كتابات الإمام البنا عن الهجرة (8)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٧:٢٥، ٢١ فبراير ٢٠١٢ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتابات الأستاذ حسن البنا عن الهجرة (8)


الإمام حسن البنا

في مستهل هذا الشهر الكريم ودع المسلمون عامًا واستقبلوا عامًا جديدًا وهكذا يقف المسلم في مفترق الطرق بين مخافتين: بين عام مضى لا يدري ما الله قاض فيه وبين عام مقبل لا يدري ما الله مقدر فيه.

وقد اختار أمير المؤمنين فاروق عمر الملهم حادث الهجرة الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ليكون مبدأ للتاريخ ورأسًا للسنة، ولا شك أن عمر رضي الله عنه، كان في اختياره هذا موفقًا ملهمًا.

فالهجرة حادث من أبرز حوادث السيرة المطهرة، وهي تعد بحق عيد للكفاح والجهاد فقد ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام وينادي بتوحيد الله سبحانه وتعالى ويسفه الأصنام ويسخر من الأوثان التي كان يعبدها العرب ويتخذونها آلهة من دون الله الواحد القهار أجل ظل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، يدعو بهذه الدعوة وينذر عشيرته والأقربين ويذكر بالقرآن من يخاف وعيد فما استجاب له غير قلة مؤمنة ولكنها مستضعفة، ظلت تلاقي ألوانًا من العذاب والاضطهاد ولكن المؤمنين ثبتوا على دينهم وما ضعفوا وما استكانوا، حتى أذن لهم بالهجرة إلى يثرب وخرجوا ولم يبق غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصديقه أبو بكر الصديق فلما تآمر الكفار على القضاء على هذه الدعوة بقتل الرسول، أذن الله لرسوله بالهجرة وهكذا لم تكن الهجرة جبنًا أو ضعفًا ولا جنوحًا إلى الراحة وإيثارًا للسلامة ولكنها كانت فرارًا بالعقيدة من أرض قاحلة إلى أرض خصبة تنمو فيها بذرة الإيمان وتزدهر وما أشبه الهجرة بحركة الانسحاب أو الالتفاف التي يلجأ إليها القائد العسكري المحنك اختيارًا منه للوقت المناسب والمكان المناسب للمعركة الفاصلة!.

وهذا ما حدث فعلا فقد أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة دولة، وكون جيشًا، وأقام دينا ثم التقى بالكفار في أكثر من موقعة وقاتل وجاهد حتى عاد إلى مكة، التي خرج منها وحيدًا ليدخلها ظافرًا منتصرًا، يحطم الأصنام ويطهر الكعبة الشريفة من الأوثان وتدين جزيرة العرب كلها للإسلام، ويدخل الناس في دين الله أفواجًا.

هذه ناحية واحدة من نواحي الهجرة وكم في الهجرة من عظات وعبر، وكم فيها من دروس وحكم ما أحرى المسلمون أن يقفوا اليوم وهم يحيون ذكراها ليتدارسوا هذه العظات والعبر وليحاولوا الاستفادة من دروسها وحكمها لينتفعوا بذلك كله في حاضرهم وليضعوا الأساس المتين لمستقبلهم الزاهر بإذن الله "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز".


المصدر: الدعوة – العدد (289) – 23يوليو 1959م / 17محرم 1379هـ.


للمزيد

للمزيد من كلمات الإمام البنا عن الهجرة:


إقرأ أيضا :