كشف الفساد دعاية انتخابية أم قضايا حقيقية بمصر؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كشف الفساد دعاية انتخابية أم قضايا حقيقية بمصر؟


2005-20-08

تحقيق- عبد المعز محمد

مقدمة

مجلس الشعب المصري

- مصدر قضائي: قضايا فساد جديدة طوال فترة الانتخابات

- حزين: كشف القضايا نتيجة صراعات في الحزب الحاكم

- عوض الله: نتمنى أن تكون الحرب على الفساد لصالح الوطن

- الشورة: غياب الشفافية وراء الانهيارات المتعددة بمصر

في أقل من شهرٍ واحدٍ كشفت السلطات المصرية عن أكثر من سبعة قضايا فساد من العيار الثقيل، كما قضت محكمة الجنايات بأحكام قاسية في قضية الآثار الكبرى وصلت لأربعين عامًا على عددٍ من المتهمين، ومع بدء حملة الدعاية لانتخابات الرئاسة كشف النائبُ العام عن قضية فسادٍ كبرى أيضًا ولكنها هذه المرة في وزارة الطيران المدني إحدى الهيئات المحصَّنة من القضاء في الماضي.

الغريب في قضية الطيران التي أعلن عنها النائب العام المصري يوم الخميس 200518/8/م أي بعد يوم واحد من بدء الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية شملت إحالة رئيس الهيئة المصرية العامة للطيران المدني السابق وأحد أبرز المقربين للقيادة السياسية- عبد الفتاح كاطو- و3 من رؤساء القطاعات بالهيئة ومن مساهمي شركة مالكو إلى محكمة الجنايات بعد أن وجَّهت إليهم النيابة اتهاماتٍ بالتربح، والشروع في الإضرار العمد بالمال العام، وتزوير المحررات واستعمالها في التعاقد على إنشاء مطار رأس سدر الدولي بنظام B.O.T. والتي بلغت قيمة المخالفات فيها 6 مليارات و344 مليون جنيه!.

ورغم أنَّ القضية بدأت ببلاغٍ من وزير الطيران المدني الحالي- الفريق أحمد شفيق- في أكتوبر 2004م بشأن وجود مخالفات في طرح وإسناد والتعاقد على مشروع مطار رأس سدر الدولي، وأُرسل البلاغ إلى هيئة الرقابة الإدارية لإجراء التحريات، إلا أنَّ النتيجة كانت مع بدء الانتخابات، وقد يكون الأمر في هذه القضية من قبيل الصدفة وليس المقصود منها تجميل وجه الحزب الوطني الحاكم سواء قبل انتخابات الرئاسة المحسومة تقريبًا لصالح الرئيس مبارك أو الانتخابات البرلمانية المتوقع لها أن تشهد منافسة ساخنة.

وإذا افترضنا أنَّ الكشف عن قضية الطيران المدني في هذا التوقيت ليس له علاقة بالانتخابات، وهو الافتراض ذاته الذي من الممكن أن ينطبق على الأحكام القاسية في قضية الآثار الكبرى قبل أربعة أيام فقط من بدء حملة الرئاسة فإنه خلال يومين فقط تمَّ الكشف عن قضايا فسادٍ أخرى معظمها في قطاع البنوك؛ حيث أعلنت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة عن ضبط تشكيلٍ عصابي مكون من ستة أشخاص تخصص في الاحتيال على البنوك ومحاولة الاستيلاء على أرصدة عملائها من أجهزة حكومية وشركات بموجب شيكات مزورة بلغت مليونين و563 ألف جنيه، كما أحبطت مباحث الأموال العامة العديدَ من تلك المحاولات في بنوك مختلفة وهو التشكيل الذي سبق له الاستيلاء على خمسة ملايين جنيه بنفس الأسلوب من العديد من البنوك والشركات والجهات الحكومية.

واكب ذلك أيضًا قرار النائب العام المصري بإحالة 21 متهمًا إلى محكمة جنايات طنطا لاتهامهم بتسهيل الاستيلاء على 27 مليون جنيه من أموال الهيئة العامة للسلع التموينية، وتضم قائمة المتهمين رئيس مجلس إدارة الجمعية التسويقية للمحاصيل الحقلية بكفر الشيخ ورئيس مجلس إدارة الجمعية الزراعية لمنتجي الأرز سابقًا وعددًا من العاملين بهما ومفتشي التموين والمسئولين عن تشوين المحاصيل الزراعية بكفر الشيخ وبعض موردي الحاصلات الزراعية.

قضايا جديدة

وطبقًا لما أكدته مصادر قضائية فإنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة العديد من قضايا الفساد في مختلف الهيئات، وهو ما برره النائب السيد حزين- عضو الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين- بأنه يرجع لموسم الانتخابات سواء الرئاسية أو البرلمانية، وقال النائب إنهم كنوابٍ طالبوا أثناء دورات البرلمان الخمس الماضية فتح العديد من ملفات الفساد الهامة سواء في وزارة الزراعة أو وزارة التربية والتعليم أو في وزارة الإعلام إلا أنَّ الحكومة كانت دائمًا تتهرب من مناقشة هذه الموضوعات، مشيرًا إلى أنَّ الحكومة المصرية تريد أن تثبت للمواطن أنها ضد الفساد، وهو ما يعطيها دعمًا وثقةً بعد أن أصبح الفساد مرتبطًا بالحزب الوطني وحكوماته.

وفيما يتعلق باستمرار هذه القضايا، وهل ستختفي بعد موسم الانتخابات؟ قال حزين: إنَّ هناك احتمالين؛ الأول أن تشهد هذه القضايا انخفاضًا تدريجيًّا بعد موسم الانتخابات حتى تلتقط الحكومة أنفاسها، أما الاحتمال الثاني وهو الأقرب للتحقيق فهو أن يستمر الكشف عن قضايا فسادٍ جديدةٍ، وممكن أن تكون كبيرة وهو ما يعد انعكاسًا للصراع الدائر داخل الحزب الوطني الحاكم بين الحرس القديم والجيل الجديد، وفي النهاية فهي أقرب لتصفية حساباتٍ إلا أنها تتم باسم الشعب.

مصالح الوطن

من جانبه قال النائب مصطفى عوض الله- عضو كتلة الإخوان- إنَّ البرلمانَ بحكمِ الواقع بعيدٌ عن هذه القضايا وليس له سلطة الرقابة فيها؛ لأنها قضايا أعلن عنها النائب العام وطالما النيابة تُحقق في الموضوع فإنه ليس من حق البرلمان مناقشتها.

ويضيف عوض الله أنَّ الملفت في الموضوع هو توقيت الإعلان عن هذه القضايا، وهو موعد الانتخابات سواءٌ الرئاسية أو البرلمانية، وهو ما يطرح تساؤلاً عن مصير قضايا الفساد الأخرى المُتهَّم فيها مسئولون كبار كقضية المبيدات المتسرطنة مثلاً والتي يتهم فيها الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الحزب الوطني الحالي، وغير ذلك من القضايا مثل الفساد في الأوقاف مثلا أو قضية الغش الجماعي في الثانوية العامة والمتهم الرئيسي فيها وزير التعليم السابق.

وأشار عوض الله إلى أنَّ ما يتمناه كمواطنٍ قبل أن يكون نائبًا أن تكون الحرب على الفساد لصالح الوطن وليس من أجل التسويق للانتخابات، كما طالب بأن يحاسب كل المسئولين سواء الحاليين أو السابقين الذي تورطت أسماؤهم في قضايا فساد، وأن تكون هناك حرب حقيقية من الفساد وليس مجرد دعاية انتخابية.

تردٍّ كبير

أما النائب حسنين الشورة فقال إن المشكلة أكبر من الكشف عن قضية فساد أو عدة قضايا، موضحًا أنَّ القضية مرتبطة بمناخٍ سياسي واجتماعي عامٍ، وقال إنَّ استمرار البذخ والإنفاق الحكومي وعدم ترشيد الإنفاق وغياب الحكومة الرشيدة هو الذي دفع بمصر إلى احتلال المركز 120 في تقرير التنمية البشرية على مستوى العالم، مشيرًا إلى أنَّ التقارير الرقابية الدولية والمحلية أكدت تدهور الأوضاع في مصر وانعدام الشفافية وارتفاع معدلات الرشوة والفساد وكبت الحريات وتوحش الأسعار وزيادة الأمراض المزمنة الناجمة عن زيادة معدلات التلوث البيئي، مما أدَّى إلى إصابةِ مئات الآلاف من المصريين بالسرطان والفشل الكلوي بسبب صرف نفايات 330 مصنعًا في نهر النيل.

موضحًا أنَّ التقرير أشار أيضًا إلى تدني المستوى المعيشي للمواطنين وزيادة الضرائب والرسوم على الخدمات والمرافق؛ مما أدَّى إلى ارتفاع فقراء مصر من 19% إلى 43% من إجمالي السكان كما ورد بتقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة، حيث وصل عدد الفقراء في مصر 40 مليون تحت خط الفقر كما جاء بأحد التقارير العالمية.

وأرجع الشورة أسبابَ هذا الانهيار إلى انعدام المحاسبة لمسئولي الحكومة، والتي أصبحت بالفعل حكومة أغنياء تحكم شعبًا فقيرًا، وهو ما أدَّى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وزاد من حجم الدين الداخلي والخارجي حتى وصل 130% من إجمالي الناتج القومي، كما حدث كساد في الأسواق وعجز في الموازنة العامة وزيادة في العجز التجاري مع الدول الأخرى، مما أدَّى إلى تقهقر مصر للمركز 120 في تقرير التنمية البشرية نتيجة لسياسة حكومة أصحاب المصالح والأغنياء.

المصدر