كم أتمنى أن أكون مواطناً موريتانياً

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كم أتمنى أن أكون مواطناً موريتانياً


لم أفكر يوماً ما في حياتي أن أتنازل عن جنسيتي المصرية أو أضيف إليها جنسية دولة أخرى مهما كانت هذه الدولة ، وكنت ألوم من يتجنس بجنسية دولة أجنبية قوية طمعاً في الحماية أو الثروة إلا هذه الأيام بعدما حدث في الشقيقة الصغرى موريتانيا وما قام به الأخ ( ولد فال ) من وفاء بوعده بإجراء انتخابات حرة نزيهة لاختيار رئيس للدولة وعدم ترشيح نفسه فيها أو السماح لأحد من العسكريين بالترشيح فيها ، وهذا نفس ما فعله سوار الذهب في السودان ، فقد وجدت في نفسي رغبة عارمة في أن احصل على الجنسية الموريتانية ، ما هذه النوعية من الناس وهل عقم شعب مصر وباقي الشعوب العربية من أن تلد نساؤهم مثل هؤلاء الرجال .

لقد جرت الانتخابات في موريتانيا البلد البسيط ذي الشعب الفقير في سهولة ، لم تحاول فيها الحكومة التدخل لصالح أي من المرشحين أو التأثير على إرادة الناخبين أو حتى مجرد توجيههم إلى مرشح بعينه بحجة حسن الاختيار أو المصلحة العامة .

لم يقل الأخ ( ولد فال ) أن شعب موريتانيا البسيط لا يحسن الاختيار وسنختار له حتى يبلغ سن الرشد التي لم يبلغها شعب مصر ذي السبعة آلاف سنة .

لم يقل إن مسئولية رئاسة الجمهورية كبيرة لا يستطيع حملها إلا من بلغ سن الثمانين عاماً حتى يحسن القيام بها وتحمل مسئولياتها ، لم يقل ذلك ولكنه قال إن شعب موريتانيا قد بلغ سن الرشد وأصبح جديراً بتولي مسئولية اختيار الحاكم الذي يحكمه وأجرى انتخابات حرة نزيهة تحسده عليها الدول المتقدمة وقاهم الله شر عين الحسود التي تتربص بهم ، وأملنا كبير أن يكتمل عرس الديموقراطية فيها بالرقي والرفاهية لهذا الشعب وأن يأخذ وضعه بين شعوب العالم الديموقراطي الراقي والتي أصبح يستحقها بجدار ة .

أخي الرئيس الجديد للشقيقة الصغرى موريتانيا لم أعرف الحسد يوما ما ولا أحب الحاسدين وقانا ووقاكم الله شر أعينهم ، ولكن أعرف الغيرة الدافعة للتقدم والرقي سواء عند الأفراد أو عند الشعوب ، ولذلك فإني أغار من شعبكم ومن شعوب العالم الحر المتقدم على ما ينعم به من حرية وإرادة في اختيار حكامه ، وأتطلع إلى اليوم الذي يصبح فيه الشعب المصري وباقي الشعوب العربية كذلك ، وهذا يوم قادم بلا شك - إن شاء الله – ما دام الشعب قد شعر بالظلم والقهر وتزييف إرادته .

أخي الرئيس الموريتاني الجديد هل أطمع في أن تعتبرني مواطناً موريتانياً لكي أتمتع بما يتمتع به أخواني في موريتانيا من حرية نفتقدها في مصر ، إن كل ما أريده من هذه المواطنة الموريتانية أن أشعر أني أتعامل مع مسئولين اخترتهم بإرادتي الحرة ولم يفرض علي وجودهم على رأس بلدي رغم أنفي وأنف كل محب لوطنه راغب في رفعته ، لا أريد حماية ولا ثروة فبلادك مثل بلادي فقيرة ضعيفة ، وشعبك مثل شعبي يحتاج إلى المعونة ، ولكن بلا شك أصبح لديكم الأمل في الرقي والتقدم بعد أن وجد لديكم العزم على اختيار من يقودكم إليه ، وسيعمل الشعب لديكم من أجل ذلك في عزم وإصرار بعد أن فرغ من معاركه السياسية ونجح في تحقيق إرادته وصح عزمه على السير في الطريق الصحيح الذي سارت فيه جميع الشعوب الحرة التي وصلت إلى مصاف البلاد المتقدمة لأن الإصلاح السياسي في أي بلد من بلدان العالم المتحضر ، الذي انصرف إلى العمل والجد من أجل رفاهية أبنائه ولم تشغله همومه اليومية ولا الصراع السياسي ولا الأمراض ولم تعج سجو نه بالمعتقلين بغير ذنب ولم تهمش إرادته وتحتقر فيه أحكام القضاء وتلقى في سلة المهملات الموجودة أسفل مكاتب كبار المسئولين المتشدقين باستقلال القضاء وسيادة القانون .

كنت أتمنى أن أحصل على الجنسية الموريتانية قبل إجراء انتخابات الرئاسة عندكم ويكون لي شرف حضور ومتابعة هذه الانتخابات التي جرت وأشاد بها العالم المتحضر والتي أسفرت عن نتيجة مشرفة تتفق مع الأصول السليمة لأي انتخابات حرة نزيهة في أرقى بلاد العالم ، وكم أنا سعيد بعدم سماع أصوات تصرخ وتصيح كما يحدث عندنا بأن الانتخابات مزورة ، وكم أنا سعيد بدعوة الرئيس المنتخب زميله ومنافسه الذي لم يصادفه الحظ في الاشتراك في الحكومة كي يتكاتف الجميع ويعمل من أجل رفعة ورقي الوطن ، وكم أنا سعيد وأنا أرى المرشح الذي لم يصادفه الحظ وهو يبادر إلى تهنئة الرئيس المنتخب كما يحدث في أرقى البلاد الديموقراطية .

هذه مظاهر كلها نفتقدها في بلادنا ذات الحضارة التي نفاخر بها ونباهي حضارة السبعة آلاف سنة والتي أهدرناها وتجاهلناها وأصبحنا نعيش على ذكراها ونجتر الألم على ضياعها رغم أننا نحن الذين أضعناها وفرطنا فيها .

موريتانيا البلد الضعيف الفقير أجرى هذه التجربة الحرة في اختيار رئيسه 0 وفلسطين البلد المحتل المحاصر أجرى أنزه انتخابات برلمانية في العالم العربي شهد على نزاهتها كل بلاد العالم وجلسنا نحن نفاخر بذلك مثل ( القَرَعة ) التي تفاخر بـ ( شعر بنت عمها ) دون أن نحاول علاج أنفسنا والخلاص من مرضها ، وحكامنا يتجاهلون ذلك أو يحاولون إقناعنا أن ثمن الحرية هو وصول من لا ترضى عنهم أمريكا إلى الحكم وجزاء ذلك الحصار والمقاطعة وخراب البلد ، مع أن الخراب كل الخراب أن تعيش بلادنا بلا حرية أو إرادة ، والخراب كل الخرب أن نعتمد على غيرنا في الحصول على أقواتنا ، والخرب كل الخراب في أن نعيش عالة على غيرنا يعطينا متى شاء ويمنعنا عندما يريد ، ويتحكم في إرادتنا ومستقبلنا ، وحتى عندما يعطينا فإنه يعطينا الفتات وبقية الموائد ، لا أستطيع أن أتصور شعور حكامنا المفروضين علينا وهم يسمعون حكام أمريكا يقولون إن أمن إسرائيل من أمن أمريكا وإن سياسة أمريكا أن تكون إسرائيل بعتادها الحربي أكثر عدة من البلاد العربية مجتمعة يقولون هذا صراحة وفي اجتماعاتهم مع الحكام العرب ونحن نصفهم بالأصدقاء .

بل بلغ منا الهوان أن نستقبل أعداءنا بالأحضان والقبلات ونصفهم أيضاً بالأصدقاء ونتجاهل الأخوة والأحباب من الفلسطينيين لا لشيء إلا لأنهم وصولوا إلى الحكم بإرادة شعبهم الحرة وعدم رضاء أمريكا عنهم .

أخي الرئيس الموريتاني الجديد المنتخب انتخابا حراً من شعب بلغ النضج وتمتع بحرية الاختيار رغم صغر سنه والذي أثبت أن بلوغ الرشد واكتمال الأهلية ليس بالسن ولكن بالكفاءة والمقدرة والإرادة ، أخي إني في انتظار ردك على طلبي منحي الجنسية الموريتانية حتى أتمتع البقية الباقية لي من عمري ببعض الحرية التي يتمتع بها الشعب الموريتاني الشقيق وأحاول نقل تجربته إلى شعب مصر المقهور ، علماً بأني لن أتنازل عن جنسيتي المصرية فبلادي وإن جارت على جزيرة وأهلي وإن ضنوا على كرام .

والسلام على الأحرار في كل بلد يحترم الحرية أما العبيد فلا سلام حتى يتحرروا .