فتحي يكن الذي ما بدل تبديلا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فتحي يكن الذي ما بدل تبديلا

بقلم / ديما طارق طهبوب

الدكتور فتحي يكن

ماذا يعني انتمائي للاسلام؟ لفتحي يكن، تعريف عام بدين الاسلام للشيخ علي الطنطاوي، و الدعوة ضرورة بشرية و فريضة شرعية للدكتور عبد الله عزام رحمهم الله جميعا، كانت أول مناهج "فك الخط" و محو الأمية في فهم الدعوة الاسلامية، قرأناها عندما كنا لا نزال شبابا متحمسين بدأنا ندرك أن الاسلام أكثر من دين ورثناه عن آبائنا و أمهاتنا، و أكثر من دين عبادات بين الانسان و ربه، و اننا حتى نكون مسلمين بحق علينا أن ننشر هذا الدين و نتحرك به و نعيد إحياءه في واقع مجتمعاتنا

كان منهج هؤلاء العلماء لا يعرف المراوغة، و لا المناطق الرمادية الا ما كان فسحة في الدين، كان معنى أن تنتمي للاسلام، و تعرّف به و تدعو إليه أن يوافق ظاهرك باطنك، و ينبأُ مظهرك عن مخبرك، و أن يتقمص الاسلام روحك و قلبك فيقتات على قوة جسدك و موارد حياتك حتى لا يبقى لك منك شيء الا و قد بذلته في سبيل الله.

كانت كتبهم تعرّف الاسلام على انه دين السلام و المحبة، و لكنهم لم يخافوا أن يكتبوا أنه دين الجهاد و الحرب للفتح و النصرة، و انه كما يُنصر بطيب الكلام و حسن المعاملة، يحتاج أحيانا الى أن يُمكّن له بحد السيف

كانت المنهجية في أفكارهم تتوافق مع الحاكم، و تقول له قولا لينا، و تدعو له على المنابر، و لكنها لم تخف أن تُقتل بيديه إذا استدعى الأمر قولة حق و فعل صدق في وجه سلطان جائر.

منهجية تطير بالناس الى آفاق محبة الغفور الرحيم، و تعلمهم أن الارتفاع و السمو لن يكتمل الا إذا وازنه جناح الخوف من القوي شديد العقاب.

اجيال و اجيال تربت على هذا المعين الصافي و النهج الواضح يوم كان قيام الليل فريضة يومية ليتحمل الشباب مسؤولية تبليغ القول الثقيل الذي نزل على رسولهم من قبل صلى الله عليه و سلم، فكان الليل الشديد الوطأه هو مدرسة الصبر التي تتلمذ فيها الصحابه ليتخرجوا في الصباح فرسانا يخالطون الناس و يصبرون على أذاهم ابتغاء مرضاة الله، يوم كانت أوراد الدعاء و مأثوراته تُتلى صباحا و مساءً، و ما بينهما محاسبة و تقريع للنفس على التقصير في جنب الله، يوم كان خط الولاء لله و البراء مما سواه خطا مستقيما واضحا لا تذبذب فيه هو" صراط الذين أنعمت عليهم"، لا كلاليب عليه، و لا مصالح شخصية تعوق ثبات السير عليه، و لا أنا ذاتية تخطف المرء من كل الجوانب حتى تسقطه في نار اتباع الهوى بالركض وراء ولاية أو منصب أو وزارة

أجيال و أجيال تربت على يد هؤلاء العلماء و على هذا الفكر التأصيلي الواضح المقدمات و النتائج قبل أن تتبدل الرؤى و المناهج ، و تدخل المسميات الجذابة من أمثال فقه الواقع، و فقه العصر و التجديد، و تحديث الخطاب الديني، تمييع مقصود و خلط في ثوابت الدين يُفتي فيه أحيانا الرويبضات على هواهم بينما أهل العلم و الفقه يُنحّون و يُنعتون بالرجعية و التشدد و التخلف.

أذكر انني قرات مرة في كتاب قوارب النجاة في حياة الدعاة للشيخ يكن رحمه الله فصلا عن التربية الأمنية و وجوب الاحتراز ممن يكيدون للدين، فاستثنيت لسذاجتي مجتمعاتنا العربية من هذا الفصل، فتعذيب العلماء و الكيد و التضييق على الدعاة لا يقوم به الا أعداء الاسلام، و نحن مجتمعات مسلمة من رأسنا الى أخمص قدمينا فلا حاجة لنا الى مثل هذه التربية، غير أن الواقع الذي كبرنا عليه و ما زلنا نعاينه في العالم ككل يدلل على أن هذا الدين و الدعاة إليه سيبقون غرباء محاربين لسان حال جلاديهم يقول: "أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون"

انتقل الشيخ فتحي يكن الى رحمة الله و ما زالت مشكلات الدعوة و الداعية* في تزايد مستمر دون أن تجد لها حلولا جذرية، انتقل الى رحمة الله و ما زلنا على كثرة معارفنا و تجاربنا و نظرياتنا لا نعرف كيف ندعو الى الاسلام؟* انتقل الشيخ الى رحمة الله و الشقاق يتنازع المسلمين من الداخل فكيف سيشكلون حركة اسلامية عالميه واحدة*، انتقل الى رحمة الله و قوارب النجاة* قد أغرقناها بما حملت من الشبهات و المعاصي و التخليط، انتقل الى رحمة الله و لم يكن من المتساقطين على طريق الدعوة* و كأن آخر وصية له للدعاة ما اقتبسه في احدى كتبه من حديث المصطفى صلى الله و سلم الذي قال فيه: " ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الإسلام حيث دار،ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب،ألا إنه سيكون عليكم أمراء، يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم،إن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم ،قالوا يا رسول الله:كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى بن مريم عليه السلام نُشروا بالمناشير و حُملوا على الخشب، موت في طاعة الله خير من حياة في معصية"

إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور الرجال كما ورد في الحديث الشريف و لكن يقبض العلم بقبض العلماء، و ندعو الله أن لا ينزع إيماننا و فهمنا للاسلام بذهاب علمائنا.


المصدر : نافذة مصر