الفرق بين المراجعتين لصفحة: «فتنة أحمد السكري»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
 
(٣٩ مراجعة متوسطة بواسطة ٦ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''<center>"فتنة [[أحمد السكري]]" </center>'''
'''<center>"فتنة [[أحمد السكري]]"</center>'''


<br>


'''<center>"انشقاق الأستاذ [[أحمد السكري]] [[الوكيل العام]] [[للإخوان المسلمين]] عن [[الإخوان]] سنة [[1947م]] .. الأسباب والأثر"</center>'''
'''إعداد: موقع إخوان ويكي'''
<br>
== السمات الشخصية للأستاذ [[أحمد السكري]]  ==
حقيقة إن كل إنسان لايخلو من سلبيات وعيوب ،ومن يحاول إصلاح نفسه يعمل على التغلب على سلبياته وعيوبه بالمجاهدة وإصلاح النفس ،وقد دعانا القرآن الكريم فى كثير من الآيات إلى إصلاح النفس ؛ فيقول تعالى:'''" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَ(8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) (سورة الشمس)".وأيضا ") وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)"''' (سورة النازعات) .
وأما من أتبع نفس هواها ،فسرعان ما يظهر على سلوكه وأفعاله ،وغالبا مايرفضها المجتمع وتصبح مآخذا عليه ويبتعدون عنه. وإذا ظهر من أفراد [[الإخوان]] تصرفات بعيدة عن [[الإسلام]] و سلوك مرفوض ،فإن [[الإخوان]] سرعان مايحاولون معالجته بالرفق واللين ،فإن أى إنسان كما أسلفنا لا يخلو من أخطاء ، فإن رجع إلى رشده فبها ونعمة ،أما من أتبع نفسه هواها ولم يستجب ،فإن [[الإخوان]] لايملكون إلا اتخاذ موقف منه،فيتم إجراء تحقيق معه بناءً علىالمخالفات المنسوبة إليه، وفى ضوء القرار الذى تصدره لجنة التحقيق يتم تحديد موقف [[الإخوان]] منه ويراجع هو أيضا نفسه.
ومن هنا ينبغى أن نشير إلى بعض الصفات الشخصية غير المرغوب فيها التى ظهرت من الأستاذ [[أحمد السكري]] ، وهى ليست تجريحا فى شخصه ، ولكنها تضىء لنا جوانب الموضوع الذى نحن بصدده والذى ترك أثره على تاريخ [[الإخوان]]، وخاصة أن الأحداث انتهت وأصبح الموضوع فى ذمة التاريخ كى نحاول تحليل الأحداث وإعطاء صورة عن خلفيات تلك الأزمة التى واجهت [[الإخوان]] ، خاصة وأن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] توفى إلى رحمة الله سنة [[1991]] م، ومن أهم تلك المآخذ الشخصية&nbsp;:
'''1)حب الظهور والزعامة:'''
وقد بدا ذلك فى بعض المواقف ،منها: أن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] مع تطور وتوسع وزيادة نفوذ [[جماعة الإخوان المسلمين]], شعر بأنه هو المحرك السياسى لهذا [[الإخوان|الجماعة]], وأن الإمام [[البنا]] هو الأب الروحى لهذه [[الإخوان|الجماعة]], فعمل على أن يتصدر فى الاحتفالات والمؤتمرات والاتفاقيات ، وشعر بأنه [[المرشد العام]] الحقيقى [[للإخوان]] , فعمل على الاستئثار بهذه الزعامة وتحدى الأستاذ [[البنا]] وتمرد عليه كمرشد(5).
<br> وبداية هذا التحول عند الأستاذ [[أحمد السكري]] , عندما أقام [[الإخوان المسلمين]] حفل تكريم للنواب بسرآى آل لطف الله بالجزيرة(6), وكان الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] مشرفا على هذا الحفل, وقدحضره ممثلين عن الأحزاب المصرية المختلفة والهيئات, فظهر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] أثناء تقديم الخطباء يتملق بعضهم, , كما كان يؤثر بعض الناس بالتقديم ويحول بين غيرهم وبين المنصة, فظهر بمظهر المتصدر الأمر، فكان مصدر استياء كثير من الضيوف و[[الإخوان]] الحاضرين لهذا الحفل(7).ومع تطور الأحداث حدثت مشكلات بسبب محاولة [[أحمد السكري|السكري]] تصدر المجالس وتهميش إخوانه القائمين على العمل معه, وكان الإمام [[البنا]] يقف على هذه المشكلات, ويعز عليه اتخاذ أى قرار للعشرة الطويلة التي بينه وبين الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]], وراجيا من الله أن يصلح حاله .
'''2) استغلال الدعوة فى أغراض شخصية:'''
واتضح ذلك فى تقربه من رجال السلطة والنفوذ ،ففى عام [[1939]] وأثناء عودة [[على ماهر]] رئيس وزارء [[مصر]] من مؤتمر المائدة المستديرة, والذى عقد فى لندن لدراسة [[القضية الفلسطينية]], استقبله [[الإخوان]] بهتافاتهم , غير أن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] هتف بحياة [[على ماهر]], فكان ذلك مصدر استياء بعض [[الإخوان]] (8). وقد أقرهم الإمام [[البنا]] على ذلك, بأنه خطأ فردى وليس ذلك منهج ومبادىء [[الإخوان|الجماعة]]. وأُخذ عليه تودده وتقربه من بعض الشخصيات المهمة فى الدولة بما يتنافى مع مكانته فى الدعوة, وبما يتعارض مع مبادىء الدعوة كما أن بداية التقارب بين الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] والوفد كانت بعد زيارة [[فؤاد سراج الدين]] وبعض الوزارء الوافدين للمركز العام فى 16 [[مايو]] [[1943]],إذ أراد الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] الاندماج فى الوفد لكى يتثنى [[للإخوان]] المشاركة فى الانتخابات والحكم بشكل كبير(9) كانت هذه بدايات بروز هذه الفتنة التي أدت لتدافع الأحداث حتى تم فصل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]].
'''و لذلك يقول الدكتور [[الطاهر مكى]] (10) فى مقاله عن [[حسن البنا]] بعنوان&nbsp;:"صورة بعيدة عن السياسة&nbsp;:[[حسن البنا]] كما عرفته"&nbsp;:'''
"اثنان نفر منهما قلبى&nbsp;:رأيت [[أحمد السكري]] وكيل [[الإخوان]] ،ورئيس تحرير الجريدة اليومية فلم ترتح نفسى له دون تعامل معه ،وقد كتب يومهافى صدر الصحيفة أنه استقال من وظيفته ليتفرغ لشئون الدعوة ويعطيها والصحيفة كل وقته ،وكان ذلك صحيحا فى جانب منه ،أما الجانب الآخر فهو ترك وظيفة فى الدرجة السابعة، ومرتبها يومها لايعدو عشرة جنيهات ،وأخذ راتبا فى صحيفة [[الإخوان]] يبلغ مائة وخمسين جنيها وهو الراتب الذى كانت تدفعه كبريات الصحف يومها لرؤساء تحريرها ،وهم موظفون مهنيون لايزعمون أنهم أصحاب دعوة ولامتفرغون لها ،وساعتها أحسست أن فى الأمر خداعا لآلاف البسطاء من [[الإخوان]] الذين أسهموا فى جريدة ليس غايتها الربح ،وواقعا لن تربح شيئا،وإنما أرادوا سلاحا فى النضال من أجل مايؤمنون به ،وتمنيت يومها لو اكتفى بما يعينه على مواجهة مطالب العيش،وخصوصا وأن الحياة كانت سهلة ميسرة ،وأن راتب الوظيفة التى تركها كان بسيطا ومحدودا .كذلك نفر قلبى من "أ.ح"بعد لقائين......" (11)
ولعل شهادة الدكتور [[الطاهر مكي]] لها أهميتها خاصة أنه لا ينتمى إلى [[الإخوان]] ،ولكنه كتب شهادته وانطباعه الخاص بكل صدق ، والتى أسفرت عنها الأحداث فيما بعد وكان نهايتها خروجه من [[الإخوان|الجماعة]].
وتلك العيوب الشخصية التى طغت على شخصية الأستاذ [[أحمد السكري]] تركت أثرها على الأحداث، وهى تتنافى تماما مع مبادىء وأصول دعوة [[الإخوان]] التى تدعو إلى التجرد والإخلاص لله والبعد عن الرياء ، من هنا فلن يمكث طويلا أى إنسان فى دعوة [[الإخوان]] يحب أن يُرى مكانه ؛فسرعان ما تسير به الأحداث لتدفع به إلى خارج [[الإخوان|الجماعة]] ،ليبقى الصف نقيا دون نظر إلى الشخص ومكانته كائنا من كان ،ولعل من أكبر الأمراض الخبيثة التى يبتلى بها الناس أن يستغل الإنسان عمله فى أغراضه الشخصية ،فما بالنا إذا كان يستغل الدعوة التى آمن بها والمفترض أن يقدم ماله ويضحى بنفسه دون أن ينال من ذلك فائدة شخصية ، لكن الأمور تسير بقدر الله فقد أدت تلك العيوب الشخصية إلى نفور [[الإخوان]] من تلك الطباع التى سيطرت عليه ،وتفاقم الأمر إلى حدوث أزمة بينه وبين بعض [[الإخوان]] تطلب الأمر تدخل الهيئة التأسيسة [[للإخوان]] لمناقشة الخلاف ، وقد فوجىء [[الإخوان]] فى إحدى الأيام بصدور مجلة [[الإخوان المسلمين]] الإسبوعية تحوى بين طياتها خبرا مثيرا وهو تكوين لجنة للتحقيق مع الأستاذ [[أحمد السكري]] الوكيل العام [[جماعة الإخوان المسلمين|لRTENOTITLE]] والأستاذ [[كمال عبدالنبي]] والدكتور [[إبراهيم حسن]] ووقف عضويتهم فى [[الهيئة التأسيسية]] حتى ينتهي التحقيق( 2 ).
'''واجتمعت [[الهيئة التأسيسية]] في يوم الخميس 2 من ربيع الآخر سنة 1366هـ الموافق 13 من [[مارس]] [[1947]] م لمناقشة أمور داخلية في [[الإخوان|الجماعة،]] وقررت ما يأتي:-'''
'''ثانيًا''': توجيه اللوم إلى الأستاذ [[أحمد السكري]] على خلافه مع بعض [[الإخوان]] ومطالبته بتصفية ما في نفوسهم.
ولعل ذلك دافع لينبه الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] إلى خطورة وضعه وخطأ أسلوبه ويدعوه إلى معالجة تلك الأخطاء ،لكن للأسف الشديد لم يأبه بذلك واستمر على أسلوبه واعوجاجه دون تغيير، تُرى هل يقف [[الإخوان]] مكتوفى الأيدى إزاء تلك الانحرافات ويتغاضون عنها ؟! أم أنهم ينبغى أن يتخذوا موقفا إزاء تلك المخالفات التى تؤثر لا ريب على الدعوة ،وربما يكون القرار قاسيا ،لكنه ضرورى لعلاج هذه الأزمة .
== انشقاق الأستاذ [[أحمد السكري]]  ==
[[Image:الإمام-الشهيد-حسن-البنا-والأستاذ-أحمد-السكري-يتفقد-جريدة-الإخوان.jpg|thumb]] وكانت من أشد الانشقاقات التي حدثت هي انشقاق الأستاذ [[أحمد السكري]], حيث كان نائب [[المرشد العام]] ووكيل الجماعة. وتعتبر المحن والابتلاءات من طبيعة الدعوات, حتى يمحص الصف الداخلي من كل ما يشوبه حتى يصبح نقيا, ولقد تعرضت دعوة [[الإخوان المسلمين]] منذ نشأتها لما تتعرض له الدعوات من اضطهاد وفتن وانشقاقات, وتلك حقيقة يحاول أعداء الإصلاح تجاهلها، وهي أن دعوة [[الإخوان المسلمين]] تتمثل فى أفراد وهؤلاء الأفراد بشر يصيبون ويخطئون, لكن الأمر المهم هي أن دعوة [[الإخوان]] تقوم على وحدة المنهج التي يتبعونه وهو منهج القرآن الكريم والسنة المطهرة. ولم تكن تلك الفتنة الوحيدة التي واجهتها الجماعة، فهناك كثير من الانشقاقات التي انتهت بخروج بعض [[الإخوان]] من الجماعة من قبل، ومن ذلك على سبيل المثال:
ففى عام [[1937]] م اعترض بعض [[الإخوان]] على مسلك الحركة إزاء بعض القضايا، وكان لهم وجهة نظر مخالفة تمام المخالفة لمنهج [[الإخوان]], وهم الأستاذ [[محمد عزت حسني]] و [[حمد رفعت]] و [[صديق أمين]] و [[حسن السيد عثمان]]؛ حيث رأوا أن تتعامل الدعوة بالشدة مع الحكومة والنساء اللائي يخرجن سافرات بدلاً من اللين والدعوة بالحسنى, وأن يتوجه عدد من [[الإخوان]] للمشاركة فى [[الجهاد]] فى [[فلسطين]], غير أن الأمور لم تكن تسير بهذه الطريقة، خاصةً أن الدعوة فى مرحلة التعريف بها, وأن الأمور لا تؤخذ بالشدة فى كل الأحيان, فما كان من هؤلاء النفر إلا أن أعلنوا عصيانهم وابتعدوا عن [[الإخوان|الجماعة]], وكان من نتائج هذه الفتنة أن خرج هؤلاء [[الإخوان]] ومعهم [[جريدة الإخوان المسلمين|مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية]] (14).
ولم ينته الأمر عند ذلك, بل انشق عدد من [[الإخوان]] بعد ذلك بسبب حماستهم الشديدة وتعصبهم لآرائهم, واستعجالهم الخطوات, ولم يكتفوا بذلك بل حاولوا إثارة الشبهات حول قائد الدعوة ورجالها, فتم فصلهم بناءً على طلبهم, كما أنهم استأثروا بمجلة النذير لأنفسهم وكونوا جماعة شباب محمد(15).
ولم يكن ذلك الانشقاق هو الأخير، فقد حدث أيضًا سنة [[1953]] م، فخرج الشيخ [[أحمد حسن الباقوري]] من [[الإخوان]] لقبوله الوزارة فى الوقت الذى رفض فيه [[الإخوان]] الاشتراك فيها. واستمر خروج بعض قيادات [[الإخوان]] منها لخلافات حتى وقتنا الحاضر ولا يضر ذلك [[الإخوان]] شيئًا؛ لأنهم ارتضوا لأنفسهم نظام ومبادىء يسيرون عليها ، وبها ارتضى كل من يحب أن ينضم إلى [[الإخوان]] دون إكراه ، لكنه إذا أراد أن يخرج على تلك المبادىء بعض الأفراد، فلا يعقل أن تستجيب [[الإخوان|الجماعة]] إلى أهواء أفراد ها ، وتصبح فى مهب الريح تطيح بها أوهن العواصف ، لذلك فإن من يريد أن يخرج من الجماعة لمواقف معينة أو رأي شخصي فهو وما يحب، ويُكن له [[الإخوان]] كل الاحترام.
== أسباب فصل الأستاذ [[أحمد السكري]]  ==
شن [[أحمد السكري|السكري]] هجوما فى مقاله فى صوت الأمة والكتلة بتاريخ 11/10/[[1947]] م, ذكر فيه أنه عرف أن الأستاذ [[البنا]] له اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية, وأنه نسى من ذكر له ذلك , أضف إلى ذلك أن الأستاذ [[البنا]] طالبه فى رد على خطابه باسم من أطلعه على ذلك فلم يستطع تقديم مايفيد ذلك(16) كما أن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] اتهم الأستاذ [[البنا]] بالاستبداد فى اتخاذ القرار و فصله دون الرجوع [[الهيئة التأسيسية|للهيئة التأسيسية]], غير أن الأستاذ [[البنا]] رد على ذلك, حيث ذكر أن [[الهيئة التأسيسية]] انعقدت مرتين إحداهما بتاريخ 13 مارس 1947, وكان ذلك للمحاكمة,وظل انعقادها ما يقرب من ستة وثلاثين ساعة كامله, وتحدث فيها الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] نحو ستة ساعات, وبعدها جدد البيعة للأستاذ [[البنا]], والثانية بتاريخ 9 [[يوليو]] ،[[1947]] وقررت الهيئة توجيه اللوم للأستاذ [[أحمد السكري|السكري]]. كما فى الاتهام الذى جاء فى خطاب الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] وذكر فيه أنه عرف بالصدفة أن الإمام [[البنا]] له اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية وأنه عرف من أحدهم ذلك فى7 [[فبراير]] [[1947]], واندهش الإمام [[البنا]] لذلك من السبب الذى دفع الأستاذ [[أحمد السكري]] إلى إخفاء تلك المعلومات عن [[الإخوان]] وعن [[الهيئة التأسيسية]] طيلة هذا الوقت بالرغم من انعقادها فى 13 [[مارس]] [[1947]] فى اجتماعها الأول ثم اجتماعها ثانية بعد هذا الجتماع بأربعة شهور.
وتعجب أيضا من إخفاءه لتلك المعلومات الخطيرة كل هذا الوقت بالرغم من انعقاد [[مكتب الإرشاد]] كل أسبوع واعتبر هذا الصمت وهذا الكتمان خيانة للدعوة وللهيئة(17).
'''غير أن هذه الأسباب لم تكن كل الأسباب بل ذكرت إحدى صحف [[الوفد]] عدة أسباب أخرى لم تكشفها صحف ولا نشرات [[الإخوان]] حتى لا تقطع الود مع الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] وكان من هذه الأسباب:'''
1- أن الأستاذ [[أحمد السكري]] كان يتجسس على مخاطبات ومكالمات الأستاذ [[البنا]] الخارجية والداخلية, وظهر ذلك أثناء التحقيق حيث قدم عامل التليفون تقريرا عن ذلك أثبت فيه أن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] كلفه بذلك.
2- أخذه مبالغ من جهات مختلفة باسم جمعية [[الإخوان المسلمين]], ولم يوصلها للجمعية.
'''هذا وقد أصدر [[المركز العام للإخوان المسلمين (صور)|المركز العام]] نشرة إخبارية تم توضيح فيها الأسباب التي دعت لفصل الأستاذ [[أحمد السكري]], وذكر فيها أن ضمن هذه الأسباب&nbsp;:'''
1- التمرد حيث كانت أكثر تصرفاته سلسلة من التمرد على قرارات [[مكتب الإرشاد]] و[[الهيئة التأسيسية|الهيئة]].
2- بث الفتنة , حيث عمد إلى صحف [[الوفد]] وأذاع أخبار خاطئة كاذبة وحقائق محرفة عن [[المرشد العام]] وسياسة [[الإخوان]], وأنه صاحب هذه الدعوة ، لكنه آثر الأستاذ [[البنا]] بها.
3- الاتصالات الضارة بمن ينوئون الدعوة ويريدون بها السوء, وإعطاؤه معلومات للصحف الوفدية كاذبة كخبر اللجنة السياسية ،وهى فكرة عرضت على بعض الشخصيات لتكوين لجنة استشارية فقهية قانونية .
ولقد استطاع [[فؤاد سراج الدين]] من استقطاب [[أحمد السكري]] بصفة داخل اللجنة,وحصل منه على تقارير سرية [[للإخوان]], ونشرها في صحف [[الوفد]], فجمع الأستاذ [[البنا]] [[الهيئة التأسيسية]], وعرض الأمر عليهم وتبين أن الأستاذ [[أحمد السكري]] هو المتسبب في ذلك, فطالبته الهيئة بكتابة مقال يكذب ما ورد في الصحف الوفدية , غير أن [[أحمد السكري]]رفض ذلك, وأخذ في الهجوم على الجماعة من خل الجريدة صوت الأمة .
وإزاء الاتهامات التى اتهم بها الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] فقد عقدت [[الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين]] اجتماعها العادى الدورى الثالث يوم الخميس 14 من المحرم 1366هـ, الموافق 27 [[نوفمبر]] [[1947]] م, وكان من قراراتها:
الموافقة التامة على قرار [[المرشد العام]] بإعفاء [[الإخوان]] [[محمد عبدالسميع الغنيمي]] أفندي و [[سالم غيث]] أفندي و [[أحمد السكري]] أفندي من عضوية [[الإخوان|الجماعة]] بناءً على تفويض الهيئة السابقة لفضيلته ، ولما تعرفه الهيئة من تصرفات الأستاذ [[احمد السكري]] قبل الإعفاء وبعده فإنها تقرر بالإجماع اعتباره ناقضًا للعهد حانثًا باليمين خارجًا على الجماعة مُحاربًا للدعوة، وكذلك كل من اتصل به أو ناصره.(18)
== رد فعل [[أحمد السكري|السكري]] إزاء قرار الفصل  ==
[[Image:13-الأستاذ-أحمد-السكري.jpg|thumb|200px]]
وعلى إثر هذا القرار انقلب الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] على [[الإخوان|الجماعة]] ومرشدها وأخذ يهاجم [[المرشد العام]] وفتحت له جريدة صوت الأمة ذراعها للهجوم على [[المرشد العام]] وبث الفرقة وسط [[الإخوان]] ومحاولة زعزعة الثقة بين أفراد [[الإخوان]] وقيادتها , وقد ذكر خلال صفحات الجريدة الأسباب التي رأى أنها سبب فصله, فذكر أن من هذه الأسباب:
1ـ استبداد الإمام [[البنا]] بالأمر وأنه انتزع من أعضاء [[الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين|الهيئة التأسيسية]] يوم 9 [[يوليو]] [[1947]] م تفويضا يعطى له الحق فى إقصاء من يشاء وفصل من يشاء .
2ـ تأرجح الإمام [[البنا]] بين [[الأحزاب]] السياسية, ومحاولته استعطاف [[الأحزاب]] للعمل مع [[الإخوان]], وليس ذلك فحسب ، بل دخول بعض العناصر الانتهازية المأجورة فى صفوف [[الإخوان]] بايعاز من رجال [[السياسة]] .
3- الإغراق فى السياسة الحزبية, وتكوين اللجنة السياسية, وإغراق [[الإخوان|الجماعة]] فى هذه [[السياسة]], ومهادنة [[صدقى]] باشا, وسماع كلام [[الإخوان]] الانتهازيين, وتملق الإمام [[البنا]] للوفد فترة حكمهم من [[1942]] - [[1944]].(19)
4- الإتصال ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية فى [[أغسطس]] [[1940]] حيث التقى مع الجنرال كلايتون والمستر هيوردن فى دار الجمعية القديمة( 20), كما أنه تقاضى أموالا من [[الإنجليز]] .
5- استيلاء الإمام [[البنا]] على مبلغ يزيد عن ثلاثة آلاف جنيه من الأموال التي تجمعها [[الإخوان]] باسم الدفاع عن [[فلسطين]] .
6- تستر الإمام [[البنا]] على فضائح صهره [[عبد الحكيم عابدين]], حيث اتهمه [[الإخوان]] بدخوله لبيوتهم دون وجودهم .
7- أن الأستاذ [[أحمد السكري]] هو الذى أنشىء جمعية [[الإخوان المسلمين]], وأن الإمام [[البنا]] افتتح فرع لها فى [[:تصنيف:إخوان الإسماعيلية|الإسماعيلية]] غير أن الأستاذ [[السكري]] لمح في [[حسن البنا]] ذكاءً بعد تكوين الجمعية الحصافية بالمحمودية فاختاره سكرتيرا لهذه الجمعية(1 ). وقد ردد بعض خصوم [[الإخوان]] تلك الافتراءات، فيشير فؤاد علام فى كتابه ([[الإخوان]] وأنا )إلى أن السكري هو الذى أنشأ [[جماعة الإخوان المسلمين]] سنة [[1920م]] وأن [[البنا]] انتزعها منه ، وهذا الكلام ينطوى على تجاهل للحقائق ،فالجمعية المشار إليها هى الجمعية الحصافية التى كان [[أحمد السكري|السكري]] رئيسا لها و[[البنا]] سكرتيرا .
8- تملق الأستاذ [[البنا]] للأحبار والرهبان والمطارنة, وقبول مبالغ مالية من التاجر الإسكندراني اليهودى حايم دره(22) .
9- طلب الأستاذ [[البنا]] من [[الوفد]] أن يدفع له خمسين ألف جنيه [[للإخوان]] لكى يستمر التعاون بينهما.
كانت هذه هي الأسباب التي رأى الأستاذ [[أحمد السكري]] أنها سبب فصله, كما أنه ساق بعض التهم التي اقترفها الأستاذ [[البنا]], والتي استوجبت توجه الأستاذ [[السكري]] له بالنصح والإرشاد,مما كان ذلك دافعا لفصله من [[الإخوان المسلمين]].
وبعد أن استعرضنا الأسباب والتهم التي وجهها الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] للأستاذ [[البنا]] نقدم الأسباب التي رأها الأستاذ [[البنا]] و[[الهيئة التأسيسية]] سببا لفصل الأستاذ [[أحمد السكري]].
ولقد ذكر الأستاذ [[أحمد السكري]] أن الأستاذ [[البنا]] أغرق [[الإخوان|الجماعة]] في الحزبية, وكون اللجنة السياسية وتأرجح ب[[الإخوان|الجماعة]] بين الأحزاب ، لكن الناظر في تاريخ [[الإخوان]] يجد أن سياسته ثابتة منذ نشأتها, وحدد لها الأستاذ [[البنا]] مبادئها وأهدافها , ونأى بها عن الحزبية,واعترض على الأحزاب والحكومات التي تعاملت مع الانجليز.


'''<center>"انشقاق الأستاذ [[أحمد السكري]] [[الوكيل العام]] [[للإخوان المسلمين]] عن [[الإخوان]] سنة [[1947م]] .. الأسباب والأثر"</center>'''
'''ولقد علقت [[جريدة أخبار اليوم]] على ذلك فقالت:'''" وأخيرا رأى حزب [[الوفد]] أن خير طريق لتحطيم [[الإخوان]] هو تمزيقهم من الداخل, وتولى السكرتير العام هذه المهمة فنجح فيها نجاحا كبيرا فقد استطاع بفضل اتصاله بالأستاذ [[أحمد السكري]] وكيل الجمعية أن يحدث انقساما فى [[الإخوان]], وحصل السكرتير العام على تقارير سرية [[للإخوان]] نشرها في صحف الوفد.ولقد أجرت جريدة الكتلة حوارا مع الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] حول حقيقة الخلاف وصدور قرار بوقفه وزملائه , فذكر أن الأستاذ المرشد استند إلى المادة 18 من قانون [[الإخوان|الجماعةفى]] هذا الإيقاف, وأن ما يشاع في الصحف الآن هو مجرد دعاية مغرضة وأراجيف باطلة يهدف مروجوها إلى إشعال نار الفتنة , وأن الأستاذ [[البنا]] هو أخي فضلا عن أنه رئيس لهذه الدعوة, ولن أرفع في وجهه سيف العدوان حرصا على أخوتنا ودعوتنا(23).
 
كانت هذه هي تداعيات الفتنة والتي خرج على إثرها الأستاذ [[أحمد السكري]] والدكتور [[إبراهيم حسن]] وكيلا [[الإخوان|الجماعة]], كما خرج فيها الأستاذ[[مصطفي نعينع]] – مندوب قسم نشر الدعوة في [[المركز العام]] – والأستاذ [[محمد عبدالسميع الغنيمة]] والأستاذ [[سالم غيث]] عضو الهيئة التأسيسية, كما خرج كلا من الأستاذ [[كمال عبدالنبي]] وأمين مرعى رئيس المكتب التنفيذي [[:تصنيف:إخوان الإسكندرية|بالإسكندرية]], كما قدم الأستاذ [[حسين عبد الرازق]] استقالته, وكان ذلك قبل انعقاد المحاكمة و قد عاد الأستاذ [[أحمد السكري]] فاسترد استقالته موضحا أن الأمر كان عنده مشوش ومحرف .
 
== افتراءات [[أحمد السكري|السكري]] فى ميزان النقد  ==
 
حقيقة إن كثيرا ممن خرجوا من [[الإخوان]] لم يتجرءوا عليها ويجرحوا فيها وفى مؤسسها ويسوقوا التهم والأكاذيب مثلما فعل السكري ، ولا نقول أبدا إن [[الإخوان]] لا يخطئون ،ولكن إذا سيقت الأخطاء بالأدلة ،فإن ذلك أحرى لمناقشتها فى ضوء الظروف التى أحاطت بالموضوع ،أما أن تساق الاتهامات بلا دليل ،فهذا كذب وافتراء ، خاصة ممن تربوا فى ظل هذه الدعوة وكان من دعاتها.
 
لقد ذكر الأستاذ [[أحمد السكري]] فى سياق التهم التي دعت الأستاذ [[البنا]] لفصله أنه كان على اتصال ببعض الجهات الأجنبية والمصرية, وإذا عدنا بالحدث من سياق المقالات التي كتبها الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] نجد أن [[الإنجليز]] فى بداية الأربعينات, وقت أن كانت ألمانيا مكتسحة الحرب العالمية الثانية , حاول الجنرال كلايتون ومعاونيه أن يحايدوا [[الإخوان]] حتى يأمنوا ظهورهم وقت مواجهة الألمان إذا حاولوا دخول [[مصر]], فذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] أن الجنرال كلايتون ومعه المستشرق المستر (هيورث دن) جاءا إلى دار الجمعية القديمة لمقابلة الأستاذ [[البنا]] فى 25 أغسطس [[1940م]], غير أن الأستاذ [[البنا]] أحالهم إلىّ بصفتى وكيله , وزارانى أكثر من مرة فى بيتى, وعرضا مبالغ مالية كبيرة لمساعدة الجمعية يوم 14 [[نوفمبر]] [[1940]] م فى منزلى ، فرددت عليه&nbsp;: أحب أن تعلما أولا أن هذه الوسيلة لجذب الناس وهي شراؤهم بالمال ورشوتهم هي وسيلة بالية, وأن الذى يمد يده ليأخذ منكم فإنه يمد يده لعدوكم ،كذلك وقد أطلع الأستاذ [[البنا]] على كل ذلك كلمة كلمة. وذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] أيضا فى مقال آخر أن الإنجليز أعيتهم الحيل لرشوة [[الإخوان]] , وأن الجنرال كلايتون والدكتور هيورث والميجر جودوين وغيرهم من رجال الدعاية والمخابرات, تحدثوا إلى فضيلة الأستاذ [[البنا]], وكم ترددوا على منزل [[أحمد السكري]] وكم حاولوا مرات ومرات ومرات أن يمدوا أيديهم بالمال الوفير بعشرات الألوف من الجنيهات, ولا شك أنهم قد دونوا فى تقاريرهم كيف صرفهم الأستاذ [[البنا]] عنه صرفا لا رجوع بعده, وكيف ألقى عليهم [[أحمد السكري]] يوم17 نوفمبر [[1941]] فى منزله درسا لن ينسوه أبدا . وكان ذلك دليلا لتفنيد هذه التهمة.
 
ذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] من ضمن الأسباب هي انقلاب الإمام [[البنا]] و[[الإخوان]] على الوفد بعد خروج الوفد من الحكم ، وطلب مبلغ خمسين ألف جنيه يدفعها الوفد [[للإخوان]] ،فإن ذلك يتضارب مع المعلومات التي ذكرها الدكتور [[إبراهيم حسن]] في هذا الصدد والتي تفند هذه التهمة, فقد تكونت لجنة اتصال بين [[الإخوان]] والوفد وقت أن كان الأستاذ المرشد في رحلة الحج عام [[1946]] م وقد حضر هذه اللجنة من [[الإخوان]] الأستاذ [[أحمد السكري]] والدكتور [[إبراهيم حسن]] وكيلا [[الإخوان|الجماعة]], وكانا يران ضرورة التصاق الدعوة بالوفد في هذه المرحلة, وكان الوفد آنذاك في الحكم ،وكان [[الوفد]] يهدف أن تكون حركة [[الإخوان]] تابعة له حتى لا تقوم بجانبه هيئة قوية . لكن عندما عاد الأستاذ [[البنا]] من رحلة الحج وجد أمامه موضوع لجنة الاتصال,و ما هي إلا وسيلة للوفد للعودة إلى الحكم, وأن الوفد دعا الهيئات المعارضة للاتحاد معه لإسقاط حكومة صدقي فقط دون العمل لمصلحة البلاد فرأى الإمام [[البنا]] أن ينأى [[الإخوان]] عن ذلك, فانزعج [[الإخوان]] المتصلين ب[[الوفد]] من ذلك, كما أنهم انزعجوا من تقديم إخوة آخرين عليهم. غير أن الأستاذ [[البنا]] اجتمع مع الدكتور إبراهيم, ووافقت اللجنة بناء على تجمع هذا القدر من المعارضة فى هذه اللجنة وطالب الدكتور إبراهيم بكتابة اتفاق مع [[الوفد]] ويوقعون عليه ويتكون من مادتين .  
 
'''المادة الأولى:''' ألا يعود [[الوفد]] إلى مفاوضة [[الإنجليز]] إلا بعد أن يسلموا بحق [[مصر]] في الجلاء عن الوادي كله وبوحدته.
 
'''المادة الثانية:''' أن ينشأ صندوق يسمى صندوق [[الجهاد]] يضع فيه الوفد خمسين ألف جنيه أو عشرين ألف على الأقل وتضع كل هيئة من الهيئات التي تقبل الوحدة مبلغا بنسبة ماليتها وليكن أمين الصندوق من [[الوفد]] نفسه لأننا سنحتاج المال في المقاومة ضد الاحتلال,ولقد قدم الأستاذ [[أحمد حسين]] للجنة اقتراحا بمثل ذلك , كما ذكر الدكتور [[إبراهيم حسن]] .
 
ولقد استطاع سراج الدين من استقطاب [[أحمد السكري]] بصفة داخل اللجنة,وحصل منه على تقارير سرية [[للإخوان]], ونشرها في صحف الوفد, فجمع الأستاذ [[البنا]] [[الهيئة التأسيسية]] , وعرض الأمر عليهم وتبين أن الأستاذ [[السكري]] هو المتسبب في ذلك, فطالبته الهيئة بكتابة مقال يكذب ما ورد في الصحف الوفدية, غير أن [[أحمد السكري|السكري]] رفض ذلك, وأخذ في الهجوم على [[الاخوان|الجماعة]] من خل الجريدة صوت الأمة فقررت [[الهيئة التأسيسية]] في 27 [[نوفمبر]] [[1947]] فصل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] من [[الإخوان|الجماعة]] ، ولقد ذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] أن الأستاذ [[البنا]] أغرق [[الإخوان|الجماعة]] في الحزبية, وكون اللجنة السياسية وتأرجح ب[[الإخوان|الجماعة]] بين الأحزاب لكن الناظر في تاريخ [[الإخوان]] يجد أن سياسته ثابتة منذ نشأتها, وحدد لها الأستاذ [[البنا]] مبادئها وأهدافها , ونأى بها عن الحزبية,واعترض على [[الأحزاب]] والحكومات التي تعاملت مع المحتل الإنجليزي,وقد نظر إلى أبعاد الأمر, فكان يتعاون مع كل القوى التي تخدم الحركة الوطنية, وتجارب الاحتلال, ولم يكن [[الإخوان]] يوما من الأيام تابعين لقوى بعينها ، بل كانوا يؤيدون الحكومة التي تطالب بخروج المحتل, وكان ممكنا محاربتها إذا هادنت وخضعت للإنجليز . ولقد كان هدف الأستاذ [[البنا]] من تكوين [[الهيئة السياسية]] ، والتي كانت ضمن أعضائها وهيب دوس ولويس فانوس أن تبحث في الشئون السياسية والاقتصادية والقانونية, وكان ذلك بناء على قرار [[مكتب الإرشاد]] الذي قرر تأليف لجنة استشارية بحتة من الشخصيات التي تتوفر فيها الكفاءة والخبرة والسمعة الطيبة ، وقد حضر اجتماعات هذه اللجنة الدكتور [[إبراهيم حسن]] . ولم يكن اتصال الأستاذ [[البنا]] ب[[الأحزاب]] إلا لتوحيد الأهداف حول المطالبة بخروج المحتل.
 
ولقد علقت [[جريدة أخبار اليوم]] على ذلك فقالت: وأخيرا رأى [[حزب الوفد]] أن خير طريق لتحطيم [[الإخوان]] هو تمزيقهم من الداخل, وتولى السكرتير العام هذه المهمة فنجح فيها نجاحا كبيرا فقد استطاع بفضل اتصاله بالأستاذ [[أحمد السكري]] وكيل الجمعية أن يحدث انقساما فى [[الإخوان]], وحصل السكرتير العام على تقارير سرية [[للإخوان]] نشرها في صحف [[الوفد]].
 
== أثر هذه الفتنة على [[الإخوان|الدعوة]]  ==
 
يعتبر هذا الانشقاق من أكبر الانشقاقات التي حدثت في [[الإخوان|الجماعة]] لكن الله يهدى من يشاء ويضل من يشاء فبعد فصل هؤلاء [[الإخوان|الإخوة]], استغل خصوم [[الإخوان]] ماحدث من فصل [[أحمد السكري|السكري]] ورفاقه، للنيل من [[الإخوان]] وإشاعة الفرقة بين صفوفهم ،ونشرت جريدة (صوت الأمة)الوفدية استقالات وهمية من [[الإخوان]] وأنهم يؤيدون الأستاذ [[أحمد السكري]] حتى كذبها [[الإخوان]] الذين نشرت أسماؤهم.
 
واتجه [[أحمد السكري|السكري]] ورفاقه إلى جريدة (صوت الأمة) التي فتحت لهم ذراعيها ليكيلوا للدعوة ومرشدها التهم والافتراءات, ومحاولة لتمزيق الصف الداخلي, فكتب الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] عددا كبير من المقالات بعنوان"كيف انزلق الشيخ [[البنا]] بدعوة [[الإخوان]]" في محاولة لتشويه صورته وزعزعت الثقة فيه, غير أنها سرعان ما تخلى الوفد عن [[أحمد السكري|السكري]], وانشغل [[الإخوان]] والشعب فى قضية [[فلسطين]] وحربها مع اليهود عام [[1948]], فأصبح الأستاذ [[أحمد السكري]] في طي النسيان.
 
ولم يقف الإمام [[البنا]] مكتوف اليدين حول تجاوزات صحف [[الوفد]] فأرسل رسالة وعيد ل[[مصطفى النحاس|مصطفى باشا النحاس]] يحذره مما تقوله صحف الوفد حول التشهير والهجوم على [[الإخوان المسلمين]], وأن عناصر من الشيوعيين قد سيطروا على مجريات الأمور داخل الوفد وأنهم يريدون إحداث فرقة بين [[الوفد]] و[[الإخوان]], وأنهم متغلغلون فى صحيفة (صوت الأمة) و(الطليعة الوفدية) و(الحوادث )ويجب على رفعته التصدي لهذه العناصر التي لا يكون ولاؤها إلا لروسيا .
 
وقد تنبه النحاس باشا لذلك حتى أن [[أحمد السكري|السكري]] قدم عريضة له يتهم فيها [[المرشد العام]] [[للإخوان]] بأنه استولى لحسابه على مبلغ يزيد عن ثلاثة آلاف جنيه من الأموال التي يجمعها [[الإخوان]] باسم الدفاع عن [[فلسطين]]، فأشار عليه النحاس بعدم إثارة هذه المسألة رغبة في الأخذ بسياسة مهادنة [[الإخوان]] .


'''إعداد: موقع إخوان ويكي'''
ولم ينس الإمام [[البنا]] فضل الصحبة والعشرة الطويلة مع الأستاذ [[أحمد السكري]] فأرسل رسالة [[للإخوان]] عبر [[جريدة الإخوان اليومية]] يوصيهم فيها بعدم التعرض لشخص الأستاذ [[أحمد السكري]] أو النيل منه والقضاء على كل إشاعة . وذكر الأستاذ محمود رخا من أن الأخ [[عبدالجواد بركات]] من [[:تصنيف:أعلام البحيرة|إخوان دمنهور]] وكان يعمل ميكانيكي, وكان الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] قد ذهب إليه لإصلاح سيارته ومعه أحد أصحابه ووقفا الاثنين يتجاذبان أطراف الحديث وتفوها بكلام لا يليق في حق الأستاذ [[البنا]] وسمعهما الأخ عبد الجواد وبعد الانتهاء من تصليح السيارة رفض الأخ عبد الجواد أخذ قيمة التصليح قائلا: " لقد أوصانا الإمام [[البنا]] بك خيرا, وقال لا تنسوا جهاد الرجل معنا عشرين عاما" فذهل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] وغادر المكان .


وتلخيصا مما سبق حول الأسباب نرى أن [[الإخوان]] انقسموا فريقين: أحدهما ضد الوفد ويرأسه الأستاذ البنا، والآخر مع الوفد ويرأسه الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]], غير أن إقالة الوزارة الوفدية في أكتوبر [[1944]] م كانت ضربة قاصمة وحّدت الهدف بين الوفد و[[الإخوان]] , فعملا على مهاجمة المفاوضات بين صدقي والإنجليز، لأن الوفد لم يكن مشتركا فيها, وهاجمها [[الإخوان]] لأنهم ضد المفاوضات إطلاقا, وتكونت لجنة الاتصال, لكن بعد رجوع الأستاذ [[البنا]] من رحلة الحج ورأى ما يحدث من الوفديين وهدفهم من الهجوم على الحكومات القائمة, كما رأى ما يفعله الوفديين في [[الإخوان]] في كل مكان, مما اضطر الأستاذ [[البنا]] للوقوف على الحياد في علاقته مع الحكومة ويعمل بما يتفق مع منهج [[الإخوان|الجماعة]] ، فكان ذلك دافعا للصحف الوفد في مهاجمة الأستاذ [[البنا]] و[[الإخوان]], ودافعا لإحداث هذه الفتنة مع النفر الذين كانوا يريدون الاندماج مع [[الوفد]] والسير في ركابه .


==السمات الشخصية للأستاذ [[أحمد السكري]]==
وبعد أن خرج الأستاذ [[أحمد السكري]] من الجماعة كون جمعية أطلق عليها جمعية [[الإخوان]] المجاهدون الأحرار، واتخذ لها مقرا في ميدان [[الخديوي إسماعيل]] . غير أن الجمعية لم تدم كثيرا, فانضم [[أحمد السكري|السكري]] لجماعة [[مصر]] الفتاة بعد أن يئس من تأييد الوفد المصري له تأييدا إيجابيا, وقد قدمه الأستاذ أحمد حسين رئيس الحزب إلى أعضاء الحزب على أن يكون وكيلا له, فعمل [[أحمد السكري|السكري]] على توتر العلاقة بين [[الإخوان المسلمين]] و[[مصر الفتاة]] .


حقيقة إن كل إنسان لايخلو من سلبيات وعيوب ،ومن  يحاول إصلاح نفسه يعمل على التغلب على سلبياته وعيوبه بالمجاهدة وإصلاح النفس ،وقد دعانا القرآن الكريم فى كثير من الآيات إلى إصلاح النفس ؛ فيقول تعالى:'''" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَ(8)  قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)  (سورة الشمس)".وأيضا ") وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)"''' (سورة النازعات) .
وظل هجوم الصحف الوفدية على [[الإخوان]] حتى اندلعت حرب [[فلسطين]] فى 15 [[مايو]] [[1948]] وكانت تنشر استقالات كثير من الشعب والتي بها [[إخوان]] هذه الشعب فى الصحف ،غير أن هذه الأسماء وهمية وليست موجودة في هذه الشعب كما حدث مع سكرتير شعبة كفر الدوار الأستاذ على الكومى, والتي ذكرت صوت الأمة أن الأستاذ [[محمد عبدالقادر]] سكرتير [[:تصنيف:إخوان البحيرة|شعبة كفر الدوار]] بعث باستقالته, فكتب الأستاذ الكومي تكذيب ذلك وأن الاسم وهمي .  


وأما من أتبع نفس هواها ،فسرعان ما يظهر على سلوكه وأفعاله ،وغالبا مايرفضها المجتمع وتصبح مآخذا عليه  ويبتعدون عنه. وإذا ظهر من أفراد [[الإخوان]] تصرفات بعيدة عن [[الإسلام]] و سلوك مرفوض ،فإن [[الإخوان]] سرعان مايحاولون معالجته بالرفق واللين ،فإن أى إنسان كما أسلفنا لا يخلو من أخطاء ، فإن رجع إلى رشده فبها ونعمة ،أما من أتبع نفسه هواها ولم يستجب ،فإن [[الإخوان]] لايملكون إلا اتخاذ موقف منه،فيتم إجراء تحقيق معه بناءً علىالمخالفات المنسوبة إليه، وفى ضوء القرار الذى تصدره لجنة التحقيق يتم تحديد موقف [[الإخوان]] منه ويراجع  هو أيضا نفسه.
وظل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] يهاجم [[الإخوان]] ومرشدهم عبر صوت الأمة, حتى في أحلك الظروف وأثناء وجود [[الإخوان]] فى [[حرب فلسطين]] هاجمهم وسخر منهم وأنهم لا يقدرون على محاربة اليهود .  


ومن هنا ينبغى أن نشير إلى بعض الصفات الشخصية غير المرغوب فيها التى ظهرت من  الأستاذ [[أحمد السكري]] ، وهى ليست تجريحا فى شخصه ، ولكنها تضىء لنا جوانب الموضوع الذى نحن بصدده والذى ترك أثره على تاريخ [[الإخوان]]، وخاصة أن الأحداث انتهت وأصبح الموضوع فى ذمة التاريخ  كى نحاول تحليل الأحداث وإعطاء صورة عن خلفيات  تلك الأزمة التى واجهت [[الإخوان]] ، خاصة وأن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] توفى إلى رحمة الله سنة [[1991م]] ، ومن أهم تلك المآخذ الشخصية :
غير أن هذه النبرة بدأت تخف خاصة بعد تخلى الوفد عن [[أحمد السكري]], وانشغل [[الإخوان]] بالحرب وانشغل المجتمع بظروف وطبيعة حرب [[فلسطين]], وتوارى [[أحمد السكري|السكري]] خلف الستار فلم يكن له أي دور يذكر بعد ذلك حتى توفى في 27 مارس [[1991]] م.


'''1)حب الظهور والزعامة:'''
<br>


وقد بدا ذلك فى بعض المواقف ،منها: أن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] مع تطور وتوسع وزيادة نفوذ [[جماعة الإخوان المسلمين]], شعر بأنه هو المحرك السياسى لهذا [[الإخوان|الجماعة]], وأن الإمام [[البنا]] هو الأب الروحى لهذه [[الإخوان|الجماعة]], فعمل على أن يتصدر فى الاحتفالات والمؤتمرات والاتفاقيات ، وشعر بأنه [[المرشد العام]] الحقيقى [[للإخوان]] , فعمل على الاستئثار بهذه الزعامة وتحدى الأستاذ [[البنا]] وتمرد عليه كمرشد(5). 
== الخلاصة ==


عاش [[البنا]] [[أحمد السكري|والسكري]] فى بداية حياتهما تجمع بينهما عاطفة [[الأخوة]] حتى إن أشد ما يشق على أحدهم أن يبتعد عن الآخر ،وعندما أسس [[البنا]] [[الإخوان|الجماعة]] سنة [[1928]] م فى [[:تصنيف:إخوان الإسماعيلية|الإسماعيلية]] كون [[الإخوان|الجماعة]] شعبة فى المحمودية وكان رئيسا لها. أصبح [[أحمد السكري|السكري]] وكيلا [[للإخوان]] وترك له [[البنا]] الأمور الإدارية ليتفرغ هو لشئون الدعوة ، وقد تعرض للاعتقال مع [[البنا]] سنة [[1941]] م،غير أن الصفات الشخصية ممثلة فى حب الظهور والزعامة وإيثار المصلحة الشخصية على الدعوة ،إضافة إلى تمرده على المرشد...وغير ذلك .مما دفع [[الإخوان]] لاتخاذ موقف منه ،فاجتمعت الهيئة التأسسية [[للإخوان]] فى 27/11/[[1947]] م وقررت بالإجماع فصل [[أحمد السكري]] من [[الإخوان|الجماعة]] واعتباره ناكثا للبيعة. وقد دفع ذلك [[أحمد السكري|السكري]] إلى الهجوم على [[الإخوان|الجماعة]] ومرشدها على صفحات جريدة ( [[صوت الأمة]] ) الوفدية ، وقد رد [[البنا]] على ما أورد [[أحمد السكري|السكري]] من أكاذيب ثم طويت صفحة [[أحمد السكري]] من [[الإخوان]] ولم يعلم عنه شئيا حتى توفى رحمه الله سنة [[1991]] م.(25)


وبداية هذا التحول عند الأستاذ [[أحمد السكري]] , عندما أقام [[الإخوان المسلمين]] حفل تكريم للنواب بسرآى آل لطف الله بالجزيرة(6), وكان الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] مشرفا على هذا الحفل, وقدحضره ممثلين عن الأحزاب المصرية المختلفة والهيئات, فظهر الأستاذ السكري أثناء تقديم الخطباء يتملق بعضهم, , كما كان يؤثر بعض الناس بالتقديم ويحول بين غيرهم وبين المنصة, فظهر بمظهر المتصدر الأمر، فكان مصدر استياء كثير من الضيوف و[[الإخوان]] الحاضرين لهذا الحفل(7).ومع تطور الأحداث حدثت مشكلات بسبب محاولة [[السكري]] تصدر المجالس وتهميش إخوانه القائمين على العمل معه, وكان الإمام [[البنا]] يقف على هذه المشكلات, ويعز عليه اتخاذ أى قرار للعشرة الطويلة التي بينه وبين الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]], وراجيا  من الله أن يصلح حاله  .
{| cellspacing="7" cellpadding="2" style="border: 1px solid rgb(207, 224, 243); background:#ffffff none repeat scroll 0% 0%; width: 103%; vertical-align: top; -moz-background-clip: border; -moz-background-origin: padding; -moz-background-inline-policy: continuous;"
|-
| style="background-repeat: no-repeat; background-position: 10% 50%; color: rgb(0, 0, 0); text-align: center;" id="EnWpMpBook2" |  


'''2) استغلال الدعوة فى أغراض شخصية:'''


واتضح ذلك فى تقربه من رجال السلطة والنفوذ ،ففى عام [[1939]] وأثناء عودة [[على ماهر]] رئيس وزارء [[مصر]] من مؤتمر المائدة المستديرة, والذى عقد فى لندن لدراسة [[القضية الفلسطينية]],  استقبله [[الإخوان]] بهتافاتهم , غير أن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] هتف بحياة [[على ماهر]], فكان ذلك مصدر استياء بعض [[الإخوان]](8). وقد أقرهم الإمام [[البنا]] على ذلك, بأنه خطأ فردى وليس ذلك منهج ومبادىء [[الإخوان|الجماعة]]. وأُخذ عليه تودده وتقربه من بعض الشخصيات المهمة فى الدولة  بما يتنافى مع مكانته فى الدعوة, وبما يتعارض مع مبادىء الدعوة كما أن بداية التقارب بين الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] والوفد كانت بعد زيارة [[فؤاد سراج الدين]] وبعض الوزارء الوافدين للمركز العام  فى 16 مايو [[1943]],إذ أراد الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] الاندماج فى الوفد لكى يتثنى [[للإخوان]] المشاركة فى الانتخابات والحكم بشكل كبير(9) كانت هذه بدايات بروز هذه الفتنة التي أدت لتدافع الأحداث حتى تم فصل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]].
== خطابات الأستاذين [[حسن البنا]] و[[أحمد السكري]] ==
   
   
'''و لذلك يقول الدكتور [[الطاهر مكى]] (10) فى مقاله عن [[حسن البنا]] بعنوان :"صورة بعيدة عن السياسة :[[حسن البنا]] كما عرفته" :'''


"اثنان نفر منهما قلبى :رأيت [[أحمد السكري]] وكيل [[الإخوان]] ،ورئيس تحرير الجريدة اليومية فلم ترتح نفسى له دون تعامل معه ،وقد كتب يومهافى صدر الصحيفة أنه استقال من وظيفته ليتفرغ لشئون الدعوة ويعطيها والصحيفة كل وقته ،وكان ذلك صحيحا فى جانب منه ،أما الجانب الآخر فهو ترك وظيفة فى الدرجة السابعة، ومرتبها يومها لايعدو عشرة جنيهات ،وأخذ راتبا فى صحيفة [[الإخوان]] يبلغ مائة وخمسين جنيها وهو الراتب الذى كانت تدفعه كبريات الصحف يومها لرؤساء تحريرها ،وهم موظفون مهنيون لايزعمون أنهم أصحاب دعوة ولامتفرغون لها ،وساعتها أحسست أن فى الأمر خداعا لآلاف البسطاء من [[الإخوان]] الذين أسهموا فى جريدة ليس غايتها الربح ،وواقعا لن تربح شيئا،وإنما أرادوا سلاحا فى النضال من أجل مايؤمنون به ،وتمنيت يومها لو اكتفى بما يعينه على مواجهة مطالب العيش،وخصوصا وأن الحياة كانت سهلة ميسرة ،وأن راتب الوظيفة التى تركها كان بسيطا ومحدودا .كذلك نفر قلبى من "أ.ح"بعد لقائين......" (11)
=== رسالة الأستاذ [[أحمد السكري]] للإمام [[البنا]] بخصوص الفتنة ===
 
ولعل شهادة الدكتور [[الطاهر مكي]] لها أهميتها خاصة أنه لا ينتمى إلى [[الإخوان]] ،ولكنه كتب شهادته وانطباعه الخاص  بكل صدق ، والتى أسفرت عنها الأحداث فيما بعد وكان نهايتها خروجه من [[الإخوان|الجماعة]].
'''<center>بسم الله الرحمن الرحيم</center>'''
 
أخى المحترم الأستاذ [[حسن البنا]]:
 
السلام عليم ورحمة الله وبعد، فقد تسلمت خطابيك المرفقين معا، أحدهما ما اسميته "خطابا رسميا" تفصلنى فيه من [[جماعة الإخوان المسلمين]]، مستندا فى هذا الإجراء -كما تقول- إلى تفويض الهيئة التأسيسية لك أن تقصى من تشاء، وتفصل من تشاء بغير حساب، والثانى خطابك المطول الذى حددت فيه الأسباب التى دعتك إلى فصلى ثم طلبت إلى فيه أن أستقيل أنا بيدى من دعوتى التى نشأت فيها ولها، وإلا فلا مفر من قبول خطابك الرسمى الذى تقطع به صلتى بهذه [[الإخوان|الدعوة]] وبإخوانى الأعزة الأبرار:
 
'''تنكر''': ولا أكتمك الحق يا أخى، ما كنت لأتصور يوما من الأيام أن يبلغ بك الأمر، فيطاوعك قلبك وضميرك وتطاوعك هذه العاطفة التى دامت بيننا سبعة وعشرين عامًا، كانت المثل الأعلى لوفاء المحبين وإخلاص المؤمنين، ونسى كل ذلك فى طرفة عين، وكأنك تريد أن يشهد الناس مأساة أليمة ما كان لأمثالنا أن يمثلوها ونحن دعاة الإخاء والوفاء والحق، وكأنى بك -أيها الأخ- قد شعرت الآن بما أنت فيه من صيت زائل، ومن عز الدنيا وإقبال أهلها عليك، فأحسست بالغنى، والغنى الحقيقى هو بالله لا بالناس، وأحسست بالاعتزاز، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فأردت أن تبطش بأخيك الذى عاش معك أكثر من ربع قرن من الزمان، وجاهد فى رفع هذا اللواء ما وسعه الجهد و[[الجهاد]]، عرفك "بالمحمودية" يافعًا لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرك، وكان هو فى سن العشرين، واستعان بك أول الأمر فى الدعوة المباركة، حتى إذا ما صلب عودك وأتممت دراستك، وزاولت عملك "[[:تصنيف:إخوان الإسماعيلية|بالإسماعيلية]]" وأنشأت بها شعبة أخرى، وفتح الله لكما القلوب، وتعددت فروع [[الاخوان|الجماعة]] آثرك على نفسه، وبايعك على الرياسة، وطلب إلى الناس أن يبايعوك حتى ارتفع معك، وأينع هذا الثمر الذى رويناه بدمائنا وأرواحنا، وما علم الناس وما علمت عن أخيك هذا إلا ما يرفع شأن [[الإخوان|الدعوة]] وشأنك وظل وما زال -حتى يلقى الله- طاهر القلب عف اليد قويا بالله، مستعينا به جل علاه، وله سبحانه الفضل والمنة والحمد الجزيل، فلما أقبلت الدنيا عليك كان لك الناصح الأمين، والمشير الصادق ينبهك إلى مواطن الخير لتسلكها، وإلى مواطن الشر تتجنبها، فإذا ما سرت إلى الهدى سار معك بكل جهده وقوته، وإذا ما استبد الهوى وذر قرن الفتنة، نصح وألح فى النصحية راجيا أن يهدى الله إلى الحق، وأن يعود القائد إلى صوابه فيعود التوفيق إلى ركابه.
 
أفيكون له منك -يا أخى- جزاء سنمار، بدل أن تنتهج الخطة المثلى فتكون من المصطفين الأخيار؟!
 
'''أسباب الفصل''': فقد حددت فى خطابك المطول الأسباب التى دعتك إلى فصلى، وهى كما تقول ثلاثة:
 
'''أولها'''- أننا اختلفنا فى أسلوب التفكير وتقدير الظروف والأشخاص والأحوال.
 
'''وثانيها'''- أننا اختلفنا فى وسائل العمل.
 
'''وثالثها'''- أننا اختلفنا فى الشعور نحو الأشخاص.
 
هذه هى الأسباب الثلاثة التى دعتك إلى أن تختار هذا الظرف بالذات لتفجر هذه القنبلة، وتقطع ما أمر الله به أن يوصل، ولعل الناس حين يطلع عليهم هذا النبأ، ولعل [[الإخوان]] حين يفجعون بهذا الخبر، لا يدرك أكثرهم السر فى اختيارك هذا الظرف بالذات لهذا الإجراء الشاذ الأليم.
 
وإنى لأحمد الله على أن هذه هى الأسباب التى دعتك إلى فصلى فلم تستطع ولن تستطيع أن تنسب إلى ما يخدش أمانتى [[الإخوان|لدعوتى]]، أو يمس شرفى أو كرامتى التى أحيا بها وأعيش.
 
وإنه ليعز على ويؤسفنى كل الأسف أن أضطر إلى الرد عليك بعد أن فشلت جهود وسطاء الخير بيننا من خيرة الرجال وكرام [[الإخوان]] حتى مساء الأمس، بسبب سكك وتمسكك بموقفك ورفضك انتهاج الخطة المثلى التى تصلح ذات بيننا، وتحقق للدعوة أهدافها الكريمة، وتصونها من عبث العابثين، ثم تماديك فى إطلاق ألسنة السوء فى الأقاليم للتشويه من سمعتى والحط من كرامتى زورًا وبهتانًا، مما لا يسعنى إزاءه إلا أن أوضح الحقيقة فى كثير من الإيجاز والاختصار، ليكون الناس و[[الإخوان]] على بينة من الأمر إبراء لذمتى وإعذارًا لله ولهم بعد أن عجزت عن تقويم ما اعوج وإصلاح ما فسد.
 
'''ضرورة التحكيم''': ولقد كنت أفهم يا أخى -لو لم تسيطر عليك العناصر المغرضة وتضغط على يدك لتقطع يمينك بنفسك أن يفضى هذا الخلاف فى الرأى إلى أن نحتكم إلى إخواننا فى الله، أصحاب هذه [[الإخوان|الدعوة]]والمضحين فى سبيلها فى كل قطر ومكان، ليقضوا بيننا بروح [[الإسلام]] ومنهاج القرآن وإنا لحكمهم خاضعون، ولعمرى هذا ما أوصى به الإسلام وفرضه القرآن ﴿'''فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾[النساء: 59]، ﴿'''وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ'''﴾[الأنفال: 1]، ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ'''﴾[آل عمران: 105] إلخ ما ورد فى كتاب الله حثًّا على التحكيم والإصلاح، وترهيبًا من الفرقة والشقاق، كما كنا نهيئ [[للإخوان]] الكرام سبيل الاستنارة بأسباب الخلاف فلا يتعدى محيطهم إلى الرأى العام، وكنا لا نحرمهم من ثواب الله إذا وقفوا لإصلاح ذات بيننا، وإن أحببت كذلك فإلى ذوى الرأى من أفاضل رجال العروبة والإسلام ليكون الجميع علينا شهودًا.
 
'''استبداد''': أما أنك تستبد وحدك بالأمر، وتنزع ممن حضر من [[إخوان]] [[الهيئة التأسيسية]] يوم 9 يوليو الماضى -رغم معارضة ذوى الرأى منهم- تفويضًا بإقصاء من تشاء، وفصل من تشاء هربًا من التحكيم، وفرارًا من مواجهة الموقف، ودون تمكين من تتهمه أو يتهمك من إبداء رأيه والدفاع عن نفسه، فإن هذه ديكتاتورية يأباها [[الإسلام]]، وتأباها الشرائع والقوانين، وتتنافى مع المنطق والخلق.
 
'''وإن قلت''': إن مبايعة [[الإخوان]] لك تقتضيك التصرف الفردى فى شئون الدعوة وشئونهم، فإن الحق يرد عليك فى ذلك بأن البيعة هى فى حدود ما أنزل الله، وما رضى عنه، لا فى تحكيم الهوى والخروج على المبادئ، ومسايرة أهل الدنيا على حساب [[الإخوان|الدعوة]] وأبنائها المخلصين.
 
وأمامك سيدك ومولاك صلى الله عليه وسلم كان يستشير أصحابه فى الأمر ﴿'''وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ'''﴾[الشورى: 38]، وكان يرجع أحيانًا إلى رأى صحابته وأنصاره حتى فى أخص شئونه هو، ومسألة الحباب فى [[غزوة بدر]] وحادثة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها وغيرها كل ذلك سجله التاريخ فى صفحات الرسول المشرقة الوضاءة، وهكذا كان قادة [[الإسلام]] وأصحابه ما استبد أحدهم بأمر ولا حكم هواه فى شأن، والحق أبلج، و[[الإسلام]] واضح المعالم لا يقف مع الهوى، ولا يخضع لشهوات النفوس واستبداد الآراء.
 
'''عهد وعهد''': يا أخى، قد سارت سفينتنا طول هذه المدة وسط الأنواء والأعاصير، ولكن باسم الله مجراها ومرساها، وكانت تمخر عباب محيط الحياة الخضم تشق موجه المتلاطم الضخم غير مبالية برياحه الهوج، ولا متلكئة عند شطآنه الملتوية وضفافه الموج، حتى بهرت الأنظار، وأخذت تجامع القلوب والأفكار، كيف لا؟ فى الله كان غايتها، والرسول ربانها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها، والموت فى سبيل الله أسمى أمانيها.
 
كانت كذلك فما بالها اليوم أصبحت تتعثر فى كل واد، وتكاد جذوتها تستحيل إلى رماد، وأخذت ترتطم بالصخور، ويكاد يفقد قادتها الهدى والرشاد والنور! بل ما بال هذه الجرذان والحشرات قد قفزت إلى قاع السفينة تفسد الغذاء الصافى، وتلوث البلسم الشافى، وتنهش جدرانها، فتكاد تغرق فى اليم السحيق؟!
 
'''ومن هنا -يا أخى- نشب الخلاف بينى وبينك.'''
'''
أسباب الخلاف الحقيقية''': تقدمت إليك بالدواء أرجو به الإنقاذ والشفاء، وأخذتك العزة وأشحت بوجهك، وقربت إليك أهل الفساد، ورميت ب[[الإخوان|الدعوة]] فى أحضان السياسة والسياسيين، ونحيت بأهل الرأى والإخلاص والسداد.
 
نعم، رأيت [[الإخوان|الصف]] قد اعوج، وحدثت أمور داخلية وأخرى خارجية لم يرض ضميرى إلا أن أقف منها موقف الناصح الأمين الحريص على [[الإخوان|دعوته]]، والحارس لرسالته، ووازنت بين أمرين أحلاهما مر: إما أن أعلن غضبى وأنتحى كما فعل بعض الإخوة الأعزة الكرام، فيزداد الحال سوءًا، والفساد تأصلاً.
 
وإما أن أصبر وألح فى النصيحة عسى أن يستقيم الأمر، ففضلت الثانى، وآثرت الانتظار على أمل غلبة الحق وإصلاح الحال، وإذا بك -يا أخى- لا تبالى بصيحات الأحرار، بل عملت على إقصائهم الواحد تلو الآخر، ولم تبال كذلك بما نسب من المسائل الخلقية إلى بعض من صدرتهم للقيادة والإرشاد بعد أن ثبت ما ثبت، واعترفت أنت بما وقع، وماذا كان عليك، ونحن دعاة الفضيلة والأخلاق –لو أصغيت إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"، فتضرب بذلك المثل الأعلى فى الانتصار للحق ﴿'''وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ'''﴾[النساء: 135].
 
'''تدهور وانزلاق''': ولم تكن هذه المسائل الخلقية وحدها بيت الداء، بل وجدت الدسائس والفتن الداخلية، والدعايات الباطلة ضد الأحرار، وارتباك النظم، وفساد الإدارة مرتعًا خصيبًا داخل [[الإخوان|صفوفنا]]، فإذا ما أضفنا إليها أمرين رئيسيين استطعنا أن ندرك سر ما وصلنا إليه من تدهور واضطراب لا يخفيه هذا الطبل الأجوف والدعايات الفارغة التى تمتلئ بها الجريدة كل يوم..!
 
'''أما هذان الأمران فهما:'''
 
1- دخول بعض العناصر الانتهازية المأجورة فى صفوفنا بإيعاز من رجال السياسة، وتدخل سادتهم فى شئوننا، وتضحيتك بأغلى رجال الدعوة فى سبيل رضاهم.
 
2- الإغراق فى السياسة الحزبية تبعًا لذلك إغراقًا تامًّا، وتقلبك فى هذه السياسة وتناسى أهدافنا السامية، مما جعلنا موضع مساومة الجميع.
 
ولا أظننى فى حاجة إلى أن أذكرك -ولو على سبيل الإيجاز- بما وصلت إليه أسهم [[الإخوان]] من الانحطاط عقب تولى صدقى باشا الحكم، بسبب تغلب هذه العناصر النفعية عليك فى مهادنته ومسايرته، وما كان من سخط الناس علينا واشتباكنا بعد ذلك مع الوفديين فى بور سعيد وغيرها، ثم طلبك إلىّ بإلحاح أن أسافر إلى [[:تصنيف:إخوان الأسكندرية|الإسكندرية]] للتفاهم مع الوفديين، وذهابك بنفسك مع أحد [[الإخوان]] إلى منزل أحد أقطابهم ليلاً تعرض عليه التعاون معهم لكف حملاتهم، ثم تغلب العناصر النفعية عليك ثانية لنقض هذا التفاهم وإذكاء نار الفتنة والحرب الأهلية بيننا وبين [[الوفد]] إرضاء للحكومة القائمة.
 
'''محاولة الإنقاذ''': وتفاقم الخطب وازدادت الحال سوءًا نتيجة لهذا التقلب والتذبذب، فضلاً عما حدث من الفتن الداخلية المنوه عنها، فتقدمت إليك أنا و[[الأخوان]] الكريمان الدكتور [[إبراهيم حسن]] و[[حسين بك عبد الرازق]] بمذكرة للإنقاذ نرجو فيها تدعيم القيادة بالمخلصين، ووضع سياسة ثابتة للدعوة تحقق أهدافها العليا، وتطهر الصفوف من المفسدين، فوعدت بالتنفيذ بعد أن تعود من الحجاز، واضطرب الحال فى [[مصر]] بعد سفرك نتيجة ل[[مشروع صدقى– بيفن]] المشئوم، مما اضطرنى إلى قيادة الحركة الوطنية مع إخوانى الأمجاد البواسل، وعادت أسهم [[الإخوان]] إلى الارتفاع والتقدير.
 
'''مساومة واستسلام''': وعدت من الحجاز فوجدتنى مسجونًا، وزرتنى بالمستشفى وتحدثت إلىّ أننا على مفترق الطرق بين [[الوفد]] والحكومة، وعرضت المقترحات والعروض التى لا محل لذكرها الآن، وعرفت موقفى وإصرارى على التمسك بكياننا، وحذرتك بخطابى المؤرخ 15 [[ديسمبر]] سنة 46 من الانزلاق فى السياسة، وإغراء أهلها، وأهبت بك أن نظل هكذا أغنياء بأنفسنا أعزاء ب[[الإخوان|إخواننا]]، وهذا سر قوتنا.
 
وشاعت الإشاعات حول اتصالاتك بفئة معينة من رجال [[السياسة]]، ومساومتهم لك على إخراجى من [[الإخوان|الدعوة]] ؛ ليصفو لهم الجو، واعترافك إلىّ بذلك فى المستشفى، وفى يوم 4 [[يناير]] سنة 47 حين زرتنى بمنزلى وطلبت إلىّ التنحى من الجريدة، ومن وكالة [[الإخوان]]، ومن نشاطى فى [[الإخوان|الدعوة]] ، وقلت بالحرف الواحد:
 
إن هذا بناء على طلب هذه الفئة من رجال [[السياسة]] –والذين أحتفظ بذكر أسمائهم الآن- ولما عاتبتك بشدة على سماحك لهؤلاء أن يتداخلوا فى شئوننا أصررت وقلت: إنك توافقهم على ذلك.
 
ثم سارت الأمور من سيئ إلى أسوأ، فكونت [[اللجنة السياسية]] المعروفة، ووقفت فى سبيلك أمنعك من هذا التصرف المشين، ثم اكتشافى عن طريق الصدفة لاتصالك ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية، وهالنى ما حدثنى عنه أحدهم يوم 7 فبراير سنة 47!!
 
'''تنفيذ المؤامرة''': وبدأت بتنفيذ المؤامرة ففاجئتنا بقرار إيقافى مع زميلى الكريمين، وكان كل اتهامك لى أمام الهيئة هو وقوفى فى سبيل ما أسميته: (تمردًا على القيادة)، ووقفت أنا موقفًا كريمًا فلم أشأ أن أكشف الستار عما وراء الكواليس حرصًا على [[الإخوان|الدعوة]] ، وأملاً فى [[الإصلاح]].
 
وضربت ضربتك الثانية، وأخرجتنى من [[جريدة الإخوان المسلمين|الجريدة]] التى لا يعلم الناس أن سر تدهورها هو سيطرتك عليها، وشل نشاطى فيها بعد شهر ونصف شهر من صدورها، كما ثابت عندكم من الأدلة والمستندات، ووقفت أنا أيضًا موقفًا كريمًا من ذلك.
 
وبعد ذلك -يا أخى- أسفرت وكشفت القناع متماديًا ب[[الإخوان|الدعوة]] فى الانزلاق السياسى، مع الغفلة التامة عن أهدافنا ومبادئنا، مما جعلنا مضغة فى الأفواه، وجعل الجميع يتحدثون عن أننا صرنا سلعة نباع ونشترى لا نتقن إلا الدعاية والتهريج.
 
وها أنت تضرب ضربتك الأخيرة تحت ضغط هذه الفئة من رجال [[السياسة]]، ولو كانت الضربة منك لقبلتها، ولكنها بيد عمرو لا بيدك! فتبعدنى عن [[الإخوان|الدعوة]] وأنت أولى بالإبعاد، وتفصل ابنها الأول وأنت أولى بأن تخلع عنك رداءها إن كنت من المنصفين.
 
'''إعذار!! بل إنذار''': يا أخى، أنا أدعوك بدعاية [[الإسلام]]، وأذكرك بما كتبته إليك مرارًا و تكرارًا إما أن تعود إلى مبادئ هذه [[الإخوان|الدعوة]] ، وتخلع عنك رداء السياسة الحزبية، وتجاهد معنا فى سبيل المثل العليا التى عاهدنا الله عليها، وإما أن تتخلى ليحمل اللواء "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه"، "وما بدلوا تبديلاً"، ولا فإنى مضطر لأن أكشف اللثام، وأظهر ما خفى واستتر، وأحمل مع إخوانى الأطهار لواء [[الإخوان|الدعوة]] الخفاق، نرفعه ونعزه، ونقاتل دونه "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله"، وحسبك أنت دنياك ومن يحوطك من أهلها، وإن شعرت أن بيدك سيف العز وذهبه، فإن معى ربى سيهدين، ومعى بعد ذلك كرام الإخوة المؤمنين الذين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
 
أما خطاباك فقد ضربت بهما عرض الحائط، وهما باطلان شكلاً وموضوعًا، وقد بنيتهما على أساس عار، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل" [[أحمد السكرى]] 3 مطبعة خيرت ت: 51144.
 
'''المصدر'''
 
جريدة صوت الأمة والكتلة و [[الإخوان المسلمون]] اليومية، العدد (443)، السنة الثانية، 27 ذو القعدة 1366ه- 12 أكتوبر 1947م، ص(6).
 
وقد علق الإمام [[البنا]] على هذه الرسالة –والتي نشرها الأستاذ [[أحمد السكري]] في صوت الأمة- بقوله:
 
"'''إن [[الإخوان المسلمين]] هم أول من يجب أن يطلعوا على هذا الكلام من وكيلهم السابق، وهم أعرف الناس بمرشدهم ووكيلهم معًا، وأعرف الناس بالحق والباطل من هذا الكلام، ولهم قبل غيرهم حق الحكم عليه أولاً وآخرًا، فيجب أن ينشر فى جريدتهم فضلاً عن أن هذا الخطاب وحده هو وثيقة الاتهام لكاتبه لا للموجه إليه، ولقد كنا نود أن يبعث إلينا الأستاذ [[أحمد السكري|السكرى]] بيانه هذا أسوة بهاتين الصحيفتين، ولكنه لم يحسن الظن بنا كما أحسنه بهما -سامحه الله
'''
|}
 
{| cellspacing="7" cellpadding="2" style="border: 1px solid rgb(207, 224, 243); background:#ffffff none repeat scroll 0% 0%; width: 103%; vertical-align: top; -moz-background-clip: border; -moz-background-origin: padding; -moz-background-inline-policy: continuous;"
|-
| style="background-repeat: no-repeat; background-position: 10% 50%; color: rgb(0, 0, 0); text-align: center;" id="EnWpMpBook2" |
 
=== رد الأستاذ [[حسن البنا]] على رسالة الأستاذ [[أحمد السكري]] السابقة ===
 
 
وقد رد فضيلة [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]] على رسالة الأستاذ [[أحمد السكري|السكرى]] بالخطاب التالى:
 
'''تقرير'''
 
أخى المحترم الأستاذ [[أحمد السكرى]] وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
 
(وبعد)
 
فقد قرأت فى الصحف خطابك الذى نشرته قبل أن يصلنى ردًا على خطابى السابقين الذين ضربت بهما عرض الحائط، وما كنت لأضرب بخطابك هذا عرض الحائط كما فعلت أنت، ولكنى قدرت خطابك ورحبت به، وأمرت بنشره فى [[جريدة الإخوان المسلمين]]، لأنهم أحق من يوجه إليهم هذا القول، وهم أهل الحكم عليه لأنه يتصل [[الإخوان|بدعوتهم]] وقيادتهم وخطتهم، ولم أبخل عليك بالرد مبالغة فى هذا التقدير.
 
'''إيجاز'''
 
ولكنه سيكون ردا موجزا كما ترى فإن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى الإطالة، وقد لجأت إلى الأسلوب الملفوف كعادتك، وحاولت أن تسوق الأمور على غير وجهها، وحشرت من الألفاظ المبهمة والعبارات الملتوية والوقائع المشوهة، ما لا حقيقة له ولا خير فيه، ولن أنزل معك إلى ميدان الجدل والمراء، و[[الإخوان]] جميعا كبيرهم وصغيرهم يعلمون مبلغ ما ذكرت، وأنه ليس من الحق فى شىء، والرأى العام موصول والحمد لله بخطوات [[الإخوان]] وهو من اليقظة والوعى بحيث لا تخدعه العبارات مهما ضخمت من الحقائق مهما خفيت.
 
'''التصرف الفردى والاحتكام'''
 
تأخذ على فى خطابك أننى تصرفت من نفسى دون انتظار[[الهيئة التأسيسية]] حتى أفوت عليهم فرصة الإصغاء لما تقول، والحكم على ما تسمع، وهذا كلام منقوض من أساسه، فقد انعقدت [[الهيئة التأسيسية]] مرتين أحدهما بتاريخ 13 مارس سنة [[1947]]م بعيد قرار إيقافكم، والثانية بتاريخ 9 يوليو سنة [[1947]]م وكان الاجتماع الأول خاصا بمحاكمتكم وقد تقدم الدكتور [[إبراهيم حسن]] بمذكرته التى لا تخرج عما جاء فى خطابك، وقد أبيح القول فى هذا الاجتماع لكل قائل، واستمر انعقاد الهيئة ستا وثلاثين ساعة كاملة كان نصيبك أنت فيها من الكلام ست ساعات متواصلة، فلم لم تصارحها بهذا الذى تكتبه الآن، ولم أعلنت أمامها ثقتك التامة فى، وجددت بيعتك لى وقبلت لومها على تصرفاتك، واشتركت معها فى قرار الاستنكار الذى أصدرته لهذه المذكرة.
 
ولقد جاء فى خطابك أنك اكتشفت عن طريق الصدفة اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية، وهالك ما حدثك عنه أحدهم يوم 7 فبراير سنة [[1947]]، ولقد أدهشنى منك هذا القول، وعجبت من أنك لم تصارحنى بهذا الذى اكتشفته، وكيف كتمته عن [[الهيئة التأسيسية]] التى انعقدت بعد ذلك بنحو شهر واحد بتاريخ 13 مارس [[1947]].
 
ألا تعتقد أن هذا الكتمان يعتبر خيانة [[الإخوان|للدعوة]] والهيئة، غفر الله لك يا أستاذ أحمد كل شىء، إلا هذه فإنها سقطة لن تغفر، وولوغ فى عرض هو أطهر من ماء السماء والحمد لله وحده.
 
ولم لم تنتهز فرصة الاجتماع الثانى وقد كان بعد الاجتماع الأول بأربعة شهور فتدلى إليها بآرائك وتكشف عن خطتك وتواجهنى بانتقاداتك حتى تبرأ ذمتك وتكون قد قدمت النصيحة فعلا وأنت تعلم أن [[مكتب الإرشادالعام]] ينعقد كل أسبوع وأنت حينذاك وكيله، ولك الحق كل الحق فى أن تصارحه بكل ما تريد وهو الذى يمثل [[الهيئة التأسيسية]] [[للإخوان]] فلم احتفظت بهذه الملاحظات إن كنت تؤمن بصدقها حتى تنشرها اليوم، وأظنك لم تنس بعد أننى وقد بلغنى عنك أنك تشيع مثل هذه الأقوال فى مجالسك الخاصة، وتسير على سياسة وخز الإبر وتسميم الآبار فقد تقدمت إلى [[مكتب الإرشاد]] بخطاب أتهمك فيه بهذا التجنى وأطالبك بتوضيح رأيك، وأطالب المكتب بالفصل فى نقط الخلاف التى تراها، فأنكرت كل ذلك وأقسمت أمام إخوانك على ثقتك التامة بخطة [[مكتب الإرشاد|المكتب]] و[[المرشد]]، وبأن كل هذا اختلاق أريد به الإساءة إليك -لم سكت وأمامك كل هذه الفرص وجئت اليوم تطالب بالعرض والاحتكام؟
 
إنك يا أخى، أعرف الناس بأن موضوعك لو عرض مفصلا على [[مكتب الإرشاد|المكتب]] أو [[الهيئة التأسيسية]] أو [[الإخوان]] فردًا فردًا أينما كانوا لكان حكمهم عليك بالإجماع حكما قاسيًا دامغًا أجهدنى أن رددته عنك فى الاجتماع الأول للهيئة وفى الثانى كذلك، أملا فى استصلاح نفسك ووفاء بحق الإخوة بيننا، ولست بنادم على ذلك ولا آسف عليه لأنى لم أقصد به وجهك ولكنى إنما قصدت به وجه الله وهو العليم الخبير وما عند الله خير وأبقى.
 
'''محل الخلاف'''
 
ولقد استغللت كرم الأسلوب وفضل التجاوز استغلالا غير كريم ما كنت أود أن يصدر منك فذكرت أننى بعثت إليك بخطاب مطول حددت فيه أسباب فصلك بأنها:
 
1- الاختلاف فى أسلوب التفكير
 
2- ووسائل العمل
 
3-والشعور نحو الأشخاص
 
واستغللت ذلك فحرفت الوقائع بما يصور هذه الأسباب بغير المقصود منها، وإنما قصدت بالأول أنك تريد الغموض وأريد الوضوح، وبالثانى أنك تريد المداورة وأريد المصارحة، وبالثالث أنك تؤثر خصوم [[الإخوان|الدعوة]] وتفضى إليهم بشئونها وأحول أنا دون ذلك، وأكف عنك سخط أبنائها والمؤمنين بها، والوقائع لا تشرفك.
 
والناس جميعا يعلمون أينا كان يريد أن يورط الدعوة فى السياسة الحزبية، وأينا كان يحميها من ذلك، وعواطف الرجال وسياسة الدعوات، وخطط الجماعات وأمانات المجالس التى لا يقصد بها إلا وجه الله، وخير [[الإخوان|الدعوة]]لا يليق أن تعرض سلعا رخيصة فى الأسواق لا لشىء إلا لشهوة الجدل ولذة الانتقام.
 
يا أخى، لم أكن أتصور أبدا أن تندفع فى طريق التجنى هذا الاندفاع، وإنى ليؤسفنى أن تظهر بهذا المظهر أمام إخوانك الذين كانوا يسمعون منك إلى الأمس القريب كلاما غير هذا الذى تقول، أما وقد أبيت إلا هذا المسلك فأنت وما اخترت وأنا مثلى ومثلك كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾[الشورى: 15].
 
'''<center>[[حسن البنا]] [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]]</center>'''
 
'''المصدر'''
 
[[الإخوان المسلمون]] اليومية، العدد (443)، السنة الثانية، 27 ذو القعدة 1366ه- 12 أكتوبر [[1947م]]، ص(6).
 
|}
 
{| cellspacing="7" cellpadding="2" style="border: 1px solid rgb(207, 224, 243); background:#ffffff none repeat scroll 0% 0%; width: 103%; vertical-align: top; -moz-background-clip: border; -moz-background-origin: padding; -moz-background-inline-policy: continuous;"
|-
| style="background-repeat: no-repeat; background-position: 10% 50%; color: rgb(0, 0, 0); text-align: center;" id="EnWpMpBook2" |
 
=== نشرة الإمام [[البنا]] إلي شعب [[الإخوان]] ===
 
كما أرسل الأستاذ [[البنا]] نشرة إلى كل شعب [[الإخوان]] وكتب تحت عنوان "إلى [[الإخوان]] الفضلاء"يقول
 
وبعد: فقد كنت وجهت إليكم أيها [[الإخوان]] الفضلاء، نشرة شخصية داخلية عن طريق شعبكم ومناطقكم أخطركم فيها بفصل الأستاذ [[أحمد السكري|السكرى]]، وأوصيكم بعدم التعرض لشخصه أو النيل منه، والقضاء على كل إشاعة يراد بها الإساءة إليه، ثم حجزتها من البريد بعد أن وجه إلىَّ الأستاذ [[أحمد السكري]] هذا الخطاب، ولا زلت أؤكد عليكم ألا تتعرضوا للأشخاص، أو تشتغلوا بهذه العوارض فلم يجد فى الأمر جديد أكثر من أن أخانا -غفر الله له- قد أعلن عن نفسه، وقد اعترف اليوم على رءوس الأشهاد بما كان ينكره من قبل من محاربة الدعوة والقيادة، ويقسم على البراءة منه بأغلظ الأيمان فى كل اجتماع وكل مكان. ولقد كشف لنا الأستاذ [[أحمد السكري]] بخطابه هذا عن كثير مما كان قد خفى علينا من نفسه وتصرفاته، ووضع يدنا على الحلقة المفقودة فى الفتنة الماضية، وكان من عظيم فضل الله علينا، وعلى الدعوة، وعلى الناس أن يلحق الأصل بفرعه حتى يستوى الصف ويستقيم الأمر ولله عاقبة الأمور، ولا تقيموا وزنا لما ستنشره الصحف المغرضة من أنباء أو أخبار خدمة لأغراضها واتجاهاتها الخاصة فقد ألفتم هذا الأسلوب وعرفتموه من قبل.
 
وليس فى الوقت متسع للجدل وقد عاهدتم الله على الجد فجدوا ولكم النصر والعاقبة للمتقين والله أكبر والله الحمد.
 
'''<center>[[حسن البنا]] [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]]</center>'''
 
'''المصدر'''
 
[[الإخوان المسلمون]] اليومية، العدد (443)، السنة الثانية، 27ذو القعدة 1366ه- 12 أكتوبر [[1947م]]، ص(6).
 
|}
 
{| cellspacing="7" cellpadding="2" style="border: 1px solid rgb(207, 224, 243); background:#ffffff none repeat scroll 0% 0%; width: 103%; vertical-align: top; -moz-background-clip: border; -moz-background-origin: padding; -moz-background-inline-policy: continuous;"
|-
| style="background-repeat: no-repeat; background-position: 10% 50%; color: rgb(0, 0, 0); text-align: center;" id="EnWpMpBook2" |
 
=== رسالة من الإمام [[البنا]] للأستاذ [[أحمد السكري]]===
 
وكان الإمام [[البنا]] قد كتب رسالة ردًا على رسالة أرسلها له الأستاذ [[أحمد السكري]] حول نظام الإدارة في الدار وقد عالج فيها الإمام أسس النظام والداخلى والخارجى وأسلوب الإدارة فى دار [[الإخوان]] وغيرها حيث جاء فيها.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومن والاه.
 
القاهرة فى 24من صفر 1958ه، 3 إبريل 1940م
 
أخى الحبيب الأستاذ [[أحمد السكري]] أفندى. السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
 
وبعد: فقد كان لحديث الأمس أثره فى نفسى، فقد سألتنى لماذا؟ ولماذا لا أتفرغ للمهمات الأهم وأدع المهمات الصغيرة إلخ؟ ومثل هذه الأسئلة تثير فى نفسى شجنًا كامنًا وألماً دفينًا. ليس أحب إلى نفسى فى هذا التفرغ، ولكن هذه المهام الصغيرة نفسها هى الآن مظهر دعوة الإخوان ودارهم ومحور حركاتهم، إذا لم ألاحظ المطبعة والجريدة والدار والنظافة والاستقبال وحسن النظام فمن ملاحظٌ هذا؟
أنا أعلم جوابك ستقول لى:" أنا"، أو مثلى. جميل جدًّا.
 
أحب أولاً أن نتفق على أهمية هذه الشئون الصغيرة التى نراها نحن فعلاً صغيرة، فالأذان ليس إلا جزئية من جزيئات الدين الهينة، ولكنه يقاتل عليه، وإذا لم يجد الإمام مؤذنًا فهو المؤذن أليس كذلك؟ ونحن نريد دارًا يسودها النظام، وعملاً تهيمن عليه الدقة.
 
وأحب أن نتفق أيضًا على أن الموظف وحده لا يكفى للقيام بهذه الأمور؛ لأنه يحتاج إلى من يراقبه لأمرين: لقلة الاهتمام المركز فى نفوس الناس جميعًا ولقلة الدراية والخبرة والكفاءة، وإذن فلا بد من رأس دقيق يشرف على كل هذه الشئون.
 
ليس الآن يستطيع أن يتروض بهذا العبء إلا أنا أو أنت ولا ثالث لنا، وأنت تريد أن أتفرغ لغير الشئون الإدارية، وأنا أريد ذلك، وعلى هذا فلم يبق إلا أنت لهذه المهمات.
 
بين هذه المهمات فى داخل الدار لتسير بدقة ونظام؛ وبين المقابلات فى الخارج والوساطات وما إليها، والتردد على الأندية ونحوها من مهام الدعوة، أمر أعتقد أنه مستحيل تمام الاستحالة، فمراقب الدار يجب أن يكون كالساعة تمامًا، بل كالساعة المضبوطة يحضر فى ميعاده وينصرف فى ميعاده، ويلاحظ كل عمل فى وقته ويعد لكل شىء عدته.
 
وإذن فلا بد من أحد أمرين: إما أن نتفرغ للدار وما فيها من شئون الإدارة، وإما أن نتفرغ للخارج وما فيه من شئون الدعوة أيضًا؟ ومن الأسف أنه ليس عندنا من يحسن هذه المقابلات الخارجية ويجيد تمثيل الدعوة تمثيلاً صحيحًا، وعلى ذلك فلننظر إلى الأهم عندنا، بناء على هذا ثلاثة أعمال رئيسية:
 
1-الأعمال الروحية والعملية والتنظيمية العامة التى يراد أن أختص بها وأتفرغ لها.
 
2-الأعمال الإدارية البحتة التى لابد لها من ركيز ثابت بداخل الدار كالساعة المضبوطة.
 
3-الأعمال الخارجية فى الأندية والمقابلات التى لابد لها من مندوب فاهم لبق، وهذان الفاصلان هما اللذان تعتصم أنت بهما الآن والجمع بينهما مستحيل فلا بد من ضياع أحدهما أو كلاهما، والضائع الآن شئوننا الإدارية.
 
لهذا يجب أن ينظر فى الأهم –الأهم عندى الآن الدار وما فيها .......وعلى ذلك فيجب أن نصرف النظر بتاتًا عن الخروج والمقابلات ولا تعتبر ذلك عملاً ..... الآن وتصرفه تصريفًا ..... مجهد ولتنحصر مهمتك فى رقابة الدار وشئونها.
 
ولأجل أن نجيد هذه الناحية أحب أن ألفتك إلى أمور يجب أن تلاحظها بدقة، ولقد كتبت لك خطابًا من قبل ولاحظت أن أثره كان طفيفًا إن لم يكن معدومًا:
 
1-تحديد موعد الحضور والانصراف لك تحديدًا دقيقًا والمواظبة عليه تمامًا فذلك أهم شىء فى الرقابة، ثم تحديد مواعيد العمل بالدار لكل فرع من فروعها، والحرص على الدقة فى هذه المواعيد، ثم تحديد موعد كل عامل كذلك ومحاسبته على مواعيده.
 
2-الالتفات التام لتصرفات العاملين من الموظفين و[[الإخوان]]، والإحاطة بها تمام الإحاطة، ومعرفة ما نجز منها وما لما ينجز منها.
 
3-توثيق الصلة الروحية والتودد إلى [[الإخوان]] العاملين بالدار والاختلاط بهم ودعوتهم إلى هذا، والعمل من جانبك عليه وهذا موجود بطبعة، ولكنى أريد منك مجهودًا خاصًّا فى سبيله يشعرهم بأنك تعمل لهذا وتحرص عليه، بشرط أن يكون ذلك لهم جميعًا لا لبعضهم دون البعض الآخر.
 
4-الحزم التام والإسراع فى إنجاز الأمور وعدم التردد وتعليق المسائل، بل لا بد من البت فى كل شىء فى حينه.
 
هذه ملاحظات فيما يتعلق بالعمل من حيث هو.
 
وهناك ملاحظات أخرى تتصل بالسلوك العام أحب كذلك أن أنتهز هذه الفرصة وأنبهك إليها:
 
1-يحسن أن نتحاشى دائمًا الظهور بمظهر المقدرين للمظاهر فى الناس من حيث وظائفهم ورتبهم، وأن نقف دائمًا فى تقرير الإداريين عند حدود عدم الاصطدام فقط وهم لن يملكوا لنا خيرًا ولا نفعًا إن شاء الله.
 
2-الاهتمام بالمحمودية ودمنهور اهتمامًا خاصًّا لا لزوم له، ويجب أن نعمل على تقويتهما تقوية تجعلهما يستغنيان عن هذا التدليل، ويجب كذلك مطالبتهما بالسير المنظم تحت النظام العام، وأن يساهما بنصيبهما فى ذلك.
 
3-يجب أن نسلك مع الناس الصراحة التامة فى التعابير والمناقشات والمناظرات والنظرات، ويجب أن يشعر محدثك بأن ما تقوله هو ما تؤمن به فعلاً، وذلك غير متوفر، وليست المواددة وسيلة الانتصار فى كل وقت، ومن هذا أيضًا وجوب أن تقصد إلى ما تريد توًا من غير تكنيةٍ عنه ولا تثبيط فيه.
 
4-يجب كذلك أن توفر على نفسك هذا العناء المالى بقرض ثم إقراضك منه بعد ذلك، فهذا فضلا ًعن أنه نظام غير دقيق فهو مرهق لك ويجب أن تتصرف فى حدود الطاقة.
 
هذه بعض ملاحظات أتقدم إليك بها عاجلاً، وأظننى تقدمت لك ببعضها سابقًا، وبعد ذلك أحب أن ألفتك إلى أمرٍ هام.
 
لا يكن وجودى بالمكتب داعية إلى إهمالك عملك، فهذا هو الذى ننفر منه، سألازمك بالمكتب الآن فترة ننتهى فيها من التنظيم العام وإعداد العدة لكل عمل وتجهيز لوازمه، وسأترك لك فى هذه الفترة مطلق الحرية، وسوف لا يكون وجودى إلا كمشير مساعد فقط، حتى إذا سار كل شىء فى مجراه الطبيعى تفرغت تفرغًا دائمًا لمهمتى الخاصة -إن شاء الله- فى خلال ذلك ننتدب للشئون الخارجية من يقوم بها، أو تقوم بها أنت فى بعض الشئون الهامة بأسلوب لا يعطل العمل الداخلى.
 
ويحسن أن تنتدب إلى جوارك من تدربه على عملك الداخلى معك، حتى إذا درب عليه تركته له فكان مراقبًا إداريًّا وتفرغت أنت للشئون الخارجية، وذلك ما أراه تقدمت إليك به راجيًا أن يكون له فى نفسك أثر، وأن يريحنى من كثير مما أجد روحيا وعمليًّا إن شاء الله.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
 
'''المصدر'''
 
دكتور عبد العظيم المطعنى مكاتبات مطوية تنشر لأول مرة رسالة من [[حسن البنا]] إلى قيادات [[الإخوان|الدعوة]] الإسلامية دار الأنصار [[إخوان القاهرة|القاهرة]] بدون طبعة وبدون تاريخ صـ 71
 
|}


وتلك العيوب الشخصية التى طغت على شخصية الأستاذ [[أحمد السكري]] تركت أثرها على الأحداث، وهى تتنافى تماما مع مبادىء وأصول دعوة [[الإخوان]] التى تدعو إلى التجرد والإخلاص لله والبعد عن الرياء ، من هنا فلن يمكث طويلا أى إنسان فى دعوة [[الإخوان]] يحب أن يُرى مكانه ؛فسرعان ما تسير به الأحداث لتدفع به إلى خارج [[الإخوان|الجماعة]]،ليبقى الصف نقيا دون نظر إلى الشخص ومكانته كائنا من كان ،ولعل من أكبر الأمراض الخبيثة التى يبتلى بها الناس أن يستغل الإنسان عمله فى أغراضه الشخصية ،فما بالنا إذا كان يستغل الدعوة التى آمن بها والمفترض أن يقدم ماله ويضحى بنفسه دون أن ينال من ذلك فائدة شخصية ، لكن الأمور تسير بقدر الله فقد أدت تلك العيوب الشخصية إلى نفور [[الإخوان ]] من تلك الطباع التى سيطرت عليه ،وتفاقم الأمر إلى حدوث أزمة بينه وبين بعض [[الإخوان]] تطلب الأمر تدخل الهيئة التأسيسة [[للإخوان]] لمناقشة الخلاف ، وقد فوجىء [[الإخوان]] فى إحدى الأيام بصدور مجلة [[الإخوان المسلمين ]] الإسبوعية تحوى بين طياتها خبرا مثيرا وهو تكوين لجنة للتحقيق مع الأستاذ [[أحمد السكري]] الوكيل العام ل[[جماعة الإخوان المسلمين]] والأستاذ [[كمال عبدالنبي]] والدكتور [[إبراهيم حسن]] ووقف عضويتهم فى [[الهيئة التأسيسية]] حتى ينتهي التحقيق( 2 ).
{| cellspacing="7" cellpadding="2" style="border: 1px solid rgb(207, 224, 243); background:#ffffff none repeat scroll 0% 0%; width: 103%; vertical-align: top; -moz-background-clip: border; -moz-background-origin: padding; -moz-background-inline-policy: continuous;"
|-
| style="background-repeat: no-repeat; background-position: 10% 50%; color: rgb(0, 0, 0); text-align: center;" id="EnWpMpBook2" |


'''واجتمعت [[الهيئة التأسيسية]] في يوم الخميس 2 من ربيع الآخر سنة 1366هـ الموافق 13 من مارس 1947م لمناقشة أمور داخلية في [[الإخوان|الجماعة]]، وقررت ما يأتي:-'''
== رسالة من [[المرشد العام]] إلى رئيس تحرير [[جريدة الإخوان المسلمين]] الأستاذ [[أحمد السكري]] ==


'''ثانيًا''': توجيه اللوم إلى الأستاذ [[أحمد السكري]] على خلافه مع بعض [[الإخوان]] ومطالبته بتصفية ما في نفوسهم.
حضرة الأخ المفضال رئيس تحرير "الإخوان المسلمون": السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد،
فقد قرأت ما كتبه صاحب التعليقات عن "زهد النحاس" وعن "النحاس الورع" فى عدد الأمس، فلم أره يساير الأسلوب الذى ترتضيه دعوة [[الإخوان المسلمين]] أو يتفق مع طابع [[جريدة الإخوان المسلمين|الجريدة]] التى تنطق بلسانها، بل هو بالأساليب الحزبية والصحف التجارية أشبه، وإليها أقرب، وأظننى نبهتكم مرة من قبل إلى هذا المعنى، ويظهر أنكم نسيتموه.


ولعل ذلك دافع لينبه الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] إلى خطورة وضعه وخطأ أسلوبه ويدعوه إلى معالجة تلك الأخطاء ،لكن للأسف الشديد لم يأبه بذلك واستمر على أسلوبه واعوجاجه دون تغيير، تُرى هل يقف [[الإخوان]] مكتوفى الأيدى إزاء تلك الانحرافات ويتغاضون عنها  ؟! أم أنهم ينبغى أن يتخذوا موقفا  إزاء تلك المخالفات التى تؤثر لا ريب على الدعوة ،وربما يكون القرار قاسيا ،لكنه ضرورى لعلاج هذه الأزمة .
وكان الأخ الكاتب يستطيع أن يصل إلى كل ما يريد بعبارة قوية رصينة، تحمل طابع النصيحة، والحرص على قبولها، والاستماع لها، وتبتعد عن التشهير واللمز، وقد نهينا عنهما أشد النهى، وإن من إرشاد الحق تبارك وتعالى لموسى وهارون عليهما السلام ﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾[طه: 44].


== انشقاق الأستاذ [[أحمد السكري]] ==
ولا حجة فيما تتناوله الصحف الوفدية من أعراضنا بغير الحق، أو تلغ فيه صباحًا ومساء من حمأة الباطل. وأين إذن فضل [[الإخوان|الدعوة]]، وسمو الفكرة، وجلال درجة العفو، ومنزلة الكاظمين الغيظ، والاقتداء بسيد البشر صلى الله عليه وسلم فى قوله: "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون" [أخرجه البيهقى فى "شعب الإيمان].
[[ملف:الإمام-الشهيد-حسن-البنا-والأستاذ-أحمد-السكري-يتفقد-جريدة-الإخوان.jpg|تصغير|'''<center>الإمام الشهيد حسن البنا والأستاذ أحمد السكري يتفقد جريدة الإخوان.</center>''']]
وكانت من أشد الانشقاقات التي حدثت هي انشقاق الأستاذ أحمد السكري, حيث كان  نائب المرشد العام ووكيل الجماعة. وتعتبر المحن والابتلاءات من طبيعة الدعوات, حتى يمحص الصف الداخلي من كل ما يشوبه حتى يصبح نقيا, ولقد تعرضت دعوة [[الإخوان المسلمين]] منذ نشأتها لما تتعرض له الدعوات  من اضطهاد وفتن وانشقاقات, وتلك حقيقة يحاول أعداء الإصلاح تجاهلها، وهي أن دعوة [[الإخوان المسلمين]] تتمثل فى أفراد وهؤلاء الأفراد بشر يصيبون ويخطئون, لكن الأمر المهم هي أن دعوة [[الإخوان]] تقوم على وحدة المنهج التي يتبعونه وهو منهج القرآن الكريم والسنة المطهرة. ولم تكن تلك الفتنة الوحيدة التي واجهتها الجماعة، فهناك كثير من الانشقاقات التي انتهت بخروج بعض [[الإخوان]] من الجماعة من قبل، ومن ذلك على سبيل المثال:
 
ففى عام [[1937م]] اعترض بعض [[الإخوان]] على مسلك الحركة إزاء بعض القضايا، وكان لهم وجهة نظر مخالفة تمام المخالفة لمنهج [[الإخوان]], وهم الأستاذ محمد عزت حسني وحمد رفعت وصديق أمين وحسن السيد عثمان؛ حيث رأوا أن تتعامل الدعوة بالشدة مع الحكومة والنساء اللائي يخرجن سافرات بدلاً من اللين والدعوة بالحسنى, وأن يتوجه عدد من [[الإخوان]] للمشاركة فى الجهاد فى [[فلسطين]], غير أن الأمور لم تكن تسير بهذه الطريقة، خاصةً أن الدعوة فى مرحلة التعريف بها, وأن الأمور لا تؤخذ بالشدة فى كل الأحيان, فما كان من هؤلاء النفر إلا أن أعلنوا عصيانهم وابتعدوا عن [[الإخوان|الجماعة]], وكان من نتائج هذه الفتنة أن خرج هؤلاء [[الإخوان]] ومعهم [[جريدة الإخوان المسلمين|مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية]] (14).


ولم ينته الأمر عند ذلك, بل انشق عدد من [[الإخوان]] بعد ذلك بسبب حماستهم الشديدة وتعصبهم لآرائهم, واستعجالهم الخطوات, ولم يكتفوا بذلك بل حاولوا إثارة الشبهات حول قائد الدعوة ورجالها, فتم فصلهم بناءً على طلبهم, كما أنهم استأثروا بمجلة النذير لأنفسهم وكونوا جماعة شباب محمد(15).
ونحن حين نكتب ما نكتب فى بعض الأحيان، من ردود على ما ينشر فى هذه الصحف، إنما نريد أن نحق حقا أو نبطل باطلا، لا أن نساجلها فى ميدان الخصومة، ونلج معها فى تيار المهاترة والتجريح والاختلاف.


ولم يكن ذلك الانشقاق هو الأخير، فقد حدث أيضًا سنة [[1953م]]، فخرج الشيخ [[أحمد حسن الباقوري]] من [[الإخوان]] لقبوله الوزارة فى الوقت الذى رفض فيه [[الإخوان]] الاشتراك فيها. واستمر خروج بعض قيادات [[الإخوان]] منها  لخلافات حتى وقتنا الحاضر ولا يضر ذلك [[الإخوان]] شيئًا؛ لأنهم ارتضوا لأنفسهم نظام ومبادىء يسيرون عليها ، وبها ارتضى كل من يحب أن ينضم إلى [[الإخوان]] دون إكراه ، لكنه إذا أراد أن يخرج على تلك المبادىء بعض الأفراد،  فلا يعقل أن  تستجيب [[الإخوان|الجماعة]] إلى أهواء أفراد ها ، وتصبح فى مهب الريح تطيح بها أوهن العواصف ، لذلك فإن من يريد أن يخرج من الجماعة لمواقف معينة أو رأي شخصي فهو وما يحب، ويُكن له [[الإخوان]] كل الاحترام.
والخصومة بيننا وبين القوم ليست خصومة شخصية أبدا -ولن تكون- ولكنها خصومة فكرة ونظام، هم يريدون لهذه الأمة نظاما اجتماعيا ممسوخا من تقليد الغرب فى الحكم والسياسة والقضاء والتعليم والاقتصاد والثقافة، ونحن نريد لها وضعا ربانيا سليما من تعليم [[الإسلام]] وهديه وإرشاده فى هذه النواحى جميعا، وهم يعلمون تمام العلم أنهم لا يستطيعون أن يقفوا فى وجه هذه الدعوة المؤيدة بنصر الله، المتمكنة فى قلوب المؤمنين من أبناء هذه الأمة المدعومة بإيمان خمسمائة مليون من البشر من المحيط إلى المحيط.


== أسباب فصل الأستاذ [[أحمد السكري]] ==
كلهم يفرح بها، ويهش لها، ويتمنى للداعين إليها كل توفيق ونجاح، فهم لهذا يعملون جاهدين على صبغ هذا الخلاف بالصبغة الشخصية، والاتجاه به إلى المناورات الحزبية، ويودون أن تنطلى علينا الحيلة، ويخفى أمامنا وجه الخديعة، فننزلق إلى منازلتهم فى هذا الميدان التافه وهم فيه أغلب وعليه أقدر، ولكننا بحمد الله أشد يقظة مما يظنون، وأنفذ بصيرة مما يحسبون ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِى بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِى الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾[الأنعام: 122] ولهذا أرجو أن تحرص جريدة الإخوان كل الحرص على تخير الألفاظ، وانتقاء العبارات، وتجنب النواحى الشخصية التافهة، وتحرى المعانى الكلية الجامعة مع تصحيح النية، وكبح جماح الغضب، وكظم الغيظ وقتل شهوة الانتقام" الله يعلم أننا أشد الناس ألما لخصومة لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن والدين، وأننا نرقب بفارغ الصبر تلك الساعة التى يفتح الله فيها هذه القلوب، ويهدى إلى الحق هذه النفوس، والقلوب بيد الله يقلبها كيف شاء، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.


شن السكري هجوما فى مقاله فى صوت الأمة والكتلة بتاريخ 11/10/[[1947]]م, ذكر فيه أنه عرف أن الأستاذ [[البنا]] له اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية, وأنه نسى من ذكر له ذلك , أضف إلى ذلك أن الأستاذ [[البنا]] طالبه فى رد على خطابه باسم من أطلعه على ذلك فلم يستطع تقديم مايفيد ذلك(16) كما أن الأستاذ السكري اتهم الأستاذ [[البنا]] بالاستبداد فى اتخاذ القرار و فصله دون الرجوع [[الهيئة التأسيسية|للهيئة التأسيسية]], غير أن الأستاذ [[البنا]] رد على ذلك, حيث ذكر أن [[الهيئة التأسيسية]] انعقدت مرتين إحداهما بتاريخ 13 مارس 1947, وكان ذلك للمحاكمة,وظل انعقادها ما يقرب من ستة وثلاثين  ساعة كامله, وتحدث فيها الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]]نحو ستة ساعات, وبعدها جدد البيعة للأستاذ [[البنا]], والثانية بتاريخ 9 يوليو ،[[1947]] وقررت الهيئة توجيه اللوم للأستاذ [[أحمد السكري|السكري]]. كما فى الاتهام الذى جاء فى خطاب الأستاذ السكري وذكر فيه أنه عرف بالصدفة أن الإمام [[البنا]] له اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية وأنه عرف من أحدهم ذلك فى7 فبراير [[1947]], واندهش الإمام [[البنا]] لذلك من السبب الذى دفع الأستاذ [[أحمد السكري]] إلى إخفاء تلك المعلومات عن [[الإخوان]] وعن [[الهيئة التأسيسية]] طيلة هذا الوقت بالرغم  من انعقادها فى 13 مارس[[1947]] فى اجتماعها الأول ثم اجتماعها ثانية بعد هذا الجتماع بأربعة شهور.
كما قرأت كذلك تحت الصورة التى نشرتموها بالأمس تقديما لى، ولفضيلة الأخ الأستاذ [[مصطفى السباعى]]، وفى نهايته هاتان الكلمتان: قائد وجندى، فإن أردتم بالقائد فضيلة الأستاذ السباعى وبالجندى هذا الضعيف الذى ما اعتبر نفسه يوما من الأيام إلا أصغر جنود دعوة الحق فقد أحسنتم صنعا وشكر الله لكم، وإن كنتم تقصدون ما يتبادر إلى الأذهان من أول وهلة، حين يرون مرشدا ومراقبا فإلى الله أبرأ مما صنعتم، وإلى الإخوان أعتذر مما وصفتم، وأرجو ألا تحملنكم المداعبات الصحفية على مثل هذه المتعبات النفسانية، والله أسأل أن يوفقنا جميعا للخير، وأن يسدد خطانا لما يحب ويرضى، وأن يجمع القلوب على ما فيه خير الوطن العزيز آمين.  


وتعجب أيضا من إخفاءه لتلك المعلومات الخطيرة كل هذا الوقت بالرغم من انعقاد [[مكتب الإرشاد]] كل أسبوع واعتبر هذا الصمت وهذا الكتمان خيانة للدعوة وللهيئة(17).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


'''غير أن هذه الأسباب لم تكن كل الأسباب بل ذكرت إحدى صحف [[الوفد]] عدة أسباب أخرى لم تكشفها صحف ولا نشرات [[الإخوان]] حتى لا تقطع الود مع الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]]وكان من هذه الأسباب:'''  
'''المصدر'''


1- أن الأستاذ [[أحمد السكري]] كان يتجسس على مخاطبات ومكالمات الأستاذ [[البنا]] الخارجية والداخلية, وظهر ذلك أثناء التحقيق حيث قدم عامل التليفون تقريرا عن ذلك أثبت فيه أن الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]]كلفه بذلك.                                
[[جريدة الإخوان المسلمين]] اليومية، العدد (354)، السنة الثانية، 8شعبان 1366ه- 27يونيو [[1947م]]، ص(3).


2- أخذه مبالغ من جهات مختلفة باسم جمعية [[الإخوان المسلمين]], ولم يوصلها للجمعية.
وقد أرسل الإمام [[البنا]] هذه الرسالة إلى الأستاذ [[أحمد السكري]] وكان وقتذاك رئيس تحرير [[جريدة الإخوان المسلمين]] اليومية، وكانت قد نشرت فى عددها (353) تحت عنوان: "تعليقات" كلمات تهكم فيها صاحب التعليقات على مسلك [[النحاس باشا]] الخاص فى إنفاقه للمال، وحضوره للحفلات الماجنة، فاستنكر الإمام أن يكتب ذلك فى جريدة [[الإخوان]]، وأرسل إلى رئيس تحرير المجلة هذا المقال؛ حتى لا تعود [[جريدة الإخوان المسلمين]] لمثل ذلك مرة أخرى.


'''هذا وقد أصدر [[المركز العام للإخوان المسلمين (صور)|المركز العام]] نشرة إخبارية  تم توضيح فيها الأسباب التي دعت لفصل الأستاذ [[أحمد السكري]], وذكر فيها أن ضمن هذه الأسباب :'''
|}


1- التمرد حيث كانت أكثر تصرفاته سلسلة من التمرد على قرارات [[مكتب الإرشاد]] و[[الهيئة التأسيسية|الهيئة]].
== مقالات أحمد السكري في الصحف ==
<div class="reflist4" style="height: 850px; overflow: auto; padding: 3px" >


2- بث الفتنة , حيث عمد إلى صحف [[الوفد]] وأذاع أخبار خاطئة كاذبة وحقائق محرفة عن [[المرشد العام]] وسياسة [[الإخوان]], وأنه صاحب هذه الدعوة ، لكنه آثر الأستاذ [[البنا]] بها.
[[ملف:Image00001.jpg|تصغير|center|600px]]


3- الاتصالات الضارة بمن ينوئون الدعوة ويريدون بها السوء, وإعطاؤه معلومات للصحف الوفدية كاذبة كخبر اللجنة السياسية ،وهى فكرة عرضت على بعض الشخصيات لتكوين لجنة استشارية فقهية قانونية .
[[ملف:Image00002.jpg|تصغير|center|600px]]


ولقد استطاع [[فؤاد سراج الدين]] من استقطاب [[أحمد السكري]] بصفة داخل اللجنة,وحصل منه على تقارير سرية [[للإخوان]], ونشرها في صحف [[الوفد]], فجمع الأستاذ [[البنا]] [[الهيئة التأسيسية]], وعرض الأمر عليهم وتبين أن الأستاذ [[أحمد السكري]]هو المتسبب في ذلك, فطالبته الهيئة بكتابة مقال يكذب ما ورد في الصحف الوفدية , غير أن [[أحمد السكري]]رفض ذلك, وأخذ في الهجوم على الجماعة من خل الجريدة صوت الأمة    .
[[ملف:Image00003.jpg|تصغير|center|600px]]


وإزاء الاتهامات التى اتهم بها الأستاذ السكري فقد عقدت [[الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين]] اجتماعها العادى الدورى الثالث يوم الخميس 14 من المحرم 1366هـ, الموافق 27 نوفمبر [[1947م]], وكان من قراراتها:   
[[ملف:Image00004.jpg|تصغير|center|600px]]


الموافقة التامة على قرار [[المرشد العام]] بإعفاء [[الإخوان]] [[محمد عبدالسميع الغنيمي]] أفندي و[[سالم غيث]] أفندي و[[أحمد السكري]] أفندي من عضوية [[الإخوان|الجماعة]] بناءً على تفويض الهيئة السابقة لفضيلته ، ولما تعرفه الهيئة من تصرفات الأستاذ احمد السكري قبل الإعفاء وبعده فإنها تقرر بالإجماع اعتباره ناقضًا للعهد حانثًا باليمين خارجًا على الجماعة مُحاربًا للدعوة، وكذلك كل من اتصل به أو ناصره.(18)
[[ملف:Image00005.jpg|تصغير|center|600px]]


== رد فعل [[أحمد السكري|السكري]] إزاء قرار الفصل ==
[[ملف:Image00006.jpg|تصغير|center|600px]]
[[ملف:13-الأستاذ-أحمد-السكري.jpg|تصغير|200بك|'''<center>الأستاذ [[أحمد السكري]] </center>''']]
وعلى إثر هذا القرار انقلب الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] على [[الإخوان|الجماعة]] ومرشدها وأخذ يهاجم [[المرشد العام]] وفتحت له جريدة صوت الأمة ذراعها للهجوم على [[المرشد العام]] وبث الفرقة وسط [[الإخوان]] ومحاولة زعزعة الثقة بين أفراد [[الإخوان]] وقيادتها , وقد ذكر خلال صفحات الجريدة الأسباب التي رأى أنها سبب فصله, فذكر أن من هذه الأسباب:


1ـ استبداد الإمام [[البنا]] بالأمر وأنه انتزع من أعضاء [[الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين|الهيئة التأسيسية]] يوم 9 يوليو [[1947م]] تفويضا يعطى له الحق فى إقصاء من يشاء وفصل من يشاء .
[[ملف:Image00007.jpg|تصغير|center|600px]]


2ـ تأرجح الإمام [[البنا]] بين الأحزاب السياسية, ومحاولته  استعطاف الأحزاب للعمل مع [[الإخوان]], وليس ذلك فحسب ، بل دخول بعض العناصر الانتهازية المأجورة فى صفوف [[الإخوان]] بايعاز من رجال السياسة .
[[ملف:Image00008.jpg|تصغير|center|600px]]


3- الإغراق فى السياسة الحزبية, وتكوين اللجنة السياسية, وإغراق [[الإخوان|الجماعة]] فى هذه السياسة, ومهادنة صدقى باشا, وسماع كلام [[الإخوان]] الانتهازيين, وتملق الإمام [[البنا]] للوفد فترة حكمهم من [[1942]] -  [[1944]].(19)
[[ملف:Image00009.jpg|تصغير|center|600px]]


4- الإتصال ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية فى أغسطس [[1940]] حيث التقى مع الجنرال كلايتون والمستر هيوردن فى دار الجمعية القديمة( 20), كما أنه تقاضى أموالا من الإنجليز .
[[ملف:Image00010.jpg|تصغير|center|600px]]


5- استيلاء الإمام [[البنا]] على مبلغ يزيد عن ثلاثة آلاف جنيه من الأموال التي تجمعها [[الإخوان]] باسم الدفاع عن [[فلسطين  ]] .
[[ملف:Image00011.jpg|تصغير|center|600px]]


6- تستر الإمام [[البنا]] على فضائح صهره عبد الحكيم عابدين, حيث اتهمه [[الإخوان]] بدخوله لبيوتهم دون وجودهم  .
[[ملف:Image00012.jpg|تصغير|center|600px]]


7- أن الأستاذ [[أحمد السكري]] هو الذى أنشىء جمعية [[الإخوان المسلمين]], وأن الإمام [[البنا]] افتتح فرع لها فى [[:تصنيف:إخوان الإسماعيلية|الإسماعيلية]] غير أن الأستاذ [[السكري]] لمح في [[حسن البنا]] ذكاءً بعد تكوين الجمعية الحصافية بالمحمودية فاختاره سكرتيرا لهذه الجمعية(1 ). وقد ردد بعض خصوم [[الإخوان]] تلك الافتراءات، فيشير فؤاد علام فى كتابه ([[الإخوان]] وأنا )إلى أن السكري هو الذى أنشأ [[جماعة الإخوان المسلمين]] سنة [[1920م]] وأن [[البنا]] انتزعها منه ، وهذا الكلام ينطوى على تجاهل للحقائق ،فالجمعية المشار إليها هى الجمعية الحصافية التى كان [[أحمد السكري|السكري]] رئيسا لها و[[البنا]] سكرتيرا .
[[ملف:Image00013.jpg|تصغير|center|600px]]


8- تملق الأستاذ [[البنا]] للأحبار والرهبان والمطارنة, وقبول مبالغ مالية من التاجر الإسكندراني اليهودى حايم دره(22) .
[[ملف:Image00014.jpg|تصغير|center|600px]]


9- طلب الأستاذ [[البنا]] من [[الوفد]] أن يدفع له خمسين ألف جنيه [[للإخوان]] لكى يستمر التعاون بينهما.
[[ملف:Image00015.jpg|تصغير|center|600px]]
كانت هذه هي الأسباب التي رأى الأستاذ [[أحمد السكري]] أنها سبب فصله, كما أنه ساق بعض التهم  التي اقترفها الأستاذ [[البنا]], والتي استوجبت توجه الأستاذ [[السكري]] له بالنصح والإرشاد,مما كان ذلك دافعا لفصله من [[الإخوان المسلمين]].


وبعد أن استعرضنا الأسباب والتهم التي وجهها الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] للأستاذ [[البنا]] نقدم الأسباب التي رأها الأستاذ [[البنا]] و[[الهيئة التأسيسية]] سببا لفصل الأستاذ [[أحمد السكري]].
[[ملف:Image00016.jpg|تصغير|center|600px]]


ولقد ذكر الأستاذ [[أحمد السكري]] أن الأستاذ [[البنا]] أغرق [[الإخوان|الجماعة]] في الحزبية, وكون اللجنة السياسية وتأرجح ب[[الإخوان|الجماعة]] بين الأحزاب ، لكن الناظر في تاريخ [[الإخوان]] يجد أن سياسته ثابتة منذ نشأتها, وحدد لها الأستاذ [[البنا]] مبادئها وأهدافها , ونأى بها عن الحزبية,واعترض على الأحزاب والحكومات التي تعاملت مع الانجليز.
[[ملف:Image00017.jpg|تصغير|center|600px]]


'''ولقد علقت [[جريدة أخبار اليوم]] على ذلك فقالت:'''" وأخيرا رأى حزب [[الوفد]] أن خير طريق لتحطيم [[الإخوان]] هو تمزيقهم من الداخل, وتولى السكرتير العام هذه المهمة فنجح فيها نجاحا كبيرا فقد استطاع بفضل اتصاله بالأستاذ [[أحمد السكري]] وكيل الجمعية أن يحدث انقساما فى [[الإخوان]], وحصل السكرتير العام على تقارير سرية [[للإخوان]] نشرها في صحف الوفد.ولقد أجرت جريدة الكتلة حوارا مع الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] حول حقيقة الخلاف وصدور قرار بوقفه وزملائه , فذكر أن الأستاذ المرشد استند إلى المادة 18 من قانون [[الإخوان|الجماعة]]فى هذا الإيقاف, وأن ما يشاع في الصحف الآن هو مجرد دعاية مغرضة وأراجيف باطلة يهدف مروجوها إلى إشعال نار الفتنة , وأن الأستاذ [[البنا]] هو أخي  فضلا عن أنه رئيس لهذه الدعوة, ولن أرفع في وجهه سيف العدوان حرصا على أخوتنا ودعوتنا(23).
[[ملف:Image00018.jpg|تصغير|center|600px]]


كانت هذه هي تداعيات الفتنة والتي خرج على إثرها الأستاذ [[أحمد السكري]] والدكتور [[إبراهيم حسن]] وكيلا [[الإخوان|الجماعة]], كما خرج فيها الأستاذ[[ مصطفي نعينع]] – مندوب قسم نشر الدعوة في [[المركز العام]] – والأستاذ [[محمد عبدالسميع الغنيمة]] والأستاذ [[سالم غيث]] عضو الهيئة التأسيسية, كما خرج كلا من الأستاذ [[كمال عبدالنبي]] وأمين مرعى رئيس المكتب التنفيذي [[:تصنيف:إخوان الإسكندرية|بالإسكندرية]], كما قدم الأستاذ [[حسين عبد الرازق]] استقالته, وكان ذلك قبل انعقاد المحاكمة و قد عاد الأستاذ [[أحمد السكري]] فاسترد استقالته موضحا أن الأمر كان عنده مشوش ومحرف .
[[ملف:Image00019.jpg|تصغير|center|600px]]


== افتراءات [[أحمد السكري|السكري]] فى ميزان النقد ==
[[ملف:Image00020.jpg|تصغير|center|600px]]


حقيقة إن كثيرا ممن خرجوا من [[الإخوان]] لم يتجرءوا عليها ويجرحوا فيها وفى مؤسسها  ويسوقوا التهم والأكاذيب مثلما فعل السكري ، ولا نقول أبدا إن [[الإخوان]] لا يخطئون ،ولكن إذا سيقت الأخطاء بالأدلة ،فإن ذلك أحرى لمناقشتها فى ضوء الظروف التى أحاطت بالموضوع ،أما أن تساق الاتهامات بلا دليل ،فهذا كذب وافتراء ، خاصة ممن تربوا فى ظل هذه الدعوة وكان من دعاتها.
[[ملف:Image00021.jpg|تصغير|center|600px]]


لقد ذكر الأستاذ [[أحمد السكري]] فى سياق التهم التي دعت الأستاذ [[البنا]] لفصله أنه كان على اتصال ببعض الجهات الأجنبية والمصرية, وإذا عدنا بالحدث من سياق المقالات التي كتبها الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] نجد أن الإنجليز  فى بداية الأربعينات, وقت أن كانت ألمانيا مكتسحة الحرب العالمية الثانية , حاول الجنرال كلايتون ومعاونيه أن يحايدوا [[الإخوان]] حتى يأمنوا ظهورهم وقت مواجهة الألمان إذا حاولوا دخول [[مصر]], فذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] أن الجنرال كلايتون ومعه المستشرق المستر (هيورث دن)  جاءا إلى دار الجمعية  القديمة لمقابلة الأستاذ [[البنا]] فى 25 أغسطس [[1940م]], غير أن الأستاذ [[البنا]] أحالهم إلىّ بصفتى وكيله , وزارانى أكثر من مرة فى بيتى, وعرضا مبالغ مالية كبيرة لمساعدة الجمعية يوم 14 نوفمبر [[1940م]] فى منزلى ، فرددت عليه : أحب أن تعلما أولا أن هذه الوسيلة لجذب الناس وهي شراؤهم بالمال ورشوتهم هي وسيلة بالية, وأن الذى يمد يده ليأخذ منكم فإنه يمد يده لعدوكم ،كذلك  وقد أطلع الأستاذ [[البنا]] على كل ذلك كلمة كلمة. وذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] أيضا فى مقال آخر أن الإنجليز أعيتهم الحيل لرشوة [[الإخوان]] , وأن الجنرال كلايتون والدكتور هيورث والميجر جودوين وغيرهم من رجال الدعاية والمخابرات, تحدثوا إلى فضيلة الأستاذ [[البنا]], وكم ترددوا على منزل [[أحمد السكري]] وكم حاولوا مرات ومرات ومرات أن يمدوا أيديهم بالمال الوفير بعشرات الألوف من الجنيهات, ولا شك أنهم قد دونوا فى تقاريرهم كيف صرفهم الأستاذ [[البنا]] عنه صرفا لا رجوع بعده, وكيف ألقى عليهم [[أحمد السكري]] يوم17 نوفمبر [[1941]] فى منزله درسا لن ينسوه أبدا . وكان ذلك دليلا لتفنيد هذه التهمة.
[[ملف:Image00022.jpg|تصغير|center|600px]]


ذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] من ضمن الأسباب هي انقلاب الإمام [[البنا]] و[[الإخوان]] على الوفد بعد خروج الوفد من الحكم ، وطلب مبلغ خمسين ألف جنيه يدفعها الوفد [[للإخوان ]] ،فإن ذلك يتضارب مع المعلومات التي ذكرها الدكتور [[إبراهيم حسن]] في هذا الصدد والتي تفند هذه التهمة, فقد تكونت لجنة اتصال بين [[الإخوان]] والوفد وقت أن كان الأستاذ المرشد في رحلة الحج عام [[1946م]] وقد حضر هذه اللجنة من [[الإخوان]] الأستاذ [[أحمد السكري]] والدكتور [[إبراهيم حسن]] وكيلا [[الإخوان|الجماعة]], وكانا يران ضرورة التصاق الدعوة بالوفد في هذه المرحلة, وكان الوفد آنذاك في الحكم  ،وكان [[الوفد]] يهدف أن تكون حركة [[الإخوان]] تابعة له حتى  لا تقوم بجانبه هيئة قوية . لكن عندما عاد الأستاذ [[البنا]] من رحلة الحج وجد أمامه موضوع لجنة الاتصال,و ما هي إلا وسيلة للوفد للعودة إلى الحكم, وأن الوفد دعا الهيئات المعارضة للاتحاد معه لإسقاط حكومة صدقي فقط دون العمل لمصلحة البلاد فرأى الإمام [[البنا]] أن ينأى [[الإخوان]] عن ذلك, فانزعج [[الإخوان]] المتصلين ب[[الوفد]] من ذلك, كما أنهم انزعجوا من تقديم إخوة آخرين عليهم. غير أن الأستاذ [[البنا]] اجتمع مع الدكتور إبراهيم, ووافقت اللجنة بناء على تجمع هذا القدر من المعارضة فى هذه اللجنة وطالب الدكتور إبراهيم بكتابة اتفاق مع [[الوفد]] ويوقعون عليه ويتكون من مادتين .
[[ملف:Image00023.jpg|تصغير|center|600px]]


'''المادة الأولى:''' ألا يعود [[الوفد]] إلى مفاوضة الإنجليز إلا بعد أن يسلموا بحق [[مصر]] في الجلاء عن الوادي كله وبوحدته.
[[ملف:Image00024.jpg|تصغير|center|600px]]


'''المادة الثانية:''' أن ينشأ صندوق يسمى صندوق [[الجهاد]] يضع فيه الوفد خمسين ألف جنيه أو عشرين ألف على الأقل وتضع كل هيئة من الهيئات التي تقبل الوحدة مبلغا بنسبة ماليتها وليكن أمين الصندوق من [[الوفد]] نفسه لأننا سنحتاج المال في المقاومة ضد الاحتلال,ولقد قدم الأستاذ [[أحمد حسين]] للجنة اقتراحا بمثل ذلك , كما ذكر الدكتور [[إبراهيم حسن]] .
[[ملف:Image00025.jpg|تصغير|center|600px]]


ولقد استطاع سراج الدين من استقطاب [[أحمد السكري]] بصفة داخل اللجنة,وحصل منه على تقارير سرية [[للإخوان]], ونشرها في صحف الوفد, فجمع الأستاذ [[البنا]] [[الهيئة التأسيسية]] , وعرض الأمر عليهم وتبين أن الأستاذ [[السكري]] هو المتسبب في ذلك, فطالبته الهيئة بكتابة مقال يكذب ما ورد في الصحف الوفدية, غير أن [[أحمد السكري|السكري]]رفض ذلك, وأخذ في الهجوم على [[الاخوان|الجماعة]] من خل الجريدة صوت الأمة فقررت [[الهيئة التأسيسية]] في 27 نوفمبر [[1947]] فصل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] من [[الإخوان|الجماعة]] ، ولقد ذكر الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]]أن الأستاذ [[البنا]] أغرق [[الإخوان|الجماعة]] في الحزبية, وكون اللجنة السياسية وتأرجح ب[[الإخوان|الجماعة]] بين الأحزاب لكن الناظر في تاريخ [[الإخوان]] يجد أن سياسته ثابتة منذ نشأتها, وحدد لها الأستاذ [[البنا]] مبادئها وأهدافها , ونأى بها عن الحزبية,واعترض على [[الأحزاب]] والحكومات التي تعاملت مع المحتل الإنجليزي,وقد نظر إلى أبعاد الأمر, فكان يتعاون مع كل القوى التي تخدم الحركة الوطنية, وتجارب الاحتلال, ولم يكن [[الإخوان]] يوما من الأيام تابعين لقوى بعينها ، بل كانوا يؤيدون الحكومة التي تطالب بخروج المحتل, وكان ممكنا محاربتها إذا هادنت وخضعت للإنجليز . ولقد كان هدف الأستاذ [[البنا]] من تكوين [[الهيئة السياسية]] ، والتي كانت ضمن أعضائها وهيب دوس ولويس فانوس أن تبحث في الشئون السياسية والاقتصادية والقانونية, وكان ذلك بناء على قرار [[مكتب الإرشاد]] الذي قرر تأليف لجنة استشارية بحتة من الشخصيات التي تتوفر فيها الكفاءة والخبرة والسمعة الطيبة ، وقد حضر اجتماعات هذه اللجنة الدكتور [[إبراهيم حسن]] . ولم يكن اتصال الأستاذ [[البنا]] بالأحزاب  إلا لتوحيد الأهداف حول المطالبة بخروج المحتل.
[[ملف:Image00026.jpg|تصغير|center|600px]]


ولقد علقت [[جريدة أخبار اليوم]] على ذلك فقالت: وأخيرا رأى [[حزب الوفد]] أن خير طريق لتحطيم [[الإخوان]] هو تمزيقهم من الداخل, وتولى السكرتير العام هذه المهمة فنجح فيها نجاحا كبيرا فقد استطاع بفضل اتصاله بالأستاذ [[أحمد السكري]] وكيل الجمعية أن يحدث انقساما فى [[الإخوان]], وحصل السكرتير العام على تقارير سرية [[للإخوان]] نشرها في صحف [[الوفد]].
[[ملف:Image00027.jpg|تصغير|center|600px]]


== أثر هذه الفتنة على الدعوة ==
[[ملف:Image00028.jpg|تصغير|center|600px]]


يعتبر هذا الانشقاق من أكبر الانشقاقات التي حدثت في [[الإخوان|الجماعة]] لكن الله يهدى من يشاء ويضل من يشاء  فبعد فصل هؤلاء [[الإخوان|الإخوة]], استغل خصوم [[الإخوان]] ماحدث من فصل [[أحمد السكري|السكري]]ورفاقه، للنيل من [[الإخوان]] وإشاعة الفرقة بين صفوفهم ،ونشرت جريدة (صوت الأمة)الوفدية استقالات وهمية من [[الإخوان]] وأنهم يؤيدون الأستاذ [[أحمد السكري]] حتى كذبها [[الإخوان]] الذين نشرت أسماؤهم.
[[ملف:Image00029.jpg|تصغير|center|600px]]


واتجه [[أحمد السكري|السكري]]ورفاقه إلى جريدة (صوت الأمة)  التي فتحت لهم ذراعيها ليكيلوا للدعوة ومرشدها التهم والافتراءات, ومحاولة لتمزيق الصف الداخلي, فكتب  الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] عددا كبير من المقالات بعنوان"كيف انزلق الشيخ [[البنا]] بدعوة [[الإخوان]]" في محاولة لتشويه صورته وزعزعت الثقة فيه, غير أنها سرعان ما تخلى الوفد عن [[أحمد السكري|السكري]], وانشغل [[الإخوان]] والشعب فى قضية [[فلسطين]] وحربها مع اليهود عام [[1948]], فأصبح الأستاذ [[أحمد السكري]] في طي النسيان.
[[ملف:Image00030.jpg|تصغير|center|600px]]


ولم يقف الإمام [[البنا]] مكتوف اليدين حول تجاوزات صحف [[الوفد]] فأرسل رسالة وعيد [[لمصطفى باشا النحاس]] يحذره مما تقوله صحف الوفد حول التشهير والهجوم على [[الإخوان المسلمين]], وأن عناصر من الشيوعيين قد سيطروا على مجريات الأمور داخل الوفد وأنهم يريدون إحداث فرقة بين [[الوفد]] و[[الإخوان]], وأنهم متغلغلون فى صحيفة (صوت الأمة) و(الطليعة الوفدية) و(الحوادث )ويجب على رفعته التصدي لهذه العناصر التي لا يكون ولاؤها إلا لروسيا .
[[ملف:Image00031.jpg|تصغير|center|600px]]


وقد تنبه النحاس باشا لذلك حتى أن [[أحمد السكري|السكري]]قدم عريضة له يتهم فيها [[المرشد العام]] [[للإخوان]] بأنه استولى لحسابه على مبلغ يزيد عن ثلاثة آلاف جنيه من الأموال التي يجمعها [[الإخوان]] باسم الدفاع عن [[فلسطين]]، فأشار عليه النحاس بعدم إثارة هذه المسألة رغبة في الأخذ بسياسة مهادنة [[الإخوان]] .
[[ملف:Image00032.jpg|تصغير|center|600px]]
ولم ينس الإمام [[البنا]] فضل الصحبة والعشرة الطويلة مع الأستاذ [[أحمد السكري]] فأرسل  رسالة [[للإخوان ]] عبر [[جريدة الإخوان اليومية]] يوصيهم فيها بعدم التعرض لشخص الأستاذ [[أحمد السكري]] أو النيل منه والقضاء على كل إشاعة . وذكر الأستاذ محمود رخا من أن الأخ [[عبدالجواد بركات]] من [[:تصنيف:أعلام البحيرة|إخوان دمنهور]] وكان يعمل ميكانيكي, وكان الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] قد ذهب إليه لإصلاح سيارته ومعه أحد أصحابه ووقفا الاثنين يتجاذبان أطراف الحديث وتفوها بكلام لا يليق في حق الأستاذ [[البنا]] وسمعهما الأخ عبد الجواد  وبعد الانتهاء من تصليح السيارة رفض الأخ عبد الجواد أخذ قيمة التصليح قائلا: " لقد أوصانا الإمام [[البنا]] بك خيرا, وقال لا تنسوا جهاد الرجل معنا عشرين عاما" فذهل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]]وغادر المكان .


وتلخيصا مما سبق حول الأسباب نرى أن [[الإخوان]] انقسموا فريقين: أحدهما ضد الوفد ويرأسه الأستاذ البنا، والآخر مع الوفد ويرأسه الأستاذ السكري, غير أن إقالة الوزارة الوفدية في أكتوبر [[1944م]] كانت ضربة قاصمة  وحّدت الهدف بين الوفد و[[الإخوان]]  , فعملا على مهاجمة المفاوضات بين صدقي والإنجليز، لأن الوفد لم يكن مشتركا فيها, وهاجمها [[الإخوان]] لأنهم ضد المفاوضات إطلاقا, وتكونت لجنة الاتصال, لكن بعد رجوع الأستاذ [[البنا]] من رحلة الحج ورأى ما يحدث من الوفديين وهدفهم من الهجوم على الحكومات القائمة, كما رأى ما يفعله الوفديين في [[الإخوان]] في كل مكان, مما اضطر الأستاذ [[البنا]] للوقوف  على الحياد في علاقته مع الحكومة ويعمل بما يتفق مع منهج [[الإخوان|الجماعة]] ، فكان ذلك دافعا للصحف الوفد في مهاجمة الأستاذ [[البنا]] و[[الإخوان]], ودافعا لإحداث هذه الفتنة مع النفر الذين كانوا يريدون الاندماج مع الوفد والسير في ركابه .
[[ملف:Image00033.jpg|تصغير|center|600px]]


وبعد أن خرج الأستاذ [[أحمد السكري]] من الجماعة كون جمعية أطلق عليها جمعية [[الإخوان]] المجاهدون الأحرار، واتخذ لها مقرا  في ميدان [[الخديوي إسماعيل]] . غير أن الجمعية لم تدم كثيرا, فانضم [[أحمد السكري|السكري]]لجماعة مصر الفتاة بعد أن يئس من تأييد الوفد المصري له تأييدا إيجابيا, وقد قدمه الأستاذ أحمد حسين رئيس الحزب إلى أعضاء الحزب على أن يكون وكيلا له, فعمل [[أحمد السكري|السكري]]على توتر العلاقة بين [[الإخوان المسلمين]] و[[مصر الفتاة]] .
[[ملف:Image00034.jpg|تصغير|center|600px]]


وظل هجوم الصحف الوفدية على [[الإخوان]] حتى اندلعت حرب [[فلسطين]] فى 15 مايو [[1948]] وكانت تنشر استقالات كثير من الشعب والتي بها إخوان هذه الشعب فى الصحف ،غير أن هذه الأسماء وهمية وليست موجودة في هذه الشعب  كما حدث مع سكرتير شعبة كفر الدوار الأستاذ على الكومى, والتي ذكرت صوت الأمة أن الأستاذ [[محمد عبدالقادر]] سكرتير  [[:تصنيف:إخوان البحيرة|شعبة كفر الدوار]] بعث باستقالته, فكتب الأستاذ الكومي تكذيب ذلك وأن الاسم وهمي .
[[ملف:Image00035.jpg|تصغير|center|600px]]


وظل الأستاذ [[أحمد السكري|السكري]] يهاجم [[الإخوان]] ومرشدهم عبر صوت الأمة, حتى في أحلك الظروف وأثناء وجود [[الإخوان ]] فى [[حرب فلسطين]] هاجمهم وسخر منهم وأنهم لا يقدرون على محاربة اليهود .
[[ملف:Image00036.jpg|تصغير|center|600px]]


غير أن هذه النبرة بدأت تخف خاصة بعد تخلى الوفد عن [[أحمد السكري]], وانشغل [[الإخوان]] بالحرب وانشغل المجتمع بظروف وطبيعة حرب [[فلسطين]], وتوارى [[أحمد السكري|السكري]] خلف الستار فلم يكن له أي دور يذكر بعد ذلك حتى توفى في 27 مارس [[1991م]].
</div><noinclude> </noinclude>




== الخلاصة ==
== القول الفصل بين الحق والباطل ==


عاش [[البنا]] و[[أحمد السكري|السكري]] فى بداية حياتهما تجمع بينهما عاطفة الأخوة حتى إن أشد ما يشق على أحدهم أن يبتعد عن الآخر ،وعندما أسس [[البنا]] [[الإخوان|الجماعة]] سنة 1928م فى [[:تصنيف:إخوان الإسماعيلية]] كون [[الإخوان|الجماعة]] شعبة فى المحمودية وكان رئيسا لها. أصبح [[أحمد السكري|السكري]]وكيلا [[للإخوان]] وترك له [[البنا]] الأمور الإدارية ليتفرغ هو لشئون الدعوة ، وقد تعرض للاعتقال مع [[البنا]] سنة [[1941م]] ،غير أن الصفات الشخصية ممثلة فى حب الظهور والزعامة وإيثار المصلحة الشخصية على الدعوة ،إضافة إلى تمرده على المرشد...وغير ذلك .مما دفع [[الإخوان]] لاتخاذ موقف منه ،فاجتمعت الهيئة التأسسية [[للإخوان]] فى 27/11/1947م وقررت بالإجماع فصل [[أحمد السكري]] من [[الإخوان|الجماعة]] واعتباره ناكثا للبيعة. وقد دفع ذلك [[أحمد السكري|السكري]]إلى الهجوم على [[الإخوان|الجماعة]]ومرشدها على صفحات جريدة ( صوت الأمة ) الوفدية ، وقد رد [[البنا]] على ما أورد السكري من أكاذيب ثم طويت صفحة [[أحمد السكري]] من [[الإخوان]] ولم يعلم عنه شئيا حتى توفى رحمه الله سنة [[1991م]].(25)
[[ملف:F1.jpg|وصلة=القول الفصل|600بك|center]]


== المراجع ==
== المراجع  ==
   
<div class="reflist4" style="height: 400px; overflow: auto; padding: 3px" >


(1)[[حسن البنا]]: مذكرات الدعوة والداعية , دار التوزيع والنشر الإسلامية،ص20ومابعدها.
(1)[[حسن البنا]]: [[مذكرات الدعوة والداعية|مذكرات الدعوة والداعية , دار التوزيع والنشر الإسلامية،ص20ومابعدها.]]


(2)السابق ص50- 52.
(2)[[مذكرات الدعوة والداعية|السابق ص50- 52.]]


(3)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|جمعة أمين عبد العزيز : أوراق من تاريخ الإخوان ص151ـ141.]]
(3)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|جمعة أمين عبد العزيز : أوراق من تاريخ الإخوان ص151ـ141.]]  


(4)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|جمعة أمين عبد العزيز : المرجع السابق, ص250.]]
(4)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|جمعة أمين عبد العزيز : المرجع السابق, ص250.]]  


(5)ميتشيل: ترجمة عبدالسلام رضوان, ط1، مكتبة مدبولى, ،1977 ص116.
(5)[[الإخوان المسلمين .... ريتشارد ميتشل|ميتشيل: ترجمة عبدالسلام رضوان, ط1، مكتبة مدبولى, ،1977 ص116.]]


(6)[[حسن البنا]] : مذكرات الدعوة والداعية, ص272ـ271.
(6)[[حسن البنا]]&nbsp;: [[مذكرات الدعوة والداعية|مذكرات الدعوة والداعية, ص272ـ271.]]


(7)[[الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ....محمود عبد الحليم|محمود عبد الحليم : الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع, 1999م ، ج1,ص375.]]  
(7)[[الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ....محمود عبد الحليم|محمود عبد الحليم : الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع, 1999م ، ج1,ص375.]]  


(8)مجلة النذير العدد سنة(2)   25 شعبان 1358هـ الموافق 10 أكتوبر [[1939م]] ،ص10
(8)مجلة النذير العدد سنة(2) 25 شعبان 1358هـ الموافق 10 أكتوبر [[1939م]] ،ص10  
 
(9)[[الإخوان المسلمين .... ريتشارد ميتشل|ميتشيل: الإخوان المسلمون ، ص177:116]]


(9)[[الإخوان المسلمين .... ريتشارد ميتشل|ميتشيل: الإخوان المسلمون  ، ص177:116]]
(10)أستاذ الأدب فى كلية دار العلوم ، جامعة القاهرة ،ناقد وباحث فى الأدب الأندلسى ومترجم ومحقق ،ولد فى قنا بصعيد مصر سنة1924م التقى بالإمام [[البنا]] فى [[:تصنيف:إخوان قنا|قنا]] وهو فى بداية الشباب، وشهد تنقلاته وسمع عن قرب أحاديثه مع الناس وتعرف على بعض قيادات [[الاخوان|الجماعة]] الذين نزلوا [[:تصنيف:إخوان قنا|قنا،حصل]] على جائزة الدولة التقديرية فى الأدب سنة [[1992م]] ،وله العديد من الدراسات الأدبية.


(10)أستاذ الأدب فى كلية دار العلوم ، جامعة القاهرة ،ناقد وباحث فى الأدب الأندلسى ومترجم ومحقق ،ولد فى قنا بصعيد  مصر سنة1924م التقى بالإمام [[البنا]] فى [[:تصنيف:إخوان قنا|قنا]] وهو فى بداية  الشباب، وشهد تنقلاته وسمع عن قرب أحاديثه مع الناس وتعرف على بعض قيادات [[الاخوان|الجماعة]] الذين نزلوا [[:تصنيف:إخوان قنا|قنا]]،حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الأدب سنة [[1992م]] ،وله العديد من الدراسات الأدبية.  
(11)[[جمعة أمين]]&nbsp;: قالوا عن الإمام البنا،دار التوزيع والنشر الإسلامية1424ه/2003م، ص361 ـ362.  


(11)[[جمعة أمين]] : قالوا عن الإمام البنا،دار التوزيع والنشر الإسلامية1424ه/2003م، ص361  ـ362.
(12)[[الإخوان المسلمين]] الإسبوعية العدد 141 سنةالخامسة، 8 ربيع الثانى 1366هـ, 1 مارس 1947 ص5.  
(12)[[الإخوان المسلمين]] الإسبوعية العدد 141 سنةالخامسة، 8 ربيع الثانى 1366هـ, 1 مارس 1947 ص5.


(13)الكتلة 6/3/1947 ص4.
(13)الكتلة 6/3/1947 ص4.  


(14)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|للمزيد ر اجع أوراق من تاريخ الإخوان ج2 ص392]]
(14)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|للمزيد ر اجع أوراق من تاريخ الإخوان ج2 ص392]]  


(15)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|للمزيد راجع جمعة أمين عبد العزيز المرجع السابق ج2 ص68، وكذلك ج4 ، ط1, ص203 .]]
(15)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|للمزيد راجع جمعة أمين عبد العزيز المرجع السابق ج2 ص68، وكذلك ج4 ، ط1, ص203 .]]  


(16)[[جريدة الإخوان المسلمين]] اليومية العدد 442 .
(16)[[جريدة الإخوان المسلمين]] اليومية العدد 442 .  


(17)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|راجع أوراق فى تاريخ الإخوان ،الكتاب الثامن.]]
(17)[[أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين|راجع أوراق فى تاريخ الإخوان ،الكتاب الثامن.]]  


(18)[[الإخوان المسلمون]] اليومية العدد 484 ، السنة الثانية، 17 محرم 1367هـ / 30 نوفمبر 1947– ص2 ص 14.
(18)[[الإخوان المسلمون]] اليومية العدد 484 ، السنة الثانية، 17 محرم 1367هـ / 30 نوفمبر 1947– ص2 ص 14.  


(19)صوت الأمة 16/11/1947ص1.
(19)صوت الأمة 16/11/1947ص1.  


(20)المصدر السابق 12/11/1947ص3.
(20)المصدر السابق 12/11/1947ص3.  


(21) المصدر السابق24/11/1947ص3.  
(21) المصدر السابق24/11/1947ص3.  


(22)[[عباس السيسي]] : [[حسن البنا.. مواقف في الدعوة والتربية .... عباس السيسي|مواقف في الدعوة والتربية, الطبعة الأولى, دار التوزيع والنشر الإسلامية 2001م ،ص165ـ164.]]
(22)[[عباس السيسي]]&nbsp;: [[حسن البنا.. مواقف في الدعوة والتربية .... عباس السيسي|مواقف في الدعوة والتربية, الطبعة الأولى, دار التوزيع والنشر الإسلامية 2001م ،ص165ـ164.]]
 
== للمزيد ==
[[ملف:ملفات.jpg|20بك|يمين]][[ملف:ملفات.jpg|20بك|يمين]]
'''كتب متعلقة'''
 
* '''كتاب'''[[تأسيس دعوة الإخوان بالإسماعيلية]] .
 
* '''كتاب'''[[إزدهار دعوة الإخوان بالإسماعيلية]] .
 
* '''كتاب'''[[القول الفصل|القول الفصل بين الحق والباطل]]
 
'''مقالات متعلقة'''
 
* '''مقال'''[[انعقاد مجلس الشورى العام الثاني للإخوان في 1934م]].
 
* '''مقال'''[[حسن البنا والإخوان وضبابية الفكر|حسن البنا والإخوان وضبابية الفكر]] .
 
'''متعلقات'''
 
<font size=2>


*[[أحداث في صور...الإمام البنا بعد العملية الجراحية عام 1947م|أحداث في صور]].
</font>


</div><noinclude> </noinclude>
'''وصلات خارجية'''


== موضوعات ذات صلة ==
'''مقالات متعلقة'''
<font size=2>


*[[تأسيس دعوة الإخوان بالإسماعيلية]]
* '''مقال:'''[http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=59373&SecID=373 مجلس شورى الإخوان وتطوره]،'''بقلم: عبده مصطفى دسوقي'''
*[[إزدهار دعوة الإخوان بالإسماعيلية]]
*[[انعقاد مجلس الشورى العام الثاني للإخوان في 1934م]]
*[[أحداث في صور...الإمام البنا بعد العملية الجراحية عام 1947م|أحداث في صور]]
*[[حسن البنا والإخوان وضبابية الفكر#ولم تتوقف مسيرة الأكاذيب|حسن البنا والإخوان وضبابية الفكر]]
*[http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=59373&SecID=373 مجلس شورى الإخوان وتطوره]


[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]
[[Category:أحداث_صنعت_التاريخ]]&nbsp; [[Category:تصفح_الويكيبيديا]]
[[تصنيف:المقالة الجيدة]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:المقالة الجيدة]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١١:٤٩، ٢ يناير ٢٠١١

"فتنة أحمد السكري"


"انشقاق الأستاذ أحمد السكري الوكيل العام للإخوان المسلمين عن الإخوان سنة 1947م .. الأسباب والأثر"

إعداد: موقع إخوان ويكي


السمات الشخصية للأستاذ أحمد السكري

حقيقة إن كل إنسان لايخلو من سلبيات وعيوب ،ومن يحاول إصلاح نفسه يعمل على التغلب على سلبياته وعيوبه بالمجاهدة وإصلاح النفس ،وقد دعانا القرآن الكريم فى كثير من الآيات إلى إصلاح النفس ؛ فيقول تعالى:" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَ(8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) (سورة الشمس)".وأيضا ") وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)" (سورة النازعات) .

وأما من أتبع نفس هواها ،فسرعان ما يظهر على سلوكه وأفعاله ،وغالبا مايرفضها المجتمع وتصبح مآخذا عليه ويبتعدون عنه. وإذا ظهر من أفراد الإخوان تصرفات بعيدة عن الإسلام و سلوك مرفوض ،فإن الإخوان سرعان مايحاولون معالجته بالرفق واللين ،فإن أى إنسان كما أسلفنا لا يخلو من أخطاء ، فإن رجع إلى رشده فبها ونعمة ،أما من أتبع نفسه هواها ولم يستجب ،فإن الإخوان لايملكون إلا اتخاذ موقف منه،فيتم إجراء تحقيق معه بناءً علىالمخالفات المنسوبة إليه، وفى ضوء القرار الذى تصدره لجنة التحقيق يتم تحديد موقف الإخوان منه ويراجع هو أيضا نفسه.

ومن هنا ينبغى أن نشير إلى بعض الصفات الشخصية غير المرغوب فيها التى ظهرت من الأستاذ أحمد السكري ، وهى ليست تجريحا فى شخصه ، ولكنها تضىء لنا جوانب الموضوع الذى نحن بصدده والذى ترك أثره على تاريخ الإخوان، وخاصة أن الأحداث انتهت وأصبح الموضوع فى ذمة التاريخ كى نحاول تحليل الأحداث وإعطاء صورة عن خلفيات تلك الأزمة التى واجهت الإخوان ، خاصة وأن الأستاذ السكري توفى إلى رحمة الله سنة 1991 م، ومن أهم تلك المآخذ الشخصية :

1)حب الظهور والزعامة:

وقد بدا ذلك فى بعض المواقف ،منها: أن الأستاذ السكري مع تطور وتوسع وزيادة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين, شعر بأنه هو المحرك السياسى لهذا الجماعة, وأن الإمام البنا هو الأب الروحى لهذه الجماعة, فعمل على أن يتصدر فى الاحتفالات والمؤتمرات والاتفاقيات ، وشعر بأنه المرشد العام الحقيقى للإخوان , فعمل على الاستئثار بهذه الزعامة وتحدى الأستاذ البنا وتمرد عليه كمرشد(5).


وبداية هذا التحول عند الأستاذ أحمد السكري , عندما أقام الإخوان المسلمين حفل تكريم للنواب بسرآى آل لطف الله بالجزيرة(6), وكان الأستاذ السكري مشرفا على هذا الحفل, وقدحضره ممثلين عن الأحزاب المصرية المختلفة والهيئات, فظهر الأستاذ السكري أثناء تقديم الخطباء يتملق بعضهم, , كما كان يؤثر بعض الناس بالتقديم ويحول بين غيرهم وبين المنصة, فظهر بمظهر المتصدر الأمر، فكان مصدر استياء كثير من الضيوف والإخوان الحاضرين لهذا الحفل(7).ومع تطور الأحداث حدثت مشكلات بسبب محاولة السكري تصدر المجالس وتهميش إخوانه القائمين على العمل معه, وكان الإمام البنا يقف على هذه المشكلات, ويعز عليه اتخاذ أى قرار للعشرة الطويلة التي بينه وبين الأستاذ السكري, وراجيا من الله أن يصلح حاله .

2) استغلال الدعوة فى أغراض شخصية:

واتضح ذلك فى تقربه من رجال السلطة والنفوذ ،ففى عام 1939 وأثناء عودة على ماهر رئيس وزارء مصر من مؤتمر المائدة المستديرة, والذى عقد فى لندن لدراسة القضية الفلسطينية, استقبله الإخوان بهتافاتهم , غير أن الأستاذ السكري هتف بحياة على ماهر, فكان ذلك مصدر استياء بعض الإخوان (8). وقد أقرهم الإمام البنا على ذلك, بأنه خطأ فردى وليس ذلك منهج ومبادىء الجماعة. وأُخذ عليه تودده وتقربه من بعض الشخصيات المهمة فى الدولة بما يتنافى مع مكانته فى الدعوة, وبما يتعارض مع مبادىء الدعوة كما أن بداية التقارب بين الأستاذ السكري والوفد كانت بعد زيارة فؤاد سراج الدين وبعض الوزارء الوافدين للمركز العام فى 16 مايو 1943,إذ أراد الأستاذ السكري الاندماج فى الوفد لكى يتثنى للإخوان المشاركة فى الانتخابات والحكم بشكل كبير(9) كانت هذه بدايات بروز هذه الفتنة التي أدت لتدافع الأحداث حتى تم فصل الأستاذ السكري.

و لذلك يقول الدكتور الطاهر مكى (10) فى مقاله عن حسن البنا بعنوان :"صورة بعيدة عن السياسة :حسن البنا كما عرفته" :

"اثنان نفر منهما قلبى :رأيت أحمد السكري وكيل الإخوان ،ورئيس تحرير الجريدة اليومية فلم ترتح نفسى له دون تعامل معه ،وقد كتب يومهافى صدر الصحيفة أنه استقال من وظيفته ليتفرغ لشئون الدعوة ويعطيها والصحيفة كل وقته ،وكان ذلك صحيحا فى جانب منه ،أما الجانب الآخر فهو ترك وظيفة فى الدرجة السابعة، ومرتبها يومها لايعدو عشرة جنيهات ،وأخذ راتبا فى صحيفة الإخوان يبلغ مائة وخمسين جنيها وهو الراتب الذى كانت تدفعه كبريات الصحف يومها لرؤساء تحريرها ،وهم موظفون مهنيون لايزعمون أنهم أصحاب دعوة ولامتفرغون لها ،وساعتها أحسست أن فى الأمر خداعا لآلاف البسطاء من الإخوان الذين أسهموا فى جريدة ليس غايتها الربح ،وواقعا لن تربح شيئا،وإنما أرادوا سلاحا فى النضال من أجل مايؤمنون به ،وتمنيت يومها لو اكتفى بما يعينه على مواجهة مطالب العيش،وخصوصا وأن الحياة كانت سهلة ميسرة ،وأن راتب الوظيفة التى تركها كان بسيطا ومحدودا .كذلك نفر قلبى من "أ.ح"بعد لقائين......" (11)

ولعل شهادة الدكتور الطاهر مكي لها أهميتها خاصة أنه لا ينتمى إلى الإخوان ،ولكنه كتب شهادته وانطباعه الخاص بكل صدق ، والتى أسفرت عنها الأحداث فيما بعد وكان نهايتها خروجه من الجماعة.

وتلك العيوب الشخصية التى طغت على شخصية الأستاذ أحمد السكري تركت أثرها على الأحداث، وهى تتنافى تماما مع مبادىء وأصول دعوة الإخوان التى تدعو إلى التجرد والإخلاص لله والبعد عن الرياء ، من هنا فلن يمكث طويلا أى إنسان فى دعوة الإخوان يحب أن يُرى مكانه ؛فسرعان ما تسير به الأحداث لتدفع به إلى خارج الجماعة ،ليبقى الصف نقيا دون نظر إلى الشخص ومكانته كائنا من كان ،ولعل من أكبر الأمراض الخبيثة التى يبتلى بها الناس أن يستغل الإنسان عمله فى أغراضه الشخصية ،فما بالنا إذا كان يستغل الدعوة التى آمن بها والمفترض أن يقدم ماله ويضحى بنفسه دون أن ينال من ذلك فائدة شخصية ، لكن الأمور تسير بقدر الله فقد أدت تلك العيوب الشخصية إلى نفور الإخوان من تلك الطباع التى سيطرت عليه ،وتفاقم الأمر إلى حدوث أزمة بينه وبين بعض الإخوان تطلب الأمر تدخل الهيئة التأسيسة للإخوان لمناقشة الخلاف ، وقد فوجىء الإخوان فى إحدى الأيام بصدور مجلة الإخوان المسلمين الإسبوعية تحوى بين طياتها خبرا مثيرا وهو تكوين لجنة للتحقيق مع الأستاذ أحمد السكري الوكيل العام لRTENOTITLE والأستاذ كمال عبدالنبي والدكتور إبراهيم حسن ووقف عضويتهم فى الهيئة التأسيسية حتى ينتهي التحقيق( 2 ).

واجتمعت الهيئة التأسيسية في يوم الخميس 2 من ربيع الآخر سنة 1366هـ الموافق 13 من مارس 1947 م لمناقشة أمور داخلية في الجماعة، وقررت ما يأتي:-

ثانيًا: توجيه اللوم إلى الأستاذ أحمد السكري على خلافه مع بعض الإخوان ومطالبته بتصفية ما في نفوسهم.

ولعل ذلك دافع لينبه الأستاذ السكري إلى خطورة وضعه وخطأ أسلوبه ويدعوه إلى معالجة تلك الأخطاء ،لكن للأسف الشديد لم يأبه بذلك واستمر على أسلوبه واعوجاجه دون تغيير، تُرى هل يقف الإخوان مكتوفى الأيدى إزاء تلك الانحرافات ويتغاضون عنها ؟! أم أنهم ينبغى أن يتخذوا موقفا إزاء تلك المخالفات التى تؤثر لا ريب على الدعوة ،وربما يكون القرار قاسيا ،لكنه ضرورى لعلاج هذه الأزمة .

انشقاق الأستاذ أحمد السكري

الإمام-الشهيد-حسن-البنا-والأستاذ-أحمد-السكري-يتفقد-جريدة-الإخوان.jpg

وكانت من أشد الانشقاقات التي حدثت هي انشقاق الأستاذ أحمد السكري, حيث كان نائب المرشد العام ووكيل الجماعة. وتعتبر المحن والابتلاءات من طبيعة الدعوات, حتى يمحص الصف الداخلي من كل ما يشوبه حتى يصبح نقيا, ولقد تعرضت دعوة الإخوان المسلمين منذ نشأتها لما تتعرض له الدعوات من اضطهاد وفتن وانشقاقات, وتلك حقيقة يحاول أعداء الإصلاح تجاهلها، وهي أن دعوة الإخوان المسلمين تتمثل فى أفراد وهؤلاء الأفراد بشر يصيبون ويخطئون, لكن الأمر المهم هي أن دعوة الإخوان تقوم على وحدة المنهج التي يتبعونه وهو منهج القرآن الكريم والسنة المطهرة. ولم تكن تلك الفتنة الوحيدة التي واجهتها الجماعة، فهناك كثير من الانشقاقات التي انتهت بخروج بعض الإخوان من الجماعة من قبل، ومن ذلك على سبيل المثال:

ففى عام 1937 م اعترض بعض الإخوان على مسلك الحركة إزاء بعض القضايا، وكان لهم وجهة نظر مخالفة تمام المخالفة لمنهج الإخوان, وهم الأستاذ محمد عزت حسني و حمد رفعت و صديق أمين و حسن السيد عثمان؛ حيث رأوا أن تتعامل الدعوة بالشدة مع الحكومة والنساء اللائي يخرجن سافرات بدلاً من اللين والدعوة بالحسنى, وأن يتوجه عدد من الإخوان للمشاركة فى الجهاد فى فلسطين, غير أن الأمور لم تكن تسير بهذه الطريقة، خاصةً أن الدعوة فى مرحلة التعريف بها, وأن الأمور لا تؤخذ بالشدة فى كل الأحيان, فما كان من هؤلاء النفر إلا أن أعلنوا عصيانهم وابتعدوا عن الجماعة, وكان من نتائج هذه الفتنة أن خرج هؤلاء الإخوان ومعهم مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية (14).

ولم ينته الأمر عند ذلك, بل انشق عدد من الإخوان بعد ذلك بسبب حماستهم الشديدة وتعصبهم لآرائهم, واستعجالهم الخطوات, ولم يكتفوا بذلك بل حاولوا إثارة الشبهات حول قائد الدعوة ورجالها, فتم فصلهم بناءً على طلبهم, كما أنهم استأثروا بمجلة النذير لأنفسهم وكونوا جماعة شباب محمد(15).

ولم يكن ذلك الانشقاق هو الأخير، فقد حدث أيضًا سنة 1953 م، فخرج الشيخ أحمد حسن الباقوري من الإخوان لقبوله الوزارة فى الوقت الذى رفض فيه الإخوان الاشتراك فيها. واستمر خروج بعض قيادات الإخوان منها لخلافات حتى وقتنا الحاضر ولا يضر ذلك الإخوان شيئًا؛ لأنهم ارتضوا لأنفسهم نظام ومبادىء يسيرون عليها ، وبها ارتضى كل من يحب أن ينضم إلى الإخوان دون إكراه ، لكنه إذا أراد أن يخرج على تلك المبادىء بعض الأفراد، فلا يعقل أن تستجيب الجماعة إلى أهواء أفراد ها ، وتصبح فى مهب الريح تطيح بها أوهن العواصف ، لذلك فإن من يريد أن يخرج من الجماعة لمواقف معينة أو رأي شخصي فهو وما يحب، ويُكن له الإخوان كل الاحترام.

أسباب فصل الأستاذ أحمد السكري

شن السكري هجوما فى مقاله فى صوت الأمة والكتلة بتاريخ 11/10/1947 م, ذكر فيه أنه عرف أن الأستاذ البنا له اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية, وأنه نسى من ذكر له ذلك , أضف إلى ذلك أن الأستاذ البنا طالبه فى رد على خطابه باسم من أطلعه على ذلك فلم يستطع تقديم مايفيد ذلك(16) كما أن الأستاذ السكري اتهم الأستاذ البنا بالاستبداد فى اتخاذ القرار و فصله دون الرجوع للهيئة التأسيسية, غير أن الأستاذ البنا رد على ذلك, حيث ذكر أن الهيئة التأسيسية انعقدت مرتين إحداهما بتاريخ 13 مارس 1947, وكان ذلك للمحاكمة,وظل انعقادها ما يقرب من ستة وثلاثين ساعة كامله, وتحدث فيها الأستاذ السكري نحو ستة ساعات, وبعدها جدد البيعة للأستاذ البنا, والثانية بتاريخ 9 يوليو ،1947 وقررت الهيئة توجيه اللوم للأستاذ السكري. كما فى الاتهام الذى جاء فى خطاب الأستاذ السكري وذكر فيه أنه عرف بالصدفة أن الإمام البنا له اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية وأنه عرف من أحدهم ذلك فى7 فبراير 1947, واندهش الإمام البنا لذلك من السبب الذى دفع الأستاذ أحمد السكري إلى إخفاء تلك المعلومات عن الإخوان وعن الهيئة التأسيسية طيلة هذا الوقت بالرغم من انعقادها فى 13 مارس 1947 فى اجتماعها الأول ثم اجتماعها ثانية بعد هذا الجتماع بأربعة شهور.

وتعجب أيضا من إخفاءه لتلك المعلومات الخطيرة كل هذا الوقت بالرغم من انعقاد مكتب الإرشاد كل أسبوع واعتبر هذا الصمت وهذا الكتمان خيانة للدعوة وللهيئة(17).

غير أن هذه الأسباب لم تكن كل الأسباب بل ذكرت إحدى صحف الوفد عدة أسباب أخرى لم تكشفها صحف ولا نشرات الإخوان حتى لا تقطع الود مع الأستاذ السكري وكان من هذه الأسباب:

1- أن الأستاذ أحمد السكري كان يتجسس على مخاطبات ومكالمات الأستاذ البنا الخارجية والداخلية, وظهر ذلك أثناء التحقيق حيث قدم عامل التليفون تقريرا عن ذلك أثبت فيه أن الأستاذ السكري كلفه بذلك.

2- أخذه مبالغ من جهات مختلفة باسم جمعية الإخوان المسلمين, ولم يوصلها للجمعية.

هذا وقد أصدر المركز العام نشرة إخبارية تم توضيح فيها الأسباب التي دعت لفصل الأستاذ أحمد السكري, وذكر فيها أن ضمن هذه الأسباب :

1- التمرد حيث كانت أكثر تصرفاته سلسلة من التمرد على قرارات مكتب الإرشاد والهيئة.

2- بث الفتنة , حيث عمد إلى صحف الوفد وأذاع أخبار خاطئة كاذبة وحقائق محرفة عن المرشد العام وسياسة الإخوان, وأنه صاحب هذه الدعوة ، لكنه آثر الأستاذ البنا بها.

3- الاتصالات الضارة بمن ينوئون الدعوة ويريدون بها السوء, وإعطاؤه معلومات للصحف الوفدية كاذبة كخبر اللجنة السياسية ،وهى فكرة عرضت على بعض الشخصيات لتكوين لجنة استشارية فقهية قانونية .

ولقد استطاع فؤاد سراج الدين من استقطاب أحمد السكري بصفة داخل اللجنة,وحصل منه على تقارير سرية للإخوان, ونشرها في صحف الوفد, فجمع الأستاذ البنا الهيئة التأسيسية, وعرض الأمر عليهم وتبين أن الأستاذ أحمد السكري هو المتسبب في ذلك, فطالبته الهيئة بكتابة مقال يكذب ما ورد في الصحف الوفدية , غير أن أحمد السكريرفض ذلك, وأخذ في الهجوم على الجماعة من خل الجريدة صوت الأمة .

وإزاء الاتهامات التى اتهم بها الأستاذ السكري فقد عقدت الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين اجتماعها العادى الدورى الثالث يوم الخميس 14 من المحرم 1366هـ, الموافق 27 نوفمبر 1947 م, وكان من قراراتها:

الموافقة التامة على قرار المرشد العام بإعفاء الإخوان محمد عبدالسميع الغنيمي أفندي و سالم غيث أفندي و أحمد السكري أفندي من عضوية الجماعة بناءً على تفويض الهيئة السابقة لفضيلته ، ولما تعرفه الهيئة من تصرفات الأستاذ احمد السكري قبل الإعفاء وبعده فإنها تقرر بالإجماع اعتباره ناقضًا للعهد حانثًا باليمين خارجًا على الجماعة مُحاربًا للدعوة، وكذلك كل من اتصل به أو ناصره.(18)

رد فعل السكري إزاء قرار الفصل

13-الأستاذ-أحمد-السكري.jpg

وعلى إثر هذا القرار انقلب الأستاذ السكري على الجماعة ومرشدها وأخذ يهاجم المرشد العام وفتحت له جريدة صوت الأمة ذراعها للهجوم على المرشد العام وبث الفرقة وسط الإخوان ومحاولة زعزعة الثقة بين أفراد الإخوان وقيادتها , وقد ذكر خلال صفحات الجريدة الأسباب التي رأى أنها سبب فصله, فذكر أن من هذه الأسباب:

1ـ استبداد الإمام البنا بالأمر وأنه انتزع من أعضاء الهيئة التأسيسية يوم 9 يوليو 1947 م تفويضا يعطى له الحق فى إقصاء من يشاء وفصل من يشاء .

2ـ تأرجح الإمام البنا بين الأحزاب السياسية, ومحاولته استعطاف الأحزاب للعمل مع الإخوان, وليس ذلك فحسب ، بل دخول بعض العناصر الانتهازية المأجورة فى صفوف الإخوان بايعاز من رجال السياسة .

3- الإغراق فى السياسة الحزبية, وتكوين اللجنة السياسية, وإغراق الجماعة فى هذه السياسة, ومهادنة صدقى باشا, وسماع كلام الإخوان الانتهازيين, وتملق الإمام البنا للوفد فترة حكمهم من 1942 - 1944.(19)

4- الإتصال ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية فى أغسطس 1940 حيث التقى مع الجنرال كلايتون والمستر هيوردن فى دار الجمعية القديمة( 20), كما أنه تقاضى أموالا من الإنجليز .

5- استيلاء الإمام البنا على مبلغ يزيد عن ثلاثة آلاف جنيه من الأموال التي تجمعها الإخوان باسم الدفاع عن فلسطين .

6- تستر الإمام البنا على فضائح صهره عبد الحكيم عابدين, حيث اتهمه الإخوان بدخوله لبيوتهم دون وجودهم .

7- أن الأستاذ أحمد السكري هو الذى أنشىء جمعية الإخوان المسلمين, وأن الإمام البنا افتتح فرع لها فى الإسماعيلية غير أن الأستاذ السكري لمح في حسن البنا ذكاءً بعد تكوين الجمعية الحصافية بالمحمودية فاختاره سكرتيرا لهذه الجمعية(1 ). وقد ردد بعض خصوم الإخوان تلك الافتراءات، فيشير فؤاد علام فى كتابه (الإخوان وأنا )إلى أن السكري هو الذى أنشأ جماعة الإخوان المسلمين سنة 1920م وأن البنا انتزعها منه ، وهذا الكلام ينطوى على تجاهل للحقائق ،فالجمعية المشار إليها هى الجمعية الحصافية التى كان السكري رئيسا لها والبنا سكرتيرا .

8- تملق الأستاذ البنا للأحبار والرهبان والمطارنة, وقبول مبالغ مالية من التاجر الإسكندراني اليهودى حايم دره(22) .

9- طلب الأستاذ البنا من الوفد أن يدفع له خمسين ألف جنيه للإخوان لكى يستمر التعاون بينهما.

كانت هذه هي الأسباب التي رأى الأستاذ أحمد السكري أنها سبب فصله, كما أنه ساق بعض التهم التي اقترفها الأستاذ البنا, والتي استوجبت توجه الأستاذ السكري له بالنصح والإرشاد,مما كان ذلك دافعا لفصله من الإخوان المسلمين.

وبعد أن استعرضنا الأسباب والتهم التي وجهها الأستاذ السكري للأستاذ البنا نقدم الأسباب التي رأها الأستاذ البنا والهيئة التأسيسية سببا لفصل الأستاذ أحمد السكري.

ولقد ذكر الأستاذ أحمد السكري أن الأستاذ البنا أغرق الجماعة في الحزبية, وكون اللجنة السياسية وتأرجح بالجماعة بين الأحزاب ، لكن الناظر في تاريخ الإخوان يجد أن سياسته ثابتة منذ نشأتها, وحدد لها الأستاذ البنا مبادئها وأهدافها , ونأى بها عن الحزبية,واعترض على الأحزاب والحكومات التي تعاملت مع الانجليز.

ولقد علقت جريدة أخبار اليوم على ذلك فقالت:" وأخيرا رأى حزب الوفد أن خير طريق لتحطيم الإخوان هو تمزيقهم من الداخل, وتولى السكرتير العام هذه المهمة فنجح فيها نجاحا كبيرا فقد استطاع بفضل اتصاله بالأستاذ أحمد السكري وكيل الجمعية أن يحدث انقساما فى الإخوان, وحصل السكرتير العام على تقارير سرية للإخوان نشرها في صحف الوفد.ولقد أجرت جريدة الكتلة حوارا مع الأستاذ السكري حول حقيقة الخلاف وصدور قرار بوقفه وزملائه , فذكر أن الأستاذ المرشد استند إلى المادة 18 من قانون الجماعةفى هذا الإيقاف, وأن ما يشاع في الصحف الآن هو مجرد دعاية مغرضة وأراجيف باطلة يهدف مروجوها إلى إشعال نار الفتنة , وأن الأستاذ البنا هو أخي فضلا عن أنه رئيس لهذه الدعوة, ولن أرفع في وجهه سيف العدوان حرصا على أخوتنا ودعوتنا(23).

كانت هذه هي تداعيات الفتنة والتي خرج على إثرها الأستاذ أحمد السكري والدكتور إبراهيم حسن وكيلا الجماعة, كما خرج فيها الأستاذمصطفي نعينع – مندوب قسم نشر الدعوة في المركز العام – والأستاذ محمد عبدالسميع الغنيمة والأستاذ سالم غيث عضو الهيئة التأسيسية, كما خرج كلا من الأستاذ كمال عبدالنبي وأمين مرعى رئيس المكتب التنفيذي بالإسكندرية, كما قدم الأستاذ حسين عبد الرازق استقالته, وكان ذلك قبل انعقاد المحاكمة و قد عاد الأستاذ أحمد السكري فاسترد استقالته موضحا أن الأمر كان عنده مشوش ومحرف .

افتراءات السكري فى ميزان النقد

حقيقة إن كثيرا ممن خرجوا من الإخوان لم يتجرءوا عليها ويجرحوا فيها وفى مؤسسها ويسوقوا التهم والأكاذيب مثلما فعل السكري ، ولا نقول أبدا إن الإخوان لا يخطئون ،ولكن إذا سيقت الأخطاء بالأدلة ،فإن ذلك أحرى لمناقشتها فى ضوء الظروف التى أحاطت بالموضوع ،أما أن تساق الاتهامات بلا دليل ،فهذا كذب وافتراء ، خاصة ممن تربوا فى ظل هذه الدعوة وكان من دعاتها.

لقد ذكر الأستاذ أحمد السكري فى سياق التهم التي دعت الأستاذ البنا لفصله أنه كان على اتصال ببعض الجهات الأجنبية والمصرية, وإذا عدنا بالحدث من سياق المقالات التي كتبها الأستاذ السكري نجد أن الإنجليز فى بداية الأربعينات, وقت أن كانت ألمانيا مكتسحة الحرب العالمية الثانية , حاول الجنرال كلايتون ومعاونيه أن يحايدوا الإخوان حتى يأمنوا ظهورهم وقت مواجهة الألمان إذا حاولوا دخول مصر, فذكر الأستاذ السكري أن الجنرال كلايتون ومعه المستشرق المستر (هيورث دن) جاءا إلى دار الجمعية القديمة لمقابلة الأستاذ البنا فى 25 أغسطس 1940م, غير أن الأستاذ البنا أحالهم إلىّ بصفتى وكيله , وزارانى أكثر من مرة فى بيتى, وعرضا مبالغ مالية كبيرة لمساعدة الجمعية يوم 14 نوفمبر 1940 م فى منزلى ، فرددت عليه : أحب أن تعلما أولا أن هذه الوسيلة لجذب الناس وهي شراؤهم بالمال ورشوتهم هي وسيلة بالية, وأن الذى يمد يده ليأخذ منكم فإنه يمد يده لعدوكم ،كذلك وقد أطلع الأستاذ البنا على كل ذلك كلمة كلمة. وذكر الأستاذ السكري أيضا فى مقال آخر أن الإنجليز أعيتهم الحيل لرشوة الإخوان , وأن الجنرال كلايتون والدكتور هيورث والميجر جودوين وغيرهم من رجال الدعاية والمخابرات, تحدثوا إلى فضيلة الأستاذ البنا, وكم ترددوا على منزل أحمد السكري وكم حاولوا مرات ومرات ومرات أن يمدوا أيديهم بالمال الوفير بعشرات الألوف من الجنيهات, ولا شك أنهم قد دونوا فى تقاريرهم كيف صرفهم الأستاذ البنا عنه صرفا لا رجوع بعده, وكيف ألقى عليهم أحمد السكري يوم17 نوفمبر 1941 فى منزله درسا لن ينسوه أبدا . وكان ذلك دليلا لتفنيد هذه التهمة.

ذكر الأستاذ السكري من ضمن الأسباب هي انقلاب الإمام البنا والإخوان على الوفد بعد خروج الوفد من الحكم ، وطلب مبلغ خمسين ألف جنيه يدفعها الوفد للإخوان ،فإن ذلك يتضارب مع المعلومات التي ذكرها الدكتور إبراهيم حسن في هذا الصدد والتي تفند هذه التهمة, فقد تكونت لجنة اتصال بين الإخوان والوفد وقت أن كان الأستاذ المرشد في رحلة الحج عام 1946 م وقد حضر هذه اللجنة من الإخوان الأستاذ أحمد السكري والدكتور إبراهيم حسن وكيلا الجماعة, وكانا يران ضرورة التصاق الدعوة بالوفد في هذه المرحلة, وكان الوفد آنذاك في الحكم ،وكان الوفد يهدف أن تكون حركة الإخوان تابعة له حتى لا تقوم بجانبه هيئة قوية . لكن عندما عاد الأستاذ البنا من رحلة الحج وجد أمامه موضوع لجنة الاتصال,و ما هي إلا وسيلة للوفد للعودة إلى الحكم, وأن الوفد دعا الهيئات المعارضة للاتحاد معه لإسقاط حكومة صدقي فقط دون العمل لمصلحة البلاد فرأى الإمام البنا أن ينأى الإخوان عن ذلك, فانزعج الإخوان المتصلين بالوفد من ذلك, كما أنهم انزعجوا من تقديم إخوة آخرين عليهم. غير أن الأستاذ البنا اجتمع مع الدكتور إبراهيم, ووافقت اللجنة بناء على تجمع هذا القدر من المعارضة فى هذه اللجنة وطالب الدكتور إبراهيم بكتابة اتفاق مع الوفد ويوقعون عليه ويتكون من مادتين .

المادة الأولى: ألا يعود الوفد إلى مفاوضة الإنجليز إلا بعد أن يسلموا بحق مصر في الجلاء عن الوادي كله وبوحدته.

المادة الثانية: أن ينشأ صندوق يسمى صندوق الجهاد يضع فيه الوفد خمسين ألف جنيه أو عشرين ألف على الأقل وتضع كل هيئة من الهيئات التي تقبل الوحدة مبلغا بنسبة ماليتها وليكن أمين الصندوق من الوفد نفسه لأننا سنحتاج المال في المقاومة ضد الاحتلال,ولقد قدم الأستاذ أحمد حسين للجنة اقتراحا بمثل ذلك , كما ذكر الدكتور إبراهيم حسن .

ولقد استطاع سراج الدين من استقطاب أحمد السكري بصفة داخل اللجنة,وحصل منه على تقارير سرية للإخوان, ونشرها في صحف الوفد, فجمع الأستاذ البنا الهيئة التأسيسية , وعرض الأمر عليهم وتبين أن الأستاذ السكري هو المتسبب في ذلك, فطالبته الهيئة بكتابة مقال يكذب ما ورد في الصحف الوفدية, غير أن السكري رفض ذلك, وأخذ في الهجوم على الجماعة من خل الجريدة صوت الأمة فقررت الهيئة التأسيسية في 27 نوفمبر 1947 فصل الأستاذ السكري من الجماعة ، ولقد ذكر الأستاذ السكري أن الأستاذ البنا أغرق الجماعة في الحزبية, وكون اللجنة السياسية وتأرجح بالجماعة بين الأحزاب لكن الناظر في تاريخ الإخوان يجد أن سياسته ثابتة منذ نشأتها, وحدد لها الأستاذ البنا مبادئها وأهدافها , ونأى بها عن الحزبية,واعترض على الأحزاب والحكومات التي تعاملت مع المحتل الإنجليزي,وقد نظر إلى أبعاد الأمر, فكان يتعاون مع كل القوى التي تخدم الحركة الوطنية, وتجارب الاحتلال, ولم يكن الإخوان يوما من الأيام تابعين لقوى بعينها ، بل كانوا يؤيدون الحكومة التي تطالب بخروج المحتل, وكان ممكنا محاربتها إذا هادنت وخضعت للإنجليز . ولقد كان هدف الأستاذ البنا من تكوين الهيئة السياسية ، والتي كانت ضمن أعضائها وهيب دوس ولويس فانوس أن تبحث في الشئون السياسية والاقتصادية والقانونية, وكان ذلك بناء على قرار مكتب الإرشاد الذي قرر تأليف لجنة استشارية بحتة من الشخصيات التي تتوفر فيها الكفاءة والخبرة والسمعة الطيبة ، وقد حضر اجتماعات هذه اللجنة الدكتور إبراهيم حسن . ولم يكن اتصال الأستاذ البنا بالأحزاب إلا لتوحيد الأهداف حول المطالبة بخروج المحتل.

ولقد علقت جريدة أخبار اليوم على ذلك فقالت: وأخيرا رأى حزب الوفد أن خير طريق لتحطيم الإخوان هو تمزيقهم من الداخل, وتولى السكرتير العام هذه المهمة فنجح فيها نجاحا كبيرا فقد استطاع بفضل اتصاله بالأستاذ أحمد السكري وكيل الجمعية أن يحدث انقساما فى الإخوان, وحصل السكرتير العام على تقارير سرية للإخوان نشرها في صحف الوفد.

أثر هذه الفتنة على الدعوة

يعتبر هذا الانشقاق من أكبر الانشقاقات التي حدثت في الجماعة لكن الله يهدى من يشاء ويضل من يشاء فبعد فصل هؤلاء الإخوة, استغل خصوم الإخوان ماحدث من فصل السكري ورفاقه، للنيل من الإخوان وإشاعة الفرقة بين صفوفهم ،ونشرت جريدة (صوت الأمة)الوفدية استقالات وهمية من الإخوان وأنهم يؤيدون الأستاذ أحمد السكري حتى كذبها الإخوان الذين نشرت أسماؤهم.

واتجه السكري ورفاقه إلى جريدة (صوت الأمة) التي فتحت لهم ذراعيها ليكيلوا للدعوة ومرشدها التهم والافتراءات, ومحاولة لتمزيق الصف الداخلي, فكتب الأستاذ السكري عددا كبير من المقالات بعنوان"كيف انزلق الشيخ البنا بدعوة الإخوان" في محاولة لتشويه صورته وزعزعت الثقة فيه, غير أنها سرعان ما تخلى الوفد عن السكري, وانشغل الإخوان والشعب فى قضية فلسطين وحربها مع اليهود عام 1948, فأصبح الأستاذ أحمد السكري في طي النسيان.

ولم يقف الإمام البنا مكتوف اليدين حول تجاوزات صحف الوفد فأرسل رسالة وعيد لمصطفى باشا النحاس يحذره مما تقوله صحف الوفد حول التشهير والهجوم على الإخوان المسلمين, وأن عناصر من الشيوعيين قد سيطروا على مجريات الأمور داخل الوفد وأنهم يريدون إحداث فرقة بين الوفد والإخوان, وأنهم متغلغلون فى صحيفة (صوت الأمة) و(الطليعة الوفدية) و(الحوادث )ويجب على رفعته التصدي لهذه العناصر التي لا يكون ولاؤها إلا لروسيا .

وقد تنبه النحاس باشا لذلك حتى أن السكري قدم عريضة له يتهم فيها المرشد العام للإخوان بأنه استولى لحسابه على مبلغ يزيد عن ثلاثة آلاف جنيه من الأموال التي يجمعها الإخوان باسم الدفاع عن فلسطين، فأشار عليه النحاس بعدم إثارة هذه المسألة رغبة في الأخذ بسياسة مهادنة الإخوان .

ولم ينس الإمام البنا فضل الصحبة والعشرة الطويلة مع الأستاذ أحمد السكري فأرسل رسالة للإخوان عبر جريدة الإخوان اليومية يوصيهم فيها بعدم التعرض لشخص الأستاذ أحمد السكري أو النيل منه والقضاء على كل إشاعة . وذكر الأستاذ محمود رخا من أن الأخ عبدالجواد بركات من إخوان دمنهور وكان يعمل ميكانيكي, وكان الأستاذ السكري قد ذهب إليه لإصلاح سيارته ومعه أحد أصحابه ووقفا الاثنين يتجاذبان أطراف الحديث وتفوها بكلام لا يليق في حق الأستاذ البنا وسمعهما الأخ عبد الجواد وبعد الانتهاء من تصليح السيارة رفض الأخ عبد الجواد أخذ قيمة التصليح قائلا: " لقد أوصانا الإمام البنا بك خيرا, وقال لا تنسوا جهاد الرجل معنا عشرين عاما" فذهل الأستاذ السكري وغادر المكان .

وتلخيصا مما سبق حول الأسباب نرى أن الإخوان انقسموا فريقين: أحدهما ضد الوفد ويرأسه الأستاذ البنا، والآخر مع الوفد ويرأسه الأستاذ السكري, غير أن إقالة الوزارة الوفدية في أكتوبر 1944 م كانت ضربة قاصمة وحّدت الهدف بين الوفد والإخوان , فعملا على مهاجمة المفاوضات بين صدقي والإنجليز، لأن الوفد لم يكن مشتركا فيها, وهاجمها الإخوان لأنهم ضد المفاوضات إطلاقا, وتكونت لجنة الاتصال, لكن بعد رجوع الأستاذ البنا من رحلة الحج ورأى ما يحدث من الوفديين وهدفهم من الهجوم على الحكومات القائمة, كما رأى ما يفعله الوفديين في الإخوان في كل مكان, مما اضطر الأستاذ البنا للوقوف على الحياد في علاقته مع الحكومة ويعمل بما يتفق مع منهج الجماعة ، فكان ذلك دافعا للصحف الوفد في مهاجمة الأستاذ البنا والإخوان, ودافعا لإحداث هذه الفتنة مع النفر الذين كانوا يريدون الاندماج مع الوفد والسير في ركابه .

وبعد أن خرج الأستاذ أحمد السكري من الجماعة كون جمعية أطلق عليها جمعية الإخوان المجاهدون الأحرار، واتخذ لها مقرا في ميدان الخديوي إسماعيل . غير أن الجمعية لم تدم كثيرا, فانضم السكري لجماعة مصر الفتاة بعد أن يئس من تأييد الوفد المصري له تأييدا إيجابيا, وقد قدمه الأستاذ أحمد حسين رئيس الحزب إلى أعضاء الحزب على أن يكون وكيلا له, فعمل السكري على توتر العلاقة بين الإخوان المسلمين ومصر الفتاة .

وظل هجوم الصحف الوفدية على الإخوان حتى اندلعت حرب فلسطين فى 15 مايو 1948 وكانت تنشر استقالات كثير من الشعب والتي بها إخوان هذه الشعب فى الصحف ،غير أن هذه الأسماء وهمية وليست موجودة في هذه الشعب كما حدث مع سكرتير شعبة كفر الدوار الأستاذ على الكومى, والتي ذكرت صوت الأمة أن الأستاذ محمد عبدالقادر سكرتير شعبة كفر الدوار بعث باستقالته, فكتب الأستاذ الكومي تكذيب ذلك وأن الاسم وهمي .

وظل الأستاذ السكري يهاجم الإخوان ومرشدهم عبر صوت الأمة, حتى في أحلك الظروف وأثناء وجود الإخوان فى حرب فلسطين هاجمهم وسخر منهم وأنهم لا يقدرون على محاربة اليهود .

غير أن هذه النبرة بدأت تخف خاصة بعد تخلى الوفد عن أحمد السكري, وانشغل الإخوان بالحرب وانشغل المجتمع بظروف وطبيعة حرب فلسطين, وتوارى السكري خلف الستار فلم يكن له أي دور يذكر بعد ذلك حتى توفى في 27 مارس 1991 م.


الخلاصة

عاش البنا والسكري فى بداية حياتهما تجمع بينهما عاطفة الأخوة حتى إن أشد ما يشق على أحدهم أن يبتعد عن الآخر ،وعندما أسس البنا الجماعة سنة 1928 م فى الإسماعيلية كون الجماعة شعبة فى المحمودية وكان رئيسا لها. أصبح السكري وكيلا للإخوان وترك له البنا الأمور الإدارية ليتفرغ هو لشئون الدعوة ، وقد تعرض للاعتقال مع البنا سنة 1941 م،غير أن الصفات الشخصية ممثلة فى حب الظهور والزعامة وإيثار المصلحة الشخصية على الدعوة ،إضافة إلى تمرده على المرشد...وغير ذلك .مما دفع الإخوان لاتخاذ موقف منه ،فاجتمعت الهيئة التأسسية للإخوان فى 27/11/1947 م وقررت بالإجماع فصل أحمد السكري من الجماعة واعتباره ناكثا للبيعة. وقد دفع ذلك السكري إلى الهجوم على الجماعة ومرشدها على صفحات جريدة ( صوت الأمة ) الوفدية ، وقد رد البنا على ما أورد السكري من أكاذيب ثم طويت صفحة أحمد السكري من الإخوان ولم يعلم عنه شئيا حتى توفى رحمه الله سنة 1991 م.(25)


خطابات الأستاذين حسن البنا وأحمد السكري

رسالة الأستاذ أحمد السكري للإمام البنا بخصوص الفتنة

بسم الله الرحمن الرحيم

أخى المحترم الأستاذ حسن البنا:

السلام عليم ورحمة الله وبعد، فقد تسلمت خطابيك المرفقين معا، أحدهما ما اسميته "خطابا رسميا" تفصلنى فيه من جماعة الإخوان المسلمين، مستندا فى هذا الإجراء -كما تقول- إلى تفويض الهيئة التأسيسية لك أن تقصى من تشاء، وتفصل من تشاء بغير حساب، والثانى خطابك المطول الذى حددت فيه الأسباب التى دعتك إلى فصلى ثم طلبت إلى فيه أن أستقيل أنا بيدى من دعوتى التى نشأت فيها ولها، وإلا فلا مفر من قبول خطابك الرسمى الذى تقطع به صلتى بهذه الدعوة وبإخوانى الأعزة الأبرار:

تنكر: ولا أكتمك الحق يا أخى، ما كنت لأتصور يوما من الأيام أن يبلغ بك الأمر، فيطاوعك قلبك وضميرك وتطاوعك هذه العاطفة التى دامت بيننا سبعة وعشرين عامًا، كانت المثل الأعلى لوفاء المحبين وإخلاص المؤمنين، ونسى كل ذلك فى طرفة عين، وكأنك تريد أن يشهد الناس مأساة أليمة ما كان لأمثالنا أن يمثلوها ونحن دعاة الإخاء والوفاء والحق، وكأنى بك -أيها الأخ- قد شعرت الآن بما أنت فيه من صيت زائل، ومن عز الدنيا وإقبال أهلها عليك، فأحسست بالغنى، والغنى الحقيقى هو بالله لا بالناس، وأحسست بالاعتزاز، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فأردت أن تبطش بأخيك الذى عاش معك أكثر من ربع قرن من الزمان، وجاهد فى رفع هذا اللواء ما وسعه الجهد والجهاد، عرفك "بالمحمودية" يافعًا لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرك، وكان هو فى سن العشرين، واستعان بك أول الأمر فى الدعوة المباركة، حتى إذا ما صلب عودك وأتممت دراستك، وزاولت عملك "بالإسماعيلية" وأنشأت بها شعبة أخرى، وفتح الله لكما القلوب، وتعددت فروع الجماعة آثرك على نفسه، وبايعك على الرياسة، وطلب إلى الناس أن يبايعوك حتى ارتفع معك، وأينع هذا الثمر الذى رويناه بدمائنا وأرواحنا، وما علم الناس وما علمت عن أخيك هذا إلا ما يرفع شأن الدعوة وشأنك وظل وما زال -حتى يلقى الله- طاهر القلب عف اليد قويا بالله، مستعينا به جل علاه، وله سبحانه الفضل والمنة والحمد الجزيل، فلما أقبلت الدنيا عليك كان لك الناصح الأمين، والمشير الصادق ينبهك إلى مواطن الخير لتسلكها، وإلى مواطن الشر تتجنبها، فإذا ما سرت إلى الهدى سار معك بكل جهده وقوته، وإذا ما استبد الهوى وذر قرن الفتنة، نصح وألح فى النصحية راجيا أن يهدى الله إلى الحق، وأن يعود القائد إلى صوابه فيعود التوفيق إلى ركابه.

أفيكون له منك -يا أخى- جزاء سنمار، بدل أن تنتهج الخطة المثلى فتكون من المصطفين الأخيار؟!

أسباب الفصل: فقد حددت فى خطابك المطول الأسباب التى دعتك إلى فصلى، وهى كما تقول ثلاثة:

أولها- أننا اختلفنا فى أسلوب التفكير وتقدير الظروف والأشخاص والأحوال.

وثانيها- أننا اختلفنا فى وسائل العمل.

وثالثها- أننا اختلفنا فى الشعور نحو الأشخاص.

هذه هى الأسباب الثلاثة التى دعتك إلى أن تختار هذا الظرف بالذات لتفجر هذه القنبلة، وتقطع ما أمر الله به أن يوصل، ولعل الناس حين يطلع عليهم هذا النبأ، ولعل الإخوان حين يفجعون بهذا الخبر، لا يدرك أكثرهم السر فى اختيارك هذا الظرف بالذات لهذا الإجراء الشاذ الأليم.

وإنى لأحمد الله على أن هذه هى الأسباب التى دعتك إلى فصلى فلم تستطع ولن تستطيع أن تنسب إلى ما يخدش أمانتى لدعوتى، أو يمس شرفى أو كرامتى التى أحيا بها وأعيش.

وإنه ليعز على ويؤسفنى كل الأسف أن أضطر إلى الرد عليك بعد أن فشلت جهود وسطاء الخير بيننا من خيرة الرجال وكرام الإخوان حتى مساء الأمس، بسبب سكك وتمسكك بموقفك ورفضك انتهاج الخطة المثلى التى تصلح ذات بيننا، وتحقق للدعوة أهدافها الكريمة، وتصونها من عبث العابثين، ثم تماديك فى إطلاق ألسنة السوء فى الأقاليم للتشويه من سمعتى والحط من كرامتى زورًا وبهتانًا، مما لا يسعنى إزاءه إلا أن أوضح الحقيقة فى كثير من الإيجاز والاختصار، ليكون الناس والإخوان على بينة من الأمر إبراء لذمتى وإعذارًا لله ولهم بعد أن عجزت عن تقويم ما اعوج وإصلاح ما فسد.

ضرورة التحكيم: ولقد كنت أفهم يا أخى -لو لم تسيطر عليك العناصر المغرضة وتضغط على يدك لتقطع يمينك بنفسك أن يفضى هذا الخلاف فى الرأى إلى أن نحتكم إلى إخواننا فى الله، أصحاب هذه الدعوةوالمضحين فى سبيلها فى كل قطر ومكان، ليقضوا بيننا بروح الإسلام ومنهاج القرآن وإنا لحكمهم خاضعون، ولعمرى هذا ما أوصى به الإسلام وفرضه القرآن ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾[النساء: 59]، ﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[الأنفال: 1]، ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾[آل عمران: 105] إلخ ما ورد فى كتاب الله حثًّا على التحكيم والإصلاح، وترهيبًا من الفرقة والشقاق، كما كنا نهيئ للإخوان الكرام سبيل الاستنارة بأسباب الخلاف فلا يتعدى محيطهم إلى الرأى العام، وكنا لا نحرمهم من ثواب الله إذا وقفوا لإصلاح ذات بيننا، وإن أحببت كذلك فإلى ذوى الرأى من أفاضل رجال العروبة والإسلام ليكون الجميع علينا شهودًا.

استبداد: أما أنك تستبد وحدك بالأمر، وتنزع ممن حضر من إخوان الهيئة التأسيسية يوم 9 يوليو الماضى -رغم معارضة ذوى الرأى منهم- تفويضًا بإقصاء من تشاء، وفصل من تشاء هربًا من التحكيم، وفرارًا من مواجهة الموقف، ودون تمكين من تتهمه أو يتهمك من إبداء رأيه والدفاع عن نفسه، فإن هذه ديكتاتورية يأباها الإسلام، وتأباها الشرائع والقوانين، وتتنافى مع المنطق والخلق.

وإن قلت: إن مبايعة الإخوان لك تقتضيك التصرف الفردى فى شئون الدعوة وشئونهم، فإن الحق يرد عليك فى ذلك بأن البيعة هى فى حدود ما أنزل الله، وما رضى عنه، لا فى تحكيم الهوى والخروج على المبادئ، ومسايرة أهل الدنيا على حساب الدعوة وأبنائها المخلصين.

وأمامك سيدك ومولاك صلى الله عليه وسلم كان يستشير أصحابه فى الأمر ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾[الشورى: 38]، وكان يرجع أحيانًا إلى رأى صحابته وأنصاره حتى فى أخص شئونه هو، ومسألة الحباب فى غزوة بدر وحادثة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها وغيرها كل ذلك سجله التاريخ فى صفحات الرسول المشرقة الوضاءة، وهكذا كان قادة الإسلام وأصحابه ما استبد أحدهم بأمر ولا حكم هواه فى شأن، والحق أبلج، والإسلام واضح المعالم لا يقف مع الهوى، ولا يخضع لشهوات النفوس واستبداد الآراء.

عهد وعهد: يا أخى، قد سارت سفينتنا طول هذه المدة وسط الأنواء والأعاصير، ولكن باسم الله مجراها ومرساها، وكانت تمخر عباب محيط الحياة الخضم تشق موجه المتلاطم الضخم غير مبالية برياحه الهوج، ولا متلكئة عند شطآنه الملتوية وضفافه الموج، حتى بهرت الأنظار، وأخذت تجامع القلوب والأفكار، كيف لا؟ فى الله كان غايتها، والرسول ربانها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها، والموت فى سبيل الله أسمى أمانيها.

كانت كذلك فما بالها اليوم أصبحت تتعثر فى كل واد، وتكاد جذوتها تستحيل إلى رماد، وأخذت ترتطم بالصخور، ويكاد يفقد قادتها الهدى والرشاد والنور! بل ما بال هذه الجرذان والحشرات قد قفزت إلى قاع السفينة تفسد الغذاء الصافى، وتلوث البلسم الشافى، وتنهش جدرانها، فتكاد تغرق فى اليم السحيق؟!

ومن هنا -يا أخى- نشب الخلاف بينى وبينك. أسباب الخلاف الحقيقية: تقدمت إليك بالدواء أرجو به الإنقاذ والشفاء، وأخذتك العزة وأشحت بوجهك، وقربت إليك أهل الفساد، ورميت بالدعوة فى أحضان السياسة والسياسيين، ونحيت بأهل الرأى والإخلاص والسداد.

نعم، رأيت الصف قد اعوج، وحدثت أمور داخلية وأخرى خارجية لم يرض ضميرى إلا أن أقف منها موقف الناصح الأمين الحريص على دعوته، والحارس لرسالته، ووازنت بين أمرين أحلاهما مر: إما أن أعلن غضبى وأنتحى كما فعل بعض الإخوة الأعزة الكرام، فيزداد الحال سوءًا، والفساد تأصلاً.

وإما أن أصبر وألح فى النصيحة عسى أن يستقيم الأمر، ففضلت الثانى، وآثرت الانتظار على أمل غلبة الحق وإصلاح الحال، وإذا بك -يا أخى- لا تبالى بصيحات الأحرار، بل عملت على إقصائهم الواحد تلو الآخر، ولم تبال كذلك بما نسب من المسائل الخلقية إلى بعض من صدرتهم للقيادة والإرشاد بعد أن ثبت ما ثبت، واعترفت أنت بما وقع، وماذا كان عليك، ونحن دعاة الفضيلة والأخلاق –لو أصغيت إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"، فتضرب بذلك المثل الأعلى فى الانتصار للحق ﴿وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ﴾[النساء: 135].

تدهور وانزلاق: ولم تكن هذه المسائل الخلقية وحدها بيت الداء، بل وجدت الدسائس والفتن الداخلية، والدعايات الباطلة ضد الأحرار، وارتباك النظم، وفساد الإدارة مرتعًا خصيبًا داخل صفوفنا، فإذا ما أضفنا إليها أمرين رئيسيين استطعنا أن ندرك سر ما وصلنا إليه من تدهور واضطراب لا يخفيه هذا الطبل الأجوف والدعايات الفارغة التى تمتلئ بها الجريدة كل يوم..!

أما هذان الأمران فهما:

1- دخول بعض العناصر الانتهازية المأجورة فى صفوفنا بإيعاز من رجال السياسة، وتدخل سادتهم فى شئوننا، وتضحيتك بأغلى رجال الدعوة فى سبيل رضاهم.

2- الإغراق فى السياسة الحزبية تبعًا لذلك إغراقًا تامًّا، وتقلبك فى هذه السياسة وتناسى أهدافنا السامية، مما جعلنا موضع مساومة الجميع.

ولا أظننى فى حاجة إلى أن أذكرك -ولو على سبيل الإيجاز- بما وصلت إليه أسهم الإخوان من الانحطاط عقب تولى صدقى باشا الحكم، بسبب تغلب هذه العناصر النفعية عليك فى مهادنته ومسايرته، وما كان من سخط الناس علينا واشتباكنا بعد ذلك مع الوفديين فى بور سعيد وغيرها، ثم طلبك إلىّ بإلحاح أن أسافر إلى الإسكندرية للتفاهم مع الوفديين، وذهابك بنفسك مع أحد الإخوان إلى منزل أحد أقطابهم ليلاً تعرض عليه التعاون معهم لكف حملاتهم، ثم تغلب العناصر النفعية عليك ثانية لنقض هذا التفاهم وإذكاء نار الفتنة والحرب الأهلية بيننا وبين الوفد إرضاء للحكومة القائمة.

محاولة الإنقاذ: وتفاقم الخطب وازدادت الحال سوءًا نتيجة لهذا التقلب والتذبذب، فضلاً عما حدث من الفتن الداخلية المنوه عنها، فتقدمت إليك أنا والأخوان الكريمان الدكتور إبراهيم حسن وحسين بك عبد الرازق بمذكرة للإنقاذ نرجو فيها تدعيم القيادة بالمخلصين، ووضع سياسة ثابتة للدعوة تحقق أهدافها العليا، وتطهر الصفوف من المفسدين، فوعدت بالتنفيذ بعد أن تعود من الحجاز، واضطرب الحال فى مصر بعد سفرك نتيجة لمشروع صدقى– بيفن المشئوم، مما اضطرنى إلى قيادة الحركة الوطنية مع إخوانى الأمجاد البواسل، وعادت أسهم الإخوان إلى الارتفاع والتقدير.

مساومة واستسلام: وعدت من الحجاز فوجدتنى مسجونًا، وزرتنى بالمستشفى وتحدثت إلىّ أننا على مفترق الطرق بين الوفد والحكومة، وعرضت المقترحات والعروض التى لا محل لذكرها الآن، وعرفت موقفى وإصرارى على التمسك بكياننا، وحذرتك بخطابى المؤرخ 15 ديسمبر سنة 46 من الانزلاق فى السياسة، وإغراء أهلها، وأهبت بك أن نظل هكذا أغنياء بأنفسنا أعزاء بإخواننا، وهذا سر قوتنا.

وشاعت الإشاعات حول اتصالاتك بفئة معينة من رجال السياسة، ومساومتهم لك على إخراجى من الدعوة ؛ ليصفو لهم الجو، واعترافك إلىّ بذلك فى المستشفى، وفى يوم 4 يناير سنة 47 حين زرتنى بمنزلى وطلبت إلىّ التنحى من الجريدة، ومن وكالة الإخوان، ومن نشاطى فى الدعوة ، وقلت بالحرف الواحد:

إن هذا بناء على طلب هذه الفئة من رجال السياسة –والذين أحتفظ بذكر أسمائهم الآن- ولما عاتبتك بشدة على سماحك لهؤلاء أن يتداخلوا فى شئوننا أصررت وقلت: إنك توافقهم على ذلك.

ثم سارت الأمور من سيئ إلى أسوأ، فكونت اللجنة السياسية المعروفة، ووقفت فى سبيلك أمنعك من هذا التصرف المشين، ثم اكتشافى عن طريق الصدفة لاتصالك ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية، وهالنى ما حدثنى عنه أحدهم يوم 7 فبراير سنة 47!!

تنفيذ المؤامرة: وبدأت بتنفيذ المؤامرة ففاجئتنا بقرار إيقافى مع زميلى الكريمين، وكان كل اتهامك لى أمام الهيئة هو وقوفى فى سبيل ما أسميته: (تمردًا على القيادة)، ووقفت أنا موقفًا كريمًا فلم أشأ أن أكشف الستار عما وراء الكواليس حرصًا على الدعوة ، وأملاً فى الإصلاح.

وضربت ضربتك الثانية، وأخرجتنى من الجريدة التى لا يعلم الناس أن سر تدهورها هو سيطرتك عليها، وشل نشاطى فيها بعد شهر ونصف شهر من صدورها، كما ثابت عندكم من الأدلة والمستندات، ووقفت أنا أيضًا موقفًا كريمًا من ذلك.

وبعد ذلك -يا أخى- أسفرت وكشفت القناع متماديًا بالدعوة فى الانزلاق السياسى، مع الغفلة التامة عن أهدافنا ومبادئنا، مما جعلنا مضغة فى الأفواه، وجعل الجميع يتحدثون عن أننا صرنا سلعة نباع ونشترى لا نتقن إلا الدعاية والتهريج.

وها أنت تضرب ضربتك الأخيرة تحت ضغط هذه الفئة من رجال السياسة، ولو كانت الضربة منك لقبلتها، ولكنها بيد عمرو لا بيدك! فتبعدنى عن الدعوة وأنت أولى بالإبعاد، وتفصل ابنها الأول وأنت أولى بأن تخلع عنك رداءها إن كنت من المنصفين.

إعذار!! بل إنذار: يا أخى، أنا أدعوك بدعاية الإسلام، وأذكرك بما كتبته إليك مرارًا و تكرارًا إما أن تعود إلى مبادئ هذه الدعوة ، وتخلع عنك رداء السياسة الحزبية، وتجاهد معنا فى سبيل المثل العليا التى عاهدنا الله عليها، وإما أن تتخلى ليحمل اللواء "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه"، "وما بدلوا تبديلاً"، ولا فإنى مضطر لأن أكشف اللثام، وأظهر ما خفى واستتر، وأحمل مع إخوانى الأطهار لواء الدعوة الخفاق، نرفعه ونعزه، ونقاتل دونه "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله"، وحسبك أنت دنياك ومن يحوطك من أهلها، وإن شعرت أن بيدك سيف العز وذهبه، فإن معى ربى سيهدين، ومعى بعد ذلك كرام الإخوة المؤمنين الذين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.

أما خطاباك فقد ضربت بهما عرض الحائط، وهما باطلان شكلاً وموضوعًا، وقد بنيتهما على أساس عار، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل" أحمد السكرى 3 مطبعة خيرت ت: 51144.

المصدر

جريدة صوت الأمة والكتلة و الإخوان المسلمون اليومية، العدد (443)، السنة الثانية، 27 ذو القعدة 1366ه- 12 أكتوبر 1947م، ص(6).

وقد علق الإمام البنا على هذه الرسالة –والتي نشرها الأستاذ أحمد السكري في صوت الأمة- بقوله:

"إن الإخوان المسلمين هم أول من يجب أن يطلعوا على هذا الكلام من وكيلهم السابق، وهم أعرف الناس بمرشدهم ووكيلهم معًا، وأعرف الناس بالحق والباطل من هذا الكلام، ولهم قبل غيرهم حق الحكم عليه أولاً وآخرًا، فيجب أن ينشر فى جريدتهم فضلاً عن أن هذا الخطاب وحده هو وثيقة الاتهام لكاتبه لا للموجه إليه، ولقد كنا نود أن يبعث إلينا الأستاذ السكرى بيانه هذا أسوة بهاتين الصحيفتين، ولكنه لم يحسن الظن بنا كما أحسنه بهما -سامحه الله

رد الأستاذ حسن البنا على رسالة الأستاذ أحمد السكري السابقة

وقد رد فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين على رسالة الأستاذ السكرى بالخطاب التالى:

تقرير

أخى المحترم الأستاذ أحمد السكرى وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

(وبعد)

فقد قرأت فى الصحف خطابك الذى نشرته قبل أن يصلنى ردًا على خطابى السابقين الذين ضربت بهما عرض الحائط، وما كنت لأضرب بخطابك هذا عرض الحائط كما فعلت أنت، ولكنى قدرت خطابك ورحبت به، وأمرت بنشره فى جريدة الإخوان المسلمين، لأنهم أحق من يوجه إليهم هذا القول، وهم أهل الحكم عليه لأنه يتصل بدعوتهم وقيادتهم وخطتهم، ولم أبخل عليك بالرد مبالغة فى هذا التقدير.

إيجاز

ولكنه سيكون ردا موجزا كما ترى فإن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى الإطالة، وقد لجأت إلى الأسلوب الملفوف كعادتك، وحاولت أن تسوق الأمور على غير وجهها، وحشرت من الألفاظ المبهمة والعبارات الملتوية والوقائع المشوهة، ما لا حقيقة له ولا خير فيه، ولن أنزل معك إلى ميدان الجدل والمراء، والإخوان جميعا كبيرهم وصغيرهم يعلمون مبلغ ما ذكرت، وأنه ليس من الحق فى شىء، والرأى العام موصول والحمد لله بخطوات الإخوان وهو من اليقظة والوعى بحيث لا تخدعه العبارات مهما ضخمت من الحقائق مهما خفيت.

التصرف الفردى والاحتكام

تأخذ على فى خطابك أننى تصرفت من نفسى دون انتظارالهيئة التأسيسية حتى أفوت عليهم فرصة الإصغاء لما تقول، والحكم على ما تسمع، وهذا كلام منقوض من أساسه، فقد انعقدت الهيئة التأسيسية مرتين أحدهما بتاريخ 13 مارس سنة 1947م بعيد قرار إيقافكم، والثانية بتاريخ 9 يوليو سنة 1947م وكان الاجتماع الأول خاصا بمحاكمتكم وقد تقدم الدكتور إبراهيم حسن بمذكرته التى لا تخرج عما جاء فى خطابك، وقد أبيح القول فى هذا الاجتماع لكل قائل، واستمر انعقاد الهيئة ستا وثلاثين ساعة كاملة كان نصيبك أنت فيها من الكلام ست ساعات متواصلة، فلم لم تصارحها بهذا الذى تكتبه الآن، ولم أعلنت أمامها ثقتك التامة فى، وجددت بيعتك لى وقبلت لومها على تصرفاتك، واشتركت معها فى قرار الاستنكار الذى أصدرته لهذه المذكرة.

ولقد جاء فى خطابك أنك اكتشفت عن طريق الصدفة اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية، وهالك ما حدثك عنه أحدهم يوم 7 فبراير سنة 1947، ولقد أدهشنى منك هذا القول، وعجبت من أنك لم تصارحنى بهذا الذى اكتشفته، وكيف كتمته عن الهيئة التأسيسية التى انعقدت بعد ذلك بنحو شهر واحد بتاريخ 13 مارس 1947.

ألا تعتقد أن هذا الكتمان يعتبر خيانة للدعوة والهيئة، غفر الله لك يا أستاذ أحمد كل شىء، إلا هذه فإنها سقطة لن تغفر، وولوغ فى عرض هو أطهر من ماء السماء والحمد لله وحده.

ولم لم تنتهز فرصة الاجتماع الثانى وقد كان بعد الاجتماع الأول بأربعة شهور فتدلى إليها بآرائك وتكشف عن خطتك وتواجهنى بانتقاداتك حتى تبرأ ذمتك وتكون قد قدمت النصيحة فعلا وأنت تعلم أن مكتب الإرشادالعام ينعقد كل أسبوع وأنت حينذاك وكيله، ولك الحق كل الحق فى أن تصارحه بكل ما تريد وهو الذى يمثل الهيئة التأسيسية للإخوان فلم احتفظت بهذه الملاحظات إن كنت تؤمن بصدقها حتى تنشرها اليوم، وأظنك لم تنس بعد أننى وقد بلغنى عنك أنك تشيع مثل هذه الأقوال فى مجالسك الخاصة، وتسير على سياسة وخز الإبر وتسميم الآبار فقد تقدمت إلى مكتب الإرشاد بخطاب أتهمك فيه بهذا التجنى وأطالبك بتوضيح رأيك، وأطالب المكتب بالفصل فى نقط الخلاف التى تراها، فأنكرت كل ذلك وأقسمت أمام إخوانك على ثقتك التامة بخطة المكتب والمرشد، وبأن كل هذا اختلاق أريد به الإساءة إليك -لم سكت وأمامك كل هذه الفرص وجئت اليوم تطالب بالعرض والاحتكام؟

إنك يا أخى، أعرف الناس بأن موضوعك لو عرض مفصلا على المكتب أو الهيئة التأسيسية أو الإخوان فردًا فردًا أينما كانوا لكان حكمهم عليك بالإجماع حكما قاسيًا دامغًا أجهدنى أن رددته عنك فى الاجتماع الأول للهيئة وفى الثانى كذلك، أملا فى استصلاح نفسك ووفاء بحق الإخوة بيننا، ولست بنادم على ذلك ولا آسف عليه لأنى لم أقصد به وجهك ولكنى إنما قصدت به وجه الله وهو العليم الخبير وما عند الله خير وأبقى.

محل الخلاف

ولقد استغللت كرم الأسلوب وفضل التجاوز استغلالا غير كريم ما كنت أود أن يصدر منك فذكرت أننى بعثت إليك بخطاب مطول حددت فيه أسباب فصلك بأنها:

1- الاختلاف فى أسلوب التفكير

2- ووسائل العمل

3-والشعور نحو الأشخاص

واستغللت ذلك فحرفت الوقائع بما يصور هذه الأسباب بغير المقصود منها، وإنما قصدت بالأول أنك تريد الغموض وأريد الوضوح، وبالثانى أنك تريد المداورة وأريد المصارحة، وبالثالث أنك تؤثر خصوم الدعوة وتفضى إليهم بشئونها وأحول أنا دون ذلك، وأكف عنك سخط أبنائها والمؤمنين بها، والوقائع لا تشرفك.

والناس جميعا يعلمون أينا كان يريد أن يورط الدعوة فى السياسة الحزبية، وأينا كان يحميها من ذلك، وعواطف الرجال وسياسة الدعوات، وخطط الجماعات وأمانات المجالس التى لا يقصد بها إلا وجه الله، وخير الدعوةلا يليق أن تعرض سلعا رخيصة فى الأسواق لا لشىء إلا لشهوة الجدل ولذة الانتقام.

يا أخى، لم أكن أتصور أبدا أن تندفع فى طريق التجنى هذا الاندفاع، وإنى ليؤسفنى أن تظهر بهذا المظهر أمام إخوانك الذين كانوا يسمعون منك إلى الأمس القريب كلاما غير هذا الذى تقول، أما وقد أبيت إلا هذا المسلك فأنت وما اخترت وأنا مثلى ومثلك كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾[الشورى: 15].

حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين

المصدر

الإخوان المسلمون اليومية، العدد (443)، السنة الثانية، 27 ذو القعدة 1366ه- 12 أكتوبر 1947م، ص(6).

نشرة الإمام البنا إلي شعب الإخوان

كما أرسل الأستاذ البنا نشرة إلى كل شعب الإخوان وكتب تحت عنوان "إلى الإخوان الفضلاء"يقول

وبعد: فقد كنت وجهت إليكم أيها الإخوان الفضلاء، نشرة شخصية داخلية عن طريق شعبكم ومناطقكم أخطركم فيها بفصل الأستاذ السكرى، وأوصيكم بعدم التعرض لشخصه أو النيل منه، والقضاء على كل إشاعة يراد بها الإساءة إليه، ثم حجزتها من البريد بعد أن وجه إلىَّ الأستاذ أحمد السكري هذا الخطاب، ولا زلت أؤكد عليكم ألا تتعرضوا للأشخاص، أو تشتغلوا بهذه العوارض فلم يجد فى الأمر جديد أكثر من أن أخانا -غفر الله له- قد أعلن عن نفسه، وقد اعترف اليوم على رءوس الأشهاد بما كان ينكره من قبل من محاربة الدعوة والقيادة، ويقسم على البراءة منه بأغلظ الأيمان فى كل اجتماع وكل مكان. ولقد كشف لنا الأستاذ أحمد السكري بخطابه هذا عن كثير مما كان قد خفى علينا من نفسه وتصرفاته، ووضع يدنا على الحلقة المفقودة فى الفتنة الماضية، وكان من عظيم فضل الله علينا، وعلى الدعوة، وعلى الناس أن يلحق الأصل بفرعه حتى يستوى الصف ويستقيم الأمر ولله عاقبة الأمور، ولا تقيموا وزنا لما ستنشره الصحف المغرضة من أنباء أو أخبار خدمة لأغراضها واتجاهاتها الخاصة فقد ألفتم هذا الأسلوب وعرفتموه من قبل.

وليس فى الوقت متسع للجدل وقد عاهدتم الله على الجد فجدوا ولكم النصر والعاقبة للمتقين والله أكبر والله الحمد.

حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين

المصدر

الإخوان المسلمون اليومية، العدد (443)، السنة الثانية، 27ذو القعدة 1366ه- 12 أكتوبر 1947م، ص(6).

رسالة من الإمام البنا للأستاذ أحمد السكري

وكان الإمام البنا قد كتب رسالة ردًا على رسالة أرسلها له الأستاذ أحمد السكري حول نظام الإدارة في الدار وقد عالج فيها الإمام أسس النظام والداخلى والخارجى وأسلوب الإدارة فى دار الإخوان وغيرها حيث جاء فيها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومن والاه.

القاهرة فى 24من صفر 1958ه، 3 إبريل 1940م

أخى الحبيب الأستاذ أحمد السكري أفندى. السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وبعد: فقد كان لحديث الأمس أثره فى نفسى، فقد سألتنى لماذا؟ ولماذا لا أتفرغ للمهمات الأهم وأدع المهمات الصغيرة إلخ؟ ومثل هذه الأسئلة تثير فى نفسى شجنًا كامنًا وألماً دفينًا. ليس أحب إلى نفسى فى هذا التفرغ، ولكن هذه المهام الصغيرة نفسها هى الآن مظهر دعوة الإخوان ودارهم ومحور حركاتهم، إذا لم ألاحظ المطبعة والجريدة والدار والنظافة والاستقبال وحسن النظام فمن ملاحظٌ هذا؟ أنا أعلم جوابك ستقول لى:" أنا"، أو مثلى. جميل جدًّا.

أحب أولاً أن نتفق على أهمية هذه الشئون الصغيرة التى نراها نحن فعلاً صغيرة، فالأذان ليس إلا جزئية من جزيئات الدين الهينة، ولكنه يقاتل عليه، وإذا لم يجد الإمام مؤذنًا فهو المؤذن أليس كذلك؟ ونحن نريد دارًا يسودها النظام، وعملاً تهيمن عليه الدقة.

وأحب أن نتفق أيضًا على أن الموظف وحده لا يكفى للقيام بهذه الأمور؛ لأنه يحتاج إلى من يراقبه لأمرين: لقلة الاهتمام المركز فى نفوس الناس جميعًا ولقلة الدراية والخبرة والكفاءة، وإذن فلا بد من رأس دقيق يشرف على كل هذه الشئون.

ليس الآن يستطيع أن يتروض بهذا العبء إلا أنا أو أنت ولا ثالث لنا، وأنت تريد أن أتفرغ لغير الشئون الإدارية، وأنا أريد ذلك، وعلى هذا فلم يبق إلا أنت لهذه المهمات.

بين هذه المهمات فى داخل الدار لتسير بدقة ونظام؛ وبين المقابلات فى الخارج والوساطات وما إليها، والتردد على الأندية ونحوها من مهام الدعوة، أمر أعتقد أنه مستحيل تمام الاستحالة، فمراقب الدار يجب أن يكون كالساعة تمامًا، بل كالساعة المضبوطة يحضر فى ميعاده وينصرف فى ميعاده، ويلاحظ كل عمل فى وقته ويعد لكل شىء عدته.

وإذن فلا بد من أحد أمرين: إما أن نتفرغ للدار وما فيها من شئون الإدارة، وإما أن نتفرغ للخارج وما فيه من شئون الدعوة أيضًا؟ ومن الأسف أنه ليس عندنا من يحسن هذه المقابلات الخارجية ويجيد تمثيل الدعوة تمثيلاً صحيحًا، وعلى ذلك فلننظر إلى الأهم عندنا، بناء على هذا ثلاثة أعمال رئيسية:

1-الأعمال الروحية والعملية والتنظيمية العامة التى يراد أن أختص بها وأتفرغ لها.

2-الأعمال الإدارية البحتة التى لابد لها من ركيز ثابت بداخل الدار كالساعة المضبوطة.

3-الأعمال الخارجية فى الأندية والمقابلات التى لابد لها من مندوب فاهم لبق، وهذان الفاصلان هما اللذان تعتصم أنت بهما الآن والجمع بينهما مستحيل فلا بد من ضياع أحدهما أو كلاهما، والضائع الآن شئوننا الإدارية.

لهذا يجب أن ينظر فى الأهم –الأهم عندى الآن الدار وما فيها .......وعلى ذلك فيجب أن نصرف النظر بتاتًا عن الخروج والمقابلات ولا تعتبر ذلك عملاً ..... الآن وتصرفه تصريفًا ..... مجهد ولتنحصر مهمتك فى رقابة الدار وشئونها.

ولأجل أن نجيد هذه الناحية أحب أن ألفتك إلى أمور يجب أن تلاحظها بدقة، ولقد كتبت لك خطابًا من قبل ولاحظت أن أثره كان طفيفًا إن لم يكن معدومًا:

1-تحديد موعد الحضور والانصراف لك تحديدًا دقيقًا والمواظبة عليه تمامًا فذلك أهم شىء فى الرقابة، ثم تحديد مواعيد العمل بالدار لكل فرع من فروعها، والحرص على الدقة فى هذه المواعيد، ثم تحديد موعد كل عامل كذلك ومحاسبته على مواعيده.

2-الالتفات التام لتصرفات العاملين من الموظفين والإخوان، والإحاطة بها تمام الإحاطة، ومعرفة ما نجز منها وما لما ينجز منها.

3-توثيق الصلة الروحية والتودد إلى الإخوان العاملين بالدار والاختلاط بهم ودعوتهم إلى هذا، والعمل من جانبك عليه وهذا موجود بطبعة، ولكنى أريد منك مجهودًا خاصًّا فى سبيله يشعرهم بأنك تعمل لهذا وتحرص عليه، بشرط أن يكون ذلك لهم جميعًا لا لبعضهم دون البعض الآخر.

4-الحزم التام والإسراع فى إنجاز الأمور وعدم التردد وتعليق المسائل، بل لا بد من البت فى كل شىء فى حينه.

هذه ملاحظات فيما يتعلق بالعمل من حيث هو.

وهناك ملاحظات أخرى تتصل بالسلوك العام أحب كذلك أن أنتهز هذه الفرصة وأنبهك إليها:

1-يحسن أن نتحاشى دائمًا الظهور بمظهر المقدرين للمظاهر فى الناس من حيث وظائفهم ورتبهم، وأن نقف دائمًا فى تقرير الإداريين عند حدود عدم الاصطدام فقط وهم لن يملكوا لنا خيرًا ولا نفعًا إن شاء الله.

2-الاهتمام بالمحمودية ودمنهور اهتمامًا خاصًّا لا لزوم له، ويجب أن نعمل على تقويتهما تقوية تجعلهما يستغنيان عن هذا التدليل، ويجب كذلك مطالبتهما بالسير المنظم تحت النظام العام، وأن يساهما بنصيبهما فى ذلك.

3-يجب أن نسلك مع الناس الصراحة التامة فى التعابير والمناقشات والمناظرات والنظرات، ويجب أن يشعر محدثك بأن ما تقوله هو ما تؤمن به فعلاً، وذلك غير متوفر، وليست المواددة وسيلة الانتصار فى كل وقت، ومن هذا أيضًا وجوب أن تقصد إلى ما تريد توًا من غير تكنيةٍ عنه ولا تثبيط فيه.

4-يجب كذلك أن توفر على نفسك هذا العناء المالى بقرض ثم إقراضك منه بعد ذلك، فهذا فضلا ًعن أنه نظام غير دقيق فهو مرهق لك ويجب أن تتصرف فى حدود الطاقة.

هذه بعض ملاحظات أتقدم إليك بها عاجلاً، وأظننى تقدمت لك ببعضها سابقًا، وبعد ذلك أحب أن ألفتك إلى أمرٍ هام.

لا يكن وجودى بالمكتب داعية إلى إهمالك عملك، فهذا هو الذى ننفر منه، سألازمك بالمكتب الآن فترة ننتهى فيها من التنظيم العام وإعداد العدة لكل عمل وتجهيز لوازمه، وسأترك لك فى هذه الفترة مطلق الحرية، وسوف لا يكون وجودى إلا كمشير مساعد فقط، حتى إذا سار كل شىء فى مجراه الطبيعى تفرغت تفرغًا دائمًا لمهمتى الخاصة -إن شاء الله- فى خلال ذلك ننتدب للشئون الخارجية من يقوم بها، أو تقوم بها أنت فى بعض الشئون الهامة بأسلوب لا يعطل العمل الداخلى.

ويحسن أن تنتدب إلى جوارك من تدربه على عملك الداخلى معك، حتى إذا درب عليه تركته له فكان مراقبًا إداريًّا وتفرغت أنت للشئون الخارجية، وذلك ما أراه تقدمت إليك به راجيًا أن يكون له فى نفسك أثر، وأن يريحنى من كثير مما أجد روحيا وعمليًّا إن شاء الله. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

المصدر

دكتور عبد العظيم المطعنى مكاتبات مطوية تنشر لأول مرة رسالة من حسن البنا إلى قيادات الدعوة الإسلامية دار الأنصار القاهرة بدون طبعة وبدون تاريخ صـ 71

رسالة من المرشد العام إلى رئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين الأستاذ أحمد السكري

حضرة الأخ المفضال رئيس تحرير "الإخوان المسلمون": السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد، فقد قرأت ما كتبه صاحب التعليقات عن "زهد النحاس" وعن "النحاس الورع" فى عدد الأمس، فلم أره يساير الأسلوب الذى ترتضيه دعوة الإخوان المسلمين أو يتفق مع طابع الجريدة التى تنطق بلسانها، بل هو بالأساليب الحزبية والصحف التجارية أشبه، وإليها أقرب، وأظننى نبهتكم مرة من قبل إلى هذا المعنى، ويظهر أنكم نسيتموه.

وكان الأخ الكاتب يستطيع أن يصل إلى كل ما يريد بعبارة قوية رصينة، تحمل طابع النصيحة، والحرص على قبولها، والاستماع لها، وتبتعد عن التشهير واللمز، وقد نهينا عنهما أشد النهى، وإن من إرشاد الحق تبارك وتعالى لموسى وهارون عليهما السلام ﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾[طه: 44].

ولا حجة فيما تتناوله الصحف الوفدية من أعراضنا بغير الحق، أو تلغ فيه صباحًا ومساء من حمأة الباطل. وأين إذن فضل الدعوة، وسمو الفكرة، وجلال درجة العفو، ومنزلة الكاظمين الغيظ، والاقتداء بسيد البشر صلى الله عليه وسلم فى قوله: "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون" [أخرجه البيهقى فى "شعب الإيمان].

ونحن حين نكتب ما نكتب فى بعض الأحيان، من ردود على ما ينشر فى هذه الصحف، إنما نريد أن نحق حقا أو نبطل باطلا، لا أن نساجلها فى ميدان الخصومة، ونلج معها فى تيار المهاترة والتجريح والاختلاف.

والخصومة بيننا وبين القوم ليست خصومة شخصية أبدا -ولن تكون- ولكنها خصومة فكرة ونظام، هم يريدون لهذه الأمة نظاما اجتماعيا ممسوخا من تقليد الغرب فى الحكم والسياسة والقضاء والتعليم والاقتصاد والثقافة، ونحن نريد لها وضعا ربانيا سليما من تعليم الإسلام وهديه وإرشاده فى هذه النواحى جميعا، وهم يعلمون تمام العلم أنهم لا يستطيعون أن يقفوا فى وجه هذه الدعوة المؤيدة بنصر الله، المتمكنة فى قلوب المؤمنين من أبناء هذه الأمة المدعومة بإيمان خمسمائة مليون من البشر من المحيط إلى المحيط.

كلهم يفرح بها، ويهش لها، ويتمنى للداعين إليها كل توفيق ونجاح، فهم لهذا يعملون جاهدين على صبغ هذا الخلاف بالصبغة الشخصية، والاتجاه به إلى المناورات الحزبية، ويودون أن تنطلى علينا الحيلة، ويخفى أمامنا وجه الخديعة، فننزلق إلى منازلتهم فى هذا الميدان التافه وهم فيه أغلب وعليه أقدر، ولكننا بحمد الله أشد يقظة مما يظنون، وأنفذ بصيرة مما يحسبون ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِى بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِى الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾[الأنعام: 122] ولهذا أرجو أن تحرص جريدة الإخوان كل الحرص على تخير الألفاظ، وانتقاء العبارات، وتجنب النواحى الشخصية التافهة، وتحرى المعانى الكلية الجامعة مع تصحيح النية، وكبح جماح الغضب، وكظم الغيظ وقتل شهوة الانتقام" الله يعلم أننا أشد الناس ألما لخصومة لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن والدين، وأننا نرقب بفارغ الصبر تلك الساعة التى يفتح الله فيها هذه القلوب، ويهدى إلى الحق هذه النفوس، والقلوب بيد الله يقلبها كيف شاء، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.

كما قرأت كذلك تحت الصورة التى نشرتموها بالأمس تقديما لى، ولفضيلة الأخ الأستاذ مصطفى السباعى، وفى نهايته هاتان الكلمتان: قائد وجندى، فإن أردتم بالقائد فضيلة الأستاذ السباعى وبالجندى هذا الضعيف الذى ما اعتبر نفسه يوما من الأيام إلا أصغر جنود دعوة الحق فقد أحسنتم صنعا وشكر الله لكم، وإن كنتم تقصدون ما يتبادر إلى الأذهان من أول وهلة، حين يرون مرشدا ومراقبا فإلى الله أبرأ مما صنعتم، وإلى الإخوان أعتذر مما وصفتم، وأرجو ألا تحملنكم المداعبات الصحفية على مثل هذه المتعبات النفسانية، والله أسأل أن يوفقنا جميعا للخير، وأن يسدد خطانا لما يحب ويرضى، وأن يجمع القلوب على ما فيه خير الوطن العزيز آمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر

جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (354)، السنة الثانية، 8شعبان 1366ه- 27يونيو 1947م، ص(3).

وقد أرسل الإمام البنا هذه الرسالة إلى الأستاذ أحمد السكري وكان وقتذاك رئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين اليومية، وكانت قد نشرت فى عددها (353) تحت عنوان: "تعليقات" كلمات تهكم فيها صاحب التعليقات على مسلك النحاس باشا الخاص فى إنفاقه للمال، وحضوره للحفلات الماجنة، فاستنكر الإمام أن يكتب ذلك فى جريدة الإخوان، وأرسل إلى رئيس تحرير المجلة هذا المقال؛ حتى لا تعود جريدة الإخوان المسلمين لمثل ذلك مرة أخرى.

مقالات أحمد السكري في الصحف

Image00001.jpg
Image00002.jpg
Image00003.jpg
Image00004.jpg
Image00005.jpg
Image00006.jpg
Image00007.jpg
Image00008.jpg
Image00009.jpg
Image00010.jpg
Image00011.jpg
Image00012.jpg
Image00013.jpg
Image00014.jpg
Image00015.jpg
Image00016.jpg
Image00017.jpg
Image00018.jpg
Image00019.jpg
Image00020.jpg
Image00021.jpg
Image00022.jpg
Image00023.jpg
Image00024.jpg
Image00025.jpg
Image00026.jpg
Image00027.jpg
Image00028.jpg
Image00029.jpg
Image00030.jpg
Image00031.jpg
Image00032.jpg
Image00033.jpg
Image00034.jpg
Image00035.jpg
Image00036.jpg


القول الفصل بين الحق والباطل

F1.jpg

المراجع

(1)حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية , دار التوزيع والنشر الإسلامية،ص20ومابعدها.

(2)السابق ص50- 52.

(3)جمعة أمين عبد العزيز : أوراق من تاريخ الإخوان ص151ـ141.

(4)جمعة أمين عبد العزيز : المرجع السابق, ص250.

(5)ميتشيل: ترجمة عبدالسلام رضوان, ط1، مكتبة مدبولى, ،1977 ص116.

(6)حسن البنا : مذكرات الدعوة والداعية, ص272ـ271.

(7)محمود عبد الحليم : الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع, 1999م ، ج1,ص375.

(8)مجلة النذير العدد سنة(2) 25 شعبان 1358هـ الموافق 10 أكتوبر 1939م ،ص10

(9)ميتشيل: الإخوان المسلمون ، ص177:116

(10)أستاذ الأدب فى كلية دار العلوم ، جامعة القاهرة ،ناقد وباحث فى الأدب الأندلسى ومترجم ومحقق ،ولد فى قنا بصعيد مصر سنة1924م التقى بالإمام البنا فى قنا وهو فى بداية الشباب، وشهد تنقلاته وسمع عن قرب أحاديثه مع الناس وتعرف على بعض قيادات الجماعة الذين نزلوا قنا،حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الأدب سنة 1992م ،وله العديد من الدراسات الأدبية.

(11)جمعة أمين : قالوا عن الإمام البنا،دار التوزيع والنشر الإسلامية1424ه/2003م، ص361 ـ362.

(12)الإخوان المسلمين الإسبوعية العدد 141 سنةالخامسة، 8 ربيع الثانى 1366هـ, 1 مارس 1947 ص5.

(13)الكتلة 6/3/1947 ص4.

(14)للمزيد ر اجع أوراق من تاريخ الإخوان ج2 ص392

(15)للمزيد راجع جمعة أمين عبد العزيز المرجع السابق ج2 ص68، وكذلك ج4 ، ط1, ص203 .

(16)جريدة الإخوان المسلمين اليومية العدد 442 .

(17)راجع أوراق فى تاريخ الإخوان ،الكتاب الثامن.

(18)الإخوان المسلمون اليومية العدد 484 ، السنة الثانية، 17 محرم 1367هـ / 30 نوفمبر 1947– ص2 ص 14.

(19)صوت الأمة 16/11/1947ص1.

(20)المصدر السابق 12/11/1947ص3.

(21) المصدر السابق24/11/1947ص3.

(22)عباس السيسي : مواقف في الدعوة والتربية, الطبعة الأولى, دار التوزيع والنشر الإسلامية 2001م ،ص165ـ164.

للمزيد

ملفات.jpg
ملفات.jpg

كتب متعلقة

مقالات متعلقة

متعلقات

وصلات خارجية

مقالات متعلقة