عبدالفتاح نافع يكتب: وتفقد الطير

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبدالفتاح نافع يكتب: وتفقد الطير


ونواطيرها.jpg

( 28 أكتوبر 2017)


كل ملك مهما اتسع مُلكه ، وكل قائد مهما عَظُم جيشه واتسع ، لا بد له من وقفة واصطفاف يتفقد فيهما جنده .

صغيرهم وعظيمهم فلكل واحد منهم دوره الذي لا يقوم به غيره.

وبمقارنة حجم الهدهد بحجم الصقر أو النسر ، فلا مجال للمقارنة ، فالهدهد من الطيور صغيرة الحجم ، التي قد لا تُلاحظ إذا غابت ، وما كان سليمان حينما يتفقد جنده أن يلاحظ غياب هذا الهدد الضئيل صغير الحجم ، إلا إذا كان هذا الهدهد علي ثغر عظيم من الثغور .

وعلي الرغم من أن هذا التفقد حدث في وقت السلم والارتخاء العسكري إلا أن سليمان الملك والقائد لم يسكت ولم يُمرر هذا الغياب أو يتجاوز عنه ، بل سأل وقال ماليَ لا أري الهدهُد ، وحينما افتقده وتأكد له غيابه توعده بالعذاب الشديد ، وذلك ليُلقي في نفوس الحاضرين من الجنود خطورة هذا الغياب وهذا التخلف عن ساحة الاصطفاف وقت الحاجة ، وأن من يفعلها ويتخلف ويغيب فتكون عقوبته العذاب الشديد أو الذبح ، فلا يفعلها جندي بعد الهُدهُد لو تجاوز عنها سليمان وسكت ، ولم يدر في خلد أحد من الجنود المصطفة استهجانًا لسؤال سليمان ، ولا استصغارًا لمكانة الهدهد ولا استهانة بالثغر الذي يقف عليه ويسده ، فهم يعلمون حقيقة الجُندية وأصولها ، ويحفظون واجباتهم تُجاهها.

ثم تبين لنا جميعًا أن غياب الهُدهُد كان فتحًا ولم يكن تخلفًا وفرارا.

وجاءت الملكة مسلمة مستسلمة مع سليمان لله رب العالمين ، وكان الهدهد هو بطل الحكاية من أول غيابه إلى أن نَكَروا لها عرشها.

فكل فرد منا علي ثغر من الثغور ، والثغر مرتوق إذا ثبتنا ومفتوق إذا فررنا و جَبُنا ، وقد يتسع الفتق فيبتلعك من حيث ظننت أن في فرارك الحياة ، فاحذر الفرار وقت الاصطفاف ، ففي ثباتك الخلاص والنجاة ، وكلنا مسئول عن ثغره الذي أوقفه الله عليه .

وإن غبت أو تخلفت فليكن غيابك وتخلفك فتحًا وإلا فعودتك أدراجك لسد ثغرتك أولي.

وفي المِحن الشدِاد ، يحدث ما يشبه الاصطفاف ويكون كل فرد منا علي ثغر ، فالناس ينظرون إليك أيها الأخ الجندي المناضل كرمز من الرموز ، فقد وقفت في وجه الظلم وعارضت وقاومت وتعرضت للإيذاء في مالك وزوجك وولدك وعمرك ، اعتقلوك وعذبوك وغربوك ، وعدت بعدها بطلا لم ينالوا منك ولا من ثباتك وإصرارك كثائر حر شريف ، قدوة ، رمزًا للشرف وللإباء في مكانك أينما كنت.

فابقي علي ثغرك ولا تفرط ولا تلين ولا تخشي كيدهم ومكرهم فمكر أولئك هو يبور... لا تبيع عمرك وقضيتك ونضالك تحت ضغط أي ضغط واصبر واصمد ، سيحاصرونك ولكنه سيكون الحصار الأخير لهم ، فو الله هم أوهن من بيت العنكبوت ، أنت رمز أخي الثائر المناضل في مؤسستك والعيون سترمقك فلا تخذلهم وتنهار وابقي أمامهم كما عهدوك رمزًا وجبلًا شامخًا أشم ، تتحطم قرونهم علي حافته إذا ما نطحوه...

يا ناطح الجبل الأشم بقرنه رفقًا

علي قرنك لا رفقًا علي الجبل

ابقوا رجالًا كما عهدناكم وكما عهدكم الناس...

فسوف يعود الأمر مسلمًا مستسلمًا... ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله...

المصدر