ما زالنا نواجه الاستئصال.. والعالم الإسلامي لا يعلم عنا شيئًا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ما زالنا نواجه الاستئصال.. والعالم الإسلامي لا يعلم عنا شيئًا

[05-08-2004]

مقدمة

-2 مليون مسلم تمَّ تهجيرهم من أراضيهم

- السلطات البورمية العسكرية تحظر إنشاءالمساجد أو تجديد القائم منها

- عمليات التنصير فشلت مع مسلمي الروهنجيا رغم ظروفنا الصعبة

- ندعو منظمة المؤتمر إلى الاعتراف بنا بصفة مراقب

أجرى الحوار: رجب الباسل

جراح المسلمين النازفة كثيرة في ظل الهجمة الحالية عليهم إلا أنها تصبح أشد نزفًا عندما لا يعلم بها إخوانهم المسلمون، وإذا علموا لم يتفاعلوا، في الوقت الذي تحاول فيه جهات ومنظمات مشبوهة استغلال أوضاعهم المأساوية لتحقيق أهدافها الخبيثة.

مسلمو الروهنجيا (أراكان) ينطبق عليهم هذا الوضع، فمنذ أكثر من 50 عامًا وهم يعانون أشد المعاناة من ممارسات الاحتلال البورمي لهم وتشرد مليوني مسلم، ولم يتفاعل أحد معهم إلا النذر القليل.

المجتمع: التقت الشيخ سليم الله حسين عبد الرحمن- نائب رئيس منظمة تضامن الروهنجيا، التي تعد حاملة لواء قضية مسلمي أراكان فكان الحوار التالي:


نص الحوار

  • بدايةً.. كم عدد ونسبة المسلمين في بورما بصفة عامة وإقليم أراكان بصفة خاصة؟
عدد مسلمي بورما إجمالاً يبلغ 10 مليون مسلم تقريبًا يمثلون 20% من سكان بورما البالغ عددهم 50 مليون نسمة، أما منطقة أراكان فيسكنها 505 مليون نسمة بينهم 4 ملايين مسلم يمثلون 70% من سكان الإقليم.
دخل الإسلام أراكان القرن السابع الميلادي مع قدوم التجار العرب المسلمين إليها، ثم تتابعت الوفود الإسلامية إليها من أنحاء المعمورة، فأقبل عدد كبير من الأهالي على اعتناق الإسلام، وكوَّن شعب الروهنجيا مملكة دام حكمها 350 عامًا من 1430م إلى عام 1784م، فقد شكلت أول دولة إسلامية في عام 1430م بقيادة الملك سليمان شاه، وحكم بعده (48) ملكًا مسلمًا على التوالي ثم احتلها بورما حتى عام 1824م ثم الاحتلال البريطاني حتى عام 1848م عندما عادت بورما واحتلتها مرة أخرى عام 1948م حتى الآن.
ويلاحظ أن عام 1948م كان عام نكبة للأمة كلها، ففي هذا العام قام الكيان الصهيوني في فلسطين، ومتزامنًا مع احتلال أراكان وغيرها من البلاد والأقاليم الإسلامية في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
أمر آخر: فطبقًا لقرار الأمم المتحدة الخاص بشبه القارة الهندية والقاضي بانضمام الأقاليم ذات الأغلبية الإسلامية لباكستان والهندوسية للهند، كان يجب أن تنضم أراكان لباكستان مثل بنجلاديش المجاورة لنا- قبل أن تستقل باكستان- ولكن ما حدث أن بورما ضمت الإقليم إليها بالقوة عام 1948م.


أثار الأحتلال علي أركان

  • وكيف كان وقوع الاحتلال البورمي على مسلمي أراكان؟
لقد تم تهجير أكثر من مليوني مسلم من إقليم أراكان منذ الاحتلال بسبب الممارسات القمعية التي قامت بها السلطات البورمية؛ حيث يوجد معظم لاجئي أراكان الآن في بنجلاديش وباكستان، وكذا المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي، إضافةً إلى مجموعات قليلة في دول جنوب شرق آسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا.
وعمليات التهجير الجماعي تلك تمت عبر 4 مراحل:
الأولى: عام 1938م إبان الاحتلال البريطاني.
والثانية: عام 1948م مع بداية الاحتلال البورمي.
الثالثة: عام 1978م.
والأخيرة: عام 1991م.
مسلمو بورما ومواجهة خطر الاستئصال
أما التطهير العرقي والديني والإبادة الجماعية للمسلمين فهي مستمرة ولم تنقطع، ويكفي أن تعلم أن منطقتنا معزولة عن العالم وجميع حكام المناطق التابعة للإقليم من البوذيين.
ويكفي أن أذكر لك بعض ممارسات الاحتلال، خاصة بعد وصول الحكم العسكري عام 1962م، ففي عام 1978م شردت بورما أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديس، وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنون في بورما بعد عام 1924م (عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما) رغم أن الواقع والتاريخ يكذبان ذلك، وفي عام 1991م- 1992م شردت بورما حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى.
ومن تبقى من المسلمين يتم معهم اتباع سياسة الاستئصال عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل فيما بين المسلمين، فالمسلمة ممنوع أن تتزوج قبل سن الـ 25 أما الرجل فلا يسمح له بالزواج قبل سن الـ 30 من عمره.
وإذ حملت الزوجة فلابد من ذهابها- طبقًا لقرار السلطات الحكومية- إلى إدارة قوات الأمن الحدودية "ناساكا" لأخذ صورتها الملونة كاشفة بطنها بعد مرور كل شهر حتى تضع حملها، وفي كل مرة لابد من دفع الرسوم بمبلغ كبير، وذلك للتأكد- كما تدعي السلطة- من سلامة الجنين، لتسهيل إحصائية المولود بعد الولادة، ولكن لسان الواقع يلوح بأن الهدف من إصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنه ليس لهم أي حق للعيش في أراكان بأمن وسلام؟ ناهيك عن عمليات الاغتصاب وهتك العرض في صفوف المسلمات اللاتي يموت بعضهن بسبب الاغتصاب، والجنود الذين يقومون بكل تلك الأعمال والقمع والإذلال ضد المسلمين تدربوا على يد يهود حاقدين، كما يتم إجبار المسلمين على العمل بنظام السخرة في معسكرات الاحتلال، وتم نقل مئات المسلمين من وظائفهم، ويمنع أي مسلم من دخول الجامعات والكليات.
ومنذ عام 1988م قامت الحكومة بإنشاء ما يُسمى بالقرى النموذجية في شمال أراكان، حتى يتسنى تشجيع أسر "الريكهاين" البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق.
كما أصدرت السلطات قرارًا بحظر تأسيس مساجد جديدة، وعدم إصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تمَّ بناؤها أو إصلاحها خلال عشر سنوات منصرمة في الإقليم، وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت إلى الآن أكثر من 72 مسجدًا، و4 مراكز دينية، واعتقلت 210 من علماء الدين وطلبة العلم خلال الأشهر الماضية وقتلت 220 ملسمًا.
  • متى نشأت منظمة تضامن الروهنجيا؟ وهل هناك منظمات أخرى تدافع عن حقوق المسلمين في أراكان؟
منذ إنشاء منظمة تضامن الروهنجيا عام 1982م وهي المنظمة الرئيسية التي تدافع عن حقوق أبناء أراكان، وقبلها كانت توجد منظمة أربيف (جبهة الشعب الروهنجي) وضعفت وتضاءل دورها بعد إنشاء منظمتنا.
ومنظمة "تضامن" تلك تأسست على يد مجموعة من العلماء والدعاة أبناء أراكان، أما الرموز المؤسسة من أراكان ذاتها فهم: د. محمود يونس- أول رئيس للمنظمة- وشيخ الدين محمد- نائبه وقتها ورئيس المنظمة حاليًا، ومولانا سيف الله خالد والبروفيسور محمد زكريا.
والمظمة عضو في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وتعترف بها المنظمات الإسلامية الدولية الأخرى.
  • ما لاحظناه من كلامكم أن نشاط المنظمة يتركز في الخارج.. فهل يقتصر دورها على العمل في أوساط لاجئي الروهنجيا أم أنه يمتد للداخل أيضًا؟
بالفعل للمظمة أنشطتها في أوساط لاجئي الروهنجيا المسلمين في البلاد الموجودين فيها، خاصة في بنجلاديش وباكستان، ولكن أيضًا لها أنشطتها داخل أراكان وإن كان بطريقة غير علنية، فالنظام الشيوعي العسكري الحاكم يمنع أي عمل خيري أو ثقافي أو تعليمي إسلامي، بل إنه يضع المسلمين في سجن كبير يضطرهم للهجرة خارج بورما؛ حيث يحظر النظام على أي مسلم الانتقال من قرية إلى أخرى فأصبحت كل قرية سجنًا بالنسبة لسكانها المسلمين.
وبالطبع مسلمو العالم لا يعلمون شيئًا من هذا الذي يحدث لإخوانهم المسلمين في بورما، أما دول الجوارالإسلامية فهي ضعيفة وفقيرة اقتصاديًا ولا تستطيع الدفاع عن قضية مسلمي بورما، وهي تتعاون معنا في ضوء ظروفها وإمكانياتها المحدودة.
من أجل ذلك ولعدم وجود دولة إسلامية مجاروة قوية تتبنى قضيتنا فإن النظام البورمي يستغل الفرصة بين الحين والآخر لتشريد المسلمين ونهب ثرواتهم وممتلكاتهم في أراكان مما يضطرهم للهجرة، خاصة أن العالم كله وبالطبع الإسلامي مشغول بالقضايا الأخرى الهامة.


دور إسلامي ضعيف

شباب بورما والحرص على القرآن والإسلام
  • ولكن أين دور المسلمين في العالم من كل ذلك؟ ألا توجد مثلاً منظمات إغاثة إسلامية رسمية أو شعبية تتبنى قضيتكم؟
هناك بعض المنظمات الإسلامية تشجعنا أدبيًا ومعنويًا، ولكن لا يصل إلينا منها أي دعم مادي أو إغاثي بصفة مستمرة، فأحيانًا يصلنا القليل من تلك المنظمات الخيرية للمشاريع التعليمية أو مساعدات خيرية موسمية مثل مشروع إفطار صائم ومشروع الأضاحي من الندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والجمعيات الإسلامية في البحرين وجمعية الشارقة الخيرية وغيرها.
  • هل حاولت مؤسسات أو جمعيات غير إسلامية استغلال وضعكم لتحقيق أهدافها كمؤسسات التنصير؟
المؤسسات التنصيرية تستغل وضع اللاجئين المسلمين خارج بورما، وكذا داخل أراكان من خلال الهيئة العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي يعمل التنصير تحت ستارها، وتقوم تلك المؤسسات بتقديم الدعم المادي وحفر الآبار وغيرها من المشروعات لاستغلال أوضاع المسلمين، ولكن ولله الحمد رغم أوضاعنا المأساوية، لم تشهد أراكان أو لاجئوها بالخارج حالة تنصير واحدة؛ لأن الشعب الروهنجي مسلم يتمسك بدينه.
ولكن هناك مشكلة أساسية تواجه مسلمي أراكان، وهي عمليات التهجير المستمرة لهم من أراكان فهي إستراتيجية رسمية يتخذها النظام لتصفية المسلمين هناك.
  • هل طرأت تغيرات دولية تجاه قضيتكم أو منظمتكم بعد أحداث 11 سبتمبر؟
من الناحية السياسية تقريبًا، الموقف الدولي معتدل فهو يرفض الحكومة العسكرية ويطالبها بالانتقال إلى الحكم المدني، فمجلس الشيوخ الأمريكي مثلاً أصدر بعض القرارات طالب فيها الرئيس الأمريكي باتخاذ الخطوات المناسبة، لإعادة الديمقراطية إلى بورما ودعم أحزاب المعارضة وحقوق الأقليات فيها.
الأمر الآخر في أغسطس عام 2002م تمَّ عقد مؤتمر لأحزاب المعارضة وممثلين لـ 22 جمعية ومنظمة تمثل الأقليات في بورما- أغلب تلك المنظمات بروذية- في تايلاند تحت إشراف أوروبي، وبعد مناقشات ومداولات طويلة خرج المؤتمر بعدد من المقررات التزم بها جميع من حضره- ومنها منظمتنا وهي:
العمل على تغيير الحكم العسكري الحالي إلى حكم مدني بالطرق السلمية، ويدعمنا في ذلك موقف دولي وإقليمي مؤيد لهذا المطلب.
- إقامة حكومة ديمقراطية فيدرالية.
- إعطاء كل الأقليات حقها على قدم المساواة.
وهذه تطورات إيجابية للمرة الأولى منذ 45 عامًا بهذا الكم من المجتمعين، ولم أن تعلم أن معظم الأقليات الموجودة في بورما تمارس كل حقوقها الأساسية بحرية تامة عدا المسلمون، فهم محرومون من كل شيء حتى أبسط الحقوق الأساسية فإستراتيجيتنا الآن، كمرحلة أولى، أن يتنفس شعبنا المسلم بحصوله على حقوقه الأساسية التي تكفله الحد الأدنى من متطلبات الحياة في بلده ومن ثم رأينا هذا الاتفاق مصلحة للمسلمين.
الأمر الآخر: أن الأمم المتحدة وضعت للحكومة العسكرية الحالية جدولاً زمنيًا لتطبيق هذه المقررات، وأطلقوا عليها خريطة الطريق- يتم تطبيقها حتى عام 2006م، وهددت الحكومة الحالية بأن عدم التزامها بالموعد المحدد يعرضها لعقوبات أشد من المنظمة الدولية، ونحن وافقنا على هذه المقررات انطلاقًا من الدعم الدولي للديمقراطية في بورما.
  • وإذا لم تلتزم الحكومة العسكرية في بورما بهذه المقرارات في موعدها المحدد؟
على الأقل نكون كسبنا تأييدًا إقليميًا ودوليًا لقضيتنا.
  • ودور المقاومة؟
إذا لم تطبق الحكومة خريطة الطريق المعلنة فإن المنظمات الـ 22 التي كانت لديها أذرع عسكرية تم تجميدها على أساس حل المشكلات مع النظام سلميًا- وفقًا للقرارات الدولية- ستعود للعمل العسكري.
  • هل مقررات المؤتمر ألغت لديكم فكرة الاستقلال؟
نحن نلتزم بمقررات المؤتمر بإقامة نظام ديمقراطي فيدرالي يمنح الأقليات حقوقها ويمنح الجميع المساواة الكاملة، أما الاستقرار فهو أمر يقرره الشعب في المستقبل عبر الاستفتاء.
  • ماذا تطلبون من الأمة: حكومات ومؤسسات رسمية وشعبية لدعمكم؟
طلبنا من منظمة المؤتمر الإسلامي الاعتارف بنا كعضو مراقب فيها، خاصةً وقد أصدرت المنظمة عدة قرارات وتوصيات في قمم: أنقرة 2004م، وكوالالامبور 2003م، والدوحة 2002م، أهمها الإقرار بالاضطهاد الواقع علينا وحثَّ الدول الأعضاء على مساعدتنا سياسيًا ومعنويًا.
كما نطالب المنظمة بإرسال وفد عاجل إلى بورما لبحث قضيتنا مع النظام الحاكم، ليمارس المسلمون حياتهم وينالوا حقوقهم على قدم المساواة مع باقي المواطنين، وأرى أنَّ تأخر المنظمة في القيام بدورها سيضع المسلمين في إطار المستقبل أو المصير المجهول.
ونحن ندعو الدول والمنظمات الإسلامية من خلالكم للضغط على ميانمار (بورما) العسكرية.
أما منظمات الإغاثة والمنظمات الخيرية الإسلامية فنرجو منها توفير المعونات الإغاثية؛ الغذاء والدواء، وكذا الرعاية الصحية والتعليمية للاجئي أراكان، خاصةً في بنجلاديش وباكستان.
كما نرجو من الدول الإسلامية التي يوجد بها لاجئون من مسلمي أراكان تقديم التسهيلات التي يحتاجونها مثل التعليم والعمل والإقامة.

  • ينشر بالاتفاق مع مجلة المجتمع- العدد (1611).

المصدر