كيف يحتفل السيسي بانتصارات أكتوبر؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كيف يحتفل السيسي بانتصارات أكتوبر؟


كيف يحتفل السيسي بانتصارات أكتوبر.jpg

كتب: محمد مصباح

(05 أكتوبر 2017)

مقدمة

منذ نعومة اظافر غالبية الشعب المصري، تأتي ذكرى انتصار أكتوبر على المحتل الصهيوني كيوم وطني، تبث فيه الأعمال الفنية الوطنية، والأفلام التي تخلد ذكرى الانتصار.. بجانب افتتاح العديد من المشروعات التنوية في أرض الفيروز بسيناء.. أو إلقاء كلمة وطنية تعبر عن صمود المصريين ودور القوات المسلحة في تحرير الوطن.

أما اليوم وفي ظل الانقلاب العسكري وسيطرة عساكر كامب ديفيد على الأمور في مصر اختلفت تماما الأوضاع، التي غالبا ما يكتفى في الاحتفالات بوضع أكاليل الزهور على قبر الرئيس السادات وعبد الناصر. فيما تجري على قدم وساق، الانقلاب على ذكرى النصر التي جاءت لتمكين المصريين من أراضيهم، فيتم اليوم تهجيرهم بالقوة قسريا من أجل تأمين أعداء الأمة، الصهاينة، الذين بات السيسي حريصا على امنهم وسلامتهم كما الفلسطينيين.

ومن عجائب احتفالات الانقلابيين بنصر أكتوبر ما شهدته أرض الفيروز، أمس، حيث أعلن محافظ شمال سيناء رسميًا البدء في تنفيذ المرحلة الثالثة للمنطقة العازلة مع قطاع غزة لمسافة 500 متر لتصبح بإجمالي 1500 متر بعد أن تم تنفيذ المرحلة الأولى والثانية التي كانت بعمق 1000 متر. وذلك خلال لقاء جماهيري بمناسبة احتفالات المحافظة بذكرى أكتوبر!

يذكر أن قوات الجيش قامت دون سابق إنذار بإزالة 40 منزلا وتجريف أكثر من 50 فدانًا من الأراضي، حيث طالب أهالي رفح بإعطائهم مهلة للخروج ونقل الأغراض فما كان من القوات إلا الرفض وتم هدم المنازل بمحتوياتها. وتفرض قوات الجيش حصارا على مدينة رفح للشهر الثاني علي التوالي مما أسفر عن نقص حاد في جميع الإحتياجات الأساسية، والآن أصبح آلاف الأسر في العراء.

وكان عدد من الفنانيين كشفوا مؤخرا عن اختفاء نحو 140 عملا فنيا تناولت حرب أكتوبر من ماسبيرو، بعضها تم بقرارات من السادات عقب توقيع اتفاق كامب ديفيد، وبعضها تم مؤخرا.

صفقة القرن

ومن أبرز ما يحتفل به السيسي بانتصارات أكتوبر، تفريطه في الأراضي التي سالت عليها الدماء الطاهرة من الجنود المصريين، سواء في مضايق تيران وصنافير، أو في أعماق سيناء، حيث يجري التخطيط للتنازل عن أراض مصرية.

وفي 21 فبراير 2016؛ عُقد في العقبة الأردنية -وفق تسريب لصحيفة هآرتس- لقاءٌ رباعي (بين بنيامين نتنياهو وجون كيري وعبدالفتاح السيسي وعبدالله الثاني)، ناقش أفكاراً جديدة للحل على أساس من يهودية الدولة وتبادل الأراضي، لكن الجميع أنكروا هذا الاجتماع عدا نتنياهو!!

وبعد عام وفي 12 فبراير 2017؛ أعلن عضو حزب الليكود أيوب قرا أنه أثار مع نتنياهو مقترح دولة فلسطينية في سيناء وفق "خطة السيسي"، لتعبيد طريق السلام الشامل مع "الائتلاف السني" حسب وصفه، وأن نتنياهو سيعرض المقترح على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

وهو ما تباجث بشأنه السيسي مع ترامب خلال زيارته أمريكا، مؤكدا أن "السلام بين إسرائيل وفلسطين سيكون صفقة القرن". وتردد سابقا مصطلح "صفقة القرن" في عام 2006 عبر ما عُرف بـ"عرض أولمرت" أو "تفاهمات أولمرت وعباس"، وما تسرب حينها من أنها "اتفاقيات رفّ" تنتظر الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها آنذاك.

وفي ظل سقوط حل الدولتين؛ هناك عود على بدء إلى ما قبل أوسلو في أجواء استنساخ أو استحضار لروايات السيناريو المأمول إسرائيلياً عبر مشاريع التوطين منذ خمسينيات القرن الماضي. ومن هذه المشاريع مشروع توطين (60) ألف فلسطيني في سيناء أيام عهد جمال عبد الناصر الذي نجحت غزة في إفشاله، ومشروع آلون للتوطين في سيناء تحت مبرر "عجز السلطة المصرية عن فرض سيطرتها الأمنية على سيناء".

وتنطلق الصفقة في مرحلتها الأولى من رعاية أمريكية لا لبس فيها تعيد الثقة إلى مسيرة التسوية وتحقق وجود الضامن المفقود. مع التزام كامل بمبدأ حل الدولتين وإقرار لـ"إسرائيل" بحدود جدارها كخطوة أولى، وأن تعاد قراءة الحدود ومشروع تبادل الأراضي وفق خريطة باراك (1.9%) أو أولمرت (6.5%)، أو خريطة جديدة قد تصل إلى (12%)".

وهناك خطة يوشع بن آريه 2003 بتمديد حدود غزة حتى العريش، ومشروع غيورا آيلاند 2004 الذي دعا مصر للتنازل عن (600) كم2 من سيناء لصالح التوطين، مقابل حصولها على (200) كم2 من صحراء النقب ومزايا اقتصادية.

ويقابل ذلك التزام إسرائيلي بوقف الاستيطان خارج "الكتل الاستيطانية"، والالتزام الدولي والعربي برعاية الاقتصاد الفلسطيني مع إعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي، وأن تستمر السلطة في منع العنف والتحريض، ويستمر التنسيق الأمني بإشراف طرف ثالث (أمريكا)، والسماح للجيش الإسرائيلي بالعمل في الضفة الغربية.

كما ستسعى السلطة إلى توحيد الصف الفلسطيني واستمرار عملية إعمار غزة وإقامة ميناء (ربما يكون عائما) مع ضمانات أمنية، ويتم العمل على نزع سلاح غزة وتدمير الأنفاق (كسر شوكة غزة). وفي حال تحقيق السلطة هذه الشروط يمكن السماح لها بالإعلان عن دولة في حدود مؤقتة، مع بسط السيطرة على مناطق جديدة في الضفة. وتدرس "إسرائيل" السماح بمشروعات حيوية في الضفة مثل مطار، ليمهد ذلك لمفاوضات مباشرة سقفها الزمني عشر سنوات وصولاً إلى السلام النهائي.

وخلال هذه الفترة الزمنية (المرحلة الأولى) تعلن دول الإقليم أنها جزء من هذا المشروع، وتبدأ تدشين تعاون شرق أوسطي في شتى المجالات الحيوية، وعلى رأسها الأمن ضمن إطار موحد. هذه خطوات ضرورية تراها أميركا ممهدة لـ"صفقة القرن" بإحياء "عملية السلام" على قاعدة أن "عباس أفضل الخيارات"، ومن هنا كانت إعادة فتح الأبواب أمام محمود عباس، والدعوة للقاء سريع يجمعه مع نتنياهو.

ومن ثم فتح حوار أمريكي مع مصر لصياغة رؤية مشتركة حول غزة، قد يقود إلى جهود مصرية مجدداً "لإنهاء الانقسام" الفلسطيني، على قاعدة التمهيد لمشروع "غزة الموسعة خالية من حماس" و"تبادل الأراضي"، والذي يعتبر الخطوة الثانية الرئيسة في الصفقة.

مشروع الأراضي المتبادلة

المرحلة الثانية لـ"صفقة القرن" ذاهبة في اتجاه مشروعيْ يوشع وآيلاند بغض النظر عن مساحات أراضي التبادل، حيث يتنازل الفلسطينيون عن مساحة متفق عليها من الضفة (الكتل الاستيطانية) وجزء من الغور، ومقابلها نظيرتها من أراضي سيناء بموازاة حدود غزة وسيناء، وستحصل مصر من "إسرائيل" على مساحة مكافئة من وادي فيران جنوب صحراء النقب.

وقد تدخل السعودية على خط تقديم أرض لتمثل شريكاً، خاصة أن البعض يرى أن جزيرتيْ تيران وصنافير كانتا عربوناً للسعودية في سياق مشروع تبادل الأراضي الضخم. "إسرائيل" عينها على أرض "يهودا والسامرة" حيث تحتفظ بـ"المدن الاستيطانية" التي وصفها باراك بـ"المساحة الحيوية" -وكثير منها "أراض دينية" وفق الفقه اليهودي- وتتجاوز ما حققته في الجدار العازل، وهذا يسمح بتقليص عدد المستوطنين الواجب إجلاؤهم إلى بضعة آلاف.

وهو ما يجري حاليا من تدخل مصر واقناع حماس وعبا بالمصالحة....وهو ما يعد الاحتفال الابرز بانتصارات أكتوبر التي يسعى اعلاميو السيسي للربط بينهما!! كما تروج "إسرائيل" رواية "صفقة القرن" لمصر باعتبار أن التنازل عن الأراضي في سيناء سيكون للفلسطينيين وليس لـ"إسرائيل"، وأنه أرض مقابل أرض تسمح لمصر بتواصل جغرافي مع الأردن عبر نفق طوله 10 كلم، يربط البلدين بالخليج ويخضع للسيادة المصرية.

كما أن حركة اقتصادية ضخمة من النفق ستنشأ عبر شبكة حديد وطريق سريع وأنبوب نفط يمتد نحو ميناء غزة الكبرى، مما يحقق عائدا ماليا جمركيا ضخما لمصر، مع إغراء إسرائيلي لمصر بتشجيع المنظومة الدولية على ضخ استثمارات هائلة فيها ومنها تنقية المياه، وستوافق "إسرائيل" على إجراء تغييرات محددة في الملحق العسكري من اتفاقية كامب ديفد.

ومن هنا تكون الرواية المقدمة للشعب المصري هي تنازل عن (1%) من أرض سيناء مع بسط سيادة على (99 %) منها، وسماح لمصر بالحصول على القدرات النووية لأغراض سلمية ولإنتاج الكهرباء، وبذا -وفق الرواية الإسرائيلية- تستعيد مصر مكانتها الدولية، ويكون الطريق ممهداً للسيسي لنيل جائزة نوبل للسلام.. وهنيئا للمصريين بالجائزة العالمية ولا عزاء لدماء الشهداء على اراضي سيناء.

المصدر