فرصة نادرة للتسلية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فرصة نادرة للتسلية

حين قال الرئيس حسني مبارك في تعليقه على فكرة البرلمان الموازي الذي تحدثت عنه أحزاب المعارضة «دعوهم يتسلَّوا»، فإنني ظللت أتدبر كلامه طوال الأيام الماضية، إلى أن فهمته أخيرا على نحو يختلف عن ذلك الذي شاع في أوساط المثقفين والسياسيين المصريين.

ذلك أنني ثقة في حكمة الرئيس وخبرته رفضت أن آخذ الكلام بظاهره، واستبعدت اعتباره نوعا من الاستخفاف بالأحزاب الشرعية التي ذكر الرئيس في أكثر من مرة أنها جزء مقدر من النظام.

وقد تحقق حدسي حين تابعت جلسات مؤتمر الحزب الوطني، واستمعت إلى كلمات قادته.

وحين وجدت أنها تحولت إلى منافسة في البلاغة اللغوية واللعب بالألفاظ والأفكار، أدركت كم هي مسلية أيضا.

الأمر الذي دعاني إلى إعادة النظر في الانطباع المسطح والشائع عن تعليق الرئيس،ونبهني إلى أنه لم يقصد الغمز في مبادرة أحزاب المعارضة والإقلال من شأنها، وإنما قصد بلباقته المعهودة أن يقول إن الحزب الوطني لن ينفرد وحده بتسلية الجمهور، ولكن هناك فرصة مواتية لإشراك أحزاب المعارضة في تلك المهمة الوطنية. بما يعني أنه سيتم توزيع الأدوار بحيث يقوم الحزب الوطني بعروض التسلية الخاصة به في قاعة المؤتمرات، في حين تؤدى أحزاب المعارضة «واجبها» في الشارع.

إذا لم تصدقني فحاول أن تتابع جلسات المؤتمر على شاشات الحزب الوطني تليفزيون ومن خلال الصفحات التي تخصصها لها الصحف القومية كل صباح، إذ ستجد أن قيادات بذلت جهدا مشكورا في تسلية الجمهور، وأنه أتقن العملية بحيث قدم عروضه بصورة متقنة اتسمت بالاحتشام والرصانة، بحيث يبدو لك الكلام جادا للغاية، لكنك إذا أعدت قراءته، وتأملت رسالته ومعانيه جيدا ستستلقي على قفاك من شدة الضحك، وستسارع إلى دعوة من تعرف للانضمام إليك للاستمتاع معك بفقرات التسلية والترويح.

لدى الكثير من النماذج التي تدلل على ما أقول، لكنني سأكتفي بإيراد بعض الفقرات التي وردت في كلمات قيادات الحزب الحاكم يوم الأحد الماضي، التي كشفت عن وجه آخر غير معهود في نمط القيادات السياسية، اتسم بقدر كبير من سعة الخيال وخفة الظل والقدرة على المرح المحتشم، من تلك الفقرات ما يلي:

< إننا نعد أنفسنا ونؤهل كوادرنا لعام الحسم الوطني القادم، واثقين في قدرة حزبنا وثقة شعبنا، فخورين بإنجاز وحكمة وقيادة زعيمنا في الحاضر والمستقبل.

< إن هناك تطورا كبيرا حدث وغيَّر من وجه الحياة على أرض مصر.

وأن هناك تحسنا واضحا في الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية والصحية. فضلا عن حدوث طفرة اقتصادية كبيرة أتاحت للملايين فرص العمل، كما وفرت مساحة غير مسبوقة لحرية الرأي والتعبير.

< إن الحزب الوطني يتصدى بكل قوة وحسم لأي جرائم تتعلق بسوء استخدام السلطة أو التعدي على المال العام، وإنه يصر على محاسبة مرتكبيها وعدم التهاون معهم حتى لو كانوا بين صفوف الحزب.

< إن ضعف تمثيل المعارضة تحت القبة في البرلمان الحالي لا يعني ضعف المساءلة ــ وسوف يقدم الحزب نموذجا جديدا للرقابة السديدة في البرلمان الجديد.

< إن أمامنا مرحلة جديدة لتوسيع دائرة المشاركة السياسية لتشجيع الشباب والشابات على الانخراط في النشاط السياسي والمشاركة في أنشطة المجتمع المدني.

< سيظل الحزب الوطني متابعا ويقظا وملاحقا لأي خروج على التعددية الحزبية ومبادئ الدولة المرئية التي حددها الدستور ونظمها القانون.

وأمامنا عام من العمل الجاد، نبصر الناس بالحقائق ونكشف زيف المدعين وحملة الأجندات الأجنبية وفلول الخاسرين في الانتخابات البرلمانية.

< كنا ننتظر أول انتخابات برلمانية للفوز بثقة القوة الصامتة المتابعة من أبناء مصر الواعين لما يجري على أرض الوطن من إنجاز.

وكنا نعد أنفسنا على مدى خمس سنوات للفوز بثقة الغالبية من الطبقات والفئات والعمال والفلاحين.. كنا ننتظر ونستعد ليوم الاختبار والمواجهة. كتابنا في يميننا.

صفحاته تشهد بالوفاء بما تعهدنا به.. وتحققت ثقة الشعب في الحزب الوطني في انتخابات 2010.

وحصوله على أغلبية تمثل في حقيقتها توكيلا شرعيا دستوريا لمواصلة المسيرة للوفاء بتعهداتنا ومواصلة إنجازاتنا لسنوات خمس مقبلة.

< لقد التزمنا بمبدأ مهم في الانتخابات. وهو خسارة مقعد بشرف أفضل من الفوز به بغير حق. وليس منا من يعبث بصندوق أو يفسد ورقة اقتراع.

< إن الحزب الوطني بدأ من الآن في الإعداد لانتخابات مجلس الشعب عام 2015 وتسبقها انتخابات الشورى في 2013. بينما تفصلنا عشرة أشهر عن انتخابات الرئاسة.

ويتوقع الوطني عودة المعارضة لمجلس الشعب عام 2015.

أراهن على أن أحزاب المعارضة تستطيع أن تقدم عرضا مماثلا للتسلية، وأثق في أن الحزب الوطني سوف يكتسحها عن جدارة في هذا المضمار.