لماذا تجري في مصر انتخابات أساسًا؟!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا تجري في مصر انتخابات أساسًا؟!
04-06-2007

بقلم: د. عصام العريان

مقدمة

ما زالت وزارة الداخلية المصرية قادرةً على إثارة الدهشةِ لدينا بعد أن ظننا- وبعض الظن إثم والبعض الآخر ليس إثمًا- أننا فقدنا القدرة على الاندهاش، وأن رصيدنا منه قد نفد بسبب وصول الأمور في مصر إلى حدود اللا معقول.. ولكننا نعيش فعلاً في دنيا العجائب، على حد قول عمنا "محمد عبد القدوس"!!

لقد قامت وزارة الداخلية المصرية باعتقال 3 مرشحين لانتخابات مجلس الشورى في ميت غمر، كلهم ينتمون إلى الإخوان المسلمين، أحدهم مرشح أصلي (خالد الديب) والآخران مرشحان احتياطيان، النيابة التي تم عرض المرشحين عليها لم تتخذ قرارًا سريعًا بإخلاء سبيل الثلاثة المرشحين، الاتهامات عجيبة وغريبة لأنها مكررة ومعادة: الانتماء إلى جماعة محظورة قانونًا.. الدعاية الانتخابية قبل بدء حملات الدعاية قانونًا.. استخدام شعارات دينية ممنوعة دستوريًّا وقانونيًّا، ثم أُطلق سراح المرشح الأصلي (خالد الديب) وتم اعتقال الاحتياطيَّين.

القانون لا يسمح بالاعتقال ولا الحبس في مثل هذه الجرائم الانتخابية، بل يقرر عقوباتٍ أخرى يظهر أن الداخلية لم تتم إحاطتُها علمًا بها، فهي تتصرف على النمط التقليدي القديم، لكنْ قطعًا النيابة العامة لديها علمٌ بها، فلماذا يتأخر الحسم في الأمور؟! وحتى اللحظة لا يوجد خبر عن إخلاء سبيل المرشحَين الاحتياطيَّين.

كانت الداخلية وقوات الأمن المركزي- بقيادة رجال أمن الدولة- يمنعون الناخبين من التصويت بفرض الحواجز وحشد القوات... إلخ، فكان الناس ينصرفون أو يصمِّم بعضهم على التصويت ولو بالصعود على السلالم الانتخابية للدخول إلى اللجان الانتخابية، مثلما فعلت تلك السيدة في محافظة الغربية.

ثم تفتَّق ذهن الداخلية على منع المرشحين المحتملين من الحرية، فيتم اعتقال كل من يفكر الإخوان في ترشيحهم، وفي المجلس الحالي أكثر من 10 نواب سبق اعتقالهم في جولات سابقة.

ثم كانت المفاجأة في منع المرشحين الذين أفلتوا من الاعتقال التحفُّظي من تقديم أوراقهم بطرق مبتكرةٍ أحيانًا تدل على "دماغ عالي جدًّا" مثل ذلك الضابط الكبير الذي قدم كوبًا من الشاي بالحليب لأحد المرشحين الذي حضر في اليوم الأخير ووضع له "قُرص منوِّم" فنام حتى انتهى الوقت، وودَّعه بكل تقدير إلى باب مديرية الأمن مصحوبًا بالسلامة!!

وها هي الداخلية تزيدنا من الدهشة فتقوم باعتقال الذين أفلتوا من كل الحواجز وتقدمهم إلى النيابة التي لم تفرج عنهم وتحتجزهم، لا أعرف بأي سند من القانون أو السياسة أو الكياسة.

ولمزيد من الدهشة تقوم الداخلية باعتقال اللاعب الأصلي وكذلك الذي يجلس على دكة الاحتياطي بالمرة من باب الاحتياط، فتعتقل ثلاثةً مرةً واحدةً، أحدهم أصلي والآخران احتياطيان حتى لا يقوم البديل باستثمار الوقت الضيق أصلاً (حوالي 15 يومًا للدعاية) ليكمل مهمة الدعاية لزميله أو بلغة الكرة الرياضية ليكمل الماتش الذي يبدو بلا نهاية ودون ضوابط وليس هناك حكَم محلي ولا دولي، والجمهور سـ"يفطس" على نفسه من الضحك من هذه المباراة الهزلية بسبب تصرفات الداخلية التي دخلت الملعب دون أن تكون مؤهلةً للعب، فلم تتمرَّن على القانون، وليست هذه رياضتها المفضلة، وتم الاستدعاء لحماية الملعب واللاعبين والجمهور والحكام، فإذا بها تختطف الكرة وتنزل إلى الملعب لتطرد اللاعبين والحكام والمراقبين والجمهور، فتنفرد باللعب تمامًا.

فما زال الناس يتلقون أخبار الانتخابات من اللواء محمد رفعت قمصان- مساعد السيد الوزير لإدارة الانتخابات- (بالمناسبة لماذا نبقي عليها تَتْبَع وزارة الداخلية ولماذا لا تنضم إلى تبعية اللجنة العليا للانتخابات؟!) فهو من يعلن عن أعداد المرشحين وأخبار الطعون وقواعد الدعاية وضوابط الانتخابات، ويهدد بالعقوبات التي- قانونًا- ليس منها الاعتقالات ولكنها تحتوي على عقوبات غير سالبة للحرية، من غرامات وتحذيرات تصل إلى الشطب من اللوائح.

لكنَّ الداخلية بقيادة صديقنا القديم الذي عرفناه رائدًا في أمن الدولة في الثمانينيات وها هو الآن بعد جولة طويلة خارج مصر وداخل مصر يصل إلى مقعد المساعد للوزير ومدير الانتخابات.. لا تعرف القانون واللوائح، فلديها ما هو أسهل وأسرع وأقوى.. إنها الاعتقالات!!

ثم اعتقلت الداخلية مرشحًا آخر هو الصديق والأخ العزيز النائب الواعد د. ناجي صقر صاحب أعلى فرصة في الزقازيق ومعه 14 من أنصاره، وبعد سحابة نهار وسواد ليل تم إخلاء سبيله واعتقال أنصاره الذين كانوا معه في جولة انتخابية.. إذن ماذا يفعل المرشح دون أنصاره؟!

ألا تدرك الداخلية ومن يسكت على جرائمها الانتخابية من النيابة العامة أنها تجعل مصر أضحوكةً بين الأمم، فينطبق عليها القول:

وكم ذا بمصر من المضحكات

ولكنه ضحك كالبكاء!!

أيها العقلاء.. ارحموا مصر يرحمكم من في السماء

ولم تتوقف ابتكارات الداخلية فها هي تقدم "بوسترات" أعدتها في مطابعها عند عرض المرشحين وأنصارهم على النيابة العامة والجزئية عليها شعار (الإسلام هو الحل) وغيرها كمقدمة لتقديم طلبات إلى اللجنة العليا للانتخابات لشطبهم.

وبعد توقف غير طويل عادت "الأهرام" لتقدم صفحةً كاملةً أيضًا كدعاية انتخابية سوداء تحظرها تعليمات اللجنة العليا ضد مرشحي الإخوان وضد الجماعة كلها، وللأسف لم تجد الداخلية عند إلقاء القبض على العشرات الجدد أية أوراق يمكن أن تفيد المحرر الصحفي الذي يقدم ما يُلقَى إليه تحت صفة "متابعة"، وهي ابتكار جديد لن يعفيَه من المسئولية، لا أمام القانون ولا أمام الله، فنشرت ما سبق نشره من قبل من انتقادات وملاحظات.

يذكِّرني هذا بموقف لطيف تعرَّضتُّ له مع لواء أمن دولة بالمطار أنا وأخي د. جمال حشمت أثناء توجهنا إلى حاجز الجوازات لختم جوازات سفرنا للسفر إلى الجزائر لحضور المؤتمر القومي العربي منذ سنتين، فإذا باللواء المهذَّب يلتقطنا من الصف لنشرب معه الشاي ويقول إننا ممنوعان من السفر بأدبٍ شديدٍ، ويسألنا: أليست هذه طريقة "شيك" بدلاً من البهدلة، فقلت له: إنها بلا شك ظُرف وأدب، لكنني أريد أن أختم جواز سفري وإلغاء الختم من جديد لإثبات أنني حضرت إلى المطار وتم منعي، فأُسقط في يده وقام بختم الجواز وعدنا إلى بيوتنا بطريقة "شيك".. فهل تريد الداخلية أن تزوِّر الانتخابات بطريقة "شيك"..؟ إذن فلماذا الاعتقالات والنيابة والتحقيقات وبهدلة الأهالي في السجون والمعتقلات؟! لماذا لا تلغي الانتخابات من أصله؟!

رسائل قصيرة

إلى أستاذي أ. د.يحيى الجمل وصديقي د. أسامة الغزالي حرب..

الناس تهنئ الأحزاب بفوزها في الانتخابات ونحن نهنئكم بالحصول على الرخصة.. راهنوا على الناس والشعب، ولا تكتفوا أن تكونوا رقم 24 في سلسلة الأحزاب، ولكن أصرُّوا على رقم (77) الذي يمثل الصامتين.


إلى صديقي د. كمال السعيد حبيب..

مرةً أخرى بعد عشر سنوات.. إذا كتبت عن الحركة الإسلامية فحدِّد الفصل الذي تتحدث عنه، الإخوان المسلمون يشاركون في العمل السياسي والانتخابات منذ ما يزيد على 65 عامًا من عام 1942م، وكذلك الجماعة الإسلامية في باكستان وأربكان في تركيا منذ عقود طويلة.

إلى السفير سليمان عواد..

صدقت في أن أمريكا تكيل بمكيالين في تعاملاتها الدبلوماسية والسياسية، لكن ماذا عن مصر الرسمية التي تكيل بمكيالين أيضًا؟! خاصةً في ملف فلسطين وفي لقاءاتها مع الساسة الفلسطينيين، بينما لم تكِل بنفس المكيالين عندما كانت تستضيف الراحل د. جون قرنق أيام كان متمردًا يخوض حربًا ضد الحكومة الرسمية في الخرطوم؟!

المصدر