محمد محسوب يكتب: قتلوا إمام عفيفي..

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمد محسوب يكتب: قتلوا إمام عفيفي..


(4/22/2015)

لم يكن في حياته مهتما بسياسة ولا باتجاهات حزبية رغم عمق فكره واهتمامه بكل فروع الثقافة أدبا وفنا.. لكنه بعد الانقلاب وقف ليدافع عن مظلومين أصبح إهمال معاناتهم جريمة والالتفات عن عذباتهم منافاة لمعاني الإنسانية..

كان الوحيد في مجموعتنا بكلية الحقوق المميز بشعره الخفيف وثقافته الغزيرة وسنه الذي كان واضحا أنه يكبرنا ببعض سنوات لأنه أقبل على دراسة الحقوق بعد دراسته بكلية الزراعة..

مميزا كان في القانون كبحر هادئ تراه تحت شمس ذهبية بما لا يسع أحدا أن يختلف معه.. معروفا بحبه للحياة وتجنب منغصاتها.. عير مبالٍ بالسياسية وأهلها..

لم أنس يوما مكتبه القديم في حي الظاهر الذي كان ملتقى لنقاشاتنا في الفكر والفلسفة.. ولا زمالتنا بمكتب المحاماة ولا صداقتنا على مدار ثلاثين سنة.. ربما كنا نلتقي قليلا في العشر سنوات الأخيرة.. لكن دفء مشاعره وأخوته كانت لا تفتر..

بحي الظاهر نشأ في أسرة ميسورة أكثر ليبرالية من كل أولئك الذين يدّعونها ولا يبكون قتله غيلة.. وأكثر تدينا من كل أولئك الذين يزعمون أنهم متدينون يتبعون سلفنا بينما يشاركون قاتليه..

كان مثالا للمصري.. للقاهري في انفتاحه وتدينه البسيط ورؤيته المتسامحة وتفاؤله بكل يوم جديد يراقب شمسه وهي تُشرق وليله وهو يتسلل حانيا يحمل أملا في غد آخر وشمس جديدة.. فإذا تحاورت معه تشعر أنك سافرت إلى واحد من أفلام الأربعينات لما تمتع به من لباقة ولياقة وطريقة راقية في التعبير والتعامل..

تشاركنا في الجمعية المصرية لفلسفة القانون ونحن طلبة بالجامعة لندافع عن قيم التسامح والتواصل وإقصاء التعصب والتصارع..

واليوم أسمع نبأ وفاته ضحية لتعذيب الشرطة له..!! وهو الذي لم يُخاصم أحدا يوما.. ولم يشارك بمظاهرة ولو مرة.. ولم يهتم لمعارضة أو مولاة.. كان فقط رجلا مهنيا شريفا يهتم بدائرته التي ربما لم تضم سوى أسرته وحلقة ضيقة من الأصدقاء، تبلغ سعادتهم لغايتها عندما يجتمعون بعد منتصف الليل أمام محل عبدالعزيز حول سندوتشاته التي تلهب الألسنة..

حتى إمام يقتلونه؟!!

أي روح شريرة دنيئة تقمصت أولئك القتلة فأصبحوا يقتلون لأجل القتل.. تجاوزا حتى نهمهم لقتل خصومهم السياسيين إلى التلذذ بقتل كل آدمي.. هم يعتبروننا أرقاما قذفتها الدنيا أمامهم ليمحونها قربانا للسلطة..

ألا لعنة الله على الظالمين.. ألا لعنة الله على الراضين بالقتل.. ألا لعنة الله على الساكتين عن الظلم..

ورحم الله إمام عفيفي.. ابن حي الظاهر.. ابن القاهرة.. ابن مصر.. دماؤه ودماء كل شهيد ومعاناة كل معذب هي في أعناقنا..

المصدر