الإمام البنا على ذلك، وأكدت أنه سيكتسح كل منافس وأنه سيفوز بالإجماع، وإنه لخليق بمجلس نواب أن يكون البنا أحد أعضائه. (4)

عراقيل في طريق البرلمان

غير أن ذلك الأمر لم يتم حيث انزعج الإنجليز لترشح حسن البنا في الانتخابات، وزاد انزعاجهم أن يترشح في البلد التي يتواجد فيها مقر القوات البريطانية في الشرق الأوسط "الإسماعيلية" ومن ثم طالبوا النحاس باشا بحل جماعة الإخوان المسلمين والضغط على الشيخ حسن البنا بسحب ترشحه.

ما كان للنحاس باشا من رفض طلب الإنجليز لأن الوزارة الثمن، ولذا أرسل صهره إلى الشيخ البنا يبلغه بطلب النحاس باشا في مقابلته، وبالفعل تمت المقابلة في فندق مينا هاوس، وصارح النحاسُ الشيخ البنا بحرج الموقف، وطلب منه التنازل عن الترشيح لمصلحته ومصلحة البلاد. (5)

كان البنا بين موقفين عصيبين، بين ممارسة حقه الدستوري في الترشح وبين التهديدات الإنجليزية التي أطلعه النحاس باشا بها، ومن ثم طلب البنا مهلة للتشاور مع قادة الإخوان، والذين رفضوا فكرة التنازل متمسكين بحقهم الدستوري وقوة الجماعة وسط الشارع المصري، ويبدو أنهم لم يكونوا على دراية جيدة بالعواقب التي قد تحدث جراء رفض سحب الترشح

وهو الذي شجع الشيخ البنا على أخذ قرار الانسحاب مقابل شروط ومنها:

  1. أن يترك للجماعة حرية مزاولة نشاطها وعودة صحيفتها والمطبعة.
  2. إلغاء البغاء في كافة أنحاء البلاد.
  3. تحريم الخمر.

وقد تعهد النحاس بالنهوض بهذه المطالب، ولكن ما تم تنفيذه هو إلغاء البغاء في القرى، وتحريم الخمر في المناسبات الإسلامية. (6)

حسن البنا في انتخابات 1945م

ظلت حكومة الوفد في الحكم حتى شارفت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء، وقد انقلب ميزان القوة لصالح الحلفاء وأصبح الانجليز لا يكترسون لوجود حكومة الوفد أو غيرها في الحكم، ومن ثم ما إن شعر الملك فاروق بفتور العلاقة بين الانجليز والوفد حتى سارع بإقالة حكومة الوفد في 8 أكتوبر 1944م

وعين خلفا له أحمد ماهر باشا – والذي كان من أشد المعارضين لتعين النحاس باشا عام 1942م رئيسا للوزراء على أسنة الدبابات البريطانية – والذي سارع بحل البرلمان وأعلن عن إجراء انتخابات لتشكيل مجلس نواب جديد بهدف نزع الأغلبية البرلمانية من الوفدين حتى لا يعرقلون مسيرة حكومته – وكان هذا دأب كل من يتولى رئاسة وزراء مصر في هذه الفترة.

ولذا وجد الإخوان أن الفرصة سانحة لهم للتقدم بالترشح في انتخابات البرلمان وهو ما أزعج رئيس الوزراء أحمد ماهر باشا، خاصة بعدما قرر الإخوان نزول الانتخابات بعد كبير وليس الإمام البنا فحسب حيث تقدم للترشيح من الإخوان المسلمين كل من المرشد العام عن دائرة الإسماعيلية، والأستاذ أحمد السكري عن دائرة الفاروقية بحيرة، والأستاذ صالح عشماوي عن دائرة مصر القديمة، والأستاذ عبد الحكيم عابدين عن دائرة فيدمين الفيوم، والأستاذ عبد الفتاح البساطي عن دائرة بندر الفيوم، والسيد محمد حامد أبو النصر عن دائرة منفلوط. (7)

وقد أعاد الشيخ البنا الرد على التساؤلات حول مشروعية ترشح الإخوان في البرلمان، حيث أوضح أن دعوتهم وصلت إلى الأوساط الشعبية وعرفها الجميع

ولابد لها أن تصل للأوساط الرسمية عن طريق البرلمان:

"وبقي عليهم بعد ذلك أن يصلوا بهذه الدعوة الكريمة إلى المحيط الرسمي، وأقرب طريق إليه "منبر البرلمان"، فكان لزامًا على الإخوان أن يزجوا بخطبائهم ودعاتهم إلى هذا المنبر لتعلوا من فوقه كلمة دعوتهم، وتصل إلى آذان ممثلي الأمة في هذا النطاق الرسمي المحدود، بعد أن انتشرت فوصلت إلى الأمة نفسها في نطاقها الشعبي العام.. ولهذا قرر مكتب الإرشاد العام أن يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب" (8)

غير أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فما أن علم الإنجليز بترشيح الإمام البنا مرة ثانية حتى طلبوا من أحمد ماهر أن يحول بين الإخوان وبين قاعة مجلس النواب، فتعهد لهم بذلك، ولما سئل عما يحدث في تلك الدائرة أعلن أن الحكومة المصرية لا شأن لها بهذه الدائرة، وأن الإنجليز هم الذي يتولونها ممثلين في حاكم سيناء الإنجليزي آنذاك. (9)

ولقد حاول أحمد ماهر باشا أن يثني الإمام حسن البنا عن الانتخابات متحججا بأنه قبل الأمر من النحاس باشا، غير أن البنا رد عليه بأن الأوضاع قد تغيرت، وما قبله في الماضي لن يقبله حاليا.

ولما جاء يوم الانتخاب فوجئ أهل الإسماعيلية بتدخل الجيش البريطاني في الانتخابات بأن أحضروا أعدادًا كبيرة من العمال الذين يعملون في معسكرات الجيش البريطاني في سيارات، وأدى هؤلاء العمال الانتخاب بتذاكر مزورة بأسماء ناخبين من أهل الإسماعيلية، واحتج أهل الإسماعيلية وأهملت السلطات احتجاجهم، وانتهى يوم الانتخابات وظهرت النتيجة وكانت إعادة بين الإمام الشهيد وبين سليمان عيد. (10)

وجرت الإعادة في جو رهيب حيث تدخلت الحكومة والإنجليز بشكل سافر، فيقول الأستاذ محمود عساف -وكان بالإسماعيلية في ذلك الوقت:

"كنا نرى مئات من السيارات اللوري المليئة بعمال المعسكرات البريطانية، ومعظمهم من صعيد مصر تجوب طرقات الإسماعيلية هتافًا لسليمان عيد، ثم تتوقف أمام لجان الانتخابات ليدخل هؤلاء وينتخبون، واحتج الشهيد عبد القادر عودة على التزوير، وكان يعمل قاضيًا ورئيسًا لإحدى اللجان، فصدر أمر وزير العدل بنقله فورًا من الإسماعيلية، فأبى الشهيد عبد القادر عودة هذه الإهانة واستقال من القضاء
وكانت تلك باكورة صلته بالإمام الشهيد وبالإخوان المسلمين التي أصبح وكيلها فيما بعد قبل أن تغتاله يد الغدر بالإعدام شنقًا، وكانت الأصوات التي حصل عليها الإمام محدودة في كل اللجان، فقد بدلت الصناديق بغيرها إلا لجنة واحدة كانت منسية حصل فيها الإمام البنا على 100٪ من الأصوات، وكانت هذه اللجنة لجنة الطور، وكان وكيل الإمام فيها الخواجة خريستو صاحب محل البقالة الوحيد هناك" (11)

وما حدث مع الإمام حدث تقريبًا مع باقي مرشحي الإخوان، ولكن بدرجة أقل فلم ينجح منهم أحد في هذه الانتخابات، وعند إعلان النتيجة وقف الإمام البنا وسط الإخوان متحدثًا إليهم ليهدئهم ويوضح لهم ما حدث

وكان مما قاله لهم:

"إن عجز أمة عن أن تدفع أحد أبنائها إلى البرلمان ليقول كلمة الحق والإسلام لدليل على أن الحرية رياء وهباء، وأن الاستعمار هو سر البلاء، إنني أحسب أن مراجلكم تغلي بالثورة وعلى شفا الانفجار، ولكن في هذا الموقف لابد من صمام الأمان، فاكظموا غيظكم، وادخروا دماءكم ليوم الفصل، وهو آت لا ريب فيه ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ووصيتي لكم أيها الإخوان أن تنصرفوا إلى منازلكم وبلادكم مشكورين مأجورين، وأن تفوتوا على أعدائكم فرصة الاصطدام بكم" (12)

محمد حامد أبو النصر وبرلمان الملكية

الأستاذ محمد حامد أبو النصر

محمد حامد أبو النصر المرشد العام الوحيد لجماعة الإخوان المسلمين من صعيد مصر، حيث ولد في مدينة "منفلوط" التابعة لمحافظة أسيوط يوم 6 من ربيع الآخر 1331هـ الموافق 25 فبراير 1913م، وحصل على شهادة الكفاءة سنة 1933م.

انضم إلى الإخوان المسلمين سنة 1934م، واختير عضواً في مكتب الإرشاد العام بعد فترة، وظل في مكانه حتى اصبح مرشدا عاما للإخوان بعد وفاة الأستاذ عمر التلمساني في مايو 1986م.

وفي عهده كان ترسيخ الوجود الفعلي في العديد من النقابات المهنية، ونوادي هيئات التدريس الجامعية، والجمعيات الأهلية، وخاضت الجماعة الانتخابات البرلمانية في أبريل سنة 1987م، متحالفة مع حزبي العمل والأحرار، حيث نجح 36 نائباً إخوانياً في تلك الانتخابات، كما كان له دوره الفاعل والمؤثر على الساحة العربية والإسلامية، في الوقوف إلى جانب الكويت حين الاعتداء عليها، وبذل الجهود للإصلاح بين قادة المجاهدين الأفغان الذين سعى إليهم في بشاور مع الأستاذ مصطفى مشهور نائبه.

أبو النصر مرشحا

حينما أقال الملك فاروق وزارة النحاس باشا – كما سبق ذكره – في أكتوبر 1944م وتكليف أحمد ماهر بتشكيل الوزارة أعلن الأخير حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، ولذا تقدم الإخوان بعد من المرشحين في بعض الدوائر، كان منهم الأستاذ محمد حامد أبو النصر – الذي أصبح المرشد الرابع لجماعة الإخوان – في دائرة منفلوط بأسيوط غير أن الحكومة مارست التزوير مع كل مرشحي الإخوان فلم ينجح أبو النصر في الانتخابات. (13)

مهدي عاكف وصوت البرلمان

محمد مهدي عثمان عاكف المرشد العام السابع لجماعة الإخوان المسلمين، الذي كان اخر مرشد – بل والمرشد الوحيد الذي دخل البرلمان – عام 1987م.

فبعد صدور حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب الذي انتخب عام 1984 لأنه كان بالقائمة الحزبية النسبية المشروطة ولم يسمح لغير الحزبين من المواطنين بالترشح مما يتناقض مع مبدأ المساواة بين المواطنين الذي ينص عليه الدستور المصري….وبناءا علي هذا الحكم تم حل مجلس الشعب قبل انتهاء مدته القانونية وتم دعوة المواطنين لانتخاب مجلس شعب جديد عام 1987.

أراد الإخوان الدخول في حلف مع الوفد مرة أخرى، غير أن الوفد – كما يذكر الدكتور الزعفراني- أحس في هذه المرة انه اقوي منه عام 1984 وانه ليس في حاجة للتحالف مع الإخوان، فعمر الحزب الجديد تعدي الثلاث سنوات علي إنشائه [[]] وان الانتصار الذي حققه في عام 1984 رفع من أسهمه عند النخبة الذين سارعوا للانضمام إليه كما أن الوفد لم يريد أن يظل معتمد علي شعبية الإخوان فتذوب شخصيته أو شعبيته، وأيضا من اجل أن يتخلص الوفد من الضغوط الداخلية والخارجية التي تتهمه بأنه السبب في السماح للإخوان بدخول العمل السياسي واثبات وجودهم وشعبيتهم.

فاجتمع مكتب الإرشاد وبحث عرضا من حزب العمل الاشتراكي وحزب الأحرار الديمقراطي بإقامة تحالف ثلاثي مع الإخوان المسلمين، وخوض انتخابات عام 1987 بقوائم موحدة، وتمت الموافقة وسمي هذا التحالف (التحالف الإسلامي) – وتم عمل برنامج انتخابي مشترك يحوي المحاور الرئيسية المتفق عليها بين المتحالفين.

وأجريت الانتخابات وقد فاز التحالف ب60 مقعدا في مجلس الشعب، كان نصيب الإخوان منها 36 مقعدا ومنهم الأستاذ محمد مهدى عثمان عاكف. الدائرة: الثالثة شرق القاهرة. المحافظة: القاهرة. الوظيفة : مدير عام الشباب سابقا " مدير المركز الإسلامي بميونخ".

وكان له حضور داخل البرلمان، ومما جاء في كلماته تحت قبة البرلمان:

"سأضرب مثلا بسيطا بوزارة التعليم والله إنني لأشفق على وزيرها وهو يحمل على أكتافه مسئولية تعليم عشرة ملايين شاب وشابة بامكاناته المعروفة فتصوروا ان العملية التربوية تحتاج الشارع وتحتاج الجامع وتحتاج وزارة الاعلام وتحتاج وزارة الثقافة فلو وضعنا كلنا مبدأ واحدا نسترشد به جميعا ونتعاون به جميعا لنصل في النهاية الى عملية تربوية صحيحة لكان الناتج عظيما جدا ان ما تفعله وزارة التعليم يهدمه الشارع وعدم انضباطه وتهدمه وزارتا الاعلام والثقافة".

ويضيف حول توغل الأمن في كل شيء

"ان رجال الشرطة هم اخوان لنا وأحبابنا ورسالتها عظيمة ولا نستطيع أن نعيش بسواها بأي حال من الأحوال ولكن كون هذه الأجهزة تأخذ لنفسها وتدعى لنفسها ما ليس لها أي أن تتدخل في شئون غيرها بحجة حفظ الأمن فان هذا أمر خطير جدا ومخالف للقانون وأخطر ما يمكن أننا بعد ذلك نصيح ونقول مراكز القوى .
إن رجال الشرطة لهم رسالة عظيمة نؤيدها ونقف بجوارها أما أن يحس رجال الشرطة بأنهم صنف غير الناس ولهم سلطان غير الناس لم يخوله لهم القانون ويصبح هذا سمة استعلاء واستكبار على بقية الشعب ويخرج رجال الأمن عن المسألة هذا امر يحتاج الى مراجعة أنا أذكر هنا وأنبه أن الخطورة كل الخطورة أن تترك فئة من فئات الشعب بلا محاسبة .. أيها الأحباب ان الحرية واحترام عقل الانسان واحترام كرامة الانسان هى الحفاظ على الأمن وليس رجال الأمن" (14)

لم تكن جماعة الإخوان المسلمين جماعة دعوية فحسب، اكتفت بتربية الشعب على فقه دخول الخلاء وفقط، بل تشعبت انطلاقا من مبادئها وفكرها في جميع مناحي الحياة، حتى نافس أعلى شخص فيهم على انتخابات البرلمان ألا وهو المرشد العام، إيمانا بأن الإسلام نظام شامل ولا يقتصر على مجال دون مجال، وهو ما يؤمن به جميع الإخوان المسلمين.

المراجع

  1. مجموعة رسائل الإمام حسن البنا: رسالة المؤتمر السادس، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006م.
  2. عبد الرحمن الرافعي: (في أعقاب الثورة المصرية؛ ثورة 1919) – الجزء الثالث – الطبعة الثانية - طبعة دار المعارف – القاهرة 1409هـ / 1989م – صـ105 : 115.
  3. جريدة الإخوان المسلمين اليومية – السنة الثالثة – العدد 719– 2 ذو القعدة 1367هـ/ 5 سبتمبر 1948م– صـ7.
  4. جريدة البشرى – السنة الحادية عشر - العدد 229 – 26 صفر 1361هـ / 14 مارس 1942م– صـ1.
  5. روز اليوسف – السنة الثالثة والعشرين – العدد 1035– 4 جمادى الآخرة 1367هـ / 13 أبريل 1948م– صـ14.
  6. محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ – جـ1 – دار الدعوة- الإسكندرية - 1999م - صـ242.
  7. جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد 53، السنة الأولى، 5 شعبان 1365ه/ 4 يوليو 1946م، صـ4.
  8. مجلة الإخوان المسلمون: العدد (46)، السنة الثانية، 18 ذو القعدة 1363ه/ 4 نوفمبر 1944م، صـ3-4.
  9. مجلة المباحث القضائية، العدد 54، السنة السابعة، 2 ربيع الأول 1370ه - 12 ديسمبر 1950م، صـ4.
  10. الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، جـ1، صـ 265.
  11. محمود عساف: مع الإمام الشهيد حسن البنا، مكتبة عين شمس، 1413ه/ 1993م، صـ115.
  12. عباس السيسي: حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2001م، صـ202.
  13. جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد 53، مرجع سابق.
  14. محسن راضي: الإخوان تحت قبة البرلمان حقائق ومواقف، دار التوزيع والنشر الاسلامية، القاهرة، 1990م.