قصة الإخوان المسلمين في فلسطين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ عبد الفتاح دخان يروي قصة الإخوان المسلمين في فلسطين


حوار- إيمان يس:


مقدمة

Pk5YV6vw7m8M.jpg

ليست مجرد قضية تشغل أذهان الإخوان المسلمين أو حتى مجرد حدث، ولكنها هدفٌ رئيسي ومبدأ ثابت تضمنته المسودات الأولية لتأسيس الجماعة قبل ثمانين عامًا، وركن أصيل لم تغِب عنه أبدًا أدبياتها وأعمالها.

لغط المرجفين وشبهاتهم التي تلاحق الإخوان حيث ساروا لم يتخلَّف عن فرعها الذي أسسته المقاومة في فلسطين المحتلة، ولأجل صورة أكثر وضوحا فقد التقى (إخوان أون لاين) أحد مؤسسي حركة حماس في فلسطين الشيخ عبد الفتاح دخان، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وأجرى معه هذا الحوار.

  • جهاد الإخوان في سبيل القضية الفلسطينية صاحب تأسيس الجماعة أواخر عشرينيات القرن الماضي؛ فقد كان لهم السبق في تجييش المشاعر وتوجيه القلوب وتنبيهها على الخطر الداهم الذي يتربص بأرض الرباط أرض المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

وقد كانت لزعيم فلسطين الحاج أمين الحسيني في ثلاثينيات القرن العشرين زيارات متواصلة إلى مصر ليلتقيَ بالإمام حسن البنا ويتدارسا معًا شئون القضية الفلسطينية، وليس سرًّا أن الإخوان المسلمين أنشئوا الجهاز الخاص استعدادًا لمعركة فلسطين في عام 1948م، وقد بدأ جنود هذا الجهاز بجمع الأسلحة المتبقية من الحرب العالمية الثانية من منطقة العلمين في بداية الأربعينيات استعدادًا لمعركة فلسطين؛ فهم أول من فكَّر في الاستعداد لذلك اليوم، وهم أول من أعدَّ العدة للمواجهة، وبالتالي هم أول من دخل فلسطين لمواجهة اليهود في حرب 47- 48.

ويشهد العدو والصديق ببلائهم الأحسن في قتال الصهاينة، ولكن تآمرت الدول الاستعمارية الكبرى:

بريطانيا، فرنسا وأمريكا مع بعض الأنظمة المنحرفة لتجريد الإخوان المسلمين من أسلحتهم؛ مما تتسبب في النتيجة التي نعرفها جميعًا، ولولا هذا التدخل لتغيَّر الوضع؛ لأن اليهود كانوا لا يجرءون على مواجهة الإخوان المسلمين فيهاجمون الجيوش العربية ويبتعدون عن مواقع الإخوان؛ لأنهم يعلمون أن الإخوان ما جاءوا إلا لنيل إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، والوضع لم يتغيَّر كليًّا إلا بعد إقصاء الإخوان عن الساحة.

* وهل كان اليهود حينها على علمٍ بجماعة الإخوان ويشعرون بخطرها على كيانهم المنشود؟

فتقدم الإخوان واسترجعوا الموقع من اليهود وطردوا اليهود وسلَّموا الموقع للجيش المصري، فأرسل قائد الجيش إلى القيادة العليا في مصر لتقديم نياشين شرف لرجال الإخوان، إلا أنهم رفضوا ذلك قائلين: "إننا لا نقاتل لننال نياشين الشرف والأوسمة، لكننا نقاتل في سبيل الله"، فأصرَّ الجيش على أن يمنحهم تلك الأوسمة والنياشين، وعلم الجميع منذ ذلك الحين أن الإخوان شوكة في حلوق بني صهيون.

* وصفت في حديثك القضية الفلسطينية بأنها "أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين" فهل كان لهذا الربط أثر على القضية؟

  • نعم، والإخوان المسلمون هم أول مَن نبَّه على هذا المعنى؛ فهم ينظرون إلى القضية على أنها فلسطينية عربية إسلامية؛ ففلسطين أرض وقف إسلامي؛ أوقفها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وأجازت المذاهب الفقهية وقفية أرض فلسطين، وكل أرض فتحها المسلمون في عصر الخلفاء الراشدين بالجهاد أرض وقف إسلامي، وأرض الوقف لا يجوز التنازل عنها مطلقًا ولا بأية حال من الأحوال، ولا يسري على أراضي الوقف قانون التقادم؛ فالإخوان ينظرون إلى القضية على أنها قضية إسلامية عقائدية إلى أبعد الحدود، ولولا هذه النظرة التي عمل الإخوان على تعميقها في قلوب كل المسلمين لما أخذت قضية فلسطين هذا البعد وهذا الاهتمام.

كما أن الإخوان المسلمين هم أول التنظيمات الموجودة في الوطن العربي التي اهتمت بقضية فلسطين؛ فباقي التنظيمات الأخرى لم تكن لها اهتمامات بالقضية الفلسطينية مطلقًا؛ فالإخوان هم من أبرزوا هذه القضية عالميًّا على مستوى المنظمات الدولية من خلال حضور المؤتمرات الدولية والدفاع عن القضية وبيان وجه الحقيقة فيها وحتى اليوم، وإذا برز الإخوان على الساحة تختفي كل الفصائل الأخرى وتذوب؛ لأنهم لا يمتلكون أي رصيد على أرض الواقع.

* هذا عن السبق، فماذا عن المنعة؟ هل كانت للجماعة وقفات حاسمة مثَّلت لفلسطين الحماية من الضياع في وقت من الأوقات؟

  • نعم، هناك العديد من المواقف؛ أذكر منها الاتفاق الذي كان في عام 53 بين النظام المصري في عهد عبد الناصر وأمريكا ووكالة غوث للاجئين على توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، وعندما علمنا بهذا الموضوع قام شباب الإخوان المسلمين في المدارس الثانوية بمظاهرات في قطاع غزة ضد التوطين، واستمرت المظاهرات عشرة أيام؛ مما اضطر النظام المصري إلى التراجع عن تقسيم أرض سيناء، وبالتالي اضطرت كلٌّ من أمريكا ووكالة غوث للاجئين إلى التراجع، لولا ذلك الموقف في ذلك الوقت لتم التوطين وانتهت القضية.

وكان هذا الاتفاق من الخطورة لدرجة أنه كان اتفاقًا سريًّا، شاء الله لنا أن نكتشفه، عندما كنا في إحدى دورات رفع كفاءة مدراء المدارس التي تقيمها وكالة غوث اللاجئين، وسمعنا بوجود سيدة تشغل منصب "كاتم سر الوكالة"، فحاولنا معرفة هذا السر الذي تحمله فرفضت، إلا أنها بعد عدة أعوام نُقلت إلى وظيفة أخرى، فأقمنا حفل وداع على شرفها، وقلنا لها: أنت الآن خارج وظيفة كاتم السر، ولا حرج عليك إن أخبرتنا به، فأخبرتنا بأن السر هو توطين اللاجئين في أماكن سكناهم.

ولا يخفى على أحد أن هذا يعني ألا حق لهم في العودة، ومن هنا أستطيع أن أؤكد إلى أقصى الحدود أنه لولا دور الإخوان في هذه المرحلة لتحولت القضية إلى قضية لاجئين.

دخول الدعوة فلسطين

* حديثك عن مظاهرات طلبة الثانوية من الإخوان المسلمين يتطلب بعض التوضيح لكيفية انتقال دعوة الإخوان إلى فلسطين ومتى بدأت؟ وما هي المراحل التي مرت بها؟

وبهذا تكون الجماعة قد مرت بمرحلة العمل السري في زمن الملك فاروق، ثم فتحت الأبواب قليلاً بعد الثورة من عام 52 حتى عام 54 حين أغلقت الشعب وأصبح الإخوان مطاردين، فعدنا إلى النشاط السري، ثم بعد قرار التقسيم عام 67 بدأنا مرحلة أخرى هي مرحلة فصل قطاع غزة عن الضفة مع استمرار العمل السري، ثم المرحلة الأخيرة التي بدأت بالانتفاضة التي اشتعلت في غزة وانتقلت إلى الضفة.

* إذن أنتم امتداد للإخوان داخل فلسطين، فهل يعني هذا أن قراراتكم تأتي من مقرها الرئيسي في مصر؟

الانتفاضة قرار فلسطيني

* حتى قرار الانتفاضة كان قرارًا داخليًّا فقط؟

* ومتى استقللتم عن إخوان الخارج؟

  • بعدما أُغلقت شُعَب الإخوان في عام 55 انقطع التواصل بيننا وبين الإخوان في مصر؛ فقبل 55 كانت هناك زيارات مستمرة من الإخوة الشيخ الباقوري والشيخ محمد الغزالي والأباصيري وإخوة آخرين، لكن بعد 55 عندما حُلِّت الحركة في مصر انقطع الاتصال بيننا وبين مصر، ولم يكن هناك من نتواصل معه، حيث كان 70 ألفًا من الإخوان في المعتقلات والسجون؛ ولذلك كان لا بد لنا أن ندبِّر شئوننا وأمورنا ونتخذ قراراتنا بأنفسنا، وبحسب الإمكانات المتاحة.

* التضييق سنة الدعوات قديمًا وحديثًا.. قد تناسبت هذه السمة طرديًّا مع سرعة الانتشار، فما ملامح ذلك في فلسطين؟

  • بالطبع واجهنا الاحتلال، وظننا بأن الفرج سيأتي مع الحكم المصري لغزة الذي استمر منذ عام 48 وحتى عام 67، إلا أننا فوجئنا بالتقارير التي ترفع إلى المباحث عن كل شاب؛ فإذا توجه الشاب إلى المسجد جاء في تقرير المباحث أنه ساءت أخلاقه، وإذا لزم المقاهي ودور السينما جاء في التقرير أنه تحسنت أخلاقه، أما من يُعرف أنه من الإخوان فقد كان يخضع للمراقبة ليلاً ونهارًا من المباحث ومن المخابرات، وأما من يحاول اقتناء كتاب يتحدث عن الإسلام أو عن الإخوان فليس له مصير إلا السجن.

وقد بلغ بنا التضييق أننا إذا مرض أحد الإخوان لا نستطيع زيارته إلا ليلاً؛ حتى لا يرانا أحد، وإذا انكشف أمرنا تعرضنا للمساءلة؛ فقد عيَّنت المباحث مخبرًا لكل 6 منا.

وأذكر هذه الحادثة الطريفة التي مرَّت بي أنا شخصيًّا عندما كنت مديرًا لإحدى المدارس في عام 1959م، وأردت أن أشتريَ حصيرًا للطلاب ليصلُّوا عليها، فقامت الدنيا ولم تقعد! وأرسلت المباحث مفتشًا يفتش عن الحصيرة! وأبعدت عن مكان سكني 5 سنوات على أثر الحصير!!

أما عن سرعة انتشار الدعوة فقد بدا هذا واضحًا بفضل الله، وقد تضاعفت الأعداد التي تنضوي تحت الحركة والحمد لله؛ فبعد عام 67 عندما اندحر الحكم المصري عن القطاع، وأصبح القطاع تحت الحكم الصهيوني خفت موجة الانتقادات للإخوان المسلمين، وكفَّت وسائل الإعلام المصرية عن اتهامهم بالتخابر لصالح الصهاينة والعمالة لأمريكا، فبدأ الشباب يتسابقون في الانضمام إلى حركة الإخوان، حتى جاء عام 87 ولدينا العدد الكافي من الأفراد لمواجهة القوات الصهيونية لتبدأ المواجهة بالحجر وبإحراق إطارات "الكاوتشوك" في الانتفاضة.

وما تقوم به حركة حماس الآن من جهود على مستوى المقاومة والجهاد، وما تقدِّمه يوميًّا من الشهداء، هو خير دليل على توجه الناس إلى فكرة الإخوان وإلى أسلوبهم وطريقهم في مواجهة الغزوة الصهيونية الكبيرة، ووقوف الإخوان في وجه الحملة الصهيونية دفاعًا عن العرب وعن المسلمين هو ما أخَّر تقدُّمها في الوطن العربي عشرات السنين، ولا يخفى على أحد أن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية يتسمون بالتدين الفطري؛ فهم قريبون للإسلام بعيدون جدًّا عن المذاهب والتوجهات الأخرى، ويتأثرون بالإسلام؛ فأعداد الإخوان في ازدياد يومًا بعد يوم، والشباب مقبل على منهج الإخوان وعلى عمل الإخوان وعلى الرباط وعلى الجهاد وعلى المقاومة.

  • للشيخ دخان تاريخ طويل ومشرف في الجهاد تشهد عليه سنوات عمره واستشهاد ولديه طارق وزياد، وجَرح ولدين آخرين في مواجهات العدو الذي أسر خامسهم في معتقلاته مدة 15 عامًا.. عبر تاريخكم الجهادي لا شك في وجود وقفات للإخوان وذكريات لا تنسى.
  • المواقف كثيرة؛ فكل الذين أسسوا حركة المقاومة الإسلامية حماس من الإخوان المسلمين قدَّموا أبناءهم وقدَّموا إخوانهم شهداء؛ منهم من قدَّم شهيدًا، ومنهم من قدَّم شهيدين، ومنهم من قدَّم ثلاثة شهداء؛ فنحن وأبناؤنا مشاريع شهادة بإذن الله؛ فاغتيال الشيخ ياسين كان مؤثرًا جدًّا، وكذلك اغتيال الدكتور الرنتيسي واغتيال الدكتور إبراهيم المقادمة والمهندس إسماعيل أبو شنب والشيخ صلاح شحادة؛ فهؤلاء من إخواننا الكرام الذين أسَّسوا هذه الحركة، وقد كانوا يسهرون على الحركة ليل نهار.

هذه المواقف كانت مؤثرةً جدًّا، ولكن حركتنا ولودٌ بإذن الله؛ كلما ذهب قائد برز قائد يدير الصراع مع اليهود، والحرب دائمة بيننا وبين اليهود حتى يأتيَ وعد الله.

وبالطبع.. لا أنسى عام 48 حين أرسلت عائلة عناني من إخوان مصر اثنين من أبنائها للجهاد في فلسطين، وقدَّر الله لهما الشهادة، ثم فوجئنا بوالد الشهيدين يأتي بابنه الثالث للإمام البنا ويرجوه أن يسمح له بالجهاد في فلسطين؛ علَّه يلحق بأخويه الشهيدين، لكن الإمام رحمه الله أجابه قائلاً: "كفاكم جنةً يا آل عناني.. كفاكم جناتٍ يا آل عناني".

فإذا كانت أسرة مصرية من القاهرة من آل عناني قدَّمت شهيدين وتمنَّت لابنها الثالث اللحاق بهما، فهل بعد ذلك نجدة ونخوة وأريحية وشجاعة؟! فالأخ من الإخوان عندما كان يُجرح كان يهتف مهللاً: "إنني أشم رائحة الجنة"، فهم لم يأتوا إلى فلسطين إلا طلبًا للنصر والتحرير أو للشهادة.

* ماذا خسرت فلسطين بإقصاء الإخوان المسلمين عنها؟

والحقيقة أن الثورة المصرية أو جمال عبد الناصر والزمرة الملتفَّة حوله أخَّرت الوطن العربي والإسلامي مئات السنين، وهذا الكلام موجود في كتاب محمود عبد الحليم (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ).

* وما هو تصوركم لو فُتِحَ الباب للإخوان المسلمين قديمًا وحديثًا؟

  • لو فتح الباب للإخوان قديمًا وحديثًا لانتهى اسم الكيان الصهيوني من الوجود واندحر الاحتلال إلى اللا عودة، لو فُتِحَ الباب لسارع الإخوان إلى تقديم نصرة عظيمة جدًّا لفلسطين.

* هذا ينتقل بنا إلى السؤال عن تقييمكم للدور الحالي الذي يقدمه الإخوان لدعم القضية؟


للمزيد عن جهود الإخوان تجاه فلسطين وحرب 1948م

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أحداث في صور

.

تابع أحداث في صور

وصلات فيديو

أقرأ-أيضًا.png
مرشدو الإخوان والقضية الفلسطينية
الإمام حسن البنا والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد حامد أبو النصر والقضية الفلسطينية

الأستاذ مصطفي مشهور والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد المأمون الهضيبي والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

تابع الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

الدكتور محمد بديع والقضية الفلسطينية